logo
#

أحدث الأخبار مع #الحسينبنعلي،

التطبير سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية
التطبير سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية

السوسنة

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • السوسنة

التطبير سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية

البحث عن الهوية يشكّل الهاجس الأكبر لأطراف أحزاب الإسلام السياسي الشيعي التي تهيمن على السلطة في العراق، ويأتي التصعيد في الخطاب الطائفي كجزء من هذا المسار. ويكمن مسار هذا البحث بالبقاء في المعادلة السياسية. فبعد سلسلة الضربات الموجعة التي تلقاها ما يُعرف بـ"محور المقاومة والممانعة"، والذي أصبح غائبًا إلى حد كبير عن الخطاب السياسي لتلك الجماعات المنضوية ضمن الفلك القومي الإيراني بقيادة أيديولوجية ولاية الفقيه، برزت الحاجة إلى خطاب بديل يُعيد ترتيب أوراق النفوذ والوجود.جاء هذا التحول خاصة في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والهزيمة العسكرية لحزب الله اللبناني وما تبعها من انتكاسات سياسية في لبنان، وتقزيم نفوذ الحوثيين، وتراجع الميليشيات الولائية في العراق واختفائها خشية الاصطدام بالعاصفة الإسرائيلية. في ضوء ذلك، صعد الخطاب الطائفي ليحل محل خطاب المقاومة والممانعة، في محاولة يائسة للحفاظ على ما تبقى من الامتيازات السياسية وضمان استمرار حضور هذا التيار في المشهد الإقليمي.التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر ليس بمنأى عن التحولات العاصفة التي تمر بها حركات الإسلام السياسي الشيعي في المنطقة، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على إيران وتصاعد المخاوف من مؤامرات تهدف إلى إسقاط النظام الإسلامي هناك.في هذا السياق، يسعى التيار الصدري إلى تجديد هويته الطائفية وإعادة تأكيد وجوده السياسي. وبعد أن غيّر مقتدى الصدر اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، بدأ يروّج لخطاب يسمح بإحياء بعض الطقوس المثيرة للجدل، أبرزها "التطبير" - وهو طقس يتم خلاله ضرب الرأس بآلة حادة جلدا للذات وحزناً على مقتل الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في يوم عاشوراء.وقد اختلف الفقهاء والعلماء في الطائفة الشيعية حول مشروعية "التطبير" بين التحريم والإباحة. ونشأ هذا الطقس في الحقبة الصفوية وتحديدا في ظل حكم إسماعيل شاه الصفوي الذي اعلن تبنيه المذهب الاثني عشري الشيعي، بعد تحول الدولة الصفوية الحاكمة في إيران من المذهب السنّي إلى الشيعي، كجزء من محاولة بلورة هوية مذهبية مميزة في مواجهة الدولة العثمانية السنّية، في سياق صراع جيوسياسي واضح.ومن منظور العلم، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني والمتحضر، فإن طقس "التطبير" يُعدّ شكلاً من أشكال إيذاء النفس، ويجب منعه ومحاسبة المحرّضين عليه. بل إنه، وفق معايير الطب النفسي الحديث، يُقارن بمحاولة انتحار جزئية، ما يضع مرتكبه تحت المراقبة الطبية والنفسية، وبرعاية قانونية، حتى تجاوز تلك المرحلة.بوجه عام، يعتمد التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر على المناسبات والطقوس الدينية لإعادة تأكيد حضوره الاجتماعي، وبالتالي تعزيز شرعيته السياسية. ففي مثل هذه المناسبات، يسعى التيار إلى تجديد صورته أمام جمهوره، ويبرز طقس "التطبير" كجزء من هذا السعي، كما هو الحال لدى باقي قوى الإسلام السياسي الشيعي التي تتنافس بشدة خلال شهر عاشوراء لإثبات "الحقانية الطائفية".تستخدم هذه القوى طقوس عاشوراء، والزيارات الدينية والمواكب، كأدوات لإظهار النفوذ الجماهيري، وغالباً ما يتم تضخيم الأرقام بشكل كبير عند الإعلان عن أعداد المشاركين. فعلى سبيل المثال، أعلنت بعض الجهات العام الماضي أن أكثر من 20 مليون شخص شاركوا في إحياء أربعينية الإمام الحسين في مدينة كربلاء. لكن عند مقارنة هذا الرقم بإمكانيات المدينة من حيث البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والمساحة الجغرافية، فلا يمكن بأي حال مقارنتها بمدينة مكة التي تستضيف سنوياً موسم الحج، ويصل عدد المشاركين فيه إلى حوالي مليونين فقط، رغم التنظيم الهائل والإمكانيات المتقدمة المتوفرة هناك.هذا التفاوت بين الأرقام المعلنة والواقع العملي يشير إلى استثمار سياسي وطائفي واضح في هذه المناسبات، حيث تُستخدم لإبراز القوة والشرعية الزائفة أكثر مما تعكس واقعاً دقيقاً أو موضوعياً.ومن هنا يمكن الاستنتاج أن هذه المناسبات الدينية تُستغل لإعادة صياغة معادلة المحاصصة السياسية، وتبرير أحقية هذه الجماعات في البقاء في السلطة وتدويرها فيما بينها.مقتدى الصدر، الذي أجاز مؤخرًا ممارسة طقوس التطبير، لم يعد أمامه خيار بعد أن نأى بنفسه عن المواجهة مع "الشيطان الأكبر" (الولايات المتحدة) وحليفتها إسرائيل، وامتنع عن اتخاذ موقف صريح من الحرب الإسرائيلية على إيران تحت شعار "الدفاع عن العراق"، سوى التشبث بهويته الطائفية لتثبيت وجوده السياسي.فبعد أن هُزم في "ثورته العاشورائية" عشية تشكيل حكومة السوداني على يد خصومه في "الإطار التنسيقي"، وأُقصي من تشكيل الحكومة بقرار المحكمة الاتحادية عبر ما عُرف بـ"الثلث المعطّل"، بالإضافة إلى فشله العسكري في معركة المنطقة الخضراء، أصبح يبحث عن كل فرصة لتأكيد حضوره وتجديد هويته السياسية الطائفية، تمهيدًا للعودة إلى السلطة. وقد تجلى ذلك في عدة تحركات، منها: الدفع لتمرير قانون يكرّس عيد الغدير مناسبة رسمية- هو يوم إعلان أحقية علي بن أبي طالب بالخلافة التي جاء في خطبة النبي محمد- السماح لأنصاره باقتحام السفارة السويدية على خلفية حادثة حرق المصحف، تمرير "قانون السلة الغذائية" تغيير اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، وأخيرًا، السماح بممارسة التطبير علنًا. كل هذه الخطوات ليست سوى جزء من استراتيجية إثبات الوجود، وإعادة التأكيد على أحقيته في زعامة الطائفة والقيادة السياسية في العراق عبر بوابة الهوية الطائفية.