
المجاعة «تُعرّي» أطفال غزة من لحومهم
لا تجد والدة الطفلة سوى الماء، الذي يتوفر لديها بالكاد يومياً، للتخفيف من حرارة ابنتها التي تعاني سوء تغذية يصنَّف أحياناً بـ«الحاد جداً»، مما يستلزم نقلها للمستشفى. وما تلبث «أم شام» أن تعود بها إلى الخيمة التي تلتهب بدرجات الحرارة المتصاعدة خلال فصل الصيف، إذ لا يتوفر في المستشفيات ما يمكن أن يغيث طفلتها، في مشهد متكرر بين آلاف المجوَّعين.
وتقول الوالدة، إسلام قديح، لـ«الشرق الأوسط» إنها رُزقت بطفلتها بعملية تلقيح صناعي بعد حرمان دام تسع سنوات، وأن ابنتها تعاني منذ ولادتها تضخماً في الكبد وسوء تغذية حاداً. وتضيف: «تنقلنا بها في العديد من المستشفيات، غير أن عدم توفر العلاج حرمها من تحسن حالتها»،
ولم تستطع توفير الحليب الصحي اللازم لها لإنقاذ ابنتها وتحسين حالتها.
وبعد أن بلغت الطفلة من العمر عاماً وعشرة أشهر، لا يزال وزنها ثابتاً عند نحو 4.5 كيلوغرام فقط بسبب ظروفها الصحية القاسية. وتخشى الأم على ابنتها حين تحاول نقلها من مكان إلى آخر، داخل الخيمة أو خارجها، بسبب بروز عظام القفص الصدري.
ولا تقوى السيدة إسلام على شراء الحليب والحفاظات والطعام الصحي، نظراً لغلاء أسعارها الفاحش. وتَغيَّر لون أسنان الطفلة لقلَّة ما يحويه جسدها الهزيل من كالسيوم وفيتامينات.
ولا تجد الأم أي جهة يمكنها التنسيق معها لسفرها إلى الخارج لتلقي العلاج. ووجهت نداء استغاثة لمنظمات أممية ودولية لإنقاذ ابنتها قبل أن تلحق بركب الوفيات نتيجة سوء التغذية.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة في غزة، بلغ عدد الوفيات نتيجة سوء التغذية منذ بداية الحرب، وحتى الأربعاء، 154، من بينهم 89 طفلاً.
وسُجلت خلال العام الحالي، وحتى الآن، 100 حالة وفاة، منها ثلاث حالات بواقع حالة في كل من فبراير (شباط) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان)، وحالتان في شهر مايو (أيار)، وخمس في يونيو (حزيران)؛ بينما توفي الباقون خلال يوليو (تموز) الحالي، وهو الرقم الأكبر الذي يسجل منذ بداية الحرب، بواقع 90 حالة. وسُجلت 50 حالة وفاة خلال عام 2024، وأربع حالات في العام الذي سبقه.
وبلغ مجمل المصنَّفين على أنهم حالات سوء تغذية 28677، وهناك 260 ألف طفل دون الخمسة أعوام بحاجة للغذاء، و100 ألف حامل، و1556 حالة ولادة مبكرة، و3120 حالة إجهاض ووفيات داخل الرحم، و159409 من كبار السن، و18 ألف جريح؛ جميعهم معرضون لمضاعفات بسبب سوء التغذية.
من بين هذه الحالات الطفلة ولاء جودة، (6 أعوام)، التي تعاني أمراضاً عديدة، نتيجة سوء التغذية.
تساقطت أسنان ولاء وفقدت شعرها تماماً لافتقار جسدها للكالسيوم والفيتامينات، كما تعاني هشاشة العظام، وباتت لا تقوى على الوقوف، وأصبح جسدها نحيلاً هزيلاً.
وتقول والدتها لـ«الشرق الأوسط» إنها تضطر إلى تفتيت الخبز لابنتها حتى تستطيع إذابته وابتلاعه لصعوبة المضغ عليها؛ ومع غلو الأسعار وعدم توفر الطحين (الدقيق) فإنها كثيراً ما تضطر إلى طلبه من بعض الجيران والأقارب.
ولا تجد أم ولاء حليباً طبياً يساعد على تحسين حالة ابنتها، كما لا تستطيع توفير البيض ولا الألبان وغيرها من ألوان الطعام التي تفيدها.
وبكلمات غلبت عليها الحسرة والوجع قالت: «ما فيه إشي أطعميه لبنتي غير شوية الدُقَّة؛ والخبز باشحده من الناس. نِفسي بنتي تقف وتلعب متل هالأطفال وتعيش حياتها».
وتوجهت بمناشدة لمنظمة الصحة العالمية وغيرها من الجهات كي تعمل على نقل ابنتها للعلاج في الخارج، مشيرةً إلى أنها تلقت من قبل قراراً بالتحويل للعلاج في إحدى الدول الأوروبية، لكن لم يُسمح لها بالسفر بسبب إغلاق المعابر.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة ارتفعت أربع مرات في قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة. ووفق التصنيف المرحلي للأمن الغذائي، توجد أجزاء بغزة تجاوزت مرحلتين للمجاعة من أصل ثلاث. وأكد البرنامج أن الوقت ينفد أمام إطلاق استجابة إنسانية شاملة بالقطاع.
وحذَّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعف بين مارس ويونيو، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، موضحةً أن المراكز الصحية والنقاط الطبية التابعة لها أجرت في هذه الفترة ما يقرب من 74 ألف فحص للأطفال للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل، وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم.
ووفقاً لوزارة الصحة بغزة، فإن 40 ألف طفل يتهددهم خطر الموت بفعل نفاد الحليب ونقص الغذاء.
يقول الدكتور أحمد الفرا، اختصاصي قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي، إن الأوضاع بغزة، سواء داخل مستشفيات القطاع أو خارجها، «كارثية» ويتأثر بها الجميع صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، شباباً وعجائز.
ويشير إلى أن منع إدخال المغذيات الأساسية من كالسيوم وفيتامينات يزيد من حالات سوء التغذية، خاصةً بين الأطفال، مما يرفع بدوره أعداد الوفيات، مضيفاً أن المستشفيات لا تملك إمكانات طبية تمكّنها من إنقاذ حياة حالات سوء التغذية، نظراً لنقص الدواء والمكملات الغذائية وغيرها من المستلزمات الطبية.
وتشير معطيات طبية رسمية اطلعت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن العديد من الأطفال الذين توفوا بفعل سوء التغذية كانوا بحاجة ماسَّة إلى طعام صحي لم يعد متوفراً بالقطاع بسبب إغلاق المعابر ومنع إسرائيل دخوله.
ويواجه سكان القطاع مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بحسب تقرير أممي مشترك بشأن «الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2025»، صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمة الصحة العالمية.
