
الاتحاد الأوروبى وتراجع الناتو الآسيوى
وبالفعل تجاوبت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى مع الاستراتيجية الأمريكية إزاء الصين، والتى تميزت بعسكرة الدبلوماسية الأمريكية فى التعامل مع الصين عن طريق تحالفات ذات طابع عسكرى، بحت أو شراكات استراتيجية مع اليابان وكوريا الجنوبيةً والهند، هدفها الأساسى هو احتواء صعود الصين كقوة كبرى فى منطقة آسيا- الباسفيكى وعلى مستوى العالم أيضا بما فى ذلك أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبيةً.
بوصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض فى يناير الماضى لبدء ولايته الثانية، شهدت الاستراتيجية الأمريكية إزاء منطقة آسيا- الباسفيكى تغيرا ملحوظا تمثل فى التراجع عن العمل فى إطار الناتو الآسيوى وكذلك خفوت الحديث عن تحالف أوكوس (الأحرف الأولى التى تشير الى استراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ) الذى تم الإعلان عن تشكيله فى سبتمبر من عام 2021.
وصاحب ذلك انتهاج سياسة دفاعية أمريكية تختلف عما انتهجته إدارة بايدن . ففى كلمته أمام الملتقى السنوى لمنتدى الأمن والدفاع فى سنغافورة فى مايو الماضى، أعلن وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجثيث أن الولايات المتحدة ستركز من الآن فصاعدا على منطقة آسيا- الباسفيكى ، ولذا فإنها ترحب باتخاذ الدول الأوروبية التدابير والإجراءات الكفيلة باضطلاعها بمسئولية الدفاع عن القارة الأوروبية .
تأكدت هذه السياسة بجملة من الاستفسارات قامت وزارة الدفاع الأمريكية بتوجيهها مؤخرا الى كل من اليابان وأستراليا عن حجم وطبيعة مشاركتهما فى حالة وقوع مواجهةً عسكرية بين الولايات المتحدة والصين. وهى استفسارات أثارت علامات استفهام كبرى لدى القوتين الآسيويتين، التى وبالرغم من تحالفهما الاستراتيجى مع الولايات المتحدةً، يتجنبان تماما اتباع سلوك معاد للصين, هذا من ناحية. اماً من ناحية أخرى فهما يتحوطان من احتمال حدوث تفاهم بين الولايات المتحدةً والصين من شأنه إبعاد شبح مثل هذه المواجهة .وجعلت الاتحاد الأوروبى هو الآخر يحرص على انتهاج سياسات مستقلة نسبيا فى منطقة آسيا - الباسفيكى عن الاستراتيجية الأمريكية. وهو المعنى الذى أكدته السيدة كايا كلاس المسئولة عن الأمن والدفاع والسياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبى الشهر الماضى ، موضحةً ان الاتحاد لديه مصالح مع القوى والدول فى هذه المنطقةً، وأن تلك المصالح لا تتفق بالضرورة مع المصالح الأمريكية بالمطلق، مؤكدةً على سبيل المثال أن للاتحاد الأوروبى سياسته الخاصة تجاه الصين. وخلال قمة الاتحاد الأوروبى - الصين - القمة الـ 25 - التى استضافتها العاصمة الصينية بكين فى 24 يوليو الماضى، أكد الاتحاد الأوروبى الأهمية التى توليها الدول الأعضاء بالاتحاد بعلاقاتها مع الصين، وانها تلتزم مجددا بترسيخ الشراكة الأوروبية - الصينية، والعمل مع الحكومة الصينيةً على حماية الدبلوماسية متعددة الأطراف. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد الى أن حجم التبادل التجارى بين الجانبين بلغ 730 مليار يورو فى عام 2024.
وفى إطار سعى الدول الأوروبية لإيجاد علاقات متوازنة مع القوى الآسيوية، انعقدت القمة الأوروبية - اليابانية فى طوكيو يوم 23 يوليو الماضى - وهى القمة رقم (30) - أكد الجانبان أن الشراكة الاستراتيجية بينهما تزداد قوة يوما بعد يوم، وأنهما عقدا العزم على العمل معاً لتنفيذ بنود الشراكة الأمنية والدفاعية الأوروبيةً - اليابانية فى مجال الأمن السيبرانى، ونزع السلاح ومواجهة التهديدات الهجين، وفى المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الإقليمى والدولى. والجدير بالذكر اتفاقهما على اطلاق حوار أوروبى - يابانى فى مجال الصناعات العسكرية. ومن الملاحظ أن كلاً من الاتحاد الاوروبى واليابان أبديا الحرص على عدم ذكر الصين بالاسم، واكتفيا بالتأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن فى بحر الصين الجنوبى وبحر اليابان، ومعارضتها لأى محاولات لتغيير الأمر الواقع بالنسبة لمستقبل تايوان، سواء بالقوة أو عن طريق «القسر».
عندما نجحت ادارة الرئيس بايدن فى فرض «الناتو - الآسيوى» على الحلف الأطلنطى ودول الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2022، اعتمدت فى ذلك على توظيف الحرب الأوكرانية وربطتها بمصير تايوان فى سعيها لإيجاد جبهةً أمريكيةً- أوروبية مشتركة فى مواجهةً كل من روسيا والصينً، لكن تبدلت الاستراتيجية الأمريكية فى ظل الادارة الحالية للرئيس ترامب، سواء تجاه روسيا او تجاه تايوان، وقد استخلصت الدول الأعضاء فى الاتحاد الدرس المستفاد فى هذا الصدد، مما انعكس إيجابيا على مناخ العلاقات الأوروبية - الصينية ، ودفعت دول الاتحاد الى انتهاج سياسات وتوجهات تجاه القوى ودول منطقة اسيا - الباسفيكى، لا تتطابق مع الاستراتيجية الأمريكية المتغيرة فى هذه المنطقةً التى أضحت المنطقة - المركز فى السياسة الدولية ولعقود قادمة، وسيظل شبح مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة والصين يخيم على السياسة الدولية والاتحاد الأوروبى يدرك مدى خطورة ذلك على مصالحه الأمنية والاقتصادية والتجارية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة ماسبيرو
منذ 29 دقائق
- بوابة ماسبيرو
الاتحاد الأوروبي يعقد اجتماعا طارئا قبل قمة "ترامب-بوتين" في ألاسكا
يعقد الاتحاد الأوروبي، اجتماعا طارئا لوزراء خارجيته اليوم الاثنين؛ للتأثير على المحادثات المقررة هذا الأسبوع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب الروسية الأوكرانية في ولاية (ألاسكا) الأمريكية، الجمعة المقبل.. حيث يخشى الاتحاد من التوصل إلى اتفاق يضر بمصالح (كييف). ويسعى الأوروبيون جاهدون للوقوف صفا واحدا خلف أوكرانيا. وعقب دعوتهم لإشراك (كييف) في قمة "ترامب-بوتين" هذا الأسبوع، تعقد دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا طارئا اليوم؛ للتأثير على المحادثات المقبلة بين الولايات المتحدة وروسيا. وصرح الرئيس الأمريكي، بأنه سيتم - خلال القمة الأمريكية الروسية - مناقشة اتفاق محتمل ينص على "تبادل إقليمي" لإنهاء الصراع الذي أودى بحياة عشرات، إن لم يكن مئات، الآلاف في كلا البلدين لأكثر من ثلاث سنوات. في الوقت الحالي، لم يتم التخطيط لحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على الرغم من أنه لا يزال هذا الأمر "ممكنا"، وفقا لسفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ماثيو ويتاكر، كما أوردت قناة فرانس 24 الإخبارية الفرنسية. وأصرت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في بيان لها على أن "الرئيس ترامب محق في قوله إن على روسيا إنهاء حربها ضد أوكرانيا.. الولايات المتحدة لديها القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية". لكنها قالت إن "أي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لأنها قضية أمنية لأوكرانيا ولأوروبا بأسرها". وأعلنت عن "اجتماع استثنائي" يوم الاثنين عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بحضور نظيرهم الأوكراني، أندريه سيبيجوا، "لمناقشة الخطوات التالية". وسيضاف هذا اللقاء إلى سلسلة اتصالات خلال عطلة نهاية الأسبوع، مع اجتماع يوم السبت في المملكة المتحدة بين مستشاري الأمن القومي الأوروبيين والأمريكيين، بحضور نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس، والعديد من المحادثات الهاتفية. وقد تحدث الرئيس الأوكراني نفسه خلال الأيام الثلاثة الماضية مع 13 زعيما أوروبيا، بالإضافة إلى رئيسي كازاخستان وأذربيجان، ثم إن (كييف) "تعمل بالطبع مع الولايات المتحدة، لا يمر يوم دون أن نتواصل بشأن سبل تحقيق سلام حقيقي. نتفهم أن روسيا تنوي خداع أمريكا"، كما حذر فولوديمير زيلينسكي في رسالته المسائية. ومن جانبه، تحدث فلاديمير بوتين مع تسعة رؤساء دول أو حكومات خلال ثلاثة أيام، بمن فيهم شي جينبينج، وناريندرا مودي، وإيناسيو لولا دا سيلفا. وبدأ دونالد ترامب، الذي وعد بحل النزاع الأوكراني في غضون 24 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض، تقاربا دراماتيكيا مع الرئيس الروسي؛ لكنه أبدى إحباطا متزايدا من تكثيف روسيا قصفها لأوكرانيا في الأشهر الأخيرة. وجاء الإعلان عن قمة ألاسكا يوم الجمعة، وهو نفس اليوم الذي انتهت فيه مهلة الإنذار التي وجهت للكرملين لإنهاء أسوأ نزاع مسلح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.


الأسبوع
منذ ساعة واحدة
- الأسبوع
عناصر (FBI) تنتشر في واشنطن بعد تعهد ترامب بإخلاء العاصمة من المشردين
أ ش أ بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي )إف بي آي ) في إرسال نحو 120 عنصرًا إلى واشنطن لمساعدة سلطات إنفاذ القانون المحلية في منع السرقات والجرائم العنيفة في العاصمة، تزامنًا مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستدعاء الحرس الوطني لضبط الأمن في واشنطن. وقال مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن هويته، لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إنه يتم اتخاذ قرار باستدعاء الحرس الوطني اليوم الإثنين، عندما يعقد ترامب مؤتمراً صحفياً في البيت الأبيض حول الجريمة في واشنطن. وأوضح مسؤول في البيت الأبيض أن حوالي 450 ضابطًا فيدراليًا سيتواجدون في المناطق ذات الازدحام المروري الشديد وفي البؤر الساخنة المعروفة في واشنطن التي تكثر فيها الجريمة. وأعلن ترامب أنه يعتزم نقل المشردين بعيدا عن واشنطن، بعد أيام من طرحه فكرة وضع العاصمة تحت سلطة الحكومة الفيدرالية بعدما قال إن معدل الجريمة فيها قد ارتفع. يذكر أن واشنطن تحتل المرتبة الـ15 ضمن قائمة أكبر المدن الأمريكية من ناحية عدد المشردين، وفقًا لإحصاءات أصدرتها الحكومة العام الماضي.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
نافذة - تراجع العقود الآجلة للذهب بأكثر من 1%
الاثنين 11 أغسطس 2025 08:50 صباحاً نافذة على العالم - تم النشر في: هبطت أسعار العقود الآجلة للذهب بعدما لامست مستوى قياسيًا الأسبوع الماضي، في ظل توقعات بقرب انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ما قلّص الطلب على المعدن الأصفر كملاذ آمن. وخلال تعاملات الإثنين، تراجعت أسعار العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم ديسمبر بنسبة 1.4% أو 49.30 دولار عند 3442.00 دولار للأوقية. وانخفض سعر التسليم الفوري للذهب بنسبة 0.6% أو 21.16 دولار عند 3376.59 دولار للأوقية، في تمام الساعة 08:36 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة. فيما تراجع مؤشر الدولار -الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية- بنسبة طفيفة بلغت 0.1% عند 98.07 نقطة. كما هبطت العقود الآجلة للفضة تسليم سبتمبر بنسبة 0.8% عند 38.24 دولار للأوقية، وفي حين انخفضت الأسعار الفورية للبلاتين 0.75% عند 1321.49 دولار، ارتفعت نظيرتها للبلاديوم بنسبة 0.2% عند 1130.63 دولار. وأعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أنه سيلتقي بنظيره الروسي "فلاديمير بوتين" الجمعة المقبلة في ألاسكا للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا، بحسب "رويترز".