logo
#

أحدث الأخبار مع #لحزبالاتحادالديمقراطيالمسيحي

يوهان ودافول.. «رجل القانون» يقود دفة خارجية ألمانيا
يوهان ودافول.. «رجل القانون» يقود دفة خارجية ألمانيا

العين الإخبارية

time٢٨-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العين الإخبارية

يوهان ودافول.. «رجل القانون» يقود دفة خارجية ألمانيا

وجه جديد يستعد للسطوع في سماء الخارجية الألمانية؛ يتبنى أفكارا واضحة حول الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، لكنه سقط بـ"موقف محرج". إنه يوهان وادفول الذي أعلن الاتحاد المسيحي، الإثنين، اسمه كوزير للخارجية ضمن حكومة تستعد لاستلام السلطة في برلين خلال أيام. من هو وادفول؟ وُلد يوهان والتر ديفيد رودولف وادفول، في هوسوم على بحر الشمال في عام 1963 وانضم إلى الاتحاد المسيحي في عام 1982. وفي الوقت نفسه، بدأ الخدمة كجندي نظامي في الجيش الألماني. ومنذ عام 1986، عكف على دراسة القانون في جامعة كريستيان-ألبريشتس-أونكلت في كيل، حيث وصل إلى درجة الدكتوراه بعد 10 سنوات من الدراسة. ومنذ عام 2009، يعمل وادفول محامياً متخصصاً في القانون الطبي والاجتماعي. سياسيا، من عام 1997 إلى عام 2000، كان وادفول أمينًا عامًا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ولاية شليسفيغ هولشتاين، ثم تولى بعد ذلك رئاسة الحزب في الولاية لمدة عامين. يشغل وادفول منصب رئيس دائرة ريندسبورغ-إيكرنفوردي في الاتحاد المسيحي منذ عام 2006، كما أنه يمثل الدائرة الانتخابية كعضو في البرلمان الألماني منذ عام 2009. ويعيش السياسي في مولفسي، وهي بلدية قريبة من عاصمة الولاية كيل، ومتزوج ولديه ثلاثة أطفال. وبعد انتخابات البوندستاغ عام 2017، أصبحت وادفول نائب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي، والمختص بالسياسة الدفاعية والخارجية والأمنية. ماذا يحمل من أفكار؟ وبصفته نائبًا لرئيس الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، يؤيد وزير الخارجية المنتظر، التعاون في السياسة الأمنية في أوروبا والدعم الكامل لأوكرانيا. ويقدر وادفول فتح قنوات التواصل مع الإدارة الأمريكية، إذ قال في وقت سابق: 'يعود الأمر كله تقريبًا إلى الرئيس في الولايات المتحدة'، وهذا يجعل من المهم للغاية 'أن يكون لألمانيا أيضًا صوت مسموع هناك'؛ أي في دائرة الرئيس دونالد ترامب. كما يؤكد وادفول مرارًا وتكرارًا على أهمية العلاقات عبر الأطلسي. ورداً على سؤال حول سياسة ترامب الجمركية، قال السياسي المنتمي إلى الاتحاد المسيحي لإذاعة "فيلت" الألمانية: 'يجب أن نبقي أيدينا ممدودة، وأن نكون على استعداد للتفاوض، وأن نقدم شيئاً، ولكن بالطبع نقول أيضاً أنه يمكننا أيضاً الدفاع عن أنفسنا إذا لم تسر المفاوضات على ما يرام'. ورغم أن وادفول يؤمن أن الحل في الصراع مع روسيا سيكون عبر التفاوض، لا يبدي تساهلا في هذا الملف، إذ سبق وقال "إننا بحاجة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا". قبل أن يضيف "طالما استمرت ألمانيا في التأثر بالهجمات الإلكترونية والهجينة الروسية بشكل يومي، فلن يكون من الممكن تطبيع العلاقات مع موسكو". موقف محرج لكنه كان محور موقف محرج، إذ وقع في فخ مكالمة مزيفة من ثنائي كوميدي روسي، في بداية العام الجاري. وكانت صحف ألمانية ذكرت أن الممثلين الموالين للكرملين المعروفين باسم 'فوفان وليكسوس' قد اتصلا بـ'وادفول' وادعيا أنهما موظفان لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ودارت المحادثة، التي استمرت حوالي 20 دقيقة، حول الحملة الانتخابية والدعم العسكري لأوكرانيا، من بين أمور أخرى. وخلالها، قال السياسي في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إن الأمر قد يستغرق عدة أشهر قبل أن يتولى فريدريش ميرتس منصبه بعد نجاح الانتخابات. وبحسب صحيفة 'دي فيلت'، قال وادفول عن المستشار أولاف شولتز خلال المقابلة، إنه يحاول 'رسم صورة لنفسه كمستشار سلام، وهذا وضع سيء للغاية'. aXA6IDgyLjI1LjIxMi44NiA= جزيرة ام اند امز CH

رئيس وزراء ساكسونيا يبدأ زيارة رسمية إلى القاهرة لتعزيز التعاون في التعليم والعمالة الماهرة
رئيس وزراء ساكسونيا يبدأ زيارة رسمية إلى القاهرة لتعزيز التعاون في التعليم والعمالة الماهرة

الأسبوع

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الأسبوع

رئيس وزراء ساكسونيا يبدأ زيارة رسمية إلى القاهرة لتعزيز التعاون في التعليم والعمالة الماهرة

أحمد الشرقاوى يقوم رئيس وزراء ولاية ساكسونيا الحرة، ميشائيل كريتشمر (Michael Kretschmer)، المنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، بزيارة رسمية إلى القاهرة خلال الفترة من 8 إلى 10 أبريل الجاري، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في مجالي توفير القوى العاملة الماهرة والتعليم، في إطار العلاقات المتنامية بين مصر وألمانيا. يرافق رئيس الوزراء خلال الزيارة، كل من وزيرة الدولة بوزارة العلوم والثقافة والسياحة بولاية ساكسونيا الحرة، هايكي جراسمان (Heike Graßmann)، إلى جانب وفد رفيع المستوى يضم عددًا من ممثلي القطاعات الاقتصادية والعلمية. ومن أبرز محطات الزيارة، مشاركة كريتشمر في حفل افتتاح جامعة ساكسونيا مصر للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا (SEU)، وهي جامعة خاصة تركز على التعليم القائم على التدريب العملي، ما يمنح الطلاب فرصة متميزة للربط بين المعرفة النظرية والخبرة العملية. وتقدم الجامعة مجموعة من البرامج النوعية في تخصصات ذات طلب مرتفع في سوق العمل الألماني، من بينها علوم التمريض، الصحة العامة، الخدمات اللوجستية، الميكاترونيك، وأمن الحوسبة. ويُعد موضوع جذب العمالة الماهرة من القضايا المحورية التي سيتم بحثها خلال الزيارة، خاصةً في أثناء زيارة المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج، حيث سيجري استعراض سبل التعاون في تهيئة الكوادر البشرية وتأهيلها وفق احتياجات السوق الألمانية. كما يتضمن برنامج الزيارة عقد لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين المصريين، من بينهم دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج الدكتور بدر أحمد محمد عبد العاطي، بهدف مناقشة آفاق التعاون المشترك في الملفات ذات الاهتمام المتبادل. ويصل رئيس الوزراء والوفد المرافق له إلى القاهرة في وقت لاحق مساء اليوم الثلاثاء، إيذانًا ببدء برنامج حافل باللقاءات والفعاليات التي تعكس عمق العلاقات المصرية الألمانية وحرص الجانبين على تطويرها في مجالات حيوية تخدم مصالح الشعبين. :

