logo
بعد رفض ترمب.. ناسا تُخلف وعدها بنشر تقارير المناخ

بعد رفض ترمب.. ناسا تُخلف وعدها بنشر تقارير المناخ

عكاظ١٦-٠٧-٢٠٢٥
أصبح من الصعب بشكل متزايد الوصول إلى المعلومات المتعلقة بأزمة المناخ. فمنذ توليها السلطة في يناير الماضي، بذلت إدارة ترمب جهودًا حثيثة للحد من وصول الجمهور إلى المعلومات المتعلقة بتغير المناخ. وبعد أن أغلق الرئيس الأمريكي الموقع الإلكتروني الرسمي الذي استضاف تقييمات المناخ الوطنية في وقت سابق من هذا الشهر، أخلت ناسا بوعدها بنشرها على موقعها الخاص.
وقالت السكرتيرة الصحفية لوكالة ناسا بيثاني ستيفنز إن ناسا لن تستضيف أي بيانات من موقع globalchange.gov، الموقع الرسمي لبرنامج أبحاث التغير العالمي الأمريكي (USGCRP). وينشر هذا البرنامج المشترك بين الوكالات تقييمات مناخية وطنية كل أربع سنوات تقريبًا وفقًا لما ينص عليه قانون أبحاث التغير العالمي لعام 1990. وتوفر هذه التقارير معلومات علمية موثوقة حول مخاطر تغير المناخ وآثاره والاستجابات له في الولايات المتحدة. وبعد تعطل موقع برنامج أبحاث التغير العالمي الأمريكي في أوائل يوليو الجاري، أعلن البيت الأبيض وناسا أن وكالة الفضاء ستنشر التقارير على موقعها امتثالًا لقانون عام 1990، لكن يبدو أن هذا لم يعد هو الحال.
وقالت ستيفنز: «ناسا ليس لديها أي التزامات قانونية لاستضافة بيانات موقع globalchange.gov». لحسن الحظ، لا تزال نسخ من التقارير السابقة متوفرة في مكتبة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ويمكنكم الاطلاع على أحدث تقرير وأطلسه التفاعلي.
وقامت إدارة ترامب بتفكيك برنامج USGCRP بشكل جذري في أبريل الماضي، عندما عزلت موظفين فيدراليين من مناصبهم. كما أنهت عقد البرنامج مع شركة ICF International، وهي شركة استشارات تكنولوجية وسياسية كانت تقدم الدعم الفني والتحليلي والبرمجي لبرنامج USGCRP، خصوصًا تقييماته المناخية الوطنية. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، فصلت الإدارة جميع العلماء العاملين على التقييم الذي كان من المفترض أن يُنشر عام 2028. والآن، أصبحت التقارير السابقة أكثر صعوبة على الجمهور من أي وقت مضى.
إن تفكيك برنامج أبحاث المناخ العالمي الأمريكي (USGCRP) وإخفاء تقييماته المناخية الوطنية ليسا سوى جزء من الهجوم الشامل الذي شنته إدارة ترمب على معلومات المناخ الأمريكية. فقد آلاف الموظفين في الوكالات الفيدرالية الأخرى التي تدرس وتتتبع الاحتباس الحراري العالمي - بما في ذلك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ووكالة ناسا (NASA )، ووكالة حماية البيئة (EPA) - وظائفهم منذ تولي ترمب منصبه في يناير. كما جمدت إدارته المنح المتعلقة بالمناخ، وألغت برامج مناخية اتحادية رئيسية، واقترحت تخفيضات كبيرة في برامج الأبحاث الفيدرالية، وحذفت الإشارات إلى تغير المناخ من المواقع الإلكترونية الفيدرالية.
ستكون لجهود ترمب لإخفاء حقائق تغير المناخ عواقب وخيمة، لكنها في نهاية المطاف بلا جدوى. يواجه الأمريكيون هذه الأزمة يوميًا في ظل تحديات جديدة ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وقد حذّر التقييم الوطني الخامس للمناخ، الصادر عام 2023، من «عواقب كارثية محتملة» على الولايات المتحدة، إذ يُفاقم تغير المناخ ظواهر الطقس المتطرفة. وقد بدأت أجزاء كثيرة من الولايات الأمريكية تشعر بهذه الآثار بالفعل.
لقد تسببت أحداث الفيضانات الشديدة المتعددة بالفعل في مقتل العشرات من الأمريكيين في النصف الأول من عام 2025. وأخيرًا، حدثت وفيات في نيوجيرسي عندما تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات مفاجئة في معظم أنحاء الشمال الشرقي يوم الاثنين الماضي، وتوفي أكثر من 100 شخص في تكساس -بما في ذلك 36 طفلًا على الأقل في مقاطعة كير- خلال الفيضانات المدمرة التي حدثت في 4 يوليو. وفي حين أنه من الصعب ربط حدث طقس واحد مباشرة بتغير المناخ، إلا أن العديد من الدراسات تُظهر أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يزيد من وتيرة وشدة الأمطار الغزيرة في الولايات المتحدة وحول العالم، مما يزيد من خطر الفيضانات. وذلك لأن الهواء الأكثر دفئًا يزيد من التبخر وكمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الغلاف الجوي. يمكن للغلاف الجوي الذي يحتوي على المزيد من الرطوبة أن ينتج عنه هطول أمطار أكثر كثافة، وهو بالضبط ما تشهده الولايات المتحدة أخيرًا.
كما أصبحت حرائق الغابات أكثر صعوبة في السيطرة عليها. وكان هذا واضحًا في شهر يناير الماضي، عندما دمر أكثر من 12 حريقًا سريع الانتشار ومدمرًا أجزاءً من لوس أنجلوس. وفي ولاية أريزونا، كافح رجال الإطفاء لاحتواء حريقين نشطين بالقرب من الحافة الشمالية لجراند كانيون، مما أدى إلى تدمير نزل تاريخي، وتسبب في عمليات إخلاء، وإجبار المسؤولين على إغلاق هذا الجزء من الحديقة الوطنية يوم الأحد الماضي. وظلت الحرائق محتوية بنسبة 0% حتى يوم الثلاثاء الماضي. وفي التقييم الوطني الخامس للمناخ، خلص الخبراء إلى أن الحرائق في الجنوب الغربي الأمريكي أصبحت أكبر وأكثر حدة، وفقًا لموقع climate.gov. ويلعب الاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية دورًا مهمًا في هذا الاتجاه، حيث يؤدي إلى تجفيف الغطاء النباتي الذي يغذي حرائق الغابات. ووجدت إحدى الدراسات أن تغير المناخ قد يكون مسؤولاً عن ما يقرب من ثلثي الزيادة الملحوظة في ظروف الطقس الخاصة بحرائق الصيف على مدار الـ40 عامًا الماضية.
أينما نظر الأمريكيون، يرون دلائل على تغير المناخ. الأمر لا يقتصر على الفيضانات المميتة وحرائق الغابات المتفشية، بل يشمل أيضًا موجات حر شديدة، وتغير الفصول، وغرق الشواطئ. كما يشمل فقدان المزارعين لمصادر رزقهم، وارتفاع تكاليف التأمين على الأسر، وانهيار البنية التحتية في ظل الظروف الجوية القاسية. وتصعيب الوصول إلى المعلومات حول هذه الأزمة المستمرة لن يحمي الجمهور من آثارها، ولكنه سيصعّب التكيف معها.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«سبيس إكس» تطلق طاقم رواد فضاء مشتركاً إلى محطة الفضاء الدولية
«سبيس إكس» تطلق طاقم رواد فضاء مشتركاً إلى محطة الفضاء الدولية

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

«سبيس إكس» تطلق طاقم رواد فضاء مشتركاً إلى محطة الفضاء الدولية

انطلق طاقم دولي يتألف من 4 رواد فضاء، اليوم (الجمعة)، إلى محطة الفضاء الدولية من فلوريدا على متن صاروخ تابع لشركة «سبيس إكس»، رغم الأحوال الجوية الصعبة، لبدء مهمة روتينية لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، قد تكون الأولى من بين عدد من المهام التي تستمر شهرين أطول من المعتاد. ويتألف الطاقم من رائدي فضاء من «ناسا»، ورائدي فضاء من روسيا واليابان، انطلقوا على متن كبسولة الفضاء «دراغون» محمولة على صاروخ من طراز «فالكون 9» من مركز كينيدي الفضائي التابع لـ«ناسا» في الساعة 11:43 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15:43 بتوقيت غرينيتش). ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، فمن المقرر وصولهم إلى محطة الفضاء الدولية غداً (السبت).

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي يهدد بانقراض البشرية خلال عام واحد
خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي يهدد بانقراض البشرية خلال عام واحد

الشرق الأوسط

timeمنذ 5 ساعات

  • الشرق الأوسط

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي يهدد بانقراض البشرية خلال عام واحد

في ظل تزايد التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، حذر مجموعة من العلماء البارزين، من بينهم حائزون على جوائز نوبل، من أن الروبوتات فائقة الذكاء قد تؤدي إلى انقراض البشرية في غضون عام واحد فقط، إذا استمر المسار الحالي لتطوير هذه التكنولوجيا، وفقاً لصحيفة «التايمز». وشهدت أواخر يوليو (تموز) الماضي، تجمعاً احتجاجياً أمام مقر شركة «OpenAI» في سان فرنسيسكو، حيث تجمع نحو 25 ناشطاً مرتدين قمصاناً حمراء كتب عليها «أوقفوا الذكاء الاصطناعي»، مطالبين بوقف التصاعد السريع لهذه التكنولوجيا التي يعتقدون أنها تحمل خطراً وجودياً على البشر. وتقاسم هذا القلق عدد من أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي، منهم جيفري هينتون، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، ويوشوا بنجيو، الحاصل على جائزة تورينغ، بالإضافة إلى قادة شركات رائدة مثل «OpenAI» و«Anthropic» و«DeepMind» و«Google»، الذين وقعوا رسالة مفتوحة طالبوا فيها بوضع الحد من مخاطر الانقراض الناتجة عن الذكاء الاصطناعي على رأس أولويات العالم، إلى جانب المخاطر الكبرى مثل الأوبئة والحروب النووية. ويطرح الخبراء سيناريوهات مخيفة، منها احتمال استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لإطلاق أسلحة بيولوجية تنتشر بصمت في المدن الكبرى، وتتصاعد خطورتها عبر تفعيل كيميائي، ما قد يؤدي إلى إبادة واسعة للبشرية. وأكد نيت سوريس، مهندس الذكاء الاصطناعي البارز والرئيس الحالي لمعهد أبحاث الذكاء الآلي، أن احتمال انقراض البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي لا يقل عن 95 في المائة إذا استمرت الأمور على وتيرتها الحالية، مشبهاً الوضع بقيادة سيارة بسرعة 100 ميل في الساعة نحو منحدر حاد، قائلاً: «لا أقول إننا لا نستطيع التوقف، لكننا نتجه بسرعة جنونية نحو الهاوية». ويشير الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي ما زال في مراحله الأولى كـ«ذكاء ضيق» يقتصر على مهام محددة، لكن التوقعات تشير إلى وصوله قريباً إلى ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام الذي سيضاهي الذكاء البشري، ثم يتطور إلى الذكاء الاصطناعي الفائق، القادر على تحقيق إنجازات تفوق الخيال، لكنه يشكل في الوقت نفسه تحدياً هائلاً في كيفية ضمان بقاء هذه الأنظمة تحت سيطرة الإنسان، وهي مشكلة تعرف بمحاذاة الذكاء، التي تبدو شبه مستحيلة. وحذرت تقارير من أن هذه الأنظمة قد تكذب وتخدع، وحتى الآن تظهر أنظمة الذكاء الاصطناعي سلوكيات غريبة قد تشير إلى محاولات خداع أو تحريف الحقائق، مما يزيد المخاوف من فقدان السيطرة عليها. وفي هذا السياق، ترى هولي إلمور، المديرة التنفيذية لمنظمة «PauseAI»، أن خطر الانقراض أقل بكثير، حيث تقدر الاحتمالات بين 15 و20 في المائة، لكنها تحذر من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي على الأقل إلى تفريط تدريجي في السلطة البشرية، ما يجعل البشر يعيشون في مكبات نفايات بلا سيطرة، أو فهم لما يجري حولهم. وتدعو إلمور إلى وقف مؤقت لتطوير الذكاء الاصطناعي ووضع معاهدات دولية لتنظيمه، في مقابل تسارع سياسي وتجاري في تخفيف القيود على أبحاث الذكاء الاصطناعي، كما ظهر في خطة إدارة ترمب الأخيرة وتنافس شركات التكنولوجيا الكبرى لجذب أفضل المواهب في المجال. وفي حين يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل أمل الحياة الأبدية والخلود، يحذر كثير من الخبراء من أن الجحيم قد يكون السيناريو الأكثر احتمالاً، ويجعل من وقف هذه المسيرة الجنونية أمراً حتمياً قبل فوات الأوان.

دراسة: الشمبانزي والغوريلا اعتادت تناول فاكهة متخمرة تحتوي على الكحول
دراسة: الشمبانزي والغوريلا اعتادت تناول فاكهة متخمرة تحتوي على الكحول

الشرق السعودية

timeمنذ 15 ساعات

  • الشرق السعودية

دراسة: الشمبانزي والغوريلا اعتادت تناول فاكهة متخمرة تحتوي على الكحول

اكتشف باحثون من جامعتي سانت أندروز الأسكتلندية، ودارتموث الأميركية، أن حيوانات الشمبانزي والغوريلا دأبت منذ ملايين السنين على تناول فاكهة متخمرة تحتوي على كميات ضئيلة من الكحول. وأفادت دراسة نشرتها دورية "بايوساينس"، الخميس، بأن هذا السلوك الغذائي الغريب لعب دورًا في تشكيل العلاقات الاجتماعية للقردة، وربما ساهم في تطور قدرة الإنسان المبكرة على استقلاب الكحول، بل وحتى في ظهور بعض جوانب ثقافة الشرب الجماعي المعروفة اليوم. واستقلاب الكحول هو العملية التي ينفذها الجسم للتخلص من الكحول، وتبدأ في الجهاز الهضمي حيث يتم امتصاص الكحول في مجرى الدم، ثم ينتقل الكحول إلى الكبد، حيث يتم تحويله إلى مواد أقل سمية قبل أن يتم التخلص منه من الجسم. لطالما لاحظ العلماء أن القردة تأكل الفاكهة الناضجة، لكن هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يُظهر أن جمع الفاكهة المتساقطة على الأرض - وغالبًا ما تكون بدأت التخمر - هو سلوك شائع ومتكرر لدى الشمبانزي والغوريلا، وأن هذا السلوك ليس مجرد تكيف غذائي، بل يحمل أبعادًا اجتماعية وبيولوجية عميقة. وقالت المؤلفة الأولى للدراسة، كاثرين هوبيتر، الباحثة في جامعة سانت أندروز: "نميل كبشر إلى شرب الكحول في مناسبات اجتماعية، سواء مع الأصدقاء أو في الولائم. والسؤال الآن هو هل يشترك معنا الشمبانزي في ذلك على نحوٍ ما؟ وهل تؤثر هذه العادة في تشكيل علاقاتهم الاجتماعية؟". تتغير الفاكهة بعد حدوث التخمر؛ فعند سقوطها على الأرض وتركها بضعة أيام، تبدأ عملية التخمر الطبيعية بفعل الخمائر والبكتيريا، ما يؤدي إلى تشكل كميات ضئيلة من الكحول فيها؛ ووجد الباحثون أن الشمبانزي يستهلك هذه الفاكهة بانتظام، ولا بشكل عرضي كما كان يُعتقد سابقًا؛ والأهم أن هذا السلوك ليس موجودًا لدى الأورانجوتان (إنسان الغاب)، وهو ما أثار فضول الباحثين للغوص في البعد الوراثي للقضية. وكشفت الدراسة عن وجود طفرة جينية فريدة لدى القردة الإفريقية -الشمبانزي والغوريلا وحتى البشر- تُمكنها من استقلاب الكحول بكفاءة تفوق باقي الرئيسات بنحو 40 مرة. وربما كانت هذه الطفرة، التي تعود إلى نحو 10 ملايين سنة، حاسمة في تمكين أسلاف البشر من الاستفادة من مصادر غذائية جديدة، كالفاكهة المتخمرة، دون الإصابة بالتسمم أو فقدان التوازن. طفرة جينية قديمة وتعرف الطفرة باسم طفرة إنزيم "كحول نازعة الهيدروجين" وهو أحد الإنزيمات المسؤولة عن استقلاب الكحول في الكبد، ويلعب