logo
#

أحدث الأخبار مع #مايكلروبرتس

قانون القيمة ومعدَّل الربح في الصين (1)
قانون القيمة ومعدَّل الربح في الصين (1)

قاسيون

timeمنذ 5 أيام

  • أعمال
  • قاسيون

قانون القيمة ومعدَّل الربح في الصين (1)

قال الباحث مايكل روبرتس إنه يتفق مع نتيجة (ديك لو) هذه، حيث توصّل إليها روبرتس أيضاً بدراسته لهذا الموضوع في كتابه المشترك مع غواليلمو كارشيدي (الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين، 2023، ص213–214). ونقدّم فيما يأتي تلخيصاً لأهمّ المُحاجَّات التي أورداها في كتابهما بهذا الخصوص. قانون القيمة ومَصير الإنتاجية والربحيّة ينصّ قانون القيمة لماركس على أنّ قيمة البضاعة تتحدَّد بوقت العمل الضروري اجتماعياً اللازم لإنتاجها، أي بالإنتاجية الوسطيّة للعمل، وبالتالي بتقنيّات وكثافة العمل. صحيح أنّ بعض «القيم الاستعمالية» متاحة بلا عمل (مثل الهواء أو أيّ شيء طبيعي جاهز ليستعمله أو يستهلكه الإنسان مباشرةً)، ولكنّ إنتاج «القيمة» في «بضاعة»، وبالتالي القيمة الزائدة والتركيب العضوي لرأس المال ومعدّل ربح رأس المال، غير ممكن دون العمل البشري. في عام 1898، حاول الاقتصادي فلاديمير دميترييف دحض نظرية القيمة لماركس، عبر تصوُّرِ اقتصاد افتراضي تقوم فيه الآلات (الروبوتات) بكلّ شيء بغياب أيّ عمل بشري. الاقتصاد البرجوازي السائد يُنكِرُ قانونَ القيمة أو يتجاهله. وكان دميترييف من «الريكارديِّين الجُدد» - نسبةً إلى ديفيد ريكاردو. وجادَلَ آنذاك أنّه نظراً لوجود فائض ضخم يتم إنتاجه «دون عمل»، فإنّ نظرية القيمة لماركس «خاطئة». لكن هذه «التجربة الذهنية» لدميترييف لا تستقيم، لأنّه وغيره من الاقتصاديين السائدين لا يفهمون القيمة في نمط الإنتاج الرأسمالي. إذ إنّ القيمة المحتواة في بضاعة (سلعة أو خدمة للبيع) لها وجهان: قيمة استعمالية، وقيمة تبادلية (في المال والربح الذي يجب تحقيقه عبر البيع). ودون هذا الأخير لا يحدث الإنتاج الرأسمالي، وقوَّة العمل بالذّات هي التي تخلق هذه القيمة، أمّا الآلات فلا تخلق أيَّ قيمة (ربح). وفي الواقع، لن يكون اقتصاد دميترييف الفائق الوفرة والقائم على الروبوتات فقط، اقتصاداً رأسمالياً، لأنّه لن يكون هناك ربحٌ للرأسماليّين الأفراد. وصحيحٌ أنَّه مع تطوُّر الرأسمالية تَحلُّ الآلات بشكلٍ متزايد محلَّ قوة العمل البشرية (الأتمتة، الحَوسَبة، الذكاء الاصطناعي...)، ممّا يرفع إنتاجية العمل؛ بمعنى ارتفاع كفاءة الحصول على قيم استعمالية أكثر كأشياء وخدمات، لكنّ هذا يحصل بالضرورة على حساب انخفاض الربحية، والذي يؤدّي بشكل دوري إلى تعطيل إنتاج الرأسماليين الأفراد لأنّهم لا يريدون استخدامَ العمل والآلات سوى لتحقيق الأرباح. لذلك فإنّ الأزمات تتفاقم في الرأسمالية قبل زمن طويل من وصولنا إلى عالَم الروبوتات الافتراضي الذي تَصوَّرَهُ دميترييف. وبلغة الرياضيّات يمكن القول إنه في عالم شامل للروبوتات/الذكاء الاصطناعي، تسعى الإنتاجية (وبالتالي القيم الاستعمالية) إلى اللّانهاية، بينما تسعى الربحيّة (نسبة القيمة الزائدة إلى قيمة رأس المال) إلى الصفر. لماذا تنجح الصين بالمناوَرة مع قانون القيمة؟ وجدت قيادة الحزب الشيوعي الصيني بأنّ طريقة إدارة اقتصاد البلاد في ظل الشروط التاريخية والدولية القائمة أواخر سبعينيّات القرن العشرين أخذتْ تستنفد قدرتَها على تحقيق مزيد من التوسُّع الصناعي. ولذلك جاء التغيير في السياسة، في عهد دينغ شياو بينغ عام 1978 نحو مسار مختلف عن الاتحاد السوفييتي، لتسريع النمو الاقتصادي والتصنيع. فقامت الصين بفتح اقتصادها أمام الإنتاج الرأسمالي المحلّي والاستثمار الأجنبي ولكن ضمن حدود. في الواقع، كانت هذه أشبه بنسخة صينية (ولكن أطول وأعمق) من السياسة الاقتصادية الجديدة (نيب/NEP) التي اضطرّ إليها لينين في روسيا السوفييتية أوائل عشرينيّات القرن العشرين. وخلص تقرير للبنك الدولي عام 2003 إلى أنّ نمط الإنتاج الرأسماليّ «لا يزال غير مهيمن في الصين». ومن المعروف أنّ ما يحكم إنتاج السلع في علاقات السوق الرأسمالية هو الربح، حيث يحدِّد معدَّلُ الرِّبح دوراتِ الاستثمار ويولِّد أزماتٍ اقتصادية دورية. لكنّ هذا لم ينطبق على الصين، لأنّ الأزمات المنتظمة والمتكررة للاستثمار والإنتاج التي شهدتها الاقتصادات الرأسمالية الرئيسية لم تحدث في الصين منذ عام 1949. وهذا لا يعني أنّ الصين لم تتأثر بها مطلقاً، لكن التأثير اقتصر على انخفاض في التجارة كلّما عانت اقتصادات مجموعة السبع (الإمبريالية) من الركود. وعلى عكس الاقتصادات الرأسمالية الكبرى، لم تشهد الصين تراجعاً في ناتجها المحلّي الإجمالي في أيّ عام منذ 1973. وأقرَّ البنك الدولي (على مَضَض) بأنّ النجاح الاقتصادي المُذهل الذي حقّقته الصين على مدى الثلاثين عاماً الماضية كان قائماً على اقتصادٍ تَحقَّقَ فيه النموّ من خلال التخطيط الحكومي البيروقراطي وسيطرة الحكومة على الاستثمار. ربّما كان مُعَدَّل نموِّها الاقتصادي مماثلاً للاقتصادات الرأسمالية الناشئة لفترة من الزمن في القرن التاسع عشر عندما كانت هذه الأخيرة في طور «الانطلاق». ولكن لم يسبق لأيّ دولة أنْ نمت بهذه السرعة ولهذه الفترة الطويلة ولهذا الحجم معاً (حيث تضمّ الصين 22% من سكان العالم). انتشلت الصين 850 مليون نسمة من شعبها من براثن الفقر المُعرَّف دولياً. حتى الآن، لم يخضع القطاع المملوك للدولة في الصين لسيطرة السوق، أو لقرارات الاستثمار القائمة على الربحيّة وحدَها، أو يخضع للشركات الرأسمالية أو المستثمرين الأجانب. وفي حين يعتبر بعض الباحثين الماركسيين هذا الإنجاز الصيني في مكافحة الفقر دليلاً قويّاً على تصنيف اقتصادها بأنه اشتراكيّ، يتحفّظ مايكل روبرتس على أخذه كمعيار وحيد، فيقول: «الحد من الفقر يُعدّ أمراً حيوياً للعمالة، ولكنه في حدّ ذاته ليس مؤشّراً على التوجه الاشتراكي. والحد من الفقر ضروري لشرعية الحزب الشيوعي الصيني كصاحب سلطة ولتوسيع السوق الداخلية». مع ذلك يضيف روبرتس: في الصين هناك تنافس بين التراكم الرأسمالي والتراكم الاشتراكي، ممّا ينتج تطوُّراً متعرِّجاً. أساس التنمية الطويلة الإنتاجية أم الربحية؟ وفقاً للماركسيّة فإنّ مستوى الإنتاجية هو الذي يُحدِّد النمو الاقتصادي لأنّه يُقلِّل تكلفة الإنتاج من حيث وقت العمل، ويسمح للدولة بالمنافسة في الأسواق العالمية. ولكن في نمط الإنتاج الرأسمالي تدخل الإنتاجية في تناقض مع الربحيّة بعلاقة عكسية طويلة الأمد بتأثير قانون ميل معدل الربح إلى الانخفاض مع تراكم رأس المال. بعض الاقتصاديين يقتبسون عن الاقتصادي والمُعارِض الصيني-الأمريكي (مينكي لي) قوله: «إنّ الصين إذا اتبعت القوانين الاقتصادية نفسها بشكل أساسي كما الحال في الدول الرأسمالية الأخرى، كالولايات المتحدة واليابان، فإنّ انخفاض معدل الربح سيتبعه تباطؤ في تراكم رأس المال، مما يؤدي إلى أزمة اقتصادية كبيرة». ويعلِّقُ روبرتس على (مينكي لي) بالتساؤل فيما إذا كان الاقتصاد الصيني تهيمن عليه القوانين الاقتصادية الرأسمالية نفسها؟ يقول روبرتس إنّ اقتصاد الصين لا تهيمن عليه السوق أو قرارات الاستثمار القائمة على الربحية، أو الشركات الرأسمالية أو المستثمرين الأجانب، ويستند في ذلك إلى مؤشِّر الارتباط الإيجابي الضئيل بين ربحية رأس المال الصيني ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمعظم الفترة منذ تشكيل جمهورية الصين الشعبية، ممّا يشير إلى أنّ الصين وجَّهت استثماراتها نحو القطّاعات الأكثر تعزيزاً للإنتاجيّة حتّى لو لم تكن الأكثر ربحيّة، وهو سلوك من الصعب جداً أن تقوم به دولة خاضعة بالكامل لآليات الاقتصاد الرأسمالي، وإذا حدث واضطرت دولة رأسمالية لترجيح الإنتاجيّة على الربحية فسيكون ذلك استثنائياً وجزئيّاً ومؤقّتاً فقط. وهكذا، فإنّ ربحية رأس المال لم تكن هي المحدِّد لمستوى الاستثمار في الأصول الإنتاجية والنمو الاقتصادي خلال معجزة النمو الصينيّة قبل العام 1978. أمّا منذ إصلاحات دينغ في ثمانينيات القرن الماضي، فأصبح هناك ارتباط بين الربحية والإنتاجية في الصين، ولكن بقوة أقلّ مما هو عليه في بقية اقتصادات مجموعة العشرين أو مجموعة السبع. وبعد خصخصة الصين أجزاءً من قطّاعها الحكومي في التسعينيات وانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2000، ازداد بشكل ملحوظ تأثير مدى ربحية رأس المال على نموّ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الصين، مما جعل اقتصادها أكثر عرضة للأزمات في قطّاعه الرأسمالي ولتأثيرات رأس المال الدولي وربحيّته. ولكن بقي قانون القيمة في الصين «محاصَراً تماماً، ثم قُيّدَ وتمت السيطرة عليه لاحقاً عن طريق قطاعٍ عام كبير مملوك للدولة، وبواسطة التخطيط المركزي وسياسة الدولة» بحسب استنتاج روبرتس وكارشيدي، وسنفصّل في ذلك أكثر وبالأرقام في الجزء الثاني من هذا المقال.