انغيلا ميركل امرأة القمة بين نظامين
انغيلا ميركل امرأة القمة بين نظامين

موقع كتابات

time١٩-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • موقع كتابات

انغيلا ميركل امرأة القمة بين نظامين

الدكتورة أنغيلا ميركل مستشارة ألمانيا الموحدة لأربع دورات، (واسمها الأصلي أنغيلا دوروتيا كاسنر، وميركل هو لقب زوجها الأول الذي حملته بعد اقترانها به، واحتفظت به رغم طلاقها منه) باتت جزءاً من المشهد السياسي في المحطة الأخيرة ب (جمهورية ألمانياالديمقراطية DDR)، وعاصمتها (سابقاً) برلين الشرقية التي كانت عرين التحالف الشيوعي الشرقي الواقع على خط التماس مع العالم الرأسمالي الغربي. لم يكن وصول أنغيلا ميركل، حاملة شهادة الدكتوراه بالفيزياء الكيمياوية، إلى منصب مستشارة جمهورية ألمانيا الاتحادية مفاجأة للأوساط السياسية حسب، لكنه يبدو كذلك لمن يتأمل المشهد واقفاً خارج كواليس السياسة. فقد كانت نائبة للمتحدث باسم أول حكومة منتخبة ديمقراطياً في ألمانيا الشرقية في عام 1990، وهي حكومة يمكن اعتبارها (انتقالية) ومع ذلك فهي لم تكن محسوبة قط على الأروقة الشيوعية، (رغم أنّ القراءة المتأنية لمشهد الدولة الشيوعية قد تثير سؤال محرجاً مفاده: هل يمكن أن يكون أيّ سياسي فاعل فيها، خارج الرواق الأحمر؟). سنة 1990 هي عام التغيير، ويدعونه بالألمانية Die Wende حيث اثمرت الثورة في ألمانيا الشرقية وانهارت الحكومة الشيوعية، وأسقط الشعب بالمعاول جدار برلين سيء الصيت، ثم قامت الوحدة الألمانية، وكان الساسة في ألمانيا الغربية يبحثون عن وجوه مقبولة في المشهد السياسي في الجزء الشرقي من البلد، وهكذا وضعت ميركل في قلب الحدث السياسي من خلال انتسابها للحزب المسيحي الديمقراطي، فباتت نائبة في البوندستاغ عن ولاية مكلنبورغ– فوربومرن، وكانت تقف تحت جناح المستشار هلموت كول مباشرة، فهو الراعي. ثم عينها بمنصب وزيرة المرأة والشباب في الحكومة الاتحادية في عام 1991، وبعدها أصبحت وزيرة البيئة في عام 1994، وكان الساسة يصفونها ب (الفتاة Das Mädchen)، رغم أنّها كانت متزوجة ومطلقة. ثم بعد خسارة حزبها الانتخابات الاتحادية في عام 1998، انتخبت ميركل لمنصب الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل أن تصبح أول زعيمة للحزب بعد عامين. وأضحت السياسية الوافدة من ألمانياالشيوعية، متخصصة في شؤون الألمان الشرقيين (OssisDie)، كما أنها ما برحت ترقب بعين فاحصة سلوك الألمان الغربيين (Die Wessis) وهي تتسلق طريقها إلىالقمة. ولمن لا يعرف، فإنّ السيدة أنغيلا ميركل، هي مسيحية لوثرية/ بروتستانتية مؤمنة من رعيّة الكنيسة الانجيلية في براندنبورغ / برلين. في عام 2005، وإثر فضيحة كبيرة تتعلق بتمويل الحزب المسيحي الديمقراطي، عينت الدكتورة ميركل بعدالانتخابات الاتحادية في منصب مستشارة لألمانيا، متخطية المستشار الأسبق هلموت كول وخليفته المنتظر فولفغانغ شويبله، لتتزعم ائتلافاً كبيراً ضمّ حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU، وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي (CSU) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD). وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب. ومن المفارقات خلال هذا الشوط السياسي الطويل الذي خاضته السيدة ميركل أنّ عام 2012 شهد انتخاب السياسي يواخيم غاوك Joachim Gauck رئيساً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وهكذا فقد تولى أعلى قمتي الهرم السياسي في الأعوام الخمس التالية، شخصيتان قادمتان من ألمانيا الشرقية الشيوعية، فالرئيس غاوك كان قساً بروتستانتياً / لوثرياً وناشطاً ضد الشيوعية في مجال الحقوق المدنية في ألمانيا الشرقية. وخلال الثورة السلمية في عام 1989 كان أحد قادة التيار المعارض المعروف بالمنتدى الجديد والذي دق المسمار الأخير في نعش ألمانيا الشيوعية. في مقر المستشارية ببرلين شخصياً، لم ألتق من خلال عملي الصحفي والإعلامي في ألمانيا بالمستشارة ميركل، لكني وجدت نفسي قريباً منها ذات يوم في مقر المستشارية في برلين حيث لم يكن دخولي هذا المقر شاقاً، ولم يستغرق سوى ساعة انتظار مع تفتيش بسيط وتدقيق في الوثائق الشخصية والمعدات المستصحبة، فوجدت نفسي داخل مكتب المستشارية، المقر الأسطوري الذي نشاهده في الأفلام القديمة والحديثة. الزمان: 28.08.2016 المناسبة: Tag der offenen Tür يوم الباب المفتوح حشد كبير من الناس يقف في طابور طويل للدخول إلىالمقر الرسمي لمستشار ألمانيا الاتحادية. ليس هذا منصباً هيناً، وحين كنت أخطو إلى داخل المكان ضمن مبادرة الشفافية الموسومة 'يوم الباب المفتوح' التي تجتاح بموجب الدستور كل مؤسسات البلد بلا استثناء سنوياً، كانت مشاعر عاصفة تسيطر عليّ وسط الجمع الذي تخلله أجانب جاءوا ليروا بأعينهم قصراً رئاسياً تُصنع فيه سياسة أكبر وأقوى بلد في غرب أوروبا. إلى جانبي تسير امرأة أحسبها خمسينية، أوروبية الملامح، ظننتها ألمانية فحدثتها بعفوية حذرة 'هل سبق أن زرت هذا المكان'؟ اجابتني بابتسامة غير ألمانية وبلغة ألمانية متعثرة أنها تزور برلين أول مرة. سألتها من أين؟ فأجابت ' بيلاروس، منسك'. وكأنّ في كلماتها الخجلة اعتراف بأنّها تشاركني تاريخ عشناه في ظل ديكتاتوريات متعجرفة تجعل المواطن يشعر بأنّه أقل من حشرة بإمكان 'السيد الرئيس'، أو أيّ مسؤول في مقامه أو تحت خيمته، أن يسحقها دون حتى وثيقة تثبت نهاية عمر 'المواطن الحشرة'. بعد أن تخطيت الممر الأول، التقيت حارساً غير مسلح يرشد الناس إلى الغرف المسموح بدخولها، في الحجرة الأولى كان طابور يصطف أمام المتحدث باسم الحكومة الألمانية 'شتيفان زايبرت' وقد بدا مبتسماً فيما يجلس أمامه على المصطبة شاب منفعل يتكلم بعصبية ويحرك يده أمام وجهه. في الحجرة التالية جلس وزير الاقتصاد زيغمار غابرييل وهو يرد على أسئلة الزائرين. في القاعة الكبيرة التي تلت، وقفت المستشارة ميركل وهي ترتدي بدلة بسيطة سماوية اللون وبيدها ميكروفون تخاطب به القادمين للقائها وإلى جانبها يقف اللاعب الدولي بواتينغ، وشخص آخر، وإلى جانبهم لافتة زرقاء كبيرة خطُت عليها أربع كلمات فحواها 'يوم واحد لجميع الناس.' لفت انتباهي أنّ السيدة البيلاروسية التي تسير قريبا مني قد بدأت بالبكاء، ولم أسألها لماذا بكت، فقد انتابتني نوبة حزن مشابهة أخذتني إلى بوابة القصر الجمهوري في بلدي العربي، حيث كان مجرد المرور أمامها قد يودي بحياة السائق عاثر الحظ ومن معه، كما حصل مرارا ً في بغداد لسبب أخطاء مرورية لا يقبل أن يفهمها عناصر الحرس الجمهوري القساة الغارقين بحب السيد الرئيس 'حفظه الله ورعاه'. وبكيت في صمتي بلا هوادة. المستشارة أنغيلا ميركل التي أدارت دفة السياسية في جمهورية ألمانيا الاتحادية لمدة ست عشرة سنة، تركت بصماتها على عموم الحياة في هذا البلد العملاق، لدرجة أنّ نهجها في الإدارة بات يعرف ب 'الميركلية'، بل إنّ شباب البلد قد نحتوا من اسمها فعلاً ومصدره، وهكذا صار الحديث يدور عن 'أفضل طريقة للتعامل مع المشكلة هي ميركلتها!؟'