
مصر "الفرنسية" من مومياء غوتييه إلى لعنة الفراعنة
من المؤكد أن في مقدورنا دائماً أن نربط ما سيسمى لاحقاً "الشغف الفرنسي" بمصر في عام 1856 الذي صدرت فيه في العاصمة الفرنسية رواية "المومياء" للكاتب ثيوفيل غوتييه موصلة إلى ذروة لا سابق لها، ذلك الشغف الذي كان حتى ذلك الحين، لا يزال مقتصراً على نوع من النزوع الاستشراقي الغرائبي القائم على أعمال إبداعية تراوح ما بين الموسيقى والرسم والتعامل مع الأساطير والفنون التشكيلية. وكان ذلك ولعاً أوروبياً عاماً على أية حال في جوانب كثيرة منه. غير أن الجانب الآخر المرتبط بالشغف برمته كان عليه أن ينتظر نحو ثلاثة أرباع قرن أخرى قبل أن يظهر مرتبطاً هذه المرة، ليس تماماً بأبعاد إبداعية تثير اهتمام النخب، بل أكثر من ذلك بأبعاد "واقعية" يمكن السجال على أية حال بمقدار "واقعيتها". ونتحدث هنا بالطبع عن الاكتشاف المدهش لقبر توت عنخ آمون الذي لئن كان حول الحكاية كلها من الأسطورة إلى التاريخ الواقعي، فإنه تمكن من أن يعيد، في الوقت نفسه خلق أسطورة جديدة ستحمل منذ نهايات عام 1922 اسم "لعنة الفراعنة" مُضفية حياة جديدة حتى على تلك القمة الإبداعية التي كانتها "رواية المومياء" حين صدورها، إذ مما لا شك فيه أن يوم الـ25 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1922 سيعد منذ ذلك الحين اليوم الذي شهد "الولادة" الحقيقية لذلك التبجيل الذي سيتحول إلى شغف وقد أضحى من نصيب كل ما يتعلق بمصر الفرعونية وفي فرنسا تحديداً، ولكن من خلالها في أوروبا، ومن ثم في العالم أجمع... وحتى من دون أن يكون لفرنسا دور كبير في ذلك على أية حال.
الكنز كما رتبه الدافنون
ففي ذلك اليوم تحديداً تمكن عالمان من علماء ما يسمى "المصريات"، وهما الإنجليزيان هوارد كارتر ولورد كارنافون من العثور على تابوت محدد داخل الضريح الذي كان التاريخ قد أخبرنا كيف أن ديوذدور الصقلي أطلق عليه اسم "بيت الخلود"، بوصفه المثوى الأخير لذلك الفرعون "الغامض" المنتمي إلى الأسرة الـ18، وذلك على بعد أمتار قليلة من قبر الفرعون رمسيس السادس، والذي يحتاج بلوغه إلى العبور بدرج يتألف من 16 درجة تقود إلى مدفن نقشت على بابه لافتة تحمل خاتم المدفون داخله وهو توت عنخ آمون. في البداية كان كارتر كما تقول لنا الحكاية، أول الواصلين إلى الباب، غير أنه آثر ألا يفتحه للدخول إلا بعد وصول رئيس البعثة وممولها اللورد كارنافون الذي تأخر وصوله بضعة أيام، أي إنه وصل في الـ29 من الشهر. وهو ما إن وصل حتى أعطى إشارة لكارتر الذي فتح باب الردهة الموصلة إلى القبر. وهناك كان الكنز في الانتظار. كان عبارة عن مجموعة بالغة الثراء والأهمية من القطع والمذهبات والأواني والرموز التي لا شك أنها قد قبعت في ذلك المكان طوال ما يقارب 30 قرناً، ومن أهمها مجوهرات وعقود وسلاسل علب وصناديق وأوانٍ منزلية وأدوات زينة متنوعة تشكل في مجموعها ما يستحق أكثر كثيراً من اسم كنز. وبخاصة أن قبر توت عنخ آمون ذاك، كان أول قبر فرعوني يتم العثور عليه كما رتبه دافنو الفرعون الأوائل فلم تتمكن أية أيدٍ من العبث به!
