logo
حلّ لُغز شفرة إنِجما... مُجدداً

حلّ لُغز شفرة إنِجما... مُجدداً

أرقام١٦-٠٥-٢٠٢٥

إسلام زوين
بقلم إسلام زوين
لم يكن عمل مخترقي الشفرات يقتصر على فَكّ تعقيدات الرسائل المشفّرة، بل كانوا في تحد مع اللامعقول، على نحو ما كانت عليه تعقيدات شفرة "إنِجما" الدائمة التغيُّر – تلك الآلة التي تمّ تصميمها في أوائل القرن العشرين بداية كمنتج تجاريّ لحماية الاتّصالات الحسّاسة في قطاع الأعمال، والتي استخدمها الألمان لاحقا كسلاح في الحرب العالمية الثانية لحماية الاتصالات الهامة.
كان كل يوم يأتي ومعه تحدٍّ بكشف أنساق جديدة، وما يصحبُه من عدم القدرة على التنبؤ بالتغييرات الجديدة التي أضيفت إلى تعقيدات الشفرة – والتي "يُمكن" أن تتغيّر بدورِها مع كل نهار جديد. المرونة والسعي الدؤوب من الفريق بقيادة عالم الرياضيات آلان تورنغ إلى مجابهة التحديات الجديدة والطارئة كانت واحدة من أهم الرسائل في الفيلم الأمريكي الشهير "ذي إيميتيشن جيم".
كان هذا إبان الحرب العالمية الثانية، ولكنْ إذا انتقلنا سريعاً إلى 2025، فسنجد ستاراً مشابها من عدم القدرة على التنبؤ، يُخيّم على المشهد الاقتصادي العالمي المتغير بسبب مفاجآت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كل كلمة تصدُر عن ترامب ترسل بدورِها موجاتٍ في وسائل الإعلام وعبر الأسواق كذلك، أشبه بموجات الشارت الذي نتابعه يوميا لمعرفة أسعار سوق الأسهم، وعلى نحو تبدو معه مهمّة التنبؤ الاستراتيجي عملاً لا نهاية له!
ويشبه المكلَّف بهذه المهمة شخصاً في "فريق إنجما"، كلّما اعتقد أنه أزال اللبس وحقق غايته من الوضوح، استجدّتْ أمامه تطورات جديدة أعادت الوضع إلى سابق عهده من الغموض مُجددا – وهكذا بلا نهاية!
وتماماً، كما كان يتعين على مخترقي الشفرات أن يتوصّلوا إلى اكتشاف التغييرات المستجدة في شفرة "إنِجما" إبان الحرب العالمية الثانية، فإنه يتعيّن اليوم على القادة وواضعي الاستراتيجيات أنْ يتعاملوا مع ذلك الواقع الصعب الخاص بعدم القدرة على التنبؤ بما يحمله مقبل الأيام بسبب التطورات السياسية المفاجئة في عهد الرئيس ترامب، حيث القرارات يمكن أن تتفاوت بشدة وحيث رُدود الأفعال غالبا ما تكون غير معلومة.
وفي ضوء تلك الحال من عدم القدرة على التنبؤ، من المهمّ جداً أن نقيّم تخطيطنا الاستراتيجي للطوارئ والتحوط؛ هل هو من القوة بما يكفي لكشْف التعقيدات التي تصاحب قرارات ترامب؟
التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 الصادر حديثاً، كان على صواب في التأكيد على أهمية الإنجازات والتقدّم الواسع النطاق الذي أُحرز في مختلف القطاعات منذ 2016، والتي غيّرت وجه المملكة ووضعتْها في مكانة متميزة على الساحة العالمية، وبكل تأكيد.
ولكن، هل تعلّمنا حقاً من دروس الماضي القريب؟ ففي حين أن هذه الإنجازات جديرة بالثناء المستحق، إلا أنها تسلط الضوء أيضًا على أهمية الحفاظ على وضع سيناريوهات وفرضيات التخطيط للطوارئ الاقتصادية والسياسية العالمية، لا سيما فيما يتعلق بالتغيّر السياسي الهائل الذي شهدته الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، وعلى نحو يُسهم في مساعدة صناع القرار وواضعي السياسات على التكيّف والاستجابة بشكل فعّال مع المشهد الديناميكي الراهن.
مثل هذه المواءمات والتعديلات كفيلة ببقاء الاستراتيجية صالحة ومواكبة للمستجدات السياسية والاقتصادية الخارجية، ما يسمح بنهج أكثر مرونة في سبيل تحقيق الأهداف بعيدة المدى التي تَنشُدها المملكة.
وفي عالم إدارة المشروعات والتخطيط الاستراتيجي، تعرَّف المرونة بأنها قدرة نظام تعرّض للتعطُّل المؤقت على أن يعود إلى حالته السابقة بكفاءة عالية، فضلا عن القدرة على التنبؤ بالأعطال المحتملة وتطوير خطط طوارئ قوية للتعاطي مع تلك الأعطال بفعالية حال وقوعها.
سياسة ترامب في التعامل مع العديد من الدول أبرزها الصين، ستؤدي حتما الى تغير كبير في التجارة العالمية، وبالنسبة للسعودية، من شأن هذه التغيرات، عاجلا أو آجلا، ان تزيد من تذبذب حاد غير متوقع في تكلفة وتوفر المواد المستوردة وهو سيناريو يمكن أن تكون له تداعياته بشكل مباشر على الجداول الزمنية لبعض المشروعات.
لذا فإن التخطيط للأحداث الطارئة وفرض السيناريوهات المحتملة لا يخفّف من تبعات عدم اليقين الاقتصادي فحسب، وإنما يضمن كذلك استمرارية العمليات التشغيلية، وهذا من شأنه أن يُمكّن مختلف القطاعات من التكيّف بسرعة مع التغيّرات التي تطرأ على ظروف السوق؛ بل ومواصلة مسار النمو أيضا.
وبينما تتأهب السعودية لتنظيم أحداث عالمية هامة مثل مونديال كأس العالم 2034، تتبدّى بوضوح أهمية وضرورة الحاجة إلى تقييم دقيق للقدرة على التعاطي بفعالية مع الطوارئ المرتبطة بعنصر الوقت وزيادة كلفة بعض المواد، فالطرق التقليدية لتقييم المخاطر قد لا تُحيط إحاطة كاملة بمدى تأثير الاضطرابات الجيوسياسية على الخطط القائمة. وهنا تظهر أهمية ما يُعرف بـ "مرحلة التعافي"، في علم التخطيط للطوارئ؛ حيث يتم التركيز في تلك المرحلة على استعادة عمليات التشغيل العادية واستعادة الاستقرار بعد فترة وجيزة من التعطّل.
طريق المرونة لا يحتاج فقط إلى كشف رموز تعقيدات الماضي، وإنما يحتاج كذلك إلى الاستفادة من تلك الدروس في عملية التخطيط الاستراتيجي. وفي ظل سياق لا يتوقف عن التغيُّر، وعالم لا يقبل سوى الأقوياء القادرين على التكيف، تبقى المرونة أذكى لغات البقاء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أبل تخطط لإطلاق نظارات ذكية في 2026
أبل تخطط لإطلاق نظارات ذكية في 2026

مباشر

timeمنذ 27 دقائق

  • مباشر

أبل تخطط لإطلاق نظارات ذكية في 2026

مباشر- قالت وكالة بلومبرج نيوز أمس الخميس إن أبل تخطط لإطلاق نظارات ذكية في نهاية العام المقبل، في أحدث مسعى لمصنعة هواتف آيفون لتنويع منتجاتها وتعزيز الطلب على أجهزتها التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. ونقل التقرير عن مصادر مطلعة أن أبل ستبدأ في إنتاج كميات كبيرة من النماذج الأولية للأجهزة في نهاية هذا العام مع موردين من الخارج. وتتوجه الشركة نحو النظارات بعد أن شهدت وحدات فيجن برو إقبالا فاترا من المستهلكين بسبب سعرها الباهظ وافتقارها إلى ميزات الذكاء الاصطناعي. وستنافس نظارة أبل الجديدة نظارة راي بان الذكية الخاصة بشركة ميتا، التي أصبحت تحظى بشعبية لدى المستهلكين. وذكر التقرير أن أبل علقت خططا لإنتاج ساعة ذكية قادرة على تحليل محيطها عن طريق كاميرا مدمجة. وأضاف التقرير أن الشركة كانت تعمل على إصدار ساعة مزودة بكاميرا بحلول عام 2027، ولكن تم إيقاف هذا المشروع.

Veo 3 من جوجل يصدم الإنترنت بفيديوهات شبه حقيقية
Veo 3 من جوجل يصدم الإنترنت بفيديوهات شبه حقيقية

الرجل

timeمنذ 38 دقائق

  • الرجل

Veo 3 من جوجل يصدم الإنترنت بفيديوهات شبه حقيقية

أطلقت شركة جوجل أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة "Veo 3" لإنشاء الفيديوهات، لتُحدث صدمة في الإنترنت بعد تداول مقاطع يصعب على المشاهد العادي تمييزها عن الأعمال المصوّرة بكاميرات حقيقية، وبواسطة ممثلين حقيقيين. وتُعد Veo 3، التي كُشف عنها خلال مؤتمر Google I/O الأخير، نقلة نوعية في عالم المحتوى المرئي المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث تجمع بين الواقعية البصرية المتقدمة، والقدرة على توليد حوارات، ومؤثرات صوتية، وموسيقى تصويرية، ما يجعل الناتج شبيهًا إلى حد كبير بالإنتاجات السينمائية. واقعية تُثير الإعجاب والقلق! بخلاف أدوات منافسة مثل Sora من OpenAI، تقدم Veo 3 قدرات معقدة على مزامنة حركة الشفاه بدقة، ومحاكاة قوانين الفيزياء الطبيعية، وإنشاء شخصيات بشرية بأطراف كاملة؛ وقد بدا واضحًا، بحسب الفيديوهات المنتشرة على المنصات الاجتماعية، أن معظم العلامات التي تفضح "الصناعة الاصطناعية" غائبة تقريبًا. في مثال لافت، شارك المخرج وعالم الأحياء هاشم الغيلي عبر منصة X مجموعة من المقاطع القصيرة التي أنشأها باستخدام الذكاء الاصطناعي، تظهر فيها شخصيات رقمية تؤدي أدوارًا تمثيلية تنتقد فيها "مبتكريها"؛ وقد لاقت هذه المقاطع تفاعلًا واسعًا، نظرًا لما حملته من سرد درامي قوي، وبنية بصرية متقنة تُحاكي الإنتاج السينمائي الحقيقي. ورغم ما تحمله Veo 3 من وعود بالتحرّر الإبداعي، عبّر كثير من صنّاع الأفلام التقليديين عن قلقهم من غزو "الفيديو الاصطناعي" لمجالهم، خصوصًا في ظل غياب آليات واضحة لضبط مفاهيم الملكية والموافقة وحقوق النشر. تحولات في صناعة الفيديو في مقطع ترويجي لأداة Flow من جوجل، التي تتضمن تقنية Veo 3، عبّر المخرج ديف كلارك عن انطباعه تجاه الأداة قائلًا: "يبدو أنها تبني على نفسها، وكأن لديها نوعًا من الوعي الذاتي البسيط"، في إشارة إلى الإحساس الغريب والمبهم الذي يصاحب التعامل مع هذه التقنية المتقدمة. ورغم الثناء الكبير الذي حظيت به Veo 3، أشار تحقيق نشره موقع 404 Media إلى أن الأداة تُظهر في بعض الحالات ميلًا لتكرار النكات أو المشاهد، ما أثار تساؤلات حول مصادر البيانات التي تم تدريب النموذج عليها، ومدى أصالة المحتوى الذي ينتجه؛ وفي واقعة لافتة، لاحظ اليوتيوبر ماركيس براونلي تطابقًا ملحوظًا بين أحد مشاهد الفيديوهات المُولدة عبر Veo 3 ونبتة صناعية شهيرة تظهر في خلفية مقاطع قناته، في إشارة محتملة إلى استخدام محتوى منشئي يوتيوب ضمن مواد التدريب دون الإفصاح عن ذلك. وبينما تستمر التقنية في التقدّم بسرعة مذهلة، تبقى التساؤلات الكبرى حول حقوق المبدعين، ومفهوم المؤلف، والمستقبل المهني لصناعة السينما، دون إجابات حاسمة. ومع اتساع الفجوة بين ما هو حقيقي وما تصنعه الخوارزميات، يبدو أن Veo 3 ليست مجرد أداة، بل مؤشر على تحوّل جذري قادم لا محالة.

«قوقل»: إضافة ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet
«قوقل»: إضافة ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

«قوقل»: إضافة ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

تابعوا عكاظ على أضافت قوقل خلال مؤتمرها السنوي I/O 2025 ميزة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح لمستخدمي خدمة الاجتماعات والمكالمات عبر الإنترنت Google Meet الحصول على ترجمة صوتية فورية، ما يسهل التواصل بين المستخدمين ذوي اللغات المختلفة في الاجتماعات والمكالمات. وتعتمد الميزة الجديدة على نموذج Gemini لتقديم ترجمة صوتية تحاكي صوت المتحدث الأصلي ونبرته وتعبيراته، لتبدو كأنها صادرة عنه مباشرة. وفي العرض التوضيحي الذي قدمته قوقل ظهر مستخدم يتحدث الإنجليزية في أثناء مكالمة مع مستخدم آخر يتحدث الإسبانية، وبمجرد تفعيل ميزة الترجمة بدأت خدمة Meet دبلجة الحديث تلقائياً إلى الإنجليزية مع الحفاظ على تفاصيل الصوت الأصلية. وتُعد هذه الخطوة منافسة مباشرة لميزة مماثلة أعلنتها مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام لمنصة Teams، ما يعكس السباق المتزايد بين الشركتين في مجال تحسين أدوات العمل التعاوني. وفي المرحلة الحالية، تدعم الميزة الترجمة بين الإنجليزية والإسبانية فقط، لكن قوقل تخطط لإضافة دعم كلٍ من الإيطالية والألمانية والبرتغالية خلال الأسابيع القادمة، وفقاً لما أعلنته خلال المؤتمر. أخبار ذات صلة وبدأ طرح الميزة تدريجياً لمشتركي الخدمة، ومن المنتظر وصولها إلى المؤسسات والشركات في وقت لاحق من العام الحالي. ويتوقع أن تُحدث هذه الميزة الجديدة تأثيراً كبيراً في طريقة عمل الفرق المتعددة الجنسيات والشركات ذات الانتشار العالمي، إذ ستسهم في إزالة أحد أكبر العوائق أمام التواصل الفعّال، وهو اختلاف اللغة، كما ستسمح للجميع من مختلف الخلفيات اللغوية بالمشاركة بثقة أكبر في النقاشات واتخاذ القرارات. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store