، والفعل Merkeln طبقاً ل (معجم لانغنشايدت للغة الألمانية Langenscheidt Standard Dictionary German) يعني: 'لا تفعل شيئاً، لا تتخذ قراراً، لا تصدر تعليقاً'. Mutti Merkel أي 'ماما ميركل' ولكنّ هذه وجهة نظر منتقدي السيدة ميركل، التي أُطلق عليها تحبباً خلال فترة حكمها لقب (ماما ميركل Mutti Merkel)، كما اعتبرتها مجلة فوربس ثاني أقوى شخصية في العالم الرأسمالي، وهي في الحقيقة زعيمة وراعية الاتحاد الأوروبي، وقد دفعت بالسياسية المقرّبة منها (أورسولا فون دير لاين لتصبح رئيسة المفوضية الأوروبية، بمعنى رئيسة الاتحاد الأوروبي)، وفي عام 2015 اعتبرتها مجلة تايم شخصية العام، وشهد عاما 2015 – 2016 تنامياً واسعا لشعبيتها، وهكذا أعيد انتخابها للمرة الرابعة لكرسي المستشارية. لكنّ سياسة احتضان اللاجئين (ولاسيما القادمين من سوريا وبلدان ما كان يعرف بالربيع العربي، ومن العراق وأفغانستان) التي تبنتها ميركل، أفقدتها جزءاً كبيراً من شعبيتها، وصار الألمان عموماً، واليمين خصوصاً يتذمر علناً من هذه السياسة، وأمسى الجميع متفقين على أنّ سياسة فتح الحدود أمام اللاجئين (الذين تحول أغلبهم إلىمهاجرين مقيمين بشكل دائم أو شبه دائم) قد غيّرت ألمانيا إلى الأبد. من أهم محطات مسيرة ميركل السياسية، علاقتها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فهي قد كبرت في مجتمع شيوعي، وهو وريث النظام الشيوعي، وهي قد اتقنت اللغة الروسية خلال سنوات دراستها لدرجة أنها أحرزت المرتبة الثالثة كأفضل ألمانية تتحدث بالروسية في التقييم التربوي لعموم ألمانيا الشرقية، وهو أمر يجهله كثيرون، وحصلت نتيجة هذا التفوق، على رحلة إلىموسكو على نفقة الدولة. ولم تخف ميركل قط أعجابها بروسيا، بل إنّ بورتريه كبير للإمبراطورة الروسية كاترين العظمى بألوان زيتية ظل على مدى سنين طوال يزين أحد جدران مكتبها في برلين. على صعيد موازٍ، فإنّ الرئيس فلاديمير بوتين هو الزعيم الروسي الوحيد الذي عمل رسمياً في ألمانيا، فقد كان ضابطا للمخابرات الروسية 'محطته' بمدينة دريسدن في ألمانيا الشرقية. وقد عثرت الدولة الألمانية في أرشيف مخابرات DDR على هوية انتسابه إلى جهاز 'شتازي'، في بطاقة صدرت عام 1986، وتحمل الرقم B217590، وعلى ظهرها توقيع بوتين إلى جانب صورة فوتوغرافية بالأسود والأبيض له. وتكشف الأختام على ظهر البطاقة، أنها بقيت صالحة للعمل حتى الربع الأخير من عام 1989، أي حتى سقوط جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وحين سقط الجدار كان بوتين قد أرتقى إلى رتبة مقدم. ميركل وبوتين زعيمان يقفان على ضفتين متباعدتين من التاريخ، ويجمعهما ماضٍ اكتسى باللون الأحمر. وتعددت لقاءات بوتين بميركل قبل توليها منصب المستشارية، حين كانت زعيمة للمعارضة في عهد المستشار شرودر، حتى استقبلها بشكل رسمي، كمستشارة لألمانيا في قصرهبمنطقة سوشي على سواحل البحر الأسود عام 2007. ذلك اللقاء، ترك في ذاكرة المتابعين لملف العلاقات الألمانية الروسية أثراً واضحاً، فقد كان بوتين مدركاً ولا شك (من خلال جهاز مخابراته) لخوف المستشارة الألمانية من الكلاب الكبيرة (بسبب تعرضها لعضة كلب كبير في عام 1995)، لكن ما إن جلس الزعيمان للحوار، حتى دخلت الغرفة كلبة لابردور سوداء ضخمة تدعى 'كوني'، وجلست عند قدمي بوتين، ثم تحركت تتشمم قدمي الزعيمة الألمانية، وأقعت عندها. وما لبث بوتين أن خاطب السيدة ميركل بلغته الألمانية المتقنة، مطمئناً بالقول: 'آمل أنّ الكلبة لا تزعجكِ؟ إنها كلبة أليفة ودودة، وكلي ثقة أنها ستتصرف بأدب جم'، فأجابت ميركل بلغة روسية متقنة بجملة ذات معنى 'في النهاية، هي لا تأكل الصحفيين'. ونقل موقع (بزنز انسايدر Business Insider) في إصداره يوم 07.07.2017 فيما بعد تعليق ميركل عن الواقعة بقولها: 'أتفهم تماماً سبب إقدامه على ذلك، هو يريد أن يثبت أنّه رجل! إنّه خائف من ضعفه هو شخصياً، روسيا لا تملك شيئاً، اقتصاد فاشل وسياسة فاشلة، كل ما يملكون هو هذا (الاستعراض)'، فيما قال بوتين في لقاء مع صحيفة بيلد الألمانية بعد سنوات من تلك الواقعة، إنه لم يقصد إخافة المستشارة ميركل بكلبته كوني قط، مبيناً: 'أردت أن أكون لطيفاً معها، ولكن حين لحظت عدم ارتياحها من الكلاب، أبديت لها اعتذاري'. ونقل موقع CNN عن بوتين القول في نفس اللقاء إنه وبرغم التوترات مع الغرب، فللجانبين مصلحة مشتركة في محاربة الإرهاب الإسلامي مؤكداً بالقول: 'علينا أن نقف معاً على المستوى العالمي بمواجهة الإرهاب، وهو تحدٍ كبير'، ثم مضى للقول 'رغم أننا لا نتفق دائماً حول كل موضوع، لكن لا يحسبن أحد أن هذا سبباً لاعتبارنا عدوين'. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وفي خطوة مفاجئة، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتذاراً علنياًللمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، عن واقعةكلبته 'كوني'. جاء الاعتذار خلال مؤتمر صحفي في أستانا بكازاخستان، حيث قال فلاديمير بوتين: 'أنغيلا، سامحيني. لم أكن أعلم أنك تخافين من الكلاب. لو كنت أعرف، لما فعلت ذلك قط'. وأضاف مداعباً: 'إذا عدتِ لزيارتي، وهو أمر غير مرجح، أعدك بألّا أكرر ذلك'. وقد أشارت السيدة ميركل إلى تلك الواقعة، في مذكراتها التي صدرت في نوفمبر 2024، بعنوان (الحرية) إلى تلك الواقعة بالقول إنها كانت تعلم أن بوتين كان يأتي بصحبة كلبته الأليفة في بعض الأحيان إلى اجتماعات مع ضيوف أجانب، ومن ثم طلبت من أحد مساعديها في العام السابق أن يطلب من فريق بوتين عدم إحضار كوني في وجودها لأنها تخاف من الكلاب. ويبدو أن هذه الإشارة بالذات هي من استدعت لذاكرة الرئيس الروسي تلك الواقعة ودفعته للاعتذار عنها. لكن رغم هذه المجاملات 'اللدودة' فإنّ ميركل تمسكت بشدة بنهج متشدد مع روسيا / بوتين، فهي القائدة الألمانية المؤمنة إلى أبد بقيمة 'استطلاعات الرأي'، وبآراء المجاميع البحثية، وقد باتت مدركة من خلال نتائجها، لحجم التعاطف الشعبي الألماني الواسع مع روسيا، ولطالما حثّها المقربون على تبني نهج أكثر ليونة مع توجهات بوتين، لكنّ موروثها من تربيتها في ألمانيا الشرقية الشيوعية خلق في وعيها نفوراً غريزياً من الأشخاص الذين يتبنون سلوك 'البلطجة' والابتزاز في مقارباتهم النفعية مع الآخرين، وهذا بالذات باعدها أكثر عن فلاديمير بوتين. لكنّ هذا الموقف لم ينسحب على تعاملها مع ملف خطي نقل لغاز المعروفين ب 'نورد ستريم'، فما إن قارب الخط الأول مرحلة الإنجاز التام، حتى وافق البوندستاغ على إنشاء أنبوب ثانٍ يمتد إلى جانبه، وتبنى داعمو المشروع الجديد موقفاً مفاده أن 'توسيع المشروع لا يهدد ألمانيا، بل يخدم مصالحها'، وقد يخلق تقارباً مفيداً بين روسيا والغرب في المدى البعيد. وعادت ميركل إلى معايير التقييم الجماهيري، حيث كشفت استطلاعات الرأي أنّ غالبية كبرى من المستطلعة آراءهم في شرق ألمانيا يرومون علاقات أشد تقارباً ومتانة مع روسيا، وهي مفارقة مؤلمة، إذا ما تذكر المراقبون أنّ أغلب سكان DDR كانوا مستميتين في سعيهم للخروج عن دائرة النفوذ السوفيتي والهروب إلى الغرب بحثاً عن حرية القرار! والمفارقة الأشد هي أن شبكة تلفزة 'روسيا اليوم' المعروفة عالمية ب 'RT' بنسختها الألمانية الموجهة بشدة إلى شرق ألمانيا، تجد حجم مشاهدة مذهل في تلك المنطقة، حيث يهتم المحبطون بالبحث عن منفذ اعلامي غير المنافذ الغربية 'Wessi' على حد وصفهم!

