
رسوم ترامب الجمركية: عواقب وآثار محتملة
ترجمة: قاسيون
في الرابع من نيسان كتب الخبير الاقتصادي الماركسي، مايكل روبرتس في مدوّنته «الركود التالي» تلخيصاً للتأثيرات المتوقّعة للرسوم الجمركية الأمريكية هذه. وقبل أن نوردها سنذكُر أولاً لمحة عن نسبها وردود الفعل الأولية للبورصات العالمية عليها.
بدأ تطبيق رسوم ترامب التجارية بعد إعلانها بشكل شبه فوري، بدءاً بنسبة 25% على السيارات المستوردة من خارج الولايات المتحدة اعتباراً من 4 نيسان الجاري. وسبق لترامب فرض رسوم جمركية خلال ولايته الأولى (مثل 25% على الصلب و10% على الألومنيوم في 2018).
وفي شباط 2025، بدأ توسيع نطاق الرسوم ليشمل كندا والمكسيك والصين، قبل تعميمها عالمياً في نيسان.
خسائر البورصات الأمريكية والعالمية
في الأسواق الأمريكية: كانت الأسهم التكنولوجية الأكثر تضرراً بسبب اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية، حيث خسرت آبل وتسلا ونفيديا أكثر من 7% في يوم واحد. وانخفض سعر خام برنت إلى 65 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ 2021. وخسر مؤشر S&P500 نحو 6% في يوم واحد (5 نيسان)، وإجمالي الخسائر في يومين 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية، وهو أسوأ أداء منذ آذار 2020 أثناء جائحة كوفيد-19. وانخفض مؤشر داو جونز 5.5% (نحو 2,200 نقطة) في 5 نيسان، ليصل إجمالي خسائر الأسبوع إلى 9.1%. ودخل ناسداك في سوق هابطة (Bear Market) بعد انخفاضه 20% عن ذروته في كانون الأول 2024. وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول من أنّ الرسوم قد ترفع التضخم وتُبطئ النمو. وتوقَّع محلّلو JPMorgan احتمال 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود عام 2025.
تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 2.75%. ووصف رئيس الوزراء الياباني الرسوم بأنها «أزمة وطنية».
وخسرت بورصات كوريا الجنوبية وأستراليا بنحو 0.86% و2.44% على التوالي.
انخفضت البورصات الأوروبية بنسب تتراوح بين 0.7% و5.12%، مع تسجيل مؤشر STOXX600 أكبر خسارة يومية منذ 2020. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى ردّ موحَّد ووقف مؤقَّت للاستثمارات في الولايات المتحدة.
في الصين: أغلقت الأسواق بسبب عطلة رسمية، لكن اتبعت الصين سياسة «العين بالعين» فأعلنت فرض رسوم مضادة بنسبة 34% على الواردات الأمريكية بدءاً من 10 نيسان، وقدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية.
وارتفع الذهب إلى مستويات قياسية كملاذ آمن، متجاوزاً 3,130 دولاراً للأونصة قبل تراجع طفيف.
الجَمرَكة الأعلى منذ 130 عاماً
بحسب مقال مايكل روبرتس، يتمثل التأثير العام لزيادة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في رفع متوسط معدل التعرفة الجمركية على الواردات الأمريكية من السلع إلى 26%، وهو أعلى مستوى خلال 130 عاماً.
لا تتعلق الصيغة المستخدمة لتحديد الرسوم الجمركية على كل دولة تصدّر إلى الولايات المتحدة بأيّ ضرائب غير عادلة أو دعم أو حواجز غير جمركية تفرضها تلك الدول على الصادرات الأمريكية، بل إنها تتبع صيغة بسيطة: وهي حجم العجز التجاري الأمريكي مع كل دولة مقسوماً على حجم الواردات الأمريكية من تلك الدولة، ثم يُقسم الناتج على اثنين.
مثلاً: لدى أمريكا عجز بقيمة 123 مليار دولار مع فيتنام التي تستورد منها سلعاً بقيمة 137 مليار دولار. ولذلك، تُعتبر أن لديها حواجز تجارية تعادل تعرفة استيراد بنسبة 90%. تطبق الصيغة الأمريكية رسوماً جمركية مقابلة تعادل نصف تلك النسبة «45%»، بهدف تقليص العجز الثنائي إلى النصف. المشكلة: فيتنام لا تفرض تعرفة جمركية بنسبة 90% على الصادرات الأمريكية، وبالتالي لا يمكنها تجنّب خفض مبيعاتها إلى الولايات المتحدة بمجرد الموافقة على تقليص «رسومها الجمركية» على الصادرات الأمريكية.
ستترك هذه الإجراءات أثراً كبيراً في دول الجنوب العالمي. تطال بعض أعلى نسب الرسوم الجمركية دولاً نامية منخفضة الدخل في جنوب وجنوب شرق آسيا مثل كمبوديا أو سريلانكا. تطبّق رسوم ترامب الجمركية فقط على واردات السلع، وليس على الخدمات. لدى الولايات المتحدة عجز في السلع مع دول الاتحاد الأوروبي، ولهذا فرض ترامب رسوماً بنسبة 20% على تلك الواردات. لكن لم تُتخذ أية إجراءات ضد قطاع الخدمات «الذي يمثل نحو 20% من إجمالي التجارة العالمية».
يحقق الاتحاد الأوروبي فائضاً في السلع مع الولايات المتحدة، لكنه يواجه عجزاً كبيراً في قطاع الخدمات «المصرفية، التأمين، الخدمات المهنية، البرمجيات، الاتصالات الرقمية، إلخ» مع الولايات المتحدة. ولو أُدرجت الخدمات في الحسابات، لاختفى العجز الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي تقريباً.
تُفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الدول، حتى تلك التي لديها عجز في تجارة السلع مع الولايات المتحدة. ينطبق ذلك أيضاً على دول لا توجد لها أية علاقات تجارية مع الولايات المتحدة، وليس فيها سكّان (كالقارة القطبية الجنوبية). مثلاً تبلغ الرسوم الجمركية على المملكة المتحدة 10%. وبالتالي، رغم أن تجارة السلع البريطانية متوازنة تقريباً مع الولايات المتحدة «58 مليار دولار مقابل 56 مليار دولار»، إلا أنّ صادراتها إلى الولايات المتحدة ستتأثر سلباً لكون هذه الأخيرة الشريك التجاري الأكبر لها. ولو طُبقت صيغة ترامب للسلع على المملكة المتحدة، لما كان هناك أي رسوم على وارداتها. لكن في المقابل، لو أُدرجت تجارة الخدمات في المعادلة، لبلغت الرسوم على الواردات من المملكة المتحدة 20%! وتقدّر شركة مورغان ستانلي أنّ النظام الجمركي الجديد قد يقلّص النمو البريطاني بنسبة تصل إلى 0.6 نقطة مئوية «علماً أن النمو البريطاني يقارب الصفر أساساً».
أضرار على صناعة الأمريكيين ومعيشتهم
ستؤدّي الرسوم الجمركية إلى زيادة كبيرة في الأسعار، وسيتحمل المستهلك الأمريكي العبء الأكبر، وخاصة في مجموعة واسعة من الأغذية الأساسية والسلع الضرورية التي لا يمكن إنتاجها محلياً. الأسر الفقيرة ستعاني التأثير الأكبر. كما ستعاني الصناعة الأمريكية من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات الأساسية، وهو ما سيفوق بكثير أية فوائد هامشية ناتجة عن انخفاض المنافسة الأجنبية.
مثال آخر: قد تؤدي الرسوم الجمركية بنسبة 54% على الصين إلى انخفاض في الواردات بقيمة 507 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة صادرات الصين أساساً إلى أمريكا 510 مليارات دولار. ستؤدي رسوم ترامب على الصين إلى تقليص الواردات الأمريكية بنحو 20%. وهذا من شأنه أن يُحدث «صدمة عرض» مشابهة لما جرى خلال فترة جائحة كوفيد، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي و/أو تضخم في الولايات المتحدة.
ستؤدي الإجراءات الانتقامية من الدول الأخرى إلى انخفاض في الصادرات الأمريكية. ففي ثلاثينيات القرن الماضي، وبعد فرض رسوم «سموت-هاولي» الجمركية، أدت الردود الانتقامية إلى تراجع الصادرات الأمريكية بنسبة 33%، وإلى تدهور في التجارة الدولية عُرف باسم «دوامة كيندلبرغر»: وهي دورة تبدأ فيها الرسوم الجمركية بتقليص التجارة، ثم تؤدي الردود الانتقامية إلى مزيد من الانخفاض، ثم تتوالى الإجراءات الانتقامية، ثم تظهر الآثار الأولية على الناتج، ثم الآثار الثانوية، تليها المزيد من الرسوم والانتقام، حتى انهارت التجارة العالمية من 3 مليارات دولار في كانون الثاني 1929 إلى مليار واحد في آذار 1933.
ستضرب حرب تجارية قائمة على الرسوم الجمركية الاقتصاد الأمريكي بشكل أشد من أزمة «سموت-هاولي»، لأن التجارة حالياً تمثل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1929، حيث شكلت 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 مقارنةً بنحو 6% في 1929.
قد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة هذا العام بما يتراوح بين 1.5 إلى 2 نقطة مئوية، وقد يصل التضخم إلى نحو 5% إذا لم يتم التراجع عن هذه الرسوم قريباً «وفقاً لتوقعات UBS».
سيؤدي تباطؤ نمو التجارة نتيجة الرسوم الجمركية إلى انخفاض في تدفقات رؤوس الأموال الدولية، مما سيُضعف الاستثمارات والنمو الاقتصادي على مستوى العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 32 دقائق
- أرقام
سهم آبل ينخفض 4% عقب تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية
تراجع سهم "آبل" خلال تعاملات الجمعة، بعدما صرح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بأنه يجب على شركة التكنولوجيا دفع رسوم جمركية بنسبة 25% على الأقل ما لم تتجه إلى تصنيع جوالات "آيفون" داخل الولايات المتحدة. وانخفض السهم بنسبة 2.75% إلى 195.81 دولار في تمام الساعة 04:54 مساءً بتوقيت مكة المكرمة، مقلصًا خسائره بعدما تراجع بنسبة 4% في وقت سابق. وقال "ترامب" في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" اليوم: "أبلغت "تيم كوك" منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن تُصنع جوالات الآيفون التي ستباع في أمريكا هنا في بلدنا وليس في الهند أو أي مكان آخر، وإلا فيجب أن تدفع 'آبل' رسومًا جمركية لا تقل عن 25%". وفي ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قبل التوصل إلى الهدنة المؤقتة في وقت سابق هذا الشهر، اتجهت "آبل" إلى تنويع سلاسل توريدها عبر تعزيز عمليات التصنيع في الهند وفيتنام، تجنبًا للرسوم الجمركية المرتفعة على بكين. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، "تيم كوك"، في حدث للإعلان عن النتائج المالية هذا الشهر، إن جميع منتجات "آبل" في الولايات المتحدة سيتم استيرادها من فيتنام، في حين ستكون الصين مقر عمليات تصنيع الأجهزة المباعة خارج أمريكا.


الوئام
منذ 34 دقائق
- الوئام
هل تنهار العلاقة الأطول؟.. كندا تتحدى سياسات ترمب الحمائية
خاص – الوئام في ظل التوترات المتصاعدة بين واشنطن وأوتاوا، وفي وقت تتداعى فيه أسس النظام التجاري الغربي بسبب سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الحمائية، اجتمع مسؤولون أمريكيون وكنديون في محاولة لإعادة الاستقرار إلى العلاقات الثنائية التي طالما شكلت حجر زاوية في الاقتصادين. اللقاءات الجانبية ضمن قمة مجموعة السبع في بانف بكندا تعكس أهمية اللحظة ومحاولة احتواء التصعيد قبل أن يتحول إلى أزمة استراتيجية طويلة الأمد. محاولة لخفض التوتر على هامش قمة مجموعة السبع في بانف، التقى وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان لمناقشة التوترات التجارية المستمرة. ورغم التكتم على تفاصيل المحادثات، وصف شامبان اللقاء بالإيجابي، مشيرًا إلى 'تقدم ملموس وإحساس بالوحدة' بين دول المجموعة. من جانبه، صرّح بيسنت بأن اليوم كان 'مثمرًا جدًا'. اتفاق اقتصادي وأمني جديد في الوقت ذاته، كان الوزير الكندي المكلّف بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، دومينيك لوبلان، يجتمع مع مسؤولين من إدارة ترمب في واشنطن لبحث اتفاق اقتصادي وأمني جديد. وشدد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في أوتاوا على أن حكومته 'لن تتعجل لكنها مصممة على تحقيق أفضل صفقة لكندا. قمة السبع تبحث الاستقرار العالمي تركز اجتماعات مجموعة السبع على تنسيق الجهود بين الاقتصادات الغربية الكبرى لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي. غير أن السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها ترمب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من الحلفاء، أثارت مخاوف في الأسواق المالية، ودفعت الشركات لتقليص استثماراتها وخطط التوظيف. وتشهد العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة توترًا مستمرًا منذ أشهر. بينما تحتفظ واشنطن بتعريفات بنسبة 25% على سلع لا تدخل ضمن اتفاق التجارة الأمريكي المكسيكي الكندي، ردّت كندا بتعريفات انتقامية على واردات أمريكية بقيمة 43 مليار دولار. ومع ذلك، منحت أوتاوا إعفاءات مؤقتة لقطاعات السيارات والصناعات التحويلية لتسهيل التحول نحو مورّدين جدد. لا اتفاقات جديدة أفادت مصادر مطلعة أنه لا توجد خطط أمريكية حالية للإعلان عن اتفاقيات تجارية جديدة مع بقية دول مجموعة السبع عند اختتام القمة المالية. لكن اللقاء الثنائي بين بيسنت وشامبان يشير إلى سعي حثيث من قبل الطرفين لتجنب تصعيد إضافي. وسط هذه الأجواء، حذّر كارني من أن نمط العلاقات الاقتصادية التقليدية بين كندا والولايات المتحدة، وخصوصًا سلاسل التوريد المتكاملة، قد أصبح شيئًا من الماضي. واعتبر شامبان، في مداخلته الافتتاحية بالقمة، أن التجارة الحرة والعادلة أمر أساسي لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي، رغم اعترافه بأن سياسات الرسوم الأمريكية تخلق توترات داخل المجموعة. التأثيرات الاقتصادية تشير البيانات الأولية إلى أن الاقتصاد الكندي بدأ يعاني من آثار السياسات التجارية الأمريكية، لاسيما الرسوم الجمركية على السيارات والفولاذ والألمنيوم. هذا التأثير بات ملموسًا في سوق العمل الكندية، في ظل اعتماد البلاد على السوق الأمريكية التي تشكل نحو خُمس الناتج المحلي الكندي.


شبكة عيون
منذ 36 دقائق
- شبكة عيون
ترامب يطالب بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو 2025
★ ★ ★ ★ ★ مباشر: أوصى الرئيس الأمريكي دونالد رامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على دول الاتحاد الأوروبي، وذلك بدءا من يونيو المقبل. وقال ترامب في منشور على "تروث سوشيال" إن الاتحاد الأوروبي، الذي تم تشكيله أساسًا للاستفادة من الولايات المتحدة في التجارة، كان من الصعب التعامل معه. وأشار ترامب إلى أن العجز التجاري مع الاتحاد يتجاوز 250 مليار دولار سنويًا وهو رقم غير مقبول. وأضاف أن المناقشات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لا تحقق أي نتائج. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات هل خالف "المركزي" المصري توصيات صندوق النقد بخفض أسعار الفائدة؟ توجيهات وزارية بشأن مصانع "النحاس المصرية"