
ماذا يفعل الشيعة في يوم عاشوراء؟ حزنٌ مقدّس وطقوس مثيرة للجدل
ويشكّل هذا اليوم ذروة موسم الحزن الشيعي، وتترافق معه طقوس خاصة تعبّر عن الألم والوفاء للقيم التي مات من أجلها الحسين، أبرزها العدالة والرفض للظلم، على حد تعبيرهم.
وتتفاوت الطقوس بين المناطق الشيعية، لكنها ربما تشترك في تنظيم مواكب العزاء، وإقامة المجالس الحسينية، واللطم على الصدور، إضافة إلى ممارسات أكثر إثارة للجدل مثل "التطبير" (ضرب الرأس بالسيوف)، وتمثيل مشاهد معركة كربلاء فيما يُعرف بـ "التعزية".
طقوس تتكرر كل عام
منذ دخول شهر محرّم، يبدأ الشيعة بإعلان الحداد، فتُرفع الرايات السوداء في الشوارع والمساجد والحسينيات. وتُقام المجالس الحسينية التي يتلو فيها الخطباء وقائع معركة كربلاء، ويُستحضر فيها الحسين كرمز للثورة والحق، وفقا للمعتقد الشيعي،. وتبلغ ذروة هذه الفعاليات في يوم عاشوراء.
في هذا اليوم، تخرج مواكب اللطم في الشوارع، يضرب المشاركون صدورهم بشكل جماعي على إيقاع قصائد حزينة تعرف بـ "اللطميات"، بينما يهتف المشاركون بـ "يا حسين" في تكرار يهدف لإثارة المشاعر.
التطبير… بين التقليد والانتقاد
أكثر الممارسات إثارة للجدل هي "التطبير"، وهي عادة يضرب فيها البعض رؤوسهم بأدوات حادة حتى يسيل الدم، تعبيرًا عن الحزن على الإمام الحسين. تُمارس هذه الطقوس في العراق، إيران، لبنان، باكستان وأفغانستان، لكنها تلقى رفضًا متزايدًا من بعض المرجعيات الدينية.
المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني، على سبيل المثال، لم يحرّم التطبير صراحة، لكنه دعا إلى تجنّب كل ما يسيء لصورة التشيّع أو يُضعف مضمونه الإصلاحي.
وفي مقابل هذه الممارسات، انتشرت دعوات بديلة في السنوات الأخيرة، تدعو إلى التبرع بالدم في يوم عاشوراء بدلًا من التطبير، وذلك لإحياء الحسين بطريقة إنسانية معاصرة، وهو ما لقي صدى واسعًا في العراق ولبنان.
"تعزية كربلاء" دراما دينية حية
في إيران وبعض المناطق الشيعية في الخليج والعراق، تُقام عروض تمثيلية تُجسّد وقائع معركة كربلاء، تُعرف بـ "التعزية" أو "الشبيه"، وهي تُشبه المسرح الديني، حيث يرتدي المشاركون أزياء تمثّل شخصيات الحسين وأعدائه، ويُعاد تمثيل المعركة وسط بكاء الجمهور.
تُعدّ هذه الطقوس وسيلة تعليمية وشعبية لترسيخ القصة الحسينية في الوعي الشيعي العام، وتحوّل الحزن الفردي إلى حدث جماعي حيّ، وفقًا لطوائف شيعية.
الجانب الاجتماعي والروحي
عاشوراء ليس فقط مناسبة دينية حزينة، بل أيضًا حدث اجتماعي مهم في المجتمعات الشيعية. ففي هذا اليوم، تُوزّع وجبات الطعام والماء مجانًا على المارة والفقراء، ويشارك العديد من الشباب في حملات تطوعية، تنظيمًا وخدمةً، بل وحتى تبرعًا بالدم.
وتقول الباحثة في الدراسات الإسلامية ريشا خنّا: إن عاشوراء أصبح "حدثًا رمزيًا جامعًا، يمزج بين الهوية الدينية والسياسية والاجتماعية للشيعة في العالم، ويُعيد تأكيد المظلومية والتحدي في آنٍ معًا".
ويصادف السبت 5 يوليو 2025، يوم عاشوراء، وهو العاشر من شهر محرّم 1447 هجري، اليوم الذي يُحيي فيه الشيعة في مختلف أنحاء العالم ذكرى وفاة الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء. وتُقام في هذه المناسبة مراسم الحداد، والمواكب الحسينية، والأنشطة الدينية والاجتماعية التي تعبّر عن الحزن، والولاء، والتمسّك بقيم التضحية والعدالة التي جسّدها الإمام الحسين في واقعة كربلاء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الإخبارية
منذ 7 ساعات
- مراكش الإخبارية
طريق الوحدة.. ذكرى خالدة تجسد إرادة المغاربة في البناء والتقدم
تحل اليوم ذكرى انطلاق أشغال بناء طريق الوحدة صيف سنة 1957، هذا الحدث التاريخي الذي شكل محطة بارزة في مسار ترسيخ استقلال المغرب، وتجسيد إرادة أبنائه في بناء وطن موحد لا يهاب التحديات، مهما كانت طبيعتها، ولا يتردد في شق الطرق وسط الصخور والجبال من أجل التقدم والازدهار. طريق الوحدة كانت ولا تزال مدرسة وطنية رائدة في ترسيخ ثقافة العمل التطوعي، ومحطة مشرقة في تجذير قيم المواطنة وروح التضامن. هذه المبادرة الكبرى قادها جلالة الملك المغفور له محمد الخامس، وشارك فيها المغفور له الملك الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، إلى جانب شباب المغرب من مختلف ربوع المملكة الذين جسدوا بأعمالهم قيم الوحدة والإصرار والإرادة. واليوم، يواصل المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس مسيرة البناء والتنمية على نفس النهج الذي يجعل من الوحدة الوطنية والتعبئة الشعبية ركيزتين أساسيتين لمواجهة التحديات وكسب رهانات المستقبل. نموذج مغربي أصيل يضع في صلب أولوياته التنمية الشاملة والمستدامة، ويؤمن بأن التلاحم القوي بين العرش والشعب هو السبيل الأمثل لتحقيق التقدم وتعزيز مكانة المغرب إقليميا ودوليا. إن ذكرى طريق الوحدة تشكل مناسبة لاستحضار قيم العطاء والتضحية والعمل الجماعي التي كانت وما زالت الأساس المتين لكل مشروع وطني يسعى إلى بناء مغرب قوي، متماسك ومتضامن، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.


اليوم 24
منذ 9 ساعات
- اليوم 24
وفاة محمد بنجلون أندلسي الرئيس السابق للجمعية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني
توفي اليوم بمستشفى الشيخ زايد بالرباط محمد بنجلون أندلسي، أحد أبرز الشخصيات في حزب الاستقلال وذراعه النقابي الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وذلك بعد معاناة مع المرض. ونعت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، وفاة محمد بنجلون أندلسي، الرئيس السابق للجمعية، وأحد أبرز الشخصيات الوطنية المدافعة عن القضية الفلسطينية في المغرب. وعبرت الجمعية بقلوب خاشعة ومؤمنة، عن حزنها العميق لرحيل الرجل الذي كرّس حياته لخدمة القضية الفلسطينية ونصرة شعبها في مسيرته نحو التحرر والاستقلال. ووصف البيان الفقيد بأنه « مناضل فذ » ارتبط اسمه بالدفاع المبدئي عن الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، ونضاله السياسي في صفوف حزب الاستقلال والاتحاد العام للشغالين بالمغرب. كما تقدمت الجمعية بأحر التعازي والمواساة إلى أسرته الصغيرة، وكذا إلى رفاقه ومُحبيه، راجية من الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان. وينتظر أن تتم مراسيم الجنازة في مقبرة الشهداء غدا الإثنين ظهرا.


أخبارنا
منذ 9 ساعات
- أخبارنا
بنكيران للبوليساريو: أنتم مغاربة ومشروعكم الانفصالي مات.. ارجعوا لبلادكم
خلال المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة، وجّه عبد الإله بنكيران رسالة حادة إلى قادة جبهة البوليساريو، مذكّرًا إياهم بأنهم "في الأصل مغاربة"، ومحذّرًا من أن مشروعهم الانفصالي "مات ولن يوصلكم إلى شيء". ودعاهم إلى "العودة إلى بلادهم"، مشيرًا إلى أن "الملك محمد السادس منحهم الحكم الذاتي"، وأضاف أنهم أصبحوا مجرد "أداة في يد النظام الجزائري". من جهة أخرى، وصف بنكيران في كلمته وفاة القيادي الراحل عبد الله بها بأنها "علامة من الله" كشفت عن تعاطف الشعب مع الحزب، مستشهداً بشهادة الإعلامي الراحل عبد الله شقرون الذي تأثر بوفاة بها رغم عدم لقائه به. كما ردّ على منتقديه مؤكدًا أن حزب العدالة والتنمية ارتقى بالمصداقية لا بالمناورات، مستعرضًا مسار الحزب منذ انتخابات 2011 حتى لحظة "البلوكاج" التي أدت إلى إعفائه من تشكيل الحكومة بعد رفضه الخضوع لضغوط بعض الأحزاب للمطالبة بحقائب وزارية أكثر. ودافع بقوة عن مناضلي حزبه مشددًا على نظافة أيديهم، قائلاً: "35 جماعة و14 نائب، وما كاين حتى واحد فالحبس". مع اعترافه بوجود أخطاء في الولاية الثانية، لكنه أكد أن "الشعب بدأ يفهم الحقيقة". وجدد تمسكه بالملكية، واصفًا الملك محمد السادس بـ"ضامن الاستقرار"، مضيفًا: "لو لم يكن، الله أعلم ما الذي كان سيقع"، معترفًا بأن الحزب كان في بداياته يفتقر إلى فهم الدور التحكيمي للمؤسسة الملكية. وختم كلمته بالتأكيد على أن حزب العدالة والتنمية هو "هدية ربانية تأسس على مبادئ الدين"، معبرًا عن تفاؤله بوعي المغاربة، قائلاً: "حتى اللي ما كيصليش، كيعرف الخير من الشر، وهذا هو أملنا".