أحدث الأخبار مع #مخلوقات_فضائية


خليج تايمز
منذ 20 ساعات
- ترفيه
- خليج تايمز
الدراما تتحرر من عباءة التقليد: سينمائيون إماراتيون يكتبون خيالهم في مدن الزومبي والأحلام المستحيلة
كان أول فيلم روائي تدور أحداثه في الإمارات، ويظهر فيه مشاهد مألوفة لناطحات سحاب دبي التي اجتاحتها مخلوقات فضائية، قد صدر في عام 2016. يرى صناع أفلام إماراتيون بارزون أن حركة السينما المحلية، رغم أنها لا تزال في بداياتها، إلا أنها تتطور مع الوقت. ومع ذلك، يؤكد غانم غباش، منتج أول فيلم خيال علمي في العالم العربي، لصحيفة "خليج تايمز" أن هناك الكثير مما يجب عمله حتى تتطور السينما الإماراتية أكثر على الساحة العالمية. غانم غباش، إلى جانب شريكه "س. أ. زيدي"، ابتكر أول فيلم خيال علمي تدور أحداثه في الإمارات، مع مشاهد مألوفة لناطحات سحاب دبي التي اجتاحتها مخلوقات فضائية. وقد صدر هذا الفيلم في عام 2016، ويقول غباش إن الكثير قد تغير منذ ذلك الحين. وأشار غباش إلى معضلة أخرى، وهي أن صناع الأفلام الشباب "يحاولون فقط تقليد ما يحدث في هوليوود". وأوضح: "يحتاجون إلى خلق قصصهم الخاصة، وسردياتهم الفريدة". وأضاف أن على صناع الأفلام التوسع واستكشاف أنواع سينمائية أخرى مثل الخيال العلمي أو الرعب، إذ يرى غباش أن هذه الأنواع "مفقودة" من المشهد السينمائي المحلي. وقال: "إذا دمجنا الأنواع الصحيحة أو عرضنا ما يحدث داخل العائلات هنا، سيبدأ الفضول في النمو". وكشف غباش أن فيلمه القادم سيكون عن الزومبي، وهو أمر غير مسبوق في السينما الإماراتية. وقال: "أحاول تقديم فيلم خيال علمي بعد نهاية العالم، قصة تدور حين انتهى العالم بالفعل، ممزوجة بفيلم رعب عن البقاء". وأوضح أن الفيلم في مرحلة ما قبل الإنتاج حالياً، أي أن الفريق لا يزال يعمل على اختيار الممثلين وتحديد مواقع التصوير، بالإضافة إلى الحصول على موافقة الجهة الحكومية على نص الفيلم. وأضاف: "يعتقد الكثيرون أن المدينة شيء ليست عليه في الواقع. يضفون عليها هالة من البريق. يظنون أن جميع الإماراتيين يقودون سيارات فاخرة ويملكون الفهود. لكنهم لا يعرفون من هم الناس الحقيقيون هنا. هناك الكثير من الأشخاص الرائعين في المدينة ولديهم قصص مذهلة تستحق السرد". وأكد غباش أنه لا يعتقد أن الميزانيات الحكومية وحدها ستطور المشهد السينمائي، بل الناس أنفسهم. وقال: "عليك أن تجمع الأشخاص المناسبين لتطوير صناعة السينما. أشخاص شغوفون بالأفلام ومستعدون لبذل الجهد. لا يمكنك القيام بذلك كهواية جانبية. يتطلب الأمر كامل اهتمامك". الحاجة لمزيد من المواهب وافق حمد صقران، صانع أفلام من رأس الخيمة، على أن هناك حاجة لمزيد من الدعم، خاصة في المجال التقني. "نحتاج إلى مزيد من المحترفين الإماراتيين المؤهلين، وأيضًا في كتابة السيناريو، حيث تحتاج السردية والبنية السينمائية إلى مزيد من الاهتمام والرعاية". وقد أخرج صقران، البالغ من العمر 37 عامًا، العديد من الأفلام