
قافلة المساعدات الخامسة تدخل محافظة السويداء
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 16 ساعات
- الجزيرة
نساء بلا سند.. أرامل غزة يصارعن شبح التجويع وحدهن
غزة- خيمة صامتة لا ينطق فيها إلا صوت واحد من فتاة سليمة في عائلة كاملة من الصم، تحمل وحدها عبء جوعهن، تجلس إلى جوار أمها وشقيقاتها في خيمة على قارعة الطريق، نساءٌ لا رجل معهن ولا معيل لهن، حيث استُشهد والدهن في الحرب، وخلّف وراءه صمتا وجوعا لا تُترجم كلماته، فلا شكاوى ولا صراخا، غير وجوه شاحبة، وأجساد تتهاوى وعيون تفضح بؤسا دفينا تترجمه لغة الإشارة. 8 أيام كاملة مرت لم يدخل فيها فم العائلة سوى الشاي المرّ بلا سكر، فكيلوغرام السكر سعره 180 دولارا، وجيوب خاوية لا فلس واحدا فيها. بصوتها الوحيد، تقول هداية بلال للجزيرة نت، "أنزع خجلي كل صباح، وأجر قدميّ وسط جموع الرجال نحو مراكز التوزيع، أنبطح حين ينبطحون، وأتوسل إليهم: أخواتي جائعات ليس لدينا شيء". وحدة وشقاء وبينما تتحدث، تضع شقيقتها الصماء كفيها على رقبتها، تبكي بحنق مكتوم، لا تستطيع أن تنطق، تساعدها هداية على الترجمة "أنا أختنق، أتمنى الموت، منذ أن تركنا أبي ونحن بلا سند ولا مدد". نساء يصارعن منذ عامين الحرب والنزوح وحدهن، واليوم ينقض عليهن وأطفالهن شبح التجويع، بلا ظهر يستندن إليه، وكما تتردد هداية على مراكز توزيع المساعدات مرارا دون يأس رغم أنها تعود في كل مرة خالية الوفاض، فإن أطفال الأرملة أم محمد ارحيم يمنعونها من الذهاب، ويؤكدون "حُرمنا من والدنا ولا نريد أن نعيش بلا أم". تجلس أم محمد في خيمتها أمام كومة من الغسيل، يداها تتحركان ببطء ووهن فوق قطع الملابس، تفركها بماءٍ بلا صابون، بعينين معلّقتين في نقطة بعيدة، عقلها شارد يغوص في سؤال واحد يعجزها، "ماذا سأطعم أطفالي اليوم؟". استأذناها في الدخول، قبلت وأقبلت علينا، كانت تمشي بثقل امرأة تحمل العالم فوق كتفيها، امرأة في منتصف الثلاثينيات لكنها بظهر منحنٍ، ووجه شاحب، وشفاه متشققة كأرض عطشى، وفي قدميها خرائط من الـ"دوالي"، وعلى ملامحها صمتٌ يصرخ. فقدت أم محمد زوجها في حرب سابقة، وحين استشهد كانت حاملا بطفل لم يولد بعد، وما إن بدأت الحرب الجديدة حتى فقدت بيتها، لتبدأ رحلة نزوح قاسية، تمشيها بأقدام حافية و7 أطفال على كتفها، منهم طفلة مريضة بلا علاج. يخرج ابنها بكر (5 سنوات) صباحا، تجوس عيناه على القدور المنصوبة على نيران الخيام المجاورة، يعود لأمه ويقول: "ماما جيراننا يخبزون، لقد رأيت أباهم حين أتى حاملا كيس الطحين، وأم خليل طبخت فاصوليا، ماذا سنأكل نحن اليوم؟"، تسقيه ماءً وتهمس "اصبر". معاناة صامتة تنهار دموعها، تحاول أن تخفيها عنه، لكن صوت الجوع أعلى من قدرتهم على التجلد، يعاود الخروج بعد ابتلاع الصبر ويعود بنصف رغيف كل يوم، يقسمه بين إخوته، ويعطيها الجزء الأكبر قائلا: "حتى تتقوي، كلي يا ماما". طعامهم اليومي عدس أو معكرونة، فقط إن تمكّن ابنها الأكبر محمد (15 عاما) من بيع الحطب الذي يجمعه منذ الفجر، وإن عاد فارغ اليدين، ناموا وليس في بطونهم سوى الماء. تقول أم محمد للجزيرة نت، "أُرسل بناتي للخيام التعليمية لتعلم اللغات ولحفظ القرآن، أريد أن ينشغلوا عن التفكير بالجوع"، أما هي فتنهمك في أداء مهام روتينها اليومي، تعبئة المياه وحملها، وغسل الملابس، وتنظيف الحفرة التي يقضون فيها حاجتهم، وتحفر أخرى. وأحيانا حين لا يكفيها هواء الخيمة، تسير وحدها في الخلاء بلا وجهة، تتوارى عن أنظارهم تذرف الدمع وتعود، "يجب أن أكون قوية أمامهم، لا أحب أن يروا انكساري"، كما تقول. وإن كانت أم محمد قد اختارت أن تبقى في خيمتها خشية أن تفقد ما تبقى من حضنٍ لصغارها، فإن الأرملة أم عمر كحيل، التي لا تجد حولها من يحميها وأبناءها، لا تجد في السعي لإطعام أطفالها سوى التكايا. تنهار دموع أم عمر، خلال حديثنا معها وهي عائدة من التكية، تحمل في يديها فراغا لا يسد جوعا ولا يملأ قدرا، جلست أمام خيمتها متعبة، وقد وضعت الوعاء الفارغ على الأرض بعدما حملته على رأسها ساعات عدة تحت لهيب الشمس، وتقول: "رجعت بخفيّ حنين وخاطري مكسور". مرت 4 سنوات منذ أن فقدت زوجها بعد مرض طويل، وأقل من سنة منذ أن ودعت اثنين من كبار أبنائها في الحرب، اللذين كانت ترى فيهما نجاة وسندا بعد رحيل زوجها عنها، فبقيت مع ثلاثة صغار فقط، "كانوا سندي بعد أبيهم، فلما راحوا بقيت بدون سند، وربنا سندنا". تضحية الأم وفي ردها على سؤال الجزيرة نت: "هل وصلك شيء من المساعدات؟"، أجابت بتهكم "المساعدات للرجال، أنا امرأة لوحدي، من سيذهب للمدافشة بين الرجال، ليس لي أبناء كبار ولا رجل، نحن مهمشون، نحن خارج الحسبة". تسكن أم عمر خيمة خاوية إلا من الفراش المهترئ، وترفض أن ترسل أطفالها للوقوف في الطوابير المهينة، "مش راح أخليهم يذلوا حالهم.. خلي الذل عليّ". في خضم كل هذا، لا تفقد إيمانها، لكنه إيمان مخضب بالدموع والتعب، وتوضح " لا شيء أقسى من قول ابنك إنه جائع وليس في يديك كسرة لتطعميه، هذا أصعب من الحرب، بل أصعب من الموت". تُمسك أم عمر بإيمانها كما تُمسك برغيف لا تملكه، لكنها في هذا الطريق الطويل من الفقد، ليست وحدها. فأم زينب أيضا خاضت الرحلة ذاتها، فقد نزحت مع زوجها جنوبا على أمل النجاة معه، ثم عادت بوجع أكبر ممسكة بأيدي بناتها فقط، بعدما أفلتت يد الرجل الذي ظنّت أنه سيبقى. بدأت أم زينب تتجرع مرارة الفقد في أولى محطات الحرب، حين صرخ صاحب بيتهم المستأجر "ادفعوا أو اخرجوا"، فخرجوا، فهي لا تملك دخلا لتقيم بعد ذلك في خيمة منزوعة الأمان، دون باب أو جدار، ودون رجل". وتقول بصوتها المتماسك: "لم أعط الحزن حقه، فالنهار يمرّ سريعا، يحملني من تعب إلى تعب، فلا وقت أقضيه وحدي أصلا كي أنهار". تسند نفسها بنفسها، تمد ظلّها لبناتها، وتمد يدها للتكية، تنتظر دورها في الطابور الطويل، تحمل أواني الماء، وتجمع الحطب، وتنظر إلى بناتها وتهمس لنفسها "لو كان عندي زوجي، لو عندي ابن كبير، لما عشت هذا البؤس قط". وترتجف كلماتها حين تقول "الطاقة خلصت، تعبت من ممارسة دور الأم البطلة التي تؤدي ما لا يقوى عليه الرجال، أنا جائعة"، تصمت ثم تتابع: "أنا جائعة للراحة من هذه الحياة، وجائعة للتخلص من التفكير ماذا سأطعم أبنائي غدا؟".


الجزيرة
منذ 17 ساعات
- الجزيرة
المرصد يتابع معاناة صحفيي غزة من حرب تجويع القطاع
المرصد وراء كلمة 'برس' على سترات الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، تختبئ بطون خاوية ومعاناة استثنائية في تاريخ العمل الصحفي بعد 22 شهرا من الحرب الإسرائيلية المستمرة، حيث بات الجوع تحديا إضافيا لشهود الميدان اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
كيف يصبر أحمد الأطرش وأسرته على الجوع في غزة؟
غزة- قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كان أحمد الأطرش (47 عاما) يعيش مع زوجته شادية (45 عاما) وأطفالهما حياة بسيطة في القطاع، حيث لم يكن رزقهم وفيرا، لكنه كان كافيا للعيش بكرامة في بيت صغير لا يطرقه الجوع. يقول الأطرش بصوت تخنقه الحسرة "قلبت الحرب على غزة حياتنا رأسا على عقب، سلبتنا سعادتنا البسيطة وأحلامنا المتواضعة، ودفعتنا نحو جوع لا يرحم، التهم أجسادنا حتى انهارت". وأضاف للجزيرة نت "كنت أتقاضى شيكا من برنامج الرعاية الاجتماعية بقيمة 1800 شيكل (530 دولارا) كل 3 أشهر، وأعمل في مهنة الدهان من الفجر حتى المغيب، بأجر يومي لا يتجاوز 40 شيكلا، كنت أنفقه على زوجتي وأطفالي السبعة، بالإضافة إلى والدتي المسنة". ويضيف "رغم ضيق الحال كنت راضيا، لم أملك الكثير من المال، لكننا كنا نشعر بالأمان وراحة البال، ومع اندلاع الحرب انهار كل شيء دفعة واحدة". ويسرد الأطرش ما حصل معه بعد ذلك بالقول "توقف صرف مخصصات الحماية الاجتماعية (يسمونها الشؤون الاجتماعية)، وتوقف عملي، وتلاشى كل ما كان يضمن لنا قوت يومنا، في وقت ارتفعت فيه الأسعار بشكل جنوني، واشتد الجوع حتى بات يؤلم الأمعاء، لم أعد أملك ما أشتري به دقيقا أو طعاما أسد به رمق أطفالي". وفي محاولة يائسة للتغلب على الجوع بدأ الأطرش يرسل ابنه الأكبر محمد (17 عاما) إلى ما تسمى مراكز توزيع المساعدات في منطقة نتساريم رغم خطورتها، مضيفا "أنتظر عودته بين خوف على حياته، وأمل في أن يحمل إلينا شيئا نأكله، فقد أصبح مصيرنا مرتبطا بخبز قد يعود به محمد، وقد لا يعود". أما محمد فتحولت حياته إلى سباق يومي مع الخطر، يركض خلف الصناديق التي تُسقطها طائرات المساعدات، ينافس الرجال والنساء للوصول إليها أولا، على أمل أن يحظى بطرد غذائي، فالعودة خالي اليدين ليست خيارا بالنسبة له حتى لو جازف بالوصول إلى "مصائد الموت" كما يسمي الأهالي مراكز توزيع المساعدات أو محطات إلقائها من الجو. وبينما ينشغل الابن بالسباق الدامي ترسل والدته شقيقاته الثلاث يوميا إلى "تكية أبناء النصيرات" القريبة من المنزل، للحصول على قليل من حساء العدس أو الفاصولياء أو الأرز وعلى أي حصص قد لا تكفي لسد الجوع، لكنها تبقى على شريان الحياة الوحيد، كما تقول الأم شادية. هُدم البيت لم يكن الجوع وحده ما طرق باب أحمد الأطرش، بل جاءه الموت أيضا، فيذكر "في صبيحة 8 حزيران (يونيو) 2024 شنت إسرائيل هجوما جويا مباغتا على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تزامن مع تغطية نارية كثيفة لوحدات كوماندوز خاصة تسللت لتحرير 4 أسرى إسرائيليين". ويضيف "اشتعلت السماء بالقصف، كما امتلأت الأرض بالموت في المجزرة التي تُعرف بـ"مجزرة الرهائن"، حيث استشهد أكثر من 270 فلسطينيا، وأصيب ما يزيد على ألف -معظمهم من المدنيين- ليتهدم البيت فوق رؤوسنا، فاستشهدت والدتي تحت الركام، ونجونا بأعجوبة، لكننا خرجنا جميعا مصابين، نحمل على أجسادنا جراحا، وفي قلوبنا فاجعة لا تُنسى". أصيب أحمد بجروح في الرأس والظهر أثّرت على حركته، في حين تعاني زوجته من إصابات في الصدر والظهر وتحتاج إلى عمليات وعلاج طبيعي وأدوية وطعام خاص لا يمكن توفيره في ظل الحصار، أما أطفالهما فقد أصيبوا بجراح طفيفة. ومنذ ذلك اليوم باتت العائلة تعيش على شفير الموت جوعا، بلا عمل وبلا معونة وبلا طحين ولا خبز، وتتساءل شادية بمرارة "من سيطعم أطفالي؟ من سيرحمهم من هذا الجوع؟ من سيوفر لي الدواء؟ فزوجي عاجز عن الوقوف، وأنا لا أملك شيئا". تنفجر الأم بالبكاء وهي تتحدث للجزيرة نت "أطفالي يتلوون جوعا أمامي، ولا أملك لهم شيئا، أرسلهم إلى التكايا، فيعودون ببقايا طعام لا تسمن ولا تغني من جوع"، مضيفة "أتمنى الموت تحت القصف ولا أرى أطفالي يتعذبون وأنا عاجزة تماما عن فعل شيء". لا أمان ولا طعام ومن ركن مظلم في المنزل تتحدث الابنة آلاء (14 عاما) وهي تحاول إخفاء دموعها، وتقول "الحرب دمرت بيتنا وحرمتنا من أبسط حقوقنا الإنسانية كالأمان والطعام". وتضيف للجزيرة نت "تمر علينا أيام لا نأكل فيها شيئا على الإطلاق، نحن أطفال، لم نقترف ذنبا، حلمنا فقط أن نعيش مثل أطفال العالم، لكن الاحتلال لا يرى فينا إلا أهدافا للموت والتجويع". ومنذ توقف التهدئة في 18 مارس/آذار 2024 يعيش سكان غزة تحت حصار خانق بعد أن أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات، ليتفاقم الجوع ويلقي بقسوته على أكثر من مليوني إنسان. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، دخل قطاع غزة المرحلة الثالثة من المجاعة، وفق تصنيف شبكة معلومات الأمن الغذائي العالمية (آي بي سي)، حيث تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، وسط نقص حاد في الدواء وانعدام شبه تام للغذاء.