
"الرسوم" على المركبات الكهربائية .. كيف أثر سلبًا؟
جفرا نيوز -
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان"العبء الاقتصادي والمالي لقطاع الكهرباء: كرة الثلج المتدحرجة" تناولت أزمة قطاع الكهرباء في الأردن من منظور شمولي، مركّزة على التحديات المالية المتراكمة التي يواجها القطاع، وعلى رأسها مديونية شركة الكهرباء الوطنية، التي باتت تشكّل عبئًا ثقيلًا على المالية العامة والاقتصاد الوطني ككل. تهدف الورقة إلى تحويل هذه الأزمة إلى فرصة استراتيجية تسهم في تعزيز منعة الاقتصاد الأردني، من خلال تبني نهج استباقي يتجاوز المعالجة التقليدية نحو مقاربات أكثر ديناميكية قائمة على المفهوم الجديد في أدبيات الاقتصاد، والمعروف بـ "مضاد للهشاشة " (Antifragility) ، حيث تم إعداد هذه الدراسة ضمن برنامج زمالة منتدى الاستراتيجيات الأردني، وبدعم من البنك الأهلي الأردني.
وفي هذا الإطار، استعرض منتدى الاستراتيجيات الأردني عدداً من العوامل التي ساهمت في تفاقم العجز المالي في قطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن الإشكالية بدأت بالتبلور منذ فترة الربيع العربي، عندما توقفت إمدادات الغاز المصري، التي كانت تغطي نحو 80% من احتياجات المملكة لتوليد الكهرباء، بسبب التفجيرات المتكررة التي تعرض لها الأنبوب الناقل بين عامي 2011 و2013. وقد دفع هذا الانقطاع المفاجئ الأردن إلى التحول نحو استخدام الوقود النفطي كبديل سريع، في وقت شهدت فيه أسعار النفط ارتفاعًا عالميًا بنسبة 35% مقارنة بعام 2010، ما أدى إلى قفزة كبيرة في كلفة التوليد. غير أن الحكومة في حينه قررت عدم عكس هذه الكلف الإضافية على أسعار البيع للمستهلكين، ما أدى إلى تحميل شركة الكهرباء الوطنية فروقات الأسعار وتراكم عجز مالي كبير تجاوز 4.2 مليار دينار في غضون أربعة أعوام فقط.
عقود الطاقة المتجددة والصخر الزيتي: تعاقدات مرتفعة الكلف وتباطؤ في الطلب
مع تحسن الوضع الإقليمي، بدأت الحكومة منذ عام 2016 بتوقيع اتفاقيات جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي من مصادر بديلة، مما خفّض الكلف السنوية جزئيًا، ولكن دون أن يعالج العجز التراكمي السابق الذي استمر يثقل كاهل شركة الكهرباء. وفي سياق موازٍ، لجأت الحكومة إلى التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والصخر الزيتي، إلا أن هذه الخطوة صاحبتها تحديات غير محسوبة، نظرا لانخفاض معدلات أسعار النفط العالمية، والالتزام بعقود من نوع "خذ أو ادفع " (Take or Pay)، وتراجع كلف تكنولوجيا الطاقة خصوصا الكهرو-شمسية، والتي انعكست على ارتفاع نسبي في كلف التعاقد نتيجة إلزام شركة الكهرباء بشراء كميات محددة من الطاقة بغض النظر عن مستويات الطلب الفعلي.
وبيّنت الورقة أن مديونية شركة الكهرباء الوطنية أخذت بالتفاقم مجددًا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث أضيف إلى رصيدها نحو 1.3 مليار دينار، لتصل إلى 6.3 مليار دينار في عام 2024، وهو ما يعادل 14.5% من إجمالي الدين العام ونحو 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير التقديرات إلى أن هذه المديونية مرشحة للزيادة لتصل إلى 8.3 مليار دينار بحلول عام 2028، نتيجة دخول مشاريع توليد إضافية مثل العطارات، في وقت يشهد فيه الطلب على الكهرباء تباطؤًا ملحوظًا. وقد ترتب على ذلك تزايد كلفة رسوم القدرة (Capacity Charge) للكميات المتعاقد عليها دون استهلاك فعلي، مما عمّق الأزمة وزاد من هشاشة القطاع.
تحولات سعر التعادل والتكلفة المرتفعة للكهرباء في الأردن
وأوضحت الورقة أن الحكومة تبنت سلسلة من الإجراءات لاحتواء جزء من العجز المزمن، إلا أن هذه التدابير كانت تقليدية ومحدودة الأثر، وتركزت على رفع التعرفة على كبار المستهلكين بما في ذلك القطاع المنزلي، مما شجع العديد منهم على الخروج من الشبكة أو تقليص استهلاكهم. وقد أدى هذا السلوك إلى تراجع متوسط التعرفة المحصّلة، ما حدّ من قدرة هذه الإجراءات على تقليص العجز المالي السنوي المتنامي. وقد ترتب على خروج أو تقلص استهلاك الشرائح الأعلى استهلاكاً للكهرباء المولدة من الشركة انخفاضا في متوسط التعرفة التي يتم تحصيلها من المشتركين.
حيث أشارت الورقة إلى قضية التعرفة الكهربائية التي تم تعديلها سبع مرات خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. إذ كشفت عن تقلبات كبيرة في "سعر التعادل"، وهو المستوى الذي تتساوى فيه كلفة التوليد مع سعر البيع. ففي عام 2011، ارتفع هذا السعر إلى 1500 كيلو واط ساعة (ك.و.س) نتيجة الاعتماد على الوقود البديل، قبل أن ينخفض تدريجيًا بعد العودة إلى الغاز المستورد، ثم يعاود الارتفاع مؤخرًا إلى 800 ك.و.س بسبب التكاليف العالية للطاقة من مشاريع الصخر الزيتي والطاقة المتجددة. وبحسب المؤشرات، فإن أعباء الكهرباء في الأردن تعد من الأعلى عربيًا، حيث تبلغ كلفة استهلاك 500 ك.و.س شهريًا نحو 35 دينارًا، بينما تصل كلفة استهلاك 1000 ك.و.س إلى ما يقارب 120 دينارًا، وهي أرقام تتجاوز ما هو معتمد في غالبية الدول العربية وحتى في بعض الدول الصناعية المنافسة.
كلف الطاقة الكهربائية وتنافسية القطاعات الإنتاجية والخدمية
أما على مستوى القطاعات الاقتصادية، فقد أكدت الورقة أن الكلف المرتفعة للكهرباء تؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للصناعة الأردنية، التي تواجه منافسة من منتجات قادمة من دول ذات تعرفة كهرباء أقل بكثير، مثل السعودية، الإمارات، البحرين، الصين والهند. كما يشمل التأثير القطاع الخدمي، ما يُقيّد من إمكانيات النمو ويضعف فرص جذب الاستثمارات.
تقييم السياسات الحكومية: إجراءات محدودة التأثير ونتائج عكسية
ورغم إقرار الحكومة لعدد من الإجراءات، مثل تعديل التعرفة على بعض الشرائح، فإن هذه التدابير ظلت تقليدية وقصيرة الأجل، ولم تُعالج الخلل الهيكلي القائم. وبدلًا من أن تُفضي هذه التعديلات إلى رفع الإيرادات، فإنها أدت إلى نتائج عكسية، حيث دفعت الكثير من كبار المستهلكين إلى الخروج من الشبكة أو تقليص استهلاكهم، مما خفّض متوسط التعرفة المحصلة وزاد من عبء الكميات غير المستهلكة المتعاقد عليها.
نحو حلول مبتكرة: تحفيز الاستهلاك وإعادة هيكلة التعرفة
واستعرض المنتدى في ورقته مجموعة من التدابير والسياسات لمعالجة اختلالات قطاع الكهرباء وتقليل أثرها على الاقتصاد والمالية العامة، حيث أوصى بتبني تعرفة محفزة للاستهلاك. بخلاف التعديلات السابقة التي ركزت على زيادة الإيرادات برفع الأسعار على كبار المستهلكين. حيث اقترح المنتدى تخفيضات مدروسة في التعرفة لتحفيز جميع الفئات على زيادة استهلاكهم، وذلك استنادًا إلى فرضية "مرونة الطلب على الكهرباء"، بحيث تؤدي زيادة الاستهلاك إلى تعويض جزء من كلف الكميات المتعاقد عليها وغير المستهلكة حاليًا عبر رسوم القدرة (Capacity Charge).
ولتجاوز احتمالية عدم تجاوب الطلب مع خفض السعر، اقترحت الورقة الإبقاء على هيكل التعرفة الحالي، وتطبيق التخفيض فقط على كميات الاستهلاك الإضافية التي تتجاوز الحد الأعلى الذي بلغه المشترك خلال سنة سابقة، بحيث كلما زاد الاستهلاك عن الذروة التاريخية، ارتفعت نسبة التخفيض. وقد أوضح المنتدى أن هذا المبدأ يمكن تطبيقه على فئات الاشتراك (المنزلي)، وقطاعات الاشتراك الأخرى كالصناعي، والتجاري، والخدمي، مشيراً إلى قابليته للتطبيق حيث تتوفر لدى شركة الكهرباء كامل المعلومات حول مستويات الاستهلاك التاريخي للمشتركين.
كما أشارت الورقة إلى أن القرار الحكومي برفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، رغم تبني آلية متدرجة، أغفل تداعياته على قطاع الكهرباء. إذ ركّز القرار على تعويض خسائر ضريبة البنزين، دون الالتفات إلى أثره السلبي في تعميق ضعف الطلب على الكهرباء، وفرص تعظيم الفائدة من التحول إلى المركبات الكهربائية.
وبيّنت الورقة أن إحلال المركبات الكهربائية محل التقليدية يولّد وفورات مالية للمواطنين تُعاد ضخّها في الاقتصاد، مما يسهم في زيادة الاستهلاك المحلي ويعزز الإيرادات الضريبية. فوفق مثال افتراضي وضعه المنتدى، فإن انخفاض استهلاك البنزين بمقدار 100 مليون لتر يترتب عليه خسارة ضريبية بــــ 37.5 مليون دينار، إلا أن المقابل من استهلاك الكهرباء (300 مليون كيلوواط/ساعة) يدرّ على شركة الكهرباء الوطنية إيرادات بنحو 36 مليون دينار، إضافة إلى 6.3 مليون دينار كعائد ضريبة مبيعات ناتج عن انفاق الفائض المالي المتحقق لمستخدمي المركبات الكهربائية على السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يعني أن اجمالي الايرادات الحكومية الاضافية المترتبة على احلال الكهرباء محل البنزين (في هذا المثال الافتراضي) ستصل الى نحو 42.3 مليون دينار، وهو ايراد يزيد بنحو 4.8 مليون دينار عن الايراد المتحقق من بيع 100 مليون لتر من البنزين، والأهم من كل ذلك، الفائض الاستهلاكي الكبير المتحقق للمستهلكين جراء التحول الى المركبات الكهربائية وما له من تأثيرات ملموسة على مستواهم المعيشي وعلى حركة الانشطة الانتاجية والخدمية في المملكة.
وعليه، فقد دعت الورقة إلى مراجعة قرار رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، لما لهذا القرار من أثر سلبي على استهلاك الكهرباء وحرمان قطاع التوزيع من فرص تعزيز الإيرادات، مشيرة إلى أن إحلال السيارات الكهربائية محل التقليدية يولد وفورات مالية للمواطنين تنعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي.
كما أوصت الورقة بإعادة النظر في عقود الطاقة المتجددة والتي أصبحت مرتفعة الكلفة نسبيًا، من خلال إجراء تسويات مالية عادلة مع الشركات المنتجة تتيح للحكومة تحسين الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع. كما شددت على ضرورة تفعيل صادرات الكهرباء إلى دول الجوار في ظل الفائض الإنتاجي القائم، ولا سيما سوريا، كمسار استراتيجي لتصريف الفائض الإنتاجي والاستفادة من الطاقة غير المستغلة.
واختتم منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقته بالتأكيد على أن معالجة أزمة قطاع الكهرباء لم تعد ترفًا أو خيارًا مؤجلًا، بل أولوية وطنية تتطلب تدخلًا استراتيجيًا عاجلًا وشاملًا. وأكد أن تنفيذ التوصيات الواردة في الورقة، ولا سيما تلك المتعلقة بسياسة تحفيز الاستهلاك وإعادة تسعير الكهرباء ضمن نهج استباقي، سيسهم في إعادة ضبط توازنات القطاع وضمان استدامته، بما يدعم النمو الاقتصادي ويُعزز من تنافسية الأردن في الأسواق الإقليمية والدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا
منذ ساعة واحدة
- رؤيا
قرارات حكومية لدعم النقل: تعرفة موحدة للتاكسي الأصفر ودعم مالي
هذه القرارات جاءت بعد دراسة لواقع القطاع وبهدف تحقيق التوازن أعلنت هيئة تنظيم النقل البري عن حزمة من القرارات الحكومية الجديدة التي تهدف إلى دعم مشغلي قطاع النقل العام وحماية المواطنين من أي زيادة في الأجور، تشمل توحيد تعرفة التاكسي الأصفر في المحافظات، وتخصيص دعم مالي مباشر لمشغلي الحافلات وسيارات السرفيس، بالإضافة إلى دراسة لإعادة هيكلة هيئة النقل. وقالت الناطق الإعلامي باسم الهيئة، الدكتورة عبلة وشاح، إن هذه القرارات جاءت بعد دراسة لواقع القطاع وبهدف تحقيق التوازن بين دعم استمرارية المشغلين وتخفيف الأعباء عن المواطنين. دعم مالي مباشر لتثبيت الأجور أكدت وشاح أن الحكومة، وبناءً على توصية من الهيئة، قررت تقديم دعم مالي مباشر لمشغلي وسائط النقل العام بقيمة إجمالية تبلغ أربعة ملايين ومئة ألف دينار. ويهدف هذا الدعم إلى تعويض المشغلين عن فرق أسعار المحروقات، وبالتالي ضمان عدم رفع أجور النقل على المواطنين. وسيتم صرف الدعم بشكل شهري على النحو التالي: 170 دينارًا للحافلات الكبيرة العاملة على الخطوط الخارجية. 100 دينار للحافلات المتوسطة. 60 دينارًا لسيارات "السرفيس" الصغيرة. خطوة لدعم مشغلي التاكسي في المحافظات في قرار آخر، وافق مجلس الوزراء على توحيد تعرفة سيارات "التاكسي الأصفر" في كافة محافظات المملكة، لتصبح مطابقة للتعرفة المعمول بها داخل حدود أمانة عمان. وأوضحت وشاح أن الهدف من هذا القرار هو دعم مشغلي التاكسي في المحافظات، مشيرة إلى أن آلية التنفيذ ستتم بالتنسيق مع مؤسسة المواصفات والمقاييس لتعديل عدادات سيارات الأجرة. نظرة مستقبلية: نحو إعادة هيكلة هيئة النقل كشفت وشاح أيضًا عن موافقة مجلس الوزراء على دراسة مقترح لإعادة هيكلة هيئة تنظيم النقل البري، عبر استحداث "مجلس مفوضين" متخصص بدلاً من مجلس الإدارة الحالي. ويهدف هذا المقترح إلى تعزيز كفاءة واستقلالية الهيئة، وتوزيع العمل بين مفوضين متخصصين في مجالات نقل الركاب، ونقل البضائع، والنقل السككي، والنقل المتخصص (مثل النقل المدرسي والسياحي والتطبيقات الذكية). وأكدت أن هذا الأمر لا يزال قيد الدراسة ويحتاج إلى تعديلات تشريعية لتطبيقه.

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
قطاع الطاقة هشاشة اقتصادية وديمومة فنية
أكّد مركز الدراسات الإستراتيجية في ورقته البحثية الصادرة مؤخراً على القناعة الراسخة للعديد من المختصين؛ بأن قطاع الطاقة هو أحد أبرز الأمثلة على التداخل بين هشاشة السياسات الإقتصادية وديمومة الأنظمة الفنية، وما يترتب على هذا التداخل من أعباء مالية وإخفاقات هيكلية، وضياع فرص استراتيجية. فمنذ أكثر من عقد يراوح هذا القطاع مكانه بين الإصلاح المؤجل والقرارات الارتجالية، بينما تتراكم المديونية وتتراجع التنافسية، ويتعمق الخلل بين كلف الإنتاج وأسعار البيع. وبات من الواضح أن معالجة هذا الملف لم تعد ترفاً، بل ضرورة وطنية ملحّة. لقد بدأت أزمة قطاع الكهرباء في الأردن مع انقطاع الغاز المصري في أعقاب أحداث الربيع العربي، الأمر الذي دفع المملكة إلى الإعتماد على الوقود التقليدي عالي الكلفة. ورغم أن الحكومة قررت حينها عدم عكس تلك الكلف على المستهلكين، فإن الثمن كان باهظًا، فقد تراكمت ديون شركة الكهرباء الوطنية إلى أكثر من 6 مليار دينار في عام 2024 مرشحة للزيادة، وهو ما يعادل 14.5% من إجمالي الدين العام ونحو 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع عودة إمدادات الغاز وتوقيع اتفاقيات جديدة، شهدت الكلفة التشغيلية بعض الانخفاض، لكن الأزمة البنيوية ظلت قائمة، بل وتعقدت مع دخول الأردن في التزامات طويلة الأجل في مشاريع الطاقة المتجددة والصخر الزيتي، ضمن عقود "Take or Pay"، التي تُجبر الحكومة على الدفع مقابل طاقة غير مستهلكة، مما عمّق العجز وأبقى الكلف مرتفعة رغم تراجع الطلب. حالياً تعتمد الحكومة اليوم على رفع التعرفة الكهربائية لتعويض العجز، لكنها بذلك تُقصي الشريحة الأكبر من المستهلكين، وتدفع كبارهم إلى (الإنفصال) عن الشبكة أو (تقليص) استهلاكاتهم، مما يقلل من الإيرادات المحصّلة، ويزيد من عبء رسوم القدرة التي تُدفع مقابل كميات طاقة غير مستهلكة. المطلوب اليوم هو إعادة صياغة فلسفة إدارة قطاع الطاقة، من خلال تبنّي تعرفة مرنة ومحفّزة لا تثقل الفئات المنتجة وتشغيل الفائض الإنتاجي عبر تصدير الكهرباء إلى دول الجوار، بدلاً من تحمل كلفته محلياً دون استهلاك. ودعم المركبات الكهربائية كرافعة اقتصادية، وليس فقط كأداة حافظة للبيئة. خلاصة القول فإن قطاع الطاقة في الأردن يمثل واقعاً لهشاشة السياسات الإقتصادية التي تفتقر إلى المرونة، وتقابلها أنظمة فنية مستدامة تُدار بعقود طويلة لا تستجيب للطلب أو التحولات الفنية. وأن بقاء القطاع على هذا الواقع سيؤدي إلى تآكل القدرة الإنتاجية، وإضعاف فاعلية المالية العامة وتراجع رفاه المواطنين. أما التحول نحو منظومة مرنة وعادلة واستباقية، فسيجعل من قطاع الطاقة رافعة حقيقية للنمو، بدلاً من كونه عبئاً مزمناً على الموازنة.

السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
نائب يطالب وزير الطاقة بكشف تفاصيل اكتشاف بئر نفط
عمان - السوسنة - وجه رئيس كتلة إرادة والوطني الإسلامي النائب خميس عطية، سؤالاً نيابياً إلى وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة، طالب فيه بالكشف عن حقيقة اكتشاف بئر نفط كبيرة خلال عمليات التنقيب في حقل السرحان الواقع قرب الحدود الشمالية مع السعودية.وجاء في السؤال استفسار حول صحة ما تم تداوله بشأن تدفق كميات كبيرة من النفط الخام بقوة من البئر، ما دفع المسؤولين لطلب دعم عاجل عبر إرسال فرق تعزيز، قبل أن يتم إغلاق البئر باستخدام الإسمنت بسبب نقص المعدات اللازمة لاستكمال العمل.وطالب عطية بتزويده بالدراسات العلمية التي أجريت في حقل السرحان، والتي تشير إلى احتواء الحقل على نحو مليار وأربعمائة مليون برميل نفط، إضافة إلى حوالي ستمائة مليار قدم مكعب من الغاز، مستنداً في ذلك إلى بيانات دائرة المعلومات الأمريكية ودائرة المسوحات الجيولوجية الأمريكية، مؤكداً أن هذه الدراسات حقيقية وليست تقديرية، ومعتمدة على بيانات سلطة المصادر الطبيعية.كما تساءل النائب عن سبب عدم توجيه الاستثمارات النفطية في الأردن عبر شركة البترول الوطنية، التي لا تحتاج سوى دعم مالي يقدر بحوالي 20 مليون دينار لتوفير المعدات والكوادر الفنية اللازمة.ودعا عطية الوزير الخرابشة إلى توضيح تفاصيل خطة الحكومة للتعامل مع الارتفاع الكبير والمتوقع في أسعار النفط العالمية، حيث تشير التحليلات إلى إمكانية وصول سعر البرميل إلى 200 دولار نتيجة الظروف الإقليمية غير المستقرة، وما إذا كانت هذه الأزمة تمثل دافعاً رئيسياً لاستثمار الموارد الوطنية من الغاز الطبيعي والنفط والثروات الأخرى بهدف الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وإنعاش الاقتصاد الأردني.