
دراسة نقديّة لقصيدة – (جُندُ اللهِ في غَزَّة) للشاعر العربي السوري الدكتور أسامة حمود!عدنان عويد
د. عدنان عويد.
يشار إلى أن الشاعر 'أسامة الحمود' من مواليد دير الزور1971, حصل على إجازة في الهندسة الزراعية من جامعة حلب, وعلى درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية من جامعة الفرات, حيث عين عضواً في الهيئة التدريسية في جامعة الفرات. هوعضو اتحاد الكتاب العرب/جمعية الشعر. صدر له خمس مجموعات شعريّة:
1- ضفائر البوح. 2- على أكف الياسمين. 3- قيثارة الصدى.
4- ضوع قصيد وبعض نثار. 5- حديث الياسمين.
حائز على المركز الأول في مسابقة قصيدة الأغنية الوطنيّة السوريّة. وشارك في العديد من المهرجانات الأدبيّة والفعاليات والأنشطة الثقافيّة. عضو مجلس إدارة الاتحاد العربي للثقافة عام 2025.
له قصائد منشورة في صحف ومجلات ومواقع إلكترونية عديدة.
لقد شغلت حرب غزة في تشرين الأول 2023, منذ قيامها حتى اليوم العالم بأسره, إن كان من خلال تلك البطولات التي قدمها مقاتلو غزة الأبطال في مقاومة أعتى جيش في الشرق الوسط (الجيش الذي لا يقهر) من جهة. ثم ما حققته هذه الحرب من جرائم بحق كل أهل غزة دون استثناء في العمر والجنس, هذه الحرب التي بينت للعالم كله أيضاً عنصريّة الصهاينة, وخروج مئات الملايين في دول الغرب وأمريكا ذاتها باحتجاجات تعبر عن سخطها وكرهها للصهاينة وكشف ادعاءاتهم في معاداة الساميّة.
وبالرغم من الشارع العربي ظل صامتاً لأسباب يعرفها الجميع, إلا أن صوت الكتاب والأدباء والفنانين كان الأعلى في الاحتجاج والتعبير عن معاناة أهلنا في غزة, ومن بين هذه الأصوات جاء صوت الشاعر العربي السوري الدكتور 'أسامة حمود' في قصيدته (جُندُ اللهِ في غَزَّة).
البنية الدلاليّة للقصيدة:
استطاع الشاعر في هذه القصيدة أن يبين لنا تلك القيم النبيلة التي يتحلى بها معظم فلسطيني أهل غزة بشكل خاص, من خلال تمسكهم بقضيتهم وصبرهم على كل الأوجاع والآلام التي حلت بهم من قبل الصهاينة وهم يدافعون عن أرضهم وكرامتهم, هذا الدفاع الذي يعرفون بأنهم سيقدمون له الكثير من وجودهم بالذات, إن كان على مستوى ما تم من تدمير لمعظم منازلهم وبنية 'غزة' الخدميّة, أو على مستوى تقديم الشهداء, أو على مستوى فرض الحصار والتجويع.
إن كل ما جاء في القصيدة من دلالات يشير إلى حالات لا حصر لها من البطولات والتضحيات والصبر على مقاومة الصهاينة, ولكن هم في المقابل كبدوا العدو الصهيوني الكثير على المستوى المادي والبشري والمعنوي. حتى حازوا عند الشاعر أسامة على تسمية (جند الله في غزة).
(للهِ جُنـــدٌ حَيَّـــرُوا وَعيَ العِـــدَا
كالجَيشِ واحِدَهُـم يراهُ تَجَمهَرا)
إن هؤلاء الغزاويين لم يختلف صغيرهم عن كبيرهم في شجاعته وتضحياته, وخاصة هؤلاء الأطفال المعجزة الذين بهروا العالم في صمودهم وصبرهم وشجاعتهم وايمانهم بقضيتهم. حيث يقول فيهم الشاعر:
(والطِّفلُ من تحتِ الرُّكامِ يُخِيفُهُم
فكـــأنَّ طَـــودًا للمــــماتِ تَحَضَّرَا)
…
(اســمٌ على الزَّنــدِ النَّدِيِّ مُخَــطَّطٌ
طُــوبى لِطِفـــــلٍ بالثَّبــــاتِ تَزَنَّرا )
…
(يَرقى بثَـــوبِ العِيدِ تَهـــفُو رُوحُهُ
لِجِنـــانِ خُلدٍ، فاحتَــفى وتَعَطَّــرَا)
نعم إنه شعب المستحيل, الذي تمسك بحبل الله حتى انطبق عليه قول الله عز وجل ( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله. وهذا ما ألمح إليه الشاعر بقوله :
(فلِقُـــوَّةِ الضَّعفِ اشــتِقاقٌ مُـذهِلٌ…
لا يَقــبلُ اللُّغـــزُ المَهِيبُ مُفَسِّـــرا.).
أما تلك الأجساد المسجاة في أكفانها, فهي تعبر عن ملاحم بطولات زرعت في عمق يقين كل فلسطيني بأنها ليست إلا سنابل قمح تخضبت باليقين فأثمرت إيماناً بأن القتال من أجل الوطن سيظل بحاجة للتضحيات أو الشهادة حتى يتحقق الانتصار وبالتالي الحريّة وكل ما يرتبط بها من كرامات وعزة. وهنا يقول الشاعر)
: في واحَـــةِ الأكــفانِ ثَمَّ مَلاحِــمٌ…
زَرعٌ تَخَضَّــبَ باليَقِيــنِ فأثــــمَرَا).
(أنَّ الشَّهــــــادةَ مَطلـــعٌ لِحيـــاتنا…
سَنُطِلُّ مِن رَحِـــمِ الظَّـلامِ لِنُبصِرا.)
البنية الفنية للقصيدة, أو القصيدة في الشكل:
الصورة في القصيدة:
يأتي الاهتمام النقدي بدراسة بناء الصورة, من حيث اعتبار الصورة أساس الخلق الفني في القصيدة، وهي التي تعبِّر عن تحولات النص الشعري، وتحمل المواقف الإبداعيّة والفنيّة والفكريّة التي يريد الشاعر تضمينها لنصه الشعري، كما تسهم في فهم تجربة الشاعر الإبداعيّة من خلال قدرة الصورة الشعريّة على بناء الأشكال المجازية التي تنقل رؤية الكاتب للعالم، وتعمل على تحويل الواقع الحسي والمجرد معاً إلى عوالم شعريّة خلاقة.
من هذا المنطلق تأتي دراستنا للصورة الشعريّة في قصيدة (جند الله في غزة) للشاعر الدكتور' أسامة حمود'.
بقول الشاعر:
وعَلا عَوِيلٌ للدُّيُـــوكِ مُجَـلجِـــلٌ
والخَوفُ في كُلِّ الجِهاتِ تَجَذَّرَا
فالصورة الشعرية المتخيلة هنا, تشير في دلالاتها العميقة إلى حالة الجبن والخوف الذي تلبس الجنود الصهاينة وراح يتجذر وبنتشر في كل أرض فلسطين المحتلة.
ومَضَتْ جَحَافِلُهُــم تَنُـوءُ بِخَيبَةٍ
تَســعى إلى سُبُلِ النَّجاةِ لِتَعبُــرَا
أما في هذه الصورة الحسيّة فقد أرد الشاعر أن يقول بأن الجيش الذي لا يقهر كما روجت له الصهاينة, ها هو يمضي بجحافله وهو ينوء تحت سياط الخيبة والهزيمة أمام جند الله, فرحوا يسعون بكل جهدهم إلى إيجاد سبل للنجاة من نيران من عاهدوا الله على القتال حتى الموت.
غَصَّت ملاجِئُهُم بِفَيضِ خُنُوعِهِم
والغَيظُ في رَسمِ الوُجُوهِ تفجَّـرَا
وفي هذه الصورة الحسيّة استطاع الشاعر أن يصور لنا حالة الرعب والجبن معاً عند الصهاينة حيث دفعتهم صواريخ المقاومة أن يتراكضوا مذعورين مخذولين إلى الملاجئ التي غصت بفيض خنوعهم, حتى أصبحت ملامح الغيظ تتفجر في وجوهم.
من خلال قراءتنا لصور قصيدة (جند الله في غزة), التخيليّة منها والحسيّة, إن كانت الصورة العامة التي شكلت رقعة مترابطة في بنية شكل القصيدة, أو الصور الجزئيّة كالصور البلاغية من: تشبيه واستعارة وكناية ومجاز، نجد أن تكوين الصورة في النص الشعري جاء مترابطاً ومنسجماً مع الفكرة العامة للقصيدة من جهة, كما جاء عمق الصورة منسجماً مع حركتها وعمق تلوينها المشبع بالانفعال النفسي والعاطفي والوجداني.
لقد ظهرت براعة الشاعر في تجسيم الصورة في القصيدة أيضاً, فالمعاني الخفيّة اللطيفة التي هي من خبايا العقل بدت من خلال الصورة جليّةً، ويمكن رؤيتها أو لمسها من قبل المتلقي حتى يشعر وكأنها أمام عينيه.. نعم لقد أصبحت المفردات المعنويّة التي تفهم بالعقل، مثل: الجبن والخوف والغيظ والخيبة التي ظهرت عند الصهاينة .. أو من بقية الصور التي تشير إلى الشجاعة والبطولة والتضحية التي ظهرت عند المقاومين الفلسطينيين بكل شرائحهم .. وكأنها شيء محسوس.
النغم والايقاع في القصيدة:
بالرغم من أن القصيدة عموديّة المبنى, وهذا يتطلب بالضرورة إيقاعاً يقوم على الوزن والقافية, وهنا جاء الوزن على البحر ( الكامل ), بينما جاء حرفا القافية والروي في حالة ارتباط بين (الراء والألف) فالراء هي حرف الروي، وهو الحرف الأساسي الذي تتحدد عليه القصيدة.
إن نظام، الوزن والقافية, والصوت المتشابه، والبنيات المتماثلة في الوحدات المتقابلة في القصيدة كان لكل ذلك دور حيوي في إبراز جمالية النص وتأثيره، مما يخلق إحساسًا بالتوازن والإيقاع. أي خلق إيقاع موسيقي داخلي يشد المتلقي ويساعده على فهم النص الشعري واستيعاب معانيه بشكل أعمق. كما أن الوزن والقافية يعتبران من أهم العناصر التي تميز الشعر عن النثر، وتضفي عليه طابعًا خاصًا يجعله أكثر جاذبية وتأثيرًا.
العاطفة في القصيدة:
العاطفة هي الانفعال النفسي المصاحب للنص، حيث تجلت عاطفة الشاعر 'أسامة' في قصيدته بالصدق المشبع بالفخر والاعتزاز برجال الله الذين أثبتوا قوة عقيدتهم وإيمانهم بوطنهم وتحديهم لمغتصبي أرضهم, ولكنها مشبعة أيضاً بالحزن على ما حل بأهل غزة من قتل وتشرد وتدمير… لقد تجلت في عاطفة الشاعر الأبعاد والدوافع الإنسانيّة والقوميّة العميقة, وهي عواطف تشابك بها الكره للعدو الغاصب, والألم لما أصاب أهل غزة من قهر وقتل ودمار, ولكنها حملت أيضاً مشاعر الاعجاب والفخر بما حققوه من انتصارات.
اللغة في القصيدة:
لقد جاءت اللغة في القصيدة سمحةً.. عليها رونق الفصاحة والابتعاد عن الوحشية أو المعجمية وجاءت في تراكيبها منسجمة, ومسبوكة الألفاظ غير متنافرة, هذا إضافة لجزالتها في مواقف القوة والفخر ببطولات أهل غزة, لقد بدت اللفظة الواحدة منسجمة مع بقية أجزاء الكلام, وهذا ما منح اللغة أيضاً سلاستها ونصوعها وإصابة معناها, وهذا ما يؤكد عند المتلقي بأن روعة السبك وبراعة الصياغة سر فن التعبير.
ملاك القول:
تعتبر قصيدة (جند الله في غزة) من أدب الحروب, هذا الأدب الذي يصور لنا ما تخلفه هذه الحروب من مآسي ماديّة على مستوى الدمار الذي يلحق بالإنسان نفسه وبالبيوت وكل وسائل الخدمات, و مآسي معنويّة على المستوى النفسي والأخلاقي والاجتماعي.. الخ. وخاصة إذا كانت الحروب غير متكافئة بين معتدي امتلك كل وسائل القتل والتدمير, وبين شعب آمن يعمل الصهيوني على سلبه أرضه وكرامته وحريته.
وقصيدة (جند الله في غزة) جاءت لتعبر عن حالة عدم التوازن في القوة من حيث العتاد والعتيد, بين صهيوني مستعمر امتلك كل وسائل القوة والدعم الدولي للمارسة عنصريته على شعب أعزل, لا يملك إلا كرامته وإرادة البقاء التي صنع منها قوة معنوية بوسائل قتال بسيطة لمواجهة قوى الشر والعدوان.
لقد جاءت القصيدة لتوصف لنا حالات الصراع الدامي بين عدو مغتصب وشعب مقهور على أمره, فكان الوصف حقيقيّاً وواقعيّا عبر فيه الشاعر بفنيّة عالية إن كان على مستوى الصورة أو اللغة أو العاطفة عن تلك البطولات الأسطوريّة لكل مكونات شعب غزة, كما صور لنا حالة الهزيمة والذل والخنوع التي حلت بالعدو الصهيوني وجيشه الذي لا يقهر.
نحن في الحقيقة أمام شاعر متمكن من حرفته, استطاع ببراعة الفنان المبدع أن ينقلنا عبر قصيدته بكل مكوناتها الابداعية في الشكل والمضمون, إلى أجواء المعركة ليجعلنا نحس ونشعر بكل ما جرى فيها من عزة وكرامة وقوة وإرادة شعب يريد التمسك بأرضه والدفاع عنها ببطولة وبسالة, وبين عدو مغتصب يشعر بأنه ليس صاحب قضية, ففي داخله مهزوز وجبان وخائف, لولا التطور التكنولوجي الذي يمتلكه والذي أعطاه شيئاً من القوة للحفاظ على ماء وجه, بعد أن عرته المقاومة في الشكل والمضمون.
كاتب وباحث من سوريّة.
d.owaid333d@gmail.com
جُندُ اللهِ في غَزَّة
…
اجمَـــع رَمــادَ الرُّوح، آنَ خَلاصُنا
والقَـــفرُ أينَعَ بالدِّما؛ فاخضوضَرا
…
وهُنا لِشــعبِ المُســتحِيلِ فَـرَادَةٌ
ما فَكَّ طلسَـــمَها الزَّمــانُ لِيَجهَرا
…
فلِقُـــوَّةِ الضَّعفِ اشــتِقاقٌ مُـذهِلٌ
لا يَقــبلُ اللُّغـــزُ المَهِيبُ مُفَسِّـــرا
…
في واحَـــةِ الأكــفانِ ثَمَّ مَلاحِــمٌ
زَرعٌ تَخَضَّــبَ باليَقِيــنِ فأثــــمَرَا
…
(وحُبُوبُ سُــنبُلةٍ تموتُ) بأرضِهـا
سَتُثِيلُ في سِــفرِ البُطولةِ أسطُرَا
…
و (ستَملأُ الوادِي سَــنابِلَ) غَضَّــةً
سَـتُعِيدُ للخَصــمِ المَقِيتِ تَصـوُّرا
…
أنَّ الشَّهــــــادةَ مَطلـــعٌ لِحيـــاتنا
سَنُطِلُّ مِن رَحِـــمِ الظَّـلامِ لِنُبصِرا
…
والطِّفلُ من تحتِ الرُّكامِ يُخِيفُهُم
فكـــأنَّ طَـــودًا للمــــماتِ تَحَضَّرَا
…
