
الوقوف مع الظالم
العدوان المتواصل على إيران، وسلسلة الاغتيالات والضربات الجوية الصهيونية على المنشآت الحيوية والسكنية في عدة مدن إيرانية، سرعان ما قوبل برد إيراني غير منتظر، وغير متوقع، ومتراكم ومتدرّج في القوة والدقة.. ردّ أربك كثيرا الحسابات في تل أبيب، وفي واشنطن، وعدة عواصم غربية تقليدية، تتباكى على الكيان ظالما، غير مظلوم.
الغرب التقليدي، الاستعماري، وبطبيعة بنيته التاريخية وتكوينه السياسي والاقتصادي والإيديولوجي، ما ينفكّ يقف مع دولة الكيان حتى في عز الاعتداءات السافرة التي يقوم بها على شعوب ودول ذات سيادة جارة أو حتى تلك التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات.. فالكيان، ككيان صنيع لهذه القوى الغربية الاستعمارية، لا يمكنه أن يتخلى عن صنيعه، لكون هذا الصنيع، يمثل قلبه النابض بفكر التوسع والهيمنة والاحتلال والاستعمار والمركزية الأنانية للغرب الأوربي قبل أن ينتقل هذا المركز إلى الغرب الأمريكي وسوطه الذي يستعبد به الشعوب.
ما يحدث اليوم، من ترك الغرب الحبل على الغارب للكيان الصهيوني، لكي يصول ويجول بلا رقيب ولا رادع ولا حسيب ولا محاسِب، يقتل الأطفال ويدمر شعبا بأكمله ويبيد قضية برمتها بمباركة كل الإدارات الغربية تقريبا، فيما خلا بعضها جانحة تاريخيا للثورة ورفض لكل أشكال الهيمنة والعبودية والاحتلال والميز العنصري، ما يحدث، يوحي بأن العالم يتغير بسرعة، ويعيد تشكيل نفسه على مقاسات جغرافية واصطفاف اقتصادي وجيوسياسي جديد، غير المقاسات التي كانت قائمة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بل إن الأمور قد تتدحرج نحو شفير اصطدام نووي قائم، إذا ما تمادى الغرب بقيادة أمريكا وخلفها أوروبا، في تقليص جغرافيا نفوذ الدول النووية العظمى الأخرى ومنها الصين وروسيا.
الحرب على إيران، هي حربٌ على أبواب روسيا الحليف الاستراتيجي، وعلى أبواب تركيا والصين وباكستان، وكلها ترى في رغبة الكيان، ومعه الغرب، في إسقاط نظام الحكم في إيران، يعني تقدم الغرب نحو حدود روسيا والصين، وهذا ما قد يستنفر في الأيام القادمة كل هذه القوى، التي لا تزال ترى في إمكانية إخماد الحرب الناتجة عن العدوان الصهيوني على إيران. لهذا نرى تلك التحركات الدبلوماسية على مستوى روسيا وأمريكا وتركيا، خشية أن تتدخَّل أطرافٌ أخرى في هذه الحرب التي أريد لها أن تكون خدمة لرغبة صهيونية وحكومة نتنياهو اليمينية، رغبة شخصية قبل أن تكون رغبة إيديولوجية وسياسية.
نتنياهو المأزوم سياسيا، الذي يحاول أن يهرب من حرب إلى حرب، ومن جبهة إلى جبهة، لإطالة عمره السياسي الافتراضي، سيجد نفسه أمام وضع غير ذلك الذي رسمته له أحلامه التوراتية والشخصية، في أن يكون 'آخر ملوك بني إسرائيل على أرض الميعاد'، وهذا حلمه ودينه وديدنه: فإيران ليست دولة موز، وقد تحدِث دمارا وخرابا كبيرا في البنية الاجتماعية الصهيونية والدورة الاقتصادية التي يقتات عليها الكيان.
الكيان الصهيوني هو جسمٌ غريب محتل، إنما جاء ليتمتع بالرخاء على حساب سكان والأرض وخيراتهم ومقدراتهم، ولا سبيل له أن يبقى تحت رحمة جهنم بلا أفق. كما أن جغرافيا الكيان لا تقارَن مع جغرافيا دولة إيران مترامية الأطراف ومقدراتها الموزَّعة على خريطة ممتدة شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، وإمكانية الصمود لديها، رغم الدمار، أكبر في تحمل تبعات العدوان المدمر المفروض عليها، ولا سبيل لإيران إلا الدفاع عن نفسها بكل ما أوتيت وأعدت من قوة ورباط، وهذا ما قد يضعف قدرة الكيان حتى مع تدخل أمريكي محتمل هجوميًّا، بعد أن تورطت دفاعيا وإعدادا وتنسيقا وتمويلا وتسليحا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
جلالة الملك في أوروبا: حين يكون السلام موقفًا
قبل خمس سنوات، وقف جلالة الملك في ذات القاعة، يطلب من العالم أن يتذكّر أن العدالة لا تُؤجَّل، وأن السلام لا يكون إلا حين تُصان الكرامة الإنسانية، وأن المنطقة لم تعد تحتمل انتهاكًا لحقوق الإنسان. واليوم، يعود الملك إلى أوروبا ليُعيد التذكير بأن ما تم تجاهله آنذاك، كلّف العالم أثمانًا مضاعفة على الصعيدين الإنساني والسياسي. خطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي كان تتويجًا لموقف طويل، يُقال فيه ما يلزم قوله في زمن يتقدّم فيه العالم نحو مستقبل غامض: تكنولوجيا تنفلت من التنظيم، شباب يواجهون انسداد الأفق، وقضايا عادلة تتآكل تحت وطأة الانحيازات. في هذه اللحظة السياسية الحرجة، استدعى الملك المغطس، ليس كموقع أثري فقط، بل كأثر حيّ على ما يمكن لدولة ذات مضمون روحي تحترم التعددية أن تقدّمه للعالم. من العهدة العمرية إلى رعاية المقدسات، ومن المغطس إلى ستراسبورغ، روى الأردن سيرة دولة تحفظ التنوع، تحمي الآخر، وتبني السلام كأسلوب حياة. وحين تحدث جلالة الملك عن القيم المشتركة بين الأديان، كان يؤكد على ما التزمه الأردن في أصعب المراحل: ثبات الرؤية، ووحدة النبرة. أوروبا التي اختارت طريق السلام بعد الحرب العالمية الثانية، كانت حاضرة في الخطاب كموقع له دور أساسي في الحفاظ على توازن عالمي مستقر. ولهذا شدد جلالة الملك على أن الأردن جاهز ليقدم شراكة استراتيجية في الرؤية، وفي تحديد معايير التعامل مع الأزمات. الشراكة، كما قدمها الخطاب، هي تقاطع استراتيجي في فهم أعمق لشكل العالم المنشود. وفي الترحيب الأوروبي بالملك، إشارات واضحة لثقة دولية بدور الأردن في استضافة اللاجئين، ومواجهة أزمات معقدة دون التخلي عن المبادئ. أما الحديث عن فلسطين، فقد كان ترسيخًا لمسؤولية عالمية لا يجوز التهرب منها. أوروبا تملك من التجربة ما يُمكّنها أن تكون مرجعية للتوازن، والأردن أكد استعداده ليكون شريكًا حقيقيًا في هذه المهمة. وفي لحظة غياب القانون الدولي تحت ركام الأحداث، جاءت لغة الخطاب حاسمة في وصف المجاعات، والاحتلال، والاستهداف المنهجي. فالمعركة لم تعد جيوسياسية فقط، بل أخلاقية في جوهرها. ووسط الحروب، تبقى تلك الأرض راسخة تحرس القيم، لا تقبل أن يكون جوّها معبرًا لحرب. جلالة الملك ثبّت هذا النهج في مواقف متعددة، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أن المجال الجوي الأردني هو امتداد لسيادة تنطلق من الأخلاق، لا الحسابات فقط. انتهت الكلمة، ولكن بقيت كل كلمة حاضرة لكل من سمعها. لأن كل من تابعها، شعر أن جلالة الملك لم يكن فقط يقدّم موقفًا أردنيًا، بل يُعيد طرح السؤال الجوهري: ماذا تبقّى من ضمير العالم؟ وكيف يمكن لدولة ذات إرث ورسالة أن تحافظ على بوصلتها الأخلاقية وسط كل هذه التحديات؟ والجواب كان في الخطاب ذاته: حين تختار دولة أن تدفع كلفة السلام، وأن تقول ما تؤمن به بثبات وكرامة، فإن حضورها يُقاس بثقة العالم في مبادئها التي ظلّت صامدة وسط أزمة المصالح. وهذا ما قاله الملك في ستراسبورغ. وهو ما يفعله الأردن… في كل مرة.


صراحة نيوز
منذ 4 ساعات
- صراحة نيوز
'خطاب جلالة الملك في ستراسبورغ رسالة الأردن إلى الضمير العالمي'
صراحة نيوز- بقلم /الدكتورة والباحثة السياسية: تمارا الزريقات ها هو الأردن، بقيادته الحكيمة، يسطر صفحة جديدة في كتاب المجد والفخر؛حين صفق البرلمان الأوروبي لجلالة الملك، لمعت العيون لتعكس ببريقها اعتزازنا بقيادتنا، في ظل إقليم ملتهب تتصاعد فيه الأحداث على نحو غير مسبوق؛ إلا أن ربان السفينة وقبطانها يبحر بنا، في كل مرة، إلى برّ الأمان… صفق الجميع احترامًا لمكانة شخصية سياسية تقول ما يجب أن يُقال، حين يصمت الآخرون؛صفقوا لقائدنا الذي حذّر، من ذات المنبر، من تبعات الانهيار الأخلاقي قبل خمس سنوات، ويعود اليوم ليقول: 'ها نحن في قلبه'. صفقوا للموقف الثابت على مرّ العقود، وللمبدأ السياسيّ والأخلاقي في عالم مرتبك. من على منبر البرلمان الأوروبي، جاءت كلمات جلالة الملك عبدالله الثاني بوصفه قائدًا يمثل ما تبقى من اتزان عالمي؛منبّهًا إلى اختلال أخلاقي يحرف البوصلة الأخلاقية العالمية على نحو يهدد الإنسانية، في إدانة دقيقة لانحدار المعايير، ولتواطؤ العالم بالصمت، وللعجز الجماعي عن وقف ما يُعاد تعريفه يومًا بعد يوم على أنه 'اعتيادي'. منذ تسلم جلالته سلطاته الدستورية، لم تتغيّر البوصلة: السلام العادل، والتعايش السلمي، والاحترام المتبادل، والتسامح؛ كقيم مشتركة، راسخة، متجذّرة، آمن بها الأردن، وشكّلت الرافعة والبناء الحقيقي لمبادئنا الوطنية؛ وهي ذات القيم التي تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تعهّد الهاشميون بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي اعتداء. إن ما يميّز خطاب جلالة الملك في ستراسبورغ، أنه لم يكن مجرّد عرض للموقف الأردني، بل كان نداءً صريحًا لمراجعة المواقف الدولية وتحمّل المسؤولية الأخلاقية. خطاب جاء ليُعيد التذكير بالثوابت الإنسانية والقيم المشتركة، ويُسلّط الضوء على الحاجة إلى التوازن بين القول والفعل في السياسات العالمية؛ وقد أكّد جلالته ، من هذا المنبر الدولي، أن القيادة الحقيقية تُقاس بالثبات على المبادئ، والقدرة على التعبير عن الموقف الأخلاقي بوضوح والدفاع عن قضايا الشعوب وحقها في الكرامة والعدل، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. خطاب يمكن توصيفه بأنه يحاكي العقل والمنطق الإنساني، ويستحضر التجارب التي مرّ بها العالم، والوصفة الأخلاقية الناجعة لتجاوز الحروب والويلات على مرّ التاريخ؛ فعندما تطرّق جلالته إلى التجربة الأوروبية أعقاب الحرب العالمية الثانية، أعاد للأذهان كيف أن أوروبا استنتجت أن الأمن الحقيقي يكمن في قوة القيم المشتركة،وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدًا؛ وبأنها أدركت أن ما يجمعهم أعظم بكثير مما يفرّق بينهم، فأعادوا بناء الركائز التي تأسست عليها مدنهم؛ واختاروا الكرامة الإنسانية عوضًا عن الهيمنة، والقيم عوضًا عن الانتقام، والقانون عوضًا عن القوة، والتعاون عوضًا عن الصراع؛ واليوم، يجب أن يدرك مجتمعنا العالمي أهمية ذلك، وكيفية تعاملنا مع الخلافات، والقيم التي يجب على الجميع ترسيخها لبلدانهم وشعوبهم. والمتأمل لمضمون الكلمات يجد أنها بمثابة دعوة عالمية لضرورة الاصغاء لصوت العقل والضمير، فجاءت كلماته من موقع التشارك في القيم الإنسانية الجامعة، وفي طليعتها تلك التي تتقاطع فيها الأديان السماوية: الإسلام، والمسيحية، واليهودية؛ قيم الرحمة والعدالة والاحترام المتبادل؛ وبالتالي يمكن أن يُقرأ خطاب جلالة الملك في ستراسبورغ بوصفه 'وثيقة موقف أخلاقي' من قائد دولي مسؤول، يُمثّل دولة تحترم نفسها وموقعها؛ رجل في السياسة، وازنٌ في الموقف، عادلٌ في الكلمة، أخلاقيٌّ في القيادة. هو خطاب لا يُكرَّر كثيرًا، لأن قليلين اليوم من يستطيعون التحدث بلغة الأخلاق؛ ومن موقع الشرعية الأخلاقية والسياسية، ولهذا تحديدًا… صفق له من يعرف معنى السياسة حين تصبح أداة لحماية الإنسان، لا أداة للأزمات. ومن موقعنا، نحن أبناء هذا الوطن، من عمان التي تُحبك وتفخر بك، نقول لك يا سيدنا:


المدى
منذ 5 ساعات
- المدى
وفاة عازف البيانو النمسوي ألفريد بريندل عن 94 عاما
توفي عازف البيانو النمسوي ألفريد بريندل الذي يعدّ أحد كبار موسيقيي القرن العشرين، الثلاثاء في لندن عن 94 عاما، وفق ما أعلن الناطق باسمه، وقال توماس هول لوكالة فرانس برس 'توفّي بسلام… محاطا بأحبّائه'. وبعيد الإعلان عن نبأ وفاته، توالت الإشادات بذكرى 'عملاق موسيقي'. وعُرف بريندل الذي عاش في لندن لأكثر من خمسين عاما، بتحلّيه بالتواضع وميله إلى الانزواء ونقد الذات. وفي حفلاته التي كانت بطاقاتها دوما تنفد، كان ينحني بسرعة أمام الجمهور عند دخوله المسرح أو خروجه منه. ولد بريندل الحائز الجنسية النمسوية، في الخامس من كانون الثاني/يناير 1931 في فيزنبرغ بشمال مورافيا التي باتت جزءا من الجمهورية التشيكية. وأمضى طفولته متنقّلا بين يوغوسلافيا والنمسا. بدأ بالعزف على البيانو عندما كان في السادسة من العمر ولم يحظ بتدريب كبير بعد السادسة عشرة. بعد الحرب العالمية الثانية، انتقلت عائلته للعيش في غراتس بالنمسا حيث التحق بمعهد الموسيقى. واشتهر بريندل خصوصا بأدائه أعمال كبار الموسيقيين، من أمثال موزار وبيتهوفين وهايدن وشوبرت. وبعد اعتزاله الحفلات الموسيقية في فيينا في كانون الأول/ديسمبر 2008، قال ردّا على سؤال عما سيشتاق إليه 'الأدرينالين… والجمهور أيضا'. وأشادت الجمعية الفيلهارمونية الملكية بذكرى 'عملاق موسيقي له لمسة حنونة'. وأكدت في منشور على اكس أن 'أداءه سيبقى حيّا في الذاكرة وأعماله ستلهم الأجيال القادمة'.