logo
الوحدات الصحية فى المحافظات.. إهمال مزمن

الوحدات الصحية فى المحافظات.. إهمال مزمن

الوفدمنذ يوم واحد
تعانى العديد من الوحدات الصحية فى القرى والمراكز، التى تُعد خط الدفاع الأول فى تقديم الرعاية الطبية الأساسية، من إهمال مزمن رغم وجود المبانى والتجهيزات والكوادر الطبية.
ويأمل المواطن البسيط فى الحصول على علاج سريع وخدمة آدمية، لكنه يصطدم بواقع مؤلم يتمثل في: وحدات مغلقة أو خاوية، أجهزة معطلة، نقص فى الأدوية، وأطباء يتواجدون لساعات محدودة، إن وُجدوا.
لم يعد الإهمال مجرد خلل إدارى، بل أصبح أزمة تُهدد حياة الآلاف وتُفاقم معاناة المرضى فى المناطق البعيدة عن المستشفيات المركزية. وبين التقارير الرسمية الصامتة واستغاثات الأهالى التى لا تجد آذانًا صاغية، تظل صحة المواطن فى المحافظات ضحية دائمة لغياب الرقابة والاهتمام.
«الإسكندرية» تحتاج إلى إنعاش عاجل
تواجه الوحدات الصحية بالإسكندرية، والتى من المفترض أن تكون الملاذ الآمن للمرضى البسطاء فى القرى، العديد من المشاكل التى حولتها إلى مبانٍ مهجورة لا تقدم المساعدة المرجوة. هذا الوضع يُكبد المواطنين مشقة الذهاب لمسافات طويلة، قد تصل إلى مئات الكيلومترات، بحثًا عن مستشفى قد يبعد مئات الكيلومترات عن محل سكنهم فى بعض الأحيان، وذلك لنقص الكوادر الطبية وتدنى مستوى النظافة وسوء معاملة المرضى ونقص الإمدادات الطبية، كما توجد شكاوى من تأخر تقديم الخدمات الطبية وعدم كفاية الأجهزة والمعدات الطبية وعدم وجود تخصصات طبية دقيقة فى بعض الوحدات.
جريدة «الوفد» تفتح ملف الوحدات الصحية بالإسكندرية، وخاصة فى غرب المحافظة، التى يقطنها عدد كبير من السكان، والتى ظلت بعيدة عن أعين المسئولين لفترات طويلة، ما أدى إلى إهمال المواطن وشعوره بالغربة عن قلب الإسكندرية.
فى الإسكندرية، مازال المستشفى المركزى، بقرية بنجر السكر بمدينة برج العرب، تعانى الإهمال، ومازال مغلقًا إلى الآن بسبب أعمال الترميم، وذلك على الرغم من تصريحات وكيل الوزارة السابق الدكتور مجدى حجازى من توفير اعتماد مالى بقيمة 5 ملايين جنيه من وزارة الصحة للبدء فى أعمال الترميم وإعادة التأهيل تمهيدا لإعادة التشغيل.
من ناحيتها قالت «منى عزيز» ربة منزل، إن الوحدات الصحية فى وسط المحافظة ليس بها غير 3 تخصصات وهى تطعيم الاطفال ووسائل تنظيم الاسرة ومعالجة فيروسات البرد، هذه هى التخصصات الموجودة فقط فى الوحدات الصحية أما باقى التخصصات لا يوجد أطباء لها ولا علاج والأطباء هناك يخبرونك بالتوجه إلى المستشفى، لذلك نطالب وكيل وزارة الصحة الجديد بأن يقوم بإمداد الوحدات الصحية بجميع التخصصات من الأطباء، أين العظام والجلدية؟ يوجد الكثير من المواطنين يتوجهون إلى الوحدة الصحية نظرا لرخص ثمن التذكرة والعلاج مجانا، كما أن هناك الاقبال قليل عن المستشفيات والزحام.
وأضاف على عبدالعزيز موظف: الوحدات الصحية لم تستفد أسرتى منها غير فى تنظيم الأسرة أما باقى التخصصات خارج الخدمة، يوجد طبيبان فقط، واحد لتطعيم الأطفال والطبيبة الثانية لتنظيم الأسرة، وباقى التخصصات غير متاحة، والفائدة الثانية التى نستفيد منها فى الوحدات الصحية هى أننا ننتظر المبادرات الصحية لنذهب للكشف المجانى والحصول على العلاج، هذه هى الفائدة من الوحدات الصحية، غير كده الوحدات الصحية عبارة عن محل يغلق الساعة 12 والوحدة ترفض أى حالات بعد الساعة 12 ظهرا وتقول لا يوجد أطباء.
وأكد عادل السيد، موظف، أن عدد الأطباء بالوحدات الصحية بمنطقة المنتزة قليل جدا، لم يوجد غير تخصصات معينة وهى طب الأسرة والباطنة فقط وأى تخصص آخر، الطبيب الباطنى يقول لنا أذهب للمستشفى وللأسف المستشفيات هناك مزدحمة، كما أن الوحدات الصحية تعانى من نقص فى عدد الأطباء والممرضين، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة ويزيد من أعباء العاملين، كما أن هناك شكاوى متكررة من عدم نظافة المرافق الصحية، مما يساهم فى انتشار العدوى ويزيد من قلق المرضى، كما أن هناك نقص فى بعض الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، مما يعيق تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى. مطالبًا بزيادة عدد الأطباء بالوحدات الصحية لاستقبال حالات الطوارئ وعدم اقتصارها على حالات الباطنة والأطفال فقط، كما أن هناك تخصصات مهمة مثل النساء والولادة والأسنان يريدون تواجدها على مدار الساعة.
وقال محمد عبدالله «مزارع»: الوحدة الصحية بمنطقة العامرية تعمل فى الفترات الصباحية حتى الساعة الثانية عشر فقط ثم تغلق أبوابها، موضحا أن أهالى القرية يعملون فى مجال الزراعة والأعمال الحرة ودائما هناك حالات طوارئ تصيبهم مفاجئة فيضطرون للذهاب لمستشفى العامرية العام داخل الإسكندرية ليتمكنوا من إنقاذ أبنائهم.
ويضيف أنه فقد أحد أبنائه، ابتلع جسم معدنى، ولم يتمكن من إنقاذه، حتى أصيب بحالة اختناق ولفظ أنفاسه الأخيرة عقب وصوله المستشفى وهو حادث مأساوى تأثر به أهالى القرية ومن ثم تمت المطالبة بعدها بإنشاء مستشفى قريب من قرى البنجر لإنقاذ الأهالى، تابعة لوزارة الصحة.
منشآت بلا روح.. والإهمال يفتك بوحدات البحيرة
رغم الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة فى إطلاق مبادرات صحية واسعة النطاق لضمان رعاية شاملة للمواطنين، غير أن واقع الوحدات الصحية فى العديد من قرى محافظة البحيرة يكشف عن مشهد صادم من الإهمال وغياب الرقابة. هذه الوحدات، التى كان من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا وخط دفاع أول، تحولت إلى مجرد مبانٍ مهجورة أو مقار إدارية بلا قيمة، تاركة المرضى فريسة للمعاناة والعجز.
