
الرصاص الطائش: خرق للقانون وتهديد للحياة
فعلى الصعيد القانوني، حاول المشرّع الأردني التصدي لهذا السلوك المجتمعي، فشدّد العقوبة في عام 2017 بإضافة المادة (330) مكرّرة إلى قانون العقوبات، التي تعاقب كل من يطلق عيارًا ناريًا دون داعٍ أو سهمًا ناريًا بالحبس مدة ثلاثة أشهر، أو بغرامة مقدارها ألف دينار، أو بكلتا العقوبتين، مع مصادرة السلاح المستخدم ولو كان مرخّصًا.
وتتضاعف العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة إذا نتج عن الفعل إيذاء إنسان، وإلى الأشغال المؤقتة إذا تسبب في عاهة دائمة أو إجهاض امرأة حامل، وإلى الأشغال المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات إذا نتج عن الفعل وفاة إنسان. كما يعاقب قانون الأسلحة والذخائر رقم (34) لسنة 1952 على جرم إطلاق النار من سلاح غير مرخّص، وفق المادة (11) منه، بالحبس مدة ثلاثة أشهر، أو بغرامة قدرها ألف دينار، أو بكلتا العقوبتين.
ورغم صراحة هذه النصوص القانونية، توجد إشكاليات عديدة في التطبيق، أهمها الثقافة المجتمعية السائدة التي ترى أن حمل السلاح واستخدامه في الأعراس مرتبط بالفرح والبهجة والسرور، وأنه علامة قوة وحضور اجتماعي. كما أن هناك ضعفًا في المنظومة التشريعية التي يُفترض بها أن تتصدى لظاهرة انتشار الأسلحة بين أيدي الأردنيين، حيث مرّ على صدور قانون الأسلحة والذخائر الحالي أكثر من 71 عامًا، خضع خلالها لسلسلة تعديلات لكنها لم تحقق الغاية المرجوة منها.
فالقانون النافذ ينطلق من جواز اقتناء الأسلحة النارية وحملها بعد الحصول على التراخيص اللازمة لذلك، إذ أجازت الفقرة (أ) من المادة (3) منه "لجميع الأهالي في المملكة أن يحتفظوا في منازلهم وأماكن إقامتهم بالبنادق والمسدسات اللازمة لاستعمالهم الذاتي فقط، مع كمية من العتاد المخصص لذلك السلاح بالقدر الضروري للدفاع عن النفس".
وتبقى المشكلة الأكبر في قانون الأسلحة والذخائر الحالي ما نصت عليه المادة (4/ب) منه، التي تحظر حمل الأسلحة النارية المرخصة أثناء الاحتفالات الرسمية، والحفلات العامة، والمؤتمرات، والاجتماعات، ومواكب الأعراس والجنازات، أو أي اجتماع يزيد عدد المجتمعين فيه على عشرة أشخاص. فمن خلال إعمال مفهوم المخالفة في التفسير القانوني، فإن أي اجتماع يحضره عشرة أشخاص أو أقل، يجوز حمل السلاح المرخّص أثناء انعقاده، وهو أمر يشكل عوارًا تشريعيًا لا يمكن السكوت عنه.
كما تكمن مشكلة القانون النافذ في غياب التطبيق الفعلي لبعض نصوصه وأحكامه؛ فالمادة (6) منه تعتبر رخصة اقتناء السلاح وحمله شخصية تنتهي بوفاة صاحبها، ويتعين على الورثة تعديل أوضاعهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة. إلا أن هذا الحكم القانوني لا نجد له تطبيقًا حقيقيًا على أرض الواقع، فالجزء الأكبر من الأسلحة المنتشرة بين الأردنيين جرى توريثها دون تعديل التراخيص الممنوحة لها، مما ساهم في زيادة عدد الأسلحة غير المرخصة في الأردن.
وقد سعت الحكومات المتعاقبة إلى وضع حلول تشريعية جذرية لمشكلة انتشار الأسلحة النارية، فتم إقرار مشروع قانون معدل لعام 2016 يتضمن نصوصًا إيجابية، أهمها اعتبار جميع رخص اقتناء وحمل الأسلحة المحظورة ملغاة حكمًا خلال ستة أشهر من تاريخ نفاذه، على أن يتوجب على الأردنيين تسليم أسلحتهم المحظورة خلال تلك الفترة إلى أقرب مركز أمني.
ورغم مرور سنوات على وجود هذا المشروع في أدراج مجلس النواب، لا يزال هناك تردد في إقراره، وذلك نظرًا للطبيعة الاجتماعية الاستثنائية لهذا التشريع، الذي يتصدى لثقافة مجتمعية تعتبر حيازة السلاح وحمله مظهرًا من مظاهر العز والفخار لدى الأردنيين.