خمس محاولات مضنية
في الحقيقة أن الاكتشاف لم يشكل مفاجأة حقيقية، إذ كان القبر ومحتوياته معروفين منذ زمن بعيد ولم يكن ثمة بين الباحثين والمستكشفين من لم يسع حقاً ومنذ عقود طويلة بل أحياناً منذ ما هو أقدم من ذلك، للعثور على ذلك المدفن الذي كان قد تحول إلى أسطوري منذ الأزمنة السحيقة، بل إن كارتر كان بنفسه قد قام بخمس محاولات للعثور على مدفن توت عنخ آمون منذ إلى على نفسه أن يقوم بتلك المهمة، ولا سيما في تجواله المتعب في وادي الملوك متنقلاً بين خمسة وعشرين قبرا تم تعرفه وتعرف سابقيه عليها لفراعنة معروفين، ولكن خلال تلك المراحل السابقة كلها كان توت عنخ آمون يعد الفرعون الأقل شهرة، بل حتى كان ينظر إليه في بعض الأحيان باعتباره أسطورياً اخترعته مخيلات كتاب ومؤرخين "زعموا" دائماً أن العثور "المؤكد، في رأيهم، عليه سيقلب التاريخ الفرعوني رأساً على عقب"، ولكن دائماً من دون أن يكون لديهم أية أدلة قاطعة على ذلك. وبالنسبة إلى علماء المصريات، يمكننا طبعاً أن نتخيل أن أقطع الأدلة إنما هي القبور. ومن هنا كان دائماً ذلك الاستشراس في البحث عن تجسيد لأسطورة بدت دائماً بعيدة المنال على أرض الواقع! أما منذ العثور على المدفن فقد تحولت الأسطورة إلى تاريخ واقعي استعاد مكانته منذ ذلك اليوم تحديداً. فازدادت شهرة توت عنخ آمون بصورة متصاعدة راح الناس يتدافعون لزيارة القبر، مما اضطر السلطات إلى سده ووضع حراسة مشددة عليه.
ولادة لعنة
غير أن تحرك السلطات وإن كان قد انطلق من سعيها إلى الحيلولة دون نهب محتويات القبر، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى ما هو معروف من سوابق مؤلمة تتعلق بمجموعات بأسرها من السكان المحليين تعيش من استكشاف القبور ونهب محتوياتها لحساب جمهرة من تجار أجانب يشترونها بأبخس الأثمان ليشتتوها حول العالم في المتاحف، ولكن خاصة في المجموعات المملوكة لأثرياء لا ضمير لهم، انطلق أيضاً في مجال التصدي لتلك الظاهرة الأخرى التي رصدت منذ الأيام الأولى لفتح القبر لتبدو أكثر مرارة وغرابة وإثارة للرعب من ممارسات النهب والتهريب والتجارة. وتتعلق طبعاً بما سيحمل من فوره اسم "لعنة الفراعنة" كما أشرنا. والحقيقة أن سواء صدقنا وجود تلك اللعنة اليوم أو اعتبرنا الأمر من قبيل "التخويف" العام، يجب ألا يغيب عن بالنا سلسلة من الظواهر الغريبة التي ساد ذكرها واشتهرت خلال النصف الأول من القرن الـ20، والتي ربما يمكن العودة بجذور الحديث عنها بصورة أو بأخرى إلى رواية غوتييه نفسها التي ذكرناها أول هذا الكلام، وفحواها أن كل من يقترب من قبور الفراعنة سيعرض نفسه للعنة قد تطاول حياته كعقوبة له على ما يقترف. والحقيقة أن ما عزز من "صدقية" وجود تلك اللعنة، المصير الذي كان للمكتشف الأول كارتر نفسه، حيث الحكاية، وهي حكاية تاريخية على أية حال أقيم حولها ستار من الإشاعات، التي تتعلق بكون كارتر مات ميتة غريبة، وكذلك كان حال معظم العمال المصريين وغير المصريين الذين كانوا معه يوم دخل إلى القبر الغامض. وهو أمر سيعزوه علماء وأطباء أكثر عقلانية إلى تلوث قاتل كان متحكماً بجو القبر الذي بقي مغلقاً طوال ألوف السنين فلما فتح انتشر تلوثه فاتكاً بأول الداخلين.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في سبيل الرزق
صحيح أننا نجدنا هنا أمام تفسير علمي ومنطقي، لكه غير قادر إلا بقدر كبير من الصعوبة، على تفسير مصير مقابل للورد كارنافون الذي كان يرافق كارتر في الصف الأول لحظة دخول هذا الأخير إلى القبر للمرة الأولى، فخرج سليماً مُعافى من دون أن تجتاحه "اللعنة". إن هذا ثابت تاريخياً، ولكن... ولكن كارنافون سيتوفى في القاهرة بعد أشهر وفاة غامضة دون أن يكون قد ظهر عليه أي أثر لأي مرض أو تلوث. فما الحكاية؟ ثم ما سر تلك الحكاية الأخرى المتداولة، والتي تروى بكل رصانة عن أن ذلك اللورد الذي كان معروفاً بصحته الجيدة، كان يملك كلباً مميزاً تركه في دارته الإنجليزية على بعد 3000 كيلومتر من القاهرة، لكن ذلك البعد لم يمنع الكلب من إطلاق صيحة مريعة اهتز لها الحي الذي تقع فيه الدارة في اللحظة نفسها التي كان فيها اللورد يقع صريعاً من دون أي سبب واضح في مكان إقامته في العاصمة المصرية؟ هل هذا كله حقيقة أم خيال يا ترى؟ من المؤكد أننا لسنا قادرين اليوم، ولم نكن قادرين في ذلك الحين، على الإجابة عن هذا السؤال أو أن نعرف حقيقة ما حدث، لكن ذلك كله عرف كيف يتضافر ليسبغ على توت عنخ آمون تلك الهالة السحرية الأسطورية المرعبة: هالة اللعنة التي تجعل المنقبين عن القبور أكثر حذراً في وقت جعل كثراً من المنقبين والمهربين والمتاجرين أكثر قدرة على ممارسة جرائمهم من دون مجازفة كبيرة... يحركهم الفقر الذي يحرضهم على تجاهل اللعنة سعياً وراء "الرزق".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- Independent عربية
مصر "الفرنسية" من مومياء غوتييه إلى لعنة الفراعنة
من المؤكد أن في مقدورنا دائماً أن نربط ما سيسمى لاحقاً "الشغف الفرنسي" بمصر في عام 1856 الذي صدرت فيه في العاصمة الفرنسية رواية "المومياء" للكاتب ثيوفيل غوتييه موصلة إلى ذروة لا سابق لها، ذلك الشغف الذي كان حتى ذلك الحين، لا يزال مقتصراً على نوع من النزوع الاستشراقي الغرائبي القائم على أعمال إبداعية تراوح ما بين الموسيقى والرسم والتعامل مع الأساطير والفنون التشكيلية. وكان ذلك ولعاً أوروبياً عاماً على أية حال في جوانب كثيرة منه. غير أن الجانب الآخر المرتبط بالشغف برمته كان عليه أن ينتظر نحو ثلاثة أرباع قرن أخرى قبل أن يظهر مرتبطاً هذه المرة، ليس تماماً بأبعاد إبداعية تثير اهتمام النخب، بل أكثر من ذلك بأبعاد "واقعية" يمكن السجال على أية حال بمقدار "واقعيتها". ونتحدث هنا بالطبع عن الاكتشاف المدهش لقبر توت عنخ آمون الذي لئن كان حول الحكاية كلها من الأسطورة إلى التاريخ الواقعي، فإنه تمكن من أن يعيد، في الوقت نفسه خلق أسطورة جديدة ستحمل منذ نهايات عام 1922 اسم "لعنة الفراعنة" مُضفية حياة جديدة حتى على تلك القمة الإبداعية التي كانتها "رواية المومياء" حين صدورها، إذ مما لا شك فيه أن يوم الـ25 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1922 سيعد منذ ذلك الحين اليوم الذي شهد "الولادة" الحقيقية لذلك التبجيل الذي سيتحول إلى شغف وقد أضحى من نصيب كل ما يتعلق بمصر الفرعونية وفي فرنسا تحديداً، ولكن من خلالها في أوروبا، ومن ثم في العالم أجمع... وحتى من دون أن يكون لفرنسا دور كبير في ذلك على أية حال. الكنز كما رتبه الدافنون ففي ذلك اليوم تحديداً تمكن عالمان من علماء ما يسمى "المصريات"، وهما الإنجليزيان هوارد كارتر ولورد كارنافون من العثور على تابوت محدد داخل الضريح الذي كان التاريخ قد أخبرنا كيف أن ديوذدور الصقلي أطلق عليه اسم "بيت الخلود"، بوصفه المثوى الأخير لذلك الفرعون "الغامض" المنتمي إلى الأسرة الـ18، وذلك على بعد أمتار قليلة من قبر الفرعون رمسيس السادس، والذي يحتاج بلوغه إلى العبور بدرج يتألف من 16 درجة تقود إلى مدفن نقشت على بابه لافتة تحمل خاتم المدفون داخله وهو توت عنخ آمون. في البداية كان كارتر كما تقول لنا الحكاية، أول الواصلين إلى الباب، غير أنه آثر ألا يفتحه للدخول إلا بعد وصول رئيس البعثة وممولها اللورد كارنافون الذي تأخر وصوله بضعة أيام، أي إنه وصل في الـ29 من الشهر. وهو ما إن وصل حتى أعطى إشارة لكارتر الذي فتح باب الردهة الموصلة إلى القبر. وهناك كان الكنز في الانتظار. كان عبارة عن مجموعة بالغة الثراء والأهمية من القطع والمذهبات والأواني والرموز التي لا شك أنها قد قبعت في ذلك المكان طوال ما يقارب 30 قرناً، ومن أهمها مجوهرات وعقود وسلاسل علب وصناديق وأوانٍ منزلية وأدوات زينة متنوعة تشكل في مجموعها ما يستحق أكثر كثيراً من اسم كنز. وبخاصة أن قبر توت عنخ آمون ذاك، كان أول قبر فرعوني يتم العثور عليه كما رتبه دافنو الفرعون الأوائل فلم تتمكن أية أيدٍ من العبث به! خمس محاولات مضنية في الحقيقة أن الاكتشاف لم يشكل مفاجأة حقيقية، إذ كان القبر ومحتوياته معروفين منذ زمن بعيد ولم يكن ثمة بين الباحثين والمستكشفين من لم يسع حقاً ومنذ عقود طويلة بل أحياناً منذ ما هو أقدم من ذلك، للعثور على ذلك المدفن الذي كان قد تحول إلى أسطوري منذ الأزمنة السحيقة، بل إن كارتر كان بنفسه قد قام بخمس محاولات للعثور على مدفن توت عنخ آمون منذ إلى على نفسه أن يقوم بتلك المهمة، ولا سيما في تجواله المتعب في وادي الملوك متنقلاً بين خمسة وعشرين قبرا تم تعرفه وتعرف سابقيه عليها لفراعنة معروفين، ولكن خلال تلك المراحل السابقة كلها كان توت عنخ آمون يعد الفرعون الأقل شهرة، بل حتى كان ينظر إليه في بعض الأحيان باعتباره أسطورياً اخترعته مخيلات كتاب ومؤرخين "زعموا" دائماً أن العثور "المؤكد، في رأيهم، عليه سيقلب التاريخ الفرعوني رأساً على عقب"، ولكن دائماً من دون أن يكون لديهم أية أدلة قاطعة على ذلك. وبالنسبة إلى علماء المصريات، يمكننا طبعاً أن نتخيل أن أقطع الأدلة إنما هي القبور. ومن هنا كان دائماً ذلك الاستشراس في البحث عن تجسيد لأسطورة بدت دائماً بعيدة المنال على أرض الواقع! أما منذ العثور على المدفن فقد تحولت الأسطورة إلى تاريخ واقعي استعاد مكانته منذ ذلك اليوم تحديداً. فازدادت شهرة توت عنخ آمون بصورة متصاعدة راح الناس يتدافعون لزيارة القبر، مما اضطر السلطات إلى سده ووضع حراسة مشددة عليه. ولادة لعنة غير أن تحرك السلطات وإن كان قد انطلق من سعيها إلى الحيلولة دون نهب محتويات القبر، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى ما هو معروف من سوابق مؤلمة تتعلق بمجموعات بأسرها من السكان المحليين تعيش من استكشاف القبور ونهب محتوياتها لحساب جمهرة من تجار أجانب يشترونها بأبخس الأثمان ليشتتوها حول العالم في المتاحف، ولكن خاصة في المجموعات المملوكة لأثرياء لا ضمير لهم، انطلق أيضاً في مجال التصدي لتلك الظاهرة الأخرى التي رصدت منذ الأيام الأولى لفتح القبر لتبدو أكثر مرارة وغرابة وإثارة للرعب من ممارسات النهب والتهريب والتجارة. وتتعلق طبعاً بما سيحمل من فوره اسم "لعنة الفراعنة" كما أشرنا. والحقيقة أن سواء صدقنا وجود تلك اللعنة اليوم أو اعتبرنا الأمر من قبيل "التخويف" العام، يجب ألا يغيب عن بالنا سلسلة من الظواهر الغريبة التي ساد ذكرها واشتهرت خلال النصف الأول من القرن الـ20، والتي ربما يمكن العودة بجذور الحديث عنها بصورة أو بأخرى إلى رواية غوتييه نفسها التي ذكرناها أول هذا الكلام، وفحواها أن كل من يقترب من قبور الفراعنة سيعرض نفسه للعنة قد تطاول حياته كعقوبة له على ما يقترف. والحقيقة أن ما عزز من "صدقية" وجود تلك اللعنة، المصير الذي كان للمكتشف الأول كارتر نفسه، حيث الحكاية، وهي حكاية تاريخية على أية حال أقيم حولها ستار من الإشاعات، التي تتعلق بكون كارتر مات ميتة غريبة، وكذلك كان حال معظم العمال المصريين وغير المصريين الذين كانوا معه يوم دخل إلى القبر الغامض. وهو أمر سيعزوه علماء وأطباء أكثر عقلانية إلى تلوث قاتل كان متحكماً بجو القبر الذي بقي مغلقاً طوال ألوف السنين فلما فتح انتشر تلوثه فاتكاً بأول الداخلين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في سبيل الرزق صحيح أننا نجدنا هنا أمام تفسير علمي ومنطقي، لكه غير قادر إلا بقدر كبير من الصعوبة، على تفسير مصير مقابل للورد كارنافون الذي كان يرافق كارتر في الصف الأول لحظة دخول هذا الأخير إلى القبر للمرة الأولى، فخرج سليماً مُعافى من دون أن تجتاحه "اللعنة". إن هذا ثابت تاريخياً، ولكن... ولكن كارنافون سيتوفى في القاهرة بعد أشهر وفاة غامضة دون أن يكون قد ظهر عليه أي أثر لأي مرض أو تلوث. فما الحكاية؟ ثم ما سر تلك الحكاية الأخرى المتداولة، والتي تروى بكل رصانة عن أن ذلك اللورد الذي كان معروفاً بصحته الجيدة، كان يملك كلباً مميزاً تركه في دارته الإنجليزية على بعد 3000 كيلومتر من القاهرة، لكن ذلك البعد لم يمنع الكلب من إطلاق صيحة مريعة اهتز لها الحي الذي تقع فيه الدارة في اللحظة نفسها التي كان فيها اللورد يقع صريعاً من دون أي سبب واضح في مكان إقامته في العاصمة المصرية؟ هل هذا كله حقيقة أم خيال يا ترى؟ من المؤكد أننا لسنا قادرين اليوم، ولم نكن قادرين في ذلك الحين، على الإجابة عن هذا السؤال أو أن نعرف حقيقة ما حدث، لكن ذلك كله عرف كيف يتضافر ليسبغ على توت عنخ آمون تلك الهالة السحرية الأسطورية المرعبة: هالة اللعنة التي تجعل المنقبين عن القبور أكثر حذراً في وقت جعل كثراً من المنقبين والمهربين والمتاجرين أكثر قدرة على ممارسة جرائمهم من دون مجازفة كبيرة... يحركهم الفقر الذي يحرضهم على تجاهل اللعنة سعياً وراء "الرزق".


