logo
«ظاهرة» بيع الصيدليات: احتكارات ومخالفات وطفرة خريجين

«ظاهرة» بيع الصيدليات: احتكارات ومخالفات وطفرة خريجين

صوت لبنان٢٧-٠٢-٢٠٢٥

راجانا حمية - الأخبار
لا يكاد يمرّ يوم من دون إعلان يعرض عبره صاحب صيدلية بيع صيدليته. يوماً بعد آخر، باتت هذه الإعلانات ملفتة، وإن لم تتحوّل بعد إلى ظاهرة كما هي الحال في قطاعات أخرى.
وإذا كانت الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد منذ خمس سنوات تتحمل جزءاً وافراً من المسؤولية، مع شكوى معظم من يعرضون صيدلياتهم للبيع من اختلال التوازن بين المداخيل والنفقات، إلا أن هناك أسباباً أخرى أوصلت إلى هذا الخيار. ونتيجة لذلك، تتبلّغ نقابة الصيادلة في لبنان من المنتسبين إليها في كل يوم كتاباً عن عرض صيدلية للبيع أو بيع محتويات صيدلية لأخرى، وفقاً لنقيب الصيادلة جو سلّوم.
وأسوأ ما قد يحدث في هذا القطاع اليوم هو القناعة لدى البائعين باستحالة الاستثمار فيه، أقلّه على المديين القصير والمتوسط. مع ذلك، يجدر فصل الأسباب، بين طارئة وأخرى مستمرة.
الصيدليات الكبرى تحوّلت إلى «مولات» مخالفة تبيع الدواء كغيره من المنتجات
في الشق المتعلّق بالأسباب الطارئة، فإن قسماً من العارضين هم ممن أتت الحرب على جزء كبيرٍ من صيدلياتهم، ومن غير الممكن في المدة الحالية استمرار فتحها، خصوصاً في المناطق التي تعرّضت لدمار كبير وينعدم أو يندر وجود السكان فيها. أما الأسباب غير الطارئة، فتتعلق بما خلّفته الأزمة المالية على صعيد انهيار الليرة التي أدت إلى أن «أكثر صيدلية شغّالة اليوم لا تحصّل أكثر من 50% فقط مما كانت تحصّله قبل 2019»، كما تتعلق بالباب الذي شرّعته أزمة الدواء.
فبعد تقليص الفاتورة الدوائية وترشيد الاستهلاك عبر اعتماد نظام الدعم، شهد السوق انقطاعاً كبيراً في الأدوية. وأدّى احتكار الأدوية من قبل المستودعات وبعض الصيدليات الكبرى، واضطرار الصيدليات الصغيرة إلى صرف مخزونها في مدة قصيرة نسبياً، والسياسات التي اتبعتها وزارة الصحة، إلى دخول التجّار وصيدليات كبرى على خط استغلال الفوضى لزيادة أرباحهم، عبر تهريب الأدوية من مصادر متعدّدة وبيعها «أونلاين أو في الشقق»، إضافة إلى «تجّار الشنطة والصيدليات غير الشرعية»، بحسب سلّوم.
