logo
#

أحدث الأخبار مع #محمودالجمل

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود... وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

وزارة الإعلام

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • وزارة الإعلام

الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

كتبت صحيفة 'الأخبار': أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. تحالف هجين بلا روح حريرية رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود… وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل.

الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

وكالة نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • وكالة نيوز

الأخبار: جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

وطنية – كتبت صحيفة 'الأخبار': أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. تحالف هجين بلا روح حريرية رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود… وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل.

قراءة هادئة لانتخابات حامية
قراءة هادئة لانتخابات حامية

صوت لبنان

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • صوت لبنان

قراءة هادئة لانتخابات حامية

الإعلامي منير الحافي لمتابعة الكاتب: mounirhafi@ X, Facebook, Instagram كانت انتخابات بيروت البلدية، التي جرت الأحد الماضي، معركة حامية بين ست لوائح على الإجمال، إلا أنّ البارز كان التنافس ما بين لائحة «بيروت بتجمعنا» التي جمعت فعلاً أحزاباً سياسية ودينية، وبين لائحة «بيروت بتحبك» بقيادة العميد المتقاعد محمود الجمل. واستطاع رئيس اللائحة في نهاية المطاف أن يخرق البلوك الانتخابي القوي الذي مثلته اللائحة الأولى. بدا أن جميع الأطراف، أرادوا أن يعملوا بروفة على قوتهم الانتخابية وبالتالي قدرتهم الشخصية على خوض الانتخابات النيابية المقبلة بعد سنة، أو على الأقل دعم مرشحين من قبلهم، مثلما حصل في الانتخابات البلدية نفسها. لذلك دعم اللائحة الأولى، سنياًّ، جمعيةُ المشاريع (الأحباش) والنائب فؤاد مخزومي والوزير السابق محمد شقير وشخصيات سنية أخرى، إضافة إلى الثنائي الشيعي، والحزب الاشتراكي. مسيحياً دعم «بيروت بتجمعنا»، القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر والنائب السابق ميشال فرعون والطاشناق والهانشاك إضافةً إلى المطران إلياس عودة. مقابل هذه اللائحة، دعم النائب نبيل بدر والنائب عماد الحوت، لائحة برئاسة محمود الجمل. ويؤكد مقربون من هذه اللائحة أنها شكلت من دون كثير أموال ودون ماكينة انتخابية منظمة، والدليل أنه في منتصف النهار الانتخابي فُقد الاتصال مع كثير من مندوبي لائحة الجمل، ولم يشاهد لها مندوبون في أقلام الاقتراع. المفاجأة كانت في نتائج لائحة «بيروت مدينتي» المتدنية مقارنة مع نتائجها في انتخابات العام ٢٠١٦. وبدا أن اختيار اللائحة لشخصية فذة على الصعيد المهني والعائلي هي فادي عمر درويش، لم ينقذها من الفشل. درويش الذي نال ١٣٥٦٨ صوتاً، نالها لشخصه، فيما نال آخر مرشح من لائحته ٥٦٥٧ صوتاً وهذا معناه أن التصويت كان لفادي وليس لكل اللائحة. في النهاية، خسر النواب التغييريون الداعمون لمدينتي وهم إبراهيم منيمنة وبولا يعقوبيان وملحم خلف. ويؤكد مقربون من لائحة بيروت بتحبك أن هناك من أقنع رولا العجوز التي لها مكانة في بيروت، بأن تعمل لائحة تضم خيرة الناس لخوض الانتخابات. فلو صبّ مناصرو لائحة رولا العجوز للائحة «بيروت بتحبك» لارتفعت حظوظ الأخيرة. وبحسب معنيين فإن الـ ٧٤٤٦ صوتاً التي نالتها رولا، لو أضيفت للائحة الجمل لكانت حصلت لائحته على ١٤ مقعداً من أصل ٢٤. كذلك فإن تشكيل لائحة من قبل عدنان الحكيم وأخرى من قبل «مواطنين ومواطنات في دولة»، أضعف لائحة الجمل. كذلك أضعف ترشح المنفردين لائحة «العميد». في النتيجة خرق الجمل لائحة الكبار. وهذا يعزى لوقوف الناس دائماً مع المستفرد. أي أنه خارج لائحة الأقوياء في العاصمة. غير أن الجمل أثبت أنه «قوي» عند الصوت السني، إذ إن لائحته حصلت على نسبة ٧٠ في المئة من أصوات المقترعين السنّة. في ما الناخب المسيحي في العاصمة صبّ بنسبة ٩٠ في المئة للائحة الأحزاب. أما الشيعي فصوّت مئة في المئة والدرزي مئة في المئة للأحزاب، وحصلت لائحة بيروت بتجمعنا على ١٥ في المئة من أصوات المقترعين السنة. ويقرأ محللون انخفاض نسبة تصويت السنة للائحة القوية بأن جمهور رفيق الحريري لم يتحمس للائحة. ويحكى عن رقم يراوح ما بين ٢٠ ألفاً إلى ٣٠ ألفاً لم يشارك في الانتخاب. كما لوحظ عدم إقبال الناخب البيروتي المقيم خارج بيروت ولا من المصطافين في الجبل. على الصعيد الاختياري، فازت لوائح العائلات في أحياء بيروت الإثني عشر التاريخية وعاد معظم القديم إلى المخترة مطعّماً ببعض المرشحين الجدد. يُلاحظ في هذا المجال وصول المختارة السيدة دلال سامي السبليني في دار المريسة وهي أول سيدة مختارة في بيروت الثانية. أما الملاحظة الثانية فهي أن منطقة المصيطبة جسدت وحدة وطنية بالقول والفعل. إذ أوصل الناخبون خصوصاً السنة الذين يمثلون ٥٢ ألف صوت وحدهم، لائحة من خمسة عشر مختاراً برئاسة صائب كلش، تكونت من ٩ مخاتير سنة و٢ شيعة ودرزي وسرياني وكاثوليكي وأرثوذكسي. هذه التركيبة الفريدة لم تحصل في أي منطقة أخرى في بيروت ولا في كل لبنان.

