logo
المكسيك تضبط غواصة محملة بـ3.5 طن كوكايين في واحدة من أكبر عمليات مكافحة التهريب

المكسيك تضبط غواصة محملة بـ3.5 طن كوكايين في واحدة من أكبر عمليات مكافحة التهريب

خبر للأنباء٢٨-٠٦-٢٠٢٥
أعلنت السلطات المكسيكية الجمعة أن البحرية تمكنت من اعتراض سفينة شبه غاطسة قبالة ساحل ولاية غيريرو المطلة على المحيط الهادئ، وعلى متنها 3.5 طن من الكوكايين موزعة على 180 حزمة في خطوة جديدة ضمن حملة مكافحة تهريب المخدرات.
السفينة، التي كانت تُشغّل من قبل ثلاثة أفراد تم اعتقالهم لاحقًا، تم رصدها خلال دورية بحرية روتينية. وتُعد هذه العملية أحدث نجاح للبحرية المكسيكية في التصدي لشبكات تهريب الكوكايين التي تستخدم طرقًا بحرية متطورة.
السفن شبه الغاطسة، المعروفة باسم "غواصات المخدرات"، تُعد من الوسائل المفضلة لدى كارتلات التهريب، نظرًا لقدرتها على تجنب الرصد وتخزين كميات ضخمة من المواد المخدرة.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يتزايد استخدامها لنقل الكوكايين من أميركا الجنوبية إلى أميركا الشمالية، حيث تمر غالبًا عبر السواحل المكسيكية.
منذ توليها منصبها في أكتوبر، شددت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم على ضرورة مواجهة الجريمة المنظمة، وخاصة شبكات تهريب المخدرات.
وقد أعلنت البحرية أن عملياتها البحرية في عهد شينباوم أسفرت عن ضبط أكثر من 44.8 طنًا من الكوكايين حتى الآن، بما في ذلك رقم قياسي بلغ 8.3 طن خلال شهر أكتوبر- تشرين الاول وحده، في واحدة من أكبر عمليات اعتراض المخدرات البحرية في تاريخ البلاد.
ولم تقتصر الجهود على البحر فقط؛ ففي مطلع يونيو، شنت قوات الأمن سلسلة من المداهمات على مختبرات تصنيع المخدرات في عدة ولايات، أسفرت عن مصادرة نحو 42 طنًا من الميثامفيتامين، تُقدّر قيمتها السوقية بأكثر من 50 مليون دولار.
وتأتي هذه العمليات في وقت تزداد فيه الضغوط الأميركية على المكسيك لوقف تدفق المخدرات، خاصة الفنتانيل والمواد الأفيونية الاصطناعية، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في أزمة الإدمان والوفيات في الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد استخدم هذه القضية كمبرر لفرض رسوم جمركية على الواردات المكسيكية، مطالبًا بتكثيف الجهود لتفكيك كارتلات المخدرات والطرق المستخدمة في التهريب.
ووفقًا لتقرير إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) لعام 2023، لا تزال المكسيك تمثل نقطة العبور الأساسية للكوكايين والميثامفيتامين المتجه نحو السوق الأميركية، مع اعتبار الطرق البحرية في المحيط الهادئ من أخطر وأكثرها نشاطًا.
من جانبها، أكدت البحرية المكسيكية أن العملية الأخيرة تؤكد التزام الحكومة بتصعيد حملتها ضد التهريب، وإرسال رسالة واضحة للكارتلات بأن أساليبهم المتطورة لن تمر دون مواجهة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !
افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 7 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !

ذ.توفيق بوعشرين نشر في 6 يوليو 2025 الساعة 22 و 46 دقيقة إيطاليا تلغراف توفيق بوعشرين هل وضعت الحرب أوزارها؟ وهل جنحت الأطراف إلى السلم بعد مغامرة نتنياهو وترامب في جبال إيران؟ (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) أبدًا… لا يزال هذا الأمل بعيدًا، وما زالت في عقول ونفوس المتحاربين ذخائر مشتعلة، وقدرة رهيبة على إشعال كل أنواع الحروب: الكلاسيكية، الحديثة، والهجينة. في غزة، ما زالت الحرب في أوجها رغم مرور 21 شهرًا. الفلسطينيون لا يزالون يعددون قتلاهم، ويحصون جثث أطفالهم. ونتنياهو يتلذذ بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، دون أن يردعه أحد. بل إن هروبه من أزماته الداخلية جعله يفكر في توسيع رقعة معاركه، وكأنه 'نابليون العصر'. امتدّت طائراته إلى إيران لضرب مشروعها النووي، ولأنه عاجز عن إتمام المهمة بمفرده، أخذ بيده رئيس أقوى دولة في العالم، ترامب الأرعن، الذي أغراه 'بيبي' بنصر خاطف من الجو ضد المفاعلات النووية الإيرانية… وهكذا فعل. زين السامري الجديد لترامب عبادة القوة والعجل معًا، فهاجم إيران ثم دعاها للسلام! سلام القتلة الذين يخوضون حروبهم بلا أي غطاء قانوني أو شرعي… وها هو الآن يعرض عليها صفقة قيمتها 30 مليار دولار مقابل التخلي عن النووي، كما أوردت قناة CNN. في هذه الساعة، التي أكتب فيها هذه الكلمات، كم حربًا مشتعلة حرفيًا حول العالم؟ • حرب أوكرانيا، التي دخلت سنتها الثالثة، ولا حلّ يلوح في الأفق. • حرب غزة، التي دخلت شهرها الـ21، ولا يزال عدّاد الشهداء يدقّ كل لحظة. • حرب إيران، التي اشتعلت لاثني عشر يومًا، والآن تُخاض حرب باردة في الكواليس لكسر الإرادة. • حرب لبنان، حيث صار البلد مستباحًا، وإسرائيل تضرب وتقتل متى شاءت. • حرب اليمن، التي لا تزال قنبلة موقوتة مرشحة للاشتعال في أي لحظة، تجاه أمريكا أو تجاه إسرائيل. • حرب سوريا، حيث تواصل إسرائيل قصفها، وتحتل قرى بكاملها بذريعة تصفية ما تبقى من ترسانة الأسد. • حرب السودان، حيث 'الإخوة الأعداء' ما زالوا يخربون بلادهم بأيديهم، تحت رعاية إماراتية معلَنة. ثم هناك باكستان والهند، حيث الحرب دائمًا على الأبواب، تشعلها ثارات الماضي وحسابات المستقبل، ومعها أخطر ترسانة نووية في آسيا. أما الصين، فتراقب جزيرة تايوان مثل قرش يطوف حول فريسته، وتايوان تحتمي بالأسطول الأمريكي، والحرب حاضرة دائمًا في جدول أعمال بكين. كوريا الشمالية تواصل تجاربها الصاروخية، وبين تجربة وأخرى، تطلق تهديدات لجارتها الجنوبية وحلفاء أمريكا. هل انتهينا؟ لا، فهناك حروب أخرى بلا نيران، لكنها أشد شراسة: • حرب المصالح والاقتصادات. • حرب أمن المعلومات والبنية الرقمية. • حرب التجارة العالمية، حيث تُستخدم الرسوم الجمركية كقنابل وصواريخ. • حرب التجسس، التي تمهد لحروب قادمة. وهناك أيضًا سباق تسلّح عالمي، تعكسه ميزانيات الدفاع المتصاعدة في العالم؛ آخرها كان في اجتماع الناتو، حيث جاء ترامب ليقرع حلفاءه مطالبًا برفع الإنفاق العسكري من 2% إلى 5% من الناتج القومي، مرحّبًا بسباق التسلح الجديد. وهناك سباق محموم نحو التسلح النووي باعتباره 'بوليصة التأمين' الوحيدة للدول الصغرى ضد القوى الكبرى؛ إيران ماضية في الطريق، وربما تلحق بها السعودية ودول أخرى. النووي صار اليوم حامي الأنظمة وضامن بقائها. وهناك أيضًا حرب على القانون الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، وكل المعاهدات التي وُلدت بعد الحرب العالمية الثانية؛ ترامب يدفن القانون الدولي يومًا بعد يوم، ويفتح الباب للفوضى العارمة. النظام الدولي يتهاوى أمام أعيننا، وأمريكا بقيادة ترامب تساهم في هدمه يوميًا، فلم تعد هناك مرجعية تحسم السلم أو الحرب، وصارت واشنطن نفسها طرفًا في الحروب بدل أن تكون صانعة سلام. وهكذا يبدو المشهد: كل ما نحتاجه هو عنوان لهذه المرحلة… والعنوان هو: نحن في قلب الحرب العالمية الثالثة… هذا ليس حماسًا زائدًا، ولا نبوءة متشائمة، ولا قراءة في فنجان أسود… بل هي فرضية علمية واستراتيجية صلبة. قبل أن نحكم إن كنا نعيش في قلب حرب عالمية ثالثة أو لا، دعونا نبدأ من الأصل: تعريف الحرب. ومن أفضل لتعريف الحرب من جنرال ومفكر عسكري ألماني قاتل في حروب نابليون، وخدم في الجيش البروسي، قبل أن يتفرغ لدراسة الحرب والتنظير لها، ألف كتابًا صار من مراجع الفكر العسكري إلى اليوم: 'عن الحرب – On War'… إنه كارل فون كلاوزفيتز (1780-1831). تعريفه الشهير للحرب يقول: 'الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى.' لكن ماