أحدث الأخبار مع #كوداك

24 القاهرة
منذ 4 أيام
- 24 القاهرة
نحن وشات جي بي تي 5: إمبراطورية جوجل تشهد تمرّدا رقميا عاصفا
هل يلقى محرك البحث جوجل مصير إنترنت إكسبلورر أو موقع yahooأو موبايلات نوكيا؟ وهل يتحوّل من بوابة الإنترنت الأولى إلى مجرد ممر جانبي؟ كيف انقلبت خارطة الوصول إلى المعرفة وأصبح المستخدم يبحث عن إجابات جاهزة لا عن روابط؟ جوجل إمبراطورية رقمية هائلة لكنّها اليوم تشهد تمرّدًا رقميًا غير مسبوق تقوده أدوات الذكاء الاصطناعي التي تغيّر جذريًا طريقة الوصول إلى المعلومات. والسؤال اليوم ليس عن قدرة جوجل التقنية بل عن قدرتها على التكيّف السريع مع موجة الذكاء الاصطناعي، فقد تجد نفسها في الموقع ذاته الذي كانت فيه مايكروسوفت حين شاهدت إنترنت إكسبلورر يتهاوى أمام محرك جوجل نفسه. فالإمبراطوريات لا تنهار فجأة بل عندما تعتقد أن عرشها أبدي. المستخدم لا يريد روابط بل إجابات التحوّل الجوهري الذي يحدث اليوم لا علاقة له بالتكنولوجيا فقط بل بسلوك المستخدم نفسه. لأن جيل الإنترنت الأول كان يقبل بخدمة بحث تقدم له مئات الروابط ليختار منها ما يناسبه. لكن الجيل الجديد المعتاد على السرعة والتخصيص والاختصار يريد النتيجة فورًا وجاهزة وملخّصة. فالذكاء الاصطناعي لا يقدم محرك بحث بديل، بل يقدم نموذجًا جديدًا كليًا على شكل مساعد ذكي يفهم سؤالك ويُنتج لك جوابًا مصنوعًا خصيصًا لك. وهو ما يجعل هذه النماذج تتجاوز جوجل كتابة المحتوى والتحرير وإعداد العروض والخطط والنصوص والتحليل المقارن والتلخيص السريع. جوجل ترد لكن هل الرد كافٍ؟ جوجل لم تقف مكتوفة الأيدي فمنذ 2023 تختبر واجهة جديدة للبحث تقدم فيها إجابات ذكية باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي. كما أطلقت جيمناي ودمجته تدريجيًا في بعض منتجاتها مثل جيميل وكروم. لكنها لا تزال حبيسة نموذج الإعلانات والروابط مما يضعف مرونة التحول الجذري في تجربة المستخدم. الخطر هنا أن جوجل تبقى مقيدة بحجمها وأسلوب عملها الربحي الذي يحقق لها مئات المليارات سنويًا، فكيف تجرب نموذجًا جديدًا غير مضمون النتائج؟ فهل ستبقى أسيرة إرثها حتى تجد نفسها في موقف شركة كوداك التي اخترعت الكاميرا الرقمية لكنها رفضت تبنيها خوفًا على مبيعاتها من الأفلام الفوتوغرافية؟ فإذا استمر المستخدمون في تفضيل إجابات نماذج الذكاء الاصطناعي على تصفح نتائج البحث، وإذا بقيت شركة جوجل مترددة في التحول إلى نموذج مساعد شخصي فعّال، فربما لن ينقرض محرك جوجل لكن سيتحوّل من بوابة رئيسية للإنترنت إلى مجرد ممر جانبي. مجد الأمس لا يكفي لعرش الغد، فالمستخدم تغيّر فلم يعد يرضى بالبحث بل يطالب بالنتائج السريعة المخصصة. فإذا لم تتحول شركة جوجل من محرك بحث إلى عقل مساعد فقد تجد نفسها تلاحق موجة بدل أن تقودها وتلقى مصير yahoo.