ما هي رسائل "المستقبل" في اختراق العميد الجمل للائحة التحالف في انتخابات بيروت؟
ما هي رسائل "المستقبل" في اختراق العميد الجمل للائحة التحالف في انتخابات بيروت؟

الديار

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • الديار

ما هي رسائل "المستقبل" في اختراق العميد الجمل للائحة التحالف في انتخابات بيروت؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب حظي اختراق العميد محمود الجمل للائحة التحالف الانتخابي الواسع في بيروت باهتمام تجاوز بكثير الحدث بحد ذاته، لا سيما ان بصمات تيار المستقبل كانت واضحة في تحقيقه والذي له دلالاته ويحمل رسائل عديدة على غير صعيد . وما يعزز الاعتقاد بان ما حصل ليس مجرد خرق فردي لاحد اعضاء اللائحة المنافسة للائحة التحالف الفائزة ان العميد الجمل حصل على عدد كبير من الاصوات تجاوز الاربعين الفا معظمهم من الناخبين السنّة في بيروت . قبل الحديث عما احيط وما يحاط بهذا الخرق ومعانيه، لا بد من الاشارة الى ان العميد الجمل ينتمي الى تيار المستقبل، وهو من القياديين للتيار في بيروت، بغض النظر عن المسألة التنظيمية الراهنة وظروفها وملابساتها. كما انه يحظى شخصيا برصيد شعبي وبعلاقاته المباشرة مع المواطنين البيارتة لا سيما في الطريق الجديدة والمزرعة واحياء ومناطق اخرى، وكانت له ايضا تجربة مشجعة في الانتخابات النيابية الاخيرة . وفي الدلالة على خصوصية شخصية العميد الجمل اشادة نائب حزب الله امين شري بصفاته الشعبية والاجتماعية بغض النظر عن الموضوع السياسي، وتلميحه الى فكرة او اقتراح تسميته لترؤس لائحة التوافق الذي لم ياخذ طريقه الى الترجمة او التنفيذ . تكثر التكهنات والتفسيرات للخرق الوحيد الذي حققته لائحة "بيروت بتحبك" بشخص رئيسها العميد الجمل، لا سيما ان الفارق بين الاصوات التي حصل عليها وبين زملائه في اللائحة المدعومة من النائب نبيل بدر والجماعة الاسلامية بلغ بمعدل تجاوز العشرة الاف صوت. واذا كانت اللائحة التي ترأسها مدعومة ظاهرا من النائب بدر والجماعة الاسلامية فان "السكور" الذي حققته يؤكد من دون عناء ان نسبة كبيرة من الاصوات التي صبت لمصلحتها عمموما وللعميد الجمل خصوصا تعود لمناصري وجمهور تيار المستقبل الذين احتفلوا بعد صدور النتيجة بهذا الخرق ورفعوا اعلام التيار . يقول مصدر في تيار المستقبل لـ "الديار" ان التيار التزم وملتزم بقرار الرئيس سعد الحريري بعدم المشاركة في الانتخابات البلدية في كل المناطق ومنها بيروت، وانه لم يشارك مباشرة او بتحريك ماكينته الانتخابية لا في العاصمة ولا في غيرها لصالح اية لائحة. لكنه لا ينكر ان التعاطف الشعبي لقاعدته في بيروت أدّى دوره في اختراق العميد الجمل للائحة التحالف الواسع، وان نسبة ملحوظة من هذه القاعدة صوتت بشكل عاطفي للائحة "بيروت بتحبك" وبشكل اكبر للعميد الجمل . ويرى المصدر ان هذا التوجه هو توجه عفوي وعاطفي وغير منظم، وربما يكون ايضا بمثابة "فشّة خلق" في وجه لائحة التحالف الهجين الواسع التي ظهرت كأنها تركيبة من فوق والتي جمعت الاضداد تحت عنوان ضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، مع العلم ان اول من رعى وحرص على ضمانها وترسيخها كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري، وان هذه المناصفة صارت راسخة في وجدان البيارتة كما برهنت ارقام اللوائح. ويؤكد المصدر جازما ان قيادة تيار المستقبل التزمت وتلتزم بقرار الرئيس الحريري الواضح والقاطع بعدم المشاركة في الانتخابات البلدية في كل لبنان، وكذلك عدم انخراط ماكينة تيار المستقبل في هذه الانتخابات او تبني اي لائحة لكن هذا لا يعني قرار مقاطعة مناصري وجمهور المستقبل للاقتراع وتصويت كل ناخب لمن يراه مناسبا من المرشحين. ويشدد المصدر على ان ما حصل في بيروت لا يعني ان تيار المستقبل شارك في خوض المعركة ولو اراد ذلك لكان الرقم الذي حصل عليه العميد الجمل مضاعفا . وبغض النظر عن كلام مصدر تيار المستقبل، ترى مصادر سياسية ان ما جرى في انتخابات بلدية بيروت اختلف بشكل واضح عما جرى في المناطق التي يوجد فيها التيار بقوة مثل طرابلس والشمال والبقاعين الغربي والاوسط . وترى ان مشاركة مناصري وجمهور المستقبل في التصويت لمصلحة لائحة دون سواها بشكل واضح وراجح كان ملموسا وظاهرا احيانا لا سيما في الطريق الجديدة. كما ان انحياز هذا الجمهور للائحة "بيروت بتحبك" عموما وللعميد الجمل خصوصا يحمل رسائل عديدة ابرزها : 1ـ انزعاج الناخب السني الى حد الاستياء من تشكيل لائحة التحالف الواسع والهجين، ليس رفضا للمناصفة، وانما للطريقة التي اعتمدت من بعض اركانها واطرافها وليس جميعهم . 