لعبة Flappy Bird تعود من جديد وهذه المرة بدون Web3
لعبة Flappy Bird تعود من جديد وهذه المرة بدون Web3

VGA4A

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • VGA4A

لعبة Flappy Bird تعود من جديد وهذه المرة بدون Web3

بعد عشر سنوات من الغياب، عاد الطائر الأصفر الصغير Flappy Bird ليشق طريقه مرة أخرى إلى شاشاتنا وهذه المرة عبر متجر Epic Games لأجهزة أندرويد. اللعبة التي اجتاحت العالم في مطلع 2014 وأثارت ضجة هائلة قبل أن تزال فجأة من متجر التطبيقات تعود اليوم بصيغة جديدة تكاد تخلو من أي شعارات Web3 أو عملات رقمية. وراء إعادة اللعبة هذه المرة فريق يدعى Flappy Bird Foundation يقوده المصمم مايكل روبرتس المعروف أيضًا برئاسته لشركة 1208 Productions المتخصصة في نشر ألعاب تعتمد على تقنيات الويب اللامركزي. لكن الفريق صرح في بيان إطلاقها أن هذه النسخة ستستمر على نهج البساطة ولن تستخدم شيفرات NFTs ولا رموز مشفرة أخرى، بل نموذج تمويل تقليدي يقوم على الإعلانات داخل اللعبة. لا NFTs ولا عملات مشفرة الاعتماد على الإعلانات لتمويل التطوير والدعم المستمر الحفاظ على سهولة اللعب وروح التحدي التي جعلت اللعبة ظاهرة عام 2014 في هذا الإصدار، سيظل اللاعبون على موعد مع ضغط الأصابع بدقة لا قد تثير الأعصاب كما كانت في السابق، محاولين توجيه الطائر بين أعمدة أنابيب خضراء دون أن يصطدم فيها. والتجربة الجديدة لن تقتصر على منصة أندرويد، حيث يعمل المطورون بالفعل على نسخ خاصة للويب وسطح المكتب، فيما تلوح في الأفق نية لطرح نسخة لأجهزة iOS في وقت لاحق دون تحديد موعد رسمي بعد. للمرة الأولى منذ اختفائها، لن يكون المبتكر الأصلي الدونغ نجوين ، حاضرًا في كواليس هذا الإحياء وهو الذي أخذ قرار حذف لعبته عام 2014 بعد أن حققت ملايين التحميلات وإيرادات يومية تجاوزت عشرات الآلاف من الدولارات. الطائر الذي ارتفع يومًا إلى قمة قائمة التطبيقات يطير الآن في سماء جديدة، متمسكًا بجوهره الأصيل كلعبة بسيطة مع إدمان خالص وتجربة لا تحتاج إلى تعقيد Web3 أو رهانات مالية على مستقبل العملات الرقمية. ربما يجد محبو التحدي أنفسهم أمام إعادة اكتشاف متعة الضغط مرة أخرى، لكن هذه المرة… دون أي تعقيدات إضافية. تابعنا على مواضيع ذات صلة.. اقرأ ايضا

رسوم ترامب الجمركية: عواقب وآثار محتملة
رسوم ترامب الجمركية: عواقب وآثار محتملة

قاسيون

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • قاسيون

رسوم ترامب الجمركية: عواقب وآثار محتملة

ترجمة: قاسيون في الرابع من نيسان كتب الخبير الاقتصادي الماركسي، مايكل روبرتس في مدوّنته «الركود التالي» تلخيصاً للتأثيرات المتوقّعة للرسوم الجمركية الأمريكية هذه. وقبل أن نوردها سنذكُر أولاً لمحة عن نسبها وردود الفعل الأولية للبورصات العالمية عليها. بدأ تطبيق رسوم ترامب التجارية بعد إعلانها بشكل شبه فوري، بدءاً بنسبة 25% على السيارات المستوردة من خارج الولايات المتحدة اعتباراً من 4 نيسان الجاري. وسبق لترامب فرض رسوم جمركية خلال ولايته الأولى (مثل 25% على الصلب و10% على الألومنيوم في 2018). وفي شباط 2025، بدأ توسيع نطاق الرسوم ليشمل كندا والمكسيك والصين، قبل تعميمها عالمياً في نيسان. خسائر البورصات الأمريكية والعالمية في الأسواق الأمريكية: كانت الأسهم التكنولوجية الأكثر تضرراً بسبب اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية، حيث خسرت آبل وتسلا ونفيديا أكثر من 7% في يوم واحد. وانخفض سعر خام برنت إلى 65 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ 2021. وخسر مؤشر S&P500 نحو 6% في يوم واحد (5 نيسان)، وإجمالي الخسائر في يومين 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية، وهو أسوأ أداء منذ آذار 2020 أثناء جائحة كوفيد-19. وانخفض مؤشر داو جونز 5.5% (نحو 2,200 نقطة) في 5 نيسان، ليصل إجمالي خسائر الأسبوع إلى 9.1%. ودخل ناسداك في سوق هابطة (Bear Market) بعد انخفاضه 20% عن ذروته في كانون الأول 2024. وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول من أنّ الرسوم قد ترفع التضخم وتُبطئ النمو. وتوقَّع محلّلو JPMorgan احتمال 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود عام 2025. تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 2.75%. ووصف رئيس الوزراء الياباني الرسوم بأنها «أزمة وطنية». وخسرت بورصات كوريا الجنوبية وأستراليا بنحو 0.86% و2.44% على التوالي. انخفضت البورصات الأوروبية بنسب تتراوح بين 0.7% و5.12%، مع تسجيل مؤشر STOXX600 أكبر خسارة يومية منذ 2020. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى ردّ موحَّد ووقف مؤقَّت للاستثمارات في الولايات المتحدة. في الصين: أغلقت الأسواق بسبب عطلة رسمية، لكن اتبعت الصين سياسة «العين بالعين» فأعلنت فرض رسوم مضادة بنسبة 34% على الواردات الأمريكية بدءاً من 10 نيسان، وقدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية. وارتفع الذهب إلى مستويات قياسية كملاذ آمن، متجاوزاً 3,130 دولاراً للأونصة قبل تراجع طفيف. الجَمرَكة الأعلى منذ 130 عاماً بحسب مقال مايكل روبرتس، يتمثل التأثير العام لزيادة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في رفع متوسط معدل التعرفة الجمركية على الواردات الأمريكية من السلع إلى 26%، وهو أعلى مستوى خلال 130 عاماً. لا تتعلق الصيغة المستخدمة لتحديد الرسوم الجمركية على كل دولة تصدّر إلى الولايات المتحدة بأيّ ضرائب غير عادلة أو دعم أو حواجز غير جمركية تفرضها تلك الدول على الصادرات الأمريكية، بل إنها تتبع صيغة بسيطة: وهي حجم العجز التجاري الأمريكي مع كل دولة مقسوماً على حجم الواردات الأمريكية من تلك الدولة، ثم يُقسم الناتج على اثنين. مثلاً: لدى أمريكا عجز بقيمة 123 مليار دولار مع فيتنام التي تستورد منها سلعاً بقيمة 137 مليار دولار. ولذلك، تُعتبر أن لديها حواجز تجارية تعادل تعرفة استيراد بنسبة 90%. تطبق الصيغة الأمريكية رسوماً جمركية مقابلة تعادل نصف تلك النسبة «45%»، بهدف تقليص العجز الثنائي إلى النصف. المشكلة: فيتنام لا تفرض تعرفة جمركية بنسبة 90% على الصادرات الأمريكية، وبالتالي لا يمكنها تجنّب خفض مبيعاتها إلى الولايات المتحدة بمجرد الموافقة على تقليص «رسومها الجمركية» على الصادرات الأمريكية. ستترك هذه الإجراءات أثراً كبيراً في دول الجنوب العالمي. تطال بعض أعلى نسب الرسوم الجمركية دولاً نامية منخفضة الدخل في جنوب وجنوب شرق آسيا