
أسبوع التقلبات الكبرى: الذهب يلمع والنفط يقفز والأسهم تتعثر تحت ضغط التوترات
شهدت الأسواق المالية العالمية خلال الأسبوع الماضي حالة من الترقب والحذر، وسط تداخل مؤثرات السياسة النقدية الأميركية مع تصاعد حاد في التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. تركّزت الأنظار بشكل رئيسي على تطورات التضخم في الولايات المتحدة، ومآلات قرار الاحتياطي الفيديرالي المنتظر هذا الأسبوع، بينما ألقت المواجهات المتصاعدة في الشرق الأوسط بظلالها على شهية المخاطرة وأسعار الأصول الآمنة والسلع الأساسية.
مؤشر الدولار الأميركي وعوائد السندات: انتعاش حذر تحت سقف الجغرافيا والسياسة
سجّل مؤشر الدولار الأميركي انتعاشًا طفيفًا خلال الأسبوع الماضي، بعد أن لامس أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر، مستفيدًا من بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وثقة المستهلك، التي جاءت أقوى من التوقعات. وقد ساعدت هذه الأرقام في تعويض الأثر السلبي لبيانات التضخم (CPI)، التي أظهرت تباطؤًا، ممّا عمّق قناعة الأسواق بأن خفض الفائدة بات وشيكًا، ربما في أيلول/سبتمبر المقبل.
أما عوائد السندات الأميركية، فقد شهدت تقلّبات ملحوظة، حيث تراجعت في بداية الأسبوع تحت تأثير بيانات التضخم، ثم عادت إلى الارتفاع مع تحسّن المعطيات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الانعكاس المستمر لمنحنى العائد يعكس قلقًا هيكليًا بشأن النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وزادت حدة هذا التوجّه مع تنامي المخاطر الجيوسياسية، حيث أدى تصاعد التوتر في الشرق الأوسط إلى ارتفاع الطلب على السندات الأميركية كملاذ آمن، مما حدّ من صعود العوائد وقدّم دعمًا غير مباشر للدولار مقابل العملات المرتبطة بالمخاطر.
في هذا السياق، تتجه كلّ الأنظار نحو اجتماع اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة (FOMC) هذا الأربعاء، والذي سيتضمّن تحديثًا لـ"النقاط" (dot plot)، وهي أداة تصوّر بياني تُظهر توقعات كل عضو في الفيديرالي بشأن مسار أسعار الفائدة المستقبليّة، وتُستخدم كمؤشر على الاتجاه العام للسياسة النقدية. كذلك يتضمن الاجتماع خطابًا مرتقبًا لرئيس الفيديرالي، جيروم باول، من المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في توجيه توقعات السوق. أيُّ نبرة متشدّدة قد تعزّز من قوة الدولار وتدفع العوائد للصعود، بينما لهجة تيسيرية قد تفتح المجال لهبوط جديد في العملة الأميركية.
الذهب: بين العوائد الحقيقية وتوتر الشرق الأوسط
ارتفع الذهب إلى مستويات قرب 3,450 دولارًا للأونصة، مسجّلًا أعلى مستوى له منذ نيسان/أبريل، بدعم من عدة عوامل رئيسية، كان أبرزها تراجع العوائد الحقيقية على السندات الأميركية بعد صدور بيانات تضخم دون التوقعات، ممّا زاد من جاذبية الذهب كملاذٍ آمن. كذلك ساهمت التوقعات المتزايدة بخفض الفائدة الأميركية في تغذية الطلب الاستثماريّ على المعدن الأصفر.
لكنّ العامل الأبرز كان الجغرافيا السياسية، حيث أدّى تصاعد التوترات في الشرق الأوسط إلى موجة جديدة من الشراء الدفاعي. ومع ذلك، حدّ من هذا الزخم عمليات جني الأرباح في نهاية الأسبوع، إلى جانب تعافٍ نسبي في الدولار الأميركي.
تعافت أسعار النفط بشكل واضح خلال الأسبوع الماضي، إذ حقق خام غربي تكساس (WTI) مكاسب أسبوعية تقارب الـ +13%، ليغلق يوم الجمعة عند نحو 77.62 دولاراً للبرميل، بينما ارتفع خام برنت بأكثر من +12.5% إلى نحو 74.23 دولاراً.
يُعزى هذا الصعود القويّ إلى عوامل متعددة، أبرزها تراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأميركية، وتفاؤل الأسواق بموسم الطلب الصيفيّ. لكن العامل الأكثر تأثيرًا كان التصعيد الجيوسياسي الحادّ في الشرق الأوسط. الاحتدام الميداني بين إسرائيل وإيران أثار مخاوف جدية من تعطّل الإمدادات، وهدّد الممرات النفطية الحيويّة، ممّا أعاد "علاوة المخاطر الجيوسياسية" بقوة إلى معادلات التسعير.
خلال هذا الأسبوع، تبقى أسعار النفط عرضة لتقلبات كبيرة، في ظل الترقب لصدور تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) يوم الأربعاء، بالإضافة إلى بيانات المخزونات الأميركية، كما أن أيّ إشارة من جانب الاحتياطي الفيديرالي بشأن تأثير نمو الاقتصاد العالمي على الطلب النفطي ستكون ذات تأثير بارز.
زوج اليورو/الدولار: بين سياسة المركزيين والأزمات الإقليمية
استقر زوجا اليورو/الدولار بالقرب من أعلى مستوياتهما منذ عام 2021، مستفيدًا من تراجع الدولار بفعل ضعف بيانات التضخم الأميركية، ومن لهجة البنك المركزي الأوروبي، التي بدت أكثر تحفظًا تجاه خفض الفائدة، في إشارة إلى أن دورة التيسير النقدي الأوروبية قد تكون قصيرة الأمد.
ومع ذلك، فإن تصاعد التوترات الجيوسياسية أضفى قوة إضافية للدولار في نهاية الأسبوع بصفته ملاذًا آمنًا، مما حدّ من قدرة اليورو على توسيع مكاسبه. وتترقب الأسواق هذا الأسبوع إشارات الفيديرالي، التي ستحدد ما إذا كان الزوج سيواصل الصعود نحو 1.1700 أم سيتراجع إلى ما دون 1.1500 في حال صدور لهجة متشدّدة.
الأسهم الأميركية تتراجع مع تصاعد التوترات الجيوسياسية
اختتمت مؤشرات الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي على أداء سلبي، إذ شهدت تقلّبات حادة نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. فقد تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 1.3%، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ 21 أيار/مايو، وسط تصاعد القلق من ضغوط إقليمية متزايدة. كذلك فقد مؤشر S&P 500 نحو 1.1% من قيمته، بينما خسر مؤشر Nasdaq نحو 1.3%، مسجّلاً نهاية لزخم صعود استمرّ على مدار أسبوعين.
وكانت الخسائر مدفوعة بشكل رئيسيّ بموجة بيع هي الأكبر منذ أيار/مايو في يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد تصاعد المناوشات العسكرية بين إسرائيل وإيران، ممّا زاد المخاوف من انزلاق الأزمة إلى حرب إقليمية أوسع. وفي ظل اختفاء طلب المخاطرة، تراجعت مؤشرات الأسهم الكبرى، بينما سجّلت مؤشرات الأسهم الأصغر مثل S&P MidCap 400 وRussell 2000 انخفاضات أكبر بلغت نحو 1.4–1.5%
(*) كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 42 دقائق
- صدى البلد
رئيس حقوق الإنسان بالنواب: إغلاق مضيق هرمز ينذر بأزمة وقود عالمية
وجه النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، سؤالاً عاجلاً لوزير المالية ووزيرة التخطيط خلال مناقشة موازنة الدولة بمجلس النواب اليوم، حذر فيه من تداعيات التهديدات الإسرائيلية والإيرانية على إمدادات النفط العالمية. جاء التحذير – في الجلسة العامة برئاسة المستشار حنفي جبالي – وسط تصاعد التوترات الإقليمية، حيث أشار رضوان إلى أن 50% من تجارة النفط العالمية تمر عبر مضيق هرمز المهدد بالإغلاق. - أسعار النفط قد تقفز من 60 دولاراً للبرميل إلى 150 دولاراً". - بنوك أجنبية حذرت من سيناريوهات ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية. وطلب النائب من الحكومة الإفصاح عن: 1. خطط الطوارئ لمواجهة نقص الإمدادات. 2. آليات توفير العملة الصعبة حال ارتفاع فاتورة الوقود والاستيراد. 3. السياسات البديلة لتأمين احتياجات مصر من الطاقة. وأكد أن "هذه التهديدات المباشرة تتطلب استعداداً سريعاً"، خاصة مع مناقشة موازنة 2025/2026 التي يفترض أن تتضمن حلولاً استباقية للأزمات المتوقعة.


صدى البلد
منذ 43 دقائق
- صدى البلد
أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الاثنين.. فيديو
استعرض برنامج "صباح البلد" المذاع عبر قناة "صدى البلد"، تقريرًا مفصلًا عن أسعار الدولار والعملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه اليوم الاثنين 16 -6 -2025. أسعار العملات الأجنبية والعربية اليوم الاثنين سعر الدولار اليوم سجّل سعر الدولار الأمريكي اليوم 50.66 جنيه للبيع و50.56 جنيه للشراء. سعر اليورو سعر اليورو 58.53 جنيه للبيع، و58.41 جنيه للشراء سعر الجنيه الإسترليني سعر الجنيه الإسترليني 68.74 جنيه للبيع، و68.59 جنيه للشراء. سعر الريال السعودي سعر الريال السعودي 13.50 جنيه للبيع، و13.47 جنيه للشراء. سعر الدينار الكويتي سعر الدينار الكويتي 165.61 جنيه للبيع، و165.23 جنيه للشراء.

المركزية
منذ 2 ساعات
- المركزية
سعر النفط على دفّة الحرب الإسرائيلية
المركزية- دخلت الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع، في ظل ارتفاع منسوب المخاوف من اتساع نطاق الحرب في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز. والأصعب في هذه المرحلة، القلق المشوب بالخوف من اضطراب حركة ناقلات الغاز الطبيعي المُسال عبر "مضيق هرمز" نتيجة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية ليُعَدّ الهاجس الأكبر لدى المتعاملين في سوق الغاز. إذ فيما أبقت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها الشهري على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط من دون تغيير عند 1.3 مليون برميل يومياً خلال عام 2025، بما يتماشى مع توقعاتها السابقة... ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم. وبحسب بلومبيرغ الاقتصادية، زادت العقود الآجلة لخام "برنت" 1.70 دولار، أو 2.3 في المئة إلى 75.93 دولاراً للبرميل. وارتفع خام "غرب تكساس" الوسيط الأميركي 1.62 دولار، أو 2.2 في المئة، ليسجل 74.60 دولاراً. كما استمرت أسعار الغاز الطبيعي بالارتفاع في بداية التعاملات الأوروبية في ظل المخاوف من احتمالات اتساع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، وتأثيرات ذلك على أسواق الطاقة العالمية. "تحرّك أسعار النفط رهن تطوّرَين اثنين: هل ستُكمل إسرائيل اعتداءها على إيران؟ وكيفية ردّ الأخيرة على الضربات الإسرائيلية. زهر: ترقّب منحى التطورات الخبير النفطي عبود زهر يشير عبر "المركزية" إلى معادلة تحدّد تحرّك سعر النفط العالمي، حيث يعتبر أنه في حال استمرّت تبادل الغارات الجويّة بين إسرائيل وإيران سيرتفع سعر النفط مجدداً، خصوصاً إذا وسّعت إيران رقعة عدوانها لتتخطى ضرب إسرائيل عبر إثارة ردود فعل سلبية في الخليج العربي من خلال إقفال مضيق "هرمز" أو تضييق المرور فيه، هنا سيقفز سعر النفط كثيراً وسيبقى على هذا المنحى التصاعدي حتى إنهاء الصراع الدائر بين البلدين". أما "إذا اقتصر الرّد الإيراني على ضرب إسرائيل فقط من دون وقف نقل النفط من الخليج العربي إلى أوروبا وآسيا، أو إذا توقفت الغارات المتبادلة في الساعات القليلة المقبلة، فلن تطول فترة ارتفاع سعر البرميل وسرعان ما يعود إلى طبيعته" وفق زهر. ويُشير في المقلب الآخر، إلى أن "سوق النفط الخام العالمية مستقرة ولا تزال، كما أنها ستبقى كذلك، خصوصاً أن الفترة الراهنة لا تشكّل موسم الطلب على النفط، فالعالم مقبل على فصل الصيف حيث يتراجع كثيراً الطلب الذي ينشط شتاءً لتزويد وسائل التدفئة بالمشتقات النفطية المطلوبة". إذاً، الكل يترقّب المنحى الذي ستسلكه التطوّرات الأمنية المستعرة بين إسرائيل وإيران! والنفط على قائمة الاهتمامات.