إن الأساس التشريعي في التعامل مع الأسلحة والذخائر يجب أن يكون حظر الترخيص بحملها كقاعدة عامة، مع تقرير استثناءات معينة لأشخاص مدنيين يجوز لهم حمل السلاح، كالعاملين في شركات الحماية والحراسة الخاصة، على أن يقتصر الترخيص على السلاح العادي دون الأوتوماتيكي.
كما يجب أن يتضمن القانون الناظم للأسلحة والذخائر حكمًا تشريعيًا يمنع الأخذ بالأسباب المخففة التقديرية في حال إطلاق عيارات نارية أدت إلى وفاة أحد الأشخاص، وذلك على غرار الحكم الوارد في قانون السير المعدل لعام 2023، الذي يحظر على المحكمة إسقاط الحق الشخصي إذا كان المتسبب في الحادث تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 29 دقائق
- رؤيا نيوز
توقيف أشخاص اجتمعوا بمنزل في إربد لمناقشة موضوعات تتعلق بالجماعة المحظورة
أوقفت الأجهزة الأمنية مساء أمس الاثنين عدداً من الأشخاص الذين كانوا يجتمعون بمنزل أحدهم في مدينة إربد لمناقشة موضوعات تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. وبحسب مصدر مطلع، أوقفت الضابطة العدلية الأشخاص، وأحالتهم إلى القضاء لإجراء المقتضى القانوني بعد مشاركتهم في الاجتماع الذي جرت الدعوة إليه بطريقة منظمة، وكان تحت عين ورقابة الأجهزة المعنية. ويعد الاجتماع مخالفا للقانون. ورصدت الأجهزة الأمنية منذ حظر الجماعة تحايلا على قرار الحظر بالاجتماع تحت ذرائع مختلفة، وعلى رأسها عقد اللقاءات والاجتماعات في منازل كوادر منتظمة بعمل الجماعة المحظورة بصيغة 'مناسبات اجتماعية'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
مستوطنون يقتحمون الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال
اقتحم مستوطنون يهود اليوم الثلاثاء، باحات المسجد الأقصى المبارك- الحرم القدسي الشريف في مدينة القدس المحتلة بحماية من شرطة الاحتلال الإسرائيلي. وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس في بيان، بأن عشرات المستوطنين اقتحموا باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة على شكل مجموعات متتالية ونفذوا جولات مشبوهة وأدوا طقوسا تلمودية استفزازية فيه. وأضافت، إن شرطة الاحتلال منعت المصلين من الدخول إلى المسجد عبر بواباته الخارجية المختلفة، لتأمين اقتحامات المستوطنين.


البوابة
منذ 3 ساعات
- البوابة
غزة: عشرات الشهداء بنيران الاحتلال..وحي الزيتون يحترق
استشهد 45 فلسطينيًا على الأقل، بينهم 6 من طالبي المساعدات، جراء سلسلة غارات شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم الثلاثاء، وسط تصعيد عسكري متزايد وتحذيرات من عملية اجتياح وشيك لمدينة غزة. في حي الزيتون جنوب شرقي المدينة، استُهدفت عدة منازل، من بينها منزل لعائلة الحصري أدى إلى استشهاد 4 مدنيين وإصابة اثنين آخرين. كما قصف الاحتلال منزلًا لعائلة النديم في شارع النديم، أسفر عن استشهاد 4 أشخاص وفقدان آخرين تحت الأنقاض. وفي منطقة غرب الكلية الجامعية جنوب مدينة غزة، استشهد فلسطيني وأُبلغ عن فقدان عدد من الأفراد بعد قصف منزل يعود لعائلة سلمي. جنوبًا، استهدف القصف الإسرائيلي خيمة للنازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، ما أدى إلى استشهاد 5 مدنيين من عائلة واحدة، بينهم أب وأم وطفلاهما، إلى جانب عدد من المصابين. وأفاد مستشفى العودة أن 3 فلسطينيين استشهدوا وأُصيب آخرون عندما فتح جنود الاحتلال النار على مجموعة من طالبي المساعدات قرب محور نتساريم وسط القطاع. يأتي هذا في ظل تصاعد الهجمات على أحياء الزيتون والتفاح، وسط استعدادات إسرائيلية معلنة لشن عملية عسكرية موسعة على مدينة غزة. ومنذ بدء ما تُعرف بآلية توزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" في 27 مايو/أيار الماضي، قُتل 1807 فلسطينيين، وأُصيب أكثر من 13 ألفًا آخرين بنيران الجيش الإسرائيلي أثناء انتظارهم المساعدات، بحسب وزارة الصحة في غزة. يُشار إلى أن العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدى إلى استشهاد أكثر من 61,499 فلسطينيًا وإصابة ما يزيد عن 153,575 آخرين، في واحدة من أفظع الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، وسط دمار واسع ومئات آلاف النازحين والمفقودين.