
من الوصاية إلى الشراكة.. النساء في سوريا الجديدة
منذ الساعات الأولى لولادة الدولة السورية الجديدة، وفي خضم التحديات الهائلة التي تواجهها، كان ملفّ المرأة وقضاياها حاضرًا وبقوة.
وكان التساؤل الأبرز الذي يردده الكثيرون يدور حول كيفية تعامل الحكومة الجديدة مع قضايا النساء؛ ابتداءً من ملفّ المعتقلات، ووصولًا إلى الأدوار السياسية التي ستمارسها.
ولم يكن هذا الاهتمام بالمرأة محليًا فحسب، بل لا يزال المجتمع الدولي والإقليمي بكافة مجالات عمله السياسية والإنسانية يطرح في كل لقاء سؤاله حول واقع المرأة السورية، ومجالات الحريات والحقوق الممنوحة لها كدلالة على التوجّهات المستقبلية للدولة.
الحضور المشروط، والغياب المبرّر
من اللافت في الأشهر الخمسة الماضية حضور النساء في الفضاء العام على المستويين: الاجتماعي والإنساني بشكل قوي وواضح، وحضورهنّ المتواضع على المستوى الرسمي والسياسي، فقد ظهرت مشاركة النساء في الفرق التطوعية وفي التظاهرات والاحتفالات والاعتصامات والزيارات والمحاضرات والندوات، بكافة أطيافهنّ تقريبًا وبمبادرة ذاتية.
لقد تسبّب هذا الحضور بحالة من الإرباك، فالمشهد اليوم يستوعب الجميع، ويفسح المجال للتدافع والتنافس والتعاون، ومع ذلك لا تزال هناك شريحة من السوريين عالقة في تصوراتها المنغلقة، ولم تنفتح على فكرة سوريا الكاملة المتنوعة، فثمة من لم يتقبل وجود نساء منقبات في المشهد، كذلك من لم يتقبل ظهور نساء بلباس مختلف أو توجهات ليبرالية، وبدأ تسليط الضوء على كافة الشخصيات النسائية، وترقب أخطائها بالكثير من التركيز.
لقد أبرز المشهد السوري بعد التحرير وجود محاولات إقصائية مارستها بعض النساء تجاه أخريات، ومارسها بعض الرجال تجاه النساء، وانطلق الطرفان من اعتبار أحقية وجود تيار واحد فقط في الصورة والصدارة، وعدم الاعتراف بالأخريات المختلفات، لا سيما حال التقدم لمراكز صناعة القرار.
كما كانت ردّات الفعل عنيفة وقاسية تحمل خلفيات نفسية وأيديولوجية، ابتداء من ردة الفعل العنيفة التي قوبل بها لقاء عائشة الدبس مديرة مكتب المرأة، وصولًا إلى انتقاد وجود شاعرة منتقبة في لقاء مع الرئيس، وحتى اختيار وزيرة مسيحية في الحكومة الجديدة.
لقد كان حضور المرأة في الفضاء العام مشروطًا بقوالب معينة يضعها الجميع تجاه الجميع، وكانت هناك اشتراطات إضافية يفرضها البعض لقبول وجود المرأة في المشهد، لا سيما في الصفوف الأولى، مع وجود حالة تململ من هذا الملف واعتباره ثانويًا في هذه المرحلة، أو قبوله بالإكراه لاعتبارات تتعلق بالتعاطي مع الضغوط الدولية والصورة العصرية التي يراد تسويقها عن سوريا الجديدة، دون قناعة جادة بأحقية هذا الوجود ولا بتلك الأدوار.
الانتقائية في قضايا النساء
وإلى جانب حضور المرأة في المشهد العام، برزت العديد من القضايا كملفات إشكالية في الأشهر الماضية، وقد كان للتيار النسوي الأسبقية في إثارتها ودفعها للواجهة نظرًا لحالة المأسسة والتنظيم والدعم والعلاقات الواسعة التي نجح التيار النسوي ببنائها.
وبالنظر إلى القضايا التي جذبت الاهتمام نجد أن قضايا الحريات الشخصية كالحجاب وشكل اللباس وقضية الفصل بين الجنسين في المرافق العامة، أخذت حيزًا من الاهتمام، بيدَ أن التركيز الأبرز انصب على الانتهاكات التي تعرّضت لها النساء خاصة عقب أحداث الساحل.