القصيرة التي تدور أحداثها في رأس الخيمة، وتستلهم الكثير من تراثه وثقافته. وأضاف أن بعض الجهات الحكومية، مثل مؤسسة الإمارات ومؤسسة القاسمي، دعمت بعض مشاريعه السينمائية، لكنها غالبًا ما تكون بتمويل ذاتي. "الحصول على دعم مالي يساعد بالتأكيد في جودة الإنتاج والحرية الإبداعية، لكنه ليس كل شيء. عدم الحصول على تمويل لا يعني أن نتوقف. بل يدفعنا للبحث عن طرق أكثر ابتكارًا لتحقيق الأفكار". منصات حاسمة فيما يتعلق بمستقبل السينما الإماراتية، يرى صقران أن التقدم لا يزال دون المستوى المطلوب. وأوضح أن حركة السينما الإماراتية شهدت "انطلاقة ناجحة من 2001 إلى 2018، بفضل المهرجانات السينمائية"، لكن تعليق بعض المهرجانات، مثل إغلاق مهرجان أبوظبي السينمائي عام 2015، أدى إلى "تباطؤ ملحوظ في النشاط السينمائي". وقال: "المهرجانات منصات حاسمة لعرض المواهب والتواصل مع الجمهور. ومع ذلك، هناك جهود مستمرة من صناع الأفلام في جميع أنحاء الإمارات. العديد من الشباب المبدعين لديهم إمكانات كبيرة لكنهم يفتقرون إلى الدعم اللازم". وأضاف أنه يعتقد أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستجعل من السهل على صناع الأفلام الشباب إطلاق إمكاناتهم الكاملة، لكنه حذر من ضرورة استخدامها بحكمة. "في نهاية المطاف، صناعة الأفلام تجربة إنسانية عاطفية. الأخطاء والنواقص جزء من أصالتها". وأكد غباش أنه من الممكن لصناع الأفلام دمج الذكاء الاصطناعي في العملية. "يمكننا الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لابتكار أعمال بصرية رائعة، أعتقد أنه أصبح أكثر سهولة"، أضاف.


الجزيرة
١٣-٠٦-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
أسرار الحياة على المريخ.. هل ينطق جار الأرض بحل ألغازه العصية منذ عقود؟
لطالما كان إيجاد المخلوقات الفضائية الذكية حلما يراود الباحثين الأكاديميين وهواة الخيال العلمي خلال السنوات الماضية، لكن ذلك لا يبدو ممكنا ضمن الحدود التقنية الحالية، على كثرة المحاولات الحثيثة التي صنعها الإنسان لإيصال صوته إلى الفضاء الخارجي، حتى خارج حدود المجموعة الشمسية، مثل رسالة 'أرسيبو' الراديوية، وأقراص فوياجر الذهبية. وجّه ذلك بوصلة العلماء إلى البحث عن الأشكال والأنماط الأخرى من الحياة، بعيدا عن الحياة الذكية، أو الحياة العاقلة إن صح التعبير، فأخذت الجهود تتنامى وتتحد بحثا عن مؤشرات الحياة، أو ما يسمى 'البصمات الحيوية'، وهي أدلة تشير إلى وجود حياة سابقة أو حالية، سواء كان ذلك على مستوى مركبات عضوية، أو مستحثات كبيرة كالعظام والأصداف. فكانت الوجهة المنطقية والمعقولة هي جار الأرض الأحمر، كوكب المريخ. وقد امتد هذا الانشغال العلمي باحتمالات الحياة خارج الأرض إلى عالم الأدب، فاستلهم بعض الكتّاب هذه التصورات، لخلق كواكب خيالية تحاكي ظروف المريخ القاسية. ومن أبرزهم الروائي الأمريكي 'فرانك هيربرت'، صاحب سلسلة روايات 'كثيب'، فقد ابتكر