وفى أعماق الريف البحراوى، حيث يعلّق المواطنون آمالهم على وجود خدمة صحية بسيطة فى متناول اليد، تقف تلك الوحدات عاجزة عن الوفاء بأبسط متطلبات الرعاية، بعدما كانت تعد ملاذا آمنا للمرضى، فأصبحت مجرد جدران صامتة لا تنبض بالحياة ولا تقدم الحد الأدنى من الخدمة.
ويتكرر هذا المشهد فى العديد من قرى ومراكز البحيرة، حيث تشهد الوحدات الصحية غيابًا شبه تام للطواقم الطبية والخدمات العلاجية، لتتحول إلى مبانى خاوية لا تقدم شيئًا سوى الإحباط وخيبة الأمل لآلاف المواطنين، رغم أنها من المفترض أن تكون نقطة الإنقاذ الأولى فى حالات الطوارئ ومواجهة الأمراض.
رصدت «الوفد» معاناة الأهالى فى عدد من قرى محافظة البحيرة بسبب تدهور مستوى الخدمات الصحية داخل الوحدات الصحية، والتى من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول فى تقديم الرعاية الطبية الأساسية، خاصةً للفئات الأكثر احتياجًا.
ففى قرية الجدية تحدث الأهالى عن وحدة صحية مغلقة فى أغلب الأوقات، يقول «عم سعيد» وهو فلاح ستينى: «لما بنتى سخنت وروحنا الوحدة، لقيناها مقفولة، قلنا يمكن الطبيب مشى، رجعنا تانى يوم الصبح، لقينا الممرضة بس، وقالت الدكتور مش بييجى إلا مرة فى الأسبوع، وده لو جه أصلاً».
الحال لا يختلف كثيرًا فى قرى رشيد والمحمودية والدلنجات وإيتاى البارود وغيرها من المراكز، حيث تتشابه الشكاوى من غياب الأطباء ونقص الأدوية والمستلزمات.
وفى بعض القرى تحولت الوحدات الصحية إلى سكن إدارى يستخدمه الأطباء كاستراحة وليس كمقر للعمل، فى ظل غياب الرقابة الصارمة من الإدارات الصحية.
قرى الجدية والمسّين والمروحة وأرمانيا، ترتفع شكاوى الأهالى يومًا بعد يوم، متهمين تلك الوحدات بأنها أصبحت «مجرد لافتات على الحائط»، فلا أطباء ولا ممرضين ولا حتى أدوية، وفى كثير من الأحيان، لا يجد المرضى من يفتح لهم باب الوحدة أصلاً.
فى هذه القرى لا يختلف الحال كثيرا، فالوحدات الصحية هناك قائمة شكليا فقط، فى حين يفتقد المرضى لأبسط مقومات العلاج، من أطباء وتمريض وأدوية.
الأهالى يضطرون إلى التوجه للمستشفيات المركزية أو العيادات الخاصة، ما يثقل كاهلهم بمصاريف إضافية لا يقدرون عليها، خصوصًا كبار السن والعمال البسطاء.
الوحدة الصحية فى المروحة على سبيل المثال تُفتح لساعات محدودة، وأحيانًا لا تُفتح على الإطلاق، فى ظل غياب الأطباء بشكل شبه دائم، بينما لا تتوفر الأدوية إلا نادرا، ما يجعل زيارة الوحدة الصحية رحلة بلا جدوى.
وفى قرية المروحة التابعة لمركز المحمودية، يقول أحمد يوسف أحد الأهالى: «مراتى كانت حامل وروحت الوحدة علشان المتابعة، الممرضة قالت لى مفيش طبيب نسا ولا جهاز سونار، وطلبت أروح المستشفى فى المدينة، اللى على بعد 30 كيلو، طب ليه بيسموها وحدة صحية».
المشهد يتكرر فى قرى عديدة، حتى أصبحت هذه المراكز الطبية عبئًا على الأهالى بدل أن تكون عونًا لهم، أطفال لا يحصلون على تطعيماتهم فى مواعيدها، وحالات تسمم أو ارتفاع حرارة أو التهابات بسيطة قد تتحول إلى كوارث بسبب التأخير فى تلقى العلاج.
التقت «الوفد» بالسيدة «منال. م» من قرية المسين، والتى قالت: «ابنى جاله نزلة معوية، وجرينا على الوحدة الصحية، لكن ملقيناش ولا دكتور ولا علاج.. اضطريت أركب توك توك وأروح به على المستشفى فى الدلنجات، وهناك قالوا لو اتأخرتوا شوية كانت حالته هتسوء جدًا».
أما جمعة على، من قرية حسن قاسم، فقال بحزن: «الوحدة جنبنا، بس بنروح للمستشفيات الكبيرة عشان الوحدة بقت كأنها مش موجودة حتى لما ابنى اتعور، ملقيناش شاش ولا يود، واضطرينا نروح العيادة الخاصة».
رغم وعود وزارة الصحة بتطوير منظومة الرعاية الأولية ضمن مبادرة «حياة كريمة»، إلا أن الواقع ما زال يُكذب هذه التصريحات فى كثير من المناطق بمحافظة البحيرة.
.. وقرية أول رئيس لمصر تعانى نقص الخدمات
تحولت الوحدات الصحية فى الغربية إلى «خيال مآتة» بعد أن أصابها الإهمال والتردى، وأصبحت بلا دور يذكر، حيث اقتصر أداؤها على وجود طبيب ممارس فى الفترة الصباحية يقوم بالكشف والتشخيص على المرضى فقط.
فالوحدات الصحية لا يوجد بها أدنى رعاية صحية للمرضى المترددين عليها من الفقراء والمساكين الذين لا يمتلكون من الأموال ما يساعدهم فى تلقى العلاج على نفقتهم الخاصة لأنهم ليسوا من أصحاب الحظوة بعد أن أهلكتهم الظروف الاقتصادية الطاحنة.
تأتى الوحدة الصحية بقرية النحارية التابعة لمركز ومدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية، وهى مسقط رأس الزعيم محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية والتى كرمته الدولة، لم يلتفت المسئولين عن الصحة إلى تكريم قرية أبناء أول رئيس لمصر فى توفير رعاية صحية لأبناء القرية.
وأكد الأهالى بالقرية أن الوحدة الصحية لا يوجد بها أدوية ونقوم بشراء الأدوية على نفقتنا الخاصة ويقتصر أداء الوحدة الصحية الوحيدة بالقرية على الكشف من طبيب ممارس عام من خلال السماعة الطبية وتطعيمات الأطفال حديثى الولادة دون فحوصات أو أشعة وتحليل وخلافه.
وأضاف الأهالى أن الوحدة الصحية تتحول إلى مكان يسكنه الأشباح بعد مرور الساعات الصباحية وانصراف معظم العاملين ولم يتبق سوى النبطشية من الممرضات بالإضافة إلى العجز الشديد فى الإسعافات الأولية بالوحدة الصحية ولولا وجود صيدليات خاصة بالقرية تقوم بالإسعافات على نفقة المواطن الخاصة لحدث ما لم يحمد عقباه.
