logo
عندما يجوع الكرام

عندما يجوع الكرام

جريدة الاياممنذ 4 أيام
مما أذكره إبان الانتفاضة الأولى؛ أي انتفاضة الحجارة، أن مجموعة من الصحافيين الاجانب قد وصلوا إلى قطاع غزة باستضافة بعض الصحافيين الغزيين، وبمجرد ان تجاوزوا حاجز "ايرز" وأصبحوا بين أزقة مخيم الشاطئ تحديداً، قال أحدهم وهو يخرج رأسه كاملاً بل نصف جسمه العلوي من نافذة السيارة، ويلوّح بذراعه لأطفال الحجارة: أهل غزة لا يجوعون، الحاويات ممتلئة بالقمامة ومعظمها تحتوي على بقايا طعام.
هذه الملاحظة لفتت نظر الصحافي الأجنبي، وقد كانت الانتفاضة في أوجها، وكان يمكن وصف الشوارع وقتها بأنها شوارع من نار، وحيث تدور المعارك بين حجارة الأطفال وجنود يطلقون نحوهم القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، وكان اللجوء للرصاص الحي هو الخطوة الأخيرة، ورغم ان الموت قد دخل معظم بيوت الغزيين بقتل أحبتهم وأقربائهم، ورغم إجراءات حظر التجوال الطويلة فإن دخول الغذاء لم يتوقف، كما لم تتوقف حركة الإنتاج المحلي، لذلك فقد ظلت حاويات القمامة على ناصية كل شارع او زقاق تطفح ببقايا الطعام من خضار وفاكهة خصوصاً، بل إن أصحاب المطاعم كانوا يرمون ببقايا الفول المطبوخ والحمص المسلوق ومخلوط الفلافل ليلاً في حاويات القمامة بسبب فائض الإنتاج مقابل الاستهلاك.
أذكر أن أبي ذات يوم، ضرب كفاً بكف وبكل قلق، وقال لأمي: يجب أن نشتري المزيد من أكياس الطحين، ولاحظوا وقتها أننا كنا نقوم بتخزين الطحين على سبيل المؤن الشهري للأسرة، وكانت زنة كل كيس 50 كيلو جراماً، وكان ابي يصف كيس الطحين بأنه "أبو خط أحمر" لكنه شعر في ذلك اليوم بأننا لا نمتلك عدداً كافياً من أكياس الطحين، ويجب ان يلحق مخزون العائلة بكيسين او أكثر، وذلك بعد ان استمع إلى دعوة القائد المرحوم فيصل الحسيني من خلال إذاعة مونت كارلو الناطقة بالعربية إلى العصيان المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة، للتأثير على الاقتصاد الإسرائيلي ضمن واحدة من صور النضال الشعبي.
اذا كان علينا ان نتذكر الخير الوفير في قطاع غزة فذلك يجب ان يحدث كل لحظة، ونحن نرى صور المجوعين لا الجائعين، واذا كان علينا ان نصف أهل غزة فهم أهل الكرم، وأذكر أن من طباعهم حين يسكن جار جديد بيتاً مجاوراً فمن الضروري ان يعد له الجيران القدامى وليمة غداء على حساب كل واحد لمدة سبعة أيام، لأنهم يرون ذلك من باب الترحيب به واكرامه، ولأن الجار الجديد يكون مشغولاً بنقل الأثاث وترتيب معيشته الجديدة، فلن تجد زوجته وقتاً للطبخ، ولذلك تتعارف الجارات القديمات مع الجارة الجديدة بتقديم وجبة غداء يومية مدة سبعة أيام.
يجب علينا ان نتداول بيننا صوراً وأشكالاً لكرم أهل غزة ونستذكر الولائم والليالي الملاح التي كانوا يحتفلون بها بالقريب والبعيد والغريب، ويحيون المناسبات السعيدة ويحترمون ويبجلون حزن الآخرين، فيعدون الطعام لأهل الميت على مدى ثلاثة أيام، ويبالغون في اكرام "آل جعف"، وتشتهر في بيت حانون وبيت لاهيا خصوصاً في الولائم التي يعدونها لأهل الميت، والتي تعدها النسوة في بيوتهن، ولا يقمن بشراء الأطعمة الجاهزة والمعلبة على سبيل إظهار المزيد من الحب والتقدير والمشاركة.
إذا كنا نرى مظاهر الجوع والموت الذي بدأ يستشري بين أهل غزة بسبب سياسة تجويعهم ضمن حرب الجوع، فيجب ان نتذكر ونطالع الصور التي تعبر عن الخير الوفير من خضار وفاكهة ومزارع وورود وبضائع منتجة في غزة ذاتها، وحيث قاربت غزة ان تحقق الاكتفاء الذاتي في الكثير من السلع التي يستوردها العالم، بل انها لم تتوقف عن هذا الحد، بل قامت بتصدير الكثير من المنتجات الغزاوية ذات الجودة العالية التي أصبحت تشتهر بها لدول العالم، وأصبحت هذه المنتجات تنافس في جودتها الكثير من الأسماء اللامعة في عالم الأغذية والسلع الاستهلاكية.
يجب ان نتذكر حين نرى جوع الكرام ان غزة كانت ترسل المساعدات للعالم حين كان فقيراً، ولكثير من الدول التي كانت ناشئة، ويحتفظ الكثيرون بوثائق ومستندات قديمة تثبت ذلك، وان كانت تلك الوثائق مهترئة وقد عفا عليها الزمن، فهي رسالة لكل العالم ان الكريم سيبقى كريماً مهما جار عليه الظالمون، وان ما تمر به غزة سيكون سحابة صيف سرعان ما تمر، ويزهر الخير مجدداً في أرض الخير.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤول مغربي لـ "فلسطين أون لاين": سفن كسر الحصار تفضح الوجه القمعي للاحتلال في الساحة الدولية
مسؤول مغربي لـ "فلسطين أون لاين": سفن كسر الحصار تفضح الوجه القمعي للاحتلال في الساحة الدولية

فلسطين أون لاين

timeمنذ 3 دقائق

  • فلسطين أون لاين

مسؤول مغربي لـ "فلسطين أون لاين": سفن كسر الحصار تفضح الوجه القمعي للاحتلال في الساحة الدولية

الرباط- غزة/ نور الدين صالح أدان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع د. أحمد ويحمان، قرصنة قوات الاحتلال الإسرائيلي للسفينة البحرية "حنظلة" الإنسانية وهي في طريقها إلى قطاع غزة وعلى متنها عدد من النشطاء الدوليين، معتبراً أن "سفن كسر الحصار تفضح الوجه القمعي للاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية". وقال ويحمان وهو عضو مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين في المغرب، إن هذه السفينة انطلقت في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 660 يوماً، مشدداً على أن هذه القرصنة تتنافى مع كافة القوانين الدولية وحقوق الانسان وتشكل خرقاً لحرية الملاحة في المياه الدولية. وأضاف ويحمان في حديث خاص مع "فلسطين أون لاين":" الاحتلال يريد ترهيب المتضامنين الدوليين، ليبعث برسالة مفادها: من يتضامن مع غزة سيُعاقب أيضًا، إنها محاولة لقتل أي بذور تضامن مستقبلية". وأشار إلى أن السفينة تضم الصحفي المغربي محمد البقالي الذي اعتقلته قوات الاحتلال عقب قرصتنها على السفينة، داعياً إلى كل الهيئات الصحفية والمنظمات الحقوقية في المغرب والعالم للافراج عن "البقالي" والتحرك السريع لوقف هذه الانتهاكات وتقديم الدعم اللازم للمتطوعين والصحفيين. وسفينة "حنظلة" ليست سفينة شحن، بل قارب صيد نرويجي قديم بُني عام 1968، كان يحمل سابقاً اسم "نافارن"، وتمت إعادة تأهيله من قِبل مبادرة "السفينة إلى غزة – النرويج"، لينضم لتحالف "أسطول الحرية" في عام 2023. وأكد ويحمان أن هذه السياسة تعكس عقلية استعمارية عنصرية هدفها تجويع الفلسطينيين وكسر إرادتهم، وإخضاع غزة كنموذج لعقاب جماعي لكل من يرفض الخضوع للمشروع الصهيوني، معتبراً أن هذه القوافل رغم صغر حجمها، إلا أنها تحمل أبعاداً استراتيجية تتجاوز الرمزيات. وتابع: "هذه السفن ليست شكلية أو عديمة الجدوى كما يظن البعض، بل إنها تفضح الوجه القمعي للاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية، وتفضح القرصنة الإسرائيلية في المياه الدولية، وتبقي غزة في الوجدان العالمي". وأوضح إلى أن هذه التحركات تفتح المجال أمام المجتمع المدني العالمي ليكون جزءًا من نضال عابر للحدود، وتُسهم في خلق ضغط تراكمي إعلامي وأخلاقي على الأنظمة الغربية المتواطئة مع الحصار. وأكد أن مواجهة الحصار لا تقتصر على التضامن الرمزي، بل تتطلب ممرًا بحريًا دائمًا ومحميًا دوليًا، إلى جانب تحركات قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية لإثبات عدم شرعية الحصار، بالإضافة إلى تحرّك عربي رسمي أكثر جرأة، من خلال فتح مرافئ، أو احتضان مبادرات القوافل، بدل الاكتفاء بالبيانات والخطابات. وتابع "إذا لم يتحوّل الضغط الشعبي إلى مواقف سياسية واضحة، فسنبقى ندور في رمزية المعركة دون تغيير فعلي في المعادلات". ورأى أن الاحتلال يُدرك جيدًا أن هذه القوافل تحرجه أخلاقيًا وإعلاميًا أكثر من كونها تهديدًا ماديًا، لذا يواصل الردع الكامل ضدها، سواء عبر البحرية أو الطائرات أو الاعتقالات. ودعا ويحمان إلى تعزيز التضامن العالمي، والضغط على الحكومات العربية لكسر صمتها، والتوقف عن التطبيع الذي "يمنح الاحتلال غطاءً لاستمرار الحصار والإبادة". وقال: "المعركة ليست فقط على السفينة، بل على الذاكرة، وعلى الضمير، وعلى الرواية. وفضح جرائم الاحتلال، وتوسيع التضامن مع غزة، هو واجب أخلاقي عالمي". وقد أبحرت السفينة يوم 13 يوليو/تموز الجاري من ميناء غاليبولي الإيطالي، في محاولة رمزية جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي البحري المفروض على غزة منذ عام 2007. وتحمل السفينة شعار "من أجل أطفال غزة", وتنقل على متنها هدايا رمزية ومؤن خفيفة بدل الشحنات الكبيرة، كرسالة تضامن إنساني أكثر منها عملية إغاثية. وتُعد الرحلة الحالية هي الرحلة رقم 36 ضمن تحالف أسطول الحرية، الذي ظل منذ أكثر من عقد ينظّم رحلات بحرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في وجه الحصار المفروض على القطاع من البر والبحر والجو. المصدر / فلسطين أون لاين

إضراب ناشطين بالضفة عن الطعام تضامنًا مع غزة وسط قمع السلطة مسيرات جماهيرية
إضراب ناشطين بالضفة عن الطعام تضامنًا مع غزة وسط قمع السلطة مسيرات جماهيرية

فلسطين أون لاين

timeمنذ 3 دقائق

  • فلسطين أون لاين

إضراب ناشطين بالضفة عن الطعام تضامنًا مع غزة وسط قمع السلطة مسيرات جماهيرية

غزة- رام الله/ محمد أبو شحمة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ودخول المجاعة مرحلة حرجة، أعلن عدد من الناشطين السياسيين في الضفة الغربية المحتلة إضراباً مفتوحاً عن الطعام تضامناً مع أهل غزة، واحتجاجاً على الصمت العربي والدولي، وكذلك على موقف السلطة الذي وصفوه بـالعاجز والمتواطئ. وأكد النشطاء أنهم قرروا الدخول في إضراب رمزي عن الطعام، تعبيراً عن رفضهم للمواقف الرسمية للسلطة التي لم ترتقِ لمستوى الكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان قطاع غزة، خصوصاً في ظل تدمير ممنهج للبنية التحتية الصحية، وشح المياه، ونفاد المواد الغذائية. عضو المجلس الوطني أحمد غنيم شدد على ضرورة أن يتوقف هذا الصمت وان يتحرك الجميع لنصرة غزة. وقال غنيم والمشارك في الإضراب عن الطعام لـ "فلسطين أون لاين": "نريد كل الشعب الفلسطيني والعالم العربي الخروج للشوارع من اجل والتوقف عن المشاهدة امام جوع أهالي قطاع غزة. دعوات للإضراب واضاف "مطلوب من كل احرار العالم للمشاركة في الإضراب عن الطعام حتى تتوقف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة والقتل والتجويع". وأوضح ان الأمة العربية بها خير كبير لنصرة أهالي قطاع غزة ووقف التجويع والقتل. واضاف: "اتخذنا قرارنا بألا نتناول الطعام حتى يصل إلى أبناء شعبنا في غزة. آن الأوان لكسر الصمت العربي المطبق، وإطلاق حراك شعبي واسع يوازي حجم الكارثة التي يتعرض لها أهلنا هناك". وشدد على أنه لا يمكن أن ينتظر الفلسطينيون دعمًا خارجيًا إن لم يبادروا أولًا إلى نصرة أنفسهم، قائلاً: "لن يساندنا أحد إذا لم نبدأ بمساندة أنفسنا ونتحرك لوقف المجزرة المفتوحة بحق الضمير الإنساني في غزة". بدوره أكد رئيس تجمع الشخصيات المستقلة عمر عساف أن ما قامت به أجهزة أمن السلطة من قمع للسيرة الشعبية السلمية التي خرجت في مدينة نابلس الجمعة الفائت، دعماً لأهالي غزة في وجه التجويع والإبادة، يمثل استمراراً لسلوك أمني قمعي طالما مارسته السلطة ضد أبناء شعبها. وقال عساف لـ "فلسطين أون لاين"، هذا السلوك يشكل تغوّلاً أمنياً متواصلاً وتنكراً واضحاً لقيمنا النضالية، ويتعارض مع إعلان الاستقلال والنظام الأساسي الفلسطيني، ويتجاهل تضحيات أبناء شعبنا، خصوصاً في غزة، ويعمّق من صورة السلطة البائسة في تعاملها مع تطلعات الشعب للحرية والكرامة. نهج سلطوي مرفوض وأضاف أن هذا الاعتداء "يعكس موقفاً مناوئاً للمقاومة، وعداءً لكل أشكال الفعاليات الشعبية المؤيدة لها"، مشدداً على أن "هذا النهج مرفوض ومدان وطنياً وأخلاقياً، ويمسّ بالسلم الأهلي والعمل الوطني الجامع". وطالب عساف القوى الوطنية والإسلامية بتحمل مسؤولياتها في التصدي لمثل هذا السلوك، والعمل على رده ومنع تكراره، مؤكداً ضرورة محاسبة المعتدين وتقديمهم للعدالة، "لأن شعبنا في أمس الحاجة إلى الوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال وجرائمه". المصدر / فلسطين أون لاين

بالفيديو مستوطنون يحرقون ممتلكات للفلسطينيين شرقي رام الله
بالفيديو مستوطنون يحرقون ممتلكات للفلسطينيين شرقي رام الله

فلسطين أون لاين

timeمنذ 3 دقائق

  • فلسطين أون لاين

بالفيديو مستوطنون يحرقون ممتلكات للفلسطينيين شرقي رام الله

هاجم مستوطنون، فجر اليوم الاثنين، بلدة الطيبة شرقي رام الله، وأضرموا النار في مركبتين فلسطينيتين، وخطوا شعارات عنصرية وتهديدية على جدران أحد المنازل. وأفادت مصادر محلية بأن مستوطنين تسللوا إلى البلدة فجر اليوم، وهاجموا منازل المواطنين، وأضرموا النار في مركبتين، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، كما خطوا شعارات عنصرية وتهديدية على الجدار الخارجي لأحد المنازل. وأضافت المصادر، أن قوات الاحتلال بعدة آليات عسكرية اقتحمت البلدة عقب الهجوم. ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في مدن ومخيمات شمالي الضفة، خصوصًا طولكرم وجنين، للشهر السادس على التوالي، وسط تدمير واسع للبنى التحتية وسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى. ويُذكر، أن بلدة الطيبة كانت قد شهدت سلسلة من الاعتداءات الاستيطانية خلال الشهور الماضية، حيث أقام المستوطنون في الرابع من حزيران/يونيو بؤرة استيطانية على أنقاض منازل فلسطينية هجر أهلها قسرا. وفي السابع من تموز/يوليو، أضرم مستوطنون النار قرب كنيسة ومقبرة القديس جاورجيوس التاريخية، ما أثار استنكارا كنسيا ودوليا واسعا ضد الانتهاكات التي تطال المقدسات ودور العبادة. المصدر / وكالات

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store