logo
الحقد الجزائري الدفين ضد المغرب: حقائق ودلالات

الحقد الجزائري الدفين ضد المغرب: حقائق ودلالات

أخبارنا٠٦-٠٣-٢٠٢٥

نورالدين البركاني
منذ استقلال الجزائر سنة 1962، لم تعرف العلاقات الجزائرية-المغربية استقرارًا حقيقيًا، بل كانت محكومة بالتوتر والمواجهات المباشرة وغير المباشرة. وعلى الرغم من الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين، فإن الحكام الجزائريين اختاروا نهج العداء للمغرب، متذرعين بقضية الصحراء المغربية، التي لم تكن يومًا سوى ورقة ضغط تستعملها الجزائر لعرقلة استقرار المغرب وإضعافه إقليميًا ودوليًا.
1. الصحراء المغربية: ذريعة لمعاداة المغرب
تروج الجزائر لخطاب مفاده أنها تدافع عن ما تسميه بـ"حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، لكن الوقائع تثبت أن النظام الجزائري لا يؤمن بمبدأ تقرير المصير، بل يستخدم قضية الصحراء المغربية فقط كورقة لمحاربة المغرب وتقويض نفوذه في المنطقة. ولو كان الأمر يتعلق بمبدأ إنساني أو قانوني، لرأينا الجزائر تدافع عن حقوق الأقليات داخلها، مثل الطوارق في الجنوب أو القبايل الذين يطالبون بحقوق ثقافية وسياسية أوسع.
الدليل على أن دعم الجزائر للبوليساريو مجرد ذريعة لمعاداة المغرب:
2. الطرد الجماعي لـ 350,000 مغربي سنة 1975
في خطوة انتقامية غير إنسانية، قام النظام الجزائري في 18 ديسمبر 1975 بطرد حوالي 350,000 مغربي كانوا يقيمون في الجزائر منذ عقود، بعد أيام فقط من تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمه الصحراوية من الاستعمار الإسباني. لم يكن لهذا الطرد أي مبرر قانوني أو إنساني، بل كان رد فعل عدائيًا تجاه نجاح المغرب في استعادة أقاليمه الجنوبية بطريقة سلمية.
3. تمويل ودعم البوليساريو والجماعات الإرهابية
الجزائر هي الراعي الرئيسي لجبهة البوليساريو، إذ توفر لها الملاذ في مخيمات تندوف، وتمنحها الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي، رغم أن هذه الجبهة لا تمتلك أي شرعية دولية. كما أن الجزائر متهمة، وفق تقارير استخباراتية، بتوفير الدعم لجماعات مسلحة في منطقة الساحل، وهو ما يهدد استقرار المنطقة ككل.
4. إغلاق الحدود مع المغرب (1994 - إلى اليوم)
بعد حادثة تفجير فندق "أطلس آسني" في مراكش سنة 1994، قررت الجزائر إغلاق حدودها البرية مع المغرب، رغم أن المغرب لم يكن وراء هذا الحادث بل كان ضحيته. ومنذ ذلك الوقت، يرفض النظام الجزائري فتح الحدود، على الرغم من الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي يتكبدها الشعبان بسبب هذا القرار.
5. قطع العلاقات الدبلوماسية (2021)
في خطوة تصعيدية أخرى، أعلنت الجزائر في أغسطس 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متذرعةً بحجج واهية. والواقع أن هذا القرار لم يكن سوى امتداد للسياسات العدائية المتواصلة ضد المغرب.
6. إغلاق الأجواء أمام الطائرات المغربية
بعد شهر واحد من قطع العلاقات الدبلوماسية، قررت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية، مما أثر سلبًا على الرحلات الجوية بين المغرب ودول أفريقيا وأوروبا، وهو قرار يعكس السياسة الانتقامية التي ينتهجها النظام الجزائري ضد المغرب.
7. قطع الغاز عن المغرب (2021)
في أكتوبر 2021، قررت الجزائر عدم تجديد عقد أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب إلى إسبانيا، في خطوة واضحة لاستهداف الاقتصاد المغربي. لكن المغرب، بعكس توقعات الجزائر، تمكن من تجاوز الأزمة بسرعة عبر تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاعتماد على الطاقات المتجددة.
8. محاولة ضرب مصالح المغرب دوليًا
لطالما حاولت الجزائر التأثير على الدول الإفريقية والعربية والدولية لمناهضة المغرب في قضية وحدته الترابية. إذ تقوم بتمويل لوبيات معادية للمغرب، وتحاول الضغط على بعض الدول لتغيير موقفها من الصحراء المغربية، رغم أن أغلبية دول العالم اليوم تدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
9. التجنيد الإعلامي والدعائي ضد المغرب
الإعلام الجزائري الرسمي وغير الرسمي تحول إلى منصة لشيطنة المغرب، حيث يُروّج الأكاذيب والمغالطات حول الوضع الداخلي للمملكة، في محاولة فاشلة لتشويه صورة المغرب أمام الرأي العام الدولي.
10. رفض الجزائر التفاوض المباشر مع المغرب
بالرغم من أن المغرب يدعو باستمرار إلى الحوار لحل الخلافات الثنائية، ترفض الجزائر أي مفاوضات مباشرة حول قضية الصحراء المغربية. كما أنها ترفض أي مبادرات وساطة، مما يدل على أن القضية ليست مسألة "تقرير مصير" بل ورقة سياسية لإضعاف المغرب.
11. محاولات عرقلة الاستثمارات الدولية في الأقاليم الجنوبية المغربية
الجزائر، عبر ذراعها الدبلوماسي والبوليساريو، تحاول عرقلة الاستثمارات الأجنبية في الصحراء المغربية، خاصةً في مجالات الطاقة المتجددة والصيد البحري. كما تحاول الضغط على بعض الشركات الدولية لعدم الاستثمار في هذه المناطق عبر دعاوى قضائية في المحاكم الأوروبية.
12. تجنيد منظمات حقوقية وأطراف دولية لتشويه صورة المغرب
تقوم الجزائر بتمويل منظمات غير حكومية دولية من أجل نشر تقارير مغلوطة حول "حقوق الإنسان" في الصحراء المغربية. هذه التقارير تستند إلى معلومات مضللة مصدرها البوليساريو، في محاولة لتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب.
13. الضغط على الاتحاد الإفريقي لدعم البوليساريو
الجزائر استغلت نفوذها داخل الاتحاد الإفريقي لمحاولة فرض البوليساريو كعضو في المنظمة، رغم أن الأمم المتحدة لا تعترف بها كدولة. كما تحاول التأثير على الدول الإفريقية التي تدعم المغرب من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية.
14. احتضان وتدريب قيادات البوليساريو عسكريًا
إلى جانب الدعم المالي والدبلوماسي، توفر الجزائر تدريبات عسكرية لعناصر البوليساريو داخل أراضيها، حيث يتم تدريب الميليشيات في القواعد العسكرية الجزائرية، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.
15. استخدام البوليساريو كورقة ابتزاز سياسي واقتصادي
الجزائر تستخدم البوليساريو كورقة ابتزاز ضد المغرب، سواءً في مفاوضاتها مع دول أوروبية، أو في علاقاتها مع دول عربية وإفريقية. عندما تتوتر علاقتها مع أي دولة بسبب المغرب، تلجأ فورًا إلى إثارة ملف الصحراء لمحاولة زعزعة موقف تلك الدولة.
16. استهداف المغرب في المنتديات الدولية ومنعه من استضافة فعاليات كبرى
تسعى الجزائر بشكل ممنهج إلى عرقلة أي محاولة مغربية لاستضافة فعاليات دولية كبرى، سواء كانت رياضية، اقتصادية، أو سياسية. فعلى سبيل المثال، مارست الجزائر ضغوطًا على الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) لمنع المغرب من استضافة بطولات رياضية، كما حاولت عرقلة ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم.
17. دعم الإعلام الجزائري لأطروحة الانفصال داخل المغرب
لا يكتفي الإعلام الجزائري بمهاجمة المغرب بخصوص قضية الصحراء، بل يعمل على الترويج لأطروحات انفصالية أخرى، مثل دعم حركات معادية للمغرب في بعض الأقاليم، بهدف خلق حالة من عدم الاستقرار الداخلي.
18. تعطيل مشروع الاتحاد المغاربي لخدمة أجندتها العدائية
منذ عقود، يحاول المغرب دفع مشروع الاتحاد المغاربي إلى الأمام، لكن الجزائر كانت العائق الأساسي أمام تفعيله. إذ تصر على ربط أي تقدم في المشروع بحل قضية الصحراء وفق منظورها، مما يعطل أي تكامل اقتصادي أو سياسي بين دول المنطقة.
19. استخدام موارد الدولة الجزائرية في حرب دبلوماسية ضد المغرب بدلًا من تنمية الجزائر
رغم الأزمة الاقتصادية والبطالة التي يعاني منها الشعب الجزائري، يواصل النظام إنفاق مليارات الدولارات لدعم البوليساريو وتمويل حملات دعائية ضد المغرب. في المقابل، لا يستفيد المواطن الجزائري من هذه السياسات العدائية، بل تزداد أوضاعه سوءًا نتيجة لهذا الهدر المالي.
20. تأجيج العداء الشعبي ضد المغرب عبر مناهج التعليم والإعلام الرسمي
النظام الجزائري لا يكتفي فقط بالعداء الدبلوماسي، بل يعمل على زرع الكراهية ضد المغرب في الأجيال الجديدة، عبر المناهج الدراسية والإعلام الرسمي. حيث يتم تصوير المغرب على أنه "العدو الأبدي" للجزائر، رغم أن الشعبين الشقيقين تجمعهما روابط تاريخية ودينية مشتركة.
كل هذه الدلائل تؤكد أن دعم الجزائر للبوليساريو ليس بدافع الدفاع عن مبدأ تقرير المصير، بل هو سياسة عدائية ممنهجة ضد المغرب، تهدف إلى ضرب استقراره وإضعافه إقليميًا ودوليًا. ومع ذلك، فإن المغرب يواصل تحقيق إنجازات دبلوماسية واقتصادية كبرى، بينما يبقى النظام الجزائري أسيرًا لسياسة العداء، التي لم تجلب له سوى العزلة والخسائر.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: من المستفيد من استمرار هذا العداء؟
الشعب الجزائري ليس مستفيدًا، فهو يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، وكان الأجدر بنظامه التركيز على التنمية بدل هدر مقدرات البلاد في سياسات عدائية غير مبررة.
المغرب، الحمد لله، تمكن من تحقيق تقدمه رغم كل العراقيل، إذ أصبح نموذجًا في الاستقرار والتنمية، واستطاع تعزيز علاقاته الدولية رغم محاولات النظام الجزائري لعرقلته.
وبالتالي، فإن السياسات العدائية الجزائرية ضد المغرب لا تعبر عن موقف شعبي جزائري، وإنما هي انعكاس لعقدة النظام الحاكم من نجاح المغرب في بناء نموذج اقتصادي وتنموي قوي، وهو ما يجعل الجزائر في عزلة دبلوماسية متزايدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد سحب الاعتراف وتعليق العلاقات مع الجبهة الوهمية، وفد غاني في زيارة رفيعة المستوى للعيون
بعد سحب الاعتراف وتعليق العلاقات مع الجبهة الوهمية، وفد غاني في زيارة رفيعة المستوى للعيون

العيون الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • العيون الآن

بعد سحب الاعتراف وتعليق العلاقات مع الجبهة الوهمية، وفد غاني في زيارة رفيعة المستوى للعيون

العيون الآن. وصل وفد برلماني رفيع المستوى من جمهورية غانا مساء اليوم إلى مطار الحسن الأول بمدينة العيون في مستهل زيارة رسمية تروم تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وأكرا، تعكس في الوقت ذاته تحولا لافتا في موقف هذا البلد الإفريقي من قضية الصحراء المغربية. وأوضح مصدر مطلع أن الوفد الغاني يقوده رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الغاني ألفريد أوكوي فاندربويجي ويضم عددا من الشخصيات البارزة في المؤسسة التشريعية الغانية. تندرج الزيارة في إطار سعي الوفد إلى الاطلاع بشكل مباشر على مظاهر التنمية والاستقرار التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة تحت السيادة المغربية. يرتقب أن يعقد أعضاء الوفد سلسلة من اللقاءات الرسمية مع السلطات المحلية والمنتخبين بمدينة العيون، فضلا عن زيارات ميدانية لمشاريع تنموية كبرى جرى إطلاقها في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس حفظه الله بهدف النهوض بالمنطقة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وتأتي هذه الزيارة في سياق التغير النوعي الذي عرفه الموقف الرسمي لجمهورية غانا من نزاع الصحراء، بعدما ظلت لسنوات من بين أبرز الداعمين لأطروحة جبهة البوليساريو داخل القارة الإفريقية وكان هذا التحول قد ترجم في يناير الماضي، بإعلان أكرا عن سحب اعترافها بالجبهة وتعليق جميع أشكال العلاقة معها في خطوة اعتبرت مؤشرا قويا على تقارب متزايد مع الطرح المغربي وسيادته على أقاليمه الجنوبية.

بعد إخفاق محاولات استمالة بوتين.. البوليساريو تدير وجهها نحو الرئيس البرازيلي
بعد إخفاق محاولات استمالة بوتين.. البوليساريو تدير وجهها نحو الرئيس البرازيلي

يا بلادي

timeمنذ يوم واحد

  • يا بلادي

بعد إخفاق محاولات استمالة بوتين.. البوليساريو تدير وجهها نحو الرئيس البرازيلي

بعد محاولات غير موفقة للتقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجدت جبهة البوليساريو نفسها تتجه صوب الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، على أمل كسب اعتراف جديد. ففي مقابلة صحفية أجريت أمس مع وسيلة إعلام برازيلية، صرّح ممثل الجبهة في برازيليا: "نعم، نسعى لإقناع فخامة الرئيس لولا، الذي اعترف بدولة فلسطين، بأن يقدم على الخطوة نفسها تجاه الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. هذه الجمهورية عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، وهو ما يعني أننا نملك بالفعل عدة سفارات." وأضاف ممثل البوليساريو، أحمد مولاي علي حمادي: "نحن نؤمن بأن تاريخ فلسطين وتاريخ الشعب الصحراوي متشابهان إلى حد كبير. لولا اعترف أولاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم اتخذ خطوة تاريخية باعترافه بدولة فلسطين يوم 5 دجنبر 2010. نأمل الآن أن يعترف بالجمهورية الصحراوية ويسمح لنا بفتح سفارة في برازيليا." واعترف حمادي بأن الرئيس البرازيلي لا يزال يتجاهل الطلبات المتكررة التي وجهتها الجبهة للاعتراف بما تسميه "الجمهورية"، وقال "حتى الآن، سعينا إلى إقامة اتصال مباشر مع الرئيس لولا، لكننا لم نتلق أي رد. نحن في تواصل مع وزارة الخارجية، وعقدنا اجتماعات مع أعضاء من قسم إفريقيا، غير أن الجميع يردد أن القرار النهائي بيد لولا وحده." انحسار الدعم داخل البرازيل باتت جبهة البوليساريو تفقد تدريجيًا الزخم داخل البرازيل، حتى داخل حزب العمال الحاكم (PT)، الذي كان سابقًا يُعد من حلفائها التقليديين. ففي نونبر 2024، صرّح رومينيو بيريرا، الكاتب الوطني للعلاقات الدولية بحزب العمال، قائلاً: "مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، التي قدمها المغرب، تستند إلى مبادئ الحوار والقانون الدولي، وينبغي أن تساهم في رفاهية الساكنة المعنية." وأضاف: "أعتقد أن البرازيل مدعوة إلى إبداء دعم أوضح لهذه المبادرة، والاستمرار في مساندة الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة." لكن قبل عشر سنوات، وتحديدًا في مارس 2014، كان موقف الحزب مختلفًا. فقد صوت نواب حزب العمال آنذاك لصالح قرار يدعو الرئيسة السابقة ديلما روسيف (2011-2016) إلى الاعتراف بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، ما يعكس تحوّلاً جذريًا في توجه الحزب خلال عقد من الزمن. وعلى صعيد العلاقات الرسمية بين المغرب والبرازيل، كان وزير الخارجية البرازيلي، ماورو فييرا، قد أشاد في بيان مشترك صدر يوم 7 يونيو 2024 في الرباط، بـ"الجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء، في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة سنة 2007"، وذلك عقب محادثات جمعته بنظيره المغربي ناصر بوريطة.

فشل الجزائر الذريع في جرّ مصر إلى فخ بوليساريو؟
فشل الجزائر الذريع في جرّ مصر إلى فخ بوليساريو؟

لكم

timeمنذ 2 أيام

  • لكم

فشل الجزائر الذريع في جرّ مصر إلى فخ بوليساريو؟

لم تكن مناورات 'سلام إفريقيا 3' مجرد تمرين عسكري ضمن أجندة الاتحاد الإفريقي، بل تحوّلت بسرعة إلى ساحة اختبار لنوايا الجزائر الحقيقية وتكتيكاتها الدبلوماسية في شمال القارة. إن انسحاب مصر المفاجئ من المشاركة في هذه المناورات، التي تنظمها لجنة الدفاع لشمال إفريقيا تحت مظلة الاتحاد الإفريقي على الأراضي الجزائرية، كشف عن فصل جديد من فصول المناورة السياسية الجزائرية، التي يبدو أنها تتجاوز بكثير المجال العسكري لتطال تعقيدات إيديولوجية ومواقف مبدئية ترتبط بوحدة تراب المملكة المغربية. الجزائر، ومنذ عقود، تحاول فرض كيان انفصالي وهمي يسمى 'الجمهورية الصحراوية'، عبر مختلف المحافل الإقليمية والدولية. لكنها هذه المرة ارتكبت خطأ استراتيجياً فادحًا بمحاولة توريط دولة كبيرة بحجم مصر في تمرين عسكري تحضره جبهة 'البوليساريو'، في محاولة مكشوفة لـ'تطبيع' وجود هذا الكيان غير المعترف به دولياً خارج أروقة الاتحاد الإفريقي، وجرّ 'أم الدنيا' إلى موقف يحرجها أمام المغرب، أحد شركائها الإقليميين الكبار. إن القرار المصري بالانسحاب من المناورات، يعكس بوضوح حكمة وفطنة مصرية أمام فخ جزائري مكشوف . فالمشاركة في تمرين عسكري تقف فيه مصر كتفًا إلى كتف مع عناصر من البوليساريو، يُعد انحيازًا ضمنيًا لخطاب الجزائر العدائي تجاه وحدة المغرب الترابية. وهو ما لا يمكن أن تقدم عليه القاهرة، رغم محاولتها التاريخية في التوازن بين الغريمين. ما تحاول الجزائر تغليفه بدعوى 'مناورات إفريقية' هو في الحقيقة تمرين سياسي على افتعال الاصطفاف، وتوريط الجيران، والتلاعب بآليات الاتحاد الإفريقي الذي يعيش بدوره على وقع انقسامات داخلية بشأن الاعتراف بالجبهة الانفصالية. فحين تستضيف الجزائر هذه المناورات، وتكون البوليساريو أحد المشاركين فيها، فلا يمكنها أن تتملص من المسؤولية بحجة أن القرار 'إفريقي'، كما صرّح أحد الأكاديميين الجزائريين. فالكل يعلم أن الجزائر هي من يمسك بزمام ملف صنيعتها البوليساريو داخل أروقة الاتحاد، وهي التي تمول وتؤوي وتسلّح هذا الكيان منذ ولادته المشؤومة منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي. لقد حاولت الجزائر، كما هي عادتها، اللعب على الحبال الدبلوماسية، لكنها اصطدمت هذه المرة بجدار السيادة المصرية التي رفضت أن تُستدرج إلى مستنقع الاعتراف الضمني بـ'جمهورية وهمية'، لا توجد إلا على الورق وفي مخيلة كابرانات المرادية. وإذا كان هناك من يجب أن يراجع حساباته، فهي الجزائر، التي ما تزال تُصر على مقاربات بائدة، قائمة على خلق الفوضى الدبلوماسية، وتمزيق الصف الإفريقي بل وحتى العربي ، وتحويل أي مبادرة مشتركة إلى منصة لتسويق أجنداتها الانفصالية. إن قرار مصر بالانسحاب هو رسالة واضحة مفادها أن القاهرة، رغم بعض خلافاتها الظرفية مع الرباط، تدرك الخطوط الحمراء المتعلقة بوحدة الدول وشرعية الحدود. كما أنه يؤكد أن القاهرة لا تزال ترى في البوليساريو عبئًا سياسيًا وليس كيانًا يستحق التعامل العسكري أو حتى السياسي. أما تبريرات الجزائر بأن مشاركتها 'استضافة' محايدة لا تتدخل في قائمة المدعوين، فلا تصمد أمام حقيقة أن حضور البوليساريو تم تحت غطاء سياسي وميداني جزائري واضح. ولعل اللافت في الأمر هو محاولة بعض الأصوات الجزائرية تبرير مشاركة البوليساريو بكونها عضواً في الاتحاد الإفريقي. لكن هذا التبرير لا يغير من جوهر المسألة شيئًا. فهناك دول أخرى، منها مصر، لا تعترف بهذا الكيان، وتعتبره عقبة كأداء في وجه الاستقرار المغاربي. وبدلاً من أن تعمل الجزائر على بناء توافق مغاربي حقيقي، تصر على تعميق الخلافات، حتى لو كان الثمن هو إضعاف أي مشروع دفاعي إفريقي مشترك. لقد خسرت الجزائر في هذه الجولة مرة أخرى . فانسحاب مصر قد أسقط قناع الحياد عن وجه الجزائر، وأظهر كيف أن أهدافها الحقيقية ليست أمن إفريقيا، بل الترويج لانفصال يُهدد وحدة بلد جار. وهي بذلك تسيء ليس فقط للمغرب، بل لعموم الدول الإفريقية التي تأمل في بناء تعاون دفاعي مبني على الواقعية، وليس على أوهام 'جمهوريات الرمال'. أما القاهرة، فقد أثبتت أن الحكمة تقتضي الانسحاب الفوري بدل الاستدراج، وأكدت أن التوازن لا يعني المساواة بين الحقيقة والباطل، بل هو تمييز بين ما هو مشروع وما هو مدفوع وممول بالأجندات. وفي ظل تزايد التحديات الأمنية في ليبيا والساحل وغزة، فإن مصر أظهرت نضجًا دبلوماسيًا عاليا كما عهدناها على ذلك دائما ، ورفضت أن تُستدرج إلى حروب خيالية، لا تخدم سوى الحالمين بإعادة رسم خرائط المنطقة وفق أوهامهم. في النهاية، تبقى مناورات 'سلام إفريقيا' دون سلام فعلي طالما أن الجزائر تصرّ على جرّ القارة إلى حروب خاسرة بالوكالة، وعلى استخدام مؤسسات الاتحاد الإفريقي لتلميع مشاريعها الانفصالية. ويبقى الأمل معقودًا على أن تستفيق هذه الدولة إلى حقيقة أن استقرار المغرب هو استقرار للمنطقة، وأن اليد الممدودة للمصالحة لا تعني القبول بالابتزاز أو الإملاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store