
مختصون: تناقضات دولية تعقّد ردع الهجمات الحوثية البحرية
الأول /متابعات
تكشف التطورات الأخيرة في البحر الأحمر، وردود الفعل الغربية تجاهها، عن صعوبة وقف أنشطة الجماعة الحوثية في اليمن ومحيطه الجغرافي، وأن المواجهة العسكرية، والضغوط الغربية معها، لم تضع حداً لقدراتها العسكرية التي تتولى إيران بناءها في سبيل حماية ما تبقى من نفوذ لها في المنطقة.
ويذهب مختصون إلى أن تناقضات دولية تعقّد ردع الهجمات الحوثية، في الوقت الذي قالوا فيه إن الجماعة تحمي بقايا نفوذ طهران الذي خسرته خلال الأشهر الأخيرة.
محاولة إثبات الحضور
اكتفت الولايات المتحدة الأميركية بإصدار بيانات شديدة اللهجة عقب عودة الجماعة الحوثية لتنفيذ هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر، مع استبعاد المراقبين لإمكانية عودة الرئيس دونالد ترمب لإصدار أوامر بمعاودة الهجوم على الجماعة وتقويض قدراتها العسكرية، خصوصاً أن لدى الجماعة ما يكفي من الحرص لعدم استفزازه باستهداف سفن تابعة لبلاده.
وبعد شهرين فقط من إعلان ترمب استسلام الجماعة الحوثية بعد حملة عسكرية أمر بها منتصف مارس (آذار) الماضي، عاود الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، وسيطروا في السادس من الشهر الحالي على ناقلة البضائع «ماجيك سيز» وأغرقوها بعد تفخيخها بالمتفجرات، قبل أن يهاجموا السفينة «إتيرنيتي سي»، بطائرات مسيّرة وصواريخ تسببت في غرقها بعد 3 أيام من الهجوم الأول.
وتسبب الهجوم الأخير في مصير غامض لـ9 من البحارة، ما بين توقعات بغرقهم أو اختطاف الجماعة لهم.
يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العمليات الحوثية الأخيرة في البحر الأحمر والهجمات المتواصلة على إسرائيل، تأتي في سياق المحاولات الإيرانية لاستعادة القدرة على إثبات حضورها في المنطقة، متوقعاً استمرار هذه العمليات إلى حين استئناف المفاوضات أو التوصل إلى صيغة تقبل بها إيران مخرجاً من أزمتها الراهنة، أو امتناع الولايات المتحدة وإسرائيل عن مهاجمتها مجدداً.
ويشير عبد الفتاح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوثيين هم آخر وكيل فاعل لإيران في المنطقة، ورغم ما يشاع عن استقلاليتهم عنها، فإن الدعم والتمويل العسكريَّيْن الإيرانيين لهم لم يتوقف، مرجحاً أن تكون هذه الهجمات، سواء في البحر الأحمر أو على إسرائيل، بأوامر إيرانية مباشرة، وتأتي ضمن مزاعم الحوثي بمناصرة فلسطينيي غزة.
وضبطت قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي للبلاد، الأربعاء الماضي، سفينة محملة بشحنة أسلحة إيرانية متطورة، يصل وزرنها إلى 750 طناً، تتنوع بين منظومات صاروخية بحرية وجوية، ومنظومات دفاع جوي، ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة.
تناقض الأجندة الدولية
رغم أن الجماعة الحوثية لم تقدم أي دعم عسكري لإيران خلال الاستهداف الإسرائيلي والأميركي لمنشآتها العسكرية والنووية، الشهر الماضي، فإن ذلك لم يمنع إيران من استمرار إرسال الأسلحة لها، وجاءت عودة هجماتها في البحر الأحمر في وقت سحبت فيه الولايات المتحدة الكثير من قواتها وأسلحتها من المنطقة.
