
الشبكة الدولية للقضية الفلسطينية تدين العقوبات الأمريكية على فرانشيسكا ألبانيز
تدين الشبكة الدولية للقضية الفلسطينية بأقصى العبارات العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة يوم 9 تموز/يوليو 2025 على فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان
في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
إن الدوافع التي تقف وراء هذه العقوبات سياسية ولا يمكن تبريرها قانونيًا، كما أنها تشكل تهديدًا مباشرًا لنزاهة آليات حقوق الإنسان الدولية واستقلالها.
يثير توقيت هذه العقوبات قلقًا بالغًا، إذ أُعلن عنها بعد وقت قصير من نشر ألبانيز تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان، وهو التقرير الذي وثّقت فيه تواطؤ عدد من الشركات في الإبادة الجماعية في غزة، وذكرت
فيه أسماء 60 شركة تجني الأرباح من هذه الإبادة، بما يعد انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي.
وتماشيًا مع ولايتها، فقد أوصت ألبانيز رسميًا بأن تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا مع هذه الشركات المتواطئة، وإمكانية إخضاعها للمحاكمة.
من جهة أخرى، يعد نظام الإجراءات الخاصة ركنًا أساسيًا في منظومة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ويؤدي فيه المقررون الخاصون دورًا لا غنى عنه.
ففي عام 1999، قضت محكمة العدل الدولية بأن المقررين الخاصين "خبراء في بعثات الأمم المتحدة" بموجب التعريف الوارد في المادة 22 من "اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها" الصادرة عام
1946، وبذلك فهم يتمتعون بالامتيازات والحصانات المنصوص عليها فيها، ولا سيما الحصانة من "الملاحقة القانونية من كل نوع" وذلك فيما يتعلق بالتصريحات والأفعال الصادرة عنهم في إطار أداء
مهامهم.
وفي عام 2011 تبنى مجلس حقوق الإنسان القرار رقم HRC/Res/16/21 (مطالعة الوثيقة) الذي:أكد مجدداً على أن تلتزم الدول "بأن تتعاون مع أصحاب ولايات الإجراءات الخاصة وتساعدهم في
مهامهم" (الفقرة 23)؛ أشار إلى أن "سلامة واستقلالية الإجراءات الخاصة ومبادئ التعاون والشفافية والمساءلة جزء من ضمان قوة نظام الإجراءات الخاصة، الذي من شأنه أن يعزز قدرة المجلس على
معالجة أوضاع حقوق الإنسان في الميدان".
ويعد تعاون الدول ضروريًا بالنسبة للمقررين الخاصين لتنفيذ ولاياتهم دون خوف من أي إجراءات انتقامية أو مضللة من جانب الحكومات التي يوجهون النقد لأفعالها. علاوة على ذلك، يجب أن تمتنع الدول عن
حشد أو تشجيع الآخرين على انتقاد هؤلاء المقررين أو التحريض عليهم.
وباعتبار عضويتها في الأمم المتحدة، فقد وافقت جميع الدول الـ193 الأعضاء على احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحماية موظفي المنظمة أثناء تأدية واجباتهم الرسمية.
كما تقع مسؤولية إضافية على عاتق أكثر من 150 دولة، منها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، كونها أطرافًا في "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
لقد فُرضت العقوبات على ألبانيز لاضطلاعها بواجباتها على أكمل وجه، وقد كرر مجلس حقوق الإنسان التأكيد على ثقته بها من خلال تمديد ولايتها لفترة جديدة مدتها ثلاث سنوات.
ولا تستند مبررات هذه العقوبات إلى أي أساس قانوني دولي، كما تحتوي على أخطاء واقعية وادعاءات باطلة على نحو واضح بما يشوه شخصية ألبانيز وسمعتها ويسيء إليها.
على صعيد آخر، تنتهك هذه العقوبات الأعراف القانونية الدولية وتهدد قواعد الحصانة الوظيفية الراسخة التي تحمي خبراء الأمم المتحدة من الإجراءات الانتقامية أثناء أداء مهامهم، وخاصة الحصانة من
"الملاحقة القانونية من كل نوع" المنصوص عليها في المادة 22(ب) من اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لعام 1946.
