
محمد حسن التل : الأردن ومصر وحماس وتصريحات نتنياهو!!
قلت في المقال السابق إن ما تقوم به إسرائيل في غزة هو اقتناص لفرصة هيأتها لها أحداث السابع من أكتوبر قبل ما يقارب عامين، واعتبرتها الحكومة الإسرائيلية المستندة إلى الرواية الصهيونية فرصة ثمينة لوضع لبنة جديدة من لبنات مشروعها التاريخي، ليس فقط في فلسطين، بل أيضا في أجزاء من المنطقة العربية. وأمس، يؤكد نتنياهو هذا عندما قال إنه يعيش ضمن حلم رؤية إسرائيل الكبرى، ليس فقط على أرض فلسطين التاريخية، ولكن ضمن دول عربية عديدة تشمل أجزاء من الأردن ومصر وسوريا ولبنان والسعودية ناهيك عن قرار الوزير سمورتج بالإعلان اليوم عن إطلاق الإستيطان في المنطقةE1، وهذا يؤكد، كما أشرت سابقًا، أن الحركة الصهيونية تمضي ببرنامج طويل الأمد لتنفيذ الحلم بإقامة إسرائيل الكبرى على حساب الشعوب والدول.
وربما بعد هذه التصريحات والقرارات ينتبه العالم إلى أن إسرائيل لم تعد تهدد أمن المنطقة فقط، بل أمن العالم، وتريد أن تشعل النار في الشرق الأوسط لتحقيق ما ترغب به لقيام مشروعها المدمر، وهذا يستدعي من الدول العربية أن تجابه التصرفات الإسرائيلية المستندة إلى الروايات التاريخية المزيفة بموقف موحد، مرتكز على فكرة أن هذا الكيان تجاوز في عدائه وشروره كل أمر كان يخطر على بال أي محلل أو سياسي أو مراقب.
اليوم، إسرائيل تعيش في أعلى درجات نشوتها وهي ترى أنها تحقق النصر، حسب رؤيتها، على كافة جبهات أعدائها، وأن الطريق بات معبّدًا أمامها للسيطرة على كل من حولها جغرافيًا واقتصاديًا، في ضوء دعم لها من قبل قوى عديدة في العالم ما زالت ترى أنها دولة حضارية وسط بحر من ظلمات التخلف، وأن الإسرائيليين لا يريدون سوى الحياة بأمان!!
على مقطع آخر، إستقبلت القاهرة قبل يومين وفدًا من قيادة حماس في الخارج بعد غضب القاهرة من تصريحات قادة حماس ضدها ومطالبتها فتح المعابر مع غزة من جهتها، وهذا يعني زج الجيش المصري بمواجهة ليس فقط مع إسرائيل بل مع حلفائها في الغرب ، هل سيرتاح ساعتها هؤلاء المحرضون؟!!
لذلك من حق القاهرة أن تغضب، بعد كل الجهد الذي بذلته منذ ما يقارب العامين على طريق محاولة وقف إطلاق النار في غزة لحماية الأشقاء هناك، لكن الاستعلاء من قبل قيادة حماس في الخارج دائمًا يأتي في إطار نكران الجميل.
هؤلاء أنفسهم أساؤوا للأردن أكثر من مرة، وحرضوا الأردنيين على النزول إلى الشارع خارج إطار القانون، وتمادوا عندما حرضوهم على محاولة اقتحام الحدود مع فلسطين المحتلة، وشككوا في كثير من الأحيان بمواقف الأردن رغم ما قدمه ويقدمه على طريق الوقوف إلى جانب الأشقاء في غزة وفي كل فلسطين عبر العقود الطويلة، ولم يبادروا يومًا أو حتى يحاولوا الإعتذار للأردن بأي شكل، بل مستمرون في التحريض والتشكيك، والأمر على الواقع لا يعني الأردن ، لأنه تاريخيًا وفي تعامله مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لا يلتفت إلى هذه المواقف والحسابات، ويتعامل مع قضايا الشعب الفلسطيني، ومع سلطة فلسطينية معترف بها دوليًا، مع ما لها وما عليها، ويعتبرها العالم أنها تمثل الفلسطينيين، وهذا ربما يكون أحد الأسباب التي تغيظ الكثير ممن يريدون العمل في القضية الفلسطينية على أسس تنظيمية وحزبية.
تناسى هؤلاء فضل عمّان عليهم، وعلى حركتهم منذ تأسيسها في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، عندما سمحت لهم بأن يكون مقر مكتبهم السياسي فيها، في ظروف سياسية معقدة في المنطقة، ليمارسوا عملهم بكل حرية وأمان، وما زالت حادثة محاولة اغتيال خالد مشعل وموقف المغفور له بإذن الله تعالى الحسين بن طلال ماثلة في الأذهان، حيث وقف الراحل بوجه إسرائيل بكل صرامة وحزم آنذاك، وتحمّل الأردن ضغوطات جبارة في سبيل منعهم من مزاولة نشاطاتهم، بل وإخراجهم من البلاد، لكنه ظل ثابتًا على موقفه بالسماح لهم بالبقاء والعمل في عمّان، إلى أن دقّت ساعة الحقيقة وثبت أن هذا المكتب انحرف عن مساره السياسي وأصبح وجوده خطرًا على الأمن الوطني الأردني، فكان القرار بإنهاء عمله وإغلاقه، واختار بذلك التاريخ القادة الذين كانوا موجودين في الأردن المغادرة، لكن الخيوط الإنسانية ظلت حاضرة، وسمح الأردن أكثر من مرة لبعض هؤلاء بالقدوم لدواعٍ إنسانية، ولم يمنعهم أبدًا من ذلك.
وينسى هؤلاء وغيرهم، أن الأردن منذ عقود طويلة يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني المكلوم، ودفع على هذا الطريق تضحيات كبيرة ومؤلمة، وهل أنبل من أن يضحي ملك بدمه في سبيل فلسطين كما فعل الملك الشهيد عبدالله الأول، وقدّم الأردن أيضًا رموزا وطنية على هذه الطريق، وآلاف الشهداء، ، وهذه قبور عسكر الجيش العربي الأردني تملآن عرضًا في فلسطين وطولها..
لا أريد أن أبحر في التاريخ أكثر، فصفحات كتاب الأردن في هذا كثيرة ومتراكمة، ومنذ أن آلت الراية إلى الملك عبدالله الثاني حمل ملف فلسطين على عاتقه، ويكاد يكون الوحيد الذي ظل يخاطب العالم على مدار عقدين، ويحثه على إنصاف الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وتمكينه من قيام دولته كباقي شعوب الأرض، ولم يكل يومًا عن الاستمرار بهذا النهج من على كل المنابر الدولية، ومئات اللقاءات مع زعماء العالم لتحقيق هذا المراد.
واليوم، نرى ترجمة حاضرة على الواقع بفتح الطريق واسعًا أمام تحقيق هذا الهدف، فالكثير من عواصم العالم ما زالت كل يوم تعلن عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واستطاع الملك، بتحركاته المكثفة المتراكمة في الإنجاز، أن يجعل إسرائيل اليوم محصورة في الزاوية، وتكاد تكون وحيدة في مواجهة العالم، ومنذ انفجار الاعتداء الإسرائيلي على غزة، اشتد هجوم الأردن الدبلوماسي على إسرائيل، وبيّن للعالم أن ما يقوله هو الصحيح، وهو الطريق الأسلم لإنقاذ أمن المنطقة وأرواح أبنائها، وأن كل مشاكل المنطقة ناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حتى في وقت ما وضعنا أيدينا على صدورنا خوفًا على مصالح البلاد الوطنية مع العالم، الذي يسيطر على مساحات كثيرة منه اللوبي الصهيوني.
واليوم، يأتي من ينظر إلى غزة وما يجري بها من خلف الشاشات والغرف المرفهة، مثله مثل الملايين الذين يراقبون الصورة عن بُعد، ليزاود على موقف الأردن ويحاول التحريض، ولا يتوقف ليفكر لحظة واحدة في الاعتذار، فماذا يفسر ذلك غير الإصرار على الموقف المشين ونكران الجميل؟ ولكن، كما أشرت، الفلسطينيون في غزة وكل فلسطين يعرفون ويفهمون معنى المواقف الأردنية النبيلة تجاههم وتجاه قضيتهم، ويعلمون جيدًا أن الأردنيين وقيادتهم عندما يضحون من أجل فلسطين، يفعلون ذلك تحت عنوان عقائدي وقومي لا يمكن التخلي عنه...
الأردن ومصر لم يأخذا قرار الحرب حتى يتحملا وحدهما وزر النتائج، فيكفي مزاودات وعنتريات من خلف الميكروفونات البعيدة عن فلسطين آلاف الكيلومترات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 28 دقائق
- عمون
جمعية عَون الثقافية الوطنية تدعو للوقوف بوجه أطماع الاحتلال الإسرائيلي
عمون - أصدرت جمعية عون جمعية الثقافية الوطنية بيانًا رافضًا لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي حول مشروع "اسرائيل الكبرى" الذي يهدد فيه الأردن وعددًا من الدول المجاورة. وقالت الجمعية في بيانها، إنها تستنكر وترفض بأشد العبارات هذه التصريحات غير المسؤولة، فالأردن بقيادته الهاشمية وحيشه وشعبه ليسوا من يقبلوا بالتنازلات. وتاليًا نص البيان: تابع أعضاء هيئات ولجان جمعية عَون الثقافية الوطنية كغيرهم من أبناء الوطن التصريحات العدائية الصادرة عن رئيس حكومة الكيان الصهيوني تجاه الأردن بشكل خاص والدول العربية بشكل عام التي كشف خلالها عن أطماعه التوسعية بإقامة "اسرائيل الكبرى" على حساب الأردن ومصر ودعوته لتنفيذ المخططات الصهيونية الإستعمارية في المنطقة العربية. وعليه فإننا في جمعية عَون الثقافية الوطنية نستنكر ونرفض بأشد العبارات هذه التصريحات غير المسؤولة التي تخالف بشكل سافر القانون والأعراف الدولية، والتي تُعد تهديداً للأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع،ونعتبرها بمثابة إعلان حرب من شأنها إبقاء المنطقة في حالة صراع وتنذر بزيادة العنف والتطرف بما حملته من إعتداء صارخ على سيادة وإستقلال دول الجوار دون أي إعتبار للمواثيق وإتفاقيات السلام الموقعة مع الدول العربية وخصوصاً الأردن. ونؤكد على أن الاردن القوي بقيادته الهاشمية وشعبه الوفي وجيشه المصطفوي وأجهزته الأمنية ليس بالدولة التي تقبل بالتنازلات وتخضع للتهديدات،فهي جاهزة وقادرة على القيام بكل ما يمليه عليها واجبها المقدس لدحر أطماع الأعداء والحفاظ على أمن الأردن واستقراره وسيادته وسلامة أرضه. كما أننا في جمعية عَون الثقافية الوطنية نرى أن هذه التصريحات تكشف عن مدى إتساع العزلة الدولية التي يعيشها رئيس وأعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة في الكيان الصهيوني المحتل بسبب ما تمارسه آلته العسكرية من أفعال إجرامية من تقتيل وتجويع وتشريد وتهجير قصري لأهلنا في غزة لم يشهد التاريخ مثيل لها.وما أقواله تلك إلا محاولة يائسة وبائسة منه لتصدير أزمته الداخلية إلى دول الجوار. كما ندعو أبناء الوطن كل من موقعه ومكانته ومؤسساتنا العامة والخاصة بالوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا الهاشمية التي لم تستكين يوماً ولا في أحلك الظروف لأي تهديدات.كما أن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ونصره لم ولن يدخر جهداً للدفاع عن الأردن وحماية أرضه وشعبه ولن يتوقف عن دعم أهلنا في فلسطين والدفاع عن قضايا أمتنا العادلة بالرغم من الضغوطات الكبيرة التي تمارس ضد الأردن منذ ما يزيد على قرن من الزمان في محاولة لثنيه عن مواقفه الوطنية والقومية المشرفة. وختاماً نقول أننا كشعب أردني ندعم كل ما يقوم به جلالة الملك المفدى ونؤيد كل ما يتخذه الأردن عبر مؤسساته الرسمية من إجراءات سياسية وعسكرية تضمن حماية أمنه وحدوده ومستقبل أجياله وتضع حداً لعنجهية رئيس حكومة الكيان الصهيوني المأزوم. حفظ الله الاردن قيادة وأرضاً وشعباً حراً عزيزاً،وعاشت فلسطين حرة عربية أبية

عمون
منذ 28 دقائق
- عمون
موسى راضي الحمادين .. مبارك النجاح
'رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي' عمون - تتقدم تهاني الحياصات (ام صهيب) بأسمى آيات التهنئة والتبريك لرئيس ديوان المحاسبة راضي الحمادين بمناسبة نجاح نجله موسى في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة البريطانية| العلمي (IGCSE). سائلة الله له دوام التوفيق والنجاح.. ألف ألف مبارك..

السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
عَون الثقافية الوطنية تدعو للوقوف بوجه أطماع الاحتلال
السوسنة تابع أعضاء هيئات ولجان جمعية عَون الثقافية الوطنية كغيرهم من أبناء الوطن التصريحات العدائية الصادرة عن رئيس حكومة الكيان الصهيوني تجاه الأردن بشكل خاص والدول العربية بشكل عام التي كشف خلالها عن أطماعه التوسعية بإقامة "اسرائيل الكبرى" على حساب الأردن ومصر ودعوته لتنفيذ المخططات الصهيونية الإستعمارية في المنطقة العربية. وعليه فإننا في جمعية عَون الثقافية الوطنية نستنكر ونرفض بأشد العبارات هذه التصريحات غير المسؤولة التي تخالف بشكل سافر القانون والأعراف الدولية،والتي تُعد تهديداً للأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع،ونعتبرها بمثابة إعلان حرب من شأنها إبقاء المنطقة في حالة صراع وتنذر بزيادة العنف والتطرف بما حملته من إعتداء صارخ على سيادة وإستقلال دول الجوار دون أي إعتبار للمواثيق وإتفاقيات السلام الموقعة مع الدول العربية وخصوصاً الأردن. ونؤكد على أن الاردن القوي بقيادته الهاشمية وشعبه الوفي وجيشه المصطفوي وأجهزته الأمنية ليس بالدولة التي تقبل بالتنازلات وتخضع للتهديدات،فهي جاهزة وقادرة على القيام بكل ما يمليه عليها واجبها المقدس لدحر أطماع الأعداء والحفاظ على أمن الأردن واستقراره وسيادته وسلامة أرضه. كما أننا في جمعية عَون الثقافية الوطنية نرى أن هذه التصريحات تكشف عن مدى إتساع العزلة الدولية التي يعيشها رئيس وأعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة في الكيان الصهيوني المحتل بسبب ما تمارسه آلته العسكرية من أفعال إجرامية من تقتيل وتجويع وتشريد وتهجير قصري لأهلنا في غزة لم يشهد التاريخ مثيل لها.وما أقواله تلك إلا محاولة يائسة وبائسة منه لتصدير أزمته الداخلية إلى دول الجوار. كما ندعو أبناء الوطن كل من موقعه ومكانته ومؤسساتنا العامة والخاصة بالوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا الهاشمية التي لم تستكين يوماً ولا في أحلك الظروف لأي تهديدات.كما أن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ونصره لم ولن يدخر جهداً للدفاع عن الأردن وحماية أرضه وشعبه ولن يتوقف عن دعم أهلنا في فلسطين والدفاع عن قضايا أمتنا العادلة بالرغم من الضغوطات الكبيرة التي تمارس ضد الأردن منذ ما يزيد على قرن من الزمان في محاولة لثنيه عن مواقفه الوطنية والقومية المشرفة. وختاماً نقول أننا كشعب أردني ندعم كل ما يقوم به جلالة الملك المفدى ونؤيد كل ما يتخذه الأردن عبر مؤسساته الرسمية من إجراءات سياسية وعسكرية تضمن حماية أمنه وحدوده ومستقبل أجياله وتضع حداً لعنجهية رئيس حكومة الكيان الصهيوني المأزوم. حفظ الله الاردن قيادة وأرضاً وشعباً حراً عزيزاً،وعاشت فلسطين حرة عربية أبية. جمعية عَون الثقافية الوطنية/عمان-الأردنالسبت:16-آب-2025 اسعد ابراهيم ناجي العزامرئيس الهيئة الإدارية