
لماذا ارتفعت اسعار اللحوم الحمراء؟
الخليل- تقرير معا- تشهد الأسواق الفلسطينية، ارتفاعا غير مسبوق في أسعار اللحوم الحمراء، رغم تأكيدات وزارة الزراعة بتوفر الكميات وتراجع معدلات الاستهلاك. هذا التناقض يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية للأزمة، وسط اتهامات بضعف الرقابة، وغياب الشفافية في استيراد الخراف، وتنامي ظاهرة التهريب إلى السوق الإسرائيلي.
في معرض تعليقه على ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء في السوق الفلسطيني، يرى الخبير محي الدين سيد أحمد، بأنه لم يعد هناك خبراء في هذا المجال، وكل التوقعات التي تحدثت عن انخفاض الاسعار لم تأت أوكلها..
يتراوح سعر كيلو الخروف حي ما بين 9 -10.5 دينار أردني حسب النوع والحجم، وقد يرتفع السعر خلال الأسابيع القادمة مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، إضافة لاستهلاك اللحوم الحمراء في مناسبات الأفراح التي تكثر خلال فصل الصيف.
أما عن سعر كيلو الخروف مذبوح في أسواق الخليل: "مسكر" ما بين 80 - 95 شيكل، وحسب الطلب وطريقة العمل -تنظيف- ويتراوح ما بين 120 - 140 شيكل للكيلو الواحد.
وقال السيد أحمد لوكالة معا: "نحن لا نحسد على الواقع الذي نعيشه، فأسعار اللحوم الحمراء أغلى مما هي عليه في سويسرا، ولا يوجد حل سحري لمن يمتلك الحلول لخفض الأسعار، لكن نطلب من المسؤولين في الحكومة، وهم يعرفون أنفسهم، بأن يقوموا بعمل دراسات ووضع خطط مستقبلية لضمان عدم ارتفاع الأسعار في المستقبل، رأفة بالمواطن...".
في شباط الماضي، أكدت وزارة الزراعة وعلى لسان الناطق الإعلامي باسمها محمود فطافطة، أن الإحصائيات المتوفرة لديها تشير إلى أن كميات اللحوم الحمراء الموجودة في الأسواق تكفي حاجة الاستهلاك المحلي. ولا زالت تؤكد الوزارة أن الكميات متوفرة.
وحسب معطيات وزارة الزراعة، فإن معدل استهلاك الفرد في فلسطين من اللحوم الحمراء كان قبل نحو عشر سنوات 14 كيلوغرامًا في السنة، أما خلال السنوات الثلاث الأخيرة فتراجع معدل استهلاك الفرد إلى نحو 6 كيلوغرام بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: اللحوم متوفرة، وهناك تراجع في الاستهلاك.. فلماذا ارتفعت أسعارها؟
للإجابة على هذا السؤال، قمنا في "معا" بالحديث مع عدد من تجار وبائعي اللحوم الحمراء في فلسطين، والذين أكدوا أن الرقابة على الأسواق من قبل الجهات الرقابية لم تكن مجدية ولم تسهم في كبح جماح الارتفاع المضطرد للأسعار منذ مطلع العام الحالي.
وقال تاجران رفضا الإفصاح عن نفسيهما: "وزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد الوطني، قامتا ومن خلال استعراض الأسعار الاسترشادية في شهر رمضان الماضي، بتحديد أسعار بيع اللحوم الحمراء، لكن مع انقضاء الشهر الفضيل، توقف استعراضهم".
وأردفا في أحاديث منفصلة مع مراسل معا: "حتى تلك الأسعار لم نكن نلتزم بها، لأنها كانت تتسبب بخسارتنا".
وأوضحا بأن السعر الاسترشادي على الرغم من أهميته لضبط السوق، لكنه كان مضللًا للمستهلكين ولبائعي التجزئة، حيث لم يُحدّد السعر للخروف المستورد بنظام الكوتة أم المستورد المجمرك أو الخروف البلدي، ولم تُلزم وزارتا الاقتصاد الوطني والزراعة المستوردين بتمييز الخراف المستوردة بالكوتة عن تلك المستوردة من خارج الكوتة.
وزارة الزراعة الفلسطينية، نجحت خلال السنوات الأخيرة، في إلزام مستوردي الخراف بنظام الكوتة على استيراد خروف مجمرك مقابل كل خروف يتم استيراده بنظام الكوتة، وبذلك ارتفع عدد الخراف المستوردة سنويًا إلى 100 ألف، 50 ألفًا منهم بنظام الكوتة.
ويرى تجار اللحوم أن فلسطين تحتاج إلى نصف مليون خروف سنويًا، لكن نظام الكوتة لا يتغير ولا يتزحزح عن الـ50 ألف خروف سنويًا.
الافصاح عن اسماء المستوردين والسعر الاسترشادي للمستورد والبلدي
وطالب التجار وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الزراعة، بضرورة الإفصاح عن أسماء الشركات المستوردة والكميات التي سُمح لها باستيرادها وخاصة بنظام الكوتة، مع وضع سعر استرشادي لبيع مثل هذه اللحوم للمستهلك وتمييزها عن غيرها.
وأكدوا خلال أحاديثهم مع مراسلنا، بأنه يتم بيع الخروف المستورد بنظام الكوتة بذات السعر الذي يُباع فيه الخروف البلدي أو الخروف المستورد والمجمرك.. وهذا ظلم للمواطنين.
وقال أحدهم: "ومن هنا يجب تشديد الرقابة على الأسواق، وبهدف الشفافية وعدالة التوزيع، يجب إشهار أسماء الشركات المستوردة مع الكميات التي سُمح لهم باستيرادها، ونشر هذه المعلومات على مواقع الوزارات المختصة".
من جانبه، ادعى مستورد خراف بأن أسعار الخراف ارتفعت عالميًا، في ظل الأزمات والاضطرابات على حركة التجارة العالمية وسلاسل التوريد.
وكان رئيس نقابة أصحاب الملاحم وتجار المواشي في فلسطين، عمر النبالي، قد وجه انتقادات حادة لوزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني، معتبرًا أن الوزارتين مسؤولتان بشكل مباشر عن هذه الأزمة المُتجددة.
وأضاف في تصريحات صحفية: "الاستمرار بالاعتماد على الاستيراد، وإن كان يُدرُّ ربحًا على كبار التجار وحيتان السوق، وإهمال الثروة الحيوانية، وعدم تخصيص ميزانيات كافية للنهوض بواقع الثروة الحيوانية في فلسطين، لن يزيد الأمر إلا تعقيدًا، ولن يؤدي بأي شكل من الأشكال إلى التحرر من قيود الاستيراد".
ارتفاع اسعار الخراف هل هي وليدة 3 أشهر ..؟
ارتفاع أسعار الخراف.. هل هي وليدة 3 أشهر؟
يرى أحد تجار اللحوم الحمراء، بأن أسعار الخراف بدأت بالارتفاع منذ جائحة كورونا، وهناك كثير من مربي الثروة الحيوانية ابتعدوا عن التربية، وتراجع الإنتاج الوطني، وشهد هذا التراجع أوجه بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتعطّل العمال عن أعمالهم داخل الخط الأخضر.
وأضاف: "اضطر غالبية العمال الذين كانوا يربون خرافًا إلى بيع خرافهم وأمهات الخراف لسد احتياجاتهم".
إذنا شاهدة على التراجع
وساق هذا التاجر بلدة إذنا إلى الغرب من مدينة الخليل، حيث أوضح بأنه كان يجمع ما بين 300 - 400 خروف من البلدة، بمعدل شهري، وبكل سهولة، أما اليوم فإنه لا يجمع 100 خروف، منها أمهات الخراف التي كان المزارعون يمتنعون عن بيعها، لكن حاجتهم للمال دفعتهم لبيعها.
تهريب ما بين 100 الف - 150 الف خروف للسوق الاسرائيلي
بالعودة إلى التصريحات الصحفية للناطق باسم وزارة الزراعة، محمود فطافطة، أكد تورط بعض التجار في قضايا تهريب كميات من اللحوم إلى داخل الخط الأخضر، وأن الجهات الرسمية الفلسطينية تحاول كبح جماح الظاهرة، لكن الاحتلال الإسرائيلي يوفر التسهيلات لبعض التجار من أجل التهريب.
ويعتقد أحد تجار اللحوم، بأن كمية الخراف التي هُرّبت للسوق الإسرائيلي، قبل عيد "الفصح" الماضي، ما بين 100 ألف - 150 ألف خروف، مشيرًا إلى أن سعر كيلو الخروف في السوق الإسرائيلي يُباع ما بين 220 - 240 شيكل.
ويتفق رئيس نقابة أصحاب الملاحم وتجار المواشي في فلسطين، عمر النبالي، مع تجار اللحوم في الخليل، بأن الحل الأمثل لكبح جماح الارتفاع المضطرد على أسعار اللحوم، هو قيام الحكومة، وخاصة وزارة المالية، بالعمل على الإعفاءات الجمركية والضريبية لسنتين أو ثلاث سنوات، بالتوازي مع تنفيذ برامج وخطط طارئة للنهوض بالثروة الحيوانية في فلسطين، وكذلك الاسترداد الضريبي.
ويؤمن التجار بأن الحكومة هي صاحبة الاختصاص في كبح جماح الأسعار، ولديها من الأدوات ما يمكنها من ذلك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ يوم واحد
- جريدة الايام
مخطط لإنشاء 13 مدينة استيطانية و5 مناطق صناعية بالضفة
تل أبيب - وكالات: أعلن وزير البناء والإسكان الإسرائيلي إسحق جولدكنوبف، ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة يوسي دغان، عن ميزانية قدرها 30 مليون شيكل من أجل البدء في مخططات إقامة 13 مدينة جديدة و5 مناطق صناعية في شمال الضفة الغربية، في إطار خطة "مليون يهودي في السامرة" التي أعدها مجلس مستوطنات شمال الضفة قبل نحو عام. وأشار الإعلام العبري إلى أنه سيتم إعداد ميزانية التخطيط من قبل وزارة البناء والإسكان، وبمساعدة وزير المالية سموتريتش. وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن الخطة تهدف لبناء 180 ألف وحدة استيطانية؛ لزيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون مع حلول عام 2050. يذكر أن خطة "مليون يهودي في السامرة" هي خطة بقيادة رئيس مستوطنات شمال الضفة دغان، وتمت صياغتها من قبل متخصصين في المجلس وخبراء خارجيين، بما في ذلك مهندسون ومعماريون وجغرافيون ومستشارون، حيث قاموا بإعداد خطة مهنية عملية من أجل الوصول إلى مليون ساكن إسرائيلي في شمال الضفة بحلول عام 2025.


معا الاخبارية
منذ 2 أيام
- معا الاخبارية
13 مدينة جديدة و5 مناطق صناعية.. تسريع الإجراءات في إطار الرد على هجوم بروقين
تل أبيب- معا- أعلن وزير البناء والإسكان الإسرائيلي اسحاق جولدكنوبف ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة يوسي دغان عن ميزانية قدرها 30 مليون شيكل من أجل البدء في مخططات إقامة 13 مدينة جديدة و5 مناطق صناعية في شمال الضفة الغربية في إطار خطة "مليون يهودي في السامرة" التي أعدها مجلس مستوطنات شمال الضفة قبل نحو عام. الإعلام العبري أشار إلى أنه سيتم إعداد ميزانية التخطيط من قبل وزارة البناء والإسكان وبمساعدة وزير المالية سموتريتش. يذكر أن خطة "مليون يهودي في السامرة" هي خطة بقيادة رئيس مستوطنات شمال الضفة دقان وتم صياغتها من قبل متخصصين في المجلس وخبراء خارجيين، بما في ذلك مهندسين ومعماريين وجغرافيين ومستشارين حيث قاموا بإعداد خطة مهنية عملية من أجل الوصول إلى مليون ساكن إسرائيلي في شمال الضفة بحلول عام 2025.


معا الاخبارية
منذ 4 أيام
- معا الاخبارية
ابو الرب: الديون المتراكمة على الكهرباء والبلديات يجب حسمها وحلها
الخليل-معا- قال الناطق باسم الحكومة محمد ابو الرب، التواجد في الخليل، اليوم الأربعاء، هو جزء من عملية التواصل التي يقوم بها رئيس الوزراء محمد مصطفى، في المحافظات، الهدف الأساس ليس الاطلاع على اوضاع المواطنين وشؤون المحافظات، لأن المتابعة اليومية تتم من قبل وزراء الاختصاص، وهناك جلسات متخصصة تمت بالامس في بيت لحم واليوم سيتم عمل جلسات متخصصة مع ممثلي مختلف القطاعات في الخليل، والهدف منها الخروج بتوصيات عملية، في مختلف القطاعات. وأردف في تصريحات صحفية:" منذ وصول رئيس الوزراء لمحافظة الخليل، بدأ بمناقشة حزمة المساهمات والدعم التي من الممكن ان تساهم في تعزيز صمود المواطنين في مسافر يطا، وتمت مناقشتها مع المحافظ، وبالتالي سيكون هناك عملية باتجاه تعزيز صمود المواطنين". وتابع:" بالاضافة الى ذلك هناك العديد من الملفات والازمات المتراكمة ومنها أزمة شركات الكهرباء في محافظة الخليل، والديون المتراكمة والعالقة والتي تسبب أيضا نزيف في المال العام، وهذه الاموال يقوم الاحتلال باقتطاعها من اموال المقاصة". وحول دعم الحكومة لقطاعي الصناعة والتجارة في الخليل، قال ابو الرب:" الدعم الحكومي سيتم من خلال أشكال مختلفة، منها تجنيد أموال لدعم القطاعات الصناعية المتضررة بالتنسيق مع الحكومة والهيئات المختلفة". وتابع:" تكمن الأهمية اليوم، في التشارك بعملية اتخاذ القرار وتحديد التدخلات الواجبة والممكنة في محافظة الخليل، أسوة بما تم الاعلان عنه أمس في محافظة بيت لحم". وحول منع رؤساء بلديات في محافظة الخليل من السفر، من قبل هيئة مكافحة الفساد على خلفية الأزمة المالية للكهرباء، أوضح ابو الرب، ان ما تم الاعلان عنه، جاء بقرار قانوني متعلق بالقضاء الفلسطيني والنيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد، وهي جهات عاملة على انفاذ القانون، مستقلة في عملها عن الحكومة، وهي تتابع المال العام. مشددا على استقلالية القضاء الفلسطيني وهيئة مكافحة الفساد. وحول الديون المتراكمة قال:" هناك حوالي مليار شيكل تقريبا من الاموال التي لا تتم جبايتها، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بجباية الاموال من المواطنين، منذ شهور والحكومة تفاوض البلديات وشركات الكهرباء، والخطوات كانت سهلة وبسيطة من البداية، وكان مطلوبا اضافة مراقب مالي على هذه الشركات لضمان سلامة الاجرءات، وكان هناك خلل إداري وفني يتعلق بما تقوم هذه الشركات من تحويل أموال ومخصصات للبلديات بشكل مخالف للقانون، ولا يحق لشركة الكهرباء، ان تحول اموال للبلديات وهي اصلا اموال فواتير كهرباء جبتها من المواطنين، والاجراءات التي تمت لا تستهدف المواطنين، بل تتعلق بجهات انفاذ القانون". وزاد في حديثه: الحديث هنا عن المال العام، ولا بد من حمايته، لأنه يؤثر على المستشفيات والتعليم وعلى عديد الجهات، وهناك جهات مختلفة قامت بعمل تسويات مالية مثل شركة كهرباء القدس وكهرباء الشمال، وكذلك شركة كهباء طوباس اتمت عملية التسويات المالية". وأوضح ان التسوية المالية لا تعني الدفع الآني، بل تعني ان تعرف ما لك على الحكومة وما للحكومة عليك، وتثبيت المبالغ، ثم تأتي مرحلة جدولة الديون. وألمح الى وجود تفاهمات سابقة لجدولة ديون الكهرباء موزعة على 7 سنوات، وليس الدفع الآني. وتحدث حول ارتفاع الديون المتراكمة على المواطنين، مشيرا الى وجود رجال اعمال وشركات في الخليل عليها ديون تقدر بنحو 30 مليون شيكل، ديون كهرباء. وهذا لا يعقل في الوقت الذي يقوم فيه المواطن العادي والموظف الذي يتقاضى ما نسبته 70% من راتبه ملتزم بالدفع المسبق، ورجال اعمال لا تدفع.. هذه خطوات لا بد من حسمها وحلها. وتحدث حول الأثر الايجابي للتسويات المالية وانعكاسها الجيد على الهيئات المحلية، موضحاً :"التسويات المالية ترفع تصنيف الهيئات المحلية و تاخذ مشاريع اكثر من صندوق تطوير واقراض البلديات، والحكومة تمنحها ايضا جباية ضريبة الاملاك، وهذه المبالغ مهمة ممكن ان تساهم في تعزيز وضعها، لكن بالمحصلة هذه ملفات الحكومة عازمة على حلها.