كوكبا يدعى 'أراكيس'، يشبه في تفاصيله المريخ، وإن كان ذلك جزئيا. تقترح الرواية وجود كوكب غريب يسمى 'أراكيس'، يدور في مدار بعيد من نجم 'كانوباس'، ويخضع لظروف مناخية بالغة القسوة، فعواصف الرمل لا تهدأ، والرياح العاتية لا تتوقف على مدار العام، فأصبح سطحه مغطى بكثبان رملية لا نهاية لها، وقد يبلغ ارتفاع بعضها أكثر من 100 متر. وقد رسم الكاتب في هذا السياق عالما قائما على بيئة متطرفة ونظام حيوي معقد، تتخلله تحديات وجودية شاقة، وسبل عيش لا يحتملها من ليس ذا قدرة عالية على التكيّف. وتتجلى قسوة هذا الكوكب في ندرة الماء، الذي يعد أثمن مورد على سطح 'أراكيس'، لدرجة أنه بات المعيار المطلق للقيمة والحياة، وقد طوّر 'شعوب فريمن' القاطنون بالكوكب تقنية فريدة، لاستخلاص كل قطرة ممكنة من أجساد موتاهم، وذلك مشهد يجسّد أقصى مستويات الكفاءة في استثمار الموارد. كما أن البشر لا يعيشون هنا وحدهم، بل ثمّة كائنات مرعبة تستوطن باطن الكثبان، وتتحرك في صمت قاتل وسط النهار، معتمدة على مستشعرات متطورة، تلتقط أدق الاهتزازات في التربة الرملية، ولها قدرة مدهشة على تمييز الكائنات التي تولد تلك الذبذبات، وتحديد مواقعها بدقة مذهلة. ويرى باحثون -بنماذج محاكاة حاسوبية- أن مثل هذه البيئة المتطرفة ليست خيالية تماما، بل قد تكون ممكنة التحقق نظريا، مع احتمال محدود لازدهار الحياة ضمن شروط صارمة واستثنائية. وإن كان كوكب مثل 'أراكيس' -بكل ما يحمله من ظروف مناخية وجيولوجية قاسية- يحتمل أن يحتضن شكلا من أشكال الحياة وفقا لبعض الفرضيات، فمن الأرجح أن يكون المريخ -ببيئته الأقل تطرفا- أكثر قابلية لدعم الحياة. وهو ما يسعى هذا المقال إلى استعراضه بتسليط الضوء على أحدث ما توصّل إليه العلماء في هذا المسار البحثي. النطاق الصالح للحياة حول النجم يجدر بنا أولا أن ندرك أن كوكب المريخ يقع ضمن 'النطاق الصالح للحياة' (Habitable Zone)، وهي منطقة محيطة بالنجم تستقبل قدرا مناسبا من الحرارة، يسمح ببقاء المياه في حالتها السائلة، فلا تكون درجات الحرارة مرتفعة تُبخره، ولا منخفضة تُجمّده. ويتفاوت حجم هذا النطاق تبعا لكتلة النجم وسطوعه، وتستقبل الكواكب الواقعة ضمنه طاقة معتدلة، تمهّد لظروف بيئية يحتمل أن تكون داعمة للحياة. ووفقا لمعادلات رياضية مستنبطة، استطاع الفلكيون تحديد أبعاد هذه المنطقة حول الشمس، ووجدوا أن كوكب المريخ يقع ضمن هذا النطاق، خلافا لكوكبي الزهرة وعطارد، فهما يستقبلان حرارة كبيرة، وكذلك شأن الكواكب البعيدة عن الشمس، فإنها لا تنال الحرارة المطلوبة لنجاة المخلوقات الحية. ويرجع علماء الفلك إمكانية ازدهار الحياة على سطح أي كوكب إلى مدى التشابه بينه وبين الأرض، فالمريخ يشترك معها في خصائص عدة، منها ميلان محور دورانه بزاوية 25، وذلك قريب من ميلان محور الأرض البالغ 23.5 درجة، وهو ما يؤدي إلى تعاقب الفصول الأربعة، ويظهر بسببه الجليد على قطبي الكوكب الأحمر. ومن السمات المشتركة