اليرموك يستعيد بعضاً من حياته.. "مقروطة" وذكريات ضائعة
في لوبيا، أحد شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق، يُطالب الفلسطيني عمر أكرم الحسين (أبو أكرم) الذي لايتجاوز راتبه التقاعدي الـ28 دولاراً، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن تقرضه بعض المال في محاولة لإعادة ترميم بيته، وأن لا تقتصر تلك المساعدات على القاطنين في المخيم فقط.. وفي حديثه لـ"المدن"، يذكر أنه هنا منذ عام 1970، ومنزله اليوم غير قابل للسكن، ويقول: "ما احتاجه تأهيل غرفة واحدة على الأقل".
دمار كبير
وبحسب المكتب الإغاثي الاهلي، فإنّ الحرب التي استمرت لـ14 عاماً، دمرت 20% من أحياءٍ اليرموك بشكل كامل، مثل أحياء 8 آذار، وجزء من حي المغاربة، وجزء من حي شارع المنصورة، وشارع الثلاثين، والأبنية التي تطلُّ على الشارع الرئيسي". وهناك 40% من الأحياء تدمرت بشكلٍ جزئي، وهي منتشرة على مساحة المخيم، أما باقي التدمير فنتج عن عمليات ما عُرف بـ"التعفيش" التي استمرت لمدة عامين تقريباً.
وتُشبه حكاية المتقاعد أبو أكرم، حكاية تيسير عيسى، الناشط الفلسطيني في مجال الإغاثة، فرغم ثنائه على برنامج "الأونروا" الإغاثي، والذي يشمل بحدود 60% من المباني المدمرة في المخيم، لكنه يعتبر أن الشرط الذي تضعه الوكالة بوجود صاحب القرض في منزله، لا يشجع الباقين خارج المخيم على العودة السريعة إلى منازلهم.
ويقول لـ"المدن": "على الجهات الرسمية السورية، والمؤسسات الأممية، أن تساهم في إعادة بناء مخيم اليرموك، حيث يعمل المجتمع المدني وحيداً في مساعدة الأهالي على العودة، فهناك عدّة مرافق عادت للعمل منها: مدرستان للأونروا، ومركز إداري، والمركز الصحي ومركز الإعانة، والحديقة الملحقة بتلك الأبنية". بدوره يؤكد المكتب الإغاثي الأهلي، أنه يعيش اليوم في المخيم، بين 3700 إلى 4000 عائلة، أي بحدود 15 ألف فلسطيني.
في آخر المخيم، يرافق نائل حمّيد (أبو ياسر)، القائم حالياً على ترتيب وتنظيم أمور المقابر، وأحد قادة المجتمع المحلي، مجموعة من العائدين الذين واروا للتو أحد أقربائهم الثرى. يقول: "لمقبرة الشهداء الجديدة الكثير من الرمزية، حيث تضم رموزاً من الراحلين في النضال الفلسطيني، ونحن اليوم نحاول إعادة تنظيمها، بعد أن قامت عناصر من داعش بتكسير معظم شواهد القبور".
المقروطة
وليس بعيداً عن المقبرة، وضع محمد عطية حلاوة (85 عاماً)، أربعة من البسكويت، وبعض علب الدخان، وبعض المشروبات الباردة على بسطة خشبية داخل ما تبقى من بناء مدمر، يبيع العائدين من أهل المخيم في محاولة جمع ما يسد رمقه.
وفيما كان غبار الخرسانة يغطي رأس أبو محمد موعد (49 عاماً)، وهو يحاول إصلاح ما بقي من محله في شارع لوبيا، كان يُحدثنا بالقول: "هذا الشارع كان المركز الاقتصادي للمخيم، وقد دُمر بالكامل. ومعظم هذه المباني تقريباً لا يمكن إنقاذها".
في أول شارع لوبيا، كان أنور يبيع "المقروطة" وهي حلوى فلسطينية شعبية، حيث يصر أن مخيم اليرموك هو جنة فلسطينيي دمشق ومركز ذكرياتهم الضائعة وسط الدمار.. وفي الطريق الذي يلتقي فيه مخيم اليرموك بمخيم فلسطين، أو ما بقي منه، كان بعض عمال البناء يحاولون إعادة ترميم بقايا قبة مسجد فلسطين، حيث يقول المخرج السوري علي العقباني لـ"المدن": "إذا أردنا أن نصوّر فيلماً عن غزة، فلن نحتاج أن نذهب إلى خان يونس، فكلّ المشاهد التي سنحتاجها للتصوير هي هنا، وربما أكثر بشاعة".
يّذكر أن مخيم اليرموك كان شُيّد على أرض تبعد 8 كيلومتر فقط عن وسط دمشق، وأصبح في نهاية الأمر أحد أهم أحياء العاصمة السورية، ومركزاً تجارياً وجاذباً للاستثمارات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 9 ساعات
- المدن
اليرموك يستعيد بعضاً من حياته.. "مقروطة" وذكريات ضائعة
في لوبيا، أحد شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق، يُطالب الفلسطيني عمر أكرم الحسين (أبو أكرم) الذي لايتجاوز راتبه التقاعدي الـ28 دولاراً، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن تقرضه بعض المال في محاولة لإعادة ترميم بيته، وأن لا تقتصر تلك المساعدات على القاطنين في المخيم فقط.. وفي حديثه لـ"المدن"، يذكر أنه هنا منذ عام 1970، ومنزله اليوم غير قابل للسكن، ويقول: "ما احتاجه تأهيل غرفة واحدة على الأقل". دمار كبير وبحسب المكتب الإغاثي الاهلي، فإنّ الحرب التي استمرت لـ14 عاماً، دمرت 20% من أحياءٍ اليرموك بشكل كامل، مثل أحياء 8 آذار، وجزء من حي المغاربة، وجزء من حي شارع المنصورة، وشارع الثلاثين، والأبنية التي تطلُّ على الشارع الرئيسي". وهناك 40% من الأحياء تدمرت بشكلٍ جزئي، وهي منتشرة على مساحة المخيم، أما باقي التدمير فنتج عن عمليات ما عُرف بـ"التعفيش" التي استمرت لمدة عامين تقريباً. وتُشبه حكاية المتقاعد أبو أكرم، حكاية تيسير عيسى، الناشط الفلسطيني في مجال الإغاثة، فرغم ثنائه على برنامج "الأونروا" الإغاثي، والذي يشمل بحدود 60% من المباني المدمرة في المخيم، لكنه يعتبر أن الشرط الذي تضعه الوكالة بوجود صاحب القرض في منزله، لا يشجع الباقين خارج المخيم على العودة السريعة إلى منازلهم. ويقول لـ"المدن": "على الجهات الرسمية السورية، والمؤسسات الأممية، أن تساهم في إعادة بناء مخيم اليرموك، حيث يعمل المجتمع المدني وحيداً في مساعدة الأهالي على العودة، فهناك عدّة مرافق عادت للعمل منها: مدرستان للأونروا، ومركز إداري، والمركز الصحي ومركز الإعانة، والحديقة الملحقة بتلك الأبنية". بدوره يؤكد المكتب الإغاثي الأهلي، أنه يعيش اليوم في المخيم، بين 3700 إلى 4000 عائلة، أي بحدود 15 ألف فلسطيني. في آخر المخيم، يرافق نائل حمّيد (أبو ياسر)، القائم حالياً على ترتيب وتنظيم أمور المقابر، وأحد قادة المجتمع المحلي، مجموعة من العائدين الذين واروا للتو أحد أقربائهم الثرى. يقول: "لمقبرة الشهداء الجديدة الكثير من الرمزية، حيث تضم رموزاً من الراحلين في النضال الفلسطيني، ونحن اليوم نحاول إعادة تنظيمها، بعد أن قامت عناصر من داعش بتكسير معظم شواهد القبور". المقروطة وليس بعيداً عن المقبرة، وضع محمد عطية حلاوة (85 عاماً)، أربعة من البسكويت، وبعض علب الدخان، وبعض المشروبات الباردة على بسطة خشبية داخل ما تبقى من بناء مدمر، يبيع العائدين من أهل المخيم في محاولة جمع ما يسد رمقه. وفيما كان غبار الخرسانة يغطي رأس أبو محمد موعد (49 عاماً)، وهو يحاول إصلاح ما بقي من محله في شارع لوبيا، كان يُحدثنا بالقول: "هذا الشارع كان المركز الاقتصادي للمخيم، وقد دُمر بالكامل. ومعظم هذه المباني تقريباً لا يمكن إنقاذها". في أول شارع لوبيا، كان أنور يبيع "المقروطة" وهي حلوى فلسطينية شعبية، حيث يصر أن مخيم اليرموك هو جنة فلسطينيي دمشق ومركز ذكرياتهم الضائعة وسط الدمار.. وفي الطريق الذي يلتقي فيه مخيم اليرموك بمخيم فلسطين، أو ما بقي منه، كان بعض عمال البناء يحاولون إعادة ترميم بقايا قبة مسجد فلسطين، حيث يقول المخرج السوري علي العقباني لـ"المدن": "إذا أردنا أن نصوّر فيلماً عن غزة، فلن نحتاج أن نذهب إلى خان يونس، فكلّ المشاهد التي سنحتاجها للتصوير هي هنا، وربما أكثر بشاعة". يّذكر أن مخيم اليرموك كان شُيّد على أرض تبعد 8 كيلومتر فقط عن وسط دمشق، وأصبح في نهاية الأمر أحد أهم أحياء العاصمة السورية، ومركزاً تجارياً وجاذباً للاستثمارات.


الميادين
منذ 13 ساعات
- الميادين
غوتيريش: المساعدات المصرح بها لغزة "ضئيلة للغاية"
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تصريح، اليوم الجمعة، إن "على إسرائيل بصفتها قوة احتلال أن توافق على السماح بدخول وتسهيل المساعدات اللازمة إلى قطاع غزة". وتابع غوتيريش أن 80% من مساحة قطاع غزة صنفتها "إسرائيل" إما منطقة عسكرية أو منطقة خاضعة لأمر بإخلائها. ولفت الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن المساعدات المصرح بها لغزة حتى الآن "ضئيلة للغاية" بينما هناك حاجة إلى تدفق كبير للإمدادات. اليوم 09:57 22 أيار وأكد غوتيريش أن الأمم المتحدة لن تشارك في أي خطة لا تحترم القانون الدولي والمبادئ الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد. وفي السياق، اعتبرت وكالة "الأونروا"، في تصريح صحفي، اليوم الجمعة، أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة "لا تكفي"، وأنها "أشبه بإبرة في كومة قش". وشددت الوكالة على أن التدفّق المنتظم والفعّال والمستمرّ للمساعدات هو السبيل الوحيد لمنع تفاقم الكارثة الحالية، مشيرةً إلى أن الحد الأدنى المطلوب هو 500 إلى 600 شاحنة يومياً، تُدار من خلال الأمم المتحدة، بما في ذلك "الأونروا". ورأت "الأونروا" أنه "لا ينبغي لأحد أن يتفاجأ من مشاهد المساعدات الثمينة وقد تُنهَب أو تُسرق"، لافتةً إلى أن سكان غزة تعرّضوا للتجويع والحرمان من أبسط الأساسيات، بما في ذلك المياه والأدوية، لأكثر من 11 أسبوعاً. وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد اتهمت "إسرائيل"، قبل يومين، باستخدام إمدادات المساعدات، التي أكدت المنظمة أنّها "غير كافية بشكل مثير للسخرية"، للادعاء برفع الحصار عن قطاع غزة، واصفةً كمية المساعدات التي سمحت "إسرائيل" بدخولها إلى قطاع غزة بـ"ستار دخاني للتظاهر بأن الحصار قد انتهى".


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
إسرائيل هندستها.. خطة أميركية بديلة لإغاثة غزة تواجه رفضًا أمميًا واسعًا
تستعد مؤسسة 'إغاثة غزة' المدعومة من الولايات المتحدة لبدء عملياتها في القطاع الفلسطيني بحلول نهاية أيار الجاري، وسط اعتراضات حادة من الأمم المتحدة التي اعتبرت أن النموذج الجديد لتوزيع المساعدات يفتقر إلى النزاهة والحياد، مؤكدة أنها لن تشارك في تنفيذه. المؤسسة، التي أنشئت في جنيف في شباط الماضي، تخطط لإدارة سلسلة من مواقع التوزيع 'الآمنة' في أنحاء مختلفة من القطاع، بدعم لوجستي وأمني من شركتين أميركيتين خاصتين. وقد حصلت بالفعل على تعهدات تمويل تتجاوز 100 مليون دولار، لكن من دون الكشف عن مصدر هذه الأموال. وبينما تقول المؤسسة إنها تسعى لحل عملي لا يتعارض مع المبادئ الإنسانية، وتؤكد رفضها لأي مشاركة في التهجير القسري، إلا أن الأمم المتحدة ترى أن الخطة تفرض قيودًا سياسية وعسكرية على المساعدات وتُستخدم كورقة مساومة في الصراع، وفق ما صرّح به توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية. وفيما تعهدت إسرائيل بالسماح للمؤسسة بالعمل دون تدخل مباشر منها، يبرز دورها غير المباشر في هندسة هذه الخطة، بعد منعها دخول المساعدات إلى غزة منذ أوائل مارس، ورفضها التعاون مع الأونروا التي تشكل العمود الفقري للعمل الإغاثي هناك. وكانت إسرائيل قد اتهمت الوكالة بالتحريض والإرهاب، وهي اتهامات تنفيها الأونروا وتخضع للتحقيق الأممي. ورغم أن المؤسسة تؤكد عدم تسليمها أي بيانات شخصية لإسرائيل، إلا أن الأمم المتحدة ترى أن الآلية القائمة حاليًا – التي تشمل الفحص الإسرائيلي والتوزيع الأممي – أثبتت فعاليتها، ولا حاجة لإعادة اختراع العجلة، على حد تعبير المتحدث باسمها. في غضون ذلك، تتزايد المخاوف من المجاعة، إذ حذّر مرصد الأمن الغذائي العالمي الأسبوع الماضي من أن نحو نصف مليون فلسطيني يواجهون خطر المجاعة، أي ربع سكان القطاع. وبينما تتواصل الضغوط الدولية على إسرائيل لفتح معابر جديدة وتسهيل دخول الإغاثة، يبدو أن المؤسسة الأميركية الناشئة تسعى لملء فراغ سياسي وإنساني لا يزال مثار جدل عميق.