وقد تعد هذه الإجراءات ضد السيدة ألبانيز عملاً غير قانوني من قبيل الإكراه الخارجي، بما يتعين أن تخضع الولايات المتحدة للمساءلة الدولية عن هذا الفعل. وتأتي هذه الهجمات عقب فرض الولايات المتحدة،
في شباط/فبراير 2025، عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وأربعة من قضاة هذه المحكمة.
وتعكس هذه الممارسات نمطًا مرفوضًا من التجاهل المتعمد للقانون الدولي والإجراءات والمؤسسات الدولية المعمول بها.
ويتمثل هدف هذه العقوبات في حماية ضحايا الانتهاكات الحقوقية، وكان من المفترض أن تحظى باحترام دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة رغم عدم مصادقتهما على نظام روما الأساسي للمحكمة
الجنائية الدولية الذي يؤطر عملها.
وبدلًا من الوفاء بالتزاماتها والانخراط في مناقشة الاستنتاجات والتوصيات المهمة الواردة في تقرير المقررة الخاصة الأخير، لجأت الولايات المتحدة إلى إجراءات انتقامية تعترف من خلالها ضمنيًا بتقدم دوافعها
الاقتصادية والسياسية على التزاماتها القانونية الدولية.
وتعد هذه الخطوات جزءًا من مسعى أوسع لإضعاف سيطرة الأمم المتحدة وغيرها من آليات المساءلة الدولية التي تهدف إلى حماية الفئات الضعيفة وإحقاق العدالة، حتى وإن تعارضت هذه الآليات مع مصالح
الدول الاستراتيجية.
والظاهر أن عقوبات الولايات المتحدة صُممت عمدًا لتقويض العمل الأساسي للمقررين الخاصين من حيث تسليط الضوء على الجرائم الصارخة والخطيرة والممتدة التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد
الفلسطينيين في غزة، إلى جانب حماية الدول والشركات المتواطئة من جميع صور المساءلة كذلك.
في الواقع، تسهل هذه الجهات ارتكاب أخطر الجرائم الدولية، لا من خلال تمويل دولة الاحتلال الإسرائيلي وتزويدها بالعتاد فحسب، بل أيضًا عن طريق جهودها العلنية والخفية لتشويه سمعة الجهود المبذولة
لكشف هذه الجرائم الدولية، وتقويضها والتوصية بردود عقابية.
وكما أوضحت نتائج محكمة العدل الدولية، فإن جميع دول الطرف الثالث مسؤولة قانونًا عن وقف هذه الجرائم، وليس الدول المتهمة بارتكابها فقط.
لقد حظيت المقرّرة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز بإشادات واسعة طوال عملها في هذا المنصب الذي يعد من أكثر المناصب إثارة للجدل ضمن إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
وقد أدت الدور المنوط بها بشفافية ومهنية عالية، وعُرفت عالميًا على أنها مدافعة خبيرة ونافذة عن حقوق الإنسان، لا سيما بالنيابة عن أكثر الضحايا تضررًا.
وقبل توليها هذا المنصب، قضت ألبانيز عقدًا من الزمن في العمل خبيرةً في حقوق الإنسان لصالح الأمم المتحدة، بما في ذلك في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى جانب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وتشهد سجلاتها على كفاءة استثنائية وخبرة ونزاهة تحت الضغط، وهي عوامل لا غنى عنها حدت بمجلس حقوق الإنسان لاختيارها لهذا المنصب.
إن الهجمات غير المبررة والإجراءات العقابية الموجهة ضد المقررة الخاصة والتي تبدو مدفوعة بمصالح بعض الدول الجيوسياسية غير مقبولة أو قانونية، كما يجب إدانتها رسميًا.
لذا ندعو الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة التالية:
دراسة التوصيات الواردة بعناية في تقارير المقررة الخاصة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما الأقسام التي تتناول انتهاكات دولة الاحتلال الإسرائيلي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية؛
التعاون مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان لضمان احترام القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان؛
إدانة العقوبات المفروضة على فرانشيسكا ألبانيز بتاريخ 9 تموز/يوليو 2025 ومطالبة حكومة الولايات المتحدة بسحبها فورًا؛
مطالبة دولة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع جميع الأفعال الواقعة تحت نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، وفقًا لأحكام محكمة العدل الدولية الصادرة في 26 كانون الثاني/يناير 2024؛
الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لمنع ووقف الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية، بكل الوسائل القانونية المتاحة، بما في ذلك فرض حظر على الأسلحة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ 3 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
مسؤول أممي: إسرائيل تدير آلة تجويع ممنهجة في غزة والعالم لا يملك عذرا للصمت
#سواليف حذر #مايكل_فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحق الغذاء من أن #إسرائيل تدير #حملة #تجويع ممنهجة في #غزة، مؤكدا أن حكومات العالم لا يمكنها الادعاء بأنها فوجئت بالمأساة الحالية. وقال فخري في حديث لصحيفة 'الغارديان' إن 'إسرائيل تبني آلة تجويع هي الأكثر كفاءة، وهذا تجويع متعمد يمثل #إبادة_جماعية وجريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب'، موضحا أن الحصار الذي فرضه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت في أكتوبر 2023 أدى إلى أن يصبح سكان غزة يمثلون 80% من حالات الجوع الكارثي في العالم بحلول نهاية العام نفسه. واتهم فخري إسرائيل باستخدام المساعدات كسلاح عبر مؤسسة 'غزة الإنسانية' المدعومة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي قلصت مراكز توزيع الغذاء من 400 إلى 4 فقط، ما أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الطعام. ودعا فخري المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات ووقف الدعم المالي والعسكري لإسرائيل، مطالبا الجمعية العامة للأمم المتحدة بإرسال قوات حفظ سلام لمرافقة قوافل الإغاثة. وقال: 'السياسيون والشركات بلا أعذار، والملايين في العالم يدركون حجم التواطؤ مع جريمة التجويع هذه'. وأظهرت بيانات دولية أن أكثر من 20 ألف طفل أدخلوا المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد بين أبريل ويوليو 2024، فيما أكدت وكالة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن 'أسوأ سيناريوهات المجاعة تتحقق' في غزة. واعترفت محكمة العدل الدولية بخطر الإبادة الجماعية، وأمرت إسرائيل بضمان وصول المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، استمرت سياسات منع الغذاء وتدمير الإنتاج الزراعي، ما دفع خبراء أمميين لإعلان حالة المجاعة في يوليو 2024.

عمون
منذ 5 ساعات
- عمون
نظام "بيتك" بين طموحات الإصلاح وتحديات التطبيق
شهدت الجلسة الحوارية التي نظمتها الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة والإبداع، بمشاركة خبراء من وزارة التربية والتعليم، ومؤسسة التدريب المهني، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وباحثين ومديري مدارس ومهتمين بالشأن التربوي، نقاشًا موسعًا حول نظام "بيتك". وقد وصف المشاركون النظام بأنه "ثورة في التعليم المهني الأردني"، مؤكدين دوره المتوقع في تعزيز ربط التعليم بسوق العمل والمساهمة في خفض نسب البطالة. ورغم أهمية هذه الرؤية الإيجابية، يبرز غياب نقاش جدي وعلني حول الفجوات والتحديات التي قد تعيق التطبيق الفعّال لهذا النظام. وأتمنى أن يكون هذا النقاش قد طُرح خارج التغطية الإعلامية، لأن عدم معالجته قد يحول "بيتك" من فرصة إصلاح إلى عبء جديد على التعليم وسوق العمل، خاصة في ظل ضعف التكييف مع البيئة الأردنية وغياب إطار وطني واضح للتعليم المهني. لا شك أن التركيز على التعليم المهني وربطه بسوق العمل يمثل خطوة محورية، وأن الدعم الرسمي وتجهيز البنية التحتية قد يحققان نقلة نوعية طال انتظارها. ومع ذلك، ما زالت هناك تساؤلات جوهرية حول آليات التنفيذ، لا سيما في ضوء ما يرد من الميدان من معلمين وطلبة، الذين يشيرون إلى فجوات كبيرة في الفهم والتدريب، إلى جانب اعتماد أمثلة وممارسات مستوردة لا تراعي السياق الأردني، مثل استخدام الدولار أو تطبيق نماذج شركات أجنبية. الأخطر أن ما يُتداول يوحي بأن التطبيق يتم بشكل شكلي؛ إذ لا الطالب ولا المعلم يدركان آلية عمل النظام بشكل كامل. هذا الواقع ينذر بمخرجات قد تكرس "أمية مهنية رقمية"، تنتقل آثارها لاحقًا إلى التعليم الجامعي، فتتحول إلى تحدٍّ جديد بدلاً من أن تكون خطوة تطويرية. ويطرح هذا الواقع تساؤلات مهمة حول ما بعد "بيتك" في المدارس: ما المسار من المستوى الرابع وحتى التاسع وصولًا إلى مؤهلات مهنية عليا مثل DBA؟ وهل ستكون هذه المسارات منفصلة عن المسارات الأكاديمية الجامعية، أم ستدمج معها؟ إن غياب رؤية واضحة لهذا التكامل قد يخلق التباسًا مستقبليًا حول طبيعة التعليم المهني الجامعي وعلاقته بسوق العمل. نجاح أي نظام تعليمي لا يُقاس بالخطط أو النوايا، بل بمدى قدرة الطالب والمعلم على استيعابه وتحقيق نتائج ملموسة. لذلك، تبرز الحاجة إلى مراجعة دقيقة لآليات التنفيذ، وإلى تقييم مستمر قائم على تغذية راجعة من الميدان، بالإضافة إلى وضع إطار وطني شامل يربط التعليم المهني بمساراته اللاحقة في الجامعات. هذه الخطوات هي التي ستحدد ما إذا كان "بيتك" سيبقى فرصة إصلاح حقيقية أو سيتحول إلى عبء جديد على التعليم في الأردن.


هلا اخبار
منذ 8 ساعات
- هلا اخبار
سفير اليابان: الأونروا تؤدي دورًا لا غنى عنه في دعم اللاجئين الفلسطينيين
هلا أخبار -أكد السفير الياباني لدى الأردن أساري هيديكي، تقديره العميق لتفاني موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في أداء مهامهم الإنسانية في ظروف صعبة، مؤكدًا دعم بلاده الثابت لقيم المساءلة والنزاهة والحياد التي تلتزم بها الوكالة. جاء ذلك خلال حفل إطلاق المرحلة الثانية من 'برنامج التميز القيادي والمساءلة'، الذي تنفذه الأونروا بالشراكة مع كلية موظفي منظومة الأمم المتحدة (UNSSC)، وبدعم من حكومة اليابان الذي أقيم مساء أمس. وقال السفير أساري، إن الأونروا تؤدي دورًا لا غنى عنه في دعم اللاجئين الفلسطينيين، مشددًا على أهمية تعزيز قدرات مديري الخطوط الأمامية في الوكالة، لتمكينهم من أداء مسؤولياتهم وفق أعلى معايير الحوكمة والحياد. ويهدف البرنامج، الذي أُطلقت مرحلته الثانية بعد نجاح دورته الافتتاحية عام 2024، إلى دعم مديري الأونروا من خلال تعزيز مفاهيم المساءلة والتميز التشغيلي والنزاهة، مع إيلاء اهتمام خاص لمراعاة منظور النوع الاجتماعي، بما يتماشى مع أجندة المرأة والسلام والأمن (WPS). من جهتها، أعربت نائبة المفوض العام للأونروا أنطونيا دي ميو، ونائب مدير شؤون الأونروا في الأردن كونال دار، عن تقديرهما للدعم المتواصل من اليابان، مؤكدين التزام الوكالة بتعزيز ممارسات الحوكمة والشفافية، وترسيخ القيم الأساسية التي تقوم عليها الأونروا، والمتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية.