أحدث الأخبار مع #قاسيون


قاسيون
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- قاسيون
الإصدار الخاص من قاسيون: من الجلاء... ونحو الاستقلال الكامل
سياسة صدر بتاريخ 17-نيسان-2025 الإصدار الخاص من جريدة قاسيون وفيه المقالات التالية ويمكنكم تحميل الإصدار بصيغة PDF عن طريق الملحقات في الأسفل


قاسيون
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- قاسيون
رسوم ترامب الجمركية: عواقب وآثار محتملة
ترجمة: قاسيون في الرابع من نيسان كتب الخبير الاقتصادي الماركسي، مايكل روبرتس في مدوّنته «الركود التالي» تلخيصاً للتأثيرات المتوقّعة للرسوم الجمركية الأمريكية هذه. وقبل أن نوردها سنذكُر أولاً لمحة عن نسبها وردود الفعل الأولية للبورصات العالمية عليها. بدأ تطبيق رسوم ترامب التجارية بعد إعلانها بشكل شبه فوري، بدءاً بنسبة 25% على السيارات المستوردة من خارج الولايات المتحدة اعتباراً من 4 نيسان الجاري. وسبق لترامب فرض رسوم جمركية خلال ولايته الأولى (مثل 25% على الصلب و10% على الألومنيوم في 2018). وفي شباط 2025، بدأ توسيع نطاق الرسوم ليشمل كندا والمكسيك والصين، قبل تعميمها عالمياً في نيسان. خسائر البورصات الأمريكية والعالمية في الأسواق الأمريكية: كانت الأسهم التكنولوجية الأكثر تضرراً بسبب اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية، حيث خسرت آبل وتسلا ونفيديا أكثر من 7% في يوم واحد. وانخفض سعر خام برنت إلى 65 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ 2021. وخسر مؤشر S&P500 نحو 6% في يوم واحد (5 نيسان)، وإجمالي الخسائر في يومين 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية، وهو أسوأ أداء منذ آذار 2020 أثناء جائحة كوفيد-19. وانخفض مؤشر داو جونز 5.5% (نحو 2,200 نقطة) في 5 نيسان، ليصل إجمالي خسائر الأسبوع إلى 9.1%. ودخل ناسداك في سوق هابطة (Bear Market) بعد انخفاضه 20% عن ذروته في كانون الأول 2024. وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول من أنّ الرسوم قد ترفع التضخم وتُبطئ النمو. وتوقَّع محلّلو JPMorgan احتمال 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود عام 2025. تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 2.75%. ووصف رئيس الوزراء الياباني الرسوم بأنها «أزمة وطنية». وخسرت بورصات كوريا الجنوبية وأستراليا بنحو 0.86% و2.44% على التوالي. انخفضت البورصات الأوروبية بنسب تتراوح بين 0.7% و5.12%، مع تسجيل مؤشر STOXX600 أكبر خسارة يومية منذ 2020. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى ردّ موحَّد ووقف مؤقَّت للاستثمارات في الولايات المتحدة. في الصين: أغلقت الأسواق بسبب عطلة رسمية، لكن اتبعت الصين سياسة «العين بالعين» فأعلنت فرض رسوم مضادة بنسبة 34% على الواردات الأمريكية بدءاً من 10 نيسان، وقدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية. وارتفع الذهب إلى مستويات قياسية كملاذ آمن، متجاوزاً 3,130 دولاراً للأونصة قبل تراجع طفيف. الجَمرَكة الأعلى منذ 130 عاماً بحسب مقال مايكل روبرتس، يتمثل التأثير العام لزيادة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في رفع متوسط معدل التعرفة الجمركية على الواردات الأمريكية من السلع إلى 26%، وهو أعلى مستوى خلال 130 عاماً. لا تتعلق الصيغة المستخدمة لتحديد الرسوم الجمركية على كل دولة تصدّر إلى الولايات المتحدة بأيّ ضرائب غير عادلة أو دعم أو حواجز غير جمركية تفرضها تلك الدول على الصادرات الأمريكية، بل إنها تتبع صيغة بسيطة: وهي حجم العجز التجاري الأمريكي مع كل دولة مقسوماً على حجم الواردات الأمريكية من تلك الدولة، ثم يُقسم الناتج على اثنين. مثلاً: لدى أمريكا عجز بقيمة 123 مليار دولار مع فيتنام التي تستورد منها سلعاً بقيمة 137 مليار دولار. ولذلك، تُعتبر أن لديها حواجز تجارية تعادل تعرفة استيراد بنسبة 90%. تطبق الصيغة الأمريكية رسوماً جمركية مقابلة تعادل نصف تلك النسبة «45%»، بهدف تقليص العجز الثنائي إلى النصف. المشكلة: فيتنام لا تفرض تعرفة جمركية بنسبة 90% على الصادرات الأمريكية، وبالتالي لا يمكنها تجنّب خفض مبيعاتها إلى الولايات المتحدة بمجرد الموافقة على تقليص «رسومها الجمركية» على الصادرات الأمريكية. ستترك هذه الإجراءات أثراً كبيراً في دول الجنوب العالمي. تطال بعض أعلى نسب الرسوم الجمركية دولاً نامية منخفضة الدخل في جنوب وجنوب شرق آسيا مثل كمبوديا أو سريلانكا. تطبّق رسوم ترامب الجمركية فقط على واردات السلع، وليس على الخدمات. لدى الولايات المتحدة عجز في السلع مع دول الاتحاد الأوروبي، ولهذا فرض ترامب رسوماً بنسبة 20% على تلك الواردات. لكن لم تُتخذ أية إجراءات ضد قطاع الخدمات «الذي يمثل نحو 20% من إجمالي التجارة العالمية». يحقق الاتحاد الأوروبي فائضاً في السلع مع الولايات المتحدة، لكنه يواجه عجزاً كبيراً في قطاع الخدمات «المصرفية، التأمين، الخدمات المهنية، البرمجيات، الاتصالات الرقمية، إلخ» مع الولايات المتحدة. ولو أُدرجت الخدمات في الحسابات، لاختفى العجز الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي تقريباً. تُفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الدول، حتى تلك التي لديها عجز في تجارة السلع مع الولايات المتحدة. ينطبق ذلك أيضاً على دول لا توجد لها أية علاقات تجارية مع الولايات المتحدة، وليس فيها سكّان (كالقارة القطبية الجنوبية). مثلاً تبلغ الرسوم الجمركية على المملكة المتحدة 10%. وبالتالي، رغم أن تجارة السلع البريطانية متوازنة تقريباً مع الولايات المتحدة «58 مليار دولار مقابل 56 مليار دولار»، إلا أنّ صادراتها إلى الولايات المتحدة ستتأثر سلباً لكون هذه الأخيرة الشريك التجاري الأكبر لها. ولو طُبقت صيغة ترامب للسلع على المملكة المتحدة، لما كان هناك أي رسوم على وارداتها. لكن في المقابل، لو أُدرجت تجارة الخدمات في المعادلة، لبلغت الرسوم على الواردات من المملكة المتحدة 20%! وتقدّر شركة مورغان ستانلي أنّ النظام الجمركي الجديد قد يقلّص النمو البريطاني بنسبة تصل إلى 0.6 نقطة مئوية «علماً أن النمو البريطاني يقارب الصفر أساساً». أضرار على صناعة الأمريكيين ومعيشتهم ستؤدّي الرسوم الجمركية إلى زيادة كبيرة في الأسعار، وسيتحمل المستهلك الأمريكي العبء الأكبر، وخاصة في مجموعة واسعة من الأغذية الأساسية والسلع الضرورية التي لا يمكن إنتاجها محلياً. الأسر الفقيرة ستعاني التأثير الأكبر. كما ستعاني الصناعة الأمريكية من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات الأساسية، وهو ما سيفوق بكثير أية فوائد هامشية ناتجة عن انخفاض المنافسة الأجنبية. مثال آخر: قد تؤدي الرسوم الجمركية بنسبة 54% على الصين إلى انخفاض في الواردات بقيمة 507 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة صادرات الصين أساساً إلى أمريكا 510 مليارات دولار. ستؤدي رسوم ترامب على الصين إلى تقليص الواردات الأمريكية بنحو 20%. وهذا من شأنه أن يُحدث «صدمة عرض» مشابهة لما جرى خلال فترة جائحة كوفيد، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي و/أو تضخم في الولايات المتحدة. ستؤدي الإجراءات الانتقامية من الدول الأخرى إلى انخفاض في الصادرات الأمريكية. ففي ثلاثينيات القرن الماضي، وبعد فرض رسوم «سموت-هاولي» الجمركية، أدت الردود الانتقامية إلى تراجع الصادرات الأمريكية بنسبة 33%، وإلى تدهور في التجارة الدولية عُرف باسم «دوامة كيندلبرغر»: وهي دورة تبدأ فيها الرسوم الجمركية بتقليص التجارة، ثم تؤدي الردود الانتقامية إلى مزيد من الانخفاض، ثم تتوالى الإجراءات الانتقامية، ثم تظهر الآثار الأولية على الناتج، ثم الآثار الثانوية، تليها المزيد من الرسوم والانتقام، حتى انهارت التجارة العالمية من 3 مليارات دولار في كانون الثاني 1929 إلى مليار واحد في آذار 1933. ستضرب حرب تجارية قائمة على الرسوم الجمركية الاقتصاد الأمريكي بشكل أشد من أزمة «سموت-هاولي»، لأن التجارة حالياً تمثل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1929، حيث شكلت 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 مقارنةً بنحو 6% في 1929. قد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة هذا العام بما يتراوح بين 1.5 إلى 2 نقطة مئوية، وقد يصل التضخم إلى نحو 5% إذا لم يتم التراجع عن هذه الرسوم قريباً «وفقاً لتوقعات UBS». سيؤدي تباطؤ نمو التجارة نتيجة الرسوم الجمركية إلى انخفاض في تدفقات رؤوس الأموال الدولية، مما سيُضعف الاستثمارات والنمو الاقتصادي على مستوى العالم.


قاسيون
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- قاسيون
التحوُّل الكبير في سوق تخزين البيانات: هواوي تتصدَّر والبقية خارج الحلبة
ترجمة: قاسيون حين تُقرِّر إحدى أكبر شركات الاتصالات في الصين –تشاينا موبايل– أن تُقصي جميع المنافسين وتمنح عقداً ضخماً لمورِّد وحيد، فإنَّ القصة لا تتعلّق بمناقصة فقط، بل تكشف تحوّلاً عميقاً في موازين القوة داخل سوق التكنولوجيا العالمي؛ من الطفرة التقنية إلى التخطيط الاستراتيجي، ومن التخلص من التبعية إلى بناء نظرية تقنية مستقلة. يكشف هذا المقال خفايا الهيمنة الجديدة لـ«هواوي» على هذا القطاع، مدعومة بثقافة تنظيمية حاسمة، وإرث من الجرأة في اتخاذ القرار. أعلنت مؤخراً شبكة الشراء والمناقصات التابعة لشركة تشاينا موبايل رسمياً عن إعلان معلومات الشراء لمشروع الشراء المركزي لمنتجات التخزين الكامل الفلاش للفترة من عام 2025 حتى 2027. وبخلاف ما جاء في إعلان المناقصة الذي نُشر مطلع الشهر الماضي، والذي كان من المخطط فيه استخدام مناقصة قائمة على الحصص بمشاركة 2 إلى 3 مقدّمين للعطاءات، اختارت شركة تشاينا موبايل في النهاية شراء ملحقات التخزين Storage Accessories من مصدر وحيد، لتصبح «هواوي» المورد الوحيد. هذا القرار كان متوقعاً من جهة، ومفاجئاً من جهة أخرى. فهو مفاجئ، لأن التحول من مناقصة قائمة على الحصص إلى مفاوضات تنافسية أو شراء من مصدر وحيد، يُعد أمراً غير شائع في مناقصات مشغلي الاتصالات، كما أن غياب الشركات الكبرى المصنعة لمنتجات التخزين مثل Inspur وSugon لا يزال غير مبرر. وما يثير الاهتمام هو أن «هواوي» حصلت في النهاية على طلب يشمل 2360 وحدة من ملحقات التخزين الكامل الفلاش، وهو رقم يتوافق تقريباً مع نسبة 70% من العدد الأصلي البالغ 3172 وحدة، دون أن يشمل هذا الطلب 305 أنظمة تخزين متكاملة Complete Storage Systems كانت مذكورة في المناقصة الأصلية. «هواوي» تُعتبر حالياً بلا منازع «اللاعب الأول» في سوق التخزين التجاري الكامل الفلاش على مستوى العالم. بحسب بيانات شركة Gartner، وتجاوزت «هواوي» بالفعل شركتي Dell EMC وNetApp في الربع الثالث من عام 2023، لتصبح أكبر شركة منتجة لمنتجات التخزين التجاري الكامل الفلاش في العالم. أما محلياً، فإن عملية التحول نحو منتجات التخزين الكامل الفلاش تتسارع بوتيرة مشابهة. فعلى سبيل المثال، تواجه شركات الاتصالات ضغطاً هائلاً في توسيع قدراتها التخزينية، خصوصاً مع النمو السريع في تخزين البيانات غير المُهَيكلة Unstructured Data، بينما تعاني حلول التخزين التقليدية من ارتفاع التكاليف، وضعف القدرة على التوسعة، وتعقيد في الصيانة والتشغيل. ولهذا، فإن مشغلي الاتصالات من جهة يعتمدون بشكل كبير على منتجات التخزين الموزع المرنة والمنخفضة التكلفة في بناء البنية التحتية السحابية، ومن جهة أخرى، أصبحت أنظمة التخزين الكامل الفلاش عالية الأداء تحل بسرعة محل مصفوفات الأقراص التقليدية في الأنظمة الأساسية التي تتطلب النسخ الاحتياطي عن بُعد والتعافي من الكوارث Disaster Recovery. في السوق المتوسطة والعليا، لا تزال «هواوي» تواصل ترسيخ تأثيرها كعلامة تجارية. فوفقاً لأحدث بحوث Gartner، يفضل عملاء سوق التخزين التجاري حول العالم شركة «هواوي» الصاعدة مقارنةً بالمورِّدين القدامى مثل Dell، كما أصبحت «هواوي» الخيار الأول في المناقصات الخاصة بأنظمة التخزين الأساسية في القطاعات الحساسة مثل المالية والاتصالات داخل الصين. وفي الحملة المعروفة في مجال تكنولوجيا المعلومات باسم «التخلص من IOE» أي التخلص من IBM Mainframe، وOracle Database، وEMC Storage، يمكن القول إن شركات التخزين الصينية بقيادة «هواوي» قد وصلت بالفعل إلى أول محطة آمنة في المسيرة الطويلة. هذا التقدم الاستثنائي لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لتراكم جهود الشركات المحلية، وعلى رأسها «هواوي»، خطوة بخطوة. فمنذ ما قبل شيوع شعار «التخلص من IOE»، كانت «هواوي» قد بدأت بالفعل استكشاف سوق التخزين من خلال مشروعين مشتركين هما H3C وHuawei Symantec. وعندما تأكدت «هواوي» من أن التخزين هو اتجاه استراتيجي، حاولت إعادة دمج H3C وHuawei Symantec تحت مظلتها، لكنها نجحت فقط في استرجاع المشروع الثاني. ففي عام 2011، دفعت «هواوي» مبلغ 530 مليون دولار أمريكي والذي يُشار إليه داخلياً بـ«فدية الاسترداد» لاستعادة حصة 49% التي كانت تملكها شركة Symantec في Huawei Symantec. أما فيما يخص H3C، فلا يزال لدى Ren Zhengfei، مؤسس «هواوي» شعور بالأسى حتى بعد سنوات، حيث قال: «كنا نرغب في شراء 3Com أيضاً، لكن الحكومة الأمريكية لم توافق. في ذلك الوقت بعناكم لأننا لم نكن نملك المال. كنا نحلم بعالم متحد نغزوه معاً، لكننا اكتشفنا لاحقاً أن التنسيق مستحيل في كثير من الأحيان، ونشأت الخلافات تدريجياً». هذا الندم لدى «هواوي» قد شكّل، عن غير قصد، تجربة مقارنة واقعية للمراقبين في القطاع. ففي حين كانت H3C في البداية أكثر ديناميكية في سوق التخزين، فقد تطورت تحت مظلة HP بسرعة، لكن ما وصلت إليه Huawei Symantec اليوم، يتفوق بوضوح. وفي سلسلة منتجات التخزين الكامل الفلاش OceanStor Dorado التي تهيمن بها «هواوي» على السوق اليوم، يمكن بسهولة ملاحظة مدى الدعم الذي توفره موارد «هواوي» التقنية والتجارية لنشاط التخزين، بدءاً من البحث والتطوير الذاتي على مستوى الرقائق في مجالات الحوسبة، والتخزين، والإدارة، والذكاء، إلى بنية SmartMatrix عالية الموثوقية، التي صُممت وصقلت من خلال سيناريوهات استخدام واقعية مع عملاء من مختلف القطاعات. كل ذلك يعكس كيف أن منظومة «هواوي» الداخلية –على مستوى التقنية والسوق– قد دفعت بقطاع التخزين إلى الأمام. لكن ما هو أكثر أهمية ربما يكون الثقافة التنظيمية لدى «هواوي» نفسها. وحول التخزين، شدد رئيس هواوي على ما أسماه نموذج التطور بالإبرة الدقيقة Pinpointed Growth Path: «علينا أن نركز على عدد قليل من القطاعات عالية القيمة. إذا وسعنا نشاطنا كثيراً، فلن نحصل على رؤى عميقة، ولن نحقق الريادة من دون تركيز. يجب أن نوجّه كل القوى الاستراتيجية نحو اختراق شروط السوق الرئيسية. إذا استهلكنا الجهود في فهم قطاعات كثيرة، فنحن نُهدر القدرة التنافسية الاستراتيجية في نقاط غير استراتيجية». هذه الجرأة والتخطيط الاستراتيجي هي بالضبط ما تفتقر إليه العديد من الشركات الصينية آنذاك وحتى اليوم. إذ لا يزال العديد منها يفضل نموذج تقليد النماذج الغربية – ويعتبر الوصول إلى نسبة 60% من التقليد كافياً لتحقيق نتيجة مقبولة، لأنه يبدو آمناً، سريع الربح، وسهل التسويق، خصوصاً في الأسواق الصغيرة التي تتجاهلها الشركات العملاقة Underserved Niches. قال رئيس هواوي الحالي: «الاعتماد السابق على أسلوب الأخذ الجاهز Takeism مرتبط بالواقع الوطني السابق. أما الآن، بالنظر إلى حجم الاقتصاد الصيني أو أرباح شركات مثل ByteDance وTencent، فهي لا تقل عن نظيراتها في الغرب. ما نفتقر إليه ليس رأس المال، بل الثقة، ومعرفة كيفية تنظيم كثافة المواهب لتحقيق الابتكار». وبمجرد أن يتم تجاوز ما يُعرف بـ«جدار الخوف»، فإن الاتجاهات الصحيحة، والنظريات السليمة، والاستراتيجيات الفعالة، سوف تظهر بشكل طبيعي أثناء التطبيق العملي، تماماً كما شدد رئيس هواوي عند حديثه عن وحدة أعمال التخزين: لا مكان للمنافسة الجزئية piecemeal competition. بل يجب أن تكون لدينا قدرات متكاملة لبناء النظرية، وعدد كافٍ من العلماء، وكفاءة أساسية جوهرية. يجب أن ننافس أفضل المنتجات وأقوى الشركات، وأن نكون أكثر عدداً، وأعلى مستوى، وأقوى قدرة من المنافسين في السوق.


قاسيون
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- قاسيون
مؤشر قاسيون: انخفاض القدرة الشرائية للأسرة السورية يبتلع انخفاض تكاليف المعيشة
في إطار سعيه المستمر لقياس مستوى تكاليف المعيشة بشكل دقيق وموضوعي، تبنّى «مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة»، ابتداءً من عدد جريدة قاسيون رقم 1036، منهجية محدّدة لحساب الحد الأدنى الضروري لمعيشة أسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد. تنطلق هذه المنهجية من مقاربة تعتمد سلة الغذاء كمدخل أساسي في تحديد الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية، مستندة إلى معيار حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 حريرة، يتم الحصول عليها من مصادر غذائية متنوعة ومتوازنة. لبناء هذا التقدير، يعود المؤشر إلى تصور محدَّد للوجبة اليومية للفرد، جرى تطويره في «مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات» الذي نظمه الاتحاد العام لنقابات العمال في عام 1987. في حينه، لم يهدف هذا التصور إلى تأمين البقاء الفيزيولوجي للفرد فقط، بل يتعداه إلى توفير الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لإعادة إنتاج قوة العمل، ما يعني أن المؤشر لا يُقارب المعيشة من زاوية استهلاكية بحتة، بل يربطها بشكل مباشر بالقدرة على الاستمرار في العمل والإنتاج ضمن دورة الحياة الاقتصادية. ووفقاً لهذه المنهجية، تُقدّر كلفة سلة الغذاء الضروري بنسبة 40% من إجمالي تكاليف المعيشة، بينما تُشكل النسبة المتبقية (60%) مجموعة واسعة من الاحتياجات غير الغذائية، تشمل تكاليف السكن والمواصلات والتعليم والرعاية الصحية، واللباس والأدوات المنزلية والاتصالات، وسواها من الجوانب التي تُعد أساسية لضمان مستوى معيشي مستقر. وما يميّز هذه المنهجية هو اتساقها الداخلي وقدرتها على تقديم صورة مركّبة وواضحة لتكاليف المعيشة، عبر دمج البُعد الغذائي بالحاجات الأخرى وفق منطق نسبي مدروس، يضمن تقديم تقدير دقيق إلى أبعد حد ممكن للحد الأدنى اللازم للحياة في سورية. كما أن اعتماد المؤشر على قاعدة مرجعية وطنية، صيغت في سياق اجتماعي واقتصادي محلي، يمنحه شرعية تحليلية تفتقر إليها العديد من المؤشرات العامة