logo
الصواريخ المدارية جسر فضائي لنقل البشر والأقمار الصناعية

الصواريخ المدارية جسر فضائي لنقل البشر والأقمار الصناعية

الجزيرةمنذ 6 أيام

الصواريخ المدارية هي مركبات موجهة تُستخدم لنقل الحمولات الفضائية مثل الأقمار الصناعية والمسابير العلمية إلى مدارات ثابتة حول الأرض، وتتميز بقدرتها على إيصال هذه الحمولات إلى سرعات ومدارات تُمكنها من الاستمرار في الدوران حول الكوكب من دون العودة أو السقوط مجددا.
ظهرت الصواريخ المدارية في منتصف القرن الـ20، ضمن سياق التنافس الفضائي بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي أثناء فترة الحرب الباردة.
وقد سطر الاتحاد السوفياتي أول نجاح في هذا المجال بإطلاق الصاروخ المداري "آر-7 سميوركا"، الذي حمل القمر الصناعي "سبوتنك 1" إلى مدار الأرض في الرابع من أكتوبر/تشرين الثاني 1957.
في المقابل نجحت الولايات المتحدة في إطلاق أول قمر صناعي لها وهو "إكسبلورر 1" بصاروخ "جونو 1" في يناير/كانون الثاني 1958، وذلك بعد محاولات عدة غير ناجحة.
التصنيع
يُصنع الهيكل الخارجي للصواريخ المدارية من مواد تجمع بين القوة وخفة الوزن، أبرزها الألمنيوم والتيتانيوم، ومعادن مقاومة للصدأ (ستانلس ستيل)، كما تُستخدم سبائك نحاسية عالية الكفاءة في توصيل الحرارة، إلى جانب مواد أخرى مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة.
وتُختار هذه المواد بعناية فائقة لتحمّل الظروف القاسية أثناء الإطلاق، من قوى ديناميكية هوائية عنيفة وحرارة شديدة، مع الحفاظ على وزن إجمالي منخفض قدر الإمكان، لضمان قدرة الصاروخ على تجاوز الجاذبية الأرضية والوصول إلى المدار المطلوب بكفاءة.
آلية العمل
تعتمد الصواريخ المدارية على مبدأ الدفع الناتج عن احتراق المواد الدافعة داخل محركاتها، وتولّد هذه العملية غازات ساخنة تُطرد بسرعة عالية عبر الفوهة العادمة، مما يُنتج قوة تدفع الصاروخ إلى الأمام، ونتيجة لذلك يتمكّن الصاروخ من اختراق الغلاف الجوي والوصول إلى المدار المطلوب.
ولتحقيق رحلة مدارية ناجحة، لا يكفي مجرد تجاوز الغلاف الجوي، بل يجب أن تبلغ المركبة السرعة المدارية، وهي السرعة التي تتيح للجسم أن يبقى في مدار مستقر حول الأرض من دون أن يسقط متأثرا بالجاذبية.
وتُعرّف السرعة المدارية بأنها السرعة التي تجعل الجسم في حالة توازن ديناميكي بين قوتين متضادتين، قوة القصور الذاتي التي تدفع الجسم في خط مستقيم، وقوة الجاذبية التي تجذبه نحو مركز الكوكب أو الجسم السماوي، ونتيجة لهذا التوازن يتخذ الجسم مسارا مداريا إما دائريا أو بيضاويا.
نماذج صواريخ مدارية
آر-7 سميوركا
صاروخ باليستي عابر للقارات، تم اختباره لأول مرة في 21 أغسطس/آب 1957، يتميز بقدرته العالية على رفع الحمولات الثقيلة، بفضل تصميم الرؤوس النووية السوفياتية الثقيلة.
ومع تحويله إلى قاذفة فضائية، كسب الاتحاد السوفياتي أفضلية مبكرة في مجال إطلاق الحمولات إلى المدار، وإرسال بعثات إلى القمر والكواكب القريبة.
شهد الصاروخ "آر-7" تطوير عدد من النسخ اختلفت أسماؤها تبعا لطبيعة المهام التي صُممت لأجلها. فقد استُخدمت النسخة الأصلية لإطلاق "سبوتنيك 1″، أول قمر صناعي في التاريخ، في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 1957.
أما النسخة المعدلة "فوستوك"، فقد كانت مسؤولة عن إرسال أول رواد الفضاء السوفيات، وعلى رأسهم يوري غاغارين ، أول إنسان يدور حول الأرض في 12 أبريل/نيسان 1961.
جونو 1
إعلان
مركبة إطلاق فضائية مثّلت أول نجاح فعلي للولايات المتحدة في إيصال قمر صناعي إلى مدار الأرض، وهو نسخة مطورة من صاروخ "ريدستون" متوسط المدى، بعد تعديله لنقل حمولات خفيفة إلى مدار الأرض.
وبلغ طول صاروخ جونو1 نحو 20.9 مترا، وقطره 1.78 مترا، وأُطلق للمرة الأولى من قاعدة كيب كانافيرال في يناير/كانون الثاني 1958، حاملا القمر الصناعي "إكسبلورر 1″، وذلك بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة.
صاروخ مداري بدأت شركة "بلو أوريجن" عملية تطويره عام 2010 وأعلنت عنها رسميا عام 2016، يبلغ ارتفاعه نحو 98 مترا، وهو مدعوم بمحركات قادرة على توليد قوة دفع عالية.
ويتكون صاروخ نيو غلين من جزأين ينفصلان في الهواء، يعود أحدهما إلى قاعدة إطلاق مثبتة في المحيط من أجل إعادة استخدامه، والجزء الثاني ينطلق إلى هدفه في الفضاء، وهو مصمم لنقل رواد الفضاء والحمولات المدارية، وكذا لنقل البشر الآخرين غير رواد الفضاء، وهو نسخة مطورة من الصاروخ "نيو شيبرد".
أول صاروخ مداري يُطلَق من أوروبا، وتحديدا من قاعدة أندويا الفضائية النرويجية في القطب الشمالي، ابتكرته شركة "إسار أيروسبايس" الألمانية.
وفي رحلته التجريبية الأولى التي جرت في مارس/آذار 2025، أقلع الصاروخ من دون حمولة، لكنه بدأ في التأرجح والانحراف عن مساره قبل أن يتحطم على الأرض، محدثا انفجارا عنيفا، كما أظهرت مشاهد بثّت عبر مواقع التواصل.
أصغر صاروخ مداري
في عام 2018، نجحت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية بإطلاق أصغر صاروخ مداري وهو "إس إس -520-5".
يتميز هذا الصاروخ بحجمه الصغير، إذ يبلغ طوله 9.54 مترات، بينما لا يتجاوز قطره 0.52 متر (قدم و8 بوصات)، أما وزنه فيبلغ 2600 كيلوغرام، وهو وزن يُعد ضئيلا مقارنة بالصواريخ الفضائية التقليدية.
انطلق الصاروخ من مركز أوتشينورا الفضائي في محافظة كاجوشيما في اليابان، في الثالث من فبراير/شباط 2018، وكان يحمل قمرا صناعيا صغيرا من نوع كيوب سات، أطلق عليه حينها اسم "تريكوم- آر 1" يزن 3 كيلوغرامات، ثم أعيدت تسميته إلى "تاسُكي" بعد وصوله إلى المدار بنجاح.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يطوي صفحة ماسك.. قطيعة تهدد عقودا بمليارات الدولارات
ترامب يطوي صفحة ماسك.. قطيعة تهدد عقودا بمليارات الدولارات

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يطوي صفحة ماسك.. قطيعة تهدد عقودا بمليارات الدولارات

في تصعيد جديد للخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك ، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس "لا يعتزم" التحدث إلى ماسك، في خطوة تعكس عمق التوتر بين الطرفين بعد انتقادات لاذعة وجهها ماسك لمشروع قانون الموازنة الجديد الذي يدعمه ترامب. وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرئيس غير مهتم بالتواصل مع ماسك، رغم أن الأخير طلب الاتصال به. وأضاف المسؤول أن ترامب "يركز بالكامل على الشؤون الرئاسية"، نافيا صحة تقارير تحدثت عن لقاء محتمل بين الرجلين. ويأتي هذا التوتر بعد أن وصف ماسك مشروع الموازنة الذي أطلق عليه ترامب اسم "القانون الكبير الجميل" بأنه "رجس يثير الاشمئزاز"، محذراً من أنه سيؤدي إلى زيادة العجز الحكومي بنحو 2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل. ورد ترامب بوصف ماسك بأنه "الرجل الذي فقد عقله"، ملمحا إلى احتمال بيع أو التبرع بسيارة "تسلا" يمتلكها، كانت قد أصبحت رمزا لدعمه السابق لرئيس شركة "سبيس إكس". وقد تراجعت أسهم "تسلا" بأكثر من 14% أمس الأول الخميس، مما أدى إلى خسارة أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية، قبل أن تتعافى جزئيا أمس الجمعة. ويبدو أن الخلاف قد يهدد عقودا حكومية ضخمة كانت شركات ماسك تعتمد عليها، خاصة في مجالات الفضاء والطاقة. وفي محاولة لاحتواء التصعيد، نشر ماسك تغريدة على منصة "إكس" قال فيها: "لن نسحب مركبة دراغون"، في إشارة إلى تهديد سابق بسحب المركبة الفضائية التي تستخدمها وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لنقل روادها إلى محطة الفضاء الدولية. لكن التوتر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أطلق ماسك استطلاعا للرأي حول تشكيل حزب سياسي جديد يمثل "80% في الوسط"، مما اعتبره مراقبون تهديدا مباشرا للقاعدة الجمهورية التي يعتمد عليها ترامب في حملته الانتخابية. وفي موسكو، دخل قادة روس على خط الأزمة بتعليقات ساخرة، حيث عرض الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف التوسط بين الطرفين "مقابل أجر معقول"، بينما قال النائب ديمتري نوفيكوف إن روسيا"يمكنها بالطبع" منح ماسك اللجوء السياسي إذا احتاج إليه. وفي ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال مفتوحا حول مستقبل العلاقة بين أغنى رجل في العالم ورئيس أقوى دولة، وما إذا كانت هذه القطيعة ستؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة.

"شيطان الغبار" يظهر على سطح المريخ أثناء التقاط صورة "سيلفي"
"شيطان الغبار" يظهر على سطح المريخ أثناء التقاط صورة "سيلفي"

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

"شيطان الغبار" يظهر على سطح المريخ أثناء التقاط صورة "سيلفي"

التقطت المركبة الجوالة "بيرسيفيرانس" صورة "شيطان غبار" ظهر بشكل مفاجئ في لقطة نادرة أثناء التقاط صورة ذاتية عالية الدقة على كوكب المريخ. وفيما توقفت مركبة ناسا الجوالة في العاشر من مايو/أيار لالتقاط صورة ذاتية احتفالية، تصاعدت على مسافة بعيدة وعبر المشهد المحيط بالعربة الجوالة، سحابة ملتوية من الغبار الأحمر، والمعروف لدى العلماء باسم "شيطان الغبار". و"شياطين الغبار" هي دوامات من الرياح العاصفة المليئة بالغبار، وتنشأ عن تسخين سطحي قوي، حيث تكون أصغر حجما وأقل شدة من الأعاصير، وتحدث على الأرض في معظم أنحاء العالم، وخصوصا في الصحاري. أما على المريخ، حيث تبلغ كثافة الغلاف الجوي حوالي 1% فقط، فيمكن أن ترتفع إلى مئات الأمتار، وتظل شفافة حتى تلتقط الغبار المحمر. أكثر من صورة تذكارية تُخلّد هذه الصورة ذكرى 1500 يوم مريخي لاستكشاف الكوكب الأحمر، ويعادل اليوم المريخي (سول) 24 ساعة و39 دقيقة أرضية، أي أن المدة التي قضتها المركبة الجوالة وقت التقاط الصورة تعادل ما يقارب 4 سنوات وشهرين بتقويم الأرض منذ هبوطها على سطح المريخ في فبراير/شباط 2021. وقطعت المركبة في هذا الوقت، أكثر من 35 كيلومترا، حفرت خلالها 37 هدفا صخريا، وجمعت 26 عينة أساسية، وأرسلت إلى الأرض تفاصيل لا تضاهى حول الكوكب الأحمر. ولا تقتصر أهمية الصورة على تخليد تلك اللحظة المدهشة، إذ تمنح مثل هذه الصورة الفريدة فرصة للعلماء لمشاهدة التضاريس، ورصد أجهزة العربة الجوالة. أما من الناحية التشغيلية، فتُعدّ كل صورة من هذه الصور بمثابة فحص سلامة، تساعد فرق المهمة على تتبع الغبار على الألواح الشمسية، والتحقق من أي تلف، والتأكد من سلامة الكابلات والمفاصل، بحسب ما صرح جاستن ماكي، رئيس مهمة التصوير لمركبة "بيرسيفيرانس" في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا جنوب كاليفورنيا، في بيان صحفي. كيف فعلت المركبة الجوالة ذلك؟ تم تجميع هذه الصورة (السيلفي) الأحدث للمركبة، وهي الصورة الخامسة منذ بدء المهمة، وقد التقطت بواسطة كاميرا رئيسية مسؤولة عن هذه الصور الفسيفسائية تسمى "واتسون"، (المستشعر الطبوغرافي واسع الزاوية للعمليات والهندسة)، مثبتة في نهاية الذراع الروبوتية للمسبار الذي يبلغ طوله نحو مترين. والتُقطت الصور أثناء وقوف العربة الجوالة ذات الـ6 عجلات على جزء مرتفع من الحافة الغربية لفوهة جيزيرو، المعروفة باسم تلة "ويتش هازل،" وقد خضعت هذه النقطة المتميزة لدراسة الفريق العلمي على مدار الأشهر الخمسة الماضية. وللحصول على مظهر السيلفي هذا، يجب أن يكون لكل صورة "واتسون" مجال رؤية فريد خاص بها، ويترجم هذا إلى إجراء 62 حركة دقيقة وشاقة للذراع الروبوتية و62 إطارا متداخلا، لإكمال هذه العملية التي تستغرق بأكملها حوالي ساعة، ثم تجميعها معا فيما بعد على الأرض. وتمنح شياطين الغبار على سطح المريخ العلماء دليلا على أن الغلاف الجوي الرقيق المكون من ثاني أكسيد الكربون على الكوكب لا يزال يحمل طاقة مدهشة. مهمة واعدة لمركبة بيرسيفيرانس حددت ناسا هدفا علميا مباشرا لمركبة "بيرسيفيرانس" هو البحث عن علامات على وجود حياة قديمة على كوكب المريخ، وتأمل ناسا استعادة العينات الـ26 التي تم حصرها حتى الآن إلى الأرض في مهمة مستقبلية. وسيحلل العلماء على الأرض هذه العينات بحثا عن أحافير جزيئية، ودلائل نظائرية، وتاريخ معادن لا تستطيع التجهيزات على المريخ اكتشافها، وقد تكشف هذه العينات مجتمعةً ما إذا كانت الميكروبات قد ازدهرت على الكوكب الأحمر. وسوف تستكشف مركبة "بيرسيفيرانس" منطقة جديدة مثيرة للاهتمام، يُطلق عليها اسم "كروكوديلين"، والتي قد تحتوي على بعض أقدم الصخور على المريخ، وكانت هذه المنطقة على قائمة أمنيات الفريق العلمي للمركبة الجوالة إذ تُمثل حدا فاصلا مهما بين أقدم صخور حافة فوهة جيزيرو وصخور السهول الواقعة خلفها.

غارات العيد رسالة لطهران، وليست للداخل اللبناني
غارات العيد رسالة لطهران، وليست للداخل اللبناني

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

غارات العيد رسالة لطهران، وليست للداخل اللبناني

شهد الخميس 5 يونيو/ حزيران الجاري، 23 غارة متتالية من مسيرات، وقصفًا من مقاتلات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، شنّتها بعد وقت قصير من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء مبانٍ في الحدث، وحارة حريك، وبرج البراجنة. جاءت هذه الغارات رغم قيام الجيش اللبناني، بالتنسيق مع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بالدخول إلى بعض الأبنية التي هددها الاحتلال لدحض الإشاعات الإسرائيلية التي تدّعي وجود مصانع للصواريخ والمسيرات، فقد أصر الإسرائيلي على توجيه ضرباته، ما اضطر الجيش اللبناني- وحفاظًا على سلامة عسكرييه- للانسحاب. لكن يبقى السؤال لماذا أصرّ الإسرائيلي على تنفيذ ضرباته رغم تدخل الجيش اللبناني؟ أكّد المتحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي على موقعه على منصة "إكس" أن جيش الدفاع شنّ بشكل موجّه من خلال طائرات حربية غارات استهدفت مواقف إنتاج ومستودعات لتخزين مسيرات تابعة للوحدة الجوية في حزب الله (الوحدة 127) في الضاحية الجنوبية، وجنوب لبنان". لكن يبدو أن الإسرائيلي كان يحتاج إلى ذرائع لتنفيذ الضربات على لبنان، لكنّ تحرّكه في هذا التوقيت بالذات- ورغم استعداد لبنان رسميًا وشعبيًا للاحتفال بعيد الأضحى المبارك- أتى بعد 24 ساعة على استخدام الأميركي حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة، على قرار يطالب إسرائيل بوقف عدوانها على قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلي أن الفيتو الأميركي هو بمثابة ضوء أخضر لجيشه للاستمرار في حربه على أكثر من جبهة، تحديدًا الجبهة اللبنانية التي يشكل فيها حزب الله الركيزة الأساسية للمحور الذي يضمّ النفوذ الإيراني في المنطقة. وهذا أول فيتو تستخدمه واشنطن في مجلس الأمن الدولي منذ أن عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي. لهذا طار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرحًا، وعبّر قائلًا: إن الفيتو هذا أتى ليدحض كل الفبركات التي شككت بعلاقته مع ترامب. ماضية إسرائيل في حربها في المنطقة، لهذا لن تكون هذه الضربات التي وجهت إلى لبنان الأخيرة، فهي بحسب المتابعين مستمرة ما دام أنه لا رادعَ حقيقيًا يقف في وجه ما يجول في تفكير نتنياهو الذي أصبح على ما يبدو أداة تنفيذية في يد الإدارة الأميركية. ليس مستغربًا أن تضرب الطائرات الإسرائيلية عمق الضاحية، فهي نفّذت الكثير حتى بعد الإعلان عن وقفٍ لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، ودخول القرار حيّز التنفيذ، وذلك رغم أن الدولة اللبنانية وقيادة الجيش أبدوا استعدادهم التام لتنفيذ بنود ما اتفق عليه، وهذا ما أكد عليه رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام في مواقف له بمناسبة مرور 100 يوم على تشكيل حكومته، بأن "الجيش اللبناني فكّك أكثر من 500 موقع ومخزن سلاح في المنطقة الممتدة جنوب نهر الليطاني، مشددًا في الوقت عينه، على أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر على لبنان". مواقف سلام تقاطعت مع ما أعرب عنه رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون بإدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي مساء الخميس 5 يونيو/ حزيران، على ضاحية بيروت الجنوبية، وفي بعض المناطق الجنوبية. وأكد عون في بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، على إدانته، معتبرًا أن "هذه الاستباحة السافرة لاتفاق دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة عيد الأضحى المبارك. إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا". لا نقاش في أن الحرب الحقيقية في المنطقة لم تبدأ بعد، فالضربات الإسرائيلية الأخيرة لم تحمل رسائل إلى الداخل اللبناني الذي يلتزم بتعهداته في تنفيذ بنود القرار رقم 1701، لكنها أتت بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى بيروت، الثلاثاء 3 يونيو/ حزيران الجاري، والتي إضافة إلى طابعها الرسمي المؤيد لتحركات الدولة اللبنانية، حيث طالب بفتح "صفحة جديدة" مع لبنان، فقد حملت رسائل إلى إسرائيل من ضريح السيد حسن نصرالله، بأنّ المقاومة جاهزة، وأن إيران لم تزل الحاضنة الأولى لها. كما تفيد المعلومات غير الرسمية، بأن الهدف من هذه الزيارة المفاجئة لعراقجي إلى بيروت، يحمل بعدًا تفاوضيًا مع أميركا حول الملف النووي، بسبب الحديث عن عقدة "التخصيب" الذي تعتبره إيران حقًا مقدسًا لها، ما دام أنه يستخدم في إطار البرنامج السلمي. دخلت المفاوضات الإيرانية الأميركية مرحلتها الحاسمة، وبدأ طرفا الحوار يلوحان بأوراق القوى لديهما. فتأكيد نتنياهو على أن إسرائيل ستنفذ ضربات ضد إيران في حال تعثّرت تلك المفاوضات، وأن قواتها الجوية تنفذ تدريبات مستمرة تحاكي سيناريو توجيه الضربات الجوية على إيران، يرسخ أنها ورقة أميركا القوية في المنطقة. بينما أتى عراقجي إلى لبنان ليرفع عاليًا ورقة إيران الأقوى في المنطقة، وهي وجود حزب الله وسلاحه، وأن هناك احتمالية لفتح الجبهة الجنوبية مجددًا في حال تعرُّض طهران لقصف إسرائيلي. "اختلطت" على اللبناني الأمور، وبدأ يفقد ثقته بكل شيء، وكاد أن يردد مع الشاعر المتنبي: "عيد بأية حال عدت يا عيد"، بسبب حالة الهلع الشديد التي رافقته، تحديدًا سكان ضاحية بيروت الجنوبية والمناطق الجنوبية، بعدما أخلوا منازلهم مهرولين إلى أماكن تعتبر أكثر أمنًا من تلك التي استهدفتها إسرائيل. هذا، وأتت الغارات الإسرائيلية عشية احتفال المسلمين في العالم بعيد الأضحى المبارك، حيث حوّلت إسرائيل "بهجة العيد" في عيون الأطفال في لبنان إلى قلق وخوف ورعب، بينما شردت ضرباتها هذه مئات العائلات التي ستضاف إلى تلك الآلاف التي أصبحت دون مأوى. لعبة "عضّ الأصابع" بدأت بين الأميركي والإيراني، ولكنّ اللبناني هو من يصرخ؛ لأنه لا رادع لإسرائيل إلى الآن لوقف عدوانها، رغم تأكيد رئيس الحكومة اللبنانية على تطبيق القرار الدولي. ورغم رفع الرئيس عون مستوى الإدانة إلى المعنيين، تحديدًا الولايات المتحدة، فإن الأمور لن تهدأ على هذه الجبهة؛ لأنّ الهدف أبعد من تطبيق قرارات دولية، بل هو مرتبط بمصير المنطقة جمعاء. وإن الجولة السادسة من المفاوضات ستكون الفيصل في وضع المنطقة إما السير في مسار الحل السلمي، أو التصعيد المباشر، وهذا ما يبتغيه نتنياهو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store