مثل كمبوديا أو سريلانكا. تطبّق رسوم ترامب الجمركية فقط على واردات السلع، وليس على الخدمات. لدى الولايات المتحدة عجز في السلع مع دول الاتحاد الأوروبي، ولهذا فرض ترامب رسوماً بنسبة 20% على تلك الواردات. لكن لم تُتخذ أية إجراءات ضد قطاع الخدمات «الذي يمثل نحو 20% من إجمالي التجارة العالمية». يحقق الاتحاد الأوروبي فائضاً في السلع مع الولايات المتحدة، لكنه يواجه عجزاً كبيراً في قطاع الخدمات «المصرفية، التأمين، الخدمات المهنية، البرمجيات، الاتصالات الرقمية، إلخ» مع الولايات المتحدة. ولو أُدرجت الخدمات في الحسابات، لاختفى العجز الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي تقريباً. تُفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الدول، حتى تلك التي لديها عجز في تجارة السلع مع الولايات المتحدة. ينطبق ذلك أيضاً على دول لا توجد لها أية علاقات تجارية مع الولايات المتحدة، وليس فيها سكّان (كالقارة القطبية الجنوبية). مثلاً تبلغ الرسوم الجمركية على المملكة المتحدة 10%. وبالتالي، رغم أن تجارة السلع البريطانية متوازنة تقريباً مع الولايات المتحدة «58 مليار دولار مقابل 56 مليار دولار»، إلا أنّ صادراتها إلى الولايات المتحدة ستتأثر سلباً لكون هذه الأخيرة الشريك التجاري الأكبر لها. ولو طُبقت صيغة ترامب للسلع على المملكة المتحدة، لما كان هناك أي رسوم على وارداتها. لكن في المقابل، لو أُدرجت تجارة الخدمات في المعادلة، لبلغت الرسوم على الواردات من المملكة المتحدة 20%! وتقدّر شركة مورغان ستانلي أنّ النظام الجمركي الجديد قد يقلّص النمو البريطاني بنسبة تصل إلى 0.6 نقطة مئوية «علماً أن النمو البريطاني يقارب الصفر أساساً». أضرار على صناعة الأمريكيين ومعيشتهم ستؤدّي الرسوم الجمركية إلى زيادة كبيرة في الأسعار، وسيتحمل المستهلك الأمريكي العبء الأكبر، وخاصة في مجموعة واسعة من الأغذية الأساسية والسلع الضرورية التي لا يمكن إنتاجها محلياً. الأسر الفقيرة ستعاني التأثير الأكبر. كما ستعاني الصناعة الأمريكية من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات الأساسية، وهو ما سيفوق بكثير أية فوائد هامشية ناتجة عن انخفاض المنافسة الأجنبية. مثال آخر: قد تؤدي الرسوم الجمركية بنسبة 54% على الصين إلى انخفاض في الواردات بقيمة 507 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة صادرات الصين أساساً إلى أمريكا 510 مليارات دولار. ستؤدي رسوم ترامب على الصين إلى تقليص الواردات الأمريكية بنحو 20%. وهذا من شأنه أن يُحدث «صدمة عرض» مشابهة لما جرى خلال فترة جائحة كوفيد، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي و/أو تضخم في الولايات المتحدة. ستؤدي الإجراءات الانتقامية من الدول الأخرى إلى انخفاض في الصادرات الأمريكية. ففي ثلاثينيات القرن الماضي، وبعد فرض رسوم «سموت-هاولي» الجمركية، أدت الردود الانتقامية إلى تراجع الصادرات الأمريكية بنسبة 33%، وإلى تدهور في التجارة الدولية عُرف باسم «دوامة كيندلبرغر»: وهي دورة تبدأ فيها الرسوم الجمركية بتقليص التجارة، ثم تؤدي الردود الانتقامية إلى مزيد من الانخفاض، ثم تتوالى الإجراءات الانتقامية، ثم تظهر الآثار الأولية على الناتج، ثم الآثار الثانوية، تليها المزيد من الرسوم والانتقام، حتى انهارت التجارة العالمية من 3 مليارات دولار في كانون الثاني 1929 إلى مليار واحد في آذار 1933. ستضرب حرب تجارية قائمة على الرسوم الجمركية الاقتصاد الأمريكي بشكل أشد من أزمة «سموت-هاولي»، لأن التجارة حالياً تمثل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1929، حيث شكلت 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 مقارنةً بنحو 6% في 1929. قد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة هذا العام بما يتراوح بين 1.5 إلى 2 نقطة مئوية، وقد يصل التضخم إلى نحو 5% إذا لم يتم التراجع عن هذه الرسوم قريباً «وفقاً لتوقعات UBS». سيؤدي تباطؤ نمو التجارة نتيجة الرسوم الجمركية إلى انخفاض في تدفقات رؤوس الأموال الدولية، مما سيُضعف الاستثمارات والنمو الاقتصادي على مستوى العالم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store