مجلة رواد الأعمال
٢٦-٠٧-٢٠٢٥
- أعمال
- مجلة رواد الأعمال
كيف تضع خطة استراتيجية لشركتك في عصر الذكاء الاصطناعي؟
في بداية الألفية، كانت أسماء؛ مثل نوكيا، كوداك، بلاكبيري، توماس كوك، وياهو، تهيمن على الأسواق العالمية؛ إذ كانت علامات تجارية قوية، تملك الموارد، والسمعة، والعملاء. وكان المشترك بينها جميعًا، أنها فشلت في تحديث خططها الاستراتيجية، ولم تواكب التحولات التكنولوجية السريعة: نوكيا تجاهلت ثورة الهواتف الذكية. كوداك خافت من الكاميرات الرقمية رغم أنها أول من اخترعها. بلاكبيري تمسّكت بلوحة المفاتيح بينما كان العالم يتجه نحو الشاشات اللمسية. توماس كوك لم تواكب التحول الرقمي في مجال السفر والسياحة. ياهو ضيّعت فرصًا استراتيجية وأخفقت في التكيف مع الإنترنت الجديد. والنتيجة؟ سقوط مفاجئ أو تراجع مؤلم. خطة استراتيجية ذكية هذه الأمثلة ليست مجرد قصص، بل تحذير واضح بأن النجاح الحالي لا يضمن الاستمرار، ما لم تكن هناك خطة استراتيجية ذكية ومتجددة تتماشى مع عالم تتغير فيه التكنولوجيا يومًا بعد يوم. والتخطيط الاستراتيجي هو عملية منهجية، تساعد الشركات على تحديد أهدافها بعيدة المدى، واختيار الوسائل والخطط اللازمة لتحقيقها، بناءً على فهم دقيق للبيئة الداخلية والخارجية؛ إذ يتميز التخطيط الاستراتيجي بما يلي: يوجّه الموارد نحو الأهداف الأهم. يساعد في اتخاذ قرارات قائمة على رؤية مستقبلية. يعزّز قدرة الشركة على التكيّف والمنافسة. يحمي الشركة من المفاجآت بتوقع المخاطر والتحضير لها. مراجعة الخطط باستمرار ولكن في العصر الحالي، لا يمكن التفكير في خطة استراتيجية ثابتة تستمر عدة سنوات؛ لأن التكنولوجيا تتغير بوتيرة هائلة، والابتكار لا ينتظر أحدًا، فأصبح التخطيط الاستراتيجي التقليدي غير كافٍ، ولكي تظل الخطة الاستراتيجية مواكبة للتغيرات وفعّالة في ظل التقدم التكنولوجي، يجب: مراجعتها وتحديثها بشكل دوري، وليس الانتظار لسنوات. استخدام أدوات التحليل التكنولوجي والبياني للتنبؤ بالتوجهات القادمة. تبنّي نهج الاستشراف (Foresight Thinking) ووضع سيناريوهات بديلة. تعزيز ثقافة التغيير والتعلم المستمر داخل الشركة. دمج التكنولوجيا في جميع جوانب العمل: الإدارة، الإنتاج، التسويق، وخدمة العملاء. الذكاء الاصطناعي في الماضي، كانت الخطط الاستراتيجية تُبنى على تحليل السوق، التوقعات البشرية، والخبرة التراكمية للمديرين التنفيذيين، ومع ظهور الذكاء الاصطناعي AI، لم يعد كافيًا الاعتماد فقط على البشر لاتخاذ قرارات استراتيجية، بل أصبح من الضروري إشراك الخوارزميات الذكية في تحليل الواقع ورسم المستقبل. وإليك بعض التطبيقات العملية التي تُظهر كيف يعمل الذكاء الاصطناعي كجزء من التخطيط الاستراتيجي: 1. تحليل السوق بشكل لحظي: يمكنه جمع وتحليل بيانات السوق (أسعار، تحركات المنافسين، تقييمات العملاء) من آلاف المصادر لحظيًا؛ ما يساعد في اتخاذ قرارات تسعيرية أو تسويقية آنية. 2. تصميم استراتيجيات تسويق مخصصة: باستخدام تقنيات؛ مثل التعلم العميق وتحليل السلوك، يمكن تصميم حملات تسويقية مستندة إلى التفضيلات الفردية للعملاء؛ ما يعزز العائد على الاستثمار التسويقي. 3. التنبؤ باحتياجات العملاء المستقبلية يمكن للشركات استشراف التغيرات في تفضيلات العملاء وسلوكياتهم الشرائية؛ ما يتيح تقديم منتجات أو خدمات جديدة قبل ظهور الحاجة إليها بشكل علني. 4. إدارة المخاطر واتخاذ القرار: تحديد السيناريوهات ذات المخاطر المرتفعة، واقتراح إجراءات استباقية للتعامل معها؛ مثل: ارتفاع تكلفة الموردين، تغير سلوك المستهلك، ظهور منافس جديد. 5. تطوير سيناريوهات استراتيجية متعددة: بدلًا من الاعتماد على خطة واحدة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج محاكاة متعددة، يستعرض كل منها نتائج مختلفة بناءً على مجموعة من المتغيرات. إنَّ الربط بين التخطيط الاستراتيجي والتكنولوجيا أمر ضروري؛ فالتاريخ الحديث مليء بأمثلة على شركات عملاقة فشلت لأنها لم تواكب التغيير، كما رأينا في نوكيا، كوداك، بلاكبيري وغيرها، فإذا لم تُحدّث الشركات خططها الاستراتيجية فإنها بلا شك تكون عرضة للفشل.