اســمٌ على الزَّنــدِ النَّدِيِّ مُخَــطَّطٌ
طُــوبى لِطِفـــــلٍ بالثَّبــــاتِ تَزَنَّرا
…
يَرقى بثَـــوبِ العِيدِ تَهـــفُو رُوحُهُ
لِجِنـــانِ خُلدٍ، فاحتَــفى وتَعَطَّــرَا
…
لا تَنصَحُوا بالصَّبــرِ قَومًا جـاوَزُوا
للصَّبرِ سَـــقفَ سَـمائِهِ فاستُصغِرَا
…
ألِمِثلِهِــــم تُســـدَى نَصــائحُ مِثلِنا
أبِمائِهــــا تُغـــوِي الجَــداوِلُ أنهُرَا
…
وهُنا لِوَهــــمِ المُدَّعِيــــن نِهـــايَةٌ
سَهــمٌ على صَدرِ الجِبـالِ تكَـسَّرَا
…
أســطورَةٌ رَسَــــخَتْ بِلُبِّ عُقُولِنا
قد آنَ – تحتَ نِــعالِنا – أن تُقهَـرَا
…
وَهـنٌ على وَهـنٍ، تَكَشَّــفَ للأُلى
ولِذَاكَ بَيتُ العَنكَبُـــوتِ تَبـــعثَرَا
…
وعَلا عَوِيلٌ للدُّيُـــوكِ مُجَـلجِـــلٌ
والخَوفُ في كُلِّ الجِهاتِ تَجَذَّرَا
…
ومَضَتْ جَحَافِلُهُــم تَنُـوءُ بِخَيبَةٍ
تَســعى إلى سُبُلِ النَّجاةِ لِتَعبُــرََا
…
غَصَّت ملاجِئُهُم بِفَيضِ خُنُوعِهِم
والغَيظُ في رَسمِ الوُجُوهِ تفجَّـرَا
…
للهِ جُنـــدٌ حَيَّـــرُوا وَعيَ العِـــدَا
كالجَيشِ واحِدَهُـم يراهُ تَجَمهَرا
…
مـن كُلِّ ناحِيَـــةٍ يُطِلُّ كَفـــارِسٍ
بالعَزمِ يَجتَــرِحُ الحَيـــاةَ لِيُزهِرَا
…
فكأنَّمــا تُهـــدِيهِ – مِلءَ بَرِيقِها –
مِن بَعدِ مَوتٍ رُوحَـــهُ كي يَثأرَا
…
وهناك، حَيثُ اللهُ يُرسِلُ جُنـدَهُ
تأبى جُمُــوعُ المُنتَهَى أن تُدبِـرَا
…
يا غَزَّةَ الصِّيــدِ الكِــــرَامِ تأَهَّبِي
فالنَّصــرُ في ثَوبِ الرُّكامِ تَنكَّرَا
…
سيَهُـــبُّ بُركانًــا يُحَــرِّرُ أرضَنا
وبِلالُ يَهـــرَعُ صَوبَهــــا ليُكَبِّرَا
…
#د_أسامة_الحمُّود
2025-07-18

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اذاعة طهران العربية
منذ 14 ساعات
- اذاعة طهران العربية
جِسر.. من هو عميد شعراء العرب الإيرانيين وعميد الأبوذية؟
احبج يافلاحيتي.. احبج من نمت بفياي نخلات الشتلهن خالنا سبيتي احبج من بنا البنّاي من معدن ذهب طينج كَسُر بيتي احبج يا فلاحيتي***احبج يا فلاحيتي نسلط الضوء هذه المرة على صاحب هذا الابيات الذي لقب بعميد الأبوذية، الشاعر الفذ الذي طارت شهرته الآفاق وتخطت حدود وطنه الأم إيران. فاستعدوا معنا للتعرف على مسيرته الأدبية الملهمة وأشعار الأبوذية الرائعة التي أبدع فيها. فهو الملا فاضل السكراني بن يعقوب بن عاشور بن سكران الطائي ولد في مدينة شادكان بمحافظة خوزستان عام 1923 وهي مدينة تاريخية لم تخلُ عبر تاريخها من الأدباء و الشعراء والمؤرخين و اللغويين أبرزهم ابن السكيت الدورقي. كان مولعا بالشعر والأدب منذ طفولته ويحضر الاحتفالات الأدبية التي تقام بالمناسبات ويسمع من شعرائها و دبائها الأناشيد الأدبية و التواشيح الدينية. نظّمَ الشعر وهو في الحادي عشر من عمره حتى أصبح شاعرا كبيرا وتفنن في نظم الأبوذية حتى سمي بعميدها. تجاوزت شهرته الحدود الإيرانية فكانت كلماته في غاية الحسن والجمال من حيث النظم الفني والصور الشعرية ومفرداته النبيلة، حتى أنشده كبار الشعراء في الجمهورية الإسلامية وخارجها على رقة وعذوبة اشعاره. الشاعر الشهير والأديب البارز الأستاذ فاضل بن المرحوم يعقوب السكراني والذي عرف في أواسط المجتمع بالملا فاضل له أكثر من 2500 بيت شعر في الأخلاقيات والاجتماعيات والهجاء والرثاء. تعلم في طفولته التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم وترعرع بمحبة أهل البيت عليهم السلام، وبعد ذلك تعلم كتابة الخط العربي وطريقة قرائة القصائد الشعرية بأنواعها وفن إنشادها على يد أستاذه المرحوم السيد رضا بن المرحوم السيد صالح إبراهيمي. عرف الشاعر الراحل ملا فاضل السكراني، بعميد الأبوذية، كتب هذا الجنس من الشعر، وإن لم يختص به فحسب، إلا أنه استطاع أن يخرجه من محليته. و الأبوذية هي أحد أشهر أوزان الشعر الشعبي في خوزستان والعراق، وأكثرها تداولاً بين أوساط الشعراء والجمهور، لسهولة حفظها ولقدرتها على اختزال موضوعٍ كاملٍ في أربعة أشطر. وهي تسمية مركبة، تتألف من مقطعين: "أبو"، وهي تحمل في اللهجة الأهوازية معنى الصاحب أو المالك، أما "ذية" فقد تكون اشتُقَّت من الأذى، كما هو شائع، وقد تكون مجزأةً إلى مقطعين "ذي" (التي تعني صاحب) و"يه"، وهي القفلة التي تنتهي بها الأبوذية دائماً. فقال رحمه الله: مر عزمي اليحرر جان برداي انطفه وسيفي الصقيل انگلب برداي انجرج جدمي ابمحنتي وعثر برداي وكثر لومي اعله گومي الزرو بيه *********** أحِــب دوم أنظر إلجيده وريده واحِب شَم وَجنِتَـه وشَمَّة وريده يَلَاهــي إشْكثْر أوِد ناهي وريده دخَلَّه ايزورني ويعطف علـــيه *********** ألِف طَرطَر دليــلي بسيف مَنطَر دَم جَر سَل رِگــه الأجبال منطر الگلب شَب گَب ثِگَب نيران منطر اسمك ياعَفيف شعِمَل بـــــيه *********** الفقير المُفلِس إلمامَلَك شَيَّبْ يَمنته شيِشْتِري وللأهَل شيّب گِلِت للگال أبو العشرين شيّب الطِفِل هليوم شَيْبَتّهْ الدَنَيَه *********** دَم دمعك دســيله لايسلــــــــمه على الراح وعلى الله لايسلــمه الهجر ماجان وعـدچ لايسلـــمه الوَعَد جان الوصل قبل المنـــيَّه *********** وكباقي الشعراء نظم الملا فاضل السكراني الشعر الشعبي في مختلف أنواعه منها القصيدة. ونقرئ لكم أبياتا من قصيدة "احبج يافلاحيتي": احبج من نمت بفياي نخلات الشتلهن خالنا سبيتي احبج من بنا البنّاي من معدن ذهب طينج كَسُر بيتي احبج يا فلاحيتي***احبج يا فلاحيتي **** احبج يالغفيت ابحضنج الدافي وغطاي الحاف عتبارج احب امعارج اليحجي ابخبر حمده و يملها البالوحل بارج احب فتنه و صريج اجعاب اخو فتنه اليزوغل جان ويعارج *** احب هلهولة ام عيد التهز ايد الفرح بلعيد وتبارج احب كوتج وحب ابيوتج البيهن احلام ايام تذكارج احب سُورج وحب خُورج و حب ابخورج المنتشر بكتارج *** احب شطج وحب اجفايفه الخضره وضحجها الرگّص اشجارج احب ريفج وحب لبطت مشاحيفيج الفرها الكنص بهوارج احب نورج وحب نارج وحب اشتم روايح عطر نُوّارج **** انتقل إلى رحمة الله الملا فاضل السكراني مساء الـــ 28 من شهر دي عام 2013 عن عمر يناهز التسعين في مدينة شادكان، تاركاً خلف تراث شعري قيم للأجيال الخوزستانية. وبعد فترة من وفاته أقيمت بأسمه الندوات الشعرية في أرجاء محافظة خوزستان وجنوب العراق وشكلت جائزة أدبية للشعر تحت عنوان: "ملافاضل السكراني" بمشاركة أبرز شعراء المحافظة. كما اهتمت دائرة الثقافة والإرشاد الإسلامي في خوزستان بجمع ديوانه ليبقي نبراساً يحتذى به في سياق الشعر الشعبي ومديحات أهل البيت عليهم السلام. وبفضل جهود المخرج الخوزستاني "حبيب باوي ساجد" تم إعداد فيلم وثائقي يروي حياة المرحوم ملا فاضل السكراني تحت عنوان "أود أرجع". كانت هذه نبذة مختصرة عن حياة شاعرنا الاستاذ الراحل ملا فاضل بن المرحوم يعقوب السكراني المعروف بشخصيته المرموقة وبتضحياته الجسام خلال حياته المباركة في توسيع رقعة لغة الشعر وتنوعها وتطورها إذ صار بفضله الكثير من أبناء بلده شعراء تعلموا منه أوزان الشعر ومعانيه فمن كان منهم بالأمس لا يقيم وزنا للشعر ولا يدري ما طعمه وما لذته قد أصبح شاعرا وعاشقا للشعر ينهل من معينه ويأكل من ثمار جنانه بكل رغبة و لهفة واشتياق. نتمنى أن نكون قد ألقينا الضوء على إرث هذا الشاعر العظيم الذي أثرى الساحة الأدبية بأشعار الأبوذية الساحرة. فمهما مرت السنين، ستظل كلماته تعيش في قلوب محبّي الشعر وتُلهم الأجيال القادمة.


موقع كتابات
منذ يوم واحد
- موقع كتابات
'زياد الرحباني'.. استخدم المسرح كأداة نقد اجتماعي وسياسي
خاص: إعداد- سماح عادل 'زياد الرحباني' فنان وملحن ومسرحي وكاتب لبناني، اشتهر بموسيقاه الحديثة وتمثيلياته السياسية الناقدة التي تصف الواقع اللبناني الحزين بفكاهة عالية الدقة. تميز أسلوبه بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع، كما أنه يعتبر طليعيا وصاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربي المعاصر. وُلد 'زياد عاصي الرحباني' في 1 يناير 1956 في بلدة أنطلياس، قضاء المتن، في محافظة جبل لبنان. هو الابن البكر للموسيقار 'عاصي الرحباني' (1923–1986) والمطربة 'نهاد حداد' (فيروز، مواليد 1935). كان والده جزءا من ثنائي 'الأخوين رحباني' (عاصي ومنصور الرحباني) الذين شكّلوا ظاهرة في المسرح الغنائي اللبناني منذ خمسينيات القرن العشرين، بالتعاون مع إذاعة 'صوت لبنان' ثم 'الإذاعة اللبنانية الرسمية'، وبرزوا في المهرجانات الكبرى كـ'بعلبك' و'بيت الدين'. نشأ 'زياد' في منزل عرف بكثافة الإنتاج الفني والعمل الإذاعي والمسرحي اليومي، وكان محاطا بكتاب وموسيقيين وممثلين منذ سنواته الأولى. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة 'جبل أنطلياس' الكاثوليكية، ثم انتقل إلى مدرسة 'اليسوعية' في بيروت. لاحقا، درس الموسيقى الكلاسيكية والجاز على البيانو بشكل غير أكاديمي، وتعلم التأليف الموسيقي بمجهود ذاتي معتمدا على ما شاهده من عمل والده وعمه، فضلا عن تأثره بموسيقى الجاز الأميركية. لدى زياد شقيقان: 'هالي' الذي يعاني من إعاقة ذهنية منذ الطفولة، و'ليال' (توفيت عام 1988) لم تتجه إلى الفن، وأُضيف على كاهله، بصفته الابن الأكبر، مسؤوليات خاصة داخل العائلة بعد مرض والده في أواخر السبعينيات. الأدب.. جاءت بداية 'زياد الرحباني' في الأدب كتب في سن مبكرة نصوصا شعرية بعنوان 'صديقي الله'، أنجزها بين عامي 1967 و1968، وقد لفتت هذه النصوص الانتباه إلى موهبة أدبية واعدة، كانت تبشر بولادة شاعر متمكن، لولا أن اختار لاحقا تكريس طاقته بالكامل للموسيقى والتأليف المسرحي. في عام 1971، وضع أول ألحانه الغنائية بعنوان 'ضلك حبيني يا لوزية'، والتي شكلت مدخله الفعلي إلى عالم التلحين. ثم جاءت اللحظة المفصلية في عام 1973، حين كان لا يزال في السابعة عشرة من عمره، حين لحن أغنية لوالدته فيروز، وذلك في ظل دخول والده عاصي الرحباني إلى المستشفى وتغيبه عن العمل الفني. كانت فيروز حينها تستعد لبطولة مسرحية 'المحطة' من تأليف الأخوين رحباني، فكتب منصور الرحباني كلمات أغنية تعكس الغياب المفاجئ لعاصي، وأسند مهمة التلحين إلى زياد. جاءت النتيجة على شكل الأغنية الشهيرة 'سألوني الناس'، التي أدتها فيروز ضمن المسرحية، وأحدثت صدى واسعا فور صدورها، إذ مثّلت أول ظهور حقيقي لزياد كملحن ضمن أعمال العائلة الرحبانية. وقد شكلت هذه الأغنية بداية مرحلة جديدة في مسيرته، وأظهرت ملامح أسلوبه الخاص، المختلف عن نهج والده وعمه، وفتحت أمامه باب التعاون الموسيقي مع فيروز الذي امتد لعقود لاحقة. لاقت تلك الأغنية نجاحا كبيرا، ودهش الجمهور للرصانة الموسيقية لابن السابعة عشرة ذاك، وقدرته على إخراج لحن يضاهي ألحان والده، ولو أنه قريب من المدرسة الرحبانية في التأليف الموسيقي. مسرح.. شارك 'زياد الرحباني' في أول ظهور له على خشبة المسرح في مسرحية 'المحطة'، مجسدا دور الشرطي، وهو الدور ذاته الذي كرره لاحقا في مسرحية 'ميس الريم'، حيث قدم مشهدا حواريا موسيقيا مع فيروز، سائلا إياها عن اسمها وبلدتها في قالب ملحن. إلا أن مشاركته لم تقتصر على التمثيل، فقد قام أيضا بتأليف موسيقى مقدمة 'ميس الريم'، والتي أثارت إعجاب الجمهور لما حملته من تجديد في الإيقاع والأسلوب، كاشفة عن لمساته الشابة المختلفة عن أعمال والده وعمه. لاحقا، طلبت منه فرقة مسرحية لبنانية كانت تعيد تقديم مسرحيات الأخوين رحباني، وتضم المغنية مادونا التي كانت تؤدي دور فيروز– أن يكتب مسرحية أصلية جديدة من تأليفه وتلحينه، فاستجاب لذلك وكتب أول أعماله المسرحية: 'سهرية'. وقد احتفظت هذه المسرحية بشكل المسرح الرحباني الكلاسيكي، إلا أنها كانت أقرب إلى ما وصفه زياد بـ'حفلة غنائية'، حيث كانت الأغاني هي العنصر الأبرز، وتدور الأحداث فقط لتخدم تقديم المقطوعات الموسيقية، في تقليد واع للمسرح الرحباني. مع مرور الوقت، أحدث زياد تحولا كبيرا في شكل المسرح اللبناني؛ إذ ابتعد عن النمط المثالي والخيالي الذي تميز به مسرح الأخوين رحباني، واتجه إلى مسرح سياسي واقعي يعكس حياة الناس اليومية، خصوصا في ظل أجواء الحرب الأهلية اللبنانية. فكانت أعماله تعبيرا مباشرا عن هموم المجتمع اللبناني، بلغة نقدية لاذعة وسخرية ذكية. وفي دراسة بعنوان 'حصاد الشوك: المسرح السياسي الكوميدي في سورية ولبنان'، أشار الباحث أكثم اليوسف إلى أن زياد فرض نفسه خلال تلك الفترة كـكاتب ومخرج ومؤلف موسيقي وممثل بارز، معتبرًا أن مسرحه أصبح منبرا يعبر عن جيل ضائع تتقاذفه أهوال الحرب والضياع، ويشكل صوتا نقديا بارزا في المشهد الثقافي اللبناني. الزواج.. تزوج من 'دلال كرم'، ورزق منها بولد أُطلق عليه اسم 'عاصي'، إلا أنه تبين لاحقا أنه ليس ابنه البيولوجي. انتهت علاقتهما بالطلاق، مما دفع كرم إلى كتابة سلسلة من المقالات في مجلة 'الشبكة' تناولت تفاصيل علاقتهما الزوجية. وقد ألّف الرحباني عددا من الأغاني التي تعكس تجربته في هذه العلاقة، من أبرزها: 'مربى دلال' و'بصراحة'. بعد انفصاله عن زوجته 'دلال كرم' خلال الحرب الأهلية اللبنانية، حرم زياد الرحباني من رؤية ابنه حتى بلغ التاسعة، بسبب سكنه في بيروت الغربية وسكن والدته في الشرقية. لاحقا، دخل في علاقة استمرت 15 عاما مع الممثلة اللبنانية 'كارمن لبّس'، وانتهت بسبب عدم قدرة زياد على توفير الاستقرار الذي كانت تطمح إليه. وصرحت كارمن لاحقا: «كان زياد الشخص الوحيد الذي أحببته»، بينما اعترف زياد أن كارمن كانت محقّة في قرارها، مضيفا أنه لم يتمكن من إصلاح الفوضى التي كانت تحيط بحياتهما. انعكست تجربته العاطفية مع كارمن في عدد من أعماله الفنية، أبرزها أغنية 'ولعت كتير' من ألبوم 'مونودوز'، التي تناولت قصة حب طويلة. في عام 2008، أثارت الصحف اللبنانية جدلا واسعا بعد كشف دعوى قضائية قدمها زياد لإنكار أبوته لابنه 'عاصي'، المسجلة تحت الرقم 910/2008. وأكدت الوثائق أن فحص الحمض النووي عام 2004 أظهر عدم النسب. وصرح زياد لجريدة الأخبار أن موقفه القانوني جاء اضطراريا بعدما فشلت والدة عاصي في تسوية القضية بشكل خاص. وأكد أن كلا الطرفين، عائلته وعاصي نفسه، تضررا من هذا الواقع، وأنه لا يتحمل مسؤولية ما حدث. عرف زياد الرحباني بعلاقته الطويلة مع الحركات اليسارية اللبنانية، وصرح بأنه شيوعي الهوى، وظل منخرطًا في الحزب الشيوعي اللبناني طوال حياته. أثار جدلا كبيرا بمقالاته الإذاعية الساخرة وبرامجه السياسية الفنية مثل برنامج 'العقل زينة'. وفي مقابلة أجراها مع الصحفي غسان بن جدو، صرح الرحباني بأن مجزرة تل الزعتر التي ارتكبتها ميليشيات مسيحية يمينية متطرفة في عام 1976، كانت الدافع الرئيسي لانتقاله إلى بيروت الغربية. وعلى الرغم من ذلك، عبر أيضا عن دعمه للمقاومة اللبنانية ومشروعها في مواجهة 'الاحتلال الإسرائيلي ونظامه العنصري الأبارتايد'. ورغم نقده الحاد للأنظمة والحكومات، إلا أنه بقي مناصرًا للقضايا القومية مثل القضية الفلسطينية، وانتقد ما سماه 'تحالف السلطة والمال والدين'. وفاته.. توفي 'زياد الرحباني' في 26 يوليو 2025 في بيروت عن عمر 69 عاما، بعد معاناة طويلة مع مرض تليف الكبد، الذي تدهورت حالته الصحية بسببه خلال الأشهر الأخيرة من حياته. نقل إلى المستشفى في يونيو 2025 إثر مضاعفات صحية متكررة، وأفادت مصادر طبية بأنه خضع لعلاج طويل الأمد لم يكن جسده قادرا على الاستجابة له في المراحل الأخيرة. لم تقتصر أعمال زياد الرحباني على الكتابة المسرحية وكتابة الشعر والموسيقى فكان الوجه الثاني لزياد هو «السياسي»، وقد تميز بجرأة منقطعة النظير، وفي مهرجان الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني ألقى كلمة إلى جانب كلمة الأمين العام وتتطرق فيها لإعادة هيكلة الحزب الشيوعي اللبناني قائلا أنه لم يخرج من الحزب إلا من كان يجب أن يخرج، وعبر عن انتمائه العميق قائلا الشيوعي لا يخرج من الحزب إلا إلى السجن أو البيت. أما زياد الرحباني الصحفي الذي كتب في أكثر من جريدة لبنانية منها جريدة النداء والنهار أثناء الوجود السوري في لبنان، فقد تميزت كتاباته بالجرأة والقدرة الهائلة على التوصيف. وقد كتب لفترة في جريدة الأخبار اللبنانية دعما لانطلاق الجريدة الجديدة في زحمة الإعلام والصحافة اللبنانية. يكتب عمود مانيفستو في جريدة الأخبار. تميز زياد بأسلوب موسيقي متمرد يمزج بين الموسيقى الشرقية الكلاسيكية وأنماط الجاز، البلوز، الفانك، وحتى الروك. استعمل المقامات العربية في توليفات غير تقليدية، وجمع بين الأنغام اللبنانية والإيقاعات الغربية، ما شكل نهجا جديدا في الموسيقى العربية. وإضافة إلى ألحانه لفيروز، قدم ألبومات غنائية بصوته تضمنت أغاني مثل: 'عودك رنان' 'أنا مش كافر' 'إي في أمل' 'بما إنو' 'مارغريتا' كما عمل موزعا موسيقيا في العديد من الأعمال الفنية والمسرحية، وأعاد توزيع أغنيات تراثية بروح عصرية. استخدم المسرح كأداة نقد اجتماعي وسياسي، عالج من خلاله قضايا الحرب الأهلية، الفساد، الطائفية، العدالة الاجتماعية، وقضايا المواطن اليومية. من أبرز مسرحياته التي تحولت إلى ظواهر ثقافية في لبنان: بالنسبة لبكرا شو؟ (1978): تناولت بأسلوب ساخر قضايا الخيانة والانتماء والوضع السياسي الهش. فيلم أميركي طويل (1980): طرحت بأسلوب عبثي مأساوي وضع المثقف والسياسي في ظل الحرب. شي فاشل (1983): انتقد فيها النظام التعليمي والفساد الإداري. نزل السرور (1974): كانت من أوائل أعماله الناقدة للطائفية. اعتمد على شخصيات متكررة من الطبقات الشعبية كناقلين لرسالته، ومنحهم أدوار البطولة بدلاً من النخب التقليدية.


اذاعة طهران العربية
منذ يوم واحد
- اذاعة طهران العربية
الأربعين، رحلة إلى بناء مستقبل أكثر إشراقا للبشرية
يعتبر الأربعين حدثا فريدا في تاريخ البشرية، حيث تُوجد فيه عناصر قيّمة لطالما بحثت عنها فطرة الإنسان الساعية إلى الله، لكنها غالبًا ما ضاعت في صخب الحياة العصرية. إن الطبيعة البشرية والفطرة الإنسانية متعطشة للصدق، العدالة والإيثار، الحنان والتعاطف؛ لكن هذه الجواهر الثمينة تتلاشى ببطء وسط غبار الدنيا وهموم الحياة، ويجد الإنسان نفسه بعيدًا عن جوهره. والأربعين يعد أكثر من مجرد مناسبة دينية، وبل هو ملتقى عظيم للعودة إلى هذه الينابيع النقية. يجتمع الناس في مسيرة الأربعين، من جنسيات وأديان وثقافات مختلفة دون توقعات مادية وبنوايا صافية. ويوفر هذا التجمع الضخم مساحة جديدة لممارسة التعاطف والحوار والتسامح وقبول الآخرين. ربما لم تتح للكثيرين فرصة تجربة التعايش السلمي والعطاء خلال العام، ولكن هنا، يجد التائهون طريق الحب والمودة من جديد، ويتبادلون الهدايا. تكتسب قيمٌ كالإيثار والضيافة معنىً أعمق خلال الأربعين. فالناس الذين يبذلون دون انتظار شيء من ممتلكاتهم المادية، والزوار الذين يضحون بالراحة والرفاهية ليستفيدوا من مشاق الطريق الروحي، يجدون أنفسهم في جوٍّ من البهجة والسرور تجاه الدنيا، ويقتربون من حقيقة الوجود. وفي هذه الأثناء، حتى الأطفال الصغار والمراهقون و كبار السن يدركون معنى المشاركة والتعاطف والتضامن بكل وجودهم. ومن الإنجازات العظيمة الأخرى للأربعين استعادة الشعور ب العدالة ومقاومة الظلم، وإعادة تأهيله. كما أن إن ذكرى الإمام الحسين وأصحابه (ع)، بثباتهم وعدم مهادنتهم للباطل، تُلهم الإنسان المعاصر للنهوض من جديد والحفاظ على قيمه إذا شعر بضياع العدالة والحرية، مستلهما هذه الحقيقة التاريخية. ويتخذ هذا التعافي شكلًا جماعيًا واعيًا، ويربط الإنسان برسالته التاريخية في نصرة المظلومين. يجد الإنسان وسط هذا الحشد وصحبة ملايين البشر، فرصة للتفكير في معنى الحياة وإعادة تفسير هويته. ويرى العديد من الزوار أنفسهم في المرآة من منظور مختلف، ويلمسون بشكل أفضل آلامهم ورغباتهم وآمالهم المشتركة. وهذه التجربة الجماعية لا تُعزز الروحانية الفردية فحسب، بل تُوفر أيضًا رصيدًا روحيًا لإصلاح المجتمع والتآزر الفكري والعملي. إذن الأربعين ليس مجرد إحياء للقيم المفقودة، بل هو أيضا مدرسة إنسانية وحضارية؛ تجربة تُظهر أن الإنسان، بانخراطه في هذه الشعائر، يستطيع العودة إلى منبع الفضائل والنقاء، وبترميم هذه القيم، يلعب دورا فعالًا في بناء مستقبل أكثر إشراقًا للبشرية. كما أن الأربعين فرصة لهذه العودة المجيدة وتذكير بعهد جديد مع الذات ومع الله سبحانه وتعالى.