Independent عربية
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- Independent عربية
أندريه مالرو يوسط توت عنخ آمون بين عبدالناصر وديغول
من يراجع الصحافة الفرنسية الصادرة يوم الخامس من سبتمبر (أيلول) عام 1967، سيدهشه كيف أن تلك الصحافة التي كانت قبل ثلاثة أشهر جعلت الضربات العسكرية الإسرائيلية عناوين صفحاتها الأولى، تهتم هذه المرة بالتاريخ المصري الفرعوني جاعلة منه جوهر تلك العناوين. والحقيقة أن الحدث الثقافي الرئيس في باريس كان يبرر ذلك، ولو من ناحية الأرقام القياسية. وكان الحدث معرضاً للتاريخ الفرعوني المصري، نجمه الأكبر توت عنخ آمون، تدفق الفرنسيون وزوار باريس لحضوره في "القصر الكبير" عبر زحام فني لم يكن سبق لباريس أن عرفت مثيلاً له من قبل. لقد بدا الأمر غزواً فرعونياً لعاصمة النور وتعبيراً ملموساً هذه المرة عن ذلك الشغف الفرنسي بكل ما يمت إلى مصر، وبخاصة إلى مصر الفرعونية، بصلة. فخلال أيام قليلة تمكن المعرض من اجتذاب مئات ألوف الزائرين، مسجلاً بذلك أكبر نسبة حضور منذ عقود. والحقيقة أنه حين تقرر قبل ذلك بأشهر أن تشمل جولة يقوم بها توت عنخ آمون في بلدان عديدة العاصمة الفرنسية، كانت التقديرات تشير إلى أن اهتمام الجمهور الفرنسي سيكون كبيراً بالتأكيد، غير أن ما من أحد كان يتوقع ذلك الزحام الهائل الذي شكله جمهور الزائرين منذ اليوم الأول. ومن المؤكد أن المراقبين سيعترفون لاحقاً بأنهم أخطأوا في تقدير حجم الشغف الفرنسي بمصر وتاريخها الفرعوني، شغف كانوا يرون أنه تضاءل منذ بات سائداً اعتبار مصر بلداً معادياً لفرنسا خلال تلك الحقبة من حكم الرئيس جمال عبدالناصر، غير أن كثراً سيعترفون، أمام ضخامة النجاح الذي حققه معرض "الغران باليه"، ذاك بأنهم في تقديراتهم تناسوا وجود اسمين استثنائيين في سدة الحكم في القاهرة وباريس هما المثقفان الكبيران أندريه مالرو وثروت عكاشة. زيارة متعددة المعاني بل إنهم تناسوا تلك الزيارة التي قام بها إلى القاهرة ذلك الوزير الفرنسي الذي سهى عن بال المراقبين أنه بأكثر مما هو وزير للثقافة في حكومة الرئيس شارل ديغول، كاتب كبير مولع بتاريخ الحضارات وسيكولوجية الفنون بل كذلك في حق الشعوب في تقرير مصيرها كما بحق الشعوب الأخرى في الاطلاع الميداني على حضارات يعرفون عنها بعض الأشياء وتغيب عنهم فيها أشياء أخرى! ومن هنا ومن ناحية مبدئية كان في خلفية الزيارة التي قام بها أندريه مالرو إلى مصر خلال الأيام الأخيرة من شهر مارس (آذار) من عام 1966، ذلك الهدف الفني الثقافي الذي سيتحقق في العام التالي كما نعرف: إقامة معرض توت عنخ آمون في باريس، ذلك المعرض الذي أثار هوس الفرنسيين جميعاً، وأقام الدنيا هناك ولم يقعدها، وأدى - بين أمور أخرى - إلى ولادة تلك النزعة الفرنسية الإيجابية في اتجاه مصر وتاريخها الفرعوني. إذا، كان أندريه