أو المعتمدة على نماذج مستوردة. الأجور لا تغطي سوى 2.1% من وسطي المعيشة في نهاية شهر آذار 2025، شهد وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية انخفاضاً بنحو 1,675,007 ليرة سورية عن وسطي التكاليف التي سجلها مؤشر قاسيون في بداية عام 2025، حيث انتقلت هذه التكاليف من 14,557,573 ليرة في بداية كانون الثاني 2025، إلى 12,882,567 ليرة في نهاية آذار (بينما انخفض الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بنحو 1,046,879 ليرة، منتقلاً من 9,098,483 ليرة في بداية كانون الثاني، إلى 8,051,604 ليرة في نهاية آذار)، أي أن التكاليف انخفضت فعلياً بنسبة قاربت 13.0% خلال ثلاثة أشهر (كانون الثاني، شباط، آذار). في المقابل، لا يزال الحد الأدنى للأجور في سورية ثابتاً حتى الآن عند مستوى 278,910 ليرة سورية شهرياً، ما يجعله هشّاً للغاية من حيث قيمته الحقيقية. وبالمقارنة مع وسطي تكاليف معيشة الأسرة كما يُقدّره «مؤشر قاسيون»، فإن هذا الأجر لا يغطي سوى نحو 2.1% فقط من الاحتياجات الأساسية لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد، في مشهد يُجسّد الاتساع الهائل في الفجوة بين الأجور والإنفاق الضروري. الانخفاض يطال معظم أسعار الغذاء انخفض الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية الشهرية لأسرة من خمسة أفراد من 4,549,242 ليرة في بداية كانون الثاني إلى 3,220,642 ليرة في نهاية شهر آذار. وذلك بالاعتماد على وسطي أسعار هذه المكونات في الأسواق الشعبية بالعاصمة دمشق. نتيجة تخفيض وزن ربطة الخبز من 1500 غرام إلى 1200 غرام، ارتفع ثمن 500 غرام خبز ضرورية للفرد يومياً بنسبة 20% من 1,333 ليرة في بداية كانون الثاني إلى 1,667 ليرة في نهاية آذار. وانخفضت أسعار اللحوم (اللحوم الحمراء والدجاج) بنحو 53.9%، حيث انخفض سعر الـ75 غرام منها من 10,388 ليرة في بداية العام، إلى نحو 6,750 ليرة في نهاية آذار. وانخفضت أسعار الحلويات بمقدار 58.1% عن حسابات بداية العام، إذ وصلت تكلفة 112 غرام حلويات ضرورية للفرد يومياً إلى 6,020 ليرة، بينما كانت في بداية كانون الثاني الماضي 9,520 ليرة. وحافظت أسعار الجبن على مستواها، حيث ظل سعر 25 غرام منه يعادل 1,000 ليرة. وعلى هذا النحو، انخفضت تكلفة البيض بمقدار 36.0%، حيث انتقلت تكلفة 50 غرام منه يومياً من نحو 944 ليرة في بداية العام، إلى 694 ليرة في نهاية آذار. بينما انخفضت أسعار الخضار بنسبة -31.4%، حيث انتقل سعر 65 غرام منها من 3,875 ليرة في أيلول، إلى 2,950 ليرة في بداية كانون الثاني 2025. في المقابل، ارتفعت أسعار الفواكه الموسمية بنسبة 6.9%، إذ انتقل سعر 60 غرام منها من 2,233 ليرة في بداية عام 2025، إلى 2,400 ليرة في نهاية آذار. أما الأرز، فقد انخفض بنحو 133%، منتقلاً ثمن 70 غرام منه يومياً من 1,960 ليرة في بداية كانون الثاني، إلى 840 ليرة في نهاية آذار. تكاليف الحاجات الأخرى الضرورية: 4,8 مليون ارتفعت تكاليف الحد الأدنى للحاجات الضرورية الأخرى التي تشكل 60% من مجموع تكاليف المعيشة (مثل السكن والمواصلات والتعليم واللباس والصحة وأدوات منزلية واتصالات... وغيره) من 4,549,242 في بداية عام 2025، إلى 4,830,963 في نهاية آذار أي أنها ارتفعت بمقدار 5.8% خلال ثلاثة أشهر.