
الحسن الداكي: تدبير منازعات الدولة مدخل للاستقرار القانوني وترشيد النفقات العمومية
صوت العدالة – الرباط
أكد السيد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، خلال كلمته في افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، أن هذا الموضوع يمثل رافعة أساسية لصون المشروعية وتعزيز مناخ الاستثمار وترشيد النفقات العمومية.
وفي كلمته التي ألقاها أمام شخصيات وازنة يتقدمها رئيس الحكومة وعدد من أعضاء السلطة القضائية والتنفيذية وممثلي الهيئات الأجنبية، أعرب الداكي عن شكره العميق للسيدة وزيرة الاقتصاد والمالية على الدعوة الكريمة، مشيداً بحسن اختيار موضوع المناظرة لما يحمله من أهمية قصوى في المرحلة الراهنة.
وشدد رئيس النيابة العامة على أن تدبير منازعات الدولة والوقاية منها ليس مجرد إجراء تقني بل هو فلسفة شاملة تهدف إلى بناء الثقة بين الأطراف وتعزيز الحلول التوافقية التي تضمن الحقوق وتوفر بيئة استثمارية مستقرة وآمنة. وأضاف أن هذه الفلسفة تستدعي اعتماد آليات مبتكرة تمنع نشوء المنازعات وتضمن استقرارا قانونيا يعزز التنمية ويحد من النفقات العمومية.
واستحضر المسؤول القضائي في هذا السياق المقتضيات الدستورية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة وتؤسس لحكامة جيدة، فضلاً عن مقتطفات من الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، والتي دعت إلى توحيد آليات تسوية منازعات الاستثمار وإحداث هيئات متخصصة تتسم بالفعالية والمرونة.
وأشار الداكي إلى أن رئاسة النيابة العامة، ووعياً منها بأهمية الموضوع، انخرطت مبكراً في مسلسل تحديث وتجويد تدبير منازعات الدولة، بشراكة فعالة مع الوكالة القضائية للمملكة، مشيداً بتعاونها المتواصل في هذا الصدد.
كما أبرز أن رئاسة النيابة العامة اعتمدت منهجية رقمية حديثة عبر التبادل الإلكتروني للوثائق والمذكرات مع النيابات العامة والوكالة القضائية، وهو ما ساهم في رفع مستوى النجاعة والاحترافية وتقليص آجال البت في القضايا، حيث بلغت نسبة النجاح في القضايا المتعلقة بالتعويض ضد النيابة العامة ما يقارب 100%.
وأوضح أن الرئاسة عملت على تصنيف الاجتهادات القضائية وتوظيفها لتقوية الدفاع عن مصالح الدولة، كما وضعت خريطة للمخاطر القانونية المرتبطة بمنازعات النيابات العامة بهدف الوقاية منها. وأسفر هذا التوجه، حسب الداكي، عن خفض المطالب المالية المستجابة لها من قبل المحاكم بما يفوق 94 مليون درهم خلال الفترة 2019-2024، ما يمثل مكسباً كبيراً للمالية العمومية.
وفي سياق الوقاية من المنازعات، أكد الداكي أن رئاسة النيابة العامة تسهر على تبليغ النيابات العامة بنسخ الأحكام والقرارات القضائية ذات الصلة، لنشر الوعي القانوني وتعزيز ثقافة تجنب النزاعات القضائية.
واختتم الحسن الداكي كلمته بالتأكيد على أن تدبير منازعات الدولة ينبغي أن يتأسس على مقاربة استباقية، وتعاون مؤسسي شامل، والاستفادة من التجارب المقارنة الرائدة، بهدف خلق منظومة فعالة ومتكاملة قادرة على تحقيق الاستقرار القانوني والاقتصادي، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 35 دقائق
- هبة بريس
عامل إقليم الحسيمة يستعرض حصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(صورة)
فكري ولد علي ترأس عامل إقليم الحسيمة، السيد حسن زيتوني، صباح وم الخميس 22 ماي 2025، لقاء بمقر العمالة، بمناسبة تخليد الذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وقد حضر هذا اللقاء عدد من المسؤولين المحليين، المدنيين والعسكريين، ومنتخبو الإقليم، وممثلو المصالح الخارجية والجمعيات وهيئات المجتمع المدني، إلى جانب وسائل الإعلام. وفي كلمته الإفتتاحية، أكد السيد العامل أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في 18 ماي 2005، تمثل ورشًا اجتماعيًا متجددًا يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، ويعتمد مقاربة تنموية شاملة تروم تقليص الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية، واعتبر أن الذكرى العشرين تشكل محطة للتقييم والاعتراف بالمنجزات، وفرصة لتجديد الالتزام الجماعي بمواصلة هذا الورش الوطني بنفس منسوب التعبئة والالتفاف حول الأهداف النبيلة للمبادرة. وأشار السيد حسن زيتوني إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومن خلال برامجها الأربعة، أحدثت تحولات إيجابية على مستوى إقليم الحسيمة، لاسيما في ما يتعلق بتحسين ظروف العيش، ومحاربة الفقر والهشاشة، والنهوض بالإدماج الاقتصادي، وتعزيز كفاءات وقدرات الشباب والنساء، وأضاف أن المقاربة المعتمدة، خاصة في مرحلتها الثالثة، ركزت على تثمين الرأسمال البشري، ودعم الفئات في وضعية هشاشة، وخلق فرص حقيقية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. واستعرض عامل الإقليم الحصيلة الرقمية للمشاريع المنجزة في الإقليم خلال عشرين سنة من العمل المتواصل، والتي بلغت ما مجموعه 1190 مشروعًا بكلفة إجمالية تقدر بـ 1.2 مليار درهم، وقد همّت هذه المشاريع مختلف المجالات، حيث تم إنجاز 1000 مشروع في المرحلة الأولى بكلفة 120 مليون درهم، فيما بلغت تكلفة المرحلة الثانية 617 مليون درهم همت 237 مشروعًا، في حين عرفت المرحلة الثالثة إنجاز 796 مشروعًا بقيمة 373 مليون درهم. وسلط السيد العامل الضوء على النتائج الميدانية لهذه الأوراش، حيث شملت البنيات التحتية والخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء ومسالك قروية، إضافة إلى بناء وتجهيز مراكز لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين والأطفال المتخلى عنهم، إلى جانب دعم التعاونيات والأنشطة المدرة للدخل، وخاصة المشاريع النسائية والشبابية. وقد ساهمت هذه المشاريع في تحسين المؤشرات الاجتماعية وتعزيز دينامية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالإقليم. وأكد السيد زيتوني أن تخليد هذه الذكرى ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل لحظة تقييم وتخطيط لما هو قادم، عبر تثمين المكتسبات والانخراط في مشاريع جديدة ذات وقع ملموس وجودة عالية، ودعا جميع المتدخلين إلى مضاعفة الجهود والعمل بروح جماعية من أجل مواصلة هذا الورش الملكي الطموح، وتحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة، وفقًا لتوجيهات صاحب الجلالة. وعلى هامش هذا الاحتفال، أشرف حسن زيتوني على افتتاح معرض للمنتجات المجالية بساحة محمد السادس، بمشاركة عشرات التعاونيات المحلية والمقاولات الصغرى والمؤسسات العمومية ذات الصلة، وهو المعرض الذي يأتي تنظيمه في إطار دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وإبراز غنى وتنوع المنتجات المحلية التي يعُدّ الإقليم خزّانًا لها، كما يهدف إلى خلق جسور للتسويق والتعاون بين الفاعلين المحليين وتعزيز إشعاع المنتوج المجالي على المستويين الجهوي والوطني


الأيام
منذ 2 ساعات
- الأيام
هل كانت أموال الوداد تمر عبر حسابات شخصية؟ التحقيقات تطوق الناصيري
واجهت الهيئة القضائية برئاسة علي الطرشي اليوم الجمهة سعيد الناصيري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، بتحويلات بنكية موثقة في محاضر تقنية بلغ مجموعها 89 مليونا و910 آلاف درهم، تمت على مدى الفترة الممتدة من 2014 إلى 2023، ليؤكد الناصري أن هذه الأموال لم تُودع دفعة واحدة، بل تم توزيعها على مدى 12 شهراً. وأوضح المتهم أن 'مصدر هذه الأموال معروف'، مشيراً إلى أنه قدم سابقاً للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أسماء الأشخاص الذين منحوه هذا الدعم المالي، غير أن الضابطة القضائية لم تستدعهم، لأسباب وصفها بـ'المجهولة'. وأكد الناصري أن مجموع هذه المبالغ تم صرفها لفائدة جمعية نادي الوداد الرياضي خلال الفترة ما بين 2015 و2023، لافتاً إلى أن 'النادي تلقى تحويلات مالية قدرها 5.2 مليار سنتيم من حسابه الشخصي'. وأضاف أنه قبل ترشحه لرئاسة النادي، اجتمع بعدد من رجال الأعمال البارزين في جهة الدار البيضاء، سطات، من ضمنهم عبد الرحيم بن الضو، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، مشدداً على توفره على إشهاد يؤكد وقائع هذا الاجتماع. وعن مركز وعلاقة زكرياء الناصري، بفريق الوداد، أشار إلى أنه لا تربطه أي علاقة بالنادي، هو فقط ابنه ويثق به كثيرا وأنه وضع غلافاً مالياً في حسابه الخاص بموجب وكالة تخول له التصرف فيه. وأوضح أن علاقته بعبد الرحيم بن الضو تعود إلى فترة سابقة، حيث اشترى الأخير عدداً من الأملاك التي كانت في حوزته، مشيراً إلى أن تلك المعاملات تمت عبر دفعات، وأن بن الضو 'مشجع لفريق الرجاء البيضاوي'. كما كشف أن الحساب البنكي لنادي الوداد كان محجوزاً سنة 2014 بسبب ديون متراكمة، وهو ما دفع برجال أعمال إلى جمع أكثر من ملياري سنتيم لدعم الفريق، من بينهم صلاح الدين أبو الغالي وهشام أيت منا. وأكد الناصري أن تلك التحويلات المالية تمت خلال فترة ترشحه لرئاسة الفريق، في وقت كان يعاني فيه النادي من ديون قاربت 7 مليارات سنتيم. وخلال الجلسة، استفسره القاضي عن أسباب إيداع مبلغ 1.8 مليار سنتيم في حساب ابنه زكرياء، ليؤكد أنه يثق به، وأن تلك الأموال كانت جزءاً من الدعم الذي تلقاه لسداد التزامات الفريق. وأوضح أيضاً أن صفقات عدد من اللاعبين تمت من حسابه الخاص، وليس من حساب النادي، من بينهم بلال أصوفي، عبد اللطيف نصير، ياسين الكحل، هشام العمراني، صلاح الدين السعيدي، وبنعاشور، بالإضافة إلى نفقات تعاقد مع شركة حراسة أمنية. وأشار إلى أن عبد الرحيم بن الضو قدم له دعماً مالياً في إطار العلاقة الشخصية والحزبية التي تربطهما، موضحاً أن كريم الناجي، نجل صديق والده، منحه شيكاً بقيمة 100 مليون سنتيم دعماً لترؤسه الوداد. وخلال الاستماع، سأله القاضي عن علاقته بصلاح الدين أبو الغالي، الذي ورد اسمه في محضر رسمي، حيث أكد الناصري أن أبو الغالي صديق ورفيق في الحزب، وقد طلب منه الحضور وسلمه إشهاداً ومبلغ مليوني درهم، تم التوقيع عليه بحضور رجل سلطة. واختتم الناصري أقواله بالإشارة إلى أنه كان وسيطاً لعبد الرحيم بن الضو في بيع وشراء مجموعة من الأراضي، وكان يتقاضى عمولات عن تلك الصفقات، مؤكداً أنه قضى سنوات في تهيئتها وإصلاحها لتصبح جاهزة وبيعها وأنه كن حقه الربح في مسألة البيع والشراء.


بلبريس
منذ 3 ساعات
- بلبريس
إلغاء الأضاحي: قرار ملكي في انتظار تأطير قانوني.
يُعد القرار الملكي القاضي بإلغاء ذبح أضاحي العيد، إجراءً استثنائيًا ذا أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وقد قوبل عمومًا بقبول واسع من طرف المواطنين الذين اعتادوا الامتثال لتوجيهات ملكهم – حفظه الله – باعتباره رمز الدولة ومرجعية الأمة، وتجسيدًا لعلاقة الثقة والولاء التي تميّز المجتمع المغربي بمؤسساته العليا. غير أن هذا القرار، رغم طابعه الرمزي القوي، يطرح إشكالًا قانونيًا على مستوى التنزيل والتفعيل، نظرًا لغياب إطار تشريعي يُحدّد معالمه بدقة، أو يُبيّن ما إذا كانت مخالفته تُعد جريمة تستوجب العقاب. ولا يمكن، في هذا السياق، إغفال المكانة الدستورية والروحية التي يتبوّؤها الملك – نصره الله – بصفته أميرَ المؤمنين، الضامن لحرية المعتقد وحامي الملة والدين، وهي الصفة التي تُضفي على قراراته ذات الطابع الديني وزنًا خاصًا، يجعل من الالتزام بها جزءًا من استمرارية البيعة الشرعية التي تربط العرش بالشعب. وتبرز، في هذا السياق أيضًا، مسألة الفراغ التشريعي بوصفها نقطة توتر في العلاقة بين التوجيهات العليا والممارسة الميدانية، لا سيما في ظل قاعدة قانونية أساسية مفادها: 'لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.' فبدون سند قانوني صريح، قد يظهر تفاوت في السلوك المجتمعي، حيث يعمد بعض الأفراد إلى ذبح الأضحية باعتبار عدم وجود مانع قانوني يمنعهم، بينما يمتنع آخرون التزامًا بالتوجيه الملكي، ما قد يُنتج حالة من الانقسام الرمزي في مناسبة دينية تقوم، بالأساس، على مظاهر الوحدة والتكافل. هنا تبرز مسؤولية الحكومة، التي تتجلّى في التفاعل مع القرارات الملكية السامية، من خلال توضيح القرار وتقديم الصيغة القانونية الملائمة لتنزيله، بما يُجنّب البلاد فوضى في التطبيق أو تباينًا في المواقف والسلوكيات. ذلك أن وحدة الممارسة الدينية لا تُصان بالتوجيه فقط، بل بتشريع واضح، يضمن المساواة في الالتزام ووضوح المسؤوليات. لذلك، فإن الحاجة إلى تأطير قانوني يُواكب القرارات ذات الطابع التوجيهي العام، تُعد مسألة مطروحة للنقاش العلمي، دون أن ينال ذلك من القرار ذاته، أو من رمزيته داخل البناء المؤسساتي. إن التأمل في هذا السياق لا ينبغي أن يُفهَم منه دعوة إلى التشكيك في القرارات العليا، بل مدخل لتحليل العلاقة بين المشروعية الرمزية والمشروعية القانونية، في أفقٍ تكاملٍ، يحفظ وحدة المجتمع المغربي، ويصون فعالية القرار العام.