مالرو، وبمعرفة ثروت عكاشة، هو الذي رتب ذلك المعرض، خصوصاً بعد أن نال في سبيل ذلك موافقة الرئيس جمال عبدالناصر، الذي كان في حاجة ماسة في ذلك الحين، إلى عملية "العلاقات العامة تلك"، إذ كان التوتر بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية يتزايد، وكانت حرب اليمن عزلت عبدالناصر عربياً، كما أن الإصلاحات الاجتماعية والاشتراكية، أثارت العواصف من حوله في الداخل، وكل ذلك في وقت كان فيه الرئيس المصري بدأ يخامره اليأس من صدق الاتحاد السوفياتي في التعامل معه. فإذا أضفنا إلى هذا أن عبدالناصر كان يزيد، في ذلك الحين، من الاندفاع في طريق نوع من الصلح مع إسرائيل، وهو يراقب بعين الحذر ما يحدث في سوريا، إذ قام نظام بعثي يساري "أخذ يزايد عليه لفظياً" بحسب تعبير صحافي ويحاول "أن يدفعه إلى تصعيد الموقف العسكري مع إسرائيل"، يبدو لنا من الواضح أن عبدالناصر وجد الحل في التقارب مع فرنسا، وعبرها، في فتح علاقات جديدة مع أوروبا. بين السياسة والثقافة في ذلك الحين كان شارل ديغول رئيس فرنسا القوي خطا خطوات كبيرة في اتجاه العالم العربي، وبخاصة منذ أسهم في نيل الجزائر استقلالها والتصدي للهيمنة الأميركية على الحلف الأطلسي، ومن هنا كان من الواضح أن مالرو الذي كان واحداً من كبار مستشاري الرئيس، لم يقصد مصر لمجرد أن يرتب معرضاً في باريس، حتى ولو كان المعرض على ضخامة وأهمية معرض توت عنخ آمون. كان من الواضح أن الزيارة في جوهرها سياسية فأندريه مالرو كان في ذلك الحين وزيراً للشؤون الثقافية في فرنسا، وكانت له كلمة مسموعة لدى الرئيس شارل ديغول، صديقه ورئيسه. وثروت عكاشة كان يعرف هذا، وكان يعرف أيضاً أن زيارة يقوم بها مالرو إلى مصر، ولقاء يجمعه مع الرئيس المصري، سيكون لهما أثر كبير لدى ديغول بصورة عامة. ومن هنا، حين اجتمع اندريه مالرو بالرئيس جمال عبدالناصر يوم الـ27 من آذار (مارس)، أي في أول أيام زيارته لمصر، كان من الطبيعي أن يمرا مرور الكرام على ذكر معرض توت عنخ آمون. إذ وافق عبدالناصر على إقامة المعرض خلال ثوان، ثم انتقل الرجلان إلى الحديث عن التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين بلديهما. جرى الاجتماع في منزل عبدالناصر في "منشية البكري"، وسيخرج منه مالرو مبتسماً قائلاً لمن حوله إنه تأثر كثيراً بشخصية الرئيس المصري، كما وجد نقاطاً مشتركة تجمع بين الرواية التي كتبها الرئيس المصري في شبابه بعنوان "ثمن الحرية"، وبين بعض رواياته هو - أي مالرو - الرئيسة مثل "الشرط الإنساني" و"الأمل"، إذ إن "هناك قاسماً مشتركاً بيننا هو التفاؤل بمستقبل الإنسان، وتأكيد مشروعية فعل المقاومة ضد الطغيان". وكان من نتيجة ذلك كله أن عاد أندريه مالرو إلى بلاده ليجتمع من فوره إلى الرئيس شارل ديغول، ناقلاً إليه انطباعات شديدة الإيجابية عن لقائه بجمال عبدالناصر، وناقلاً إليه كذلك دعوة الرئيس المصري له إلى زيارة مصر. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) نجاح كبير ويمكننا هنا أن نقول إن ما نقله مالرو إلى ديغول، من رغبات عبدالناصر السلمية، وكذلك من توقه إلى الانفتاح على فرنسا وأوروبا، ومن إعجابه بالثقافة الفرنسية، مما حرك عواطف ديغول تجاه مصر والعرب، وأنتج تلك المواقف التي أبداها ديغول لاحقاً، ولاسيما إبان "حرب الأيام الستة" حين أدلى بتصريحات مؤيدة لمصر وللحق العربي أقامت الصهيونية الدنيا ضده ولم تقعدها بعد ذلك أبداً. أما بالنسبة إلى الجانب الثقافي الذي يهمنا هنا فلا بد من القول إنه سيبقى بالنسبة إلى الفرنسيين والمصريين، الجانب الأكثر أهمية وبخاصة أن الزوار اكتشفوا، بعيدا من الشؤون السياسية معرضاً أخاذاً تسيطر عليه عشرات القطع المذهبة التي بدت وكأنها صنعت في الأمس فقط. ولقد كان ذلك مناسبة مكنت عشرات ألوف الفرنسيين من الرجوع إلى قرن وأكثر من الاهتمام الفرنسي بكل ما له علاقة بالتاريخ المصري قديمه وجديده بما في ذلك استعادة ذكرى ومؤلفات أعداد كبيرة من مؤلفين ومبدعين فرنسيين زاروا مصر وكتبوا عنها بشغف بدا يومها كالعدوى، من بيار لوتي إلى فلوبير ومن جيرار دي نرفال إلى ثيوفيل غوتييه، وصولاً إلى جان كوكتو واللائحة قد تطول إلى ما لا نهاية. ولقد كان ذلك المعرض في حد ذاته خطوة رائعة على طريق شغف فرنسي متجدد بمصر سيعبر عن نفسه عبر عشرات المعارض والمناسبات اللاحقة، بما في ذلك تلك اللحظة المفصلية التي أصدر فيها الصحافي والكاتب الفرنسي جان لاكوتور كتاباً بالغ الأهمية عن مواطنه شامبوليون الذي كان هو ومن دون غيره، مكتشف ومفسر اللغة الهيروغليفية. وربما تعود أهمية الكتاب لأن لاكوتور نفسه كان وهو يشتغل على كتابه نزيل السجون المصرية من دون ذنب جناه سوى كونه فرنسياً في زمن كانت العلاقات بين البلدين وصلت إلى أسفل السافلين قبل المعرض وزيارة مالرو إلى القاهرة بسنوات قليلة، لكن هذه حكاية أخرى قد نعود لها يوماً.

سعورس
٠٣-٠٣-٢٠٢٥
- سعورس
«حبيبتي رجعت لحضني».. عودة الفنانة شيماء سيف لزوجها «كارتر»
ونشر كارتر عبر حسابه على إنستغرام، صورة لهما، وكتب عليها قائلاً: «اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا حبيبتي رجعت لحضني»، ليدخل الجميع ويهنئهما ويتمنيان لهما حياة سعيدة مرة أخرى. أخبار ذات صلة مَارَسَ الاحتيال.. «الفنانين العراقيين»: إيقاف مسار الحجامي 6 أشهر أخيراً قلت شهادتي.. رابر أمريكي يعتنق الإسلام في رمضان وفي شهر فبراير الماضي، وتحديدا يوم 3 فبراير أعلنت الفنانة المصرية انفصالها عن زوجها محمد كارتر، وعلقت قائلة بحسابها على إنستغرام: «قدر الله وما شاء فعل، تم الانفصال بينى وبين زوجي، وربنا المعوض بإذن الله، برجاء احترام رغبتي وإني مش حابة أتكلم في الموضوع ودعواتكم بالخير».