logo
معادلةدبلوماسية الفن

معادلةدبلوماسية الفن

الرياضمنذ 5 ساعات

هل يمكن للفنون أن تكون عملة مصرفية؟ هل للكلمة المكتوبة قوة تُنافس قوة الاقتصاد؟ في المملكة، الإجابة تتجاوز المجرد، لترسم ملامح اقتصاد جديد، لا يُقاس بالبترول وحده، بل بثرائه الفكري والإبداعي، هذه المملكة، التي لطالما كانت أرضاً للكنوز الدفينة، تُشرع أبوابها اليوم على عوالم من الجمال والمعرفة، لتُثبت أن النهضة الحقيقية تنبع من العقول والنفوس قبل الثروات.
أصبحت الثقافة شرياناً حيوياً يضخ دماء جديدة في شرايين الاقتصاد الوطني ضمن رؤية 2030 الطموحة، حيث تتحول الفنون والمعرفة والآداب إلى قوى دافعة تُعيد تعريف مكانة المملكة على خريطة العالم، لا بقوتها المادية فحسب، بل بـقوتها الناعمة التي تُلامس القلوب وتُشيد الجسور.
على خشبات المسارح وداخل دور السينما، وفي معارض الفن ومهرجانات الموسيقى، يُصنع اليوم اقتصاد آخر؛ اقتصاد يتدفق إبداعاً، ويُقدم فرصاً، ويُعيد نبض الحياة لقطاعات كانت نائمة، فمهرجان البحر الأحمر السينمائي ومواسم الرياض وجدة الثقافية ليست مجرد تجمعات ترفيهية؛ إنها محركات اقتصادية ضخمة تُشعل فتيل النمو، وتُنشط قطاعات السياحة والضيافة والتجزئة، وتُعد هذه الصناعات الإبداعية مغناطيساً جاذباً للاستثمارات، ومولّداً لآلاف الوظائف التي تُعلي من شأن الموهبة، من الإنتاج والإخراج إلى التسويق والإدارة الفنية. الجمال والفكر، ها هما يُثبتان أنهما يمكن أن يكونا مصدراً مستداماً للثراء.
إنها لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة. ففي كل لوحة تُعرض، وفي كل نوتة موسيقية تُعزف، وفي كل فيلم يُنتج، تُرسل المملكة رسالة دبلوماسية أعمق من أي خطاب سياسي، إنها دبلوماسية الفن التي تُلامس شغاف قلوب وعقول الشعوب، وتبني جسوراً من التفاهم والتقدير المتبادل، وتُعزز مكانة المملكة على الساحة الدولية كلاعب مؤثر في نشر السلام والإخاء الإنساني. إنها قوة تُحاور الروح قبل أن تُخاطب العقل.
لم تعد المعرفة حبيسة رفوف المكتبات، بل أصبحت تتدفق عبر الأثير، تلامس الأيادي والأجهزة الذكية، لتُعيد صياغة المشهد الثقافي، ففي هذا العصر الرقمي، تتجدد حكاية الكتاب، ليصبح مصدراً لاينضب للتأليف والإبداع والترجمة، حيث تشهد المملكة طفرة في التأليف والترجمة، مدعومة بمبادرات تشجع الكتّاب السعوديين وتُسهم في نشر أعمالهم محلياً وعالمياً، وتُركز على ترجمة الأعمال العالمية المرموقة إلى العربية، والعكس، بهدف إثراء المحتوى المعرفي وفتح نوافذ جديدة على الفكر العالمي.
هذا الاهتمام بالكتاب، سواء ورقياً أو إلكترونياً، يُسهم في تعزيز مكانة المملكة كـواحة للآداب والثقافة والفنون، ويُقدم رؤية جديدة للعالم للمملكة، لا تُقاس بثرواتها النفطية، بل بثرائها الفكري والإبداعي. لم تعد المملكة تُعرف بآبار نفطها فحسب، بل أصبحت تُعرف بعقول أبنائها المبدعة التي تُنير دروب المعرفة.
لا تزال هذه الرحلة الثقافية في بداياتها، وهناك تحديات تتطلب عملاً دؤوباً، من بناء مسارح تليق بالرؤية، إلى صقل مواهب جديدة في كافة مجالات الفنون والمعرفة، وتوفير بيئة حاضنة لكل أشكال الإبداع، إنها رحلة تتطلب مزيجاً من الأصالة الثقافية السعودية والحداثة العالمية، لتقدم للعالم ثقافة متجذرة ومتجددة، قادرة على التأثير والإبهار،هذه ليست عقبات، بل هي محطات على طريق التميز، تُشعل إرادة البناء والتطوير.
وهكذا، تُنسج خيوط اقتصاد جديد، لا يقتصر على الأرقام والمؤشرات، بل يتسع ليحتوي على الجمال والروح والمعرفة، لأن بناء اقتصاد الثقافة والمعرفة في السعودية يعد استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز جودة الحياة، وتنمية رأس المال البشري، وبناء مجتمع حيوي، ففي كل معرض فني يُقام، وفي كل كتاب يُنشر، وفي كل لحن يُعزف، تُرسل السعودية رسالة واضحة للعالم، أن المستقبل يُبنى بالعقول، وتُزهر فيه النفوس، وتُقدم فيه الثقافة والمعرفة قصة نجاح لا تُحصى، قصة تتجاوز حدود الجغرافيا لتلامس أفق الإنسانية جمعاء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذكاء الاصطناعي و«الدراماتوج» القادم
الذكاء الاصطناعي و«الدراماتوج» القادم

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

الذكاء الاصطناعي و«الدراماتوج» القادم

يشهد المسرح، كأحد أقدم أشكال التعبير الإنساني، تحولات غير مسبوقة مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى ساحته. فقد أصبح من الممكن اليوم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس فقط في دعم الإنتاج المسرحي تقنياً، بل أيضاً في صياغة النصوص، وتحليل أداء الممثلين، بل حتى في أداء الأدوار ذاتها عبر روبوتات أو تمثيل افتراضي أو صناعة مشهديات جمالية وتصميم صورها وأشكالها ومؤثرها الصوتي والضوئي إن أحد أخطر هذه التأثيرات يتمثل في قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد نصوص مسرحية بأساليب أدبية متنوعة، تحاكي أنماط كتّاب كبار أو تبتكر أنماطاً جديدة كلياً، ما يفتح آفاقاً إبداعية غير مألوفة. وهو ما يهدد مهنة الكاتب بالزوال قريباً وحلول الدراماتوج الاصطناعي كبديل للمساحة القادمة من النصوص المسرحية الذكية التي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل طرق وأساليب الكتابة والكاتب وما تم تخزينه في هذه البرمجيات من حالات كتابيه تتبع الحالة المطلوبة في الفكرة وطرق التنفيذ الكتابة والحوارات عبر تقنيات التعرف على الفعل المسرحي مما يسمح بتعديل النصوص لتناسب ذوق المتلقي وتكوينه ومكان العرض وفعل العرض ومدرسة الكتابة وأنماطها. وكما ساهم الذكاء الاصطناعي في الجانب التقني وفي إعداد ملفات العرض وفي تصميم الإخراج، وتحسين إدارة الإضاءة، وعمل الصوت المناسب لعمق اللحظة، والمؤثرات البصرية، وكل ذلك أتاح إمكانات جمالية لم تكن ممكنة من قبل، ونتج عن ذلك مسارح تجريبية يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي كممثل رقمي يتفاعل مع الممثلين البشر وصور عرض مذهلة في تكوينها، ونصوص تطرح تساؤلات فلسفية حول طبيعة الكتابة الذهنية والهوية الفنية. إن وصول هذا الذكاء الاصطناعي للكاتب ولفكره وإبداعه جعل الأمور تبدو في غاية الارباك لن يعود هناك كاتب، سيختفي إبداعه وسيكون البديل حالة صناعية يتم فيها توليد النصوص ومحاكاة ما سبق كتابته كونيّاً لتقديم موضوعات محدثة بلغات ولهجات مبرمجة مسبقاً وخلق فرص أن يصبح الأمر متداخلاً جدّاً بين الكائن والممكن، بين المبدع الحقيقي والمبدع الصناعي ورغم هذه الفرص التي قد تتوفر لكتابة سريعة لنصوص عابرة تنسب لغير الذكاء وتسحل بأسماء كتاب مزورين فإن ما يثير فعلاً مخاوف المشتغلين بالمسرح ما يتعلق بفقدان الحس الإنساني في كتابة النص المسرحي وتحول المبدع إلى مُشغّل تقني ودراماتوج يلاحق نصّاً ليس له ما قد يُضعف الروح في النص الذي وأن كان توليده حاليّاً أقل جودة وتمكناً من المنتج الحقيقي، إلا أننا يجب أن نتوقع القادم الملتهم لكل صور الإبداع الإنساني وتحوله لحالة من الصناعة يصبح معها المبدع مجرد دراماتوج ينظم ويرتب ويجمع ويفرق ويعيد ترتيب وتكوين وتجهيز النص بشكل يجعله هو نفسه ترس آلي في مكنة هذا الذكاء. لقطة الختام: قد يشكل الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تعزز الإبداع المسرحي في مختلف مجالاته، لكنه يتطلب وعياً نقديّاً لضمان بقائه خادماً للمبدع وإبداعه لا بديلاً عنه. أخبار ذات صلة

استعدادًا للمواجهة التاريخية في سبتمبر..نجما الملاكمة كانيلو وكروفورد يصلان العاصمة الرياض
استعدادًا للمواجهة التاريخية في سبتمبر..نجما الملاكمة كانيلو وكروفورد يصلان العاصمة الرياض

الرياض

timeمنذ 4 ساعات

  • الرياض

استعدادًا للمواجهة التاريخية في سبتمبر..نجما الملاكمة كانيلو وكروفورد يصلان العاصمة الرياض

وصل إلى العاصمة السعودية الرياض مساء أمس (الخميس) بطل العالم المكسيكي ساول 'كانيلو' ألفاريز والنجم الأمريكي تيرينس كروفورد، وذلك استعدادًا للمشاركة في المؤتمر الصحفي الأول ضمن الجولة الإعلامية العالمية لـ'نزال القرن'، والذي يُقام مساء غدٍ (الجمعة) على مسرح بكر الشدي في منطقة بوليفارد سيتي، بتنظيم من موسم الرياض. حيث ستشهد الرياض تدشين الجولة بمؤتمر صحفي هو الأول ضمن سلسلة من الفعاليات الترويجية التي ستنقل أجواء المواجهة المنتظرة إلى جماهير الملاكمة حول العالم، حيث يلتقي البطل العالمي 'كانيلو' ألفاريز، صاحب سجلٍ حافل بـ62 انتصارًا (منها 39 بالضربة القاضية)، مع خصمه الأمريكي تيرينس كروفورد، الذي يخوض النزال بسجل مثالي بلغ 41 فوزًا دون أي خسارة، منها 31 بالضربة القاضية. ويُعد هذا المؤتمر أول محطة في الجولة الإعلامية التي ستنتقل من الرياض إلى نيويورك للمشاركة في فعالية Fanatics Fest يوم الأحد المقبل، على أن تختتم في مدينة لاس فيغاس يوم الجمعة القادمة، في إطار حملة ترويجية عالمية تسبق أحد أكبر النزالات في تاريخ الملاكمة الحديثة.

إلى وطن خارطته القلب
إلى وطن خارطته القلب

الرياض

timeمنذ 5 ساعات

  • الرياض

إلى وطن خارطته القلب

أنا تلك البدوية التي تعشق سكنى الصحراء كجِمالها.. وإن انتعلت الكعب العالي ستبقى قدماي معفرة برملها، وبوصلتي سرابها، أنا التي تجذرت في نجد جذورُ روحي وأينعت أغصانها.. أنا الشيح والصبار والورد الطائفي والسدر، أنا الطين ورائحة التراب بعد المطر الزائر النادر، في ذاكرتي الشعرية.. أنا التي هجرت قصورا منيفة والشفيف والحرير والقطط الأليفة واستبدلتها بوفيّ بينبح الطراق دوني ونار حاتم الطائيّ يستدل بها الغريب والضّال في الصحراء على جمرة دفء وقبس نور وبيت من الشَّعر تراوده الريح عن أسرارها ورحلتها المجنونة التي لا تهدأ. أنا الريح والشيح والصحراء وليلها الفضي الذي علّقت عليه نجوما هي دليلي إلى مفازتها فإذا ما اكفهرّ الليل احترقت النجوم ونثرت رمادها لتضيء قلبي ودربي. أنا سميّة ميسون بنت بحدل.. جواز سفري موسوم بالأخضر على رقعة القلب ، مكتوب بدمي، وهويتي رقعة من أرض نجد أحمل معي بعض رملها الذي يرطبه دمع الشوق والحنين وأتعطر برائحته بعد المطر وما أجملها تستيقظ حواسي بعدها وأزهو كالجاكرندا شجرة الربيع. الشمال قصيدتي.. وبين أجا وسلمى دروب عشق وذكريات تنبض في عروقي. في شرق البلاد بحر وحبر وجسر محبة.. نخيل الأحساء والقطيف أول مناطق الخليج المأهولة بالسكان ، وأرامكو الإشعاع الثقافي وقصة الذهب الأسود، ثم الحجاز وصوت المآذن وخطا القادمين من كل مكان ومدينة الرسول طيبة الطيبة يا لمهابتها وشوق زوارها إلى مثوى النبي عليه السلام وصحابته، بقعة كرمها الله بسيرته وطيبة اهلها. وعسير وما أدراك ما هي.. تعانق الغيم وتصافح رقة أهلها وكرمهم ، ثم نجران وفرسان لؤلؤتي الجنوب جبال وسواحل وبحر لازوردي ثم عاصمة القلب وقلب نجد.. الرياض (بأبعادها.. بانسكاب الصحاري على قدميها وما تنقش الريح في وجنتيها.. وطعم الغبار على شفتيها) وكل شبر على هذه الأرض هو قصيدة ولحن حياة وذكرى وذاكرة نقشت وشمها على جسدي وروحي وشكلت خارطة وطن عذب احملها أينما ذهبت وأتغنى به. كبرت مع أحلامه ثم أنا شاهدة عليها حين صارت واقعا، عشت أمنيات النساء، وكنت أخت الرجال الذين عملت برفقتهم أو التقيت بهم في مشوار الحياة و أنا جزء من منظومة الإعلام التي شعرت انني فيها كما المنطاد الذي يعلو في السماء فأرى واقع الحياة وأعيشها. الرحلة عذبة وزادها عذوبة عملي في الاعلام الثقافي الذي فتح لي آفاقا أرحب ومنحني جناحين بمساحة الكون الذي طفت فيه أحمل رسالة هذه الديار ووصايا ولاة أمرها الذين عرفت فيهم الحكمة والثقافة وعشق التاريخ والخوف على مصالح الأمة. الوطن أم.. وعائلة وهنا وطن كريم للتوّ زف تباشير الفرح بنجاح موسم حجّ هذا العام. المنظر مهيب على شاشات التلفاز في كل العالم ، جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام بيسر وسهولة وأجواء روحانية أدّوا مناسك الحج، من لحظة وصولهم المطار الجوي والميناء البحري وكل الإمكانات مسخرة لراحتهم ونجاح فريضة حجهم، باقات الفل والورد والقهوة السعودية والتمر وابتسامات وجهود المتطوعين من الشعب السعودي وأولئك العاملين في القطاعات المختلفة الذين سخروا قدراتهم مع كل الامكانات التي وفرتها الدولة محبة وزهوا بشرف خدمة ضيوف بيت الله.. فلهذه الأرض الطيبة المحبة والعرفان والانتماء. ميسون أبوبكر

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store