شبكة أنباء شفا
١٣-٠٧-٢٠٢٥
- علوم
- شبكة أنباء شفا
الصين ومفاتيح المستقبل: كيف تقود بكين ثورة التحول نحو رفاهية الإنسان؟ بقلم : المهندس غسان جابر
الصين ومفاتيح المستقبل: كيف تقود بكين ثورة التحول نحو رفاهية الإنسان؟ بقلم : المهندس غسان جابر في عالم يسير بخطى متسارعة نحو المستقبل، تقف الصين في مقدمة الركب، لا كمصنع عالمي فحسب، بل كمركز تحوّل عميق يعيد صياغة حياة الإنسان في مجالات الصحة، الطاقة، النقل، التعليم، والصناعة. إنها ثورة صامتة، لكنها عميقة الأثر، تدفع بالبشرية نحو أنماط حياة أكثر رفاهية، ذكاء، واستدامة. ▪︎ السيارات الكهربائية: من بكين إلى كل العالَم لم تعد الصين مجرد لاعب في سوق السيارات، بل أصبحت اللاعب الأكبر في صناعة السيارات الكهربائية، من حيث الإنتاج، التصدير، وحتى الابتكار. شركات مثل BYD وNIO وXpeng باتت تُنافس 'تسلا' عالميًا. كما تقود الصين بناء شبكة ضخمة لمحطات الشحن الكهربائي داخل مدنها وخارجها، ما يُسرّع من نهاية عصر البنزين ويؤسس لمستقبل أخضر، نظيف، وأقل ضوضاءً. ▪︎ الطاقة الشمسية والهيدروجين: الطريق إلى مدن نظيفة تمتلك الصين أكثر من 40٪ من إجمالي القدرة العالمية للطاقة الشمسية، وتصنع أكثر من 80٪ من الألواح الشمسية في العالم. ومع توسّعها في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتطوير البطاريات المتقدمة، لم تعد الصين تهدف فقط للاكتفاء الذاتي، بل لتصدير نموذج جديد من الطاقة النظيفة. وفي ظل انخفاض تكاليف الإنتاج وزيادة كفاءة التخزين، فإن البيوت الصينية باتت تُنتج وتخزن الكهرباء خلال النهار، وتعيد بيعها للشبكة – نموذج طاقة لا مركزي يُبشّر بعصر جديد. ▪︎ المدن الذكية والتعليم والصناعة 4.0 تُعد مدن مثل شينزن وهانغتشو نماذج حية لـ'المدن الذكية'، حيث تُدار الخدمات عبر أنظمة ذكاء اصطناعي، وتُراقب حركة المرور، والنفايات، واستهلاك الطاقة بلحظات واقعية. أما في مجال الصناعة 4.0 – وهو مصطلح يُشير إلى الجيل الرابع من الثورة الصناعية – فقد قادت الصين التحول إلى المصانع الذكية المعتمدة على الروبوتات، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة. ويُعد هذا الجيل الصناعي نقلة نوعية تختلف عن الثورات السابقة، إذ تعتمد فيه المصانع على الأنظمة الرقمية ذاتية التعلم، لا على القوى البشرية وحدها. في موازاة ذلك، يستند التعليم في الصين إلى الرقمنة والابتكار، حيث تُدرّس البرمجة والروبوتات في المراحل الأساسية، مما يُنتج أجيالًا قادرة على مواكبة التغير، بل وصناعته. ▪︎ ثورة الرعاية الصحية: ذكاء اصطناعي في خدمة الجسد الصين تُعيد رسم مشهد الطب الحديث عبر مشاريع مثل جهاز Tricorder – أداة ذكية تُستخدم عبر الهاتف لتحليل مؤشرات حيوية من الدم والتنفس وشبكية العين، وتقديم تشخيص طبي دقيق خلال دقائق. إلى جانب ذلك، تعتمد المستشفيات الذكية على الروبوتات في العمليات، وتستفيد من الذكاء الاصطناعي في التشخيص، لتقليل الخطأ الطبي وتسريع الخدمة وخفض التكلفة. ▪︎ من صدمة كوداك إلى دروس المستقبل كما تسببت الكاميرا الرقمية بانهيار شركة كوداك، فإن الصين تدرك أن من لا يُواكب الموجة سيغرق. ولهذا فإن استراتيجيتها واضحة: الابتكار أولًا، والاستثمار طويل الأمد في المستقبل. ▪︎ الصين لا تسابق الدول.. بل تسابق الزمن قلق الغرب من 'الصعود الصيني' مشروع، لكنه لا يجب أن يتحول إلى رهاب. فالصين لم تأتِ لتغزو، بل لتقود ثورة في الحياة نفسها. رفاهية الإنسان، كفاءة الموارد، الحفاظ على البيئة، دمج التقنية بالحياة اليومية – هذه ليست شعارات، بل سياسات تنفيذية فعلية في بكين وشنغهاي وسائر المدن. ▪︎ الختام: من يتأخر عن القطار الرقمي.. يبقى في الماضي المستقبل ليس لمن يملك الموارد، بل لمن يعرف كيف يستخدمها. وفي هذا السباق، تبدو الصين وقد مدت السكك الحديدية لعالم جديد. ويبقى السؤال مفتوحًا أمامنا جميعًا: هل نراقب الصين من بعيد؟ أم نبادر للتعلّم منها، ومواكبتها، وربما في يومٍ ما، منافستها؟ م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.


النهار
٠٢-٠٦-٢٠٢٥
- سيارات
- النهار
إننا نقترب من زلزال حضاري… ومن لا يتغيّر يندثر!
لقد بدأ العد التنازلي لنهاية العالم كما نعرفه، وهذه ليست نبوءة فلسفية أو خيالًا مستقبلياً، بل حقيقة تتشكل أمام أعيننا بخطى متسارعة ومخيفة. ما نحن مقبلون عليه خلال السنوات القليلة المقبلة لا يشبه تطوراً طبيعياً في الحضارة، بل يشبه انقراضاً جماعياً لأنظمة بأكملها كانت تشكل عصب الحياة في القرن العشرين: النفط، السيارات، الصناعة، التأمين، التعليم، الصحة، والعقارات، كلها تقف الآن على حافة السقوط، تُضرب بقوة الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، فتتهاوى كأحجار دومينو في مشهد انهيار شامل لا يمكن وقفه. السيارة التي طالما اعتُبرت رمزاً للحداثة لم تعد وسيلة نقل فحسب، بل تحولت إلى حاسوب ذكي يسير على عجلات، لا يحتاج إلى سائق ولا إلى صيانة ولا حتى إلى وقود. لم يعد أحد يشتريها، لا أحد يقودها، ولا أحد يصلحها. كل ما تحتاجه هو لمسة على شاشة هاتف، فتأتي إليك حيثما كنت، تنقلك، ثم تختفي، معلنة نهاية مفهوم ملكية