فقد حظيت الادعاءات بوجود حالات خطف ممنهجة للنساء على الهُوية ولأقلية محددة، بالكثير من التضامن والتبني رغم عدم التحقّق الدقيق من ملابساتها، إذ إن قضية خطف النساء ليست جديدة على الساحة السورية ولم تختص بالنساء ولا بالأقليات في الساحل فقط، بل كانت ظاهرة ملاحظة شهدتها غالبية المناطق السورية منذ سنوات؛ لأسباب سياسية أو اقتصادية أو انتقامية، وهي ظاهرة حساسة ستستدعي تكاتف الجهود والعمل المشترك على إنهائها بحرص وذكاء لا بتهويل وتجييش؛ حرصًا على الضحايا بشكل رئيسي.
وفي ذات الوقت لم تثر الأخبار المتكرّرة منذ سنوات حول ظاهرة خطف النساء الكرديات؛ بهدف التجنيد الإجباري والعديد منهنّ قاصرات لم يبلغن السن القانونية، نفْسَ الحيز من الاهتمام رغم أنه موثق بتقارير حقوقية من هيومن رايتس وتش، وما زال مستمرًا حتى الآن.
كما لم تلقَ الأخبار المتناقلة في مواقع التواصل الاجتماعيّ حول انتهاكات طالت النساء اللاجئات إلى قاعدة حميميم، نفس التفاعل أو الجهد في التحقق، أو حتى التعاطف والتوثيق الذي يجري في السر والعلن.
ومع هذا التضامن النسوي تجاه قضايا النساء، لم يكن هذا التضامن ذا معايير عادلة، فقد كان يتعلق بنوع الضحية ونوع الجاني، كما كانت حملات المناصرة تقدم التبريرات وتتجاوز عن الأخطاء في بعض الأحيان، بل وتتضامن مع المخطئ إذا كان من نفس التيار والتوجه، في حين يتحول هذا التضامن النسوي إلى هجوم لاذع وإسقاط ممنهج تجاه شخصيات نسائية أخرى جاءت مخالفة للمعايير، فلم يكن مسموحًا لها الخطأ ولم تُلتمس لها الأعذار.
لا يظهر المشهد النسوي السوري خاصة نضجًا حقيقيًا للتعاطي مع حقوق المرأة، إذ إن هذا التضامن يتميز بالانتقائية وتحركه بوصلة الاهتمام الدولي، وهو يتحرك بقصد لفت الانتباه وتحويل قضايا المرأة إلى ملف للتدخل الخارجي ووسيلة للضغط أكثر من كونه محاولة جادة للإصلاح والتحسين، في حين لا يُظهر تيار النساء المحافظ أي شكل تنظيمي أو تفاعلات رسمية مع قضايا النساء العامة إلا بشكل خجول، ويتحرّك بردود فعل متأخرة تتفاعل مع الحدث لا تصنعه.
لقد تحولت قضايا النساء إلى محرض ومحرك للرأي العام، وهو ما أدركته بعض النساء وبدأت باستخدامه كوسيلة للشهرة والانتشار ولفت الأنظار، إذ لا يتطلب الأمر سوى خروج سيدة باكية أو صارخة في بث مباشر، تقدم معلومات مغلوطة وتشتكي من الظلم الواقع عليها، في محاولة لكسب الاستعطاف والتضامن حتى تصبح على صدارة الأخبار وتتحول قصتها إلى قضية رأي عام. والشواهد على ذلك كثيرة، وقد تطوّر الأمر لدى بعضهنّ ليعتبرن أنَّ الصراخ والوقاحة والإساءة دليل على التّحضر وعلى نموذج المشاركة الفعال والمطلوب من النساء في المجتمع.
ماذا نريد في التعاطي مع وجود المرأة وقضاياها؟
قد يبدو هذا السؤال إشكاليًا بذاته، لا سيّما مع غياب الدراسات العلميّة والمنهجية، ولكن سأسمح لنفسي أن أجيب عن هذا السّؤال كوني أتبنّى رأي شريحة واسعة من النّساء السوريات، وأتابع مشاكلهنّ منذ سنوات، وأدرك تمامًا حساسيّة بعض القضايا، والضغط الممارس على الحكومة والمجتمع لإشراك المزيد منهنّ في عملية صناعة القرار.
وربما أضطر للتّذكير بالمعلومة المعروفة بأن النساء في سوريا يشكلن ما يقارب الـ 60 % من مجموع سكانها، وقد حملن على كاهلهنَّ أعباءً ثقيلة، وبادرن للعمل في الظّروف الصعبة، وأثبتن جدارتهنّ في الكثير من المجالات العلمية والعملية والإنسانية وحتى السياسية والإعلامية.
ولهذا تتطلّع المرأة السوريّة إلى أن يثق المجتمع بكفاءتها وقدرتها على العمل والتأثير والإنجاز والبناء دون وصاية أو تشكيك، ودون الدعوة إلى إقصائها أو إبعادها إلى الصفوف الخلفيّة، بل على العكس أن يمكّنها ويدفعها للواجهة لإيمانه بدورها وكفاءتها، فهي شريكة النضال والتضحية والبذل والعطاء والصبر أيام المحن والشدائد.
كما تبرز الحاجة لمعالجة بعض جوانب الثقافة المجتمعية التي تتحرج من ظهور المرأة في الفضاء العام لأسباب مختلفة، وترتبك أحيانًا من هيئتها وأفكارها، أو تحاول التدخل في قضاياها الشخصية كلباسها وطريقة حديثها، أو حتى تفرض القيود على وجودها بحجة الحماية الزائدة.
فهذه الوصاية على سلوك النساء والحماية المُدّعاة لم تعد منطقية في ظل الانفتاح الكبير الذي تعيشه مجتمعاتنا، بل على العكس قد تخلق ردة فعل معاكسة ومتمرّدة تدفع النساء بعيدًا عن مجتمعاتهنّ نحو الطرف المغاير.
وإلى جانب ذلك، فلا بد للمجتمع بأطيافه المختلفة أن يتكاتف ويجرّم استباحة أعراض النساء وعائلاتهن في حال الاختلاف معهن أو ارتكابهن خطأ ما، فما يحدث في السر والعلن معيب جدًا ومخالف لشرع الله، تعالى، إذ تصل هذه الاستباحة حدّ الكبيرة في بعض الأحيان من قذف وسبّ وتشهير وإيذاء يطال السيّدة وعائلتها ومعارفها، أو يسمح البعض لنفسه بالتحرّش بها في الفضاء الافتراضي وتهديدها متناسين بأن الله مطّلع على السرّ والعلن.
وأرسل من هنا رسائل نصح للنساء اللواتي عزمن على اقتحام حقول الألغام والمشاركة في بناء الأوطان، إذ لا يمكن للمرأة أن تمارس دورًا حقيقيًا وتغييرًا إيجابيًا في المجتمع، وهي تقدم نفسها كنموذج يخيف الآخرين ويهاجمهم ويناصبهم العداء، بل ويستقوي عليهم بالخارج.
كما أن هذا الخطاب الاستعلائي المتشنج والأسلوب الفج المثخن بالمصطلحات الغربية والنسوية قد يتسبب في نتيجة تنعكس سلبًا على القضية محل النظر، فتضيع جهود كل من يريد إصلاح أوضاع النساء وحل مشكلاتهن نتيجة سوء تقديم الرسالة وبشاعة الأسلوب.
كما لا يمكن للمرأة أن تمارس دورها أيضًا دون حاضنة مجتمعية تدعمها وتثق برأيها، ولا من خلال عداء مع الرجل والمجتمع وأعرافه وتقاليده كاملة، ولا بمحاولة تغييره قسرًا وفقًا للكتالوج الغربي، ولهذا فإن الانتقائية في اختيار القضايا التي تستحق النضال، والانفصال عن أولويات المجتمع واحتياجاته، والاعتماد على العلاقات والضغوط الخارجية للوصول للمناصب والتمويل، والتهديد والتلويح والاستقواء بالخارج عند أي مشكلة أو اختلاف لا يجعل من أي سيدة مناضلة ولا مدافعة عن حقوق المرأة، بل يحولها في بعض الأحيان إلى مدعية تلهث وراء المناصب والشهرة، وتستخدم قضايا النساء لمنافع شخصية.
هناك شريحة واسعة من النساء السوريات تطمح بإعادة بناء علاقة صحية مع المجتمع، ينتقل فيها من حالة الوصاية عليها إلى حالة الشراكة الحقيقية معها، والاعتراف بأحقية الوجود الفعال في الفضاء العام المؤثر، دون الحاجة للكوتا والضغط الخارجي أو حتى المحسوبيات، وإنما يصبح وجودها ضرورة نتيجة وعي مجتمعي وإدراك ذاتي لأهمية مشاركتها.
كما تأمل هذه الشريحة بضمان حقوق متساوية لجميع النساء بكافة أطيافهن في المشاركة والتمثيل والحصول على المناصب وفق الكفاءة والخبرات، والأحقية بارتكاب بعض الأخطاء والتعلم منها دون الخوف من المجتمع أو من انتقامه الشديد، فمجتمعاتنا تحترم المرأة ودورها وتأثيرها ونحتاج أن نترجم هذا الاحترام إلى واقع عملي ملموس في كافة المجالات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الأونروا تتساءل: لماذا فشل المجتمع الدولي في قطاع غزة؟
قال المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة إن القانون الدولي الإنساني ومواثيق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة تطبق في العالم كله إلا في قطاع غزة، مؤكدا أن المجتمع الدولي والنظام القانوني العالمي يظهران فشلا ذريعا في حماية المدنيين في قطاع غزة. وفي تصريحات للجزيرة نت، أضاف أبو حسنة أن "هناك ازدواجية معايير واضحة الآن"، متسائلا: "كيف يمكن للعالم أن يتفرج على هذا القتل والتجويع واستخدام المساعدات كسلاح؟"، ولفت إلى أن استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني. يأتي ذلك في وقت تطبق فيه إسرائيل الحصار على نحو 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة منذ 11 أسبوعا على التوالي. وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني قال -في تصريحات سابقة اليوم- إن إسرائيل تستغل الجوع والغذاء لأغراض سياسية وعسكرية، مؤكدا أن غزة بحاجة لدعم هائل ومن دون عوائق أو انقطاع لضمان مواجهة الجوع المتفاقم الذي يعاني منه سكان القطاع. وأمس الاثنين، أعلنت إسرائيل أنها سمحت بدخول 100 شاحنة من المساعدات إلى غزة، لكن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جينس لاركي أشار إلى أن 5 شاحنات فقط دخلت فعليا إلى غزة. الخطة الإسرائيلية وتعقيبا على الخطة الإسرائيلية التي تهدف إلى تهجير سكان غزة إلى جنوب القطاع، قال المستشار الإعلامي للأونروا إنها تمثل "عملية تهجير قسري لشعب كبير"، محذرا من أنها قد تقود إلى ارتكاب جريمة حرب. وأشار أبو حسنة إلى أن قطاع غزة يعاني من مجاعة، وأن "الوضع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، فهناك مجاعة حقيقية والمشاهد والصور والتقارير توثق الكارثة في غزة". حتى إن هناك اعترافات رسمية إسرائيلية على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن هناك مجاعة في غزة، حسب ما قاله عدنان أبو حسنة. وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال أمس -في بيان رسمي- إن السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء إلى القطاع جاء بـ"دافع الحاجة العملياتية لتوسيع نطاق القتال"، وليس لأسباب إنسانية، مضيفا أن المساعدات تهدف إلى منع تفاقم أزمة الجوع في غزة، إذ إن تدهور الأوضاع الإنسانية قد يعرّض العملية العسكرية للخطر. تحولات غربية وفي الأيام القليلة الماضية، طالبت عدة دول أوروبية -من بينها فرنسا وإسبانيا وأيرلندا وهولندا- بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، التي تتضمن بنودا تتعلق بحقوق الإنسان. ودعا وزير الخارجية الفرنسي -أمس الاثنين- إلى مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات إلى القطاع. ولذلك يقيّم المستشار الإعلامي للأونروا التحولات في المواقف الغربية بأنها تحمل أهمية متزايدة لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة حدوث تحول حقيقي في الموقف الأميركي، قائلا: "بإمكان الرئيس دونالد ترامب أن يوقف المجاعة والحرب في غزة". وهذه التحولات الغربية يؤكدها أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بباريس زياد ماجد، مشيرا إلى أنه يلاحظ تغيرا في اللهجة والمصطلحات الأوروبية، خاصة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطينية في يونيو/حزيران المقبل، وأن توقيعه بيانا مع رئيسي وزراء بريطانيا وكندا يعكس هذا الاتجاه. لكن ماجد لا يتماهى تماما مع هذه التحولات، ويشكك في حدوث تغيير جذري، مؤكدا أن التحالف مع إسرائيل لا يزال قائما رغم الانتقادات. وقال أستاذ العلوم السياسية إن "الاختبار الفعلي هو في مدى اعتماد عقوبات وليس فقط تصريحات، وهو ما طالبت به المحكمة الجنائية الدولية منذ ديسمبر/كانون الأول 2023″، مشيرا إلى أن الإجراءات الاحترازية لمنع الإبادة الجماعية لم يُتعامل معها بجدية حتى الآن، وهو دليل على ضعف الإرادة السياسية في العواصم الأوروبية. الضغط القانوني وأشار ماجد -في تصريحات للجزيرة نت- إلى جدية الأوروبيين في تنفيذ مذكرات التوقيف التي طالبت بها الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت ، متسائلا: "هل سيمنعون زيارات نتنياهو أو حتى تحليقه في الأجواء الأوروبية إذا قرروا تطبيق القانون الدولي ؟". وكانت منظمات حقوقية هددت بمقاضاة حكومات أوروبية بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة بسبب استمرار التعاون الاقتصادي بين أوروبا وإسرائيل رغم توثيق جرائم الحرب هذه. ودخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2000، وتمنح إسرائيل العديد من الامتيازات في سوق الاتحاد الأوروبي ، وبلغ حجم التجارة بينهما 46.8 مليار يورو عام 2022، مما يجعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. وقال أستاذ العلوم السياسية في باريس"إذا كان مصطلح الإبادة الجماعية لا يزال مرفوضا حكوميا، فإن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا يمكن إنكارها، وعدم التصرف حيال ذلك هو شكل من أشكال التواطؤ". وشدد على أن الامتحان الحقيقي يكمن في اتخاذ قرارات بتجميد الاتفاقات أو فرض العقوبات أو التمسك بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية، مؤكدا أن ما يجري حتى الآن هو محاولات كلامية بلا أثر ملموس على أرض الواقع. وبالإضافة إلى الحصار المطبق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن عدد الشهداء في القطاع وصل اليوم إلى أكثر من 53 ألفا، ونحو 122 ألف إصابة نتيجة عدوان جيش الاحتلال، فضلا عن أعداد غير معلومة تحت ركام منازلهم، وفق أحدث إحصاء لوزارة الصحة في قطاع غزة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
توافق أميركي تركي في واشنطن بشأن سوريا
أكدت مجموعة العمل التركية الأميركية المشتركة بشأن سوريا أهمية الحفاظ على وحدة أراضي سوريا ورفع مستوى التعاون والتنسيق بين أنقرة وواشنطن بشأن أمنها واستقرارها. وذكر بيان -صدر عقب اجتماع المجموعة في العاصمة الأميركية واشنطن، أمس الثلاثاء- أن أنقرة وواشنطن تتشاركان رؤية "سوريا مستقرة ومتعايشة بسلام مع نفسها وجوارها، مما يسمح بعودة ملايين النازحين". وقال البيان المشترك "ملتزمون برفع مستوى التعاون والتنسيق بشأن الاستقرار والأمن في سوريا كما حدده الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان". وأضاف أن الوفدين الأميركي والتركي ناقشا رفع العقوبات الخاصة بسوريا بموجب توجيهات الرئيس ترامب، كما ناقشا الأولويات المشتركة في سوريا ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة وتركيا تدركان أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأن سوريا مستقرة وموحدة ولا توفر ملاذا آمنا لمنظمات إرهابية ستدعم الأمن والازدهار الإقليميين. وكانت مصادر في وزارة الخارجية التركية ذكرت أن الاجتماع انعقد برئاسة مشتركة بين نوح يلماز نائب وزير الخارجية التركي ونظيره الأميركي كريستوفر لاندو. ويكتسب هذا الاجتماع أهمية كبيرة نظرا لانعقاده بعد لقاء مباشر بين الرئيسين السوري أحمد الشرع والأميركي دونالد ترامب في السعودية قبل أيام، وإعلان الأخير رفع العقوبات المفروضة على دمشق. وفي 16 مايو/أيار الجاري، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا، التي بدأت عام 1979 وأصبحت أكثر شمولا مع اندلاع الحرب في البلاد عام 2011. وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 53 عاما من حكم عائلة الأسد. وفي 29 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد، إلى جانب قرارات أخرى، منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية التابعة للنظام المخلوع، وكذلك مجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث، وإلغاء العمل بالدستور.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
"ما وراء الخبر" يناقش تصاعد نبرة التهديد الأوروبية لإسرائيل
تناول برنامج 'ما وراء الخبر' تصعيد عدد من الدول تهديداتها لإسرائيل على خلفية توسيعها العملية العسكرية في قطاع غزة، والظروف التي دفعت هذه الدول التي دعمت تل أبيب إلى تغيير لهجتها.