
80 عاما بعد القصف.. الأسطورة المقيمة لهيروشيما وناغازاكي
جون لافورج - (كونسورتيوم نيوز) 5/8/2025
بعد القصف الذري الذي نفذته الولايات المتحدة ضد هيروشيما وناغازاكي في 6 و9 آب (أغسطس) 1945، تم إطلاق حملة دعائية أميركية تزعم أن المذبحة التي قتلت أكثر من 200.000 شخص كانت تهدف إلى إنقاذ الأرواح.
* * *
لم تكن الإبادة الذرية الأميركية لـ140.000 شخص في هيروشيما و70.000 في ناغازاكي "ضرورية" على الإطلاق، لأن اليابان كانت قد سُحقت بالفعل، ولم تكن هناك حاجة إلى غزو بري بينما كانت اليابان تسعى إلى السلام. لم تعد الأسطورة الرسمية التي تقول إن "القنابل أنقذت أرواحًا" من خلال التعجيل باستسلام اليابان، قابلة للتصديق، إلا عند أولئك الذين يحبّون أن يظلوا مستسلمين للخداع.
اضافة اعلان
لقد تم تدمير السجل التاريخي الطويل لهذه الخرافة من خلال كشف أرشيفات الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي واليابان وبريطانيا –التي أصبحت في معظمها الآن غير سرية– والتي تناولها بالتفصيل وارد ويلسون في كتابه "خمس خرافات عن الأسلحة النووية"، (دار هوتن ميفلين هاركورت، 2013).
كما يساعد كتاب غريغ ميتشل "التغطية الذرية" (دار سينكلير، 2011) في تفسير استمرارية خدعة "إنقاذ الأرواح". في زمن الحرب والاحتلال، صادر الرقباء جميع الأفلام والصور الثابتة للمدينتين المقصوفتين بالقنابل الذرية، وأبقت الحكومة الأميركية هذه المواد مخفية لعقود.
وحتى في العام 1968، كانت لقطات الأرشيف الإخبارية من هيروشيما، والمحفوظة في الأرشيف الوطني، مختومة بعبارة: "سري – لا يُفرج عنه إلا بموافقة وزارة الدفاع". وكانت الصور التي وصلت إلى العامة تُظهر فقط مباني محترقة أو سُحُبًا نووية على شكل فطر –ونادرًا ما كانت تظهر الضحايا من البشر.
رقابة ماك آرثر
في كتابهما، "هيروشيما في أميركا: خمسون عامًا من الإنكار" (دار غروست-بوتنام، 1995)، يشير روبرت ليفتون وميتشل إلى أن الجنرال ليزلي غروفز، رئيس مشروع مانهاتن، "لم يترك شيئًا للصدفة". حتى قبل هيروشيما قام بمنع القادة الأميركيين من التعليق على الهجمات الذرية من دون موافقة وزارة الحرب. وقال غروفز: "لم نكن نريد أن يقول ماك آرثر وآخرون أن الحرب كان يمكن كسبها من دون القنبلة".
في الواقع، لم يكن ماك آرثر يؤمن بأن القنبلة كانت ضرورية لإنهاء الحرب، لكنه أنشأ هو نفسه برنامجًا للرقابة بصفته قائدًا للاحتلال الأميركي لليابان. وحظر على الصحفيين زيارة هيروشيما أو ناغازاكي، وطرد أولئك منهم الذين تحدوا الحظر، وقال لاحقًا أن أولئك الذين اشتكوا من وجود رقابة في اليابان كانوا منخرطين في "حملة دعائية كاذبة وخبيثة".
يعود استمرار اعتقاد معظم الناس في الولايات المتحدة بأن حجة "إنقاذ الأرواح" كانت صحيحة إلى عقود من الرقابة وصناعة الأساطير، بدأت مع الرئيس هاري ترومان، الذي قال في 6 آب (أغسطس) 1945: "قبل ست عشرة ساعة، أسقطت طائرة أميركية قنبلة واحدة على هيروشيما، وهي قاعدة مهمة للجيش الياباني. وقد فعلنا ذلك لأننا أردنا لهذا الهجوم الأول أن يتجنب، قدر الإمكان، قتل المدنيين".
في الحقيقة، لم تكن المدينة التي يسكنها 350.000 نسمة ذات قيمة عسكرية تُذكر، وكان الهدف هو المدينة نفسها وليس القاعدة العسكرية الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات.
إذا أخذنا أقوال الرئيس ترومان على محمل الثقة، فإن مقتل 140.000 مدني في هيروشيما يعتبر الحد الأدنى المتوقع عند تفجير سلاح نووي صغير فوق "قاعدة عسكرية". أما اليوم، فإن الرؤوس الحربية "الصغيرة" لصواريخ كروز، التي تفوق قنبلة ترومان الذرية بـ12 مرة من حيث القوة، قد يقتل الواحد منها ما يصل إلى 1.68 مليون شخص.
وكانت الرقابة الرسمية على ما فعلته القنبلتان بالناس، وعلى الأسباب الكامنة وراء استخدامهما، ناجحة إلى درجة أن 25 عامًا من تفنيد هذه السردية لم تُفلح في الإطاحة بالرواية الرسمية بشكل عام.
أسطورة مصطنعة
في العام 1989، كتب المؤرخ غار ألبروفيتز أن "القادة الأميركيين كانوا يعلمون جيدًا، قبل فترة طويلة، أن قصف هيروشيما وناغازاكي لم يكن لازمًا لإجبار اليابان على الاستسلام"، وأضاف لاحقًا، في كتابه الذي يقع في 847 صفحة، والمعنون "قرار استخدام القنبلة الذرية" (راندوم هاوس، 1995): "أعتقد أنه يمكن إثبات أن القنبلة لم تكن غير ضرورية فحسب، بل إنه كان معروفًا مسبقًا أنها غير ضرورية". ويقول ألبروفيتز أن الأسطورة الشعبية عن إنقاذ المدنيين "لم تحدث من تلقاء نفسها"، بل "تم اختراعها".
من بين الوثائق التي أُبقيت مخفية لعقود، كان استنتاج "مسح القصف الاستراتيجي الأميركي" للعام 1946، الذي قال إن اليابان كانت ستستسلم على الأرجح في العام 1945 من دون استخدام القنابل الذرية، ومن دون غزو سوفياتي، ومن دون غزو أميركي.
وبعد وقت قصير من يوم النصر على اليابان في العام 1945، كتب العميد بوني فيلر: "لا القصف الذري، ولا دخول الاتحاد السوفياتي الحرب، هما ما أجبر اليابان على الاستسلام غير المشروط. كان البلد مهزومًا قبل أن يقع أي من هذين الحدثين".
وفي مذكراته، قال الرئيس دوايت آيزنهاور، الجنرال ذو الخمس نجوم والقائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، أنه كان يعتقد "أن اليابان كانت مهزومة بالفعل، وأن إسقاط القنبلة لم يكن ضروريًا على الإطلاق".
في العام 1950، كتب الأدميرال ويليام ليهي، رئيس هيئة الأركان المشتركة خلال الحرب: "في رأيي، لم يكن لاستخدام هذا السلاح الهمجي في هيروشيما وناغازاكي أي فائدة مادية في حربنا ضد اليابان. كانت اليابان مهزومة بالفعل ومستعدة للاستسلام".
ويلاحَظ أنه تم استبعاد آراء فيلر، وآيزنهاور، وليهي بشكل ملحوظ أو إخضاعها للرقابة في معرض مؤسسة سميثسونيان في العام 1995، حيث تم عرض الطائرة القاذفة الذرية (ب-29) "إينولا غاي".
ربما تصلح كلمات الأدميرال ليهي في العام 1950، التي حطمت الأساطير وتحدّت الرقابة بشأن القنبلة، لتكون نقشًا تأبينيًا على شاهدة قبر عصر السلاح النووي. قال تعليقًا على إحراق هيروشيما: "لم يتم تعليمي أن أخوض الحرب بهذه الطريقة. لا يمكن كسب الحروب عن طريق تدمير النساء والأطفال".
*جون لافورج John LaForge: كاتب وناشط أمبركي في مجال نزع السلاح النووي والعدالة البيئية. وهو المدير المشارك لمنظمة "مراقبة الأسلحة النووية" Nukewatch، حيث يعمل منذ عقود في مراقبة الأسلحة النووية ونشر الوعي حول مخاطرها. شارك في تنظيم مؤتمرات دولية ونفذ أعمال عصيان مدني سلمية ضد منشآت نووية، ما أدى إلى اعتقاله عدة مرات.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: ATOMIC BOMBINGS AT 80: The Enduring Myth of Hiroshima & Nagasaki
في ترجمات:
عن الصمود.. وأطفال فلسطين
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 40 دقائق
- رؤيا نيوز
الأردن يعزي باكستان بضحايا الفيضانات والسيول والانزلاقات الأرضية
أعربت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين عن أصدق التعازي والمواساة لجمهورية باكستان، بضحايا الفيضانات والسيول والانزلاقات الأرضية الناجمة عن الأمطار الغزيرة، التي ضربت عددًا من الأقاليم، مما أسفر عن إصابة وسقوط المئات، بينهم عناصر من وحدات الإنقاذ الباكستانية جراء تحطّم مروحيتهم. وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة تعاطف المملكة وتضامنها الكامل مع حكومة وشعب جمهورية باكستان الإسلامية الشقيقة في هذا المصاب الأليم، مُعربًا عن أصدق التعازي لأُسَر الضحايا، ومتمنيًا الشفاء العاجل للمصابين


صراحة نيوز
منذ 3 ساعات
- صراحة نيوز
البيت الأبيض ينقل رسالة ميلانيا ترامب إلى الرئيس الروسي
صراحة نيوز -ذكرت وكالة 'رويترز' نقلاً عن مصادر في البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلّم نظيره الروسي فلاديمير بوتين رسالة من السيدة الأمريكية الأولى ميلانيا ترامب تتعلق بملف لم شمل أطفال أوكرانيين مع ذويهم. وأفادت المصادر أن ترامب سلّم الرسالة خلال قمة ألاسكا التي جمعت الزعيمين، دون الكشف عن تفاصيل محتواها باستثناء الإشارة إلى قضية 'اختطاف الأطفال نتيجة للنزاع'. وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء الأطفال، الذين تقول روسيا إنهم من نزلاء دور الأيتام والرعاية في مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيه وخيرسون التي انضمت إليها، يمكن إعادتهم لذويهم أو أقربائهم في أوكرانيا إذا تم التعرف عليهم. كما أوضحت السلطات الروسية أن بعض هؤلاء الأطفال كانوا في رحلات إلى معسكرات للأطفال داخل روسيا أو لدى أقاربهم هناك منذ بدء العملية العسكرية، ما حال دون عودتهم بسبب توقف السفر بين البلدين. وجاء تسليم الرسالة خلال لقاء مغلق بين بوتين وترامب في قاعدة 'إلمندورف-ريتشاردسون' العسكرية بألاسكا، حيث وصف ترامب المباحثات بأنها 'مثمرة للغاية' وأنها حققت 'تقدماً هائلاً'.


صراحة نيوز
منذ 3 ساعات
- صراحة نيوز
إسبانيا تدعو لتعليق المعاهدات ووقف شراء السلاح من الاحتلال
صراحة نيوز – دعت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية يولاندا دياز، إلى تعليق كافة المعاهدات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن التعامل مع شركاته يمثل دعماً لاقتصاد قائم على الإبادة. وطالبت دياز الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف حازم بوقف شراء السلاح من تل أبيب، معتبرة أن هذه الخطوات ضرورية للضغط على الاحتلال ووقف انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني. ويأتي تصريحها عقب إعلان إسبانيا إلغاء صفقة صواريخ مضادة للدبابات مع الاحتلال بقيمة 287 مليون يورو.