logo
حسابات أوروبا في صراع طهران وتل أبيب

حسابات أوروبا في صراع طهران وتل أبيب

العربيةمنذ 3 ساعات

عادة ما تفتح الحروب والمواجهات العسكرية الأبواب أمام البحث والمتابعة والتنظير والتكهنات، بل حتى محاولة استشراف النتائج، وهو بلا شك أمر يدفع إلى الخوض في التفاصيل الدقيقة لمعرفة مواقف الدول من سياسات بعضها البعض، مع مراعاة التصريحات الرسمية والتلميحات التي تعكس واقع الحال لأي موقف دولي تجاه حرب مصيرية مثل تلك التي تدور رحاها هذه الأيام بين إسرائيل وإيران.
إن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، طرحت في الأوساط السياسية العالمية تساؤلات عديدة، وتختلف درجات أهميتها وفق عوامل القوة والضعف عسكريا وأمنيا واقتصاديا، إلى جانب المعطيات الجيوسياسية ومواقف الحلفاء والخصوم وغيرها، إلا أن هناك تساؤل مهم في هذه الحرب، التي يصعب بل يكاد يستحيل التكهن بمآلاتها، ويتمحور حول الحسابات الأوروبية المرتبطة بالعلاقة مع طهران وتل أبيب في آن واحد، وإلى أين ستتجه البوصلة الأوروبية بخصوص هذا الملف.
وقبل النظر بعمق والبحث طويلا ومليا في العلاقات الأوروبية مع الدولتين، فالاقتصاد والسياسة والأمن، عوامل تلعب دورا كبير في تأطير الارتباط بين تلك الدول ببعضها البعض، بالإضافة إلى تداخل الحسابات الجيوسياسية، ما يجعلها المعادلة معقدة إلى حد كبير.
ففي الإطار السياسي والتاريخي، أوروبا تميل لدعم إسرائيل، وهذا له ركائز، أبرزها نفوذ السياسة الأمريكية القوي وهيمنتها على القرارات الأوروبية، منذ الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، إضافة حجم التغلغل اليهودي الكبير في مراكز القرار الغربية، سواء في أمريكا أو أوروبا، مع الأخذ بالاعتبار أن دول القارة العجوز تعد إسرائيل حليفة ديموقراطية تعيش في حالة استقرار، حيث توسعت معها خلال العقود الماضية، في مجالات الدفاع والأمن والتكنولوجيا، في حين أنها تعد النظام الإيراني نظاما "ثيروقراطي" ولا تخجل من وصفه بـ"المتطرف".
أما في الناحية الاقتصادية، فلدى دول أوروبا وعلى وجه الخصوص، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قلق من أن يؤدي الصراع لإغلاق مضيف هرمز، وبالنظر للإحصائيات الواردة للقارة الأوروبية، فإن حوالي ثلاثين بالمائة من احتياجاتها النفطية والغازية، تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على الخليج العربي، وفي حال إغلاق المضيق، فإن ذلك سيؤدي لا محالة إلى ارتفاعات هائلة في أسعار الطاقة، ما سينعكس دون شك على استقرار السوق الأوربي، وهو ما يعد خطر محدق لتلك الدول، لذلك فهي تعيش رعب من أن تبلغ الأمور ذلك المضيق.
وفي الحقيقة، هناك مواقف تعاني منها الدول الأوروبية الثلاث، وتعد نقطة سوداء في تلك العلاقة مع هذه الحرب، ناتجة عن أنها كانت طرفا فاعلا يوما ما عام 2015م، في إنجاز ما سمي بالاتفاق النووي، إبان فترة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عندما لم تكن ترغب في الصدام مع واشنطن، التي استخدمت برلين ولندن وباريس، كرافعة للاتفاق الذي تم إبرامه في جنح الظلام، ومنح طهران آن ذاك مالا تستحقه، وهو ما أرضى الطرف الأمريكي، وأغضب الجانب الإسرائيلي في نفس الوقت، حيث كانت تل أبيب ترفض أي شكل من أشكال التقارب مع إيران.
إن الدول الأوروبية الفاعلة بعض الشيء في السياسة العالمية، تعاني حالة تذبذب وعدم اتزان، والشاهد أنها انقلبت على النظام الإيراني بعد سقوط الشاه، المعروف بتحالفه مع الغرب إبان الثورة الخمينية عام 1979م، ومع الوقت عاشت علاقة ودية من وراء الستار مع نظام نبذته في السابق، وطالما عدته خطرا استراتيجيا، لاعتماده على الميليشيات والحركات المسلحة، وتصدير الثورة، وفي تناقض صريح سارعت لأن تكون شاهدة على اتفاق منح إيران كل شيء، دون مكتسب حقيقي حصل عليه الطرف المقابل، أكثر من إنتاج حالة من النفور والتباعد مع دول الخليج العربي، نظير عدم استشارتها ووضعها في صورة ذلك الاتفاق الذي مزقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى.
وبدون أدنى شك، تجد القارة العجوز في إيران حليف تقتصر العلاقة معه على الناحية الاقتصادية فقط، لما تمتلكه من طاقة، سواء نفط أو غاز، وما ينتج عن تلك المقدرات، ما جعلها تتوسع في احتواءه، لكن تلك السياسة لا تناسب الأسلوب الإيراني، الذي يبحث عن دعم مطلق لا احتواء جزئي، وذلك المنطق لا يمكن أن تقدم عليه لا فرنسا ولا بريطانيا ولا ألمانيا، خشية من العقاب الأمريكي، الذي تتحكم به "لوبيات" يهودية تخترق دوائر صنع القرار الأمريكية وتتصرف بها طبقا للمصالح الإسرائيلية البحتة.
لذلك يمكن القول إنه في أي حرب بين إسرائيل وإيران، ستقف الدول الأوروبية دبلوماسيا وسياسيا مع إسرائيل رغما عنها، بينما تجتهد في إطار نشاط خفي مع إيران، لحماية مصالحها النفطية، لكن ذلك بات مكشوفا في وضح النهار، وهذا ما حدث بالفعل، بالنظر إلى التصريحات الأوروبية، التي ركزت على البرنامج النووي الإيراني كونه يشكل خطرا عالميا، وكان بطاقة سماح لتل أبيب في شن تلك الهجمات، من باب الدفاع عن النفس.
إن حالة التغاضي الفاضحة التي تمارسها أوروبا مع إسرائيل والدعم الأعمى لها في جوانب استراتيجية، مقابل خطبها ود إيران في الظلام، لمنع التصعيد حماية لمصالحها النفطية تضعف من الصورة السياسية الكبرى لتلك الدول، بل أنها تعكس حالة من عدم الاتزان في مواقفها السياسية، وهذا ما يفقدها اقناع الرأي العام في دولها وفي العالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"جي بي مورغان" يخفض توقعات نمو اقتصاد إسرائيل مع زيادة العجز بسبب صدمة الحرب
"جي بي مورغان" يخفض توقعات نمو اقتصاد إسرائيل مع زيادة العجز بسبب صدمة الحرب

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

"جي بي مورغان" يخفض توقعات نمو اقتصاد إسرائيل مع زيادة العجز بسبب صدمة الحرب

خفض بنك "جي بي مورغان" توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في 2025 من 3.2% إلى 2%. ورفع البنك تقديراته لعجز موازنة إسرائيل من حوالي 5% إلى 6.2%. وأشار إلى أن صدمة الحرب ستؤدي إلى زيادة التضخم في إسرائيل وتأخير دورة التيسير النقدي، مع التوقعات بأن يكون أول خفض لأسعار الفائدة في نوفمبر بدلاً من سبتمبر، وفقًا لـ "رويترز". اقرأ أيضاً وفي 13 يونيو باشرت إسرائيل حملة ضربات جوية غير مسبوقة على إيران، مؤكدة امتلاك معلومات استخباراتية تفيد بأن البرنامج النووي الإيراني شارف "نقطة اللاعودة"، فيما ترد إيران بإطلاق دفعات صواريخ على الدولة العبرية. وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل 224 شخصا على الأقل في إيران منذ بداية الحرب، وفق حصيلة رسمية. وفي إسرائيل، أسفرت الضربات الإيرانية عن مقتل 25 شخصا، وفقا للحكومة، وفقًا لوكالة فرانس برس (أ ف ب).

مسؤول إيراني: مستعدون لمناقشة وضع قيود على تخصيب اليورانيوم
مسؤول إيراني: مستعدون لمناقشة وضع قيود على تخصيب اليورانيوم

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

مسؤول إيراني: مستعدون لمناقشة وضع قيود على تخصيب اليورانيوم

كشف مسؤول إيراني كبير، اليوم الجمعة، أن طهران مستعدة لمناقشة وضع قيود على تخصيب اليورانيوم. غير أن المسؤول أضاف أن "وقف التخصيب تماماً سيكون مرفوضاً بلا شك خاصة الآن، في ظل القصف الإسرائيلي"، وفق رويترز. كما أردف أن "دور القوى الأوروبية أكثر أهمية الآن لأن طهران غير راغبة في التواصل مع أميركا وسط هجمات إسرائيل". ومضى قائلاً إن إيران تحتاج لسماع "مبادرة الترويكا الأوروبية بشأن القضية النووية".

كاتس: جميع رموز النظام الإيراني يجب أن تقصف
كاتس: جميع رموز النظام الإيراني يجب أن تقصف

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

كاتس: جميع رموز النظام الإيراني يجب أن تقصف

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه أصدر توجيهات للجيش بتكثيف الهجمات على "رموز النظام" في العاصمة الإيرانية طهران. وقال كاتس في بيان: "يجب أن تقصف جميع رموز النظام وآليات قمع الشعب، مثل (قوات) الباسيج وقاعدة نفوذ النظام، مثل الحرس الثوري، وذلك بهدف زعزعة النظام وزيادة الردع أمام إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية"، مضيفاً: "هذا بالتوازي مع مواصلة استهداف المنشآت والعلماء لإحباط البرنامج النووي الإيراني حتى تحقيق أهداف العملية بالكامل". إيران في أسبوعين.. دبلوماسيون يتوقعون موعد انتهاء الحرب بين إيران وإسرائيل جاءت تصريحات كاتس في ختام اجتماع مع رئيس الأركان إيال زامير، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ورئيس قيادة العمليات الخاصة المشتركة، ونائب رئيس أركان وزير الدفاع، ورئيس أركان شعبة الاستخبارات العسكرية، ورئيس أركان الأبحاث. تحت الأرض وفي الأجواء وبوقت سابق اليوم، أكد الجيش الإسرائيلي أن عملياته ضد إيران مستمرة حتى تحقيق كامل الأهداف الموضوعة. وأوضح المتحدث باسم الجيش إيفي ديفرين، في الإحاطة الصحافية اليومية، الجمعة، أن القوات الإسرائيلية تعمل تحت الأرض وفي الأجواء بإيران. كما شدد ديفرين على أن "الأيام القادمة ستكون مليئة بالتحديات"، مضيفاً أن "القتال قد يستمر لفترة طويلة". وأكد مهاجمة مقر للأمن الداخلي الإيراني في طهران، وغيره من المواقع العسكرية والنووية. "العمليات ستتوسع" ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي يواصل قصف المواقع النووية الإيرانية، مردفاً أن العمليات ستتوسع. إلى ذلك، قال إن "طهران ستستمر في مهاجمتنا، والعملية العسكرية لم تنتهِ بعد". وأوضح أن تدمير منصات الصواريخ الإيرانية يساعد إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب. كما أكد أن الجيش الإسرائيلي يقاتل على 7 جبهات، حسب تعبيره، مشيراً إلى أنه ماضٍ في إزالة التهديد الإيراني الوجودي لإسرائيل. فيما أشار إلى أن صاروخاً إيرانياً أصاب اليوم بئر السبع، ما تسبب بأضرار وإصابات، بعدما أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش اعترضه وسقطت شظاياه في الموقع. يذكر أن إسرائيل أطلقت حملة ضربات واسعة النطاق على إيران منذ 13 يونيو، مستهدفة مواقع عسكرية، ومنصات إطلاق صواريخ، فضلاً عن منشآت نووية. كما اغتالت عشرات القادة العسكريين الإيرانيين الكبار، فضلاً عما لا يقل عن 10 علماء نوويين. فيما ترد إيران بهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store