الحرب تُدخل الاقتصاد اللبناني في مرحلة "اللايقين المتفجر"
لم تكد البلاد تتنفس الصعداء وتحاول استرجاع بعض قواها المالية والاقتصادية بعد التداعيات المدمرة لحرب الإسناد، حتى وقع المحظور الإسرائيلي - الإيراني، وبات على لبنان مجددا أن يعيد احتساب خسائره الاقتصادية، وبناء الآمال بألا تتمدد الحرب إلى أراضيه، وأن يبقى على حياد نجحت حكمة المعنيين في إرسائه حتى الآن.
عوّل اللبنانيون بإفراط على موسم الصيف السياحي، ووعدوا بقدوم مئات آلاف المغتربين والسياح العرب والأجانب، خصوصا بعد رفع حظر سفر معظم الرعايا الخليجيين. لكن حسابات الإقليم لم تطابق حساب بيدر بلاد الأرز، بعدما دهمتها الحرب، فخسر لبنان حتى الآن ما يزيد على نصف موسمه السياحي، والنصف المتبقي رهن بالمدى الزمني الذي قد تستغرقه المنازلة الإسرائيلية - الإيرانية.
تبخر حتى الآن نحو مليار دولار، من مليارين تقريبا عائدات متوقعة، وبات الأمل الوحيد توقف الحرب سريعا، وإنقاذ حجوزات المغتربين في آب وأيلول، بعدما ألغى أكثر من 70% منهم حجوزات حزيران وتموز، فيما ألغى معظم السياح العرب حجوزاتهم طوال الصيف.
إلى ذلك، تسود حال من الذعر أوساط شركات الطيران، وقد ارتفعت أقساط التأمين على الرحلات المتجهة إلى بيروت بنحو 35 إلى 50% خلال 72 ساعة فقط، بحسب مصادر من وسطاء التأمين الإقليميين الذين استعادوا سيناريوات سابقة شهدتها المنطقة، مثل حرب غزة 2021 أو انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، حين ارتفعت رسوم المخاطر الحربية المفروضة على لبنان بنحو 300 إلى 500 دولار لكل رحلة أو شحنة. فيما تشير التقديرات الأولية، بناء على بيانات تاريخية سابقة، إلى أن كل يوم من التعطيل الجزئي في مطار رفيق الحريري الدولي قد يكلف لبنان ما بين 3 إلى 5 ملايين دولار من العائدات المباشرة وغير المباشرة، تشمل المسافرين والشحن والبنى التحتية التشغيلية.
فالقطاع السياحي الذي كان يعول على صيف 2025 لإنعاشه بعد 3 سنوات متقطعة، تلقى ضربة موجعة، في رأي الخبير الاقتصادي بيار الخوري. ووفق تقديرات أولية، فإن أكثر من 60% من الحجوزات الفندقية لشهري حزيران وتموز مهددة بالإلغاء، أو تم إلغاؤها فعليا. شركات السياحة تعاني موجة إلغاءات جماعية، والمطاعم الكبرى قد تعمد إلى إغلاق أقسام كاملة وخفض ساعات العمل. البطالة الموسمية في هذا القطاع مهددة بالارتفاع بـ15 إلى 20 ألف وظيفة هذا الصيف، خصوصا في غياب أي دعم حكومي مباشر.
في هذا السياق، يؤكد نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود لـ"النهار" أنه "في الفترة الأخيرة، كان المطار يستقبل يوميا نحو 13 ألف وافد يوميا، لكن الحرب أدت إلى تراجعهم بأكثر من 75% مع عزوف غالبية شركات الطيران عن القدوم إلى لبنان. أما بالنسبة إلى السياحة الصادرة من لبنان فإن نسبة الإلغاءات كبيرة جدا، إذ كانت الحجوزات كبيرة على تركيا واليونان في آب وأيلول. وبالنسبة إلى القادمين إلى لبنان لم تسجل إلغاءات من نصف تموز وآب، وخصوصا من اللبنانيين المقيمين في الخارج، ولكن من المؤكد أن الإلغاءات من العرب والأجانب كثيرة".
على مستوى الملاحة البحرية، الوضع لا يقل خطورة. ووفق الخوري، "مرفأ بيروت الذي يشكل الشريان الأساسي لواردات البلاد، بات مهددا بتراجع كبير في عدد السفن الوافدة، وقد تبدأ شركات الشحن العالمية، وفق تقديرات من وسطاء شحن بفرض رسوم تأمين إضافية تصل إلى 400 دولار للحاوية الواحدة، استنادا إلى تصنيف المرفأ موقعا عالي المخاطر (High Risk Port). وإذا استمر التوتر أو وقع أي حادث عسكري في المياه الدولية المحيطة، فإن حركة السفن قد تتوقف كليا. وهذا لا يعني فقط اختناقات فورية في التوريد، بل هو ارتفاع حاد في أسعار السلع المستوردة، خصوصا المواد الغذائية والدواء وقطع الغيار. فلبنان الذي يستورد أكثر من 80% من حاجاته من الخارج سيجد نفسه عاجزا عن تأمين بدائل سريعة، خصوصا أن المعابر البرية مع سوريا قد تكون غير آمنة أو غير كافية، بما يعيد مشاهد أزمة 2020، ولكن هذه المرة في سياق أكثر تعقيدا. علما أن كبار المستوردين بدأوا فعليا بإعادة تقييم الطلبيات المستقبلية، ما ينذر بموجة تضخمية جديدة تضرب الأسواق في الأسابيع المقبلة".
القطاع التجاري من جهته، بدأ يرزح تحت ضغط مباشر تمثل في اختناقات سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، ما سينعكس على أسعار السلع في السوق المحلية. فالتجار الكبار، وفق الخوري "يعيدون ترتيب أولوياتهم، بينما الصغار يعانون تقلبات حادة في الأسعار وفقدان خطوط تمويل أو اعتمادات مصرفية. فئة كبيرة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإغلاق خلال أسابيع إذا استمرت الأزمة. الاستهلاك المحلي بدوره سيشهد استنزافا سريعا للمخزونات مع تزايد حالة القلق بين الناس، وارتفاع أسعار المحروقات المستوردة يزيد فوضى الأنظمة التشغيلية للمؤسسات التجارية".
يقول الخوري إن "لبنان دخل الآن مرحلة "اللايقين المتفجر"، وسط احتمالات طلب مرتفع على العملة الأجنبية وغياب لأي تدخل من مصرف لبنان، على الرغم من أن البنك المركزي يعلن امتلاكه لاحتياط من العملات الأجنبية يراوح بين 9 و10 مليارات دولار، إلا أن الجزء القابل فعليا للاستخدام لا يتجاوز حدود 6 مليارات".
سلوى بعلبكي - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
وزير المالية: زيادة استثنائية في معدل نمو الإيرادات الضريبية تقترب من 35% العام الحالي
أكد أحمد كجوك، وزير المالية، التنسيق الدائم مع مجلس النواب، فيما يتعلق بمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025/2026. و قال أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، أنه تم وضع بعض المستهدفات من أجل تحقيق التوازن، وتخفيض العجز والاقتراض، وفى نفس الوقت إطلاق والتوسع فى حزم الحماية الاجتماعية ومساندة للأنشطة الاقتصادية. و لفت وزير المالية، أن الدين مناسب لحجم الاقتصاد، ومتوقع فى الموازنة الجديدة خفض نسبة الدين إلى 82%، قائلا: مع تراجع التضخم وأسعار الفائدة خدمة الدين ستتحسن. وقال: وسبق وأعلنا عن خفض الدين الخارجى من مليار إلى 2 مليار دولار سنويا وتم تحقيق ذلك. و لفت إلى أنه لضمان تحقيق هذا التوازن يتطلب حرفية كبيرة وموائمة قدر المستطاع، مؤكدا أن العام الجارى تم تحقيق معدل نمو فى الإيرادات الضريبية يقترب من 35%، وهذه الزيادة الاستثنائية التى لم تحدث من أعوام دون زيادة فى فرض الضرائب أو فرض ضرائب جديدة على المواطنين. و اشار وزير المالية، إلي أن الزيادة تمت بسبب تسهيلات وحل مشاكل وفتح المجال لحل مشاكل كانت قائمة منذ سنوات، ومن ثم فكرة ربط زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بفرض المزيد من الضرائب غير صحيح، ولكن بفضل حزمة من التسهيلات والتيسيرات والحوافز وحل المشاكل، ودخول عدد كبير من أصحاب الاقتصاد غير الرسمى طواعية بعد حزمة التسهيلات، معلنا عن إعلان نتائج هذه التيسيرات والتسهيلات والحوافز خلال أيام. و لفت إلى أن زيادة الإيرادات الضريبية ليس معناها ضرائب جديدة، ولكن تحصيل أفضل وكفاء وعدالة التى بدأت فى تسهيلات فى الضريبية على الدخل والقيمة المضافة وتسهيلات أخرى فى الضريبة العقارية والضريبة الجمركية، جاء ذلك أثناء جلسة مناقشة الموازنة العامة للدولة .


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
وزير المالية: توقعات بتراجع معدل التضخم وخفض نسبة الدين لـ 82%
كشف وزير المالية احمد كجوك، عن وجود تنسيق دائم مع مجلس النواب خلال العام، وفيما يخص بعض التساؤلات بشأن الموازنة الجديدة تم وضعها لتحقيق عدد كبير من المستهدفات، بداية من تحقيق التوازن تخفيض العجز والاقتراض، وفى نفس الوقت إطلاق او التوسع فى حزم الحماية الاجتماعية ومساندة للأنشطة الاقتصادية. وأكد كوجك ، أنه لضمان تحقيق هذا التوازن يتطلب منا حرفية كبيرة وموائمة قدر المستطاع، العام الجارى تم تحقيق معدل نمو فى الإيرادات الضريبية يقترب من 35%، وهذه الزيادة الاستثنائية التى لم تحدث من أعوام دون زيادة فى فرض الضرائب أو فرض ضرائب جديدة على المواطنين". و عرض تفاصيل هذه الزيادة قائلا:" تمت بسبب تسهيلات وحل مشاكل وفتح المجال لحل مشاكل كانت قائمة منذ سنوات، ومن ثم فكرة ربط زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بفرض المزيد من الضرائب غير صحيح، ولكن بفضل حزمة من التسهيلات والتيسيرات والحوافز وحل المشاكل، ودخول عدد كبير من أصحاب الاقتصاد غير الرسمى طواعية بعد حزمة التسهيلات، معلنا عن إعلان نتائج هذه التيسيرات والتسهيلات والحوافز خلال أيام". وأكد وزير المالية، أن زيادة الإيرادات الضريبية ليس معناها فرض ضرائب جديدة، ولكن تحصيل أفضل وكفاء وعدالة التى بدأت فى تسهيلات فى الضريبية على الدخل والقيمة المضافة وتسهيلات أخرى فى الضريبة العقارية والضريبة الجمركية. وفيما يخص الدين، أكد كجوك، أن الدين مناسب لحجم الاقتصاد، ومتوقع فى الموازنة الجديدة خفض نسبة الدين إلى 82%، مع تراجع التضخم وأسعار الفائدة خدمة الدين هتتحسن، وسبق وأعلنا عن خفض الدين الخارجى من مليار إلى 2 مليار دولار سنويا وتم تحقيق ذلك". جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم برئاسة المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لمناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة عن مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2025/2026 ومشروع الموازنة العامة للدولة، ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية، والهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 25/26.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الذهب يهبط أكثر من 1% وسط تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل
تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1%، الاثنين 16 يونيو، مع جني المتداولين الأرباح بعد ارتفاعها قرب أعلى مستوياتها في ثمانية أسابيع، في حين تركز السوق على التوتر بين إسرائيل وإيران وعلى اجتماع مجلس الفدرالي الأميركي هذا الأسبوع. وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 1.2% إلى 3392.86 دولار للأونصة، بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ 22 أبريل في وقت سابق من الجلسة، وارتفعت الأسعار أكثر من 1% يوم الجمعة. وهبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1% إلى 3417.30 دولار عند التسوية. وتسبّبت جولة جديدة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران في سقوط ضحايا من المدنيين، مما زاد من حدة المخاوف بشأن احتمال اندلاع صراع إقليمي واسع، بينما دعا كل من الجيشين المدنيين في الطرف الآخر إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة تحسّباً لمزيد من التصعيد. وقال ديفيد ميجر مدير تداول المعادن لدى شركة هاي ريدج فيوتشرز "ضعوا في اعتباركم أن الذهب ارتفع على مدى الجلسات العديدة الماضية لأسباب على رأسها الصراع بين إسرائيل وإيران. واليوم، نشهد مزيداً من التراجع، ويرجع ذلك على الأرجح إلى عمليات جني الأرباح بعد تلك الحركة المرتفعة". ودعت إيران الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الحرب الجوية المستمرة منذ أربعة أيام، في حين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده على "طريق النصر". وفي الوقت نفسه، بدأ قادة مجموعة الدول السبع محادثات سنوية في كندا. ومن المقرر أن يعقد الفدرالي الأميركي اجتماعه بشأن السياسة النقدية يومي 17 و18 يونيو على أن يُعلَن القرار يوم الأربعاء. ورغم التوقعات الواسعة بأن يُبقي الفدرالي على معدلات الفائدة دون تغيير، تترقب الأسواق أي إشارات بشأن احتمال خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة. ويعتبر الذهب ملاذا آمنا خلال أوقات الضبابية الجيوسياسية وارتفاع التضخم، ويستفيد المعدن النفيس أيضا من انخفاض أسعار الفائدة لأنه لا يدر عائداً. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 36.33 دولار للأونصة، وزاد البلاتين 2% إلى 1252.57 دولار، في حين ارتفع البلاد يوم 0.8% إلى 1036.10 دولار.