2ـ توجيه صفعة قوية للنائب فؤاد مخزومي الذي اتهم بانه حاول استثمار لائحة التحالف وهندس اختيار معظم اعضائها السنة باستثناء العضوين المختارين من جمعية المشاريع (الاحباش) لتوظيف هذه الانتخابات في طموحه لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية المقبلة، لا سيما ان ترشحه لهذا الموقع بدعم من القوات اللبنانية وبعض من يدورفي فلكها قبل اختيار الرئيس نواف سلام يعزز هذا الاتهام . وترى المصادر ان الاصوات السنة التي نالتها لائحة التحالف من دون "بلوك" اصوات الاحباش المحسوب والمعروف اظهر ضعف التمثيل السني لمخزومي في هذه الانتخابات . 3ـ الزيادة الكبيرة للاصوات التي نالها العميد الجمل عن باقي زملائه في اللائحة، تظهر شعبيته من ناحية والتاييد الذي حظي به ولم يكن مفاجئا من قبل جمهور ومناصري المستقبل، مع العلم ان قسما كبيرا من اصواتهم ذهب ايضا لباقي اعضاء لائحة "بيروت بتحبك ". وهنا كانت الرسالة ان تيار المستقبل اراد التاكيد على قوة وثبات المزاج الشعبي البيروتي والسني بوجه خاص لصالحه حتى لو لم يشارك مباشرة في الانتخابات . 4ـ تمكن تيار المستقبل بعناية من دوزنة التصويت لشخص العميد الجمل ولباقي اعضاء اللائحة، فوجه رسالة من خلال تامين اختراقه للائحة التحالف ان من يؤمن له هذه الاصوات بنصف جهد قادر على تامين نجاح لائحة باكملها، لكن حرصه على المناصفة وعلى عدم المشاركة الفعلية بالانتخابات جعله يكتفي بتوجيه هذه الرسالة . 5ـ لعل ابرز الرسائل التي تتجاوز بيروت وربما لبنان ان تيار المستقبل اراد تقديم نموذج صغير لثبات قوته الشعبية في الشارع السني، وانه ما زال يملك القاعدة الكبرى من دون منازع ولا احد يستطيع الادعاء بانه قادر على ملء فراغ ابتعاده عن اي استحقاق . من جهة اخرى، لا حاجة كبيرة لقراءة او معرفة الدور البارز والاساسي الذي لعبه ثنائي "أمل" وحزب الله في تشكيل الرافعة لفوز لائحة التحالف الواسع، وضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت . ويقول مصدر نيابي في هذا المجال ان مشاركة ما يقارب العشرين الف ناخب شيعي في الاقتراع، السواد الاعظم منهم لمصلحة لائحة "بيروت بتجمعنا"، أدت دورا حاسما في فوز هذه اللائحة وعدم حصول خرق مؤثر لها، مع العلم ان حصة الشيعة في اللائحة هي 3 اعضاء فقط . ويشير المصدر الى ان الرئيس بري أدى دورا محوريا واساسيا في توفير ظروف ولادة اللائحة من دون المشاركة في اختيار اعضائها لكنه حرص دائما على ان تكون جامعة وتوافقية بين الجميع من دون استثناء، لكنه لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف بسبب الخلافات والحساسيات التي ظهرت بين بعض نواب بيروت والقوى في العاصمة. وكان حرصه اولا واخيرا يتركز على وحدة بيروت في هذا الاستحقاق البلدي وتأمين وضمان المناصفة، وهذا ما عبر عنه في جلسة مجلس النواب اثناء مناقشة هذا الموضوع . ويضيف المصدر ان موقف الرئيس بري يمثل ايضا موقف حزب الله الذي اراد ايضا من تفعيل ماكنته الانتخابية المشهود لها رفع مشاركة الشيعة في الاقتراع، وبذل الى جانب حركة امل جهدا ملحوظا لتحقيق هذا الهدف خلال يوم الانتخاب. ويشير الى ان الثنائي الشيعي لم يتدخل في تسمية اعضاء اللائحة باستثناء الاعضاء الشيعة، وانه دفع باتجاه تحقيق اوسع تحالف داعم لها لكن خلافات بعض القوى والنواب لا سيما بين النائبين مخزومي وبدر حالت دون ذلك .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store