السيارة، ومعه نهاية الملايين من الوظائف المرتبطة بها. غير أن المأساة لا تتوقف عند حدود السيارة، بل تمتد إلى العالم الذي شُيّد حولها. محطات البنزين تتجه إلى الاندثار، وصناعات الزيوت والإشكمانات والرادياتيرات في طريقها إلى الزوال الكامل، وشركات التأمين تفقد مبرر وجودها مع اختفاء الحوادث. أما المدن، فستتغير ملامحها، إذ تُهدم مواقف السيارات، ويُعاد تخطيطها لتُزرع حدائق بدلًا من الإسفلت والزحام. النفط، الذي كان يوماً سلعة استراتيجية تحكمت بمصائر الدول، سيتحوّل إلى بضاعة راكدة لا تجد من يشتريها. كل ما شُيّد في القرن الماضي، كل ما اعتقدنا أنه راسخ لا يتزعزع، ينهار اليوم أمامنا. لقد اختفت شركات عملاقة مثل كوداك لأن الكاميرا أصبحت في جيب كل إنسان، وظهرت شركات جديدة لا تملك من الأصول شيئاً، لكنها تهيمن على العالم. فـAirbnb لا تملك فندقاً واحداً، لكنها أكبر سلسلة ضيافة في العالم. وUber لا تملك سيارة واحدة، لكنها تسيطر على قطاع النقل. وFacebook تطور برامج للتعرف على الوجوه أدق من قدرة البشر، بينما Watson من IBM يُشخّص الأمراض ويقدم استشارات قانونية أفضل من الطبيب والمحامي. نحن لا نتحدث هنا عن تحسينات تدريجية، بل عن زلزال تقني يهدد بإزالة أكثر من تسعين بالمئة من وظائف المحاماة والطب والتعليم. كل ما يمكن استبداله بالتكنولوجيا سيُمحى، وما سيبقى فقط هو الإبداع البشري الخالص، الموهبة، والقدرة على التفكير خارج الصندوق. حتى الصحة، التي ظلت لعقود حكراً على العيادات والمستشفيات، ستُعاد صياغتها من جديد. هاتفك الذكي سيتحول إلى طبيب متنقل؛ يكفي أن تنفخ فيه، أو ترسل صورة، أو تضع قطرة دم، ليكشف لك أكثر من خمسين مؤشراً حيوياً، ويخبرك بأمراضك حتى قبل أن تظهر. البيوت ستنتج طاقتها بنفسها، وتبيع الفائض، بينما المفاعلات النووية ستُغلق تدريجياً. المدن ستتحول إلى مساحات خضراء ذكية، تتلاشى منها النوافذ السوداء ويحل محلها الضوء والنبات والهواء النقي. أما شركات النفط، فستحاول عبثاً عرقلة صعود الطاقة الشمسية، لكنها ستسقط في النهاية كما سقطت الديناصورات في عصر الجليد. نحن اليوم في قلب ثورة صناعية رابعة، ثورة لا ترحم، لا تنتظر، ولا تساوم. من لا يتأقلم معها يندثر، ومن لا يغيّر طريقه ينقرض، ومن لا يستوعب صدمتها سيكون الضحية المقبلة. مرحبًا بكم في عالم جديد. عالم بلا وقود، بلا وظائف تقليدية، بلا أمانٍ قديم. عالم يُديره الذكاء الاصطناعي، ويعيد تشكيل كل ما كنا نظنه مستقراً. ليس هذا هو المستقبل البعيد، بل هو الحاضر ذاته، ونحن الآن في قلب العاصفة.

مصرس
٣١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
«الفوتوغرافيا».. رحلة النور والظلال في 200 سنة
في عشرينيات القرن ال19 ظهرت المحاولات الفوتوغرافية الأولى، وكانت بدائية، وتتطلب ثماني ساعات لالتقاط المنظر، قبل أن تظهر أول صور مكتملة عام 1839، التي أصابت الفنانين بالرعب من أن يتم الاستغناء عن خدماتهم بسبب تلك التقنية التي استطاعت صنع لقطات أكثر واقعية ودقة من أعمالهم، وخلال ثوان. الآن وفيما تلامس رحلة الفوتوغرافيا نحو 200 سنة، لم ينته دور الفنانين، بل انفتحت أمامهم مسارات جديدة، بفضل التطورات المتلاحقة للفوتوغرافيا، التي تحولت هى الأخرى من حرفة ميكانيكية إلى فن، له اتجاهاته، وأيقوناته، وفنانوه.◄ الصور الأولى كانت تتطلب ثماني ساعات لالتقاطها◄ حداثة اللوحة الفنية مدينة للصورة الفوتوغرافية◄ كيف فتحت الفوتوغرافيا الباب أمام الانطباعية والواقعية؟◄ الذكاء الاصطناعي يدفعنا لاكتشاف مفاهيم وتقنيات وجماليات جديدة■ التصوير الفوتوغرافي في أعمال البوب آرتفي رواية الخيال العلمي المبكرة «جيفانتي» التي صدرت عام 1760 للكاتب الفرنسي «تيفاجين دى لاروش» تصور الكاتب مادة لزجة يطلى بها سطح القماش، لتعكس صور الأشخاص مثل المرايا. وبعد تركها فى غرف مظلمة لتجف، تبقى محتفظة بتلك الصور التى تطابق الأصل. هذا الخيال تحقق بالفعل بعد عقود، من خلال أول صور فوتوغرافية التقطها «نيكفور نيبس» عام 1826، وكانت تحتاج إلى ثمانى ساعات لالتقاط الصورة الواحدة، قبل أن يطورها بشكل حاسم «لويس داجيرو» عام 1839 بتقنية حملت اسمه، وكانت تتطلب تعريض ألواح نحاسية مطلية بأملاح الفضة للضوء لعدة دقائق فقط. وقد حصل كلاهما على براءة اختراع ومعاش مدى الحياة تقديرا لجهودهما فى تطوير الفوتوغرافيا التى ستغير العالم.■ الحياة العادية في صورة 1855◄ تطور سريعتطورت الفوتوغرافيا سريعا، من حيث التقنيات التى استهدفت مزيدا من الدقة والسرعة والوضوح، بالإضافة لتسهيل العملية وتقليل تكلفتها، وأيضا محاولات التلوين التى حققت نتائج معقولة فى وقت قياسى خلال القرن التاسع عشر. وبالتوازى مع إنجازات «داجيرو» فى باريس، نشر الإنجليزى «ويليام هنرى فوكس تالبوت» عن تقنية تصوير فوتوغرافى خاصة به فى كتاب بعنوان «تقارير عن فن الرسم الفوتوغرافى»، وكانت تعتمد على ورق معالج بكلوريد الصوديوم ونترات الفضة. وبعد عامين قدم تحسينًا جديدا ضاعف من حساسية التصوير وخفض وقت التعرض اللازم إلى ثوانٍ معدودة.واستطاع «جون آدامز ويبل» التقاط صور للقمر عام 1850، باستخدام تلسكوب مرصد جامعة «هارفارد»، مدشنا عصر التصوير الفلكي. أما التصوير الصحفى، فرسخ مكانته عام 1863، عندما وصل «فيليس بياتو»، أحد أوائل المصورين الصحفيين والمراسليين العسكريين إلى يوكوهاما فى اليابان، لتصوير الحرب هناك. وفى عام 1885 استخدمت الفوتوغرافيا لتحديد هوية المجرمين، على يد عالم الإجرام والأنثروبولوجيا الفرنسى «ألفونس بيرتيلون».■ بورتريه شخصي للفنان مان رايأما تحول التصوير لعملية سهلة ومتاحة للجميع فبدأ عام 1888، مع تسويق «جورج إيستمان» لكاميرا كوداك رقم 1 تحت شعار «أنت تضغط على الزر، ونحن نقوم بالباقى». ومع بدايات القرن العشرين قدمت شركته كاميرا «براوني» بسعر دولار واحد، ما جعل التصوير الفوتوغرافى للهواة أكثر انتشارًا وسهولة. وفى عام 1903، أحدث اختراع الطائرة على يد الأخوين «رايت» ثورة بتدشين التصوير الجوي، الذى أتاح رؤية العالم من منظور جديد.ورغم وجود عدة تقنيات للتلوين خلال القرن التاسع عشر فإن الصور الملونة لم تصبح متاحة وشائعة إلا عام 1907، عندما قدم الأخوان «لوميير» عملية تلوين «الأوتوكروم» فى فرنسا.وسرعان ما تحولت الفوتوغرافيا لفن قائم بذاته، حتى أنه فى عام 1924، تم تقديم التصوير الفوتوغرافي السريالي ضمن منشور «أندريه بريتون» «بيان السريالية». وخلال العقود التالية ترسخت مكانة الفوتوغرافيا كفن، قبل أن يبدأ عصر التصوير الرقمى وتقنياته الفنية، كما أنه جعل التقاطا الصور نشاطا يوميا لمليارات البشر حول العالم. كذلك كان اختراع الفوتوغرافيا الأساس الذى قامت عليه كاميرات وآلات العرض السينمائى، التى اعتمدت على لقطات متتالية سريعة، تزيد على 20 لقطة فى الثانية، وينتج عرضها متتالية الشعور بالحركة.■ عائلة في حديقتهم لإدوارد مانيه لوحة انطباعية تأثرت بالفوتوغرافيا◄ أبوب الحداثةكانت فنون الرسم قد تطورت منذ عصر النهضة بصورة غير مسبوقة، على يد عدد من العباقرة من أمثال دافينشى ومايكل أنجلو ورفاييل، وأصبح بمقدور الفنانين رسم المناظر والأشخاص ببراعة تضاهى الواقع من خلال فهمهم لهندسة المنظور، وعلوم التشريح، وتقنيات التلوين، وتأثيرات الضوء. وكانت البراعة فى جعل اللوحة تطابق الواقع هى معيار عبقرية الفنان. لكن ظهور الفوتوغرافيا أطاح بقيمة هذه البراعة، حتى أن البعض توقع أنهم يعيشون الفصل الأخير من تاريخ الفن. غير أن ما حدث كان على العكس تماما.سبّب ظهور الفوتوغرافيا الحيرة أولا. وفى حين تجاهلها بعضهم، اهتم آخرون، وحاولوا البحث عن طريق يؤكد بصمة الإنسان.وسعى فريق إلى الاستفادة من التقنية الجديدة. بدأ ظهور مدارس وأساليب كالانطباعية التى ركزت على تأثير الضوء والطقس على الألوان، وجعلها تتبدل كل لحظة، بخلاف بالتة الألوان المثالية التى كان الفنانون يستخدمونها من قبل. واستطاع الفنانون أن يلتفتوا إلى حقيقة أن المنظر الواحد يتغير عدة مرات على مدار اليوم بتغير الضوء. واحتاجوا إلى تنفيذ ذلك بسرعة كبيرة، لالتقاط اللحظة. وساعدهم على ذلك اختراع أنابيب الألوان الجاهزة الصغيرة والمحمولة. وقد فعلوا ذلك بضربات فرشاة واضحة، إذ لم يعد الصقل الذى يسعى لمحاكاة الواقع ذا أهمية. وهنا انفتح الباب أمام رؤية الألوان من منظور الانطباع البشري، حيث لوحظ مثلًا أنها تكاد تتلاشى عند الظهيرة فى الصيف، ويسيطر الأبيض والأسود، بتباينات حادة للظل والنور، بخلاف ما تبدو عليه فى الإضاءة غير المباشرة. ولجأ البعض للاهتمام بإضافة ملمس للوحة ك»إدجار ديجا»، و»كلود مونيه».■ كاميرا محمولة مبكرة ترجع إلى عام 1866وبينما كان الفنان الواقعى الفرنسي «جوستاف كوربيه» (1819-1877)، من أوائل الذين استخدموا الصور الفوتوغرافية كنماذج لأعمالهم الفنية، كما فى لوحته «دفن فى أورنان» (1849-1850) حيث ظهر تأثير الفوتوغرافيا فى تصوير التفاصيل الواقعية، اعتمد الانطباعيان «كلود مونيه» (1840-1926)، و»بيير أوجست رينوار» (1841-1919) على الاستفادة من الفوتوغرافيا فى دراسة الضوء واللون، كما يظهر فى أعمال مثل «الزنابق المائية» لمونيه.◄ اقرأ أيضًا | أحدهم حبسوه لرفضه تنفيذ لوحة دون عربون.. مفارقات التاريخ في حكايات «رسامي البلاط»■ لوحة دفن في أورنان لجوستاف كوربييه متأثرة بالفوتوغرافية◄ من الواقعية للرقميةبعد استيعاب المفاهيم الجديدة للإبداع الفني، تأمل بعض الفنانين الصور الفوتوغرافية، ووجدوا فيها فرصة لإعادة رؤية الواقع من منظور تلك الآلة العجيبة. وسمح لهم ذلك بالخروج عن الطرق المتكلفة والمثالية فى تكوين صورهم، وانتبهوا لجماليات اللحظات العابرة والعفوية، والمناظر البسيطة والأشخاص العاديين، ما غيّر منظور الفن التشكيلى بشكل حاسم. وظهرت حساسية جديدة، وموضوعات للرسم لم تكن لتخطر على البال عندما كانت اللوحات تصور الموضوعات الدينية أو الأوضاع المتكلفة للملوك والأميرات منذ عصر النهضة، فضلا عن الوضعيات الممسرحة لحقبة الباروك.■ من أعمال السيريالي مان راي الفوتوغرافيةومن جانب آخر ومع بدايات القرن العشرين، كان الفن قد تغيّر كليًا، حتى أن الفنانين الذين كانوا لا يزالون يرسمون بالطريقة الكلاسيكية والأكاديمية صاروا محل استهجان وتشكك، لإصرارهم على القيام بأشياء يمكن للكاميرا أن تقوم بها بدقة أكبر وفى لحظات. وهكذا تغيرت معايير الجمال، وأعاد الفن اكتشاف نفسه من خلال المدارس الحداثية، فاتجه التعبيريون للبعد النفسى على حساب الشكل، واتجه السيرياليون لرسم عوالم اللاوعى والأحلام، وقام التكعيبيون بتفكيك المنظور كلية، وحلق آخرون فى عالم تجريدى. وبقيت الفوتوغرافيا حاضرة فى إلهام العديد من الحركات الجديدة، وصارت هى أيضا فنا، كما دخلت ضمن أساليب مزجت بين الرسم والتصوير الفوتوغرافى والطباعة والكولاج ضمن حركة البوب آرت فى الستينيات.وفي العشرينيات من القرن الماضي، استفادت الحركة الدادئية من الفوتوغرافيا بشكل كبير. وصعد نجم الفوتوغرافيا السيريالية على يد «مان راي» (1890-1976) وآخرين، كما استخدمت التقنيات الفوتوغرافية بدون كاميرا.ومع ظهور الفوتوغرافيا الرقمية، شهد الفن التشكيلي تحولاً كبيرًا، مثّله فنانون مثل «سيندى شيرمان» (1954-) و»جيف وول» (1946-)، حيث عبرت أعمالهما عن قضايا معاصرة، بطرق مبتكرة.■ من أعمال جوستاف كوربييه التي استفادت من الفوتوغرافياولم تكن الفوتوغرافيا مجرد وسيلة جديدة للتوثيق، بل ثورة فنية غيّرت كيفية رؤية الفنانين للعالم. ومن الواقعية إلى الانطباعية، مرورًا بالسريالية والدادية، وصولاً إلى الفوتوغرافيا الرقمية، كانت الفوتوغرافيا دائمًا قوة دافعة فى تطوير الفن التشكيلي.اليوم يسود رعب مماثل من قبل المبدعين فى كل مجالات الفنون، مع التطور اليومى فى تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعى، والذى صار قادرا على الرسم والتصميم وتأليف الموسيقى وكتابة الأدب. وهى على الأغلب رسالة جديدة. فكما كانت رسالة الفوتوغرافيا قبل نحو قرنين مفادها أن تصوير الواقع كما هو لا يجب أن يكون هاجس الفن، فلا شك أن الذكاء الاصطناعى يشير لنا كى نتحرك للأمام، وأن نبحث عن أرض جديدة، ونعيد اكتشاف مفاهيم وتقنيات وجماليات غير التى نعرفها. وهو تحد جديد أمام البشرية التى لم تستسلم قط أمام تطور التقنيات. وستكشف السنوات القادمة مدى قدرتنا على فتح آفاق وعى مختلف، ومساحات غير مسبوقة، يمكن للإنسان أن يفتحها، ليضع عليها بصماته وتوقيعه.