وأعلن المرصد الرئيسي للأمن الغذائي في العالم أن «أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن في قطاع غزة»، بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) الذي وضعته الأمم المتحدة. وحذَّر من أن عمليات إلقاء المساعدات فوق القطاع غير كافية لوقف الكارثة الإنسانية، مشيراً إلى أن عمليات إدخال المساعدات براً أكثر فاعلية وأماناً وسرعةً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
تناول البروكلي قد يفيد هرمونات الجسم
قال موقع فيري ويل هيلث إن البروكلي يحتوي على مركبات نباتية فعالة تساعد على توازن الهرمونات، خاصةً الإستروجين، وهو هرمون أساسي لعملية الأيض والتناسل. وذكر أن البروكلي ينتمي إلى عائلة الخضراوات الصليبية، المعروفة بغناها بالألياف والعناصر الغذائية، مثل الكرنب والكرنب الأخضر، ويحتوي البروكلي على الإندول 3 كاربينول، الذي يُحوّله الجسم إلى ثنائي إندوليل ميثان، وهو مُركّب يُؤثّر على كيفية تحلل الإستروجين. ويحتوي البروكلي أيضاً على السلفورافان، وهو مضاد للأكسدة معروف بتقليل الالتهابات، ويرتبط بالوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة وعلاجها. وقالت لينا بيل، اختصاصية التغذية: «يساعد السلفورافان الكبد على التخلص من سموم الإستروجين الزائد، ما يعزز تكوين مستقبلات الإستروجين المفيدة، ويحتمل أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطانات المرتبطة بالهرمونات». براعم البروكلي تحتوي على مركَّب يساعد على ضبط سكر الدم (جامعة أوساكا متروبوليتان) ولا يخفض البروكلي بالضرورة مستويات الهرمونات أو يرفعها؛ بل يساعد الجسم على معالجتها والتخلص منها بشكل طبيعي بكفاءة أكبر وهو بمثابة دعم إضافي لجهاز الغدد الصماء. على الرغم من إمكاناته الكبيرة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد آثاره وفاعليته على المدى الطويل. ما الهرمونات المتأثرة؟ يتجاوز تأثير هذا الخضار تأثير الإستروجين بفضل أليافه ومضادات الأكسدة ومركباته الفريدة، يمكن أن يساعد البروكلي في الحفاظ على توازن الهرمونات في الجسم لدى كل من الرجال والنساء. وتقول بيل إن أهم ما يهم فيما يتعلق بالهرمونات هو توازنها وكيفية تفاعلها بعضها مع بعض. ويمكن أن تُسبب اضطرابات هذه النسبة، كما هو الحال عند وجود نسبة زائدة من هرمون الإستروجين مقارنةً بالتستوستيرون، أعراضاً مزعجة مثل زيادة الوزن، وتقلبات المزاج، والتعب لكن اتباع نظام غذائي صحي يُمكن أن يُساعد في تحقيق توازن أفضل. فوائد البروكلي: الإستروجين: يدعم تحلل الإستروجين والتخلص من سمومه في الكبد، ما يُساعد في الحفاظ على توازن هرموني صحي. التستوستيرون: يُعزز نسبة صحية من التستوستيرون إلى الإستروجين، ما يُساعد في تحسين المزاج ومستويات الطاقة، خاصةً مع تقدم السن. الإنسولين: تُساعد مُركّباته ومحتواه العالي من الألياف في الحفاظ على استقرار مستوى السكر في الدم، ما يدعم تنظيم الإنسولين، ويُحتمل أن يُقلل من حساسية الإنسولين. وأكد الموقع أن البروكلي خضار غني بالألياف ومضادات الأكسدة، ويدعم تنظيم الهرمونات الطبيعية في الجسم، وإضافته إلى وجباتك عدة مرات أسبوعياً مع بعض الدهون الصحية واللذيذة تساعد في تنظيم مستوى سكر الدم بسهولة ويسر دون الحاجة إلى المكملات الغذائية.


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
المساعدات السعودية.. خيار إنساني إستراتيجي لا ينفصل عن رؤية المملكة
في مشهد إنساني يعكس ثبات الموقف السعودي تجاه قضايا الإغاثة، يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أداء دوره كأحد أبرز أذرع العمل الإنساني في العالم. من غزة إلى اليمن والسودان، تتدفق المساعدات السعودية عبر جسور برية وجوية وبحرية لتغطي الاحتياجات العاجلة في الغذاء والدواء والإيواء، إلى جانب تنفيذ مشاريع طبية نوعية في أكثر المناطق تضرراً. في غزة، حيث يزداد المشهد الإنساني قسوة، عززت المملكة دعمها عبر تسيير 8 بواخر و58 طائرة إغاثية بإجمالي وزن بلغ 7538 طناً من المواد الغذائية والطبية والإيوائية، إضافة إلى تسليم 20 سيارة إسعاف، و62 معدة لوجستية، و30 مولداً كهربائياً، و10 مضخات مياه، إلى جانب توفير أكثر من 39 ألف وجبة غذائية. آخر القوافل ضمت 7 شاحنات جديدة عبر معبر رفح ضمن الحملة الشعبية السعودية، في خطوة تمثل كسراً للحصار الإنساني وتأكيداً على التزام الرياض بالوقوف مع الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف. في اليمن، تمددت يد العطاء السعودي نحو الرعاية الصحية بإطلاق مشروع طبي تطوعي في عدن خلال الفترة من 18 إلى 26 يوليو 2025م، أسفر عن إجراء 38 عملية قلب مفتوح، و80 قسطرة علاجية، إضافة إلى 78 أشعة صوتية، وهو جهد متخصص ساهم في إنقاذ حياة العشرات وتخفيف معاناة المرضى في ظل هشاشة البنية الصحية. وفي السودان، حيث تتفاقم التحديات الصحية، نفذ المركز مشروعاً لجراحات العظام بمدينة بورسودان بين 19 و26 يوليو 2025م، تضمن إجراء 54 عملية جراحية متقدمة للمرضى الأكثر احتياجاً، في وقت تعاني فيه المستشفيات المحلية من نقص حاد في الإمكانات الطبية. هذه الأرقام تعبير حي عن نهج سعودي قائم على مد جسور العطاء الإنساني بلا حدود، ورسالة واضحة بأن المملكة تضع البعد الإنساني في صميم سياساتها الدولية. مركز الملك سلمان للإغاثة، بما يقدمه من مبادرات عاجلة ومشاريع نوعية، يجسد صورة المملكة كقوة مانحة تعيد الأمل وترسم خط الأمان لملايين الأرواح في مناطق الصراع والكوارث، في تأكيد على أن الإنسانية خيار إستراتيجي لا ينفصل عن رؤية المملكة ومسؤوليتها العالمية. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 3 ساعات
- عكاظ
فيديو: أطعمة شائعة تفتك بصحة دماغك.. احذر منها !
يحذر خبراء التغذية من تأثير بعض الأطعمة الشائعة على صحة الدماغ، مؤكدين أن نمط التغذية يلعب دورا أساسيا في الحفاظ على الوظائف الإدراكية والذاكرة. وتشير الدراسات إلى أن استهلاك كميات كبيرة من المشروبات السكرية وشراب الذرة عالي الفركتوز يمكن أن يضعف الذاكرة ويزيد من خطر الإصابة بالخرف المبكر، كما تؤثر هذه السكريات على مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلّم والانتباه. ولا تقل الكربوهيدرات المكررة والدهون المتحوّلة خطرا، إذ تؤدي إلى تقلبات حادة في مستويات السكر بالدم، ما ينعكس سلباً على التركيز والتفكير. كما أن الأطعمة المليئة بالدهون المهدرجة والمصنّعة ترفع معدلات الالتهاب في الجسم، وهو عامل رئيسي في تراجع القدرات العقلية. وقد أظهرت أبحاث حديثة أن الأطعمة فائقة المعالجة، مثل النودلز الفورية والبيتزا المجمدة، تساهم في تقلص حجم الدماغ تدريجياً وتؤثر على الأداء المعرفي. ومن بين المكونات المثيرة للقلق كذلك مادة «الأسبارتام» المُحلّية الصناعية، التي ترتبط بزيادة معدلات القلق والتوتر والاكتئاب بحسب بعض الدراسات. وفي ظل هذا التهديد الصامت، ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي طبيعي ومتوازن، غني بالفواكه والخضروات والبروتينات الصحية، مع تقليل استهلاك السكريات والمنتجات المصنعة، للحفاظ على صحة الدماغ لأطول فترة ممكنة. أخبار ذات صلة