
المازمي يحيي التراث عبر أدب الطفل
خولة علي (أبوظبي)
بينما ينشغل الأطفال بعالم الألعاب الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، يختار عيسى المازمي أن يكون صوتاً يعيد للحكايات رونقها، قارئاً شغوفاً وراوياً مبدعاً يحمل التراث بين كلماته، لم تكن القصص الشعبية بالنسبة له مجرد حكايات تروى، بل إرث يستحق أن يحفظ ويعاد تقديمه بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ليبقى الماضي حياً في ذاكرة الصغار والكبار على حد سواء، وقد جعل المازمي من الحكاية الشعبية رسالته، ومن المسرح منبراً لإحياء الموروث، واضعاً بصمته في أدب الطفل والسرد التراثي.
نافذة على التراث
يؤمن الطفل عيسى المازمي بأن القراءة والكتابة ليستا مجرد أدوات للتعلم، بل هما وسيلة لحفظ الثقافة والهوية، فالقصص الشعبية ليست مجرد سرد ممتع فحسب، بل هي كنوز تحمل في طياتها حكمة الأجداد وتجاربهم، حيث يقول «لطالما كانت الحكايات مرآة للمجتمع، تعكس عاداته وتقاليده، وتحمل القيم التي تشكل هويتنا، من خلال الكتابة، لذا أسعى إلى إبراز هذه القيم بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ويجعلهم يتواصلون مع تراثهم بطريقة عصرية».
شغف الطفولة
منذ طفولته، وجد عيسى نفسه مشدوداً إلى عالم الحكايات، إذ كانت جلسات السمر مع جده، المليئة بالقصص المشوقة، هي شرارة شغفه الأولى، لم يكن مجرد مستمع، بل كان يراقب طريقة السرد، يتأمل التفاصيل، ويعيش المغامرات في مخيلته، هذا الحب للقصص دفعه إلى القراءة المتعمقة في الأدب التراثي، ومن ثم إلى الكتابة، ليصبح أحد أبرز الأصوات الشابة في مجال أدب الطفل المستوحى من التراث.
تحديات
لكل مجال تحدياته، فمن العقبات التي واجهها عيسى كانت كيفية تقديم القصص التراثية بطريقة تجذب الأطفال والشباب الذين اعتادوا على الترفيه الرقمي السريع، قائلاً: «التحدي الحقيقي يكمن في خلق توازن بين الأصالة والإبداع، فلا بد أن نحافظ على روح القصة التراثية، لكن بأسلوب يناسب العصر، سواء من خلال اللغة أو طريقة العرض».
خشبة المسرح
لم تتوقف مسيرة عيسى عند الكتابة فقط، بل امتدت إلى المسرح، حيث قام بتمثيل العديد من القصص الشعبية، مثل خطاف رفاي والبديحة، ليحمل رسائل الموروث الشعبي إلى الأطفال بطريقة تفاعلية، موضحاً: «خطاف رفاي» ليست مجرد قصة بالنسبة لي، بل تجربة شعرت من خلالها بمدى تأثير الحكاية حين تروى بأسلوب مشوق، لقد قدمتها أكثر من سبع مرات في مختلف أنحاء الدولة، وكان الإقبال الكبير عليها دليلاً على حب الناس لتراثهم.
رؤية جديدة
طموح المازمي لم يتوقف عند حدود الإنجازات، بل يسعى دوماً لتقديم الجديد في مجال الكتابة التراثية، ويعمل حالياً على قصة جديدة مستوحاة من التراث الإماراتي، حيث يسعى من خلالها إلى تقديم الشخصيات والأساطير المحلية بأسلوب عصري يجذب الأطفال، كما يطمح إلى دمج عناصر تفاعلية في القصص، مثل الرسوم التوضيحية والرموز الرقمية، لجعل القراءة تجربة أكثر حيوية تتناسب مع الجيل الرقمي.
مسيرة ملهمة
لمع اسم عيسى المازمي في العديد من المحافل الثقافية والإعلامية، فقد كان مذيعاً في إذاعة الشارقة، عضواً في شورى أطفال الشارقة في الدورة السابعة عشرة، عضواً في المدرسة الدولية للحكاية التابعة لمعهد الشارقة للتراث، حاصلاً على دبلوم البرلمان العربي للطفل، عضواً في فريق روائع التابع لوزارة التربية والتعليم، بطلاً من أبطال الحياد المناخي في مؤتمر (COP 28)، عضواً في فريق عباقرة التطوعي، وحاصلاً على لقب سفير تحدي القراءة العربي لعامين متتاليين، إلى جانب كونه كاتباً وحكواتياً في أدب الطفل، ضمن مسيرة ملهمة يحتذى بها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
مصر وفلسطين وتونس.. تنافس عربي بارز في «نظرة ما» بمهرجان كان
يشهد قسم "نظرة ما" ضمن الدورة 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي اهتمامًا واسعًا، مع حضور عربي لافت، بثلاثة أفلام لمصر وفلسطين وتونس. ويُعد هذا القسم ثاني أبرز أقسام المهرجان بعد المسابقة الرسمية، ويُقام بين 13 و24 مايو الجاري، تحت رئاسة لجنة تحكيم تقودها المخرجة البريطانية مولي مانينغ ووكر، ويشاركها في التقييم عدد من الشخصيات السينمائية من فرنسا وكرواتيا وإيطاليا والأرجنتين. يمثل المخرج مراد مصطفى السينما المصرية بفيلمه الروائي عائشة لا تستطيع الطيران، الذي يواصل فيه اهتمامه بعرض حكايات المهاجرين الأفارقة في مصر. الفيلم يسلط الضوء على عائشة، وهي مهاجرة سودانية تقيم في حي يسكنه مهاجرون من خلفيات أفريقية متعددة. ويأتي هذا العمل بعد تجربته السابقة في مهرجان كان بفيلم عيسى القصير، حيث يعتمد مصطفى على خلفيته في حي عين شمس بالقاهرة، لتقديم سرد بصري يعكس حياة المهمشين، معتمدًا على بحث ميداني وتفاعل شخصي بعيدًا عن التأهيل الأكاديمي التقليدي في الإخراج. أما فلسطين، فتمثلها هذا العام حكاية من غزة عبر فيلم كان يا مكان في غزة، حيث تدور أحداثه عام 2007، ويعرض علاقة تجمع بين طالب جامعي وصاحب مطعم فلافل، تتحول لاحقًا إلى شراكة في تجارة مخدرات، متخفّين خلف أعمال التوصيل. العمل يستخدم أسلوب الكوميديا السوداء، ويستند إلى قالب بصري يقترب من سينما الغرب الأمريكي، بينما يتناول الواقع السياسي والاجتماعي في غزة، من خلال مشاهد تُظهر تناقضات الحياة اليومية تحت ضغط الفصائل والنظام الأمني. من جهة أخرى، افتتحت السينما التونسية مشاركتها بفيلم السماء الموعودة للمخرجة إريج سهيري. الفيلم يتناول قصص ثلاث نساء من أصول أفريقية يعشن في تونس، تتقاطع مساراتهن بعد وصول طفلة يتيمة إلى دار إيواء. الشخصيات الرئيسة – ماري، ناني، وجولي – تحاول كلٌّ منهن تجاوز واقعها المعقّد في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية، إلا أن العمل لم يتعمق كليًا في تطوير شخصياته أو توسيع نطاق القضايا التي يطرحها، واكتفى بتقديم مشاهد تعكس ملامح التوتر في بيئة تعاني من الهشاشة والقلق. aXA6IDgyLjI0LjIxOC43NiA= جزيرة ام اند امز GB


زهرة الخليج
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- زهرة الخليج
لميس الهاشمي: أبحث عن أثر يبقى
#منوعات في زمنٍ تتسارع به الابتكارات نحو مستقبلٍ أكثر وعيًا بالبيئة، اختارت لميس الهاشمي أن تعود إلى حيث تنبض الأرض بمعناها الأول؛ إلى النخلة، رمز العطاء والثبات في الثقافة الإماراتية. فمن أوراقها، نسجت مشروع «Palmade»؛ كرؤية تتجاوز إنتاج أدوات مائدة قابلة للتحلل؛ لتُعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والطبيعة، والاستدامة والإبداع، والبساطة والابتكار. لميس، التي تمسك بخيوط الحياة كأم، وزوجة، وصاحبة مشروع ريادي، لا ترى في الاستدامة مجرد مسؤولية بيئية، بل أسلوب حياة يتخلل تفاصيلها اليومية، وتغرسه - بصبر - في نفوس أطفالها، وتُحوّله إلى مشروع يحمل رسالة، ويصنع أثرًا. في هذا الحوار الخاص، تكشف لنا لميس الهاشمي - التي تتألق على غلاف عدد مايو من «زهرة الخليج»، متزينة بمجوهرات «تيفاني أند كو» (.Tiffany & Co)، الدار الأميركية العريقة - عن بداية رحلتها، وعوامل تشكيل فلسفتها في العمل، والعائلة، والجمال، والتأثير، والحلم الذي تسعى إلى تحقيقه: عقد Ninety-two Stone، وسوار وخاتم Sixteen Stone، من البلاتين والذهب والألماس.. من مجموعة Jean Schlumberger by Tiffany - عباية من Manaal Al Hammadi بداية.. ورؤية لو طُلب منك أن تعرّفي عن نفسك بكلمات بسيطة، فماذا ستقولين؟ أنا لميس الهاشمي، امرأة إماراتية، وأم لثلاثة أطفال، وشريكة في تأسيس مشروع «Palmade» للمنتجات القابلة للتحلل، والمصنوعة من الموارد المحلية، وتحديدًا من أوراق النخيل. أدرك أن الاستدامة ليست خياراً، بل أسلوب حياة، ورسالة نغرسها في أسرنا، ومجتمعنا. كيف بدأت رحلة «Palmade»، ومتى أدركتِ أنها فكرة تستحق أن تتحوّل إلى مشروع فعلي؟ كانت البداية بسيطة، كهواية في المنزل، بصنع الورق يدويًا، ثم تطوّر الأمر تدريجيًا إلى استخدام مورد محلي (موارد، غالبًا، نتغاضى عنها؛ رغم ما تحمله من قيمة، أو إمكانيات خفية). بداية قصتنا مع «Palmade»، كانت عندما رأينا أوراق نخيل ملقاة في حيّنا؛ فبدأنا نُجري تجارب على هذه الأوراق، وأدركنا أننا نستطيع أن نمنحها دورة حياة إضافية، قبل أن تُرمى أو تُحرَق. وحينما رأينا استجابة الناس للفكرة، وكيف لمنتج بسيط أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في البيئة، عرفنا أن الوقت قد حان؛ لتحويل الشغف إلى مشروع فعلي. الفكرة تطورت من مشروع عائلي إلى منتج يُستخدم في فنادق كبرى، ومناسبات عالمية، مثل «Cop28».. كيف حدث ذلك؟ التحوّل جاء نتيجة إيماننا العميق بالفكرة، والجهود المستمرة في البحث والتطوير، بالإضافة إلى بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات تؤمن بدورها في حماية البيئة، أثناء مشاركتنا في الفعاليات، والنقاشات الحوارية. فحينما تُصنع الفكرة بإتقان، وتُروى برؤية؛ تُصبح قادرة على العبور من الحي إلى المنصات العالمية. ومشاركتنا في مناسبات عالمية، مثل: «Abu Dhabi F1»، و«Cop28»، أكّدت لنا أن المنتجات المحلية يمكن أن تحظى بمكان على الطاولة العالمية. العائلة.. حيث تبدأ الحكاية بصفتك شريكة في الحياة والعمل مع زوجك.. كيف حافظتما على التوازن بين علاقتكما الشخصية والمهنية؟ الأمر ليس دائمًا سهلًا، لكننا تعلمنا - مع الوقت - أن نرسم حدودًا بين حياتنا الشخصية والعملية؛ فالاحترام المتبادل، وتقدير كلٍّ منّا لدور الآخر في البيت والعمل، كانا أساس هذا التوازن. كما أننا نتشارك القيم نفسها، وهذا يجعل القرار المهني امتدادًا طبيعيًا للقيم العائلية. ما القيم العائلية، التي نشأتِ عليها، وساهمت في تشكيل رؤيتك لقيادة مشروعك؟ نشأت على قيم، مثل: البساطة، والمسؤولية، والاحترام العميق للبيئة والمجتمع، وكبرتُ على قناعة راسخة بأن لكل فرد دورًا، وأن علينا أن نترك أثرًا إيجابيًا في من حولنا، وألا نأخذ أي شيء في حياتنا كأمرٍ مُسلَّم به. لم أتلقَّ تعليمًا مباشرًا عن شجرة النخيل، لكنها كانت دائمًا حاضرة في محيطي؛ لأنني نشأت في ظلّها، وكنت أراقب - بعين الإعجاب - طبيعتها المعطاءة. اليوم، أرى أن هذه الشجرة المباركة قد منحتني، وعائلتي، هدية ثمينة هي «Palmade». هذه الرؤية المتجذّرة في الاحترام والتقدير لمورد وطني أصيل، أصبحت حجر الأساس في رحلتنا؛ لإعادة اكتشافه، وتحويله إلى منتج يحمل رسالته، ويجسد قِيَمَهُ. عقد Ninety-two Stone وزوج من أقراط Twenty Stone الدائرية، من البلاتين والذهب، والألماس.. من مجموعة Jean Schlumberger by Tiffany - عباية من Manaal Al Hammadi كونك أمًا لثلاثة أطفال.. كيف تنقلين إلى أبنائك أهمية المسؤولية البيئية، وريادة الأعمال؟ التربية بالأفعال لا بالأقوال؛ لذلك أحرص على أن يرافقني أطفالي في بعض مراحل العمل؛ ليروا كيف نحول أوراق النخيل إلى منتجات مفيدة، وليتعلموا - من خلال التجربة - أن الاستدامة تبدأ من البيت. كما نناقش مفاهيم كثيرة، مثل: تقليل الهدر، وإعادة التدوير، وأهمية التفكير الإبداعي في حل المشكلات. إنني أريدهم أن يفهموا أن ريادة الأعمال ليست فقط تجارة، بل وسيلة لخدمة المجتمع والبيئة. كما أركز كثيرًا معهم على أن التغيير الحقيقي يبدأ من داخل البيت، وأن التغييرات الصغيرة تصنع فارقًا كبيرًا مع الوقت. وأيضاً نتعلم معًا كيف نكون غير مبذّرين، فنُعيد استخدام الأشياء بدلًا من التخلص منها، ونُفرز النفايات، ونعيد تدويرها. هذه العادات الصغيرة، حينما تُغرس في وقت مبكر، تصبح جزءًا طبيعيًا من الشخصية، وترافق الإنسان طوال حياته؛ فهي - في الحقيقة - طريقة جديدة في النظر إلى كل ما حولنا، بعدسة مختلفة عن تلك التي اعتدناها، تجعلنا نرى القيمة في أبسط الأشياء. هل لعبت لحظات معينة، من حياتك العائلية، دورًا في قراراتك المهنية؟ أعتقد أن أكثر اللحظات تحولًا في حياتي، كانت عندما أصبحتُ أمًا. فقد غيرت تلك اللحظة نظرتي إلى كل شيء، وجعلتني أبحث عن معنى أعمق لما أفعله، وعن إرث يستحق أن أتركه لأطفالي، إرث يحمل أثرًا، ويعالج مشكلات حقيقية، ويكون مصدر فخر لهم. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت رحلتي المهنية مرتبطة، دائمًا، بسؤال هو: كيف يمكن لما أفعله أن يُحدث فرقًا؟.. كنت أبحث، دومًا، عن طريق يحمل قيمة، ويترك بصمة حقيقية في حياة الناس، والبيئة، من حولي. ابتكار.. واستدامة كيف نشأت فكرة تحويل أوراق النخيل إلى مادة قابلة للتحلل؟ لم تنشأ الفكرة في لحظة، بل كانت رحلة لم أتخيّل أن تنتهي بأوراق النخيل. بدأنا بتجارب بسيطة في صناعة الورق يدويًا، وكان تركيزنا الدائم منصباً على البحث عن مورد محلي، يمكن تحويله إلى منتج ذي قيمة. وفي أحد الأيام العادية، بينما كنت أنا وزوجي في نزهة داخل الحي، لاحظنا كمية كبيرة من أوراق النخيل ملقاة على الأرصفة بعد عملية التقليم، وكانت تلك لحظة تساؤل: ماذا لو؟.. منذ تلك اللحظة، وعلى مدى أربع إلى خمس سنوات من البحث والتطوير، توصّلنا إلى مادة جديدة، ناتجة عن دمج أوراق النخيل مع مواد طبيعية أخرى. هذه المادة تُشبه البلاستيك في المظهر والملمس، لكنها صديقة للبيئة وقابلة للتحلل. وخلال رحلتنا في دراسة أوراق النخيل، اكتشفنا الحجم الهائل للكتلة الحيوية الناتجة عنها في الإمارات، وكمية النفايات الخضراء، التي تُنتجها هذه الأشجار سنويًا. عندها، أدركنا أن هناك فرصة حقيقية لإعادة تدوير هذا المورد المهمل، وتحويله إلى شيء مفيد، يحمل رسالة بيئية واضحة. زوج من الأقراط المتدلية، وعقد من صفين، وسوار من صفين، وخاتم من صفين، وخاتم من الذهب الأبيض، ومرصع بالألماس.. من مجموعة Tiffany Knot طقم من Lvir، عبر موقع Fabric of Society؛ وعباية من Manaal Al Hammadi «عام المجتمع» فرصة للتأثير كيف يمكن لروّاد الأعمال، في المنطقة، دمج الابتكار مع الاستدامة بطرق عملية تؤثر في المجتمع؟ الابتكار الحقيقي ليس في اختراع شيء من العدم، بل في إعادة النظر في ما نملكه، واعتدنا رؤيته. لدينا موارد طبيعية وثقافية غنية، لكنها بحاجة إلى من يراها بعين جديدة. ويمكن لروّاد الأعمال أن يبدؤوا من تحدٍّ بيئي بسيط، وأن يطرحوا له حلاً عمليًا، يستند إلى وعي محلي، وتأثير مجتمعي. والأهم هو أن يكون الابتكار مرتبطًا بسياقنا، وبمشاركة المجتمع، حتى يشعر الناس بأنهم جزء من هذا التغيير، لا مجرد مستهلكين له. كيف ينعكس «عام المجتمع» على بيئة الأعمال العائلية في الإمارات، وما دور رائدات الأعمال في تقوية النسيج المجتمعي؟ «عام المجتمع» فرصة لتأكيد أن نجاح أي مشروع لا يُقاس فقط بالأرباح، بل بمدى تأثيره الإيجابي في المجتمع. في الإمارات، نشهد دعمًا قويًا للمشاريع، التي تخدم أهدافًا مجتمعية، خاصة في مجالات: البيئة، والتعليم، والتمكين. وتقع على عاتق رائدات الأعمال مسؤولية مزدوجة، هي: النجاح في مشاريعهن، والمساهمة في بناء مجتمعات مترابطة ومستدامة، سواء من خلال إيجاد فرص عمل، أو نشر ثقافة المسؤولية. ما نصيحتك لمن يرغب في دخول مجال ريادة الأعمال البيئية؟ أنصحه بأن يبدأ من بيئته القريبة، وتفاصيل حياته اليومية. فالاستدامة لا تكمن، دائمًا، في مشاريع ضخمة، بل في حل بسيط لمشكلة مهملة. وألا ينتظر «الفكرة المثالية»، بل عليه أن يبدأ بما لديه، وأن يمنح نفسه مساحة للتجربة والخطأ. والأهم، هو البحث عن الشراكات مع الجامعات، وأفراد العائلة، والمجتمع؛ لأن العمل الجماعي في هذا المجال يصنع فرقاً حقيقياً. المرأة.. والقيادة كامرأة تقود مشروعاً مبتكراً في مجال غير تقليدي، ما أكبر التحديات التي واجهتك؟ في الحقيقة، لا أعتقد أن التحدي الأكبر كان في كوني امرأة بمجال الاستدامة، بل على العكس، أرى أن النساء يتألقن في هذا المجال؛ لأنهن - بطبيعتهن - قريبات من تفاصيل الحياة اليومية، ويملكن حسًّا عاليًا بالمسؤولية والتأثير. أما بالنسبة لي، فكان التحدي الأكبر هو العمل في بيئة المصنع، وهي عالم لم أكن أعرف عنه شيئًا. كان عليّ أن أتعلم من الصفر كيف تعمل الآلات، وكيف نتعامل مع المواد، وكيف نضمن الجودة والفاعلية. وهنا لا يمكنني إلا أن أُعبّر عن امتناني لشريكي في الحياة والعمل (زوجي)، الذي دعمني في هذا الجانب بالتحديد. فخبرته ساعدتني على فهم الأمور التقنية بشكل أسرع، ووقوفه إلى جانبي جعلني أشعر بالثقة في بيئة لم تكن مألوفة لي. قد نبتعد قليلًا عن مضمون السؤال، لكنني أدرك أن الشراكة الحقيقية لا تُقاس بمن يقود ومن يتبع، بل بكيفية سدّ كل طرف نقاط ضعف الآخر، ودفعه إلى الأمام. وهذا ما يجعل شراكتنا في «Palmade» متينة وفعالة، لأنها مبنية على التكامل لا التنافس. كيف تسهم المرأة الإماراتية في تعزيز ثقافة الاستدامة.. داخل أسرتها، ومجتمعها؟ تملك أي امرأة، مهما كان مجالها أو خلفيتها، القدرة على غرس ثقافة الاستدامة في محيطها، وأسرتها، ومجتمعها، وبيئة عملها. فليس هناك قالب واحد للمرأة الإماراتية، فلكل واحدة تجربتها المختلفة، لكن القاسم المشترك هو أن الاستدامة تبدأ بالوعي، وهذا ما تملكه المرأة حينما تختار أن تُحدث فرقًا. وسواء من خلال قراراتها اليومية، أو تأثيرها في أبنائها، أو قيادتها لفريق عملها، تستطيع المرأة أن تُحوّل الاستدامة من مفهوم نظري إلى ممارسة حقيقية. فالمرأة، حينما تتبنى هذا الدور عن قناعة، تصبح نموذجًا يلهم من حوله، ويُحدث أثرًا ممتدًا يتجاوز الحدود الفردية. فالاستدامة ليست مسؤولية جهة واحدة، بل ثقافة تُبنى بالتراكم، والمرأة قادرة على أن تكون إحدى ركائزها الأساسية. زوج من الأقراط، وعقد بقلادة كبيرة، وعقد، وسوار، وخواتم من الذهب الوردي مع الألماس.. من مجموعة Tiffany Lock - عباية من 12 Storeez Kaftan فلسفة حياة ما معنى «النجاح» بالنسبة لكِ، وهل تغيّر تعريفه مع مرور السنوات؟ في بداياتي، كان النجاح يعني الوصول إلى هدف محدد، أو تحقيق إنجاز ملموس. أما اليوم، فأراه رحلة مستمرة نحو التأثير الإيجابي، مهما كان حجمه. فالنجاح بالنسبة لي، الآن، هو أن أزرع في أطفالي قيمًا تبقى، وأن أترك أثرًا في بيئتي ومجتمعي، يجعل الآخرين يدركون أن بإمكانهم فعل الشيء نفسه. وأن أترك أثراً إيجابيًا، وأن أُلهم أحدًا، وأن أزرع قيماً تبقى بعدي.. فهذا هو النجاح الحقيقي. لو عدتِ بالزمن إلى لميس بعمر 18 عاماً.. ماذا ستقولين لها؟ لو أتيح لي ذلك، سأقول لها: لا تخافي، ولا تترددي في أن تكوني مختلفة، وثقي تمامًا بالرحلة؛ فكل محطة ستقودك إلى ما هو أجمل. وكوني أكثر مرونة، وتقبّلي التغيّرات، واسمحي لنفسك بأن تتأقلمي، فالقوة ليست دائمًا في الثبات، بل أحيانًا تكمن في القدرة على التكيّف. هل يمكنكِ مشاركة لحظة شعرتِ خلالها بالفخر، أو التأثير الحقيقي لعملكِ في الآخرين؟ أكثر اللحظات التي أثرت فيَّ، كانت بعد جلسة تحدثتُ خلالها مع مجموعة من طلاب المدارس عن «Palmade». بعد اللقاء، تقدّمت فتاة صغيرة، وسألتني: «هل أقدر على فتح شركة مثل شركتك؟». في تلك اللحظة شعرت بأن جهدي له معنى؛ فحينما ترى حلمك يزرع بذرة جديدة في جيل قادم، يكون هذا هو الفخر الحقيقي. أناقة شخصية هل للأناقة دور في تعزيز حضور المرأة مهنياً، وكيف تحققين التوازن بين البساطة والرقي؟ نعم، فالأناقة لغة صامتة، تعبر عن الثقة والاحترام، وتعزز الحضور؛ فيجب على الإنسان أن يبقى صادقًا مع قيمه؛ لأن ذلك ينعكس في كل شيء: طريقة لبسه، وسلوكه، وتفاعله مع من حوله. وهذه الجوانب كلها مرتبطة ببعضها، وتشكل الصورة الكاملة لحضور أي شخص. لقد كنت محظوظة بأنني تربّيت على يد قدوة في غاية الأناقة (والدتي)، وتعلّمت منها كيف أُعبّر عن احترامي لنفسي وللآخرين، من خلال حضوري، وأسلوب تعاملي. كما أختار، أيضًا، ملابسي بعناية ووعي؛ لتكون مسؤولة من حيث المصدر، والتأثير. كذلك، أشعر بأن كل عملية شراء أقوم بها، يمكن أن تُحدث أثرًا اجتماعيًا إيجابيًا، وهذا جزء من قناعتي بأن التفاصيل الصغيرة في اختياراتنا اليومية، يمكن أن تكون وسيلة للتغيير. سوار Smile من الذهب الأصفر على حبل أزرق، مرصع بالألماس، وسوار Smile من الذهب الأصفر على حبل أزرق.. من مجموعة Tiffany T عباية من Manaal Al Hammadi ما قطعة المجوهرات التي لا تستغنين عنها أبداً، وهل لها قصة خاصة، أو رمزية معينة؟ لا أستغني أبدًا عن الأقراط، ولا أعلم تمامًا لماذا، لكن هناك شيء فيها يجعلني أشعر بالكمال؛ فمن دون القرط، أشعر بأن شيئًا ما ينقصني، فأستطيع الاستغناء عن العقد أو السوار، لكن ليس عن القرط؛ ربما لأنه أول ما يُرى عند التقاء النظرات، أو لأنه يضيف لمسة من الحيوية والتميّز إلى الإطلالة مهما كانت بسيطة. أعتقد أن الأقراط تعكس الكثير من الشخصية: الهدوء، والجرأة، والذوق، وحتى الحالة المزاجية. منذ زواجي، لم يغادر خاتم زفافي يدي، ليس فقط لأنه رمز لعلاقتي بزوجي، بل لأنه رافقني في كل لحظات هذه الرحلة: النجاح، والتحديات، وبناء حلمنا المشترك. بشكل عام، تعد المجوهرات هدية ثمينة نحظى بها كنساء؛ فهي ليست مجرد زينة، بل أدوات تحمل طاقات، ومشاعر، وقصصًا تمتد عبر الأجيال؛ فكم نحن محظوظات بقدرتنا على تبادلها، وتمريرها من يد إلى أخرى، ومن قلب إلى آخر. على سبيل المثال، أهدتني والدتي سوارًا خاصًا، أرتديه في اللحظات التي أشعر، خلالها، بأنني بحاجة إلى دعمها وطاقتها، كاجتماع مهم، أو موقف صعب. هذا السوار يجعلني أشعر بقربها مني، كأن رسالتها وحنانها يحضران معي، دون أن تتكلم؛ لهذا أرى أن المجوهرات ليست مجرد قطع تُرتدى، بل وسائط تحمل الطاقة، وتحفظ الذكريات، وتصلنا بمن نحب في كل لحظة نحتاج خلالها إلى معنى أعمق، أو دفء مألوف. هل هناك امرأة أثّرت فيك، ودفعتك إلى ما أنتِ عليه اليوم؟ نعم، أمي، فهي - بلا شك - صاحبة الأثر الأكبر في حياتي؛ فكل ما هو جميل في شخصيتي امتداد لها، وكل ما أنجزته - بطريقة أو بأخرى - تكريم لها. فقد كانت النموذج الأول للثبات، والبصيرة، ورؤية الجمال في كل ما هو بسيط وطبيعي. كما أنها ربّتني على احترام ما حولي، والتقدير العميق للأشياء، وأن الريادة لا تبدأ من المكتب، بل من قلب البيت، والطريقة التي نُربي بها أبناءنا، ونتعامل بها مع من حولنا. عقد بقلادة دائرية، وسوار، وخاتم من الذهب الأبيض، ومرصع بالألماس.. من مجموعة Tiffany T. ساعة بتصميم على شكل وسادة، من الذهب الأبيض، ومرصعة بالألماس مقاس 28 مم.. من مجموعة Tiffany Eternity عباية من Manaal Al Hammadi ما الحلم الشخصي، الذي لا يزال ينتظرك، ولم يتحقق بَعْدُ؟ أحلم بأن تتطوّر «Palmade»؛ لتصبح أكثر من مجرد منتج؛ فهي ليست فقط أدوات مائدة قابلة للتحلل، بل رؤية أوسع لكيفية إعادة تخيّل الموارد الطبيعية من حولنا، وتحديدًا أوراق النخيل، التي نغفل قيمتها كثيراً. وأتمنى أن تتحوّل «Palmade» إلى مركز للإبداع والابتكار، ومصدر إلهام لكيفية تحويل الطبيعة إلى حلول مدروسة، ومركز يلتقي فيه العلم بالخيال، والمعرفة بالتصميم، ويتيح للأطفال والشباب استكشاف الموارد المحلية، وتجربتها، وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة فعلية، ليس فقط بهدف تقليل الأثر البيئي، بل من أجل بناء صناعات جديدة، قائمة على الاستدامة، والإبداع، والمسؤولية. وفي نهاية المطاف، أرجو أن يكون هذا هو الإرث، الذي أتركه لأطفالي، كقصة حيّة لفكرة وُلدت من قلب الطبيعة، ونَمَت بالعزيمة، وأصبحت مشروعًا يحمل قيمة، وفخراً، وأملًا في مستقبل أفضل!


الاتحاد
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- الاتحاد
المازمي يحيي التراث عبر أدب الطفل
خولة علي (أبوظبي) بينما ينشغل الأطفال بعالم الألعاب الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، يختار عيسى المازمي أن يكون صوتاً يعيد للحكايات رونقها، قارئاً شغوفاً وراوياً مبدعاً يحمل التراث بين كلماته، لم تكن القصص الشعبية بالنسبة له مجرد حكايات تروى، بل إرث يستحق أن يحفظ ويعاد تقديمه بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ليبقى الماضي حياً في ذاكرة الصغار والكبار على حد سواء، وقد جعل المازمي من الحكاية الشعبية رسالته، ومن المسرح منبراً لإحياء الموروث، واضعاً بصمته في أدب الطفل والسرد التراثي. نافذة على التراث يؤمن الطفل عيسى المازمي بأن القراءة والكتابة ليستا مجرد أدوات للتعلم، بل هما وسيلة لحفظ الثقافة والهوية، فالقصص الشعبية ليست مجرد سرد ممتع فحسب، بل هي كنوز تحمل في طياتها حكمة الأجداد وتجاربهم، حيث يقول «لطالما كانت الحكايات مرآة للمجتمع، تعكس عاداته وتقاليده، وتحمل القيم التي تشكل هويتنا، من خلال الكتابة، لذا أسعى إلى إبراز هذه القيم بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ويجعلهم يتواصلون مع تراثهم بطريقة عصرية». شغف الطفولة منذ طفولته، وجد عيسى نفسه مشدوداً إلى عالم الحكايات، إذ كانت جلسات السمر مع جده، المليئة بالقصص المشوقة، هي شرارة شغفه الأولى، لم يكن مجرد مستمع، بل كان يراقب طريقة السرد، يتأمل التفاصيل، ويعيش المغامرات في مخيلته، هذا الحب للقصص دفعه إلى القراءة المتعمقة في الأدب التراثي، ومن ثم إلى الكتابة، ليصبح أحد أبرز الأصوات الشابة في مجال أدب الطفل المستوحى من التراث. تحديات لكل مجال تحدياته، فمن العقبات التي واجهها عيسى كانت كيفية تقديم القصص التراثية بطريقة تجذب الأطفال والشباب الذين اعتادوا على الترفيه الرقمي السريع، قائلاً: «التحدي الحقيقي يكمن في خلق توازن بين الأصالة والإبداع، فلا بد أن نحافظ على روح القصة التراثية، لكن بأسلوب يناسب العصر، سواء من خلال اللغة أو طريقة العرض». خشبة المسرح لم تتوقف مسيرة عيسى عند الكتابة فقط، بل امتدت إلى المسرح، حيث قام بتمثيل العديد من القصص الشعبية، مثل خطاف رفاي والبديحة، ليحمل رسائل الموروث الشعبي إلى الأطفال بطريقة تفاعلية، موضحاً: «خطاف رفاي» ليست مجرد قصة بالنسبة لي، بل تجربة شعرت من خلالها بمدى تأثير الحكاية حين تروى بأسلوب مشوق، لقد قدمتها أكثر من سبع مرات في مختلف أنحاء الدولة، وكان الإقبال الكبير عليها دليلاً على حب الناس لتراثهم. رؤية جديدة طموح المازمي لم يتوقف عند حدود الإنجازات، بل يسعى دوماً لتقديم الجديد في مجال الكتابة التراثية، ويعمل حالياً على قصة جديدة مستوحاة من التراث الإماراتي، حيث يسعى من خلالها إلى تقديم الشخصيات والأساطير المحلية بأسلوب عصري يجذب الأطفال، كما يطمح إلى دمج عناصر تفاعلية في القصص، مثل الرسوم التوضيحية والرموز الرقمية، لجعل القراءة تجربة أكثر حيوية تتناسب مع الجيل الرقمي. مسيرة ملهمة لمع اسم عيسى المازمي في العديد من المحافل الثقافية والإعلامية، فقد كان مذيعاً في إذاعة الشارقة، عضواً في شورى أطفال الشارقة في الدورة السابعة عشرة، عضواً في المدرسة الدولية للحكاية التابعة لمعهد الشارقة للتراث، حاصلاً على دبلوم البرلمان العربي للطفل، عضواً في فريق روائع التابع لوزارة التربية والتعليم، بطلاً من أبطال الحياد المناخي في مؤتمر (COP 28)، عضواً في فريق عباقرة التطوعي، وحاصلاً على لقب سفير تحدي القراءة العربي لعامين متتاليين، إلى جانب كونه كاتباً وحكواتياً في أدب الطفل، ضمن مسيرة ملهمة يحتذى بها.