وجود غلاف جوي يحيط بالكوكب، وإن كان غلاف المريخ أرق، فضغطه الجوي أقل بنحو 100 مرة من نظيره الأرضي. ويعدّ هذا الغلاف عرضة لتغيّرات موسمية ملحوظة، فالضغط الجوي يتبدل على مدار السنة، فيتحوّل ثاني أوكسيد الكربون -الذي يشكّل 95% من مكونات الغلاف- من حالته الغازية إلى الحالة الصلبة في فصل الشتاء، ثم يعود إلى حالته الغازية صيفا، عبر عمليتي الترسيب والتسامي المتعاقبتين. الكشوف العلمية التي قدمتها المهمات الفضائية على مدار العقود القليلة الماضية، أرسلت عدة دول مهمات فضائية بلغ عددها 55 في تاريخ نشر هذا المقال، ولم يتجاوز معدل نجاحها 49%. وتنوعت طبيعة هذه المهمات؛ فمنها ما خصص للدوران حول الكوكب، ومنها ما استهدف به الهبوط على سطحه، بالإضافة إلى عربات متنقلة، وحتى طائرة مسيّرة كما في حالة 'مروحية إنغينويتي المريخية'. ويعزى تدني نسبة النجاح في مهام استكشاف المريخ إلى عاملين رئيسين؛ الظروف الجوية القاسية على الكوكب، وبعد المسافة التي تفصله عن الأرض، فلا تتاح نافذة الإطلاق المثالية التي تتيح بلوغه بأقصر مسافة إلا مرة واحدة كل عامين. وقد بلغ عدد المهمات التي هبطت بنجاح على سطحه وحققت نتائج علمية مرجوة 18 مهمة، ولا تزال مهمتان منها تعملان حتى اليوم.1 شهد عام 1976 أول هبوط ناجح لمرسَل بشري إلى المريخ في برنامج 'فايكينغ' الفضائي برعاية وكالة ناسا، وذلك بإرسال مسباري هبوط متطابقين، وكان غرض المهمة الأساسي البحث عن بصمات حيوية للحياة الميكروبية على المريخ. وقد استخدمت المركبتان ذراعا آلية، لوضع عينات التربة في حاويات اختبار محكمة الإغلاق على متن المسبار. وكانت النتائج الأولية صادمة، فقد أظهرت تجربة 'الإطلاق الموسوم' (Labeled Release) انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المشع، بعد إضافة محلول مغذٍ إلى التربة، وهو تأثير يشبه ذلك الناتج عن هضم الكائنات المجهرية وتحليلها المواد الغذائية. ثمّ أعيدت التجربة بجهاز التحليل الطيفي الكتلي 'كروماتوغراف الغاز'، الذي يفصل بين العناصر الكيميائية، ويقيس الوزن الجزيئي في كل مادة، وأظهرت النتائج أن لا دلالات على وجود مواد عضوية في العينات المستخلصة، وهو ما خلق تناقض محيّرا في النتائج ما زال قائما حتى اليوم.2 وفي عام 2003، أطلقت وكالة 'ناسا' مرة أخرى مهمة إلى كوكب المريخ، للتحقق من النتائج السابقة، والبحث عن أدلة مادية على وجود الماء، وذلك بمسباري الهبوط 'سبيريت' و'أوبورتشيونيتي'. وكان مخططا أن تستمر مهمتهما 90 يوما مريخيا فقط، لكنهما تجاوزا التوقعات، وعملا أكثر من 7 سنوات. وعلى غير المتوقع، رصد مسبار 'سبيريت' في فوهة 'غوسيف' -الواقعة في النصف الجنوبي من الكوكب- بقعة شبه نقية من مادة السيليكا، ويفترض أن هذه المادة ترسبت بفعل ينابيع حارة أو فتحات بخارية، وهي بيئات يرجح أنها قد تكون مناسبة لنمو كائنات مجهرية. كما اكتشف 'سبيريت' تكوينات صخرية غنية بالكربونات، مما يدل على وجود