ووصل الحال ببعض الصيدليات الكبرى في هذا السياق إلى إرسال الأدوية «دليفري تحت ستار أنها مستحضرات تجميل أو متممات غذائية»، وفقاً لأحد أعضاء نقابة الصيادلة. ولا يزال هذا الأمر من دون حلول، إذ إن معظم التصريحات والقرارات التي اتخذت في وزارة الصحة بقيت في معظمها حبراً على ورق، وكذلك الحال بالنسبة إلى نقابة الصيادلة.
فإذا لم يكن ممكناً ضبط الصيدليات غير الشرعية أو المهربين، إلا أن ثمة فئة شرعية من الصيدليات والمستودعات لم تجد من يردعها من الطرفين بسبب غياب أجهزة التفتيش.
وفي ثالث الأسباب، يشير الصيادلة أيضاً إلى الـ»CHAINE»، وهي سلسلة الصيدليات الكبرى التي بدأت تتحول إلى ظاهرة اليوم. و«ميزة» هذه الأخيرة أنها لا تبيع الدواء فقط، وإنما مستحضرات التجميل ومستلزمات الأطفال من ألعاب وغيرها… وهي أشبه بـ«سوبرماركت» تعمل 24 ساعة في اليوم «ما يعني استحواذها على رخصتي صيدلة»، وهذا ما يؤثر على الصيدليات المجاورة.
هذه السلاسل الاحتكارية إذ إن «معظمها لمجموعة واحدة من المستثمرين» بحسب مصادر، تفتح الباب على نقاش أوسع يتعلق بمهنة الصيدلة، مع تحوّل هذه الصيدليات إلى «مولات» تبيع الدواء كغيره من المنتجات.
ويضاف إلى هذا الأمر ما تعمد إليه بعض الشركات عبر الترويج لمنتجاتها، وخصوصاً المستحضرات التجميلية، عبر إنشاء صفحات على الإنترنت وبيعها مباشرة للزبائن، وهو ما ارتدّ سلباً على الصيادلة الذين كان معظم ربحهم يأتي من هذه المنتجات. ويلفت أحد الصيادلة إلى أن «في الأمر مخالفة، خصوصاً في ظل وجود مستحضرات تجميلية طبية لا يمكن بيعها إلا في الصيدليات».
وفي جزء آخر من الأسباب، يتطرق الصيادلة إلى ما يتعلّق بسوء استثمار البعض، إذ إن البعض يفتح صيدليته من دون إجراء دراسة جدوى للمنطقة «وسرعان ما اكتشف هؤلاء أنهم غير قادرين على الاستمرار». أما العامل الأهم، فهو ضخامة أعداد المتخرجين من الجامعات في اختصاص الصيدلة، والذي يفوق العدد المطلوب في السوق، وهو ما يفتح باباً آخر من النقاش حول الاختصاصات التي بلغت فيها التجارة حداً فاضحاً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد الانقطاع الكبير للكهرباء.. إسبانيا تكشف عن "السبب المبدئي"
بعد الانقطاع الكبير للكهرباء.. إسبانيا تكشف عن "السبب المبدئي"

صوت بيروت

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • صوت بيروت

بعد الانقطاع الكبير للكهرباء.. إسبانيا تكشف عن "السبب المبدئي"

أشخاص يتسوقون في سوبر ماركت مع إضاءة مصابيح الطوارئ فقط أثناء انقطاع التيار الكهربائي، في مدريد، إسبانيا، 28 أبريل/نيسان 2025. رويترز صرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الإثنين، أن مشكلة في شبكة الكهرباء الأوروبية تسببت في انقطاع التيار على نطاق واسع في إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا مع استمرار التحقيقات لتحديد سبب المشكلة. وطلب سانشيز من العامة الامتناع عن التكهنات، وقال إنه لم يتم استبعاد أي نظرية بشأن سبب انقطاع الكهرباء. وتقدم سانشيز بالشكر إلى حكومتي فرنسا والمغرب، حيث يجري سحب الكهرباء من البلدين لاستعادة الطاقة بشمال وجنوب إسبانيا. وفي وقت سابق، أكد سانشيز أن قطاع الاتصالات يمر بمرحلة حرجة ويجب استخدام الهواتف بمسؤولية وللمكالمات القصيرة فقط. وأوضح أن 'أنظمة الدفع والخدمات المصرفية الرقمية تعمل بشكل طبيعي'، لافتا إلى أنه 'لا توجد مشاكل تتعلق بالأمن العام إثر انقطاع الكهرباء في البلاد'. ما بين 6 و10 ساعات لإعادة الكهرباء وقدرت شركة تشغيل شبكة الكهرباء في إسبانيا أن الأمر سيستغرق ما بين 6 و10 ساعات لإعادة التيار بعد الانقطاع الشامل الذي أثر على شبه الجزيرة الأيبيرية بأكملها منذ الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش. وقال إدواردو برييتو، مدير العمليات في شبكة الكهرباء الإسبانية: 'يمكننا الحديث عن تأخير يتراوح بين 6 و10 ساعات إذا سارت الأمور على ما يرام. وقد تم بالفعل إصلاح بعض نقاط الإمداد'. حالة فوضى وتسبب انقطاع التيار في حالة فوضى بمناطق من البرتغال وإسبانيا حيث توقفت إشارات المرور عن العمل، مما تسبب في أزمة مرورية. كما توقفت شبكات النقل وانقطعت الكهرباء عن المستشفيات، وبقي الناس عالقين في المترو والمصاعد. وذكرت مصادر مطلعة أن حكومتي إسبانيا والبرتغال اجتمعتا للتباحث بشأن انقطاع الكهرباء الذي أثر أيضا لفترة وجيزة على مناطق في فرنسا، وتم تشكيل لجنة أزمة في إسبانيا. ومع حلول مساء اليوم قالت شركة القطارات الإسبانية -في خبر عاجل- إنها علقت جميع خدمات القطارات بسبب انقطاع الكهرباء الواسع الذي يؤثر على إسبانيا والبرتغال. من جانبه، أصدر مركز الأمن الإلكتروني الوطني البرتغالي بيانا قال فيه إنه لا توجد علامة على أن الانقطاع كان بسبب هجوم إلكتروني. وقال رئيس العمليات في الشركة إدواردو بريتو للصحفيين إن انقطاع التيار الكهربائي غير مسبوق، ووصف الحدث بأنه 'استثنائي وغير عادي'. لكن وزير التنمية البرتغالي قال في وقت لاحق من بعد ظهر اليوم إن انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤثر على البرتغال 'قد يكون بسبب هجوم إلكتروني'. ثم عاد رئيس وزراء البرتغال ليصرح مؤكدا أنه 'لا شيء مستبعدا لكن لا يوجد ما يشير إلى أن انقطاع الكهرباء مرتبط بهجوم إلكتروني'. المترو والهاتف والبنوك وضرب انقطاع التيار الكهربائي إسبانيا والبرتغال، وشمل عاصمتي البلدين، مما أدى إلى تعطيل شبكات المترو وخطوط الهاتف وإشارات المرور وأجهزة الصراف الآلي.. من جانبها، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية إن المفوضية على اتصال بالسلطات الوطنية في إسبانيا والبرتغال لفهم سبب انقطاع الكهرباء. وبدورها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أنها تراقب الوضع مع السلطات الوطنية والأوروبية ومجموعة تنسيق الكهرباء، مضيفة أنها تحدثت مع رئيس الوزراء الإسباني في هذا الشأن. حالة الطيران على صعيد آخر، أظهرت بيانات ملاحية من موقع 'فلايت رادار' المتخصص برصد الملاحة الجوية حالة من التعطل والتوقف في عدد من المطارات الرئيسية الأوروبية في فرنسا والبرتغال وإسبانيا على خلفية انقطاع التيار الكهربائي. وحسب وكالة سند، فقد شهد مطار مدريد-باراخاس وجود عدد كبير من الطائرات المتوقفة أو التي تحوم في دوائر انتظار قرب المطار. كذلك رصدت البيانات حركة الطيران في مطار شارل ديغول بفرنسا الذي شهد تباطؤًا ملحوظًا مقارنة بالحركة المعتادة لهذا المطار الضخم الذي يعرف عادة بنشاطه المستمر في عمليات الإقلاع والهبوط. أما في مطار لشبونة، فقد كانت الحركة الجوية حول المطار شبه معدومة، مع غياب الطائرات قرب المدارج أو على مشارف الإقلاع والهبوط، في حين كانت الحركة قبل انقطاع الكهرباء طبيعية وشهد المطار عمليات إقلاع وهبوط متواصلة.

دعوة إلى "تحرّك حكومي" سريع... وإلّا الشارع!
دعوة إلى "تحرّك حكومي" سريع... وإلّا الشارع!

ليبانون ديبايت

time٢٥-٠٣-٢٠٢٥

  • ليبانون ديبايت

دعوة إلى "تحرّك حكومي" سريع... وإلّا الشارع!