فريدريش ميرز... هل يصبح إديناور ألمانيا الجديد؟
فريدريش ميرز... هل يصبح إديناور ألمانيا الجديد؟

Independent عربية

time٠٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Independent عربية

فريدريش ميرز... هل يصبح إديناور ألمانيا الجديد؟

هل باتت ألمانيا وربما أوروبا على موعد مع قدر جديد ومستقبل مغاير لما مضت به المقادير طوال نحو ثمانية عقود، أي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؟ تشي التحولات الجيوسياسية العالمية بذلك، لا سيما في ظل اختلافات عميقة تجري بين ضفتي الأطلسي، ما بين الولايات المتحدة الأميركية من جانب وأوروبا من جانب آخر. عدت أوروبا أن أميركا الحليف الذي لا يتغير، وما من أوروبي عقلاني ينكر الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في إنقاذ القارة من الجنون النازي والتطرف الفاشي خلال النصف الأول من القرن الـ20، وصولاً إلى التدخل الأميركي في الحرب العالمية الثانية. ظلت واشنطن الدرع والسيف الواقيين للأوروبيين طوال أربعة عقود من الحرب الباردة، ومع سقوط الاتحاد السوفياتي بدأت أوروبا تستشعر عالماً مغايراً، غير أن العلاقات الأميركية – الأوروبية ظلت حاضرة وبقوة. على أنه ومنذ عام 2016 أي بداية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأولى، بدأت أصوات أوروبية تعلو متسائلة: هل حان أوان الانفصال بين جانبي الأطلسي؟ كانت ألمانيا وبنوع خاص قاطرة أوروبا الاقتصادية، وتحملت العبء الاقتصادي الأكبر في إنهاء مأساة تقسيمها إلى بلدين شرقي وغربي، فيما كانت أميركا ترفع عنها العبء الأمني والعسكري. غير أنه ومع صعود الدعوات الانعزالية الأميركية وتسيد دعوات "أميركا أولاً"، بات الأوروبيون عامة والألمان بخاصة يستشعرون قلقاً متزايداً يوماً بعد الآخر. هل لأوروبا الحق في المخاوف التي تنتابها؟ ولماذا على ألمانيا أن تقلق بنوع خاص لا سيما إذا قامت واشنطن بأمرين يمثلان خطورة وتهديداً لأمن ألمانيا؟ على جانب آخر، يتساءل الألمان وعموم الأوروبيين عن الدور الذي يمكن أن يلعبه المستشار الألماني القادم فريدريش ميرز، وهل سيكون حجر الزاوية في البناء الأوروبي الجديد أم حجر عثرة؟ سير المستشارين الألمان العظماء يتساءل الألمان اليوم وأوروبا من حولهم هل سيكرر التاريخ نفسه، بمعنى أن يضحى ميرز مستشاراً استثنائياً في ظروف غير اعتيادية مثل تلك التي ظهر فيها أول مستشار لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؟ خلال عام 1949 عرف كونراد إديناور (1949- 1963) طريقه إلى مبنى المستشارية الألمانية كأول رجل يحمل مسؤولية الدولة التي تهدمت بسبب أحلام الرايخ الثالث. قاد إديناور بلاده من حالها الرثة وأنقاضها المتهدمة إلى دولة منتجة ومزدهرة، وقدر له أن يقيم علاقات وثيقة مع فرنسا والمملكة المتحدة وأميركا. وخلال الأعوام التي قضاها في السلطة حققت ألمانيا الغربية الديمقراطية والاستقرار والاحترام الدولي والازدهار الاقتصادي. وكان إديناور أول زعيم لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وهو حزب ذو أيديولوجية ديمقراطية مسيحية، وقد أصبح تحت قيادته منذ ذلك الحين الحزب الأكثر نفوذاً داخل البلاد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يأتي ميرز بدوره من الحزب عينه الذي قدر له أن يفوز في الانتخابات الأخيرة، ليصير مستشار البلاد القادم بعد أن أخفق سلفه أولاف شولتز في أن يملأ الفراغ الكبير الذي خلفته المستشارة أنجيلا ميركل. لكن زمان ميرز غير أوان إديناور، إذ لم يعد الحلفاء على جانبي الأطلسي على قلب رجل واحد لا سيما في ظل إدارة جمهورية كان جل أهدافها خلال إدارتها الأولى خلال الفترة بين 2016 و2020 رفع إسهام دول "ناتو" إلى حدود اثنين في المئة من ناتجها القومي، أما اليوم فيبدو المشهد مختلفاً تماماً، والمطلوب يتجاوز خمسة في المئة مقطوعة من الموازنات، إذ يبدو أن أميركا بقيادة ترمب عازمة على فرض ضرائب جمركية تصل إلى 25 في المئة على شركائها الأوروبيين، مما قد يصيب النمو الاقتصادي الأوروبي بحال من الاضطراب. أما الطامة الكبرى التي تواجه ميرز وعموم القادة الأوروبيين فموصولة بالصراع الروسي – الأوكراني والموقف الأميركي منه. فهل يعني ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية بالفعل، وبحسب تعبيرات ميرز، باتت غير مبالية بالقارة الأوروبية ومستقبلها؟ نظرة ميرز إلى أميركا الراهنة عرف ميرز طويلاً بأنه أحد أكثر المؤيدين لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وللعلاقات الأميركية الأوروبية. ومن هذا المنطلق بدا مثيراً للغاية أن يتحدث عن الهوة الكبيرة التي باتت تفصل الولايات المتحدة عن أوروبا بصورة عامة وألمانيا خصوصاً، ودعا القارة إلى تنظيم قدراتها الدفاعية بصورة عاجلة، مما يمثل تحولاً عميقاً في النهج من جانب أكبر اقتصاد أوروبي. وفي مناظرة تلفزيونية بعد الانتخابات التي أسفرت عن فوز حزبه الديمقراطي المسيحي بنسبة 28.5 في المئة من الأصوات متقدماً بفارق ثمانية في المئة على حزب البديل من أجل ألمانيا الذي حل ثانياً، قال ميرز "لم أكن لأتصور قط أنني سأضطر إلى قول شيء كهذا في برنامج تلفزيوني، لكن بعد تصريحات دونالد ترمب بات من الواضح أن الأميركيين – أو في الأقل الأميركيين في هذه الإدارة– لا يهتمون كثيراً بمصير أوروبا". وفي المناظرة عينها، أضاف ميرز "ستكون أولويتي المطلقة تعزيز أوروبا خلال أسرع وقت ممكن، حتى نتمكن