مياه ذات درجة حموضة معتدلة في الماضي.3 من جهة أخرى، كشف مسبار 'أوبورتشيونيتي' في منطقة 'ميريداني بلانوم' -قرب خط الاستواء- وجود كرات دقيقة من الهيماتايت (أكسيد الحديد الثلاثي)، المعروفة باسم 'التوت الأزرق'، ويتصور أنها تكونت في بيئة مائية سائلة. وبعد ذلك، وجدت أداة التحليل الكيميائي والحفر الأرضي معادن طينية تسمى 'الفيلوسيليكات'، مما يدل على أن الصخور قد خضعت لتغيرات كيميائية في بيئة مائية ذات حموضة معتدلة. وأكدت نتائج هذه المهمة المزدوجة دعم فرضية وجود مياه سائلة زمنا طويلا في تاريخ سطح المريخ.4 في عام 2008، أرسلت ناسا مسبار الهبوط 'فينيكس' إلى منطقة شمال قطب المريخ، فوجد كميات كبيرة من 'أملاح البيركلورات'، وهي مركبات كيميائية قوية تعرف بقدرتها على التحلل عند التسخين. وكان العلماء قد أجروا تجارب على الأرض، أضافوا فيها 'بيركلورات' إلى تربة أرضية ثم سخّنوها، فلاحظوا ظهور مواد كيميائية مشابهة لتلك التي رصدتها مركبة 'فايكينغ' على المريخ، في محاولتها الأولى للكشف عن مواد عضوية. وهذا يدل على أن المواد العضوية ربما كانت موجودة على المريخ، لكنها تفتتت أثناء عملية التسخين، بسبب وجود 'البيركلورات'، مما أعاق اكتشافها. أما مسبار 'فينيكس'، فلم يجد مواد عضوية، لأنه جمع عينات تربة تحتوي غالبا على الجليد والأملاح، كما أن اختبارات الكشف عن الحياة لم تظهر أي نشاط استقلابي، يدل على وجود كائنات حية.5 وفي عام 2018، هبطت العربة المتجولة 'كيوريوسيتي' في فوهة 'غيل' قرب خط الاستواء، فكشفت أقوى الأدلة العضوية والكيميائية، التي ترتبط بتكوين اللبنات الأساسية للحياة الدقيقة، فقد وجدت جزيئات عضوية ضمن صخور طينية يعود عمرها إلى نحو 3 مليارات سنة، وسجلت ارتفاعات موسمية في غاز الميثان ضمن الغلاف الجوي. كما كشف المسبار وجود مركبات النترات في الصخور، وهي شكل من أشكال النيتروجين، التي تمثل دورا أساسيا في بناء الحمض النووي والبروتينات. وفي عام 2025، حقق هذا الاكتشاف صدى واسعا في الأوساط العلمية، فقد اكتشف أكبر جزيئات عضوية وُجدت على سطح المريخ حتى الآن، تتمثل بهيدروكربونات طويلة السلسلة، مثل الديكان والأندكان والدودكان، التي يفترض أنها بقايا أحماض دهنية، مما يدل على وجود كيمياء معقدة، سبقت ظهور الحياة بشكلها المعروف.6 وفي عام 2021، هبطت العربة المتجولة 'بيرسيفيرانس' على سطح المريخ، لتبدأ مهمة تحليل عينات من فوهة 'جيزيرو' على الحافة الغربية من حوض ضخم يسمى 'إيسيديس بلانيتيا' (Isidis Planitia) في النصف الشمالي، في بحث دؤوب عن مؤشرات حيوية. وقد وُجدت عينة مميزة تحتوي على معظم المعادن التي ترسبت بفعل المياه، فالمعادن الطينية والكربونات تعد من أفضل المواد التي تحفظ البصمات الحيوية إذا وجدت. كما التقطت المركبة صورا لصخرة تسمى 'شلالات تشييافا' ذات نمط مرقط، وقد أظهرت خصائص كيميائية وهياكل قد تكون تشكلت بفعل نشاط حيوي في ظروف رطبة قديمة.7 وبناء على ما