دورًا مهمًا في تفكيك الإيثانول إلى مركّبات أقل سمّية يمكن للجسم التعامل معها. يتميز هذا الإنزيم عن غيره بأنه يعمل بكفاءة في البيئة الحمضية الموجودة في المعدة وليس فقط في الكبد، ويُعتقد أنه يؤدي دورًا أوليًا في تكسير الكحول قبل امتصاصه في الدم. ويقول الباحثون إن نسخة ADH7 الموجودة لدى القرود الإفريقية، والبشر، تحمل طفرة جينية قديمة تزيد من فعالية الإنزيم بنحو 40 ضعفًا مقارنة بالرئيسات الأخرى، ما يمنحها قدرة متقدمة على استقلاب الكحول. ويقول الباحثون إن هذه الطفرة لعبت دورًا تطوريًا مهمًا، إذ مكّنت أسلاف الإنسان من الاستفادة من الفاكهة المتخمرة دون التعرض للتسمم، وهو ما قد يكون ساهم في توسيع النظام الغذائي، وتعزيز فرص البقاء، وربما تشكيل بعض السلوكيات الاجتماعية المرتبطة بالاستهلاك الجماعي لهذه المصادر السكرية. وأشار المؤلف المشارك في الدراسة، ناثانيال دوميني، الباحث في جامعة دارتموث: "قد يبدو غريبًا أن نسأل لماذا نحن بارعون في استقلاب الكحول، لكن الجواب ربما يكمن في هذه العادة القديمة من التغذي على فاكهة بدأت في التخمير، والتي شكّلت عنصرًا غذائيًا محوريًا لأسلافنا". واعتبرت الدراسة أن عادات الإنسان المعاصر في احتساء الكحول، خصوصًا ضمن سياقات اجتماعية، ليست جديدة أو مبتكرة، بل ربما تكون امتدادًا لسلوكيات أقدم بكثير. ويقول الباحثون إن مشهد الأصدقاء وهم يتشاركون كأسًا من الخمر في مساء صيفي ليس بعيدًا، بيولوجيًا وثقافيًا، عن مشهد شمبانزيين يتقاسمان فاكهة متخمرة تحت ظلال الغابة الاستوائية. وأوضحت هوبيتر: "قد نكون ورثنا ميلنا للاحتفال الجماعي من أسلافنا الذين تقاسموا الفاكهة المتخمرة قبل 10 ملايين سنة". لكن؛ السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يفتقر الأورانجوتان لهذا السلوك؟ الجواب يكمن، كما يبدو، في البيئة والغذاء؛ إذ يعيش الأورانجوتان في بيئات أكثر عزلة، ويقضي وقتًا أطول في الأشجار مقارنة بالشمبانزي الذي يتحرك كثيرًا على الأرض، ما يسهّل له الوصول إلى الفاكهة الساقطة. بالإضافة إلى ذلك، لم تظهر لدى الأورانجوتان الطفرة الجينية التي تُعزز من قدرته على استقلاب الكحول، ما يجعله أكثر عرضة للتسمم إذا تناول هذه الفاكهة. غذاء وأشياء أخرى يرى الباحثون أن تناول الفاكهة المتخمرة قد لا يكون فقط من أجل الغذاء، بل ربما لعب دورًا في تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجموعة، فكما أن البشر يستخدمون المشروبات الكحولية لتقوية العلاقات أو خفض التوتر الاجتماعي، ربما تكون الفاكهة المتخمرة أدت غرضًا مشابهًا في مجتمعات القرود. ويخطط الفريق البحثي في الخطوة التالية لدراسة مدى تأثير هذا النوع من التغذية على البنية الاجتماعية للشمبانزي، وهل يرتبط هذا السلوك بلحظات محددة من التفاعل الاجتماعي؟ وهل تتشاركه الأمهات مع صغارهن، أم هو حكر على البالغين؟ فروق جوهرية بين الأورانجوتان والشمبانزي الذكاء والسلوك الشمبانزي: أكثر تعاونًا واجتماعيًا. يستخدم الأدوات بكثرة كالحجارة والملاعق والعصي. يعيش في جماعات هرمية وتحدث صراعات وتحالفات. الأورانجوتان: ذكي جدًا لكنه أكثر انعزالًا. يستخدم أدوات أيضًا، ولكن بشكل أقل تعاونًا. يعيش غالبًا بشكل فردي، خصوصًا الذكور. الموطن الطبيعي الشمبانزي: الغابات الاستوائية في إفريقيا، من غرب إلى وسط القارة. الأورانجوتان: الغابات المطيرة في جنوب شرق آسيا مثل جزيرتا بورنيو وسومطرة فقط. الحمض النووي والعلاقة بالإنسان الشمبانزي: الأقرب وراثيًا للإنسان ويشترك معه في نحو 98.8% من الجينات. الأورانجوتان: أقل قرابة من الشمبانزي، لكنه ما يزال قريبًا جدًا بنحو 97% تشابه جيني. الشكل الجسدي الشمبانزي: أصغر حجمًا وأطرافه متناسبة أكثر مع جسمه وحركته أكثر رشاقة، ويقدر على المشي أحيانًا على قدمين. الأورانجوتان: أكبر حجمًا خصوصًا الذكور وذراعيه طويلتان جدًا مقارنة بجسمه ويتحرك ببطء ويقضي أغلب وقته على الأشجار. السلوك الاجتماعي الشمبانزي: يعيش في مجموعات تصل إلى 100 فرد أو أكثر. الأورانجوتان: يميل للانفراد؛ الأم تصحب صغارها فقط. النظام الغذائي كلاهما نباتي بشكل رئيسي، لكن: الشمبانزي: يأكل أحيانًا اللحم ويصطاد قرودًا صغيرة مثل الكولوبوس. الأورانجوتان: يركز أكثر على الفواكه، ويأكل لحاء الأشجار والبيض أحيانًا. الصوت والتواصل الشمبانزي: أكثر صخبًا وتنوعًا في الأصوات. الأورانجوتان: يصدر "نداءً طويلًا" مميزًا، يستخدمه الذكور للسيطرة على المنطقة. يرى كثير من العلماء أن القدرة على استغلال مصادر غذائية غير تقليدية - مثل الفاكهة المخمرة - كانت جزءًا أساسيًا من نجاح البشر كنوع بيولوجي، ففي بيئات قليلة الموارد، ربما تكون الفاكهة المتخمرة، رغم ندرتها، مصدرًا ثمينًا للطاقة. كما أن هذه القدرة على التعامل مع الكحول بكفاءة ربما ساهمت في دعم أنماط حياة أكثر تنقلاً، إذ لا تشكل هذه الفاكهة خطرًا كبيرًا على الصحة، على عكس ما قد تكون عليه الحال عند الرئيسات الأخرى. يأمل فريق البحث أن تفتح هذه النتائج الباب أمام أبحاث أوسع في العلاقة بين السلوك الغذائي والتطور الاجتماعي، وربما تساعد في إعادة النظر في النظريات المتعلقة بكيفية تطور القدرات الإدراكية والاجتماعية لدى الإنسان، بما في ذلك الاحتفال والطعام المشترك والرمزية المرتبطة بهما. وقد تبدو الفكرة غريبة، لكنها مدعومة بأدلة جينية وسلوكية وفنية وتاريخية؛ فقصة الإنسان مع الكحول لم تبدأ بعد اكتشاف التخمر؛ بل مع تقاسم فاكهة ناضجة متخمرة على أرض غابة إفريقية قبل ملايين السنين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store