خطوة بخطوة من تحقيق الاستقلال الحقيقي عن الولايات المتحدة". أكثر من ذلك، عدَّ ميرز أن وضع أميركا تحت قيادة ترمب بات المكافئ الموضوعي لروسيا الاتحادية، أي إن كليهما بات مهدداً لأمن أوروبا ومستقبلها على نطاق واسع. "نحن تحت ضغط هائل من جانبين، لدرجة أن أولويتي المطلقة الآن هي حقاً خلق الوحدة في أوروبا، وأنه من حق ألمانيا أن تكون هناك بوصفها واحدة من ثلاث قوى تاريخية في القارة مع فرنسا والمملكة المتحدة". ولم تكن تصريحات ميرز مفاجئة، ذلك أن تطور المشهد بين أميركا وترمب دفع عدداً من المراقبين بالفعل، ومنهم المحلل ماتيا نيلس مؤسس المكتب الألماني الأوكراني، وهي شركة استشارية سياسية مقرها مدينة دوسلدورف الألمانية، إذ عدَّ أن التحول المفاجئ في السياسة الخارجية الأميركية صدم أوروبا بالفعل، وأن الألمان مصدومون". لكن السؤال هو إلى أي مدى يمكن أن تمضي هذه الصدمة، إلى حد الافتراق بين الجانبين أم محاولة رأب الصدع بين حليفين وقفا طويلاً في مواجهة خصم عنيد خلال الماضي، وقد يكون هناك صنو له في الحاضر؟ يحاجج ماتيا نيلس بأن الأوروبيين غير مستعدين على الإطلاق لنهاية زمن السلام الأميركي، أو الـ"باكسا أميركانا"، ونهاية دور أميركا في توفير الأمن لأوروبا". غير أن الحقيقة التي يدركها ميرز أن أوروبا اليوم تجد ذاتها بين مطرقة بوتين من الشرق، وسندان الولايات المتحدة الأميركية من الغرب، وعلى هذا الأساس سيجب على الأوروبيين السعي إلى طرح قضاياهم على موائدهم، والبحث في أفضل الطرق لتأمين الذات من تقلبات الأصدقاء ومؤامرات الأعداء. فهل بدت الولايات المتحدة أخيراً لاعباً سياسياً مزعجاً لألمانيا بنوع خاص، مما يمكن أن يعجل بالفعل من شق الصف الأوروبي بصورة شبه مؤكدة؟ دي فانس ودعم اليمين المتطرف في كلمته التي ألقاها خلال أعمال مؤتمر العمل السياسي المحافظ (CPAC) بمدينة أوكسون هيل بولاية ميراند خلال الـ20 من فبراير (شباط) الماضي، شكر سيد البيت الأبيض الشعب الأميركي الذي وصفه بأنه انتفض وهزم اليسار المتطرف، وهذا أمر يمكن تفهمه. غير أن ما يتجاوز حدود الداخل الأميركي، هو قول ترمب لجموع الأميركيين الذين شاركوا في أعمال المؤتمر، ومنهم الرجال الذين شاركوا في تظاهرات السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 أمام الكونغرس، "إنكم الآن تقدمون للغرب كله مثالاً يسمح بهزيمة اليسار المتطرف، والأخبار الجميلة أتت من ألمانيا. إن شعبنا هو صاحب القيادة والريادة دائماً". ما الذي كان يقصده ترمب؟ بالتأكيد هو يود الإشارة إلى الفوز الكبير وغير المتوقع لحزب البديل من أجل ألمانيا بنحو 20 في المئة من أصوات الناخبين الألمان. ويعرف هذا الحزب بتوجهاته العدائية نحو المهاجرين وبقربه من الرؤى الروسية، ورفضه دعم أوكرانيا في حربها ضد بوتين، ناهيك برؤاه الأحادية الدوغمائية ورفض الآخر، ومن دون مواربة يعرف عن أنصاره ولاؤهم للإسلاموفوبيا وما إلى ذلك من القضايا. وخلال كلمته في أعمال مؤتمر الأمن العالمي بميونيخ منتصف فبراير الماضي، بدا أن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس متحامل على القوى السياسية الألمانية التقليدية لمصلحة حزب البديل من أجل ألمانيا. وانتقد دي فانس ما أطلق عليه سياسة الإقصاء التي تنتهجها الأحزاب الديمقراطية الألمانية ضد اليمين المتطرف، والذي بات سمة رئيسة للسياسة في البلاد، والتقى مرشحة اليمين المتطرف. وقال دي فانس الجمعة الـ14 من فبراير مستخدماً المصطلح الذي يشير إلى المحرمات السياسية الألمانية ضد الارتباط باليمين المتطرف، "تعتمد الديمقراطية على المبدأ المقدس المتمثل في أن صوت الشعب مهم ولا مجال لجدران الحماية". مضيفاً "إما أن تقبل المبدأ أو لا تقبله". وبدا هذا اليوم وكأنه "الجمعة الحزينة" في تاريخ العلاقات الأوروبية - الأميركية، فقد كانت واشنطن الحليف الأعظم لأوروبا هي التي انقلبت على شركائها مما أدى إلى تفتيت الغرب، بعد أن حذر دي فانس من أن "ثمة عمدة جديد في واشنطن"، ثم أطلق هجوماً عنيفاً على الديمقراطيات الأوروبية، متهماً إياها بقمع حرية التعبير والحرية الدينية. فهل كان دي فانس وحده من حاول التلاعب بمقدرات الألمان؟ الشاهد أن الفتى المعجزة إيلون ماسك، الذي بات يمثل اليوم الرقم الصعب في إدارة الرئيس ترمب، لعب بدوره عاملاً مساعداً في إنجاح اليمين الألماني عبر منصته "إكس"، فقد قدم دعماً منتظماً لحزب البديل من أجل ألمانيا ومرشحه لمنصب المستشار أليس فايدل، مما دعا المستشار الحالي أولاف شولتز إلى إبداء نوع من الغضب للتدخل الأميركي في السياسات الحزبية الألمانية الداخلية. على أن نظرة متأنية لما جرى في واشنطن خلال الأيام القليلة الماضية، لا سيما بعد الحوار غير المسبوق في المكتب البيضاوي بين الرئيس الأميركي ونائبه من جهة والرئيس الأوكراني زيلينسكي من جهة أخرى، تقودنا إلى القطع بأن عقبة أوكرانيا ستعمق ولا شك من الشرخ في جدار العلاقة بين برلين وواشنطن في الحال والمستقبل بصورة غير مسبوقة. فما الذي يجري؟ حجر عثرة يدعى أوكرانيا لم يكن ما جرى في البيت الأبيض أمراً معتاداً، ذلك أنه على رغم الاختلافات السياسية الواضحة بين كثير من ضيوف واشنطن من رؤساء وزعماء، والتي دائماً ما كانت تناقش في المكاتب المغلقة وليس أمام الكاميرات، فإن خروج الخلاف مع زيلينسكي إلى العلن على النحو الذي شاهده العالم حمل رسالة للأوروبيين، والألمان في مقدمتهم، بأن هناك واشنطن أخرى غالب الظن أنها تنحو بعيداً جداً من مسارات الرؤساء الأميركيين السابقين. وانضمت واشنطن أخيراً داخل مجلس الأمن إلى روسيان في رفضها لمشروع قرار يدين موسكو، وذلك حرصاً على المحادثات الأميركية – الروسية التي انطلقت في الرياض، وغالب الظن أنها ستمضي قدماً بما يقود إلى مرحلة مغايرة من العلاقات بين البلدين، مرحلة عنوانها التفاهم والتصالح والعودة ربما إلى عالم الثنائية القطبية مرة جديدة. هنا كان من الواضح أن ترمب يريد من زيلينسكي وقف إطلاق النار بصورة فورية وسريعة، فيما الآخر يرفض أن يحدث ذلك من غير ضمانات أمنية، وهو مطلب أوروبي – ألماني قبل أن يكون أوكرانياً. ويبدو واضحاً أن المخاوف من سيد الكرملين بلغت الحلقوم كما يقال، وأن هناك بالفعل رجفة حقيقية من أن يتكرر السيناريو الأوكراني بنوع خاص ضمن الخاصرة الرخوة القريبة من روسيا، أي دول البلطيق. وطفت ألمانيا على سطح الأحداث في مواجهة روسيا بوتين، وكأن مخاوف وكراهيات الحرب العالمية الثانية عادت من جديد. وقبل نحو عام، وبالتحديد خلال مارس (آذار) 2024 تمكنت الاستخبارات السوفياتية من اكتشاف مؤامرة ألمانية تهدف إلى قصف جسر شبه جزيرة القرم بصواريخ ألمانية متقدمة، مما لو تم إلى نهايته لربما كانت روسيا قامت بردود فعل تقرب الجميع من الحرب العالمية الثالثة، التي تحدث عنها ترمب في حواره داخل البيت الأبيض مع زيلينسكي. خلفت أنباء هذا الاعتداء غير المكتمل حالاً من صحوة الماضي حين تحدى الاتحاد السوفياتي ألمانيا النازية، وجاء الرد على ألسنة عدد من الجنود الروس "سنظهر في برلين عما قريب"، وهو أمر بالحسابات العسكرية ممكن جداً، إذا لا مجال للمقارنة بين القدرات العسكرية الروسية ونظيرتها الألمانية. والآن تدرك ألمانيا أنها تكاد تكون في ورطة جراء مقارعتها لروسيا عبر أوكرانيا من دون الدعم الأميركي، الذي لولاه لما كان لأوكرانيا أن تظل حاضرة حتى الساعة. والمعروف أنه حتى الآن كانت ألمانيا ثاني أكبر مانح للمساعدات العسكرية إلى أوكرانيا بعد الولايات المتحدة. وكانت مواقف فريدريش ميرز دائماً لمصلحة كييف وانتصارها على موسكو، حتى وإن لم يكن من المتصور هزيمة دولة نووية. وبصورة عامة تبنى ميرز موقفاً أكثر تشدداً من موقف المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز، فقد دعا إلى تسليم صواريخ "توروس" الألمانية بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وأوضح أن الدعم لأوكرانيا يجب أن يستمر حتى لو توصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. غير أن مواقف وتصريحات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي، أظهرت أن واشنطن ليس في نيتها التورط داخل مستنقع نووي مع روسيا بسبب أوكرانيا. وفي هذا السياق كان الحديث واضحاً، وهو أن الولايات المتحدة لن تشارك في أعمال قوات حفظ سلام أوروبية داخل أوكرانيا، وحال تعرض أي من القوات الأوروبية المشاركة في تلك المهمة لاعتداءات من جانب القوات الروسية، فإن واشنطن لن تعمد إلى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق "ناتو" الذي يلزم جميع الأعضاء بالدفاع عن أي عضو يتعرض لاعتداء من قوى خارجية. هنا حتماً ستجد ألمانيا ذاتها في موقف تحسد عليه، وهي التي كانت حتى زمن المستشارة ميركل قاب قوسين أو أدنى من شراكة استراتيجية مع روسيا الاتحادية. تلقى هذه الخلافات الأميركية – الألمانية بظلال قاتمة على أمرين، مستقبل "ناتو" عسكرياً من ناحية، ومستقبل الوجود العسكري الأميركي على الأراضي الألمانية من ناحية أخرى. فماذا عن الأمرين؟ كعب أخيل أو حلف "ناتو" يتساءل الأوروبيون اليوم، هل كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على حق حين طالب قبل بضعة أعوام، وخلال ولاية ترمب الأولى تحديداً بجبهة عسكرية أوروبية مستقلة حتى ولو لم تكن بديلاً عن "ناتو"؟ المعروف أن ماكرون هو من أطلق تعبير "الموت السريري" لحلف "ناتو"، وقارب الأمر هذه الحال بالفعل، غير أن الأقدار أمدت الحلف بقبلة الحياة من خلال متغيرين طارئين لم يكن أحد ليتوقعهما إذ جاءا من حيز النوازل القدرية"، الأول هو جائحة "كوفيد 19" التي أعاقت كل تفكير بشري فيما انشغل الجميع بالبحث عن مسارب للنجاة من الموت القادم طائراً على جناح الأثير. والمتغير الثاني هو العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي يقطع كثير من المراقبين أنها كانت رد فعل على مخططات "ناتو" للزحف والامتداد حتى حدود روسيا، عطفاً على ضم أوكرانيا إلى الحلف بصورة أو بأخرى بما يهدد أمن روسيا. واليوم، وبعد نيات إدارة ترمب تجاه الحرب الروسية - الأوكرانية ورغبته في وضع حد لها بأسرع وقت مع يقين مؤكد بوقف المساعدات العسكرية، يقول فريدريش ميرز "ستكون أولويتي المطلقة هي تعزيز أوروبا في أسرع وقت ممكن حتى نتمكن من الاستقلال التام". غير أن الاستفهام التي يطرح هنا ذاته بذاته هو هل هذا الاستقلال الذي يتحدث عنه ميرز يشمل الجانب السياسي والاقتصادي فحسب، أم أنه ينسحب كذلك على الشق العسكري، أي أن تضحى أوروبا بمفردها في مواجهة الدب الروسي الذي لا يقيد؟ ويقول ميرز إن قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) خلال يونيو (حزيران) المقبل يمكن أن تكون لحظة حاسمة، مضيفاً أنه من غير المعروف ما إذا كان الحلفاء "سيظلون يتحدثون عن حلف شمال الأطلسي في شكله الحالي، أو ما إذا كان يتعين علينا إنشاء قدرة دفاعية أوروبية مستقلة بسرعة أكبر". وخلال الأشهر الأولى من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز أن ألمانيا ستعود من جديد إلى الاهتمام بواقعها العسكري، ورُصد بالفعل نحو 100 مليار يورو (106.99 مليار دولار) لتحسين أحوال العسكرية الألمانية مرة جديدة. غير أن واقع الحال يضع الألمان أمام تساؤلات عدة، في مقدمها حال الصناعات العسكرية الأوروبية بصورة عامة، والمتراجعة كثيراً جداً عن نظيرتها الروسية، ويكفي المرء أن يراجع مشهد الصاروخ الروسي المخيف "أوريشنيك" برأس تقليدية وليست نووية تكتيكية، وما أحدثه من هلع حين أطلق كإشارة رمزية على أهداف أوكرانية، مما فهمه الأميركيون كرسالة ومن هنا أدركوا عبثية استمرار هذه الحرب. الأمر الآخر هو مدى إمكانية استجابة بقية الدول الأوروبية للتوجهات الألمانية الخاصة بالانسحاب من "ناتو"، أو فك العروة التي تجمع دولاً أوروبية وثيقة الصلة بالولايات المتحدة، لا سيما المملكة المتحدة. وهنا تبدو خيارات المستشار الألماني الجديد مثيرة للتأمل وتدور من حولها علامات استفهام عريضة، لا سيما أن فكرة إنشاء جبهة دفاعية عسكرية أوروبية أمر يحتاج إلى جهد ضخم، ويتطلب قدراً كبيراً من الإرادة السياسية. وبعض الأنباء في الداخل الألماني تذهب إلى أن أحد الخيارات تدور حول قيام ألمانيا بمصادرة أصول الدولة الروسية وأموالها المتوافرة لديها، والمكشوف منها يصل إلى 200 مليار دولار، وربما تكون هناك أصول مخفية أخرى يمكن استخدامها كنواة في تجهيزات عسكرية لمواجهة روسيا، غير أن هذا الأمر حكماً سيثير ثائرة دونالد ترمب وإدارته ويدفعه في طريق قرارات ربما تعرض ألمانيا لخيارات أميركية مزلزلة. فماذا عن هذا التوجه؟ جنود أميركا من ألمانيا إلى بولندا هل يمكن أن يؤدي الطريق الأميركي– الألماني المسدود في زمن المستشار الجديد فريدريش ميرز، إلى قيام إدارة ترمب بإحداث تغييرات هيكلية في علاقاتها التاريخية مع برلين؟ المعروف أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقيام الحلفاء بفرض عقوبات على ألمانيا، وفي مقدمها القيود العسكرية على جيشها وعتادها العسكري، عدت مهمة حماية ألمانيا إحدى مهام "ناتو" وبتوكيل أميركي عبر القواعد العسكرية المنتشرة على أراضيها، واليوم يوجد هناك نحو 35 ألف جندي أميركي يقومون على حماية ألمانيا. ولأن الرئيس ترمب لديه عقلية غير متوقعة فمن المحتمل جداً، لا سيما حال إصرار ميرز على دعم أوكرانيا وإثارة عداوة بوتين، أن تسعى واشنطن إلى سحب جنودها من هناك، مما يترك الجيش الألماني التقليدي الذي يعاني نقصاً حاداً في الكوادر والتجهيزات وحيداً في مواجهة ما لا يقدر على مقابلته من نوازل بوتين تارة، ومن يدري ربما يلحق به الصينيون عند لحظة زمنية بعينها. هنا تطفو على السطح علامة استفهام "إلى أين يمكن أن تمضي القوات الأميركية الموجودة داخل القواعد الألمانية، حال تدهورت العلاقات على جانبي الأطلسي؟" الجواب لم يتأخر من طرف أوروبي يبدو مرشحاً بقوة لعلاقة خاصة مع واشنطن، ونعني به بولندا. فقد أعلن الرئيس البولندي أندريه دودا أنه إذا كانت ألمانيا لا تريد قوات أميركية على أراضيها، فإن بولندا ستكون سعيدة باستقبالهم. وكان دودا يرد على تصريحات ميرز بأن ترمب لا يهتم بأوروبا، وأن القارة تحتاج بصورة عاجلة إلى تعزيز دفاعاتها، وقد جاءت تصريحاته عبر قناة "بولسات نيوز" البولندية. ويرى دودا أن الأمر ربما يمثل فرصة تاريخية، لهذا أضاف "أنا مهتم بنقل كل التعاون الذي تتمتع به ألمانيا مع الولايات المتحدة إلى بولندا، وعلى استعداد تام لذلك". ووضع دودا المستشار الألماني القادم أمام واقع حقيقي بقوله "حلف شمال الأطلسي من دون الولايات المتحدة؟ كل شيء ممكن، ولكن ما الهدف منه؟ إذا كان هناك تحالف أمني من دون الولايات المتحدة، فإن ضماناته بلا أقوى قوة في العالم ستكون وهمية بكل بساطة". دودا يرى أن "الحليف الموثوق به هو الولايات المتحدة التي أظهرت مراراً وتكراراً على مدى المئة عام الماضية أنها عندما تعود إلى اللعبة فهي قادرة على مقاطعة أي صراع مسلح وإنهائه. لقد رأينا هذا خلال الحرب العالمية الأولى، ورأيناه خلال الحرب العالمية الثانية، هنا في أوروبا". ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الولايات المتحدة لن تعدم بديلاً على الأراضي الأوروبية ليقوم مقام ألمانيا لوجيستياً في الأقل، مما يخصم من القيمة الاستراتيجية لألمانيا. والمعروف أن دودا تواصل مع ترمب أخيراً، إذ سافر إلى الولايات المتحدة وشارك في فعاليات مؤتمر العمل السياسي المحافظ، إذ التقى لفترة وجيزة مع الرئيس ترمب. وقال دودا خلال المقابلة إنه لا يخشى أن "يبيع ترمب أوكرانيا"، وهو رد فعل على العلاقات الوثيقة بين الرئيسين الأميركي والروسي والإدانات الحادة للرئيس الأوكراني. أبعد من ذلك، اعتبر دودا أن أميركا استثمرت بالفعل مبالغ ضخمة من المال داخل أوكرانيا، وأن من حق الولايات المتحدة أن تحصل على شيء في المقابل، في إشارة لا تخطئها العين لفكرة الاتفاق الذي يسعى إليه ترمب مع أوكرانيا للحصول على حصة من معادنها النادرة. فهل يمكن أن تسفر الخلافات الألمانية – الأميركية عما هو أشد خوفاً بالنسبة إلى ألمانيا؟ والجواب موصول ولا شك بالمظلة النووية الأميركية التي قدمت الحماية لألمانيا لعقود طوال، وهل يمكن أن تقوم واشنطن بسحبها لتجد ألمانيا ذاتها تحت رحمة الصواريخ الروسية؟ أم أنه يمكن لأوروبا أن تنشئ مظلتها النووية الخاصة بها وبعيداً من مظلة "ناتو" بمقدمته الأميركية؟

ألمانيا أمام مفترق طرق حرج وأفق ضبابي للتعافي الاقتصادي بعد الانتخابات
ألمانيا أمام مفترق طرق حرج وأفق ضبابي للتعافي الاقتصادي بعد الانتخابات

الاقتصادية

time٢٤-٠٢-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الاقتصادية

ألمانيا أمام مفترق طرق حرج وأفق ضبابي للتعافي الاقتصادي بعد الانتخابات

تقف ألمانيا عند مفترق طرق اقتصادية حرجة ومشهد سياسي هش يتسم بعدم اليقين، بصرف النظر عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها أمس الأحد. فاز زعيم المعارضة المحافظ في ألمانيا فريدريش ميرتس في الانتخابات الفيدرالية، متقدما بسهولة على حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين، وعلى الحزب "الديمقراطي الاجتماعي" الذي ينتمي إليه المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس. وفقا لتقديرات اتحاد المؤسسات الإذاعية العامة في ألمانيا، حصل التحالف البرلماني لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي بقيادة ميرتس، على 28.8% من الأصوات، تلاه حزب "البديل من أجل ألمانيا" بـ20.2%، فيما جاء "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" في المركز الثالث بـ16.2%، وهي أسوأ نتيجة للأخير منذ الحرب العالمية الثانية. تواجه ألمانيا تحديات اقتصادية جمة، إذ انكمش الاقتصاد العام الماضي بـ0.2%، في ثاني تراجع سنوي له على التوالي، بينما ما زال الإنتاج الصناعي أقل بنحو 15% من ذروته قبل جائحة كورونا. أسهمت مجموعة من العوامل المتداخلة في هذا الوضع، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة، وزيادة المنافسة العالمية، وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي، والأداء الضعيف في قطاعي التصنيع والسيارات، إضافة إلى تأثر الصادرات الألمانية بانخفاض المبيعات إلى الصين والتعريفات الجمركية الأمريكية المحتملة، ما أوجد دوامة من المتاعب الاقتصادية لم تتمكن الحكومة الألمانية من الخروج منها . أفق ضبابي ترى ثلة من الخبراء أن الأفق الاقتصادي الألماني ملبد بكثير من الغيوم خلال السنوات الأربع المقبلة، بغض النظر عن التركيبة الحكومية المقبلة، والسبب في ذلك التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، التي تخيم على المشهد حاليا . يعتقد أستاذ الاقتصاد الأوروبي مارك ميرزا أن تولي الرئيس دونالد ترمب السلطة في الولايات المتحدة سيضيف تعقيدات إضافية للاقتصاد الألماني والخطر الأكبر، من وجهة نظره أن ألمانيا لا تمتلك آلية حقيقية وفعالة للتعامل معه . وقال لـ "الاقتصادية": إن الرسوم الجمركية المرتفعة التي تعهد ترمب بفرضها على الواردات، بما في ذلك تعريفات جمركية محتملة بـ20% على السلع الأوروبية "قد تؤدي إلى انخفاض الناتج الاقتصادي الألماني 1%، ما سيفاقم حالة الركود الاقتصادي الحالية ". وتشير التقديرات إلى أنه على مدى 4 سنوات، قد تكلّف الرسوم الجمركية الأمريكية الاقتصاد الألماني ما يصل إلى 180 مليار يورو، فقد بلغ الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة مستويات قياسية أوائل العام الماضي، عندما وصل إلى نحو 65 مليار يورو. وتتزايد المخاوف اليوم من أن تؤدي أي تدابير أمريكية إلى تعطيل سلاسل التوريد، وخفض الصادرات، وإضعاف القاعدة الصناعية الألمانية، خاصة أن قطاع السيارات، وهو حجر الزاوية في الاقتصاد الألماني، تراجع أداؤه بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتوقفت بعض مصانع الصلب عن التصدير إلى الولايات المتحدة وسط توقعات بانخفاض إيراداتها بـ6%. علاج مؤلم وغير مضمون ويرى الباحث في النظم الاقتصادية روبن دين أن روشتة الإصلاح الاقتصادي في ألمانيا ستكون مؤلمة وغير مضمونة النتائج، بسبب ما يصفه بانقسام الرأي العام الألماني حول كيفية التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية . وقال دين لـ "الاقتصادية": إن استعادة القدرة التنافسية الألمانية تتطلب مجموعة من الإصلاحات الضريبية الجذرية، وإلغاء القيود التنظيمية إذا لزم الأمر، والتخلص من الديون التي حدت من الاستثمار العام، على أن يترافق ذلك مع تخفيف القيود المالية لتحفيز عمل المؤسسات الاقتصادية الألمانية. لكنه عدّ "الانقسامات السياسية، والحاجة إلى تشكيل ائتلاف واسع، قد تبطئ وتيرة أي إصلاحات شاملة ". ويعرب بعضهم عن مخاوفهم من أن النموذج الاقتصادي الألماني، القائم على التصدير للخارج واستهداف أسواق محددة، أبرزها الولايات المتحدة والصين، يقترب من الاصطدام بجدار التحديات. فالصين تواصل نموها الصناعي، ما يقلل تدريجيا قدرة الصناعيين الألمان على التوسع في الأسواق الصينية، كما أن السياسات الحمائية الأمريكية تجعل السوق الأمريكية أقل جدوى اقتصاديا . وبصرف النظر عن مآلات المشهد السياسي الألماني، فإن الحكومة الجديدة ستكون مطالبة بالموازنة بين الانضباط المالي والحاجة الملحة إلى الاستثمار. كما أن الإصلاحات البنيوية، خاصة في مجالات السياسة الصناعية وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الابتكار الرقمي، ستكون ضرورية، بصرف النظر عن الانقسامات الداخلية والرياح الجيوسياسية المعاكسة التي تهدد بقلب النظام الأوروبي رأسا على عقب .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store