توصّل إليه العلماء من اكتشافات وأدلة حتى الآن، بات مؤكدا أن كوكب المريخ كان يضم مسطحات مائية في الماضي، على غرار تلك الموجودة حاليا على الأرض. لكن هذه الاكتشافات -ولا سيما الجزيئات العضوية المكتشفة- لا تعني بالضرورة وجود حياة سالفة على الكوكب، فقد تمثل مؤشرات كيميائية مهمة على وجود اللبنات الأساسية للحياة، مثل الكربون والهيدروجين، لكنها قد تكون أيضا ناتجة عن عمليات جيولوجية أو كيميائية معقدة. وفي ضوء هذه المعطيات، يسعى الباحثون إلى تفسير شامل، لكن يبقى السؤال المحوري: كيف يمكن تفسير وجود غاز الميثان على المريخ، وهو من أبرز الأدلة المحتملة على نشاط حيوي؟ أسئلة كثيرة يثيرها غاز الميثان المتقلب لقد سجّل مسبار الفضاء 'كيوريوسيتي' أرقاما قياسية لغاز الميثان في الغلاف الجوي للمريخ، باستخدام أداة تسمى 'مطياف الليزر القابل للضبط' (TLS)، وهي جزء من مختبر التحليل الداخلي في المسبار. ويعد الميثان من الغازات المثيرة للاهتمام، لأنه ينتج إما عن كائنات حية، أو عن تفاعلات جيولوجية غير حيوية بين الصخور والماء. وقد أعلن العلماء أن متوسط تركيزه في جو المريخ كان نحو 0.7 جزء في المليار، ثم انخفض لاحقا إلى نحو 0.41، لكنه كان يتغير حسب الفصول، مما يدل على وجود دورة موسمية.8 كما سجل 'كيوريوسيتي' ارتفاعات مفاجئة قصيرة الأمد في تركيز الميثان، بلغت نحو 7 أجزاء في المليار بالحجم، واستمرت نحو 60 يوما مريخيا بين 2013-2014. وفي يونيو/ حزيران 2019، ارتفع التركيز إلى 21 جزءا في المليار بالحجم، ثم انخفض فجأة إلى أقل من 1 خلال يوم واحد. وتشير هذه الطفرات المفاجئة والدورة الموسمية إلى أن الميثان يتصرف بطريقة ديناميكية في غلاف المريخ الجوي. وحتى على صعيد اليوم، لاحظ العلماء اختلافا بين القياسات النهارية والليلية؛ ففي النهار مستويات منخفضة جدا من الميثان، ويتصور أن الهواء البارد ليلا يحبس الميثان قرب السطح، والهواء الدافئ نهارا يخلط الغازات معا، ويرسلها بعيدا عن المركبة. وقد راجع الفريق العلمي جميع الاحتمالات، للتأكد من أن الميثان لا يأتي من المركبة نفسها، ولم يجدوا أي علاقة بنشاطات المركبة، المتمثلة بعمليات الحفر والحركة والتنقل، وهو ما يعني أن مصدر الميثان إنما هو المريخ. ولكن ماذا يعني ذلك؟ على الأرض، ينتج الميثان عادة بفعل النشاطات البيولوجية، فتفرزه البكتيريا غير الهوائية المعروفة باسم 'الميثانوجينات' عند تحلّل المواد العضوية في بيئات خالية من الأكسجين. ويعد الجهاز الهضمي لدى الحيوانات المجترة مصدرا أساسيا آخر، فالأبقار والغزلان مثلا تنتجه أثناء الهضم في أجهزتها الهضمية، لكن مصدره على المريخ لا يزال يشكل نقطة اختلاف بين جمهور العلماء، مع وجود 3 احتمالات قد ينتج عنها، وفقا لتقديرهم. الاحتمال الأول: أن يكون المصدر غير حيوي، فعندما يتفاعل الماء مع أنواع معينة من الصخور، يمكن أن ينتج غاز الهيدروجين، وقد يتفاعل مع الكربون ليكوّن الميثان بعملية تعرف