أحدث الأخبار مع #مدرين


جريدة الرؤية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
السيدة ميَّان.. التتويج المُستحق
مدرين المكتومية عندما أكتبُ عن صاحبة السمو السيدة ميّان بنت شهاب آل سعيد، فإنني أسعى لتقديم شهادة حق صادقة، واعتراف صريح وشفافق بأن هذه السيدة الموقرة تستحقُ كل التقدير والثناء، وتستحق أن نُسجِّل إنجازاتها بمداد نفيس على جدران التاريخ؛ إذ لم تصل وتحقق هذا الإنجاز إلّا بعد عملٍ دؤوبٍ ومتواصل واجتهادات شخصية ظهر بعض منها للناس، والكثير ظل خلف الكواليس بكل تواضع. لا أستطيع أن أُخفي إعجابي الشديد ومحبتي الصادقة لصاحبة السمو، رغم أننا لم نلتقِ كثيرًا، لكنني كنتُ أحرصُ دومًا على قراءة الأخبار المتعلقة بها، وما تنشره عبر حسابتها الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي، وتظهر فيها أنشطتها الاجتماعية والتخصصية. والحقيقة أن ما دفعني لكتابة هذا المقال عن صاحبة السمو السيدة ميّان بنت شهاب آل سعيد رئيسة مجلس إدارة الجمعية العُمانية للتصميم، هو حصولها على جائزة المرأة العربية لعام 2025، في مجال التأثير الاجتماعي من مؤسسة لندن العربية بالعاصمة البريطانية لندن، وهو تكريم مُستحق؛ بل لن أُبالغ إذا قلت إن المؤسسة المانحة قد تشرفت بالفعل بمنح هذه الجائزة إلى صاحبة السمو، لما تتمتع به سموها من مكانة اجتماعية مرموقة، تعكس مدى التقدير والاحترام والتواضع في شخصية سموها تجاه الجميع. هكذا يكون التأثير الإيجابي الصحيح والذي نريد أن نراه في كل المجتمعات، المُؤثِّر الذي يملك همة صادقة وعزيمة متقدة، وليس كما يظن البعض أن المؤثر هو صاحب آلاف المتابعين أو أكثر، فيكفي أن نعلم أن سُموها ظلت لعدة أيام حديث المجتمع في ظل ما تقوم به من أدوار اجتماعية مضيئة، نسعدُ بها ونفرح. سُموها اليوم باتت تمثل قدوة شابة لفتيات وشابات مجتمعنا؛ بمظهرها الأنيق الذي يعكس السمت العُماني الأصيل، وجوهرها اللؤلؤي؛ لتكون بذلك واحدة من بنات عُمان الكريمات اللائي يُشار إليهن بالبنان تقديرًا وعرفانًا بما يبذُلنه من جهود تصب في خدمة المجتمع. إن المرأة العُمانية يجب أن تكون استثناءً دائمًا وتحرص على التعليم وحُسن الخلق والتحلي بالقيم العُمانية الأصيلة، من احترام الوالدين وطاعتهما، والسعي بكل جهد لخدمة الوطن وتحقيق الذات في جميع المجالات. ولا ريب أن ما حققته المرأة العُمانية من إنجازات بشكل عام؛ تُحسب لها، وتؤكد دومًا أنها امرأة ملهمة ولديها القدرة على النجاح في أي موقع ومسؤولية، وأي مجال عمل يُمكنها أن تصل من خلاله لأعلى المراتب، فقط هي تحتاج للثقة والفرصة السانحة لإثبات الذات. ونحن معشر النساء في عُمان، نجحنا في تحقيق الكثير، سواء كُنا طالبات أو نساء عاملات في مواقع العمل المختلفة. نعم حققنا الكثير والكثير من النجاحات، ومثَّلن عُمان أحسن تمثيل في المحافل الإقليمية والدولية، وذلك خير دليل على أن المرأة العُمانية، معطاءة بطبعها، قادرة بفطرتها على أن تكون دائمًا في الصفوف الأولى وفي المواقع التي تتطلب صفات شخصية خاصة من حزم وعزم واقتدار. هكذا هن نساء عُمان الفضليات، وهكذا تتوالى المُنجزات النسائية في وطننا الحبيب، بفضل ما ننعم به من خير عميم تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه. ومما يبعث على الراحة والطمأنينة في مجتمعنا، أن المرأة العُمانية تظل محل تقدير واهتمام أينما حلت أو ارتحلت، وتحظى ببيئة خصبة لتشجيعها على التقدم والتطور، مؤمنة بقدرتها على صناعة الفارق، ورغبتها في أن تحقق المعادلة المستحيلة. المرأة العُمانية لا تتوانى أبدًا عن العمل بكل جهد من أجل أن تكون دائمًا في المقدمة، وستسلك الدروب الصعبة لتسجل كل إنجاز يُحسب لها ويعود بالنفع على وطنها. لقد ألهمتني صاحبة السمو السيدة ميّان آل سعيد، بمسيرتها العامرة بالعطاء والبذل، لكي أواصل المسير في عملي الصحفي، كنتُ دائمًا أتطلع لها بعينٍ تملؤها مشاعر الفخر والاعتزاز، لما تُجسِّده من قيم نبيلة وأخلاق سامية، وهي سليلة العز والمجد، والكرم والسمو الإنساني. ما أجمل أن نرى النماذج المضيئة في مجتمعنا، ما أجل أن نشاهد نساء عُمان وهُن يتبرعن على قمم التميُّز والنجاح، فكُل امرأة وفتاة تُسطِّر إنجازًا شخصيًا، هو إنجاز باسم الوطن في نهاية المطاف، لأنهن بنات هذا الوطن العزيز، الذي أعز النساء وأكرمهن، ووفر لهن كل سبل الدعم والحماية، لكي يكُن خير النساء. إنني أنتهزُ هذه السانحة؛ لكي أعرب مُجددًا عن عظيم فخري وسعادتي الغامرة بما أحرزته صاحبة السمو السيدة ميّان بنت شهاب بن طارق آل سعيد، من إنجازات شتى، وآخرها حصد جائزة المرأة العربية، من بين نساء وطننا العربي الكبير من عُمان شرقًا إلى المغرب غربًا، فكل التهاني والتبريكات إلى صاحبة السمو على هذا المُنجز الوطني الكبير، وصادق الأمنيات بمزيد من النجاح والتميُّز في المستقبل.


جريدة الرؤية
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
من عُمان إلى الخليج.. جسور ثقافية لا تنقطع
مدرين المكتومية انطلق قبل نحو أسبوع معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين، في أكبر تظاهرة ثقافية تشهدها عاصمتنا العامرة كل عام، وتجمع بين جنباتها المفكرين والمُثقفين وأصحاب الإبداعات من كُتّاب وشعراء وأدباء، احتفالًا بعُرس الثقافة العُمانية السنوي، في مشهد يُعزز المشاعر الوطنية، والانتماء إلى جذور هذا الوطن العزيز، الذي لطالما كان- وما يزال- منارة ثقافية ومعرفية سامقة، تُنير للعالم أجمع دروب المعرفة والعِلم. وخلال الأيام الماضية، تابعت عن كثب، سواء بالحضور أو عبر التغطيات الإعلامية، ما يشهده معرض مسقط الدولي للكتاب من تطور سنوي يؤكد حرص القائمين عليه، على إيجاد أفضل السبل وتهيئة الظروف المناسبة من أجل تنظيم معرض سنوي للكتاب يليق بمكانة عُمان الثقافية ومكانتها الإقليمية والدولية. وقد تجلّى ذلك في العدد الكبير من دور النشر التي تشارك في المعرض؛ سواء من داخل عُمان أو خارجها، وكان من اللافت للنظر أن عدد دور النشر العُمانية يتزايد عامًا تلو الآخر؛ بل وتتطور الكُتب المعروضة، بما يعكس ازدياد النشاط الأدبي والمعرفي في وطننا الحبيب. ولا يخفى على أحد هذه الطفرة التي نشهدها على ساحتنا الأدبية، في التأليف والكتابة، فقد كان المعرض قبل سنوات، يكتفي بعرض الكتب الأكاديمية والتعريفية التي تُنتجها مؤسسات الدولة، مثل الوزارات والهيئات، وأغلبها كانت كتباً غير جاذبة للقارئ الباحث عن الكلمة والفكرة والمعرفة والعمق والأثر، لكن مع مرور الوقت، وتخريج أجيال واعدة من العُمانيين المُمسكين بتلابيب الثقافة وحبال المعرفة، تشكَّل لدينا مخزون معرفي وثقافي كبير، ينمو عامًا وراء عام، ويتزايد كمًّا وكيفًا، فبدأنا نقرأ لروائيين عُمانيين شباب، وكان لافتًا زيادة أعداد الروائيات من النساء، وجميعهن صاحبات أقلام مبدعة وأسلوب سرد آسر يأخذك إلى عوالم أخرى، تسبح من خلالها في آفاق خلابة. وتزامنًا مع معرض مسقط الدولي للكتاب، تلقيتُ دعوةً كريمة لتغطية معرض أبوظبي الدولي للكتاب بدولة الإمارات العربية المُتحدة، في مشهد يعكس مدى الترابط الفكري والثقافي بين اثنتين من عواصم خليجنا العربي، كما يتزامن في هذه الأثناء انعقاد معرض الشارقة القرائي للطفل في إمارة الشارقة، من المقرر أيضاً أن ينطلق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 مايو المقبل، وجميعها معارض ثقافية وتنويرية تكشف مدى التطور المعرفي والثقافي الذي باتت تشهده دول الخليج خلال السنوات الأخيرة الماضية، في استعادة لأمجاد العرب الأوائل الذين اشتهروا في العالم أجمع ببلاغتهم وفصاحتهم وإمكانياتهم الأدبية العالية، فقد كانت أسواق الشعراء في منطقتنا تتنافس فيما بينها، في ممارسة ظلت راسخة على مدى قرون. والحقيقة أنني في جميع تغطياتي لمعارض الكتاب، سواء في سلطنة عُمان أو خارجها، ألحظُ هذا النهم المعرفي لدى قطاعات عريضة من المجتمع، على الرغم من تغوُّل الأدوات المعرفية الإلكترونية على حياتنا اليومية، بل ومنافسة المنصات الرقمية الترفيهية للكتاب المطبوع في الاستحواذ على المتابعين. ورغم ذلك، يتأكد من خلال معارض الكتاب أن هذا الكتاب المطبوع ما يزال له عظيم الأثر في النفس، وجاذبيته للقراء، فلا شك أن ذلك الملمس المُحبب لصفحات الكُتب له مذاقه الخاص في القراءة، فعلى الرغم من أن الكتاب الإلكتروني أسهل في الاقتناء والحمل وسرعة القراءة ربما، إلّا أن القراءة من الكتاب الورقي المطبوع تظل لها سمتها الخاصة التي لا يُمكن تعويضها، فضلًا عن رائحة الكتب المُميزة والتي تُشعر القارئ بما أنجزه بقراءة كتاب ما. الحديث عن معارض الكتاب يدفعنا لفتح ملف كبير وهو ملف الثقافة والمعرفة في مجتمعاتنا العربية، التي ما تزال القراءة فيها دون المعدلات الدولية، لا أُنكر أن أعدادًا كبيرة من العرب تقرأ، لكن من بيننا فئات كثيرة جدًا لا تقرأ أبدًا، وإن قرأت فلا تُحقق الفائدة المرجوة، نتيجة لضعف المحتوى في بعض الأحيان، أو اقتصاره على جوانب دون أخرى. لذلك يحدوني الأمل في تقديم الدعم اللازم للكُتّاب ودور النشر لمساعدتهم على الاستمرارية في عالمٍ يمضي نحو الرقمنة الشاملة بخطى مُتسارعة، وجمهور البعض منه لم يعد مهتمًا بالقراءة والآخر غير قادر على شراء كل ما يحتاجه من كُتب نتيجة لارتفاع الأسعار. وأخيرًا.. إنَّ الثقافة والمعرفة من الأدوات المؤثرة في صناعة الوعي المجتمعي، وعلى مُختلف المؤسسات المعنية أن تؤدي دورها المأمول من أجل نشر الكلمة وتعظيم أهميتها في المجتمع وفي بناء الفرد والجماعة، وعلينا أيضًا أن نُعزِّز معدلات القراءة من خلال تشجيع أنفسنا والآخرين على القراءة والاطلاع والنهم بالمعارف، فنحن في عصر العِلم والمعرفة، والتقدم نحو المستقبل لن يتحقق دون هذا العِلم والمعرفة.