"ليبانون ديبايت" في ظل الظروف الاقتصادية والإجتماعية الصعبة التي يمر بها لبنان، يطلق رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، كاسترو عبدالله، تحذيرات من تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين والعمال. ويرى في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "البلد ذاهب نحو الانهيار، للأسف، ورغم كافة المراجعات التي نقوم بها، لا نرى أن البيانات التي تصدر عن الحكومة تتطرق إلى الأوضاع المعيشية للناس، خاصة لما يحدث من فلتان في الأسعار وإنهيار كبير للقدرة الشرائية". ويشير إلى أن "بعض أصحاب العمل، للأسف، لا يصرحون عن المعاشات التي يدفعونها لبعض العمال بالدولار من أجل تسيير مصالحهم الشخصية، وليس لمصلحة العامل. هذا ما يخلق فجوة كبيرة في الأجور، ويجعلها في كثير من الحالات لا توازي الحد الأدنى للعيش الكريم، لذلك نحن نطالب بإعادة القوة الشرائية للأجر، حيث يجب أن يعود الحد الأدنى للأجور إلى ما كان عليه". ويلفت إلى أن "جميع الدراسات الحالية التي تم إجراؤها من قبل خبراء الاقتصاد والباحثين في مجال العمل تؤكد بشكل قاطع أن الحد الأدنى المقبول لعيش المواطن بكرامة، الذي يضمن له توفير احتياجاته الأساسية من غذاء، سكن، ورعاية صحية وتعليمية، يجب أن لا يقل عن ألف دولار شهريًا، فالأرقام والإحصائيات تتفق على أن هذا المبلغ هو الحد الأدنى الذي يمكن أن يوفر مستوى معيشة لائقًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي يعاني منها معظم المواطنين، في وقت يشهد فيه البلد تدهورًا مستمرًا في قيمته الشرائية وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات". وينبّه من "مسألة التلاعب في الأسعار، حيث نجد أن أسعار المواد الغذائية تختلف من سوبرماركت لآخر، والأفران والأدوية كذلك تتعرض للتحكمات في العديد من الأحيان، يتم قطع الأدوية من السوق بهدف رفع أسعارها، وهو ما يزيد من معاناة المواطنين، أما بالنسبة للكهرباء، فقد وعدونا بها، لكنهم يستوفون الفواتير بالدولار، ونحن لا نرى الكهرباء كما يجب". ويتطرق إلى موضوع أجور العمال، قائلاً: "هناك مؤسسات تفرض العمل اليومي أو بالساعة، ما يتسبب في تهرب أصحاب العمل من تثبيت العاملين بعقود ثابتة، وهذا أمر مرفوض، فهم يتحججون بأن الأجور الحالية لا تجذب العمال اللبنانيين، فيستغلون العمال الأجانب، وخاصة السوريين، وهذه الأزمة ستتفاقم أكثر في ظل النزوح السوري المستمر". ويتحدث في هذا الإطار عن "اللقاء التشاوري الذي دعوا إليه مع عدد من الهيئات والجمعيات والاتحادات، وهو اجتماع تشاوري داخلي سينعقد في 3 نيسان بعد عيد الفطر، بهدف وضع آلية للتحركات التي سنقوم بها خلال شهر نيسان، وصولًا إلى الأول من أيار، حيث سنواصل متابعة القضايا التي طرحناها، وسنتواصل مع الجهات المعنية سواء من خلال اتصالات أو مشاورات خاصة، وقد طلبنا مواعيد رسمية من فخامة الرئيس والحكومة، كما طلبنا أيضًا من اللجان النيابية الالتفات إلى موضوع الإيجارات، الذي يعد بالنسبة لنا قضية أساسية، ويجب وضع خطة سكنية عادلة للفئات الفقيرة تضمن لهم الحق في السكن الكريم". ويحذّر عبدالله من أنه "إذا لم يتم التجاوب مع مطالبنا كما يجب، فقد نضطر إلى اللجوء إلى الشارع، ورغم أننا لا نتمنى الوصول إلى هذا الأمر، إلا أننا في النهاية لا يمكننا السكوت عن الإستهانة بحقوقنا، ولا عن سلب لقمة عيشنا، فحقوق العمال والمواطنين يجب أن تكون في صلب اهتمام المسؤولين، ولا يمكن التهاون في هذا الشأن".

«ظاهرة» بيع الصيدليات: احتكارات ومخالفات وطفرة خريجين
«ظاهرة» بيع الصيدليات: احتكارات ومخالفات وطفرة خريجين

صوت لبنان

time٢٧-٠٢-٢٠٢٥

  • صوت لبنان

«ظاهرة» بيع الصيدليات: احتكارات ومخالفات وطفرة خريجين

راجانا حمية - الأخبار لا يكاد يمرّ يوم من دون إعلان يعرض عبره صاحب صيدلية بيع صيدليته. يوماً بعد آخر، باتت هذه الإعلانات ملفتة، وإن لم تتحوّل بعد إلى ظاهرة كما هي الحال في قطاعات أخرى. وإذا كانت الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد منذ خمس سنوات تتحمل جزءاً وافراً من المسؤولية، مع شكوى معظم من يعرضون صيدلياتهم للبيع من اختلال التوازن بين المداخيل والنفقات، إلا أن هناك أسباباً أخرى أوصلت إلى هذا الخيار. ونتيجة لذلك، تتبلّغ نقابة الصيادلة في لبنان من المنتسبين إليها في كل يوم كتاباً عن عرض صيدلية للبيع أو بيع محتويات صيدلية لأخرى، وفقاً لنقيب الصيادلة جو سلّوم. وأسوأ ما قد يحدث في هذا القطاع اليوم هو القناعة لدى البائعين باستحالة الاستثمار فيه، أقلّه على المديين القصير والمتوسط. مع ذلك، يجدر فصل الأسباب، بين طارئة وأخرى مستمرة. الصيدليات الكبرى تحوّلت إلى «مولات» مخالفة تبيع الدواء كغيره من المنتجات في الشق المتعلّق بالأسباب الطارئة، فإن قسماً من العارضين هم ممن أتت الحرب على جزء كبيرٍ من صيدلياتهم، ومن غير الممكن في المدة الحالية استمرار فتحها، خصوصاً في المناطق التي تعرّضت لدمار كبير وينعدم أو يندر وجود السكان فيها. أما الأسباب غير الطارئة، فتتعلق بما خلّفته الأزمة المالية على صعيد انهيار الليرة التي أدت إلى أن «أكثر صيدلية شغّالة اليوم لا تحصّل أكثر من 50% فقط مما كانت تحصّله قبل 2019»، كما تتعلق بالباب الذي شرّعته أزمة الدواء. فبعد تقليص الفاتورة الدوائية وترشيد الاستهلاك عبر اعتماد نظام الدعم، شهد السوق انقطاعاً كبيراً في الأدوية. وأدّى احتكار الأدوية من قبل المستودعات وبعض الصيدليات الكبرى، واضطرار الصيدليات الصغيرة إلى صرف مخزونها في مدة قصيرة نسبياً، والسياسات التي اتبعتها وزارة الصحة، إلى دخول التجّار وصيدليات كبرى على خط استغلال الفوضى لزيادة أرباحهم، عبر تهريب الأدوية من مصادر متعدّدة وبيعها «أونلاين أو في الشقق»، إضافة إلى «تجّار الشنطة والصيدليات غير الشرعية»، بحسب سلّوم. ووصل الحال ببعض الصيدليات الكبرى في هذا السياق إلى إرسال الأدوية «دليفري تحت ستار أنها مستحضرات تجميل أو متممات غذائية»، وفقاً لأحد أعضاء نقابة الصيادلة. ولا يزال هذا الأمر من دون حلول، إذ إن معظم التصريحات والقرارات التي اتخذت في وزارة الصحة بقيت في معظمها حبراً على ورق، وكذلك الحال بالنسبة إلى نقابة الصيادلة. فإذا لم يكن ممكناً ضبط الصيدليات غير الشرعية أو المهربين، إلا أن ثمة فئة شرعية من الصيدليات والمستودعات لم تجد من يردعها من الطرفين بسبب غياب أجهزة التفتيش. وفي ثالث الأسباب، يشير الصيادلة أيضاً إلى الـ»CHAINE»، وهي سلسلة الصيدليات الكبرى التي بدأت تتحول إلى ظاهرة اليوم. و«ميزة» هذه الأخيرة أنها لا تبيع الدواء فقط، وإنما مستحضرات التجميل ومستلزمات الأطفال من ألعاب وغيرها… وهي أشبه بـ«سوبرماركت» تعمل 24 ساعة في اليوم «ما يعني استحواذها على رخصتي صيدلة»، وهذا ما يؤثر على الصيدليات المجاورة. هذه السلاسل الاحتكارية إذ إن «معظمها لمجموعة واحدة من المستثمرين» بحسب مصادر، تفتح الباب على نقاش أوسع يتعلق بمهنة الصيدلة، مع تحوّل هذه الصيدليات إلى «مولات» تبيع الدواء كغيره من المنتجات. ويضاف إلى هذا الأمر ما تعمد إليه بعض الشركات عبر الترويج لمنتجاتها، وخصوصاً المستحضرات التجميلية، عبر إنشاء صفحات على الإنترنت وبيعها مباشرة للزبائن، وهو ما ارتدّ سلباً على الصيادلة الذين كان معظم ربحهم يأتي من هذه المنتجات. ويلفت أحد الصيادلة إلى أن «في الأمر مخالفة، خصوصاً في ظل وجود مستحضرات تجميلية طبية لا يمكن بيعها إلا في الصيدليات». وفي جزء آخر من الأسباب، يتطرق الصيادلة إلى ما يتعلّق بسوء استثمار البعض، إذ إن البعض يفتح صيدليته من دون إجراء دراسة جدوى للمنطقة «وسرعان ما اكتشف هؤلاء أنهم غير قادرين على الاستمرار». أما العامل الأهم، فهو ضخامة أعداد المتخرجين من الجامعات في اختصاص الصيدلة، والذي يفوق العدد المطلوب في السوق، وهو ما يفتح باباً آخر من النقاش حول الاختصاصات التي بلغت فيها التجارة حداً فاضحاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store