أما مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، والمطالبة في بيانه الأخير بشروط مشاركته من خلال حل المليشيات وانتهاء الفساد والقضاء على الفاسدين، فليست سوى محاولة لذر الرماد في العيون، وامتهان النفاق السياسي بحرفية عالية أسوة بأخوته الأعداء في العملية السياسية. فالميليشيا التابعة له، "سرايا السلام"، لا تزال تسيطر على مدينة سامراء، حيث مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، وتمارس هناك حملات اعتقال واسعة والاخفاء القسري لأهالي المدينة دون أي أوامر قضائية منذ سيطرتها على المدنية تحت عنوان محاربة داعش، وتقوم بمصادرة الممتلكات، و بأعمال قتل وترهيب بحق كل من يعارضها. ومع ذلك، لا نجد أي حكومة متعاقبة تجرؤ على مساءلتها، بل يسود صمتٌ مريب من الجميع.وفي الوقت الذي يدّعي فيه الصدر محاربة الفساد، كان هو نفسه جزءًا من منظومة الفساد. فقد دعم نوري المالكي خلال انتفاضة شباط 2011، وشارك وزراؤه الخدميون في عمليات فساد ضخمة في عهده. كما ساهم في إنقاذ حكومة حيدر العبادي عام 2015 من قبضة التظاهرات التي رفعت شعارات مثل: "باسم الدين باگونا الحرامية"، و"من دخل بيها أبو عمامة صار البوك للهامة".ولم يكتفِ بذلك، بل أعاد تثبيت العملية السياسية ذاتها من خلال تدخل ميليشياته، التي أضاف لها اسمًا جديدًا آنذاك، "أصحاب القبعات الزرقاء"، لقمع انتفاضة تشرين وتسهيل تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي.التيار الصدري وزعيمه اليوم يقفان في انتظار ما ستؤول إليه تداعيات الحرب الإسرائيلية على ايران هذه الحرب، طمعًا في استغلال اللحظة المناسبة للانقضاض على السلطة من جديد.إن الشعبوية، التي يتّبعها التيار الصدري كمنهج، تتميّز بهوية قومية محلية تُسمّى بالوطنية، وتعتمد في خطابها على استثارة أكثر التصورات والمشاعر الرجعية والمنحطة والمتخلّفة، على غرار التيارات الشعبوية الأخرى في العالم. وما إحياؤه لطقس مثل "التطبير" سوى جزء من استراتيجية ممنهجة للتأكيد على هويته الطائفية، والتحضير للعودة السياسية في أجواء إقليمية ملتهبة تسير نحو مزيد من الاستقطاب.إن "التطبير"، في هذا السياق، ليس مجرد طقس ديني، بل أداة سياسية جهنمية تُستخدم لتكريس التخلف. لذلك، من واجب كل من يسعى إلى كرامة الإنسان والدفاع عن حقوقه أن يرفض هذه الممارسات التي تحطّ من قيمة الإنسان، وتشجّع على الإذلال الذاتي.إن الدفاع عن كرامة الإنسان – باعتباره أثمن ما في المجتمع – لا يتحقق إلا عبر بناء دولة علمانية حديثة، تقدّم الإنسان على الدين والطائفة والقومية والعرق والجنس، والعقل على الخرافة، والحرية على الطاعة العمياء.

ماذا يفعل الشيعة في يوم عاشوراء؟ حزنٌ مقدّس وطقوس مثيرة للجدل
ماذا يفعل الشيعة في يوم عاشوراء؟ حزنٌ مقدّس وطقوس مثيرة للجدل

كش 24

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • كش 24

ماذا يفعل الشيعة في يوم عاشوراء؟ حزنٌ مقدّس وطقوس مثيرة للجدل

في كل عام، يُحيي الشيعة في مختلف أنحاء العالم ذكرى عاشوراء، وهو اليوم الذي يُصادف مقتل الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء سنة 680 ميلادية. ويشكّل هذا اليوم ذروة موسم الحزن الشيعي، وتترافق معه طقوس خاصة تعبّر عن الألم والوفاء للقيم التي مات من أجلها الحسين، أبرزها العدالة والرفض للظلم، على حد تعبيرهم. وتتفاوت الطقوس بين المناطق الشيعية، لكنها ربما تشترك في تنظيم مواكب العزاء، وإقامة المجالس الحسينية، واللطم على الصدور، إضافة إلى ممارسات أكثر إثارة للجدل مثل "التطبير" (ضرب الرأس بالسيوف)، وتمثيل مشاهد معركة كربلاء فيما يُعرف بـ "التعزية". طقوس تتكرر كل عام منذ دخول شهر محرّم، يبدأ الشيعة بإعلان الحداد، فتُرفع الرايات السوداء في الشوارع والمساجد والحسينيات. وتُقام المجالس الحسينية التي يتلو فيها الخطباء وقائع معركة كربلاء، ويُستحضر فيها الحسين كرمز للثورة والحق، وفقا للمعتقد الشيعي،. وتبلغ ذروة هذه الفعاليات في يوم عاشوراء. في هذا اليوم، تخرج مواكب اللطم في الشوارع، يضرب المشاركون صدورهم بشكل جماعي على إيقاع قصائد حزينة تعرف بـ "اللطميات"، بينما يهتف المشاركون بـ "يا حسين" في تكرار يهدف لإثارة المشاعر. التطبير… بين التقليد والانتقاد أكثر الممارسات إثارة للجدل هي "التطبير"، وهي عادة يضرب فيها البعض رؤوسهم بأدوات حادة حتى يسيل الدم، تعبيرًا عن الحزن على الإمام الحسين. تُمارس هذه الطقوس في العراق، إيران، لبنان، باكستان وأفغانستان، لكنها تلقى رفضًا متزايدًا من بعض المرجعيات الدينية. المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني، على سبيل المثال، لم يحرّم التطبير صراحة، لكنه دعا إلى تجنّب كل ما يسيء لصورة التشيّع أو يُضعف مضمونه الإصلاحي. وفي مقابل هذه الممارسات، انتشرت دعوات بديلة في السنوات الأخيرة، تدعو إلى التبرع بالدم في يوم عاشوراء بدلًا من التطبير، وذلك لإحياء الحسين بطريقة إنسانية معاصرة، وهو ما لقي صدى واسعًا في العراق ولبنان. "تعزية كربلاء" دراما دينية حية في إيران وبعض المناطق الشيعية في الخليج والعراق، تُقام عروض تمثيلية تُجسّد وقائع معركة كربلاء، تُعرف بـ "التعزية" أو "الشبيه"، وهي تُشبه المسرح الديني، حيث يرتدي المشاركون أزياء تمثّل شخصيات الحسين وأعدائه، ويُعاد تمثيل المعركة وسط بكاء الجمهور. تُعدّ هذه الطقوس وسيلة تعليمية وشعبية لترسيخ القصة الحسينية في الوعي الشيعي العام، وتحوّل الحزن الفردي إلى حدث جماعي حيّ، وفقًا لطوائف شيعية. الجانب الاجتماعي والروحي عاشوراء ليس فقط مناسبة دينية حزينة، بل أيضًا حدث اجتماعي مهم في المجتمعات الشيعية. ففي هذا اليوم، تُوزّع وجبات الطعام والماء مجانًا على المارة والفقراء، ويشارك العديد من الشباب في حملات تطوعية، تنظيمًا وخدمةً، بل وحتى تبرعًا بالدم. وتقول الباحثة في الدراسات الإسلامية ريشا خنّا: إن عاشوراء أصبح "حدثًا رمزيًا جامعًا، يمزج بين الهوية الدينية والسياسية والاجتماعية للشيعة في العالم، ويُعيد تأكيد المظلومية والتحدي في آنٍ معًا". ويصادف السبت 5 يوليو 2025، يوم عاشوراء، وهو العاشر من شهر محرّم 1447 هجري، اليوم الذي يُحيي فيه الشيعة في مختلف أنحاء العالم ذكرى وفاة الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء. وتُقام في هذه المناسبة مراسم الحداد، والمواكب الحسينية، والأنشطة الدينية والاجتماعية التي تعبّر عن الحزن، والولاء، والتمسّك بقيم التضحية والعدالة التي جسّدها الإمام الحسين في واقعة كربلاء.

ملايين الشيعة يحيون ذكرى عاشوراء.. طقوس تاريخية ودلالات سياسية حاضرة
ملايين الشيعة يحيون ذكرى عاشوراء.. طقوس تاريخية ودلالات سياسية حاضرة

أهل مصر

time٠٥-٠٧-٢٠٢٥

  • منوعات
  • أهل مصر

ملايين الشيعة يحيون ذكرى عاشوراء.. طقوس تاريخية ودلالات سياسية حاضرة

تستعد ملايين المسلمين الشيعة في العراق وحول العالم لإحياء ذكرى عاشوراء خلال الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، في طقس سنوي يتسم بالحزن العميق وإحياء لذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، في واقعة كربلاء. هذه المناسبة، التي تحمل أهمية دينية وتاريخية كبرى، تشمل إقامة المجالس الحسينية وتسيير المواكب الحاشدة، إلى جانب البكاء ولطم الصدور تعبيراً عن الحزن. ويتحول اللون الأسود إلى سمة غالبة في هذه الأيام، ليشمل اللباس والرايات الحسينية المنتشرة في الشوارع والمباني، في دلالة واضحة على الحداد. وتعد هذه المجالس والمواكب، التي غالباً ما يرافقها تقديم الطعام للمحتاجين، من أبرز الطقوس لدى الشيعة الذين يؤمنون بأن تضحية الإمام الحسين كان لها دور محوري في ترسيخ الدين وديمومة المعتقد، لما تمثله من شاهد على الثبات على المبدأ والمطالبة بالحق. "التشابيه" وإلهام الفن في بعض المناطق، يتضمن إحياء الذكرى عروضاً مسرحية في الهواء الطلق تسمى "التشابيه"، يتم خلالها تجسيد أحداث واقعة كربلاء وشخصياتها الرئيسية أمام حشود غفيرة من الجمهور. هذه العروض، بالإضافة إلى الجانب الديني، ألهمت ولا تزال تلهم الرسامين والفنانين حتى يومنا هذا، حيث يرى البعض فيها مصدراً عميقاً للدراما الإنسانية والتضحية. ويرى البعض أن إحياء هذه الذكرى ينبع من شعور تاريخي بالذنب جراء "خذلان الإمام الحسين والتقاعس عن نصرته" عند قدومه إلى الكوفة. بينما يعزو آخرون استذكار الحدث إلى أهميته الدينية العميقة في تعزيز الإيمان والصمود. كربلاء نقطة الارتكاز وطقوس عالمية على الرغم من أن مدينة كربلاء في العراق هي المحور الرئيسي لإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين وأربعينيته، حيث يؤمها الزوار من مختلف مناطق العراق وخارجه، إلا أن طقوس عاشوراء تمارس أيضاً في مدن عراقية أخرى ذات غالبية شيعية، بالإضافة إلى العديد من البلدان حول العالم التي تضم مجتمعات شيعية كبيرة. تقييد الطقوس: تاريخ من التضييق عانى إحياء طقوس عاشوراء عبر التاريخ من فترات مختلفة من التقييد والمنع من قبل السلطات. فخلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، اتخذت السلطات إجراءات صارمة للحد من ممارسة طقوس الشيعة، الذين يشكلون الأغلبية السكانية في البلاد. ولم تكن هذه الإجراءات هي الأولى من نوعها؛ فالمؤرخون الشيعة يشيرون إلى أن شعائر عاشوراء مُنعت في بعض الحواضر خلال حكم المماليك في العراق بين منتصف القرن الثامن عشر والربع الأول من القرن التاسع عشر. غير أنها استؤنفت لاحقاً خلال الحكم العثماني بعد توقيع وثيقة سلام بين الأستانة والإيرانيين. كما جرت مساعٍ أخرى للسيطرة على هذه الطقوس في فترات أخرى من تاريخ العراق الحديث، خاصة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي إبان الحكم الملكي. ويُعد الدافع السياسي أحد أهم العوامل التي تدفع السلطات لاتخاذ إجراءات لتقييد هذه التظاهرات، خشية تحولها إلى أداة ضغط سياسية. فمثل هذه المناسبات قد تصبح وسيلة للتعبير عن الاعتراض أو الرفض أو الاحتجاج، وربما تشكل حافزاً للانتفاضات العشائرية والمناطقية. ما بعد الغزو الأمريكي: حرية ومخاطر شهد العراق عام 2003، مع انهيار نظام صدام حسين عقب دخول القوات الأمريكية وحلفائها (في فترة رئاسة دونالد ترامب الذي كان رئيساً آنذاك للولايات المتحدة)، تغييراً جذرياً في الخارطة السياسية. حصل الشيعة على تمثيل بارز في الحكومة، بعد أن كانوا مهمشين في ظل الحكومات "السنية" التي سبقت ذلك التاريخ. وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق، هيمنت الأحزاب الإسلامية الشيعية على الحكومة، بمشاركة قوى سنية وكردية، وفق الترتيبات التي أفرزتها مرحلة الغزو وما بعده. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ممارسة طقوس عاشوراء وغيرها من المناسبات الدينية تجرى بحرية، وأحياناً دون قيود. ومع ذلك، لم تكن هذه الحرية خالية من المخاطر. فقد أصبحت التجمعات العاشورائية هدفاً سهلاً للهجمات الانتحارية والتفجيرات التي نفذتها جماعات متشددة، سواء أثناء وجود القوات الأمريكية في البلاد أو بعد خروجها في نهاية عام 2011. هذه الهجمات أدت إلى استشهاد وجرح الآلاف من المشاركين، مما يضيف بعداً مأساوياً آخر إلى ذكرى تحمل في طياتها الكثير من الألم والتضحية.