بتخليق 'فيشر–تروبش' (Fischer–Tropsch). ويعد ذلك من أكثر التفسيرات غير الحيوية ترجيحا. كما يمكن احتجاز الميثان داخل شبكات جليدية تعرف بهيدرات الكلاتريت، ويرى بعض العلماء أن تركيبا مماثلا قد يوجد على المريخ، لكن لا دليل مباشر حتى الآن. وفي حال تحطم هذا الجليد أو انصهاره، فقد يؤدي ذلك إلى إطلاق مفاجئ للميثان. الاحتمال الثاني: أن تكون مواد عضوية قادمة من الفضاء، ذلك لأن النيازك والغبار الكوني تسقط باستمرار على سطح المريخ، حاملة مواد عضوية. وبفعل الأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن تتحلل هذه المواد لتنتج الميثان، لكن كمية الميثان الناتجة ينبغي أن تكون ضئيلة جدا، ولا تفسّر الارتفاعات الحادة التي رصدها مسبار 'كيوريوسيتي'، لذا لا يعد هذا المصدر من المصادر الرئيسة المحتملة.9 الاحتمال الثالث: أن يكون مصدرها حيويا ناتجا عن التفاعلات الميكروبية، وهذا ما كان يتطلّع إليه الباحثون في بادئ الأمر، لكن غياب الأدلة على وجود أي نوع من أنواع الحياة على سطح المريخ يجعل هذا الاحتمال ضعيفا حتى هذه اللحظة. ويأمل الباحثون بإيجاد أول الأدلة البيولوجية المباشرة، بعد أن تأكد وجود المياه بحالته المتجمدة في نطاقات شاسعة تحت سطح المريخ عند القطبين، ونظرا إلى إمكانية نشوء الحياة الميكروبية وازدهارها على أعماق سحيقة تحت سطح البحر كما هو الحال في الأرض، فيحتمل أن يكون الأمر كذلك في المريخ. وتعمل الآن الولايات المتحدة والصين على مشاريع من العيار الثقيل، لجلب عينات مباشرة من سطح المريخ إلى الأرض، وتلك سابقة تاريخية، ولن يكون ذلك قبل حلول عام 2030. ويحمل المشروع المشترك بين ناسا والاتحاد الأوروبي اسم 'برنامج إعادة عينات المريخ'، أما الصين فتعمل على مشروع 'مهمة تيانوين-3″، ويتوقع أن تجيب هذه العينات أسئلة كثيرة حول تاريخ المريخ الحيوي وحاضره كذلك. [1] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). جميع رحلات المريخ. الاسترداد من: [2] زيغا، ليسا (2016). هل اكتشفت تجربة مهمة فايكنج التي استمرت 40 عاما حياة على المريخ؟. الاسترداد من: [3] محررو الموقع (2011). مركبة سبيريت روفر التابعة لوكالة ناسا تكمل مهمتها على المريخ. الاسترداد من: [4] محررو الموقع (2015). التوت الأزرق المريخي. الاسترداد من: [5] محررو الموقع (2010). القطعة المفقودة تلهم نظرة جديدة على لغز المريخ. الاسترداد من: [6] شيختمان، لوني (2025). مركبة كيوريوسيتي التابعة لناسا تكتشف أكبر الجزيئات العضوية الموجودة على المريخ. الاسترداد من: [7] محررو الموقع (2023). المريخ بعيون مركبة ناسا 'بيرسيفيرانس' ترى المريخ في ضوء جديد. الاسترداد من: [8] محررو الموقع (2019). لغز الميثان على المريخ لا يزال مستمرا. الاسترداد من: [9] سوشيل، أتريا وآخرون (2007). ورقة بحثية: الميثان والغازات 'الزهيدة' على المريخ: أصلها واختفاؤها، والانعكاسات على الحياة وقابلية السكن. الاسترداد من: