logo
العالم بين المتحورات البيولوجية والمعرفية

العالم بين المتحورات البيولوجية والمعرفية

الاتحادمنذ 20 ساعات

العالم بين المتحورات البيولوجية والمعرفية
بينما يظن العالم أن الجائحة انقضت، فإن المتحورات بوصفها تجليات جديدة لقوى الطبيعة غير القابلة للضبط، تهدد بالعودة وبصمت رهيب وهدوء كبير بعد ما مرت البشرية بتجارب سابقة في مواجهة خطر الأوبئة. وأستطيع القول إن العقول العملية والتشغيلية التي لا تستطيع أن ترى ما هو خلف الحقائق والأرقام والمعلومات، والتي لا تطور نمط تفكيرها حيال التحديات التي ستواجها المجتمعات هي وباء بحد ذاتها، ما يستوجب الاستشراف والتفكير الاستباقي، من أجل البحث عن الموارد والقدرات والخطط والإجراءات وإيجاد تدابير منع ووقاية غير تقليدية.من جانب آخر، تبين التنبؤات العلمية عودة غير قابلة للإنكار لمتحورات فيروس كورونا.
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) الصادر في أبريل 2025، فإن متحورات كورونا الجديدة مثل «XBB.1.16» و«BA.2.86.3» قد سُجلت في أكثر من 72 دولة، مع تزايد الحالات بنسبة 18% أسبوعياً في جنوب شرق آسيا، و12% في أوروبا. كما تشير بيانات مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC) أن 64% من حالات الدخول إلى المستشفيات الجديدة في الربع الأول من 2025 كانت بسبب هذه السلالات، على الرغم من معدلات التطعيم المرتفعة، كما تشير الدراسة المنشورة في مجلة Nature في مارس 2025، إلى أن متحور «FLiRT» يمتلك قدرة على التهرب المناعي بنسبة 41% أعلى من متحور «Omicron»، ويقاوم 63% من الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاحات الحالية.
إن الأنظمة التي صنعناها كبشر بنيت على مبدأ «الثبات»، بينما الكون يعيش على قانون التحول والحركة الدائمة، أم أن كل ما يجري فجأة خلال السنوات الأخيرة وبصورة غير مسبوقة ولا يوجد له تفسير وسببية عقلانية هو أمر يتعلق بالمنافسة السياسية، وخلق أسواق جديدة والحصول على الموارد الكافية للاستمرار في النمو والتنمية والتحكم في توجهات الشعوب في العالم.
وبينما نحن ننتظر إشارات حقيقية لاندلاع حرب عالمية ثالثة، نجد أنفسنا نخوضها دون أن نشعر، ويصاحب ذلك إزالة الغابات وتجارة الحيوانات البرية وفشل الإنسان في التعايش السلمي مع محيطه الحيوي، ومثال على ذلك ما نشر، وفقاً لدراسة نشرت مؤخراً في إحدى المجلات العلمية الرائدة وهي «Lancet Planetary Health»، فإن تدمير الإنسان للبيئة الحيوية رفع احتمالية ظهور فيروسات جديدة بنسبة 63% خلال العقدين الماضيين بعد فشل الإنسان في التعايش مع بيئته.
ما يجب أن نعيه أن الحديث عن الجائحة ميزان دقيق لكشف هشاشة الإنسان، وبالتالي يمكن القول إن العالم لا يعيش في زمن ما بعد كورونا، بل في «زمن ما بعد اليقين». كما لم تعد المناعة مسألة صحية فقط، بل أصبحت سؤالاً جوهرياً: هل يمكن لحضارة تؤمن بالتفوق على الطبيعة أن تبني مناعة جماعية أخلاقية؟ ومن جانبها تحذر الأمم المتحدة من أن العالم يفقد 11 مليون هكتار من الغابات سنوياً، في حين تشير منظمة الأغذية والزراعة إلى أن 70% من الأمراض المعدية الناشئة ترتبط بتعامل الإنسان مع البيئة والحيوانات.
البشر يتسببون في ظهور الفيروسات، ثم يلومون الطبيعة، متناسين أن المستقبل ليس ملكاً للمبتكر فقط، بل للمتأمل، ولذلك كيف لا نكون مستعدين لعودة المتحورات؟ والأخطر من عودتها هو عدم القدرة على إعادة تعريف الوقاية العامة والخاصة والجاهزية للمخاطر الخفية والمستترة، بينما نحن كبشر نستهلك 40% من وقتنا على تطبيقات الترفيه والتسلية، مقابل 3% فقط للقراءة والمعرفة والاطلاع، وفق إحصاءات Statista 2024)).
وعليه يبدو لي أن المجتمعات ليست جاهزة لا لمتحور بيولوجي ولا حتى لمتحور معرفي، وذلك كون أن الزمن القادم ليس زمن تطعيمات فقط، بل زمن رؤى وثقافة صحية جمعية لكل أفراد المجتمع والزائرين له. ولن تنقذنا التكنولوجيا وحدها، بل سينقذنا الإدراك بأننا لسنا مركز الكون، بل أحد عناصر توازنه الهش. وحين ندرك ذلك، لن نهرب من المتحورات… بل سنتحور نحن أنفسنا.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منظمة الصحة العالمية: جميع مستشفيات شمال غزة خارج الخدمة
منظمة الصحة العالمية: جميع مستشفيات شمال غزة خارج الخدمة

العين الإخبارية

timeمنذ 3 ساعات

  • العين الإخبارية

منظمة الصحة العالمية: جميع مستشفيات شمال غزة خارج الخدمة

أكد الدكتور ريك بيبركورن، أن جميع المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية بشمال غزة أصبحت خارج الخدمة، سوى نقطة طبية واحدة تعمل بشكل جزئي. وفي إحاطة صحفية اليوم 'الثلاثاء' عبر الفيديو من جنيف، أوضح بيبركورن،ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن النظام الصحي في غزة يواجه انهياراً كاملاً، حيث لم يبقَ سوى 17 مستشفى من أصل 36 تعمل جزئياً، من بينها أربعة فقط تُعد مراكز إحالة رئيسية، منها مجمع ناصر الطبي، الذي يواجه خطر التوقف لوقوعه ضمن منطقة إخلاء أعلن عنها في 12 يونيو. وأشار إلى أن عدد أسرة المستشفيات المتاحة انخفض بنسبة 45% مقارنة بما قبل النزاع، لخدمة نحو مليوني نسمة. كما أن مستشفى الشفاء في مدينة غزة يعمل بنسبة إشغال تصل إلى 200%، فيما أصبح مستشفى الأمل غير قادر على استقبال حالات جديدة بسبب العمليات العسكرية. وأوضح بيبركورن أن أكثر من 80% من سكان غزة تحت أوامر إخلاء، وتشمل هذه المناطق مستشفيين وسبعة مراكز رعاية أولية و26 نقطة طبية، مما يصعّب الوصول إلى الخدمات الصحية. كما حذّر من النقص الحاد في الإمدادات الطبية، حيث استُنفد أكثر من نصف مخزون المنظمة، وذكر أن 33 شاحنة تنتظر في العريش و15 أخرى في الضفة الغربية، لافتا إلى أن هناك عجزاً كبيراً في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يؤثر على خدمات رئيسية مثل العلاج الكيميائي، وغسيل الكلى، وجراحة القلب. ونوه إلى أن الوقود لم يدخل غزة منذ أكثر من 100 يوم، مما يهدد استمرارية الخدمات الصحية، كما أن عمليات الإجلاء الطبي محدودة جدا، إذ لم تُجرَ سوى ست عمليات منذ 18 مارس، رغم الحاجة الماسة لإجلاء أكثر من 10 آلاف مريض. aXA6IDgyLjIzLjIxMi4xNTQg جزيرة ام اند امز AL

تحذير خاص للرجال الصلع.. موجة الحر قد تضر برأسك أكثر مما تظن
تحذير خاص للرجال الصلع.. موجة الحر قد تضر برأسك أكثر مما تظن

العين الإخبارية

timeمنذ 8 ساعات

  • العين الإخبارية

تحذير خاص للرجال الصلع.. موجة الحر قد تضر برأسك أكثر مما تظن

طالب خبراء السرطان الرجال الذين يعانون من تساقط الشعر أو الصلع بضرورة اتخاذ إجراءات وقائية إضافية خلال موجة الحر. ويحذر الخبراء من أن فروة الرأس المكشوفة للرجال الصلعان معرضة بشكل خاص لخطر حروق الشمس التي قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد. وتشير الأبحاث إلى أن حوالي 90% من حالات الورم الميلانيني (نوع خطير من سرطان الجلد) والبالغة نحو 17,100 حالة سنويا في بريطانيا، تنتج عن أضرار الخلايا بسبب أشعة الشمس فوق البنفسجية. وأوضح الدكتور روس بيري، المدير الطبي لمركز كوزميدكس، في تصريح للموقع الإلكتروني لجريدة "ديلي ميل " : أن الرجال كثيرا ما يهملون وضع واقي الشمس على فروة الرأس، خاصة إذا كانوا يعانون من فقدان كثافة الشعر، ما يعرض الجلد الحساس لأشعة الشمس الضارة بشكل مباشر". وأضاف: "فروة الرأس من أكثر المناطق تعرضا لأشعة الشمس، ومع انخفاض كثافة الشعر، تصبح أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد، الذي غالبا ما يُكتشف في مراحل متأخرة مما يزيد من خطورته." ودعا الدكتور بيري إلى استخدام واقٍ شمسي واسع الطيف يوميا، وارتداء القبعات، وإجراء فحوصات منتظمة للجلد، خاصة للرجال الذين يعانون من ترقق أو فقدان الشعر. وتشير إحصائيات جمعية أبحاث السرطان في بريطانيا إلى ارتفاع متوقع في حالات الورم الميلانيني بنسبة 20% خلال عامين فقط، حيث يمثل هذا النوع الخطير من السرطان حوالي 80% من حالات الوفاة المرتبطة بسرطان الجلد. ويحذر الخبراء من أن الكثيرين لا يضعون كمية كافية من واقي الشمس أو ينسون إعادة تطبيقه بانتظام، رغم توصيات منظمة الصحة العالمية باستخدام كمية كبيرة تكفي لتغطية الجسم بالكامل. كما نبهت التوصيات إلى ضرورة الحذر حتى في الأيام الغائمة، والابتعاد عن التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة 11 صباحا و3 مساء، وضرورة الحماية لجميع درجات ألوان البشرة، حيث يمكن أن تصاب جميع الفئات بسرطان الجلد، وإن اختلفت أعراض الإصابة. ويشدد الخبراء على أهمية وضع واقي الشمس قبل 30 دقيقة من التعرض للشمس، وتغطية الجلد قدر الإمكان، وحماية الأطفال الرضع من التعرض المباشر لأشعة الشمس لتجنب الإصابة بهذا المرض الخطير. aXA6IDEwNC4yNTIuNDguMTI0IA== جزيرة ام اند امز CA

البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية
البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية

البوابة

timeمنذ 17 ساعات

  • البوابة

البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية

في ظل التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران، لم تعد المخاطر محصورة في زعزعة الاستقرار السياسي، بل تجاوزت ذلك لتفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية تتعلق بالتلوث والإبادة البيئية. ومع غياب التنسيق الدولي والتعامل الجاد مع التداعيات المحتملة، تبقى المنطقة مكشوفة أمام كارثة بيئية وصحية قد تطال أجيالًا قادمة. ومع تسارع وتيرة المواجهات بين الجانبين، واقتراب المنطقة نحو مواجهة مفتوحة تُستخدم فيها الأسلحة الباليستية والفرط صوتية، تلوح في الأفق كارثة بيئية وصحية غير مسبوقة، خاصة مع استهداف المنشآت النووية داخل إيران، وما يترتب على ذلك من آثار مدمرة تتجاوز حدود الجغرافيا السياسية إلى قلب الأمن البيئي الإقليمي والدولي. استهداف المنشآت النووية.. خطر إشعاعي داهم أسفرت الغارات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، مثل مفاعل "نطنز" و"فوردو"، عن تصاعد المخاوف من تسرب إشعاعي واسع النطاق، قد يؤدي إلى تلوث التربة والمياه والهواء بمواد مشعة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم. هذه المواد قد تبقى نشطة لمئات السنين، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الإنسان والحيوان والنبات. وتشير تقارير ميدانية إلى احتمالات إصابة السكان في المناطق المجاورة بأمراض قاتلة، مثل السرطان، وفشل الأعضاء، والعقم، فضلًا عن تشوهات خلقية قد تظهر على الأجيال المقبلة في حال استمرار التعرض للإشعاع. صواريخ فرط صوتية وباليستية.. السماء تمطر سمومًا استخدام إيران لصواريخ فرط صوتية، ورد إسرائيل بأسلحة باليستية دقيقة التوجيه، أطلق سحبًا ضخمة من المواد الكيميائية المحترقة في الغلاف الجوي. هذه الأسلحة تُطلق درجات حرارة عالية تسبب ذوبان المعادن والانبعاثات السامة، مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين، مما يؤدي إلى تلوث هوائي خانق. وفي المناطق المستهدفة، رُصد تراجع حاد في جودة الهواء، وزيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، خاصة بين الأطفال وكبار السن. كارثة مناخية تلوح في الأفق تُحذر منظمات بيئية دولية من أن تكرار ضرب المنشآت الصناعية والنفطية، إضافة إلى تصاعد الحرائق جراء القصف، سيؤدي إلى انبعاث كميات ضخمة من الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما يسرّع من وتيرة الاحترار العالمي. وقد يؤدي ذلك إلى اختلالات مناخية على المدى المتوسط، منها: اضطراب أنماط الرياح والأمطار في المنطقة. تراجع خصوبة الأراضي الزراعية. تغيّرات غير متوقعة في درجات الحرارة في بلاد مثل العراق وسوريا ومصر. تداعيات صحية عابرة للحدود أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من احتمالية تحوّل النزاع إلى مصدر لتفشي أوبئة نتيجة انهيار المنظومات الصحية في المناطق المتأثرة، وصعوبة تقديم المساعدات الإنسانية وسط القصف. كما أن موجات النزوح الجماعي قد تؤدي إلى انتقال أمراض معدية، ونقص حاد في المياه الصالحة للشرب، وتدهور في خدمات الصرف الصحي. مصر والمنطقة في دائرة التأثر مع اتساع نطاق التلوث الجوي والإشعاعي، تزداد احتمالات تأثر دول الجوار، خصوصًا العراق، الأردن، والخليج العربي، بينما قد تصل بعض الانبعاثات الكيميائية إلى شرق المتوسط ومصر، محمولة عبر الرياح الموسمية. مصر التي تعتمد على استيراد الحبوب والنفط عبر الممرات البحرية القريبة من مناطق الصراع، قد تواجه تحديات بيئية واقتصادية مضاعفة، حال تأثر سلاسل الإمداد بالتلوث البحري أو الإشعاعي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store