
ما هي مراحل توسعة الحرم المكي عبر التاريخ؟
يُعتبر المسجد الحرام من أبرز معالم مدينة مكة المكرمة ومركز توجه ملايين المسلمين حول العالم، وهو يشهد باستمرار توسعات شاملة تعزز من سعة استيعابه للزوار وتطور مرافقه.
فقبل نحو مئة عام، كان المسجد الحرام لا يتسع لأكثر من 50 ألف مصلٍّ في وقت واحد. أما اليوم، وبفضل أكبر توسعة في تاريخه، وصلت الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام إلى 3 ملايين مصل في الوقت الواحد، ونحو 107 آلاف طائف في الساعة.
الحرم المكيّ
سُمي الحرم لأنه مكانٌ يُحرّم فيه ما يباح في مكان غيره، وتعد مكة المكرمة حرماً اختاره الله واختصه بمكانةٍ مقدسة، ويجب على المسلم احترام قدسيته وعظمته.
وبحسب وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، تمتد حدود الحرم المكي في أربعة اتجاهات محددة، حيث تصل شمالاً إلى مسجد السيدة عائشة على بُعد خمسة كيلومترات من مكة. أما جنوباً، فتشمل المنطقة مسافة تصل إلى عشرين كيلومتراً باتجاه جبل عرفة.
وإلى الغرب، تمتد حدود الحرم نحو جدة حتى تصل إلى حي الحديبية، على بعد ثمانية عشر كيلومتراً. وفي اتجاه الشرق يمتد إلى جعرانة على مسافة تقارب أربعة عشر ونصف كيلومتر.
في عام 2018، بلغ عدد الحجاج من داخل المملكة 217,187 حاجاً، بينما وصل عدد الحجاج القادمين من الخارج إلى 1,795,131 حاجاً، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الحج.
وبحسب بحث لجامعة أم القرى بعنوان "تاريخ وعمارة الحرمين الشريفين"، بدأت العمارة في مكة منذ قدوم النبي إبراهيم إلى المنطقة، حيث أمره الله ببناء الكعبة لتكون مقصداً للحجاج.
وكانت أول عملية توسعة شهدها المسجد الحرام خلال فترة الخلافة الراشدة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، إذ قام بشراء منازل محيطة به لزيادة مساحته، بعد أن قدّر أن المطاف قد ضاق بالمصلين في داخل المسجد، "فعمل على توسعة المطاف في السنة السابعة عشر من الهجرة بهدم الدور المحيطة بالكعبة المشرفة، فعارضه بعض ملاك الدور من الهدم فأمر بهدمها وتعويضهم بالمال" بحسب البحث.
كما أحاط بن الخطاب المسجد بجدار قصير، لتصبح للمسجد خصوصية تفصله عن الدور من حوله، ووضع مصابيح تضيء صحن المسجد.
ثم جاء ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، وأضاف الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية لتعليق مصابيح الإنارة عليها.
وتواصلت أعمال التوسعة على مر العصور، ومع قيام الدولة الأموية، أدخل خلفاءها الأعمدة التي جلبت من مصر وسوريا في بناء المسجد، وتبعهم في ذلك الخلفاء العباسيون والعثمانيون.
إذ اهتم سلاطين العصر العثماني بعمارة المسجد وأصبح يطلق على السلطان العثماني "خادم الحرمين الشريفين"، لتتوقف بعد سقوط الدولة العثمانية أعمال التوسعة لبعض الوقت، واقتصرت الأعمال على الترميم والإصلاح .
ومنذ تأسيس الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، شهد المسجد الحرام خطوات تطويرية مهمة، حيث أمر الملك المؤسس في عام 1927 بوضع المظلات في صحن المسجد لحماية المصلين من حرارة الشمس، وفي العام التالي أُنير المسجد كاملاً بالإضاءة الكهربائية. كما صُنع في عهده باب جديد للكعبة من الفضة الخالصة، نُقشت عليه آيات قرآنية بالذهب.
وفي عام 1955، انطلقت رسمياً أول توسعة للمسجد الحرام، بمبادرة من الملك سعود بن عبد العزيز. وقد شهدت هذه التوسعة، التي امتدت لعدة سنوات، مضاعفة مساحة الحرم لتصل إلى 160 ألف متر مربع، بطاقة استيعابية بلغت نحو 400 ألف مصلٍ.
وشملت الأعمال توسعة مكان الطواف، وتغطية أرضيته برخام مقاوم للحرارة، كما أضيف 64 باباً موزعاً على مختلف جهات المسجد.
وبعد مرور ثلاثة عقود، قام الملك فهد بن عبد العزيز بجولة أخرى من التوسعة بدأت عام 1988، شهد خلالها الحرم إدخال السلالم الكهربائية واستخدم نظام تكييف مركزي حديث مع تحسين شبكات المياه وأنظمة الصوت.
وأُضيف جزء جديد إلى المسجد الحرام من الجهة الغربية، حيث أصبحت المساحة الإجمالية لكامل المسجد نحو 366 ألف متر مربع بطاقة استيعابية وصلت إلى 820 ألف مصل.
وخلال تلك التوسعة أيضاً، استخدم الذهب والكريستال والزجاج والجرانيت لتزيين المسجد.
ووفقاً للبحث الذي نشرته جامعة أم القرى، شهد عهد الملك سعود عام 1955 بناء المسعى بين الصفا والمروى بطابقين، بهدف استيعاب أعداد أكبر من المصلين والساعين.
ومع تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين، بدأت المملكة العربية السعودية بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز في عام 2011 بتنفيذ أضخم توسعة يشهدها المسجد الحرام منذ تأسيسه، واستُكملت أعمالها في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز عام 2015. وخلال هذه التوسعة، اتسعت مساحة الحرم المكي لتصل إلى نحو 1.5 مليون متر مربع.
ولم تقتصر التوسعة على زيادة المساحات فقط، بل شهدت إدخال تقنيات حديثة متطورة داخل الحرم الشريف. فقد تم استخدام أنظمة رقمية مثل الكاميرات والحساسات لمراقبة أعداد المصلين وتنظيم التدفق لتفادي الازدحام.
كما اعتمدت التوسعة على الذكاء الاصطناعي من خلال روبوتات لتوزيع مياه زمزم وتعقيم الساحات، بالإضافة إلى تطبيقات إرشادية وشاشات تفاعلية متعددة اللغات، بهدف تسهيل تجربة الزوار داخل المسجد الحرام.
وعلى مر التاريخ، شهد الحرم المكي عدداً من المحطات التي استدعت في بعض الأحيان إغلاقه مؤقتاً، وتعد حادثة جهيمان العتيبي عام 1979، من أكثر الحوادث شهرة في العصر الحديث.
ففي صباح 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1979، تجمع حوالي خمسين ألف مسلم لأداء صلاة الفجر في ساحة الكعبة، بينهم مئتا رجل يتبعون جهيمان العتيبي، حيث سيطروا على الحرم المكي لمدة أسبوعين، مما دفع السلطات السعودية إلى إغلاقه وتنفيذ عملية عسكرية لاستعادته، منهية بذلك واحدة من أبرز الأحداث في تاريخ الحرم.
وفي عام 2020 مع انتشاء وباء كورونا أغلقت السعودية المسجد الحرام لنحو أربعة أشهر قبل أن تعيد فتحه في موسم الحج مع فرض إجراءات احترازية مشددة، ثمّ عاد المسجد للعمل بكامل طاقته الاستيعابية عام 2021.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 4 ساعات
- موقع كتابات
مقامة الثايات
في حوارات منطقتنا (( أم النوة )) , أدلى مختارها غير الرسمي , (( كريم كلاز )) بحكاية من أيام خدمته العسكرية فترة السبعينات في شمالنا الحبيب , في أطراف السليمانية , أنه كان معهم جندي مكلف بدوي أسمه رزاق , ذو أخلاق وأطباع حميدة جعلت الكل يحبونه , ألا ان رزاق كان يأبى النزول بأجازته الدورية , وفي يوم أستدعاه الآمر متسائلا منه عن عنوان أهله وعن أسباب عدم تمتعه بأجازاته , فأجابه أنه لا يعرف العنوان لأن أهله ناس بدو لا مكان ثابت لديهم , ويعتمدون على الكلأ والماء ويتنقلون حسب المواسم , ولما سأله كيف يستدل عليهم , أجابه أنهم يتركون ثايات في المكان الذي يغادرونه , وكذلك في طريق مسيرهم ليتسنى التعرف على أماكن تنقلاتهم , وأنه يعتقد أن الأجازة لا تكفيه للأستدلال عليهم , ويخشى الدخول في الهروب اذا تمتع بالأجازة , ولما كان الآمر يعرف صدق رزاق وسلامة نيته , أمره بالتمتع بالأجازة الدورية , وأن يحتسب أيامها بعد مسيرته على الثايات حتى يصل أهله وعندها تبدأ أيام ألأجازة . (( الثاية )) , كلمة عربية لها عدة معاني , منها: الحظيرة , حجارة ترفع لتكون علَمًا يُهْتَدى به , مظلة مصنوعة من ثوب وأعواد , وسفينة صغيرة للرياضة , أو تعني علامة توضع على الطريق لتدل على شيء معين , وفي الهندسة عند التطبيق لغرض تثبيت إستقامة ليست دقيقة يضعون (( ثايات )) حجارات فوق بعضها لتدل على حفر ساقية مثلا , وأحيانا عبارة عن كومة تراب صغيرة وغيرها , واحياناً من خشب بحيث يقولون ( ندق ثاية ) , وأحيانا ترمز إلى العناد (يتنحر) وگف چَنَّة ثاية , أي ضرب رجله في الأرض ولم يقتنع , وفي لسان العرب لإبن منظور في ثوا : الثَّواءُ والثَّوِيَّة : حجارة ترفع بالليل فتكون علامة للراعي إذا رجع إلى الغنم لَيْلاً يهتدي بها , وهي أَيضاً أَخفض علم يكون بقدر قِعْدة الإنسان , وهذا يدل على أَن أَلف ثاية منقلبة عن واو , قال هذه ثاية الغنم وثاية الإبل مأْواها وهي عازبة أَو مأْواها حول البيوت , والثَّوِيَّةُ مأْوَى الغنم , وكذلك الثَّايَة , والثِّيَّة لغة في الثَّاية , الثُّوَّة كالصُّوَّة ارتفاع وغِلَظ , ونصبت فوقها الحجارة ليُهْتَدَى بها. يقول المثل الدارج : (( اذبح على الجبله , وكص على المفصل , واطرد على الثايه , ورافك مأصل , واصبر على الخابط , تشرب مصلصل , واتحذر جزاء السنمار وش حصل , وبسوك الغدر كل مده روح , وشوف سعره للنوايه الصافيه شوصل )) , وفي الشعر الشعبي (( دك بيه ثايه العوز بس مادرت بال / واتبختر بممشاي جدام الانذال )) , وفي مواسم الحزن العراقي يقرأ الرادود حيدر- السعد للشاعر محمد- الجماسي من قصيدة : (( الله فضلها )) : (( حيّو مولاتي أم ابوفاضل .. للوفه امرايه , ابخدمة الظامي واعشق زينب … دكّة الثايه , تقضي للوادم كل حوائجهم .. والله وفّـايه , من ظهر حيدر الجف ابو الغيره .. خلّفت رايه , كل عاشور النه اتمد الإيدين . واتلمنه سويّه بخيمة احسين , ومن لها يقرأ الحمد والتوحيد .. يكون في تأييد قاضية الحوائج )) , وفي الاغنية الشهيرة لسعد الكعبي يقول : (( دكو الثايات عمامي على خشوم الزلم )) , وفي الهوسة الشعبية : (( بس أبن الثايه أميزينه )) , ومن الدارميات (( أطبخ وذبح نوك وألبس صوايه , محد يكلك شيخ لو ماكو كل ثاية , الشيخة حظ وجاه مو صايه وعكال كون على كطعت هاي ( اللوزة ) حظ الله ينكال , عزبوا ويطبخون بس كلشي مافاد ماكدروا يقلدون خلك ابن الأجواد )) . وفي (حلقات الذكر ) التي يقودها الدراويش وأصحاب الطرق من رفاعية وكسنزانية وقادرية , يعرف ( السادة النعيم ) الذين لهم شهرة واسعة في أعمال الذكر والموالد باعتبارهم أصحاب طريقة خاصة بذلك حيث إن أصحاب هذه الطرق يتفاخرون بقابليات محاسيبهم ( أتباعهم ) على الضرب بالسيف أو ما يطلق عليه بالدروشة واستعمال الحراب جمع حربة وهي سلاح يشبه السيف يستخدمه أصحاب الطرق في ضرب أنفسهم عند وصولهم إلى حالة الدروشة أو حالة الجَذب كما يطلق عليها أصحاب الطرق , من ضمن الطقوس التي يمارسها الدراويش هي ترتيل وترديد المدائح النبوية مع الضرب على الدفوف واستحضار أرواح الأجداد لكي يسهل من عملية الضرب بالحراب ولا أريد الخوض في علمية وشرعية هذا الطقس فنحن نحترم شعائر واعتقادات الآخرين , الذروة يصلها الدرويش عندما يستحضر صورة جده وعندها تبدأ عملية الضرب بالحراب , ومن ضمن المدائح التي يستعملها السادة النعيم والتي تجعلهم يصلون إلى الذروة هي :(( شوَرط المَثبور داس الثاية ولد النعيم البل ضرب كَصاية )) , ومعنى المَثبور هنا : هو الشخص الذي سيتعرض لمشاكل لا حد لها , ومعنى الثاية : الحد أو الحدود , وكل المعنى : إن شخص تورط بان عبر حدوده فسيضرب بقوة لان من طبيعة السادة النعيم أن يضربوا بقسوة .


الأنباء العراقية
منذ 10 ساعات
- الأنباء العراقية
محافظ البصرة يهنئ بحلول عيد الأضحى المبارك
بغداد - واع هنأ محافظ البصرة أسعد العيداني، اليوم السبت، بحلول عيد الأضحى المبارك. وقال العيداني في رسالة تهنئة تلقتها وكالة الأنباء العراقية (واع): "أتقدم بأصدق التهاني والتبريكات إلى أبناء شعبنا العراقي العزيز، وأهلنا في محافظة البصرة، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك". وأضاف، "نبتهل إلى الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة المباركة على عراقنا الحبيب بالأمن والاستقرار، وأن يحفظ شعبنا الكريم من كل سوء ومكروه، ونسأل أن يتقبل من حجاجنا سعيهم ويعيدهم إلى ذويهم بالصحة والسلامة، وأن يجعل من هذا العيد السعيد فرصة لتعزيز المحبة والوئام".


الحركات الإسلامية
منذ 10 ساعات
- الحركات الإسلامية
رسالة العيد.. خطاب العزلة والإنكار من الإخوان للمعتقلين
في رسالته الموسومة بـ"رسالة خاصة من الدكتور صلاح عبد الحق إلى المعتقلين في مصر"، نشرها امس الجمعة 6 يونيو 2025، على منصة " x" ، قدّم القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خطابًا مشبعًا بالعاطفة الدينية، يُقارب في نَبرته الخُطَب الوعظية، لكنه يخفي في طيّاته رسالة سياسية واضحة. فالرسالة، التي وُجّهت للمعتقلين من كوادر الجماعة، تتوسّل بالسرديات القرآنية والرموز الدينية لاستعادة صورة "الابتلاء المقدس" التي لطالما استخدمتها الجماعة لتبرير فشلها السياسي وتغليف أزماتها الداخلية بقدسية زائفة. غير أن هذا الخطاب بدا اليوم معزولًا عن الواقع، متكلّسًا، لا يسمعه أحد سوى أتباع الجماعة أنفسهم، أولئك الذين يزدادون انكماشًا في فقاعة ضيقة من التكرار والمظلومية. صلاح عبد الحق، الذي تولى مهام القائم بأعمال المرشد العام عقب تراجع النفوذ التنظيمي لقيادات الصف الأول داخل مصر وخارجها، هو أحد رموز الجيل القديم في جماعة الإخوان، وكان ينتمي إلى ما يُعرف بـ"التيار المحافظ" داخلها. ورغم أنه لم يحظَ بشهرة واسعة كغيره من قيادات الجماعة التاريخيين، إلا أن اختياره جاء انعكاسًا لحالة التآكل القيادي، والفراغ الذي خلفته الانقسامات والانشقاقات المتتالية بعد 2013. وبدل أن يقدم طرحًا متجددًا يواكب المتغيرات، يعيد عبد الحق إنتاج خطاب الجماعة التقليدي، وكأنه يتحدث من زمن آخر، متجاهلًا التغيرات العميقة التي طرأت على المجتمع المصري وعلى موقع الإخوان فيه. ما الذي تقوله الرسالة؟ وما الذي لا تقوله؟ الرسالة، في ظاهرها، تبدو تهنئة رقيقة بعيد الأضحى، مرسلة من "القيادة" الإخوانية إلى من تصفهم بـ"الأحباب" في السجون. فهي تحفل بالتعابير الدينية والوجدانية، وتفيض بصور قرآنية وتشبيهات روحية، مثل الحديث عن "السكين الأقرب إلى العروق" و"فرج الله الذي كان أقرب من الذبح"، وتُسقِط على المعتقلين أوصافًا ملائكية من طراز "المغيبون عن أهليكم وأولادكم من أجل دينكم"، و"أطهر جيل لأقسى محنة". هذه العبارات تُعيد إنتاج صورة "المعتقل الإخواني" كرمز طهوري، مُفارق للعامة، موحَّد بالله، يُضحّي بنفسه لا من أجل مشروع سياسي، بل في سبيل "قضية مقدسة". لكن عند القراءة السياسية المتأنية، تتكشف أبعاد أعمق للرسالة، تتجاوز مجرد التهنئة. إذ نلحظ سعيًا دؤوبًا لإعادة ترسيم مكانة المعتقل الإخواني داخل الخيال التنظيمي كـ"شهيد حي"، يحمل لواء "المحنة" التي لا تنتهي، ويصبح عبرها هو النموذج الأمثل للمسلم الحق. هذا ما يظهر جليًا في قول الرسالة: "فوالله ما استقام له [الظالم] أمر، ولا صلح له عمل، ولا تحقق له أمل منذ امتدت يدُه إليكم بالغائلة"، وهي صيغة تسحب أي معنى سياسي أو واقعي للهزيمة، وتُفرغ المأساة من سياقاتها التاريخية والاجتماعية لتجعلها مجرد محكٍ إلهي لتثبيت الإيمان. لكن الأخطر من ذلك، هو ما لا تقوله الرسالة. فهي لا تتضمن، ولو بكلمة، أي اعتراف بالخطأ، أو مراجعة للمسار، أو حتى تلميح خجول إلى التفكير في المستقبل خارج سردية "الثبات على الطريق". لا حديث عن المآلات الكارثية لما بعد 2011، ولا اعتراف بالثمن الفادح الذي دُفع من دماء وأعمار ليس فقط كوادر الجماعة، بل من نسيج المجتمع المصري نفسه. على العكس، تنضح الرسالة بروح ماضوية، كأنها تقول للمعتقلين: "ابقوا حيث أنتم، لأننا كما نحن، ثابتون بلا مراجعة، ولا تغيير". وفي هذا الصمت المدوي تكمن دلالة جوهرية: الرسالة لا تسعى إلى تحريك واقع، بل إلى تثبيت وهم. إنها تؤسس لتقديس المعاناة لا تجاوزها، ولتحنيط الرموز لا نقدها، ولتعليق الواقع السياسي والاجتماعي عند لحظة المجد المزعوم، لا العمل على استشراف مخرج منه. ففي قولها: "دعوة الله عصيّة على الإنهاء، ومحاربته سبحانه إلى زوال"، تحوِّل الجماعة ذاتها إلى تجسيد للدين، وتخلط بين الرسالة السماوية والمشروع الإخواني، وهو لبّ أزمة الإخوان الكبرى مع الدولة والمجتمع والتاريخ. استخدام الدين كدرع أيديولوجي استخدام الدين كدرع أيديولوجي هو أحد أبرز ملامح الخطاب الإخواني في العقود الأخيرة، لكن رسالة الدكتور صلاح عبد الحق تمثل نموذجًا مكثفًا لهذا النمط، حيث يتجاوز التوظيف الرمزي إلى إنتاج بنية لغوية وعقائدية تُحصّن الجماعة من الداخل، وتُعفيها من أي مساءلة خارجية. فالمعتقل، وفق الرسالة، ليس سجينًا سياسيًا دفع ثمن حسابات فاشلة أو رهانات خاسرة، بل هو "اليوسفي المجهول أرضًا، المشهور سماءً"، "أشبه بالوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام"، أي أنه سجين في مقام النبوة والصحبة، ما يخرجه من المجال السياسي إلى الفضاء المقدس، ويجعل المساس بقضيته أو نقدها ضربًا من الوقيعة في الدين ذاته. هذا التقديس للمحنة يتجلّى بوضوح في المقطع الذي يقول فيه عبد الحق: "ينشر ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقًا"، ثم يستدعي قصة إبراهيم عليه السلام، حين كان "السكين أقرب إلى العروق" و"الذبح أقرب إلى الحدوث"، ليؤكد أن الفرج الرباني أعظم من كل التوقعات. هنا، تصبح معاناة المعتقلين لا نتيجة قرارات سياسية خاطئة، بل تجلٍ لإرادة إلهية عليا، وموقعًا اختاره الله لهم ليطهّرهم ويرفع منزلتهم. وهكذا، يغدو الظلم المُعاش امتحانًا للإيمان، لا نتيجة لمسار سياسي تحكمه عوامل بشرية قابلة للنقد والمراجعة. وتكمن الخطورة في أن هذا النمط من الخطاب يحوّل القيادة ذاتها إلى كيان "معصوم" عمليًا، لأنها –وفق هذا المنطق– مجرد أداة في يد القدر الإلهي، لا يُسائلها أحد عن نتائج الأفعال، بل يُطلب من الجميع الصبر على الابتلاء وانتظار الفرج. ففي قوله: "فما نقصان هذا [الظلم] إلا من نهاية ذاك [الابتلاء]"، يربط نهاية المحنة بنفاد صبر الخصم، لا بتغيير في الرؤية أو المنهج، ما يعكس قناعة دفينة بأن المسار لم يكن خاطئًا، بل فقط لم يُستكمل بعد. وهذه بالضبط هي الذريعة التي تُبقي الجماعة في حالة تجميد دائم، تتغذى على خطاب المظلومية وتتجنب أي تفكير حقيقي في الإصلاح أو التجديد. والمحصلة أن الرسالة، عوضًا عن أن تكون مساحة للمكاشفة أو النقد الذاتي، تتحول إلى "وثيقة شرعية" لإعادة إنتاج الأزمة، فحين يقول عبد الحق: "دعوة الله عصيّة على الإنهاء، ومحاربته سبحانه إلى زوال وبوار"، يُسقِط مرة أخرى بين الجماعة والدين، فلا يكون الفشل فشلًا سياسيًا، بل استهدافًا إلهيًا يُبتلى به "المؤمنون" ليزيدهم إيمانًا. وهكذا، تُقنّن الرسالة لثقافة الصمت والطاعة، وتُقدّم المعاناة كسردية خلاص، في تجاهل تام للكلفة التي يدفعها المجتمع والدولة، والمعتقلون أنفسهم، عنادًا في التغيير، ورفضًا للاعتراف. لغة بلا جمهور.. وهم العودة المفقودة الرسالة التي بعث بها الدكتور صلاح عبد الحق تحمل ملامح لغة خارج السياق، وكأنها كُتبت في فراغ زمني لا يعترف بأن عقدًا كاملًا قد مضى على تراجع الجماعة وتآكل حضورها الشعبي والسياسي. فهي لا تخاطب الحاضر، بل تستدعي جمهورًا من الماضي، جمهورًا كان موجودًا قبل عام 2013، لكنه اليوم إما ابتعد، أو راجع قناعاته، أو تجاوز الجماعة تمامًا. اللغة ذاتها محنطة، مثقلة بمفردات دينية منزوعة من سياقها الاجتماعي والسياسي، تستدعي "يوسف عليه السلام" و"الذبح العظيم" و"الفرج الإلهي"، لكنها لا تقول شيئًا له صلة بواقع الناس اليوم، ولا تعبّر عن تطورٍ في فكر الجماعة أو أدواتها. فالمواطن المصري اليوم لا يعيش فقط في ظل قبضة أمنية، بل يواجه أزمات اقتصادية خانقة، وتحولات اجتماعية عميقة، بينما الخطاب الإخواني، كما تعكسه الرسالة، يتجاهل هذه التحولات تمامًا. لا نجد في كلمات عبد الحق أي حديث عن العمل أو الغلاء أو التعليم أو الصحة أو حتى العدالة الاجتماعية – القضايا التي تشغل المواطن العادي يوميًا. وبدلًا من ذلك، يطلب من المعتقلين ومن ورائهم الجماهير أن يظلوا "صامدين"، و"ثابتين"، وأن ينتظروا "فرجًا قريبًا"، دون أي خطة أو تصور واقعي لماهية هذا الفرج أو كيف يتحقق. هذا الانفصال عن هموم الناس اليومية ليس تفصيلًا عرضيًا، بل يعكس مأزقًا وجوديًا تمر به الجماعة. فهي لم تعد تمتلك لغة تواصل مع الشارع، ولم تطور خطابًا يستجيب للأسئلة الجديدة التي يطرحها الواقع المصري. يقول عبد الحق للمعتقلين: "لكم الله، لا يضيعكم"، ويطالبهم بـ"التمسك بالصبر والثقة في الله"، لكن هذه العبارات، رغم ما تحمله من طمأنينة دينية، تبدو خاوية من المعنى حين تُطرح بلا سياق سياسي عقلاني أو برنامج واقعي يعيد الجماعة إلى دور فعّال في المجتمع. إنها خطبة روحية أكثر منها بيانًا سياسيًا، موجهة إلى جمهور لم يعد يؤمن. في النهاية، يظهر خطاب الجماعة وكأنه يدور في حلقة مغلقة من التكرار، يعيد إنتاج أساطير الذات المظلومة دون مراجعة أو إصلاح. وبينما يبحث المجتمع المصري –بما فيه من قوى سياسية وفكرية– عن أفق جديد يتجاوز الاستقطاب ويعالج الأزمات الهيكلية، يصرّ الإخوان على خطاب ماضوي يقدّس المعاناة ويحوّلها إلى غاية في ذاتها. صمتهم عن قضايا الناس الحقيقية، وتشبثهم بـ"المحنة" كشكل من أشكال البطولة، لا يعبّر فقط عن انفصال عن الواقع، بل أيضًا عن غياب أي مشروع للتجديد أو العودة. باختصار، هم يتكلمون، لكن لا أحد يسمع. خطر الإخوان.. لا في قوتهم بل في أوهامهم رغم ما تبدو عليه جماعة الإخوان المسلمين من ضعف تنظيمي، وتشظٍ داخلي، وملاحقة أمنية، إلا أن خطورتها لا تكمن اليوم في قدرتها على الحشد أو الفعل السياسي، بل في قدرتها على الاستمرار كفكرة مغلقة تُعيد إنتاج ذاتها داخل الوعي الديني لبعض الفئات. فالجماعة، كما تعكس رسالة صلاح عبد الحق، لم تتخلَّ عن منطق التقديس للمعاناة، ولم تخرج من إطار "المحنة" باعتبارها مرادفًا للشرعية، بل تواصل إعادة تدوير خطاب يختزل السياسة في البلاء، والفشل في "ابتلاء رباني". هذا الخطاب –وإن كان يبدو مكررًا– يشكّل خطورة فكرية على الوعي العام، لأنه يضرب أسس السياسة المدنية، ويصوّر الانكسار كنوع من الجهاد المجرد من الغاية السياسية. في نص الرسالة، نجد عبد الحق يقول للمعتقلين: "أنتم في منازل الأنبياء"، و"المحنة طريق الصدق"، وهي عبارات تنقل المعاناة من ساحة السياسة إلى فضاء القداسة، وتُخرج الجماعة من أي مساءلة بشرية باعتبار أنها تعاني في سبيل الله. هذا التقديس للمحنة لا يُعفي القيادة فقط من النقد، بل يزرع في أذهان الأتباع شعورًا بالتفوق الأخلاقي والديني، يجعلهم يرون الآخرين –بمن فيهم عموم الشعب– كمن خذلوا "دعوة الله"، لا كمن رفضوا تنظيمًا سياسيًا أخطأ الحسابات وأسقط الدولة في فوضى. هكذا تتحول السياسة إلى عبادة، والخطأ إلى ابتلاء، والفشل إلى دليل على الإيمان. الخطورة الحقيقية هنا أن هذا النمط من الخطاب ما يزال قادرًا على البقاء داخل دوائر دينية مغلقة، أو بين شرائح من الشباب المتدين الذي يعاني من اغتراب سياسي أو فقدان أفق. فالجماعة، رغم فشلها الواقعي، ما تزال تحتفظ بسردية تقنع هؤلاء بأنهم على "الطريق الحق"، وأن الظلم الذي يعيشونه هو دليل على صدقهم، وليس على خلل في المنهج أو التنظيم. وهذا ما يجعل الإخوان، وإن انتهوا كتنظيم فعّال، يملكون القدرة على العودة كأفكار تحت الجلد، كامنة، تنتظر فرصة جديدة للانبعاث، تمامًا كما حدث سابقًا بعد محن الستينيات. ختامًا، تكمن خطورة الإخوان اليوم في رفضهم إعلان نهاية الوهم، وإصرارهم على بعث الحياة في جسد تنظيمي وسياسي ميت. رسالة عبد الحق ليست مجرد تهنئة بعيد الأضحى، بل محاولة أخرى لغرس الإيمان في مشروع فقد شرعيته التاريخية، والاستمرار في جر الأتباع نحو مسارات الاصطدام مع الدولة والمجتمع. بهذا المعنى، فإن الإخوان لا يشكّلون خطرًا كقوة راهنة، بل كأثر ثقافي وعقائدي يكرّس الانفصال عن المجتمع، ويعيد إنتاج منطق "نحن وهم" في كل دورة من دورات الفشل. تهافت دعوى العودة إلى الحياة السياسية من يقرأ رسالة الدكتور صلاح عبد الحق، يدرك أن الحديث عن "عودة الإخوان للحياة السياسية" ليس إلا وهمًا يردده بعض قادة الجماعة في الخارج دون أي معطى واقعي. فالرسالة –التي يُفترض أنها تحمل خطابًا سياسيًا موجهًا لأكثر الفئات تضررًا من خيارات الجماعة، وهم المعتقلون– لم تطرح أي مبادرة، أو مراجعة، أو حتى خطاب جديد. لا توجد فيها مؤشرات لأي تصور مدني للحكم، ولا أي تلميح لإعادة النظر في أخطاء السنوات العشر الماضية. كل ما تقوله الرسالة: اصبروا، فأنتم على الحق، والله سيمتحنكم وينصركم، في لغة تستدعي النصوص أكثر مما تلامس الواقع. بل الأسوأ أن الرسالة تكرّس خطاب "الفرقة الناجية"، وتُصر على أن ما جرى للإخوان ليس نتيجة سوء تقدير سياسي أو فشل في قراءة تحولات المجتمع، بل "محنة ربانية" تقع ضمن سُنن الابتلاء والتمحيص. تقول الرسالة: "أنتم في منازل الأنبياء، لأنكم على الحق... والله اصطفاكم للثبات"، وكأن الجماعة كانت دائمًا على الطريق المستقيم، والشعب أو الدولة أو الخصوم هم من انحرفوا. هذا النوع من الخطاب لا يترك أي مساحة للنقد الذاتي أو للاعتراف بالمسؤولية، بل يغلق الباب تمامًا أمام فكرة المراجعة أو إعادة التواصل مع القاعدة الاجتماعية التي هجرت الإخوان. كما أن الرسالة تفتقر تمامًا إلى أي إشارات لفتح قنوات مع القوى السياسية الأخرى، أو حتى مع أطياف من الإسلاميين غير المنتمين للجماعة. فطوال نص الرسالة، لا يظهر أي وعي بوجود مجتمع سياسي خارج الجماعة، ولا حديث عن الشراكة أو التعدد أو التحالفات. وكأن الخطاب موجّه إلى "جماعة المؤمنين" وحدها، في سردية مغلقة تنظر إلى الآخر كخصم أو متخاذل، لا كطرف يمكن التفاعل معه. هذه النظرة الانعزالية تتناقض مع أي دعوى للعودة إلى السياسة، التي تستدعي بالضرورة رؤية للواقع، وتواصلاً مع المجتمع، وقبولاً بالتنوع. وهكذا، ينكشف أن الخطاب الإخواني كما يعبر عنه عبد الحق، لا يحمل أي ملامح لمشروع سياسي قابل للحياة، بل يعيد إنتاج ذات المنطق الذي قاد الجماعة إلى أزمتها الراهنة. لا تصور ديمقراطي، ولا حديث عن دولة مدنية، ولا حتى تلميح لاعتذار من الشعب المصري على ما جرى بعد 2011. هي رسالة مكتوبة بلغة الماضي، موجهة إلى جماعة مغلقة على نفسها، تُقنع المعتقلين أنهم في علياء إيماني، بينما تُبقي التنظيم في قاع العزلة السياسية والفكرية. رسالة قديمة لعصر جديد رسالة الدكتور صلاح عبد الحق الأخيرة لا تعبّر فقط عن حال المعتقلين في السجون، بل تختصر مأزق الجماعة بأكملها: خطاب متكلس، قيادة مفصولة عن الواقع، ورؤية مؤجلة بلا ملامح سياسية واضحة. الرسالة، رغم توقيتها في عيد الأضحى، تحمل نبرة حزينة، مأزومة، تُعيد تدوير الخطاب القديم ذاته الذي استخدمته الجماعة لعقود، كأن الزمن توقف. يتحدث عبد الحق عن "الثبات في وجه البلاء" و"التمكين بعد الابتلاء"، لكنه لا يطرح سؤالًا واحدًا عن جدوى المسار الذي اتُّبع، أو عن ثمنه السياسي والاجتماعي والأخلاقي. وبينما يُفترض أن العيد مناسبة للفرح والتجديد، فإن الرسالة تُغرق المتلقّي في خطاب الألم والانتظار الميتافيزيقي. لا تحمل الرسالة أي بارقة لتجديد سياسي أو فكري، بل تعيد إنتاج مفردات المظلومية والابتلاء والصبر، وتُغرق المعتقل في "فضيلة الألم"، إذ يقول عبد الحق: "يا من سُجنتم ظلمًا، أنتم في مقامات الأنبياء، والله لا يضيع أجر الصابرين." هذه التضمينات الدينية، بدل أن تفتح أفقًا جديدًا، تبدو كأنها جدار يُغلق على الداخلين، يمنعهم من التفكير في الخروج من الدوامة أو مراجعة المسار. الأزمة الأعمق أن الرسالة لا تُشير لا من قريب ولا من بعيد إلى نهاية الطريق أو ضرورة وقفة للمراجعة. فالجماعة، كما توحي الرسالة، ما تزال ترفض الاعتراف بانتهاء دورها السياسي أو بضرورة تجاوز بنيتها القديمة. تقول الرسالة بوضوح: "إن الله يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته"، في استمرار لمنطق الانتظار القدري، دون أدنى محاولة لفهم تغير الزمن، أو إعادة التفكير في أدوات التغيير. وكأن المطلوب من الأتباع أن يبقوا أسرى الأمل الغيبي، لا أصحاب فعل واقعي. إن أخطر ما في الرسالة أنها توحي بأن الجماعة لا تزال تمتلك "الحقيقة"، وتُصر على بث الحياة في مشروع يحتضر، دون أي فعل يُسند هذا الادعاء. الجماعة هنا لا تعترف بنهايتها، بل تروّج لوهم الاستمرارية، وتُطيل أمد الانفصال عن الواقع. فهي لا تطلب من الأتباع خطوات فعلية، بل مجرد انتظار طويل تحت عنوان "الفرج قريب"، كما جاء في النص: "لا تيأسوا، فإن بعد العسر يسرا، وبعد المحنة تمكينًا." لكن ما يُغيّب تمامًا هو: من سيقوم بالفعل؟ ومتى؟ وبأي برنامج؟ وبأي مراجعات؟ هذه الأسئلة تظل معلّقة في الفراغ، كما هو حال الجماعة كلها.