جريدة الرؤية
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
عُمان تحلق في سماء المجد
مدرين المكتومية برهنتْ الزيارات السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى مختلف العواصم العربية والدولية، على ما تحظى به سلطنة عُمان من مكانة كبيرة، تعكس مدى التقدير والاحترام الذي يُكنه العالم لعُمان، قيادةً وشعبًا، وكشفت عن حجم التعاون والشراكة مع مختلف الدول، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية. هذه المكانة العظيمة لوطننا الحبيب، تعكس البُعد الحضاري لنا كعُمانيين، في ضوء تاريخنا التليد الضارب في الجذور، وحاضرنا المُزدهر بحكمة قائدنا المُفدى وسمو أخلاق شعبنا، علاوة على مستقبلنا الواعد والزاخر بكل فرص التمكين والنماء والاستقرار. ولقد كان للزيارات الأخيرة لجلالة عاهل البلاد المُفدى، إلى كل من هولندا وروسيا، أصداء كبيرة، انعكست في ما شهدته الزيارتان من توقيع على اتفاقيات تاريخية، تدعم جهود الشراكة والتعاون في مختلف المجالات، وخاصة الاستثمارية منها. فإذا ما تطرقنا إلى الاتفاقية التي وقعتها سلطنة عُمان ومملكة هولندا خلال الزيارة السامية الأسبوع الماضي، والتي أُبرمت بين 11 شركة من البلدين؛ لإنشاء أول ممر تجاري في العالم لتصدير الهيدروجين المسال، فإنَّنا نكتشف حجم التعاون عالي المستوى، وتأكيد ما تحظى به عُمان من مكانة وثقة عالمية؛ باعتبارها مركزا آمنا وموثوقا لتصدير الطاقة إلى العالم، ونقطة ارتكاز لوجستية تدعم خطط التحول في الطاقة وجهود زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة النظيفة. وهذه الاتفاقية تمثل اعترافًا دوليًا بأننا في عُمان أصبحنا مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وشريكا استراتيجيا في تعزيز أمن الطاقة العالمي، وفق أعلى معايير الجودة والأمان. أما في الزيارة السامية الكريمة إلى روسيا الاتحادية، فقد وقع البلدان على اتفاقية الإعفاء المُتبادل من التأشيرات لمواطني البلدين، وهي خطوة استراتيجية كبيرة جدًا، تعكس مستوى الترحيب الثنائي والمُتبادل من البلدين لاستقبال المواطنين العُمانيين والروس، سواء لغرض السياحة أو الاستثمار أو التعليم، الأمر الذي يدعم العلاقات الثنائية ويفتح صفحة جديدة من الشراكة والتعاون. أيضًا وقّع البلدان بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني، وهو مشروع لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة بين حكومة سلطنة عُمان وحكومة روسيا الاتحادية، وفي اعتقادي أن هذه اللجنة ستكون بمثابة بوابة استثمارية كبيرة تعمل على بحث المشاريع المشتركة ومتابعة تنفيذها. وترسيخًا للقواعد القانونية وجهود تعزيز النزاهة، أبرم البلدان مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للمعلومات المالية في سلطنة عُمان وخدمة المراقبة المالية الفيدرالية في روسيا الاتحادية، من أجل التعاون في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ونظرًا لما تشتهر به روسيا من تقدم في تقنيات صيد الأسماك وقطاع الثروة السمكية عامة، فقد وقعت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في سلطنة عُمان مذكرة تفاهم مع الوكالة الفدرالية لصيد الأسماك في روسيا الاتحادية للتعاون في المجال السمكي. وبصفتي صحفية، أسعدني كثيرًا التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الإعلام مُمثلة في وكالة الأنباء العُمانية ووكالة سيغودنيا الدولية للإعلام، للتعاون في مجال الأخبار وتبادل المعلومات، وكذلك التعاون في مجال الإعلام بين وزارة الإعلام وقناة "روسيا اليوم"، وهي واحدة من المؤسسات التلفزيونية الدولية الشهيرة ذات التأثير في المشهد العالمي. لا شك أن كل هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تدعم مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي العلاقات التي أكد جلالة السلطان المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، حرصهما على مواصلة تطويرها في شتى المجالات؛ بما يخدم المصالح المُشتركة للبلدين والشعبين الصديقين. ولقد غمرني الفخر الكبير بحفاوة الاستقبال الرسمي لجلالة السلطان في قصر الكرملين، ومدى الانسجام الذي رصدته بين الزعيمين الكبيرين، وهو ما تجلى في تصريحات جلالة السلطان خلال جلسة المباحثات الرسمية؛ حيث أكد جلالته- أعزه الله- أن مباحثاته مع فخامة الرئيس بوتين تركزت على بناء علاقات متينة طيبة بين البلدين، بينما أكد الرئيس بوتين أن هناك الكثير من العمل لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، وذكر بالتحديد مجال الاستثمارات المتبادلة، والترانزيت والنقل والزراعة، وهي مجالات واعدة تفتح الكثير من الآفاق وتساعد في توفير المزيد من فرص العمل، بما يحقق الازدهار والنمو لكلا البلدين. وكم كان لافتًا أن تشهد الزيارة تدشين طابع تذكاري خاص بتصميم فني مميز، وذلك بمناسبة مرور 4 عقود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين عُمان وروسيا، وعندما تأملتُ الطابع البريدي، وجدتُ أنه صُمِّمَ بعناية شديدة لكي يعكس الروابط الاقتصادية والثقافية المتينة بين البلدين، وليكون رمزًا للصداقة والتفاهم. فالطابع يجمع اثنين من الشخصيات الرائدة في عُمان وروسيا، وهُما: الملَّاح والرحّالة العُماني الشهير أحمد بن ماجد السعدي، الذي زار بحر قزوين ومدينة دربند، والتاجر والرحالة الروسي أفاناسي نيكيتين، أول مواطن روسي يزور شبه الجزيرة العربية، والذي وثّق في مؤلفاته إقامة قداس عيد الفصح في مدينة مسقط، في تأكيد على مدى التسامح الديني الذي تنعم به عُمان منذ القدم. ومما يُميِّز زيارات جلالة السلطان، وكل لقاءاته- أعزه الله- مع قادة وزعماء العالم، أنَّ القضية الفلسطينية لا تغيب عن جدول الأعمال؛ حيث يتم تأكيد الموقف العُماني الرافض لكافة أشكال الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وضرورة الوقف الفوري للحرب العدوانية على قطاع غزة، وكذلك أهمية إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهي ثوابت وطنية لا تتزحزح. وأخيرًا.. أعود وأؤكد أنَّ هذه الزيارات السامية عنوان فخر لنا جميعًا، ومحط اهتمام مختلف وسائل الإعلام، بفضل ما تُحققه من إنجازات وتقدم في مسيرة تعزيز علاقات الشراكة والتعاون الثنائية بين عُمان ومختلف دول العالم، بما يضمن ازدهار ونمو اقتصادنا الوطني وتحقيق الرخاء والرفاه لأبناء هذا الوطن العزيز.


جريدة الرؤية
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
الأبعاد الدبلوماسية.. نهج "عُمان المتجددة"
مدرين المكتومية في زمنٍ تتقاطع فيه المصالح وتتشابك التَّحديات، ويُعاد فيه تشكيل ملامح النفوذ العالمي عبر أدوات ناعمة كالدبلوماسية الاقتصادية والثقافية، تبرز سلطنة عُمان بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- كنموذج استثنائي لدولة تُجيد فن التوازن، وتحسن إدارة العلاقات، وتُعيد تعريف حضورها الدولي من بوابة العقلانية والحكمة والاتزان. وها هي الزيارات السامية الخارجية لجلالة السُّلطان، وآخرها زيارته الكريمة إلى مملكة هولندا، تجسِّد هذا الحضور المتفرد لعُمان على الساحة الدولية؛ إذ لم تعد هذه الزيارات مجرّد زيارات تقليدية؛ بل تحولت إلى منصات انطلاق إستراتيجية لرسم ملامح تعاون اقتصادي وثقافي طويل الأمد، مُتكئ على إرث دبلوماسي ضارب في عُمق التاريخ، وممتد بأبعاده إلى مستقبل تصنعه رؤية "عُمان 2040" بعقلانية وطموح. الدبلوماسية العُمانية- بعقيدتها الحكيمة ومبادئها الثابتة- لم تكن يومًا حبيسة ردود الفعل أو أسيرة الظروف المُتقلبة، بل ظلت على الدوام صاحبة موقف، وصاحبة قرار، تنطلق من إرثٍ حضاري عريق، وتجربة ممتدة تعود إلى آلاف السنين، حين كانت عُمان حاضرةً بحرية وسياسية واقتصادية في محيطها الإقليمي والدولي، تتبادل التجارة والمعرفة، وتنشر قيم السلام والانفتاح، حتى قبل أن تتبلور في العالم مفاهيم السياسة والدبلوماسية بمفهومها المعاصر. وفي هذا الامتداد التاريخي المتين، تأتي زيارات جلالة السلطان المعظم لتُعيد إلى الأذهان صورة العُماني المبحر في بحور العالم، الواثق من حضارته، المتجذر في أرضه، المنفتح على غيره، الملتزم بثوابته، المُقبل على المستقبل بعينٍ بصيرة ونفسٍ مطمئنة. ولعلَّ ما يزيد هذه الزيارات بهاءً ووقارًا، أنَّ جلالة السلطان المُعظم يرتدي عمامته البيضاء العُمانية، رمز السلام والتسامح والحكمة؛ فتلك العمامة ليست مجرد مكوّن مظهري، بل هي شارة تُجسّد "الهوية الدبلوماسية العُمانية"، وعقيدتها القائمة على الحياد الإيجابي، والتواصل الحضاري، والانفتاح على الآخر دون تفريط في الثوابت. إنَّ هذه الزيارات السامية ليست فقط لتبادل التحايا البروتوكولية أو توقيع مذكرات التفاهم؛ بل هي محطات إستراتيجية لتعزيز الشراكات الاقتصادية والثقافية؛ بما يتماشى ومستهدفات رؤية "عُمان 2040"، تلك الرؤية الوطنية الطموحة التي تؤمن بأنَّ المستقبل لا يُصنع في الانغلاق، وإنما يُبنى بالتعاون الدولي، والاستفادة من الفرص، وتبادل الخبرات، وتطوير أدوات القوة الناعمة. فالدبلوماسية الاقتصادية اليوم تحتلُّ مكانة مركزية في السياسة الخارجية العُمانية، وجلالة السُّلطان المُعظم -حفظه الله- يقود هذه المرحلة برؤية ثاقبة تستشرف الغد، وتحرص على أن تكون عُمان مركزًا لوجستيا، واقتصاديا، وثقافيا في المنطقة والعالم. لذا، فإنَّ لقاءات جلالته مع قادة الدول ورجال الأعمال وصناع القرار، تستهدف فتح آفاق الاستثمار النوعي، وجذب التكنولوجيا، وتوطين الصناعات، وتوسيع فرص التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والاقتصاد الأخضر، والابتكار، والتعليم العالي، والثقافة والفنون. كما أنَّ الجانب الثقافي يحظى في هذه الزيارات بمكانةٍ سامية، تُبرز الهوية الحضارية العُمانية، وتُقدّم عُمان للعالم باعتبارها دولة ذات إرث ثقافي زاخر، ومجتمع قائم على التنوّع والاعتدال والانفتاح. وتأتي هذه المقاربة الثقافية للدبلوماسية، متسقةً مع البُعد الإنساني لرؤيتنا المستقبلية، التي تجعل من الإنسان محور التنمية، ومن الثقافة أداة للتفاهم وتبادل القيم مع شعوب العالم. وفي ضوء هذه المرتكزات، تمضي الزيارات السامية لجلالة السلطان المفدى -أيده الله- لترسيخ المكانة الدولية لعُمان، ولتكون امتدادًا طبيعيًا لدور دبلوماسي راسخ، قائم على الاحترام والهيبة، والاعتدال والاتزان، والصدق في العلاقات، والوضوح في المواقف. ولعلّ أبلغ تعبير عن فاعلية هذا النهج العُماني، هو ما نلمسه من تقديرٍ عالمي متزايد لسياسة عُمان الخارجية، واحترام لمواقفها، وثقة في وساطاتها، وتقدير عميق لحكمة قائدها، الذي يُجسِّد في كل زيارة خارج الوطن، روح الدولة العريقة، وعقل الدولة الواعية، ونبض الشعب المتسامح، الوفي، المحب للسلام. وأخيرًا.. إنَّ الدبلوماسية العُمانية بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان المفدى، مُجدِّد نهضة عُمان الحديثة -حفظه الله ورعاه- تمضي إلى الأمام بثبات واطمئنان، مُتسلحةً بإرثها العريق، وعمقها الحضاري، ورؤيتها الطموحة، وسُمعتها الناصعة، لتُسهم في بناء عالمٍ أكثر تعاونًا وإنصافًا، وتفتح لعُمان آفاقًا جديدة من الازدهار والنماء.


جريدة الرؤية
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
مسقط.. عاصمة الحكمة والتوازنات الكبرى
مدرين المكتومية كشفت الساعات القليلة الماضية عن حجم التأثير الدبلوماسي لوطننا الحبيب سلطنة عُمان في مجريات السياسة الدولية، بعدما تصدر اسم "عُمان" عناوين الأخبار في شتى بقاع الأرض، وبمختلف لغات العالم، وذلك مع انطلاق أولى جولات المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي قادتها عُمان بحكمة منقطعة النظير. جولة المفاوضات التي استضافتها مسقط من أجل التوصل لاتفاق عادل ومُلزم بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لم تكن مجرد حدث عابر في سجل الدبلوماسية الدولية والإقليمية؛ بل تجلٍ جديد لدورٍ راسخ ومكانة متقدمة أحرزتها عُمان في هندسة التوازنات ونسج عرى التفاوض بين الخصوم، وترجمة عملية لميزان الحكمة الذي تحتكم إليه سياستنا الخارجية المُتفرِّدة، التي ترتكز على الحياد الإيجابي والحوار العقلاني، بابتعاد مشهود عن الاصطفافات الحادة والمحاور المُتصارِعة. وقد آتى هذا النهج أُكُلَه، فأصبحت عُمان اليوم مركزًا دبلوماسيًا موثوقًا للحوار، ووجهة مُفضَّلة لتفكيك الأزمات الإقليمية والدولية، ومتنفسًا سياسيًّا نادرًا حين تُسد الأبواب وتضيق السبل. ففي تطور لافت يعكس هذه المكانة، فتحت السلطنة باب الأمل مجددًا، باستضافتها المحادثات النووية عالية المستوى؛ لتُعيد بذلك فتح نافذة الحوار وسط أجواء مشحونة وتصعيد يُهدد الأمن الإقليمي والدولي. إن اختيار مسقط لاحتضان هذه المفاوضات في ظل تصعيدٍ غير مسبوق في لغة التهديد والوعيد، لا يُقرأ إلا بوصفه شهادة دولية متجددة على الثقة المطلقة في حكمة القيادة العُمانية، وقدرتها على توفير بيئة تفاوضية محايدة وآمنة. وليس الأمر وليد المصادفة، بل نتيجة طبيعية لمسار طويل من السياسات المتزنة التي أثبتت فاعليتها في أكثر الملفات تعقيدًا. وفي هذا السياق، تبرز حكمة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كرمز للرصانة السياسية؛ إذ تمضي إدارته الحكيمة قُدُمًا في تعزيز دور عُمان كجسرٍ للسلام لا كأداة للصراع. وقد أكدت السنوات الأخيرة أن السلطنة، بقيادته -أبقاه الله- تمضي على ذات النهج القويم الذي أسّسه المغفور له السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ولكن بنَفَس جديد يُواكب المتغيرات، ويُعزز مكانة عُمان في عالم متغير. وتتجاوز رمزية الحدث أبعاده التفاوضية المباشرة، لتصبّ في خانة الأثر الأشمل للدور العُماني في هندسة الاستقرار الإقليمي. فعُمان لم تكن يومًا دولة طارئة في مشهد الوساطات، بل لطالما كانت حاضنة لقمم ولقاءات رفيعة بين أطراف مُتخاصمة، من لقاءات سعودية- يمنية إلى عمليات تبادل وإفراج عن محتجزين، لعبت فيها السلطنة دور المفاوض الأمين، والوسيط الصادق. كما لا يُمكن إغفال الأثر التراكمي لهذا الدور، والذي أكسب السلطنة مصداقية استثنائية لدى القوى الدولية، وأطراف النزاعات على حد سواء؛ فهي الدولة التي تملك القدرة على أن تُنصت لكل طرف دون أن تُدين أحدًا، وأن تُقنع الجميع دون أن تُملي على أحد، وهذه ميزة لا تُمنح إلا لمن رسّخ تاريخه في النزاهة والاحترام المتبادل. لقد أدركت الأطراف الدولية والإقليمية أن عُمان، بخبرتها المُتراكمة ورؤيتها البعيدة عن التشنج، تملك من أدوات الإقناع ومفاتيح الاتصال ما لا يتوافر لغيرها. وما كان لهذا الدور أن يترسخ لولا انضباط السياسات العُمانية وثباتها على مبادئها رغم عواصف المنطقة. إنًّ العالم، في لحظاته المأزومة، يحتاج إلى أصوات تتحدث بلغة العقل، لا لغة الرصاص. وعُمان، وهي تحتضن اليوم هذا المسعى الدبلوماسي الجديد، تؤكد مجددًا أنها دولة رسالية تحمل مشعل التهدئة في زمن الصَّخب، وتمدّ يد البناء في عالم تكثر فيه معاول الهدم. وهذه الجولة الاستهلالية من المفاوضات بلا شك، تبقى شاهدًا جديدًا على أن مسقط لم تخرج يومًا عن معادلة التأثير؛ بل إنها تسكن قلبها بثقة وهدوء بفضل حكمتها وثباتها على الموقف، وهو ما جعل الجميع يُكن لها كل التقدير والاحترام، وقبل ذلك كله الثقة في حيادية الدبلوماسية العُمانية الرصينة.