وجاءت دعوة إسرائيل للولايات المتحدة إلى استئناف ضرباتها على الجماعة، بعد أيام من معاودة الهجمات في البحر الأحمر، لتشي بعجز وارتباك إسرائيلييْن توازيهما لا مبالاة أميركية، في مقابل ما يمكن وصفه بتخطيط محكم من الجماعة، ومن خلفها إيران لاستئناف الهجمات، بما يظهرها طرفاً يصعب كسره أو توقع تصرفاته.
وينبه صلاح علي صلاح، الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إلى أن الجماعة الحوثية، ورغم إعلانها سابقاً عن مراحل تصعيدية متعددة، تضمنت استهداف أي سفن متوجهة إلى المواني الإسرائيلية، فإنها لم تستهدف أي سفينة تابعة لإحدى الدول الكبرى مثل الصين وروسيا، متسائلاً عن موقف هذه الدول من السلوك الحوثي.
ويوضح صلاح لـ«الشرق الأوسط» أن احتمالية دعم هاتين الدولتين للجماعة الحوثية في تنفيذ هجماتها أمر مستبعد، في الوقت الحالي على الأقل، خصوصاً أن هذه الهجمات تلحق الضرر بأمن الملاحة العالمية، لكن ذلك لا ينفي إمكانية رضاهما، المضمر، عن تحول الحوثيين إلى مصدر إزعاج لمنافسيهما الغربيين في المنطقة.
ويلفت إلى حسابات القوى الدولية المختلفة، والارتباطات المختلفة لأزمة البحر الأحمر مع أزمات أخرى، ويعتقد أنها تمنح الحوثيين مساحة لتوسيع عملياتهم دون تشكل موقف كافٍ للتعاطي مع تهديداتهم.
وامتنعت موسكو وبكين عن التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، بمواصلة الإبلاغ عن الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وبرر نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي موقف بلاده بأن اللغة الواردة في القرار السابق التي تطالب بوقف هجمات الحوثيين فُسِّرت بشكل تعسفي لتبرير استخدام القوة ضد الحوثيين.
أما نائب سفير الصين لدى الأمم المتحدة غنغ شوانغ فأبدى اعتراض بلاده؛ لأن بعض الدول اتخذت عملاً عسكرياً في اليمن، مما أثر على عملية السلام هناك، وأدى إلى تفاقم التوترات في البحر الأحمر.
كلفة كبيرة للردع
يرى مراقبون أن الجماعة الحوثية تصرّ على إثبات عدم إمكانية تجاوز وجودها وكبح تهديداتها، واستغلال حرب غزة للتهرب من استحقاقات السلام الداخلية والأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تحاصرها، وتسعى للحصول على موارد جديدة، وإن عن طريق الابتزاز.
وبحسب باحث اقتصادي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته لإقامته في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، فإن معاودة الولايات المتحدة هجماتها على الحوثيين ومواقعهم العسكرية أمر مستبعد بشكل كبير، في الوقت الراهن، نظراً للكلفة الاقتصادية الكبيرة لتلك العمليات، مرجحاً أن يكتفي ترمب بضمان عدم الإضرار بسفن بلاده أو الإضرار بمصالحها.
وفي المقابل، يتهم الباحث الجماعة الحوثية بالسعي للتحول إلى القرصنة لتمويل نفسها من خلال ابتزاز شركات الشحن والدول ذات المصالح في البحر الأحمر، ويرى أنها تسعى للموازنة بين أغراض إيران ورغبتها في مواجهة العقوبات الأميركية بالحصول على موارد جديدة، وإن كان لمثل هذا التصرف تبعات وعواقب وخيمة.
وكان الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأميركية، أبدى حاجة جيش بلاده إلى بدائل أرخص للدفاع الجوي للحفاظ على مخزونات الذخائر الحرجة.
وقال كيلبي في تصريحات لـ«بزنس إنسايدر» الأميركية إن «اعتماد البحرية الأميركية حالياً على الصواريخ الاعتراضية عالية التكلفة، مثل SM - 6 وSM - 3، لا يمكن أن يدوم خصوصاً في الحملات العسكرية الكبرى»، مشدداً على ضرورة التحول إلى استخدام بدائل منخفضة التكلفة.
واضطرت السفن الحربية الأميركية إلى استخدام صواريخ بملايين الدولارات لتدمير طائرات حوثية دون طيار تكلف آلاف الدولارات فقط.
وتتجه البحرية الأميركية إلى إيجاد تكافؤ في التكلفة بين أسلحة الدفاع الجوي والتهديدات التي تتعامل معها، مثل الطائرات من دون طيار ذات الأهمية المتزايدة في الحروب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 16 ساعات
- اليمن الآن
يمن ديلي نيوز: أهم وأبرز عناوين الصحف العربية واليمنية عن الشأن اليمني الأحد 20 يوليو/ تموز 2025
🌐 صحافة عربية: • نون بوست: من المساعدات إلى الجبهات.. كيف دمرت ميليشيا الحوثي شبكة الإغاثة؟ • العربي الجديد: تصاعد رسوم التأمين على الواردات اليمنية • شبكة العين الإخبارية: اليمن يتهم «الحوثي» بجني 3 مليارات دولار من بيع النفط • إرم نيوز: فضيحة على 'إكس' وواتساب.. بنادق وقاذفات للبيع في اليمن • صحيفة الشرق الأوسط: صفعة ثانية للحوثيين خلال أسبوع بإحباط تهريب 16 ألف حبة كبتاغون • صحيفة القدس العربي: بوادر أزمة اقتصادية ودبلوماسية: «مركزيّ عدن» يُقرّ نقل «ضمان الودائع» • جريدة المدينة: 'مسام' ينزع (971) لغمًا في أراضي اليمن خلال أسبوع • صحيفة اندبندنت عربية: مهرجان البلدة… هدية حضرمية لنسيان هم الحرب • شبكة تلفزيون الصين الدولية: ظاهرة 'برودة البحر' في الصيف تحول المكلا إلى ملاذ للهروب من حرارة اليمن • عين ليبيا: إعادة فتح طريق يمني رئيسي.. خطوة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية 🌐 صحافة محلية: • وكالة سبأ: رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل يدشّنان المحاكمات الصورية لطلاب المعهد العالي للقضاء بعدن • الثورة نت: الإرياني: تجارة المشتقات النفطية شريان رئيسي لتمويل مليشيا الحوثي وإفقار اليمنيين • سبتمبر نت: تقرير حقوقي: مليشيا الحوثي الإرهابية ترتكب (8186) انتهاكاً في محافظة البيضاء • الصحوة نت: مليشيا الحوثي تغلق أكبر مركز تجاري في إب ضمن ممارساتها التعسفية بحق التجار • وكالة 2 ديسمبر: سجل أسود من الجرائم والانتهاكات.. حَجَّة تحت وطأة الإرهاب الحوثي • المصدر أونلاين: اتحاد طلاب اليمن: استمرار اختفاء طالب في باكستان منذ 3 أشهر سابقة خطيرة تتطلب تحركاً رسمياً عاجلاً • قناة سهيل: نحو 3 مليارات دولار سنويا.. تجارة المشتقات النفطية شريان رئيسي لتمويل الحوثي • يمن شباب نت: من صنعاء إلى تعز.. حملات ابتزاز حوثية جديدة تستهدف القطاع الخاص رغم حالة الركود • قناة الجمهورية: كتيبات 'فارسية' على الشحنة المصادرة تفضح وجود خبراء إيران في صنعاء • قناة عدن المستقلة: الرئيس الزُبيدي يُصدر قرارا بتعيين أنور صالح التميمي متحدثاً رسمياً للمجلس الانتقالي الجنوبي • بلقيس نت: الزي المدرسي.. جدار يعزل الأطفال عن فصول الدراسة • يمن فيوتشر: اليمن: محاولة اختطاف تفجر اشتباكات دامية بين الحوثيين وأهالي رداع • الموقع بوست: 'المحرمي' يوجه بسرعة صرف العلاوات والتسويات لموظفي الدولة وتصحيح الاختلالات الوظيفية • يمن مونيتور: المؤتمر الشعبي العام في تعز: الأوضاع بلغت مرحلة لا يمكن السكوت عنها والسلطة المحلية تتحمّل مسؤولية الفشل المتراكم في الخدمات • تعز تايم: محافظ تعز يبحث مع وكالة سويسرية تعزيز التدخلات الإنسانية والتنموية المستدامة • المشاهد نت: تداعيات الحرب الاقتصادية على حكومة عدن • صحيفة عدن الغد: جامعة عدن تبحث تفعيل مخرجات ورشة تطوير نظام الجودة • بران برس: تاجر في صنعاء يشكو محاكمته عسكريًا من قبل الحوثيين ومصادرة جميع ممتلكاته • شبكة النقار: أوقاف إب.. الكنز الذي أشعل صراع الدم بين قيادات أنصار الله • وكالة خبر: ريمة.. مشرف حوثي يقتل أحد عناصر الجماعة إثر خلاف شخصي مرتبط


يمن مونيتور
منذ 17 ساعات
- يمن مونيتور
كيف تظهر هجمات الحوثيين الأخيرة ضعف أوروبا؟!
ترجمة وتحرير 'يمن مونيتور' المصدر: مجلة الإيكونوميست بعد أن توصلت أمريكا إلى وقف إطلاق نار في مايو/أيار مع الحوثيين، وهي ميليشيا مدعومة من إيران وتتمركز في اليمن، حظي الاتحاد الأوروبي بفرصة للخروج من الظل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر. كانت السلطة البحرية للاتحاد الأوروبي تدير عملية أسبيدس (Operation Aspides)، وهي مهمة 'دفاعية بحتة' في البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج، بهدف استعادة حركة الشحن البحري عبر المنطقة. فقد انخفض عدد عمليات العبور بشكل كبير منذ بدء هجمات الحوثيين في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع تراجع الحجم الكلي بنسبة 60%. ومع ذلك، لم توفر عملية أسبيدس حماية تُذكر عندما تعرضت السفن التجارية 'ماجيك سيز' (Magic Seas) و'إتيرنيتي سي' (Eternity C) لهجوم من قبل الحوثيين في أوائل يوليو/تموز. تم تطويق كلتا السفينتين وإطلاق النار عليهما وإغراقهما. وتعين تنسيق إنقاذهما بواسطة سفن خاصة أو شركات أمنية. وصرح ضابط في شركة 'كوزموشيب مانجمنت' (Cosmoship Management)، مشغل سفينة 'إتيرنيتي سي'، لصحيفة 'وول ستريت جورنال' بأنه طلب المساعدة من عملية أسبيدس؛ إلا أن العملية ببساطة لم يكن لديها سفن في المنطقة. إن نقص الموارد هو جزء من المشكلة. فعندما أُطلقت عملية أسبيدس في فبراير/شباط 2024، قدر الأدميرال البحري فاسيليوس غريباريس (Vasileios Gryparis)، قائدها اليوناني، أن هناك حاجة إلى عشر سفن على الأقل، بالإضافة إلى الدعم الجوي. وخلال الهجمات الحوثية الأخيرة، كان لدى عملية أسبيدس فرقاطتان فقط ومروحية واحدة. وتعاني العملية أيضاً من نقص في التمويل، حيث خصص المجلس الأوروبي 17 مليون يورو (19.8 مليون دولار) فقط لنفقات عام كامل. قارن هذا بأمريكا التي أنفقت عشرة أضعاف هذا المبلغ فقط لإعادة تزويد نوع واحد من الصواريخ خلال عملية 'حارس الازدهار' (Operation Prosperity Guardian)، التي قادتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. إن الإنفاق المحدود على عملية أسبيدس هو جزء من مشكلة أكبر بكثير تتعلق بنقص الموارد. فكره الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي دام لعقود تجاه الإنفاق الدفاعي جعلها تفتقر إلى السفن اللازمة للتعامل مع التهديدات البحرية. لنأخذ حاملات الطائرات على سبيل المثال، التي تسمح أسراب طائراتها بتنفيذ مهام الهجوم والدفاع الجوي بسرعة وبمرونة أكبر بكثير من الفرقاطات المسلحة بالمدافع والصواريخ. دول الناتو الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لديها ثلاث حاملات طائرات فيما بينها، بينما تمتلك أمريكا إحدى عشرة حاملة. مع محدودية الأصول، تتخبط القوات البحرية الأوروبية بينما تتضاعف التهديدات البحرية. في العام الماضي، أرسلت فرنسا وإيطاليا حاملات طائراتهما الرئيسية إلى المحيطين الهندي والهادئ لإظهار العزم في مواجهة القوة البحرية الصينية المتنامية؛ ويمكن ينصرف انتباههما أيضاً إلى مناطق أخرى. في مايو/أيار، أعلن الاتحاد الأوروبي عن مركز إنذار مبكر للأمن البحري في البحر الأسود، حيث تستهدف روسيا ممرات الشحن الأوكرانية وتنقل النفط بشكل غير مشروع. كما أن القيود المؤسسية تجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي الاستجابة بسرعة للتهديدات العسكرية. عمليات مثل أسبيدس تندرج تحت السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد، مما يعني أن الاستمرار فيها يتطلب موافقة بالإجماع من أعضائه الـ 27. ميزانيات الدفاع المتنامية للدول الأوروبية ستنتج في النهاية المزيد من الأصول البحرية. تخطط فرنسا لحاملة طائرات جديدة، ومن المتوقع أن يبدأ بناؤها في عام 2031. ولكن من غير المقرر أن تحل محل حاملتها الحالية، شارل ديغول (Charles de Gaulle)، حتى عام 2038. حتى لو بدأت دول أخرى في بناء قواتها البحرية، يقول باسل جيرمون (Basil Germond)، خبير الدفاع في جامعة لانكستر، سيستغرق الأمر سنوات أو عقوداً قبل أن تتمكن السفن من الانتشار. ما دامت حركة الشحن مستمرة، فإن البحر الأحمر ليس الأولوية القصوى للاتحاد الأوروبي. بعض السفن تسلك الطريق الأطول بكثير حول إفريقيا، مما يضيف 20 يوماً من السفر وزيادة بنسبة 33% في تكاليف الوقود لرحلة ذهاباً وإياباً بين روتردام وسنغافورة. البعض الآخر يخاطر ببساطة بعبور البحر الأحمر المختصر إلى قناة السويس، على الرغم من ارتفاع تكلفة تأمين مخاطر الحرب إلى 1% من قيمة السفينة، من 0.2-0.3% في الأشهر التي سبقت الهجومين. في كلتا الحالتين، لا تزال السفن تبحر. المزيد من الموارد وحدها لن تحل المشكلة. فحاملات الطائرات ستتطلب سفن مرافقة لحمايتها من الهجمات الصاروخية، ولا توفر ضماناً للنجاح. وليس واضحاً ما إذا كانت الغارات الجوية الأمريكية على الحوثيين قد حققت الكثير. لذلك فإنهاء هجماتهم على السفن قد يتطلب حلاً دبلوماسياً عاماً. على أي حال، قد تكون التكاليف الباهظة لم تأت بعد. يوضح سلفاتوري ميركوليانو (Salvatore Mercogliano)، مؤرخ بحري في جامعة كامبل في نورث كارولينا: 'لقد أعطى الحوثيون الجميع دليلاً إرشادياً'. 'يمكنك الحصول على نتائج غير متناسبة بموارد قليلة جداً.' إذا حاولت مجموعات أخرى قطع نقاط الاختناق بطريقة مماثلة، عاجلاً أم آجلاً ستحتاج القوات البحرية، بما في ذلك الأوروبية، إلى إظهار قوتها النارية.


اليمن الآن
منذ يوم واحد
- اليمن الآن
مختصون: تناقضات دولية تعقّد ردع الهجمات الحوثية البحرية
أخبار وتقارير الأول /متابعات تكشف التطورات الأخيرة في البحر الأحمر، وردود الفعل الغربية تجاهها، عن صعوبة وقف أنشطة الجماعة الحوثية في اليمن ومحيطه الجغرافي، وأن المواجهة العسكرية، والضغوط الغربية معها، لم تضع حداً لقدراتها العسكرية التي تتولى إيران بناءها في سبيل حماية ما تبقى من نفوذ لها في المنطقة. ويذهب مختصون إلى أن تناقضات دولية تعقّد ردع الهجمات الحوثية، في الوقت الذي قالوا فيه إن الجماعة تحمي بقايا نفوذ طهران الذي خسرته خلال الأشهر الأخيرة. محاولة إثبات الحضور اكتفت الولايات المتحدة الأميركية بإصدار بيانات شديدة اللهجة عقب عودة الجماعة الحوثية لتنفيذ هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر، مع استبعاد المراقبين لإمكانية عودة الرئيس دونالد ترمب لإصدار أوامر بمعاودة الهجوم على الجماعة وتقويض قدراتها العسكرية، خصوصاً أن لدى الجماعة ما يكفي من الحرص لعدم استفزازه باستهداف سفن تابعة لبلاده. وبعد شهرين فقط من إعلان ترمب استسلام الجماعة الحوثية بعد حملة عسكرية أمر بها منتصف مارس (آذار) الماضي، عاود الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، وسيطروا في السادس من الشهر الحالي على ناقلة البضائع «ماجيك سيز» وأغرقوها بعد تفخيخها بالمتفجرات، قبل أن يهاجموا السفينة «إتيرنيتي سي»، بطائرات مسيّرة وصواريخ تسببت في غرقها بعد 3 أيام من الهجوم الأول. وتسبب الهجوم الأخير في مصير غامض لـ9 من البحارة، ما بين توقعات بغرقهم أو اختطاف الجماعة لهم. يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العمليات الحوثية الأخيرة في البحر الأحمر والهجمات المتواصلة على إسرائيل، تأتي في سياق المحاولات الإيرانية لاستعادة القدرة على إثبات حضورها في المنطقة، متوقعاً استمرار هذه العمليات إلى حين استئناف المفاوضات أو التوصل إلى صيغة تقبل بها إيران مخرجاً من أزمتها الراهنة، أو امتناع الولايات المتحدة وإسرائيل عن مهاجمتها مجدداً. ويشير عبد الفتاح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوثيين هم آخر وكيل فاعل لإيران في المنطقة، ورغم ما يشاع عن استقلاليتهم عنها، فإن الدعم والتمويل العسكريَّيْن الإيرانيين لهم لم يتوقف، مرجحاً أن تكون هذه الهجمات، سواء في البحر الأحمر أو على إسرائيل، بأوامر إيرانية مباشرة، وتأتي ضمن مزاعم الحوثي بمناصرة فلسطينيي غزة. وضبطت قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي للبلاد، الأربعاء الماضي، سفينة محملة بشحنة أسلحة إيرانية متطورة، يصل وزرنها إلى 750 طناً، تتنوع بين منظومات صاروخية بحرية وجوية، ومنظومات دفاع جوي، ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة. تناقض الأجندة الدولية رغم أن الجماعة الحوثية لم تقدم أي دعم عسكري لإيران خلال الاستهداف الإسرائيلي والأميركي لمنشآتها العسكرية والنووية، الشهر الماضي، فإن ذلك لم يمنع إيران من استمرار إرسال الأسلحة لها، وجاءت عودة هجماتها في البحر الأحمر في وقت سحبت فيه الولايات المتحدة الكثير من قواتها وأسلحتها من المنطقة. وجاءت دعوة إسرائيل للولايات المتحدة إلى استئناف ضرباتها على الجماعة، بعد أيام من معاودة الهجمات في البحر الأحمر، لتشي بعجز وارتباك إسرائيلييْن توازيهما لا مبالاة أميركية، في مقابل ما يمكن وصفه بتخطيط محكم من الجماعة، ومن خلفها إيران لاستئناف الهجمات، بما يظهرها طرفاً يصعب كسره أو توقع تصرفاته. وينبه صلاح علي صلاح، الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إلى أن الجماعة الحوثية، ورغم إعلانها سابقاً عن مراحل تصعيدية متعددة، تضمنت استهداف أي سفن متوجهة إلى المواني الإسرائيلية، فإنها لم تستهدف أي سفينة تابعة لإحدى الدول الكبرى مثل الصين وروسيا، متسائلاً عن موقف هذه الدول من السلوك الحوثي. ويوضح صلاح لـ«الشرق الأوسط» أن احتمالية دعم هاتين الدولتين للجماعة الحوثية في تنفيذ هجماتها أمر مستبعد، في الوقت الحالي على الأقل، خصوصاً أن هذه الهجمات تلحق الضرر بأمن الملاحة العالمية، لكن ذلك لا ينفي إمكانية رضاهما، المضمر، عن تحول الحوثيين إلى مصدر إزعاج لمنافسيهما الغربيين في المنطقة. ويلفت إلى حسابات القوى الدولية المختلفة، والارتباطات المختلفة لأزمة البحر الأحمر مع أزمات أخرى، ويعتقد أنها تمنح الحوثيين مساحة لتوسيع عملياتهم دون تشكل موقف كافٍ للتعاطي مع تهديداتهم. وامتنعت موسكو وبكين عن التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، بمواصلة الإبلاغ عن الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وبرر نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي موقف بلاده بأن اللغة الواردة في القرار السابق التي تطالب بوقف هجمات الحوثيين فُسِّرت بشكل تعسفي لتبرير استخدام القوة ضد الحوثيين. أما نائب سفير الصين لدى الأمم المتحدة غنغ شوانغ فأبدى اعتراض بلاده؛ لأن بعض الدول اتخذت عملاً عسكرياً في اليمن، مما أثر على عملية السلام هناك، وأدى إلى تفاقم التوترات في البحر الأحمر. كلفة كبيرة للردع يرى مراقبون أن الجماعة الحوثية تصرّ على إثبات عدم إمكانية تجاوز وجودها وكبح تهديداتها، واستغلال حرب غزة للتهرب من استحقاقات السلام الداخلية والأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تحاصرها، وتسعى للحصول على موارد جديدة، وإن عن طريق الابتزاز. وبحسب باحث اقتصادي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته لإقامته في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، فإن معاودة الولايات المتحدة هجماتها على الحوثيين ومواقعهم العسكرية أمر مستبعد بشكل كبير، في الوقت الراهن، نظراً للكلفة الاقتصادية الكبيرة لتلك العمليات، مرجحاً أن يكتفي ترمب بضمان عدم الإضرار بسفن بلاده أو الإضرار بمصالحها. وفي المقابل، يتهم الباحث الجماعة الحوثية بالسعي للتحول إلى القرصنة لتمويل نفسها من خلال ابتزاز شركات الشحن والدول ذات المصالح في البحر الأحمر، ويرى أنها تسعى للموازنة بين أغراض إيران ورغبتها في مواجهة العقوبات الأميركية بالحصول على موارد جديدة، وإن كان لمثل هذا التصرف تبعات وعواقب وخيمة. وكان الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأميركية، أبدى حاجة جيش بلاده إلى بدائل أرخص للدفاع الجوي للحفاظ على مخزونات الذخائر الحرجة. وقال كيلبي في تصريحات لـ«بزنس إنسايدر» الأميركية إن «اعتماد البحرية الأميركية حالياً على الصواريخ الاعتراضية عالية التكلفة، مثل SM - 6 وSM - 3، لا يمكن أن يدوم خصوصاً في الحملات العسكرية الكبرى»، مشدداً على ضرورة التحول إلى استخدام بدائل منخفضة التكلفة. واضطرت السفن الحربية الأميركية إلى استخدام صواريخ بملايين الدولارات لتدمير طائرات حوثية دون طيار تكلف آلاف الدولارات فقط. وتتجه البحرية الأميركية إلى إيجاد تكافؤ في التكلفة بين أسلحة الدفاع الجوي والتهديدات التي تتعامل معها، مثل الطائرات من دون طيار ذات الأهمية المتزايدة في الحروب.