
مخاطر حقيقية بأفريقيا بعد تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
وأضافت الصحيفة، في تقرير بقلم لورانس كراميل، أنه رغم سيل الاحتجاجات التي أثارها إعلان وقف المساعدات الأميركية في 20 يناير/كانون الثاني، لم يتم التراجع عن القرار، حيث أكد البيت الأبيض أن المليارات التي تُنفق في المساعدات ما هي إلا هدر للمال العام.
وفي 1 يوليو/تموز الجاري، أُعلن رسميا عن إسدال الستار نهائيا على عمل الوكالة، واستغل وزير الخارجية ماركو روبيو المناسبة للتأكيد على إنهاء نهج المساعدات التقليدية التي كانت الولايات المتحدة تقدمها بصفتها أكبر مانح في العالم للمساعدات الإنمائية، توضح لوموند.
شعار جديد
ونقلت الصحيفة عن روبيو قوله إن الوكالة لم تحقق شيئا يُذكر منذ نهاية الحرب الباردة ، فأهداف التنمية نادرا ما تحققت، فيما ازدادت نسبة عدم الاستقرار، وتضخمت المشاعر المعادية للولايات المتحدة، وأضاف "لا ينبغي للأميركيين أن يدفعوا ضرائب لتمويل حكومات فاشلة في بلدان بعيدة".
وتحدثت الكاتبة عن فلسفة ترامب الجديدة وشعارها هو "التجارة بدلا من المساعدات". وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن أي شكل من أشكال الدعم سيصبح محدودا زمنيا ومشروطا، ويُمنح فقط للدول التي تُظهر قدرتها واستعدادها لمساعدة نفسها، حيث سيُوجَّه أساسا لدعم القطاع الخاص، وخصوصا حين تكون الشركات الأميركية من المستفيدين.
وأضافت أن من حق ترامب أن يشكك في فعالية نظام المساعدات الدولية، وانتقاد بيروقراطيته، لكن القسوة والسرعة التي نُفذ بها قرار الإلغاء، أدت إلى انهيار شبه تام لمنظومة المساعدات خلال 6 أشهر فقط.
وقالت إن أفريقيا تبدو القارة الأكثر تضررا، حيث كانت تحصل في المتوسط على ثلث المساعدات الأجنبية من خلال الوكالة الأميركية.
بعض القادة الأفارقة شكروا ترامب لأنه دفع القارة للتفكير بجدية في تحمّل مسؤولية تنميتها الذاتية.
آثار سلبية ممتدة
وقالت إن الأثر لم يقتصر على المساعدات الثنائية، بل امتد ليضرب الأمم المتحدة نفسها، حيث خسر العديد من برامجها في التعليم والصحة والطوارئ حوالي 25% من ميزانياتها، وبعضها خسر أكثر بكثير.
حتى الوعد الذي أطلقه ترامب بعدم المساس بالمساعدات الإنسانية "المنقذة للأرواح" لم يُنفّذ.
في ظل هذا الوضع المتدهور، ومع تراجع دعم مانحين آخرين، أعلن برنامج الأغذية العالمي تقليص عملياته في موريتانيا ومالي وأفريقيا الوسطى، محذرا من نفاد مخزونه الغذائي في 7 بلدان غرب أفريقية بحلول سبتمبر/أيلول إذا لم يتم تعزيز التمويل.
وتابعت الصحيفة أنه برغم أن الكونغرس الأميركي أنقذ بصعوبة في 18 يوليو/تموز جزءا من تمويل برنامج "بيبفار"، وهو البرنامج العالمي لمكافحة الإيدز الذي أسسه الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن عام 2003، إلا أن ذلك لا يكفي لتعويض حجم الفجوة.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن بعض القادة الأفارقة مثل الرئيس الكيني ويليام روتو ونظيره الزامبي هاكايندي هيشيليما، شكروا ترامب لأنه دفع القارة للتفكير بجدية في تحمّل مسؤولية تنميتها الذاتية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
5 أسباب قد تجعل ترامب يندم على إقالة جيروم باول
في لحظة سياسية دقيقة واقتصادية مضطربة، يعود التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول ليشغل واجهة المشهد الاقتصادي في واشنطن. ومنذ أن أعاد ترامب تسلّم مقاليد الحكم مطلع 2025، بدأ بممارسة ضغوط علنية غير مسبوقة على الاحتياطي الفدرالي ، مطالبا بخفض فوري لسعر الفائدة، في محاولة لإنعاش الأسواق وتمكين حكومته من تعزيز الإنفاق وتوسيع النشاط الاقتصادي. إلا أن باول، الذي كان ترامب نفسه قد عيّنه عام 2017، لا يزال يرفض الانصياع لتلك المطالب، متمسكا بـ"استقلالية الفدرالي" ومحذرا من مخاطر التسرع في التحفيز النقدي. هذا الخلاف لم يظل في إطار السياسات المجردة، بل بلغ ذروته خلال الأيام الماضية بانتقادات علنية من ترامب لباول، كان آخرها المشادة العلنية بينهما أمس الخميس أثناء زيارة لموقع تجديد مقر الاحتياطي الفدرالي، حيث وصف الرئيس المشروع بأنه "مكلف وغير شفاف"، متهما الفدرالي بإنفاق 3.1 مليارات دولار من دون مبرر كاف. ما دفع باول للرد بشكل حاد وغير معهود عليه، حين قال "هذا الرقم غير دقيق.. ويشمل مشاريع غير ذات صلة بالتجديد الحالي". وفي هذا السياق المتوتر، نشرت مجلة فوربس تقريرا تحليليا من إعداد الخبير الاقتصادي بول وينشتاين جونيور، عدد فيه 5 أسباب جوهرية تجعل من إقالة باول مخاطرة سياسية واقتصادية كبيرة على ترامب نفسه، وليس على رئيس البنك المركزي وحده. 1. الحاجز القانوني: لا يمكنك طرد باول بهذه السهولة يشير التقرير إلى أن المادة العاشرة من قانون الاحتياطي الفدرالي تحدد أسبابا محددة لإقالة رئيس الفدرالي، مثل الفساد أو الإهمال أو خرق الأمانة، ولا تدرِج الخلاف في الرؤية النقدية كمسوغ قانوني كاف. وفي هذا السياق، توضح فوربس أن ترامب سيواجه عقبات قانونية كبيرة إن حاول الإطاحة بباول لمجرد رفضه خفض أسعار الفائدة ، خاصة مع عدم وجود أدلة واضحة على سوء الإدارة. وتشير المجلة إلى أن باول لن يتراجع بسهولة، وقد يتقدم بطعن قضائي قد يتيح له البقاء في المنصب حتى انتهاء ولايته في مايو/أيار 2026. إعلان 2. البديل قد يُبقي على النهج ذاته وفي حال تمت إقالة باول، فإن نائبه فيليب جيفرسون سيتولى إدارة الفدرالي مؤقتا، وهو اقتصادي معروف بتحفظه في إدارة السياسة النقدية ، وعُين عام 2022 من قبل الرئيس السابق جو بايدن. وترى فوربس أن جيفرسون، رغم اختلافه عن باول في الأسلوب، يشترك معه في النهج الحذر، وقد لا يستجيب أيضا لضغوط البيت الأبيض لخفض الفائدة، وهذا يعني أن الإقالة قد لا تحقق أي تغيير جوهري في السياسات المالية في الأجل القريب. 3. الأسواق تراقب.. وتخشى وتحذر فوربس من أن تدخل ترامب في استقلالية الاحتياطي الفدرالي ستكون له كلفة باهظة على ثقة المستثمرين. فبعد اضطرابات الربع الأول من 2025، انتعشت الأسواق جزئيا نتيجة تراجع ترامب عن بعض رسومه الجمركية، في ما سُمي حينها بـ"تصحيح يوم التحرير". لكن إقالة رئيس الفدرالي قد تفتح الباب أمام تقلبات حادة، خاصة مع تحذيرات متكررة من كبار المصرفيين والمحللين الماليين بشأن العواقب الوخيمة لتقويض استقلال السياسة النقدية. وتشير استطلاعات رأي متعددة إلى أن القطاع المالي يفضل الإبقاء على باول، ويعتبره "صمام أمان" أمام تدخلات سياسية مفاجئة. 4. باول.. سجل قيادي نادر وتُبرز فوربس السجل الاستثنائي لجيروم باول مقارنة بسابقيه. فمنذ عام 1954، خاض الفدرالي 13 دورة رفع للفائدة، ولم ينجُ الاقتصاد الأميركي من الركود إلا 5 مرات؛ اثنتان منها حدثتا في عهد باول، ما يجعله الوحيد الذي نجح في تحقيق "هبوط ناعم" مرتين. كما لعب باول دورا محوريا في استقرار الأسواق وسط تقلبات الحرب التجارية خلال ولاية ترامب الأولى، ويُنسب إليه تبني توازن دقيق بين احتواء التضخم وتفادي الكساد. 5. خسارة كبش الفداء من الناحية السياسية، ترى فوربس أن باول يشكل ورقة دعائية مهمة لترامب. فمع تزايد مؤشرات التباطؤ، و الانكماش بنسبة 0.5% في الناتج المحلي خلال الربع الأول من العام، وارتفاع عدد المسرّحين من الوظائف الحكومية إلى 135 ألف موظف، يحتاج البيت الأبيض إلى من يحمّله المسؤولية أمام الرأي العام. وفي حال إقالة باول، سيفقد ترامب هذا الغطاء السياسي، ويصبح وحده في مواجهة التحديات الاقتصادية، لا سيما مع التوقعات بعودة التضخم، وتأخر النتائج الملموسة من تشريعات التحفيز الجديدة. نهاية مفتوحة.. وقرار باهظ الثمن ويُؤكد تحليل فوربس على أن الإقدام على إقالة جيروم باول لن يكون مجرد خطوة سياسية، بل مخاطرة قد تكلّف ترامب خسائر في 3 جبهات: الثقة القانونية، والاستقرار الاقتصادي، والدعم المؤسسي. في المقابل، يُعد باول حاليا بمثابة "الخصم المثالي" الذي يمكن للبيت الأبيض تحميله تبعات المرحلة من دون دفع ثمن مباشر. ووفقا للمجلة، قد يكون من الحكمة أن يؤجل ترامب هذا الصدام إلى ما بعد مايو/أيار 2026، أو أن يبحث عن مسارات تفاوضية بديلة، بدلا من فتح جبهة جديدة مع أقوى مؤسسة مالية في الولايات المتحدة.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
السفارة الأميركية بطرابلس: أميركا لا تسعى لنقل سكان غزة إلى ليبيا
أكدت السفارة الأميركية في طرابلس عبر منشور لها على منصة إكس، اليوم الجمعة، أن الادعاءات بأن الولايات المتحدة تسعى إلى نقل سكان غزة إلى ليبيا هي "ادعاءات تحريضية وكاذبة تماما". وكان موقع 'أكسيوس' الأميركي قد كشف قبل أيام عن تسريبات إعلامية تكشف استمرار الحكومة الإسرائيلية بمساعيها نحو تنفيذ خطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة. وأضاف الموقع أن "الموساد" أبلغ الجانب الأميركي بأن إسرائيل تجري اتصالات سرية مع كل من إثيوبيا، وإندونيسيا، وليبيا، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات تتيح إعادة توطين الفلسطينيين خارج القطاع. وكانت قناة "إن بي سي" نيوز الأميركية قد ذكرت في منتصف مايو/أيار الماضي، نقلا عن أشخاص مطلعين، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل على خطة لنقل ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم. وأضافت القناة وقتها أنه مقابل إعادة توطين الفلسطينيين، ستفرج الإدارة الأميركية عن مليارات الدولارات من الأموال التي جمدتها واشنطن قبل أكثر من 10 سنوات. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبدعم أميركي، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وقد خلّفت حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني أكثر من 203 آلاف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة لمئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين منهم أطفال.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
المسار التونسي منذ إجراءات يوليو 2021.. تراجع اقتصادي وحقوقي
تونس- بعدما حظيت بتقدير واسع كتجربة ديمقراطية ناشئة في المنطقة، تحوّل الحال في تونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد عن التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو/تموز 2021، وسلكت البلاد منعطفا حادا غيّر ملامح المشهد السياسي والاقتصادي. وبينما يرى معارضو سعيّد أنه يسير بالبلاد نحو الاستبداد وتضييق الحريات، يرى أنصاره فيه رمزا للسيادة الوطنية واستعادة القرار الوطني، في وقت أعادت فيه هذه التحولات رسم صورة تونس داخليا وخارجيا. واستنادا إلى التقارير الدولية التي تناولت وضع تونس بعد 4 سنوات من هذه التدابير الاستثنائية، يمكن ملاحظة نواقيس الخطر التي تحذر من إجهاض التجربة الديمقراطية، بل إن بعض التقارير تشير إلى انهيار المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. فقد ارتفعت نسب التضخم وتفاقم العجز في الميزانية بصورة دفعت إلى زيادة الاقتراض الداخلي، في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة ، مما أسهم في اتساع رقعة الفقر. وبيّنت تقارير سابقة لمنظمة " هيومن رايتس ووتش" و منظمة العفو الدولية أمثلة عن تصاعد الانتهاكات الحقوقية في تونس خلال هذه الفترة، مشيرة إلى تضييق متزايد على الحريات العامة، وعلى رأسها حرية التعبير والتنظيم السياسي. ونددت المنظمتان بتوظيف القضاء في محاكمات وصفتها بأنها "غير عادلة" استهدفت معارضين وصحفيين وناشطين، كما أكدتا أن السلطة تمارس ضغطا ممنهجا على منظمات المجتمع المدني. وفي باب حرية الصحافة، سجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها مؤخرا حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2025 تراجع تونس 11 مرتبة ضمن هذا المؤشر بسبب تنامي التضييق على المعلومة وحرية التعبير، وتزايد ملاحقة الصحفيين بموجب المرسوم 54 الذي يعتبره الناشطون سيفا مسلّطا على منتقدي الرئيس. وسجلت تونس تراجعا في الترتيب العالمي لـ"مدركات الفساد" لسنة 2024 الذي تعدّه منظمة الشفافية الدولية، كما أظهر مؤشر الفجوة بين الجنسين للمنتدى الاقتصادي العالمي عام 2025 أن تونس تراجعت إلى المرتبة 128 من بين 146 دولة، وسط استمرار فجوات ضخمة في التمكين السياسي والاقتصادي بين النساء والرجال. وبشأن تقييمه للوضع العام، يؤكد الناشط الحقوقي العياشي الهمامي أن مسار 25 يوليو/تموز للرئيس سعيّد مثّل نكسة للديمقراطية في تونس، مشيرا إلى أن سعيّد استخدم بعض المطالب الاجتماعية وأزمة الثقة بين الأحزاب والمواطنين للسيطرة على البلاد، من دون برامج أو خطة اقتصادية أو اجتماعية واضحة لحل الأزمات. وفي تصريحه، يقول الهمامي للجزيرة نت إن مسار تونس خلال السنوات الأربع الماضية أجهض مسار الانتقال نحو ديمقراطية حقيقية، على الرغم مما كان يعتريه من بعض العيوب، مؤكدا أن "تونس تحولت من ديمقراطية ناشئة إلى نظام استبدادي". وفي تعليله لموقفه، يرى الهمامي أن الغلق التعسفي لمقرات أحزاب سياسية كبرى مثل حركة النهضة ، والتضييق على حريات الصحافة والتعبير، إضافة إلى سجن المعارضين في قضايا مفتعلة، حوّل البلاد إلى "سجن كبير". ويرى أن تلك الإجراءات القاسية أفضت إلى حكم فردي للرئيس قيس سعيد الذي يحكم البلاد منذ عام 2019، حيث "تراجعت المؤسسات الديمقراطية، وانهارت الحياة السياسية، وأصبح كل معارض هدفا للتنكيل والملاحقة". ويؤكد أن السلطة الحالية فشلت في تحقيق الشعارات التي رفعتها عند تبرير الإجراءات الاستثنائية، مشيرا إلى تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل ملحوظ خلال 4 سنوات من الحكم المطلق للرئيس سعيّد. مقارنة اقتصادية كشفت تقارير دولية عن تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، وتوقع صندوق النقد الدولي نمو تونس بنسبة 1.4% عام 2025، وهو أقل بكثير من توقعات الحكومة التي قدرت النمو بـ3.2%. وأظهرت تقارير محلية، ينشرها مرصد "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" بصفة دورية، تنامي حدة التحركات الاحتجاجية الاجتماعية من شهر لآخر للمعطلين عن العمل وأصحاب العقود الهشة والعمال المطالبين بحقوقهم، وغيرهم من المحتجين على عدم حصولهم على أبسط مرافق الحياة كمياه الشرب والخدمات الصحية وغيرها. ومن خلال رؤيته لتطور الأداء الاقتصادي في تونس، يؤكد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي -للجزيرة نت- أن أغلب المؤشرات شهدت تدهورا ملحوظا بعد 2021، مقارنة بما تحقق اقتصاديا خلال السنوات التي سبقتها. ويفسر أن الفترة التي امتدت من 2011 إلى2021 -ورغم التحديات السياسية والصحية- كانت أكثر استقرارا اقتصاديا، مبينا أن ما تحقق من نتائج بعد 25 يوليو/تموز يعدّ "هزيلا ولا يرقى لما أنجز قبل ذلك التاريخ". وبالأرقام، يوضح الشكندالي أن معدل النمو الاقتصادي كان يدور في حدود 2% قبل 2021، بينما لم يتجاوز 1% في السنوات اللاحقة، وهو ما يعكس وفق تعبيره "حالة الركود" التي يعيشها الاقتصاد التونسي. فمثلا، على مستوى التضخم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، يشير الشكندالي إلى أن الوضع تفاقم بعد 2021، وكانت ذروة الارتفاع ابتداء من سبتمبر/أيلول 2021، إذ بلغ التضخم 10.4%، "وهو رقم غير مسبوق" حسب قوله. ويوضح أن هذا الارتفاع أضعف القدرة الشرائية، مبينا أن التضخم لم يكن نتيجة ضغط في الطلب كما روّج له البنك المركزي التونسي، بل نتيجة اختلالات في العرض، بسبب تراجع الإنتاج ونقص المواد الأساسية. أمثلة للتراجع وعكس ما وقع قبل 2021، يقول الشكندالي إن الدولة أفرطت بعد هذا التاريخ في تقليص الواردات، بهدف تقليص العجز التجاري والحفاظ على مخزون العملة الأجنبية، مما قلص الإنتاج الصناعي المرتبط باستيراد المواد الأولية. ويؤكد أن هذا الإجراء في ظل غياب بدائل محلية كافية خلق ندرة في السلع، "فأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار وانكماش الإنتاج، وزاد من معاناة التونسيين، بينما تبجحت البلاد بالسيطرة على العجز التجاري وسداد الديون"، حسب قوله. أما بخصوص مسألة الاقتراض، فيشير الشكندالي إلى أن تونس قبل 2021 كانت تقترض من صندوق النقد الدولي، فكان ذلك يمنحها مصداقية أكبر للحصول على قروض من مؤسسات مالية أخرى بشروط ميسرة، لكنها بعد ذلك لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، فتسبب الأمر في ما سماه "عزلة مالية". وبحكم ذلك، يؤكد أن الدولة اضطرت إلى الاقتراض بإفراط من البنك المركزي والبنوك المحلية، في إطار "سياسة التعويل على الذات"، وهو ما شكّل ضغطا كبيرا على النظام المالي، إذ تم ضخ حوالي 14 مليار دينار تونسي (5 مليارات دولار) من البنك المركزي خلال عامين لتغطية الموازنة، وذلك أضعف قدرة البنوك على تمويل المؤسسات الاقتصادية. وأشار إلى زيادة نسب الضريبة على المؤسسات الاقتصادية مقارنة بما كانت عليه قبل 2021، فشكّل ذلك عبئا إضافيا على مناخ الاستثمار وأدى إلى تراجع جاذبية السوق التونسية لدى المستثمرين المحليين والأجانب. انقسام شعبي وفي ظل هذه الظروف، ما تزال المعارضة التونسية تعاني من انقسام حاد بسبب التجاذب الأيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين، إلى درجة أن مسيرة الاحتجاج للمعارضة التي كانت من المفترض انطلاقها يوم 25 يوليو/تموز الجاري ألغيت نتيجة حالة التشرذم. أما أنصار الرئيس سعيّد، فيعتبرونه رمزا للسيادة الوطنية واستعادة القرار الوطني، وأنه يقف عنيدا أمام دوائر النفوذ الخارجي، ويعتبرون سبب تدهور الأوضاع الاقتصادية التركة الثقيلة التي تسببت بها الأحزاب الحاكمة قبل عام 2021. ورغم إقالته لحكومات عدة في فترة حكمه من دون نتائج تحققت، يواصل أنصاره تأييده لأنه "رجل وطني نظيف يسعى لإصلاح ما أفسدته الأحزاب" في "العشرية السوداء" كما يصطلحون على تسميتها، فضلا عن فخرهم أيضا بانحيازه إلى القضية الفلسطينية.