عاشوراء: لماذا يحيي الشيعة ذكرى مقتل الحسين وكيف تُقام طقوسها؟
عاشوراء: لماذا يحيي الشيعة ذكرى مقتل الحسين وكيف تُقام طقوسها؟

شفق نيوز

time٠٥-٠٧-٢٠٢٥

  • سياسة
  • شفق نيوز

عاشوراء: لماذا يحيي الشيعة ذكرى مقتل الحسين وكيف تُقام طقوسها؟

لعاشوراء في ذاكرة المسلمين الشيعة في العراق وبلدان أخرى مكانة خاصة، إذ يحيون سنوياً طقوس مقتل الإمام الحسين بن علي، بالقرب من كربلاء في القرن السابع للميلاد. فلماذا يحتفي الشيعة بهذه الذكرى وما هي الطقوس التي يقيمونها؟ يروي مؤرخون أن الحسين بن علي بن أبي طالب توجه مع عدد من أهله وصحبه إلى الكوفة قادماً من الحجاز عام 680 ميلادية، للمطالبة بالخلافة بعد تلقيه دعوات من أهل العراق. وكان يزيد بن معاوية قد تولى الخلافة إثر وفاة أبيه، الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان. لكن والي يزيد في البصرة والكوفة أرسل قوة لمواجهة الحسين مع النفر القليل من أنصاره، مما اضطرهم إلى مواصلة السير باتجاه كربلاء. وهناك حوصروا ومنعوا من الوصول إلى ماء نهر الفرات، ومن ثم قتلوا بعد منازلة غير متكافئة. وأسرت النساء والأطفال، وبين من أسر أخته زينب وابنه علي زين العابدين، الإمام الرابع لدى الشيعة. منعطف تاريخي يُعدّ مقتل الحسين وأنصاره وسبي أهله في "واقعة الطف" منعطفاً هاماً في تحديد المنحى الذي سارت عليه طقوس الطائفة الشيعية، الأمر الذي أسهم، إلى حد كبير، في تشكيل هويتها. فقد مثّل مقتل الإمام الثالث عند الشيعة الإثني عشرية سنة 61 هجرية فاصلاً تاريخياً دأبوا على استحضاره سنوياً للتفكّر في دلالاته ومعانيه. إلا أن رمزية الحدث وعِبَره تجاوزت دائرة الإيمان الديني أو الانتماء الطائفي، وامتدت إلى أوساط اجتماعية وسياسية واسعة تقف ضد الظلم وتطالب بالعدالة، مستنيرة بقول الحسين في تلك الواقعة "إنما خرجت لطلب الإصلاح". AFP أما طقوس هذه المناسبة، التي تبدأ في الأول من محرم لتبلغ ذروتها في العاشر منه، فلم تقتصر على المجتمع الشيعي في العراق بل يجري إحياؤها في بلدان إسلامية أخرى، لهذه الطائفة وجود فيها، كما امتدت إلى بلدان المهجر أيضا، وإن على نطاق ضيق. عادات وتقاليد تقام خلال الأيام العشرة الأولى من محرم المجالس الحسينية وتسيّر المواكب لاستذكار الحدث والتعبير عن الحزن بالبكاء ولطم الصدور. وينتشر اللون الأسود تعبيراً عن الحزن ليشمل اللباس والرايات الحسينية. وتعد تلك المجالس والمواكب، التي يرافقها تقديم الطعام لمن يحتاجه، من أهم الطقوس لدى الشيعة الذين يؤمنون بأن لمقتل الحسين دوراً في ترسيخ الدين وديمومة المعتقد، لما يملكه من شاهد على الثبات على المبدأ والمطالبة بالحق. وفي بعض المناطق يتضمن إحياء الذكرى مسرحة الحدث، إذ تقدم عروض في الهواء الطلق تسمى "التشابيه" تروى خلالها أحداث واقعة كربلاء وتجسد شخوصها الرئيسية، بحضور أعداد غفيرة من الجمهور. وهناك من يراه نوعاً من الشعور التاريخي بالذنب بسبب "خذلان الإمام الحسين والتقاعس عن نصرته" عند قدومه إلى الكوفة، وثمة من يعزوه إلى الجهل في مغزى استذكار الحدث. يجري إحياء ذكرى مقتل الحسين، وأربعينيته كذلك، في مدينة كربلاء التي يؤمها الزوار من مناطق مختلفة في العراق وخارجه. لكن طقوسها تمارس أيضا في المدن الأخرى التي تقطنها غالبية شيعية في العراق، إضافة الى بلدان أخرى. تقييد الطقوس EPA كانت السلطات العراقية إبان حكم الرئيس السابق صدام حسين، اتخذت إجراءات للحد من ممارسة طقوس الشيعة الذين يشكلون الأكثرية السكانية في البلاد. لكن إجراءات التضييق تلك لم تكن الأولى من نوعها في التاريخ، فقد تعرضت الطقوس الشيعية إلى مواقف مشابهة في فترات تاريخية سابقة. ويشير المؤرخون الشيعة إلى أن شعائر عاشوراء منعت في بعض الحواضر إبان حكم المماليك الذين حكموا العراق بين منتصف القرن الثامن عشر إلى الربع الأول من القرن التاسع عشر. لكنها استؤنفت في ما بعد خلال الحكم العثماني عندما وقعت الاستانة وثيقة سلام مع الإيرانيين إثر انتهاء حكم المماليك. كما جرت مساعٍ أخرى للسيطرة عليها في فترات أخرى من تاريخ العراق الحديث وخصوصاً في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، أي إبان الحكم الملكي. ويعد الدافع السياسي من أهم العوامل التي تحدو بالسلطات إلى اتخاذ إجراءات لتقييد تلك التظاهرات ومنع تحولها إلى أداة ضغط سياسية، لكونها مناسبة للتعبير عن الاعتراض أو الرفض أو الاحتجاج، وربما تشكل حافزاً للانتفاضات العشائرية والمناطقية. ما بعد الاحتلال Reuters لكن ما شهده العراق عام 2003 مع انهيار نظام صدام حسين إثر دخول القوات الأمريكية وحلفائها البلاد، غيّر من الخارطة السياسية إذ حصل الشيعة على تمثيل بارز في الحكومة، بعد أن كانوا في الظل أثناء الحكومات التي توصف بأنها "سنية" في الفترات التي سبقت ذلك التاريخ. وبعد إجراء انتخابات برلمانية في العراق هيمنت الأحزاب الإسلامية الشيعية على الحكومة بمشاركة قوى سنية وكردية حسب الترتيبات التي أفرزتها مرحلة الاحتلال وما بعده. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ممارسة طقوس عاشوراء وغيرها من المناسبات الدينية تجرى بحرية وأحيانا دون قيود. لكن تلك التجمعات أضحت هدفاً سهلاً للهجمات الانتحارية والتفجيرات التي نفذتها جماعات متشددة أثناء وجود القوات الأمريكية في البلاد وبعد خروجها في نهاية عام 2011.

الطيفُ الذي لا يموت: بين الثورة والجيش
الطيفُ الذي لا يموت: بين الثورة والجيش

خبرني

time٢٢-٠٦-٢٠٢٥

  • سياسة
  • خبرني

الطيفُ الذي لا يموت: بين الثورة والجيش

خبرني - حين تهمس الأرض ببطولات أبنائها، ويخطّ الزمان سطوره بمدادٍ من دماء الشهداء، تصحو الذاكرة الوطنية على نبض الحكاية الخالدة، ففي رحاب العاشر من حزيران، تستفيق الذاكرة من سباتها، وتنهض الصفحات من سكونها، فتكتب بحروف الفخر والوفاء سيرة مجدٍ لا تبهت ألوانه، ولا تخبو أنواره. إنه يوم الجيش، وذكرى الثورة العربية الكبرى… يومان اتحدا في المعنى، وامتزجا في الهدف، فكان الوطن هو الغاية، والكرامة هي البداية. فمن بين رمال الحجاز، وفي فجرٍ من فجر العزة العربية، دوّى في الثاني من حزيران عام 1916 صوت البنادق، لا كهدير سلاح، بل كصرخة وعيٍ عربيٍ أيقظت أمة بأكملها، فانطلقت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي، لا تمردًا عابرًا، بل نهضةً قوميةً أصيلة، نادت بالحرية، وجسّدت طموح العرب في الإنعتاق من الظلم والاستقلال. فلقد وحّد الشريف الحسين بن علي الصوت والموقف، وجمع بين شرف النسب وصفاء الرؤية، فكان قائدًا بحجم الرسالة، ورجلًا اختارته اللحظة التاريخية ليكتب بها مجدًا متجددًا. حينها أحيا الحرف العربي بعد صمت، وحرر الهوية من سطوة التذويب، وأعاد للكرامة معناها، فتوالت بعدها التضحيات، وارتقى الشهداء، فسُطّرت في الصحراء أولى صفحات الاستقلال، لتكون الثورة حجر الأساس في بناء دول عربية حرة. وإذا كانت الثورة العربية الكبرى قد أرست دعائم الكرامة، فإن يوم الجيش جاء ليحمل شعلة تلك الثورة ويواصل رسالتها بسواعد أبنائها المخلصين، فلقد نشأ الجيش العربي في عهد الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين، ذاك القائد الذي حمل على عاتقه إكمال مسيرة والده الشريف الحسين، فأسّس نواة جيش وطني يحمل في جنوده معاني الوفاء والانتماء، ويجمع بين الأصالة والاحتراف، ليكون درع الوطن الحصين، وسياجه الذي لا ينكسر. ومنذ أن وُلد الجيش العربي من رحم الثورة العربية الكبرى، ما كان مجرد مؤسسة عسكرية تؤدي واجبها فحسب، بل كان ولا يزال حاضنًا للقيم، ومنبعًا للبطولة، ومدرسةً في الانتماء والتضحية. وفي أحلك الظروف وأشدّ التحديات، وقف الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – إلى جانب جنده، قائدًا وأبًا ورفيقًا، يخوض معهم معارك الإرادة، ويصنع معهم ملحمة الكرامة الخالدة، التي أعادت للكرامة العربية نبضها، وللأرض هيبتها، وللحق صوته الذي لا يُخرس، فأثبت الجيش الأردني آنذاك أنه لا يُهزم ما دام يستظل براية الحق ويستنير بحكمة القيادة الهاشمية. واليوم، يواصل جلالة الملك عبد الله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، مسيرة البناء والتحديث، حارسًا لإرث الثورة، وصائنًا لمبادئ الدولة، ومُلهِمًا لرجال الجيش الذين باتوا رمزًا للكفاءة والانضباط والإخلاص، فكما كانت البداية بنداء الحرية، فإن الحاضر يستمر بروحها، بقيادة تعرف تمامًا كيف تُصان الأوطان، وتُبنى الجيوش، وتُحفظ الكرامة. وختاما نقول...... أيها الأردنيون… إن ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش العربي ليستا احتفالًا عابرًا، بل تجديدًا للعهد، وشهادة وفاء للأرض والقيادة والناس، فهما مناسبتان تتقاطعان في جوهرهما: الإيمان العميق بالكرامة الإنسانية، ورفض الذل، والقدرة على صنع التاريخ لا انتظاره، وبالرغم من مرور الزمن، وإننا حين نُحيي هذه الذكرى، لا نفعل ذلك من باب الحنين، بل من باب الإيمان الراسخ أن من نبت من صحراء الكبرياء لا يركع، ومن تربّى على حليب البطولة لا يساوم، ومن عاش في حضن الوطن لا يخونه. فلنُبقِ رؤوسنا مرفوعةً كما كانت دومًا، ولنجعل من كل يوم صفحةً ناصعة في سجل الوطن، ولنتذكر أن كل حجرٍ في هذه الأرض سُقيَ بعرق جنودنا، وكل شبرٍ منها شهد على قسمهم أن يبقى الأردن حرًّا أبيًا، لا تهزه ريح، ولا تُطفئ نوره عاصفة. وانت أيها الأردني، كن كما يريدك تاريخك: وفيًا ثابتًا، واثقًا بجيشك الشجاع، وبوطن لا يقبل إلا المجد، تحت راية "الله، الوطن، الملك".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store