أحدث الأخبار مع #لكيرستارمر


Independent عربية
١١-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
اتفاق ترمب التجاري مع المملكة المتحدة تكريس لـ"بريكست"
تهانينا إذاً لكير ستارمر. لقد نجحت فيما فشل فيه كل من ريشي سوناك وليز تراس وبوريس جونسون وتيريزا ماي. فعلى رغم أن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة متواضع نسبياً، فإنه يعد إنجازاً دبلوماسياً وسياسياً كبيراً لحكومة حزب العمال. أعلن عن الاتفاق في توقيت كاد يكون مختاراً بعناية تزامناً مع الذكرى الـ80 لنصر الحلفاء في أوروبا أواخر الحرب العالمية الثانية - وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن إبرام معاهدة اقتصادية واعدة وأوسع نطاقاً مع الهند. لكننا ينبغي ألا نفقد موضوعيتنا. بالمجمل، إن التحسينات المحققة بشق الأنفس في مجال التجارة، والتي أنجزتها هذه الحكومة والحكومات السابقة لها، بإنشاء منطقة الشراكة عبر المحيط الهادئ (التي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا)، وبإبرام الاتفاقين التجاريين مع أستراليا ونيوزيلندا، والآن بالتوصل إلى الاتفاقين التجاريين مع الهند والولايات المتحدة، هي إنجازات تستحق الثناء، لكنها لا تعوض بأي حال عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد البريطاني نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فتيسير وصول البضائع وخفض الرسوم الجمركية في عدد محدود من القطاعات لا يقارن مطلقاً، بل هو في مرتبة أدنى بكثير، من عضوية الاتحاد الأوروبي الكاملة، الذي لا يزال، ككتلة موحدة، أكبر وأهم سوق لبريطانيا، ومصدراً رئيساً للإمدادات، والاستثمارات، واليد العاملة. لا شيء يضاهي، ولن يضاهي أبداً، الإمكانات الكامنة في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي. وهنا تكمن المفارقة: كل اتفاق تجاري جديد تبرمه بريطانيا – على رغم كونه خبراً ساراً في حد ذاته - يزيد من صعوبة العودة للاتحاد الأوروبي. ولا يشذ الاتفاق مع الولايات المتحدة عن هذه القاعدة: فقد أجهز فعلياً على أي أمل في التراجع عن "بريكست". قد يكون من الممكن، لو حالفنا الحظ كثيراً، صياغة اتفاقات تجارية تتماشى مع عضوية السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، أو حتى مع "إعادة الضبط" التي لا يزال ستارمر يسعى إليها (على رغم أن ذلك أيضاً سيواجه تعقيدات حتمية). أما العودة للاتحاد الجمركي الأوروبي فهي مستحيلة تماماً ما دام لدى بريطانيا اتفاقات تجارية مستقلة مع أطراف ثالثة. فهذا هو جوهر الاتحاد الجمركي: فرض تعريفة جمركية موحدة على الواردات من خارج التكتل، مما يسمح بالتجارة الداخلية من دون رسوم أو حصص. ولو قررنا العودة للاتحاد الأوروبي (وهو احتمال واقعي مع مرور الوقت وتزايد وضوح تبعات "بريكست")، فسنضطر إلى إلغاء المعاهدات القائمة مع الهند وأستراليا ونيوزيلندا والشراكة عبر المحيط الهادئ، إضافة إلى الترتيبات الجديدة مع الولايات المتحدة. وسيجعل ذلك عملية التفاوض أكثر صعوبة، ويخلق موجة جديدة من عدم اليقين في شأن مستقبل الاقتصاد البريطاني، مما سيكون له أثر سلبي في الاستثمار وثقة الشركاء الدوليين في بريطانيا كطرف موثوق به على المدى الطويل. هذه هي الديناميكية السامة لـ"بريكست" تعاود الظهور: لقد أفقر البلاد، مما دفعها إلى البحث المحموم عن صفقات تجارية. وكانت اتفاقات أستراليا ونيوزيلندا قد أبرمت على عجل لأسباب سياسية، لأن جونسون وتراس أرادا "انتصارات سريعة لـ(بريكست)". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والآن، في غياب ثقل تفاوضي يعادل ما كان يتيحه أكبر سوق موحدة في العالم، اضطرت بريطانيا إلى قبول ما عرض عليها من شروط من القوى الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة والهند. لكن في الفوز بتلك الصفقات، تصبح العودة للاتحاد الأوروبي أصعب. فهي في الواقع تكرس "بريكست" كواقع دائم في الحياة الاقتصادية البريطانية. ومن الناحية النفسية يفقد البريطانيون تدريجاً شعورهم بأن مصيرهم يكمن في أوروبا، على رغم استمرار الضغوط الدفاعية والأمنية والاقتصادية التي تجعل من الاندماج الأوروبي الخيار الأذكى والأكثر واقعية لمستقبل الطموحات البريطانية. إن الاتفاقات مع الهند والولايات المتحدة، على رغم أنها تبدو مرحباً بها ومغرية على السطح، تحوي ما يشبه "حبة سم" عندما يتعلق الأمر بمصير بريطانيا في أوروبا. عذراً على إفساد أجواء الاحتفال.


Independent عربية
١١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
مع تدهور علاقتها مع أميركا... بريطانيا في حاجة الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى
بعد مرور ما يقارب عقد من الزمن، لا يزال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) "الهدية" الخبيثة التي لا تكف عن العطاء. ففي بروكسل، اجتمع قادة الدول الأوروبية الـ27 في الاتحاد الأوروبي مع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي للاتفاق على تمويل استراتيجية دفاعية لقارة يتزايد التخلي عنها والاستخفاف بها من قبل حليفتها المفترضة، الولايات المتحدة. رئيس الوزراء البريطاني لم يكن هناك. ويشعر المرء أن الغياب في لحظة كهذه ليس مجرد خطأ، بل أمر مؤلم. إنه منعطف حاسم في التاريخ، إذ تنظم المفوضية الأوروبية صندوق إعادة تسليح أوروبي بقيمة 800 مليار يورو، وهو ما يعادل تقريباً الموازنة السنوية للدفاع الأميركي. وكزعيم لقوة أوروبية كبرى، كان ينبغي لكير ستارمر أن يكون هناك مدافعاً عن الفكرة مسهماً فيها، ومحدداً معالم هذا الاتحاد الدفاعي الأوروبي الناشئ. وتمتلك المملكة المتحدة أوراقاً مهمة على هذه الطاولة، اقتصاد كبير وقوات مسلحة فعالة على رغم تراجعها، وحاملات طائرات وقدرات استخباراتية وقاعدة صناعية دفاعية وريادة تكنولوجية في مجالات مثل الطيران ورادع نووي. وكان ينبغي لها أن تقود النقاش من الداخل، كما كانت تفعل عندما كانت عضواً محترماً وقوياً في الاتحاد الأوروبي. وبدلاً من ذلك، سيكتفي ستارمر وفريقه بالمشاهدة من بعيد، وسيقوم الدبلوماسيون البريطانيون بتقديم مداخلات في القمة وسيحصلون على قراءات للاستنتاجات من المفوضية ومسؤولين آخرين، ولكن دون أن يكون لهم صوت في قاعة المؤتمر. إذاً، هذا هو الواقع الحقيقي لشعار "استعادة السيطرة"، إقصاء سياسي كامل. وهو أمر كان يمكن تفاديه حتى بعد التصويت على المغادرة. فقد ارتكب بوريس جونسون في واحدة من أسوأ أخطائه بعد خلافته لتيريزا ماي عام 2019، خطيئة كبرى عندما أسقط بنود الأمن والدفاع من مسودة معاهدة "بريكست" التي كانت ماي تسعى إليها. وقرر جونسون ببساطة أنها غير ضرورية. لاحقاً، دعم أوكرانيا وسلحها من خارج الاتحاد الأوروبي، الذي كان أحياناً متردداً في مساعدة زيلينسكي، لكن كان يمكننا فعل ذلك لو بقينا أعضاء في الاتحاد، بل وإقناعهم بالسير على خطانا. ولكن الآن، لم تعد هذه الحجج ذات جدوى. نحن نعلم أنه لم يعد لدينا خيار البقاء خارج الهياكل الدفاعية الأوروبية الآن بعدما خفضت أميركا من أولويتنا جميعاً على هذا الجانب من الأطلسي. ومن غير المقبول أن تتخذ القرارات التي تؤثر بصورة حيوية على الأمن القومي والمصالح الصناعية للمملكة المتحدة من قبل الأصدقاء الأوروبيين، بينما نبقى خارجها دون أن يكون لنا صوت واحد أو فرصة لتحقيق المصلحة الوطنية، كما ستفعل جميع الدول الأخرى. ومن الواضح أنه لم يكن في السيناريو أن الولايات المتحدة "ستغير موقفها" في شأن أوكرانيا، والأسوأ من ذلك أنها تعد روسيا وليس أوروبا شريكاً استراتيجياً لها. لقد حدث هذا التغيير بسرعة تفوق قدرة كثر على استيعابه أو إدراك تداعياته العميقة. ولم يكن بالإمكان توقعه عام 2016، خلال استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، حين افترض كثر أن بريطانيا يمكنها الحفاظ على "علاقتها الخاصة" مع أميركا، بل وتعزيزها من خلال اتفاق تجارة حرة طال انتظارها. لكن الأمور لا تبدو كذلك الآن، إذ بدأ بعض في مجتمع الاستخبارات يتساءلون عما إذا كانت المعلومات الحساسة التي تنقلها بريطانيا إلى الوكالات الأميركية في شأن أوكرانيا قد تجد طريقها إلى الكرملين. وفي هذه الأثناء، يلوح دونالد ترمب باتفاق تجاري لستارمر ولكننا قد نكون متأكدين من أنها ستلحق أضراراً هائلة بهيئة الخدمات الصحية الوطنية والمزارعين البريطانيين. تتحول العلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى علاقة مؤذية. وسيكون من الجميل أن نعتقد أننا يمكن أن نكون أطلسيين وأوروبيين، كما كنا بين عامي 1973 و2021. لكن الأميركيين يبتعدون منا، وقد لا يكون ذلك مجرد فترة فاصلة موقتة في عهد ترمب قبل أن يعود أحد الديمقراطيين العقلاء ويضغط على زر إعادة الضبط. ولكن بعد ترمب، ماذا سيحدث؟ حسناً، تذكروا الإهانات التي وجهها نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى القوات البريطانية التي قتل أفرادها وجرحوا إلى جانب الأميركيين في العراق وأفغانستان. وتذكروا أنه قال إن أول قوة نووية "إسلامية حقيقية" في العالم ستكون المملكة المتحدة. هل تذكرون عندما سافر إلى مؤتمر ميونيخ للأمن ليقول لنا في هذا الجانب من المحيط الأطلسي إن الخطر الأكبر على مستقبلنا ليس روسيا، بل قيمنا نحن، متسائلاً لماذا ينبغي لأميركا أن تخوض حرباً من أجل شعوب منحلة وجبانة؟ قد يكون هذا الرجل رئيساً في عام 2028، وربما يبقى في منصبه حتى عام 2037 (ما لم يغير الدستور الدستور وبقي لفترة أطول). اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) علينا أن نفترض أن أميركا حتى بعد رحيل ترمب لن تعود إلى الدور الذي لعبته في العالم خلال الـ80 عاماً الماضية. لا شيء يدوم إلى الأبد، وغرائز العزلة والقومية وحماية الاقتصاد المحلي لدى الشعب الأميركي قد لا تتلاشى لعقود. لا يمكن لأوروبا بما في ذلك المملكة المتحدة أن تعتمد على الولايات المتحدة، لكنها لم يكن ينبغي لها أن تفعل ذلك أصلاً. الفكرة الجوهرية للمشروع الأوروبي كانت جعل القارة قوة رئيسة أخرى في العالم، أحد "الأقطاب" في نظام عالمي متعدد القوى، إلى جانب أميركا والصين وروسيا وحلفائها. فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا كلها دول عظمى وغنية، لكنها ما بعد إمبريالية، وليست كبيرة بما يكفي لإحداث تأثير كبير بمفردها. لكن معاً، كما هو الحال الآن تشكل أوروبا القارة بأكملها تقريباً بعدد سكان يقارب 500 مليون نسمة، وأكبر كتلة اقتصادية في العالم، لكنها لا تزال تفتقر إلى القوة التي يمنحها البعد الدفاعي، وهو الآن ضرورة لا غنى عنها. لقد احتاج الأمر إلى وجود ترمب والأزمة الأوكرانية لتحويل ذلك الحلم بوحدة أوروبا إلى ضرورة استراتيجية صارمة. قد نعذر لعدم إدراكنا ذلك في عام 2016 المختلف تماماً، حين كان باراك أوباما لا يزال القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان ترشح ترمب للرئاسة مجرد استعراض دعائي، وكان الغزو الروسي الأول لأوكرانيا ينظر إليه – للأسف وبالخطأ – على أنه حدث هامشي. لكن الواقع الجديد يفرض نفسه، ويجبر بريطانيا على الاختيار بين الاصطفاف مع أميركا أو أوروبا. وفي الحقيقة، لم يعد هذا القرار بيدنا تماماً، إذ تتجه أميركا نحو فرضه علينا من خلال جعل علاقات الدفاع والاقتصاد التقليدية غير قابلة للاستمرار. قد لا يدرك البريطانيون ذلك بعد، أو قد يجدونه فكرة غير مستساغة، لكن ما لم نرغب في الانضمام إلى هذا المحور الغريب الجديد بين موسكو وواشنطن، فمن الأفضل أن نقترب أكثر من أصدقائنا الأوروبيين. يجب أن تنتهي عزلتنا التي فرضناها على أنفسنا.