المشكلة الحقيقية التى تكمن فى ضعف أداء الوحدة الصحية، كما يقول المواطنون فى النحارية، هى الأزمات التى قد تصيب المواطنين ليلا وتحتاج إلى تدخل سريع لإنقاذهم لم نجد فى الوحدة الصحية من يقوم بهذا الدور ونضطر إلى الذهاب للمستشفى العام بمركز كفر الزيات على بعد أكثر من 8 كيلومترات أو إلى مستشفى الجامعة بطنطا على مسافة 30 كيلومترًا الأمر الذى يعرض حياة المريض للموت المحقق وكثيرًا ما حدثت حالات وفاة بسبب عدم إسعافها مبكراً.
وفى الوحدة الصحية بقرية كفر اخشا التابعة أيضا لمركز ومدينة كفر الزيات لم يختلف الحال كثيرا فهى نفس المشاكل والهموم والقصور داخل الوحدات الصحية نقص فى الأدوية وعدم وجود عدد كافى من الأطباء المتخصصين والاقتصار على وجود طبيب ممارس عام يتعامل مع كل المرضى الغلابة مهما كانت الأمراض وكتابة الأدوية لصرفها من الصيدليات الخاصة على نفقة المريض.
وناشد الأهالى المسئولين عن الصحة بالتدخل وتحسين الخدمات الصحية المقدمة بالوحدات الصحية لإنقاذ المرضى، بعد أن فقدوا ما يمكنهم من الإنفاق على أنفسهم وأصبحت الوحدات الصحية هى الملاذ الوحيد للفقراء.
.. وفى سوهاج الداخل مفقود والخارج مولود
الوحدة الصحية من المفترض أنها الملاذ الأول والأخير للبسطاء من أبناء القرى خاصة فى المناطق البعيدة بعد أن ضاقت بهم السبل والأحوال المادية فهم لا يجدون سبيلاً لعلاج أطفالهم وذويهم إلا بالوحدة الصحية ولكن واقع الحال بالوحدات الصحية فى يقول عكس ذلك فهناك حالات مأساوية تشهدها القرى والمراكز بداية من نقص الأطباء وعدم توافر الأدوية وغياب الرقابة وتنتهى بوحدات أخرى متهالكة تسكنها الحيوانات أو مبانِ شاهقة لا تجد من يقوم بتشغيلها.
وتعانى الوحدات الصحية فى معظم قرى محافظة سوهاج من مشاكل عديدة تتمثل غالبيتها فى نقص الأطباء وهروبهم من العمل بالوحدات الصحية لعدم وجود حافز إثابة يكفيهم ونقص فى التمريض والعمالة والأجهزة والمعدات الطبية وهناك وحدات صحية أصبحت مأوى للفئران والقطط والحيوانات الضالة التى استولت على غرف الأجهزة وأتلفت العديد منها بعد أن هجرها الأطباء واشتكى المرضى من وجود أجهزة وأدوات طبية جديدة وبحالة جيدة لكنها مكهنة بالمخازن ووجود أدوات طبية غير معقمة بعيادات الأسنان فى كثير من الوحدات الصحية ووجود أدوية منتهية الصلاحية ما يؤكد عدم وجود حملات رقابية ومتابعة على هذه الوحدات من قبل مديرية الصحة أو إدارة التفتيش الصيدلى بالمديرية.
وتسبب عدم توافر الأطباء فى تعطيل العديد من الوحدات الصحية فهناك وحدات تعمل لمدة يومين أو ثلاثة أيام، حيث يتم ندب الطبيب للعمل فى أكثر من وحدة صحية الأمر الذى يدفع المرضى للجوء للمستشفيات المركزية كما أن هناك وحدات صحية لم يتم تشغيلها لعدم وجود تجهيزات طبية أو عمالة.
وقال حسن إسماعيل، من أهالى قرية أولاد جبارة، إن نقص الخدمات بالوحدة الصحية فى القرية يجبرهم على التوجه إلى العيادات الخاصة وتكبد نفقات ومصاريف زائدة للكشف على مرضاهم فى ظل ظروفهم المادية الصعبة لافتاً أنه فى حالة توافر طبيب بالوحدة الصحية يكون «امتياز» وغير متخصص لذا يكون غير قادر على الكشف بصورة دقيقة وطالب عدد من أهالى القرية محافظ سوهاج ومسئولى مديرية الصحة بتوفير ما تحتاجه الوحدة الصحية من أدوات طبية ومعدات وأطباء مقيمين خاصة فى الباطنة والنساء والتوليد.
ومن قرية الرشايدة قال عصام جمال، اخصائى اجتماعى، إن دور الوحدة الصحية بالقرية يقتصر على التطعيم واستخراج شهادة الميلاد أو الوفاة وبرغم الجهود المبذولة لتوفير الرعاية الصحية للمواطنين خاصة محدودى الدخل وأن الكثير من الوحدات الصحية بمحافظة سوهاج يقتصر عملها فقط على تطعيم الأطفال أو تنظيم الأسرة أو أنها مغلقة لأسباب خاصة بالقائمين عليها ويكون المواطن هو الضحية فيضطر للهروب منها إلى المستشفيات المركزية التى يطلق عليها الأهالى المثل القائل نصف العمى ولا العمى كله أو يضطر إلى تحمل أعباء مادية كبيرة للذهاب إلى العيادات الخاصة.
وقالت إحدى العاملات بصيدلية وحدة صحية، إن نقص الأدوية الأساسية مثل طعوم لدغ الثعبان والعقرب وخافضات الحرارة والمضادات الحيوية فى الوحدة الصحية يؤثر بشكل كبير على المرضى خاصًة الأطفال مشيرة إلى أنه ساعات يأتى الطفل تعبان ونضطر لإسعافه بمسكن فقط.
وأضافت أن الأجهزة الطبية الموجودة فى الوحدة الصحية قديمة ولا تعمل بكفاءة ما يحد من قدرتنا على تقديم خدمة طبية علاوة على أن غياب الطبيب الذى يأتى يوم أو يومين فى الأسبوع يؤدى إلى تفاقم الحالات المرضية ما يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة المواطنين ونوهت إلى ضرورة تحسين الدعم الطبى فى الوحدات الصحية من خلال وجود طبيب متخصص وتأمين الأدوية والأجهزة الحديثة بشكل دورى.
وقال أحد أطباء الأسنان، يعمل بوحدة صحية، إن نقص الأدوات الطبية مثل مادة التخدير «البنج» غير الموجود بصورة دائمة لاستخدامه فى العمليات الجراحية الصغرى بالمستشفيات ومواد الحشو والأجهزة المتخصصة يشكل تحديًا كبيرًا فى تقديم خدمات طب الأسنان داخل الوحدة موضحًا «مافيش مواد حشو والأجهزة قديمة والمريض الذى يعانى من التسوس لا يوجد أمامنا سوى الخلع بدون بنج أو أن يشتريه على نفقته الخاصة».
جدير بالذكر أن عدد أطقم التمريض قليل جدًا بكافة الوحدات الصحية بسوهاج وأن المرضى لا يحصلون على الرعاية الضرورية والناس تأتى من مناطق بعيدة ولا يحصلون على خدمات هى حقوقهم الأساسية ما يزيد من معاناة المرضى فى حالة الطوارئ فأقرب مستشفى يبعد عن أى وحدة صحية ساعة بالسيارة ويصعب نقل المرضى إليه بالسرعة اللازمة.
رحلة معاناة فى مطروح للبحث عن رعاية طبية
شهدت محافظة مطروح مؤخرًا تغييرًا فى قيادات الشئون الصحية، حيث انتقل الدكتور إسلام عساف، وكيل وزارة الصحة السابق بمطروح، إلى محافظة البحيرة. وتستقبل مطروح الدكتور أحمد رفعت، وكيلًا جديدًا لوزارة الشئون الصحية بها.
رغم هذه التغييرات، ما زال المواطن المطروحى يعانى من تدهور مستوى الخدمات الصحية والطبية داخل الوحدات الصحية. هذه الوحدات، التى تخدم المواطنين البسطاء فى القرى والنجوع البعيدة عن المستشفيات المركزية بالمدن بعشرات الكيلومترات، لا تزال قاصرة عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.
فى قرية البنجر 27 التابعة لمدينة الحمام، البوابة الشرقية لمحافظة مطروح، يؤكد محمود أمان، أحد مزارعى القرية، أن الوحدة الصحية مجهزة بالكامل، لكنها تفتقر للأطباء المتخصصين. يوجد بها طبيب واحد يقوم بالكشف على الأطفال والنساء وأى حالة مرضية على حد سواء، ويصرف علاجات لا تتعدى المسكنات وخافضات الحرارة.
ويضيف: «نحن أهل قرية البنجر اعتبرنا الوحدة الصحية الموجودة تخصص تطعيمات وصحة إنجابية، نظرًا لوجود عدد كبير جدًا من الممرضات أكثر من الأطباء والمرضى أنفسهم، واللاتى بدورهن يقدمن خدمات الصحة الإنجابية وتطعيم الأطفال، وأحيانًا الكشف على المرضى عوضًا عن الأطباء غير الموجودين». ويوضح أن سبب هذا العدد الزائد من الممرضات هو نقلهن بالواسطة من مدينة الحمام إلى البنجر ليكونوا بجوار منازلهن والإسكندرية.
ويضيف محمود شعبان، أن الوحدة تضم أيضًا طبيب أسنان متخصص فى «الخلع فقط» على حد قوله للمواطنين، وهو طبيب يأتى من الإسكندرية يوميًا لمدة ساعة واحدة ثم ينصرف. ولو احتاج أحد المرضى لحشو أو علاج أسنان، يضطر للجوء إلى العيادات الخاصة التى قد تصل تكلفة حشو الضرس فيها إلى 1000 جنيه، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للمزارعين البسطاء.
ويقول أيمن شعبان، مزارع بقرية البنجر 27، إن المواطنين يحولون أنفسهم إلى مستشفى الحمام المركزى، وهى الأقرب لهم على بعد 30 كم تقريبًا. ونظرًا لأن الطرق مكسرة، تستغرق الرحلة من نصف ساعة إلى 45 دقيقة للوصول إليها. ويضيف: «فى الحالات الحرجة، نحن نذهب إلى العيادات الخاصة، وإن لم يتمكنوا من التصرف، نحول أنفسنا إلى مستشفى الحمام المركزى لتلقى العلاج».
فى مدينة الضبعة، الواقعة على بعد 130 كم شرق مرسى مطروح، التقت «الوفد» بـ العمدة سعداوى الصنقرى، أحد عواقل القبائل بالمدينة، الذى كشف عن موقف مأساوى حدث معه شخصيًا صباح يوم الجمعة الماضى. توفيت سيدة مسنة (85 عامًا) من أفراد قبيلته بقرية الجفيرة التابعة لمدينة الضبعة، والتى تبعد عنها 35 كم.
يقول العمدة: «فوجئت بأهل المتوفية قادمين لى من الضبعة يريدون استخراج تصريح دفن لها، وأنه لا يوجد طبيب فى الوحدة الصحية بقرية الجفيرة، وأنهم توجهوا إليها ولم يجدوا من يستخرج لهم تصريح الدفن».
وأصطحبهم إلى مستشفى الضبعة لاستخراج الأوراق المطلوبة، فطلب المسئول بالمستشفى نقل جثمان السيدة المسنة المتوفاة إلى مدينة الضبعة من الجفيرة لاستخراج تصريح الدفن. هذا يعنى نقل الجثمان 70 كم ذهابًا وإيابًا للضبعة فى هذا الحر، وسيدة مسنة لم يحترموا حتى حالتها وسنها، والسبب هو عدم وجود أطباء فى وحدة الجفيرة الصحية لحل هذه المشكلة التى بعد محاولات تم حلها لتدفن المتوفاة بعد صلاة العصر، وكان المفترض أن تدفن بعد صلاة الجمعة وتعطلت بسبب وحدة الجفيرة الصحية.
طالب العمدة سعداوى بضرورة توفير أطباء متواجدين داخل الوحدة الصحية لخدمة المواطنين، خاصة فى الحالات الطارئة والإنسانية، موضحًا أن المواطنين فى الجفيرة غالبًا ما يتكبدون تكلفة المواصلات لتلقى العلاج والتمريض فى مستشفى الضبعة المركزى الأقرب لهم.
من أقصى الحدود الغربية، تحديدًا بمدينة السلوم الحدودية الواقعة على بعد 260 كم غرب مطروح، تحدث راتب طاهر، رئيس لجنة الصحة بالمجلس المحلى الشعبى سابقًا، أن مدينة السلوم يوجد بها مبنى إدارة صحية عبارة عن غرفة واحدة بجوار البنك الأهلى، وهو مبنى مؤقت منذ 5 سنوات ومأخوذ من حديقة أطفال تابعة لجمعية تنمية المجتمع المحلى بالسلوم.
هذا المبنى غير مؤهل لتأدية الخدمة الصحية، فلا توجد به إمكانيات لتقديم الخدمة الطبية والصحية. على سبيل المثال، يأتى الأطفال للحصول على التطعيم فى مكان غير معقم أو مجهز وغير آدمى بالمرة، عبارة عن غرفة بها مجموعة مكاتب وثلاجة الأمصال معًا، مما يجعل الأطفال عرضة للعدوى وانتقال الفيروسات.
ويضيف: «توجد أيضًا شقة تابعة لمجلس مدينة السلوم تستخدم لتنظيم الأسرة، وبنفس الحالة المزرية تمامًا، لا يوجد بها مكافحة عدوى ولا خدمة تنظيم الأسرة من الأساس، حتى الممرضات غير متواجدات».
ويرى «راتب» أن حل هذه المشكلات يكمن فى أن الإدارة الصحية تنسق مع مستشفى السلوم المركزى، ويكون لها مكان داخل المستشفى آدمى ومجهز لتقديم الخدمة للمواطنين. كما يجب أن يكون هناك انضباط ورقابة إدارية على جميع العاملين بالإدارة الصحية من أطباء وتمريض وموظفين، وأن تتوفر لهم أماكن سكن مناسبة حتى لا يكون ذلك عذرهم فى الهروب من التواجد وخدمة المواطنين بمدينة السلوم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بقيمة ٢ مليون جنيه .. دعم صحة الشرقية بـ٣ أجهزة تخدير لتعزيز إجراء العمليات الجراحية
بقيمة ٢ مليون جنيه .. دعم صحة الشرقية بـ٣ أجهزة تخدير لتعزيز إجراء العمليات الجراحية

تحيا مصر

timeمنذ 29 دقائق

  • تحيا مصر

بقيمة ٢ مليون جنيه .. دعم صحة الشرقية بـ٣ أجهزة تخدير لتعزيز إجراء العمليات الجراحية

يتقدم الدكتور أحمد البيلي وكيل وزارة الصحة بالشرقية، بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، على دعمه المستمر للمنظومة الصحية بمحافظة الشرقية ليلاً ونهاراً، لرفع كفاءة المنشآت الطبية والارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، وكذلك الشكر الموصول للأستاذ الدكتور بيتر وجيه مساعد وزير الصحة لشئون الطب العلاجى، وقيادات وزارة الصحة والسكان، على الدعم اللامحدود لمديرية الشئون الصحية بالشرقية. ويأتي ذلك بعد توجيهات نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان بدعم المديرية بعدد ٣ أجهزة تخدير حديثة بمشتملاتها من مونيتورات وخلافة، لتوزيعها على مستشفى الزقازيق العام، ومستشفى مشتول السوق المركزي بالشرقية، لإجراء العمليات الجراحية، بتكلفة تقديرية تصل ٢ مليون جنيه، ووجه وكيل وزارة الصحة بالشرقية، كلاً من الدكتور شريف شاهين مدير عام الطب العلاجي، والدكتور إياد درويش مدير إدارة المستشفيات بالمديرية، بالتنسيق مع مديري مستشفيات الزقازيق العام، ومشتول السوق المركزي، بسرعة الإنتهاء من الإجراءات المخزنية، ومتابعة تشغيل الأجهزة الطبية في أسرع وقت لخدمة المرضى والمواطنين بمحافظة الشرقية. وأكد الدكتور أحمد البيلي بأن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بصحة وسلامة المواطنين، ولا تدخر أي جهد أو مال من أجل الإرتقاء بمستوي الخدمات الطبية المقدمة للمرضى والمواطنين، مقدماً الشكر لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، ولمحافظ الشرقية لدعمهما المستمر للقطاع الصحي، وخاصة مستشفيات الصحة بمحافظة الشرقية، والبالغ عددهم ٢٦ مستشفى.

د. حماد الرمحي يكتب: المخدرات في مصر.. 6.5 مليون مدمن و72 مليار جنيه فاتورة تجارة الموت
د. حماد الرمحي يكتب: المخدرات في مصر.. 6.5 مليون مدمن و72 مليار جنيه فاتورة تجارة الموت

مصرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصرس

د. حماد الرمحي يكتب: المخدرات في مصر.. 6.5 مليون مدمن و72 مليار جنيه فاتورة تجارة الموت

في صمتٍ يُخيّم كالضباب، تتسلل المخدرات أو الموت الأبيض إلى شرايين الوطن، لا بصوت رصاصٍ ولا دويّ انفجار، بل بمسحوقٍ يختلط بالدماء، وسائلٍ يذوب في العروق، وسيجارةٍ تُحرق المستقبل قبل أن تُحرق التبغ. إنها ليست مجرد مواد تُباع وتُشترى، بل هي سكينٌ غادرٌ يقطع خيوط الحياة واحدةً تلو الأخرى، يُحوّل الشباب من بُناةٍ إلى ضحايا، ومن أحلامٍ إلى أرقامٍ في سجلات المستشفيات والسجون.في مشهدٍ يتكرر كل يوم، نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط أكثر من 228 كجم من المواد المخدرة المتنوعة «حشيش، وإستروكس، وهيدرو، وهيروين، وآيس، وبودر، وكوكايين، وMDMA، وكمية من الأقراص المخدرة»، وتُقدّر القيمة المالية للمواد المخدرة المضبوطة بأكثر من 26 مليون جنيه. لكن هذه الضبطية، رغم ضخامتها، ليست سوى غيضٍ من فيض، فالسوق السوداء للمخدرات في مصر تنمو كالوحش الذي يتغذى على اليأس والفراغ، لينهش أكباد الشباب، ويهدر ثروات الوطن.أرقام تكشف الكارثة الصامتةحين نضع عدسة الإحصاءات على وجه الظاهرة، تتجلى صورة وطنٍ يئنّ تحت وطأة وباء اجتماعي ينهش مستقبله من داخله.ففي عام 2024، كشف تقرير صندوق مكافحة الإدمان عن رقم مفزع للمدمنين في مصر، مؤكداً أن هناك نحو 6.4 مليون متعاطٍ للمخدرات في مصر، منهم 2.7 مليون شخص غارق في الإدمان ويحتاج إلى تدخل علاجي فوري.وأشار التقرير إلى أن مصر تحتل المرتبة الثالثة عربيًا، والمرتبة ال21 عالميًا في معدلات التعاطي، وفق تصنيف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC).لكن الكارثة لا تتوقف عند حدود الأعداد، فالموت ذاته أصبح رفيقًا دائمًا لهؤلاء، إذ تُسجل مصر سنويًا 4200 حالة وفاة نتيجة جرعات زائدة، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية (2023).إنها ليست مجرد إحصائية باردة، بل آلاف النهايات المفجعة، كل منها قصة حياة انطفأت مبكرًا، وحلم ذبل تحت تأثير السم القاتل.أما الجانب الاقتصادي لتجارة المخدرات، فالصورة أكثر إظلامًا، حيث تُقدّر قيمة سوق المخدرات في مصر بنحو 72 مليار جنيه سنويًا (أي ما يعادل 1.5 مليار دولار)، وهو رقم يوازي ميزانيات قطاعات خدمية كاملة، لكنه يُهدر في اقتصادٍ خفيّ، ينمو على أنقاض العائلات ومستقبل الأجيال.هذه ليست مجرد أرقام في صفحات التقارير، بل هي مؤشرات قاتمة على حرب داخلية شرسة، تتطلب أكثر من مجهود أمني أو طبي، بل تعبئة وطنية شاملة لانتشال مجتمع بأكمله من براثن الضياع.المخدرات في مصر.. ضبطيات مرعبة وحقائق صادمة عن الجريمة والدمار الاجتماعيفي جغرافيا الجريمة، تتحدث الأرقام بلغة صارخة لا تعرف المجاز، تكشف عن واقع تنفجر فيه تجارة الموت على قارعة كل شارع، وتضخّ السمّ في شرايين المدن والقرى دون استثناء.ففي عام 2022، كان عامًا دامغًا بالأرقام، إذ أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط 93,997 قضية مخدرات، توزعت بين تعاطٍ وترويج واتجار عبر مختلف محافظات الجمهورية، أما كميات المضبوطات فكانت مفزعة، لتشمل:* 347 طنًا من البانغو* 28.7 طنًا من الحشيش* 3.4 طن من الهيروين* 847 كغم من الإستروكس* أكثر من 23 مليون قرص مخدرولا تقلّ بداية عام 2023 رعبًا عن سابقتها؛ ففي يناير وحده، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط أكثر من 228 كجم من المواد المخدرة المتنوعة، تتراوح بين الحشيش والهيروين إلى الكوكايين وMDMA، بقيمة مالية تجاوزت 26 مليون جنيه.أما إذا عدنا لعام 2020، فالصورة لم تكن أقل ظلمة، بل كانت مقدمة لكارثة نعيش تداعياتها اليوم، حيث كشفت الإحصائيات عن حصيلة مفعمة بالكوارث:* 44.4 طن من الحشيش* 1.28 طن من الهيروين* 259 كغم من الأفيون* 4 كغم كوكايين* 13.7 مليون قرص ترامادول* 14.6 مليون قرص كبتاغونإن ما تم ضبطه ما هو إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد، فالسوق السوداء للمخدرات تنمو تحت الأرض كما تنمو الحشائش السامة، في ظل بيئة خصبة من البطالة والإحباط والتفكك المجتمعي.الإدمان والجريمة.. دوامة الانهيار الاجتماعيليس الإدمان انحرافًا فرديًا فحسب، بل هو جريمة ممتدة الأثر تهدد النسيج المجتمعي برمّته، وهو ما تكشفه الإحصائيات الرسمية التي أكدت أن:* 38% من نزلاء السجون في مصر متورطون في قضايا تتعلق بالمخدرات.* 64% من جرائم السرقة بالعنف ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتعاطي المواد المخدرة.* 72% من حالات الطلاق بين الشباب من الفئة العمرية 25–35 عامًا ناتجة عن تعاطي أحد الزوجين للمخدرات، بحسب المجلس القومي للمرأة.* 12 شابًا يُفقدون يوميًا في مصر بسبب جرعة سموم قاتلة.هذا التداخل بين الإدمان والجريمة يؤكد أن المخدرات ليست مجرد تحدٍ صحي، بل عامل تفجير اجتماعي يهدد الاستقرار الأسري والأمن المجتمعي معًا.أما عن أسباب تفشي هذا الطاعون في جسد الوطن، فقد كشفتها دراسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (2024)، والتي توصلت إلى نتائج مرعبة أكدت فيها أن:* 49% من المدمنين عاطلون عن العمل، ما يشير إلى العلاقة الطردية بين الإحباط الاقتصادي والانزلاق نحو الإدمان.* 33% من المتعاطين لديهم تاريخ عائلي مع المخدرات، ما يعكس انتقال الظاهرة وراثيًا واجتماعيًا بين الأجيال.* 68% من المدمنين بدأوا التعاطي قبل سن العشرين، أي أن الفخ يُنصب مبكرًا، في لحظة غياب التوجيه والرعاية.في خضم هذا المشهد المأساوي، لا يكفي أن نرصد الأرقام ونسجل الضبطيات، بل لا بد من الاعتراف أن الإدمان في مصر لم يعد خطرًا عابرًا، بل هو جائحة داخلية تنخر في أركان الدولة، تتطلب يقظة وطنية، وقرارًا سياسيًا وثقافيًا بإنهاء هذه الحرب قبل أن تلتهم المستقبل.الدولة في مواجهة السموم.. الأمن والعلاج على جبهتي الحرب ضد المخدراتمعركة وجودية لا تقبل التراخي، تخوضها الدولة المصرية ضد آفة المخدرات، واضعة على عاتقها مسؤولية مزدوجة، ما بين قمع الجريمة من جهة، وانتشال الضحايا من مستنقع الإدمان من جهة أخرى.بدأت الدولة جهودها في محاربة هذا الطاعون بالسلاح القانوني والتشريعي، فأصدرت قانون فصل الموظف المتعاطي (2021) ليُشكّل نقلة تشريعية حاسمة في ردع المخدرات داخل الجهاز الإداري للدولة، بعد أن تحوّلت المؤسسات إلى بيئات ملوّثة بالخطر الخفي، وكان من أهم النتائج المترتبة على صدور هذا القانون:* 17,000 موظف بادروا إلى العلاج الطوعي بعد إقرار القانون.* 1,000 موظف تم فصلهم نهائيًا، في رسالة صارمة بعدم التسامح.كما كشفت تقارير صندوق مكافحة الإدمان عن فحص 627,000 موظف بين عامي 2019 و2022، ما أدى إلى انخفاض نسبة التعاطي من 8% إلى 0.7%، في إنجاز يُحسب للصرامة التشريعية والدعم المؤسسي المستمر.أما عن الجانب الأمني، فقد أعلنت وزارة الداخلية عن خطة استراتيجية (2024–2030) لتعزيز قدرات المواجهة، شملت رفع عدد ضباط مكافحة المخدرات إلى 5,000 ضابط متخصص.فضلًا عن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تتبع الشبكات الإجرامية، ورصد تحركاتها، وتحليل أنماط توزيع المواد المخدرة، في سابقة تسعى لتحويل المعركة إلى حرب استخباراتية ذكية.كما تم إنشاء وتحديث 42 مركز علاج إدمان، بتكلفة إجمالية بلغت 1.2 مليار جنيه، لتوفير بيئة علاجية متكاملة.كما تم تضمين العلاج في منظومة التأمين الصحي الشامل، خطوة مفصلية لتكريس مبدأ "العدالة العلاجية" ومحاربة وصمة الإدمان التي كثيرًا ما تعيق التعافي.اللافت في نتائج علاج الإدمان أن 62.22% من المتعالجين كانوا عاطلين عن العمل، ما يرسخ الارتباط بين الإدمان والحرمان الاقتصادي، ويطرح الحاجة الماسّة لدمج العلاج بخطط التنمية والتوظيف.650 مليار دولار سنويًا.. فاتورة تجارة المخدرات على مستوى العالمأما بالنظر إلى أسواق المخدرات العالمية، فتشير الإحصائيات العلمية إلى أن سوق المخدرات العالمي تجاوز حاجز 650 مليار دولار سنويًا، وهو رقم يفوق الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 160 دولة مجتمعة، ويعكس حجم الكارثة العابرة للحدود.كما تشير الإحصائيات إلى أن عدد المتعاطين حول العالم بلغ نحو 296 مليون شخص، من بينهم 36 مليونًا يحتاجون إلى تدخل علاجي عاجل.وفي هذا المشهد الكارثي، تحتل مصر المرتبة 21 عالميًا في عدد المتعاطين، والمرتبة التاسعة في معدل النمو السنوي للإدمان، ما يضعها ضمن دائرة الخطر المتسارع، ويستدعي تدخلًا وطنيًا حاسمًا واستراتيجيات وقائية مدروسة لمواجهة هذا التمدد الصامت للسموم.المخدرات في مصر.. معركة بقاء تتطلب تنسيقًا وطنيًا شاملاً لمواجهة الخطر المتصاعدإن أزمة المخدرات في مصر تمثل تحديًا وطنيًا مركبًا ينهش جسد المجتمع في صمت، لا يهدد فقط صحة الشباب وأمنهم النفسي، بل يضرب صميم الاقتصاد ويقوّض ركائز التنمية.فانتشار المواد المخدرة لم يعد حكرًا على الفئات الهامشية، بل تسلل إلى المدارس والجامعات ومراكز العمل، في ظل تراجع دور الأسرة، وضعف الوعي المجتمعي، وتراجع منظومة القيم.والواقع يفرض علينا ضرورة تحرك جماعي تشاركي، لا تقتصر مسؤوليته على وزارات الداخلية والصحة والتضامن، بل تشمل كذلك التعليم، والثقافة، والإعلام، والأزهر والكنيسة، ومؤسسات المجتمع المدني.فالمعركة ضد المخدرات ليست أمنية فقط، بل هي معركة وعي ووقاية وتنمية وعدالة اجتماعية، تتطلب رؤية استراتيجية وطنية موحدة، تُركز على الوقاية والتأهيل، بالتوازي مع الضربات الأمنية والرقابة على سلاسل التوزيع والتهريب، ومكافحة تجارة السموم التي تهدد مستقبل الأمة من الداخل.بقلم: د. حماد الرمحي

زين عبدالهادي: حان الوقت للتغيير باتحاد الكتاب في ظل الأزمات المتتالية (خاص)
زين عبدالهادي: حان الوقت للتغيير باتحاد الكتاب في ظل الأزمات المتتالية (خاص)

الدستور

timeمنذ 5 ساعات

  • الدستور

زين عبدالهادي: حان الوقت للتغيير باتحاد الكتاب في ظل الأزمات المتتالية (خاص)

يطرح العديد من الكتاب والمثقفين، تساؤلًا حول دور اتحاد الكتاب المنوط به علاج أعضاءه، خاصة أن الشيخ سلطان القاسمي، كان قد منح اتحاد الكتاب عشرين مليون جنيه كوديعة، من المفترض أنها مخصصة لعلاج الكتاب، إلا أنه ومنذ وقت طويل أثيرت الأقاويل والتكهنات عن هذه الوديعة ومصيرها. وتعليقًا على الأزمة الصحية التي تعرض لها الروائي صنع الله إبراهيم ــ وهي حلقة من سلسلة طويلة لمسلسل الأزمات الصحية التي يتعرض لها كتاب مصر، سبق وطرحت من قبل عديد المرات من محمد جبريل وأمجد ريان مرورا بمصطفى نصر ووصولا إلى صنع الله إبراهيم ــ وفي كل أزمة صحية جديدة يتعرض لها كاتب. وفي هذا الصدد، قال الدكتور زين عبدالهادي، أستاذ علم المعلومات وتاريخ المعرفة والكاتب الروائي، في تصريحات خاصة لــ 'الدستور': 'حان الوقت للتغيير خاصة في ظل الأزمات المتتالية في الاتحاد'. زين عبدالهادي: حان الوقت للتغيير باتحاد الكتاب في ظل الأزمات المتتالية ويروي الكاتب الدكتور زين عبدالهادي: كنت قد حضرت عدة فعاليات ثقافية في العامين الأخيرين من أجل أصدقائي، وعادة لا أتدخل في الحروب القائمة فيه مثلي مثل كل مواطن يحاول أن يعيش في هدوء، لكن هذا الهدوء تلاشى، مع المشكلات التي تتسرب منه يوما بعد أخر، على سبيل المثال وأعني القضايا الصحية والمادية التي تقع في صميم عمل الاتحاد، هناك مشكلة في التأمين الصحي نظرا لأن الشركة الموكول لها علاج المرضى من الكتاب والمثقفين ترفض علاج بعض الحالات لخطورتها، إذن لماذا ندفع ومن الذي تعاقد مع هذه الشركة وكيف تم ذلك؟، بالطبع لن نحصل على اجابات مفيدة. دور اتحاد الكتاب علاج أعضاءه وهذا ما يجب أن يقوم به وأضاف: 'ثم ما هي مشكلة الكاتب العالمي صنع الله إبراهيم الذي تتدهور صحته يوما بعد آخر نتيجة شرط حدود الإنفاق، فهل نترك الرجل يموت، لقد لجأت شخصيا عشرات المرات إلى وزراء الثقافة السابقين من أجل إنقاذ حياة كتاب ومثقفين وأذكر بالخير الدكتور إيناس عبد الدايم والدكتور أحمد فؤاد هنو اللذان لم يتأخرا لحظة في القيام بما في استطاعتهم، لكن اتحاد الكتاب هذا دوره وهذا ما يجب أن يقوم به'. هذا ليس اتحاد كتاب يمثل مصر وتابع: 'لا أريد الخوض في مسألة منحة الشيخ سلطان القاسمي، لكن الاتحاد لديه حساب مالي يمكنه من الإنفاق على الكتاب المرضى، ما هذا الموقف المذل الذي يجب أن يقفه كل كاتب من أجل علاجه، حان الوقت للتغيير خاصة في ظل الأزمات المتتالية في اتحاد الكتاب مثل المشكلة الأخيرة المتعلقة بمجلس استشاري، وهل لا يستطيع الكتاب حل مشاكلهم فنقوم بتعيين مجلس استشاري، ما هذا اللغو الباطل، وكيف تمت الموافقة على تعديلات اللائحة دون أن يعرف الكتاب بمواد اللائحة ودون دعوات للحضور، ودون أن تصلهم المواد المطلوب تغييرها؟، هل هذا معقول؟، هذا ليس اتحاد كتاب يمثل مصر وأملها في ثقافة محترمة، هذا ليس اتحاد يحترم الكاتب والمثقف، للأسف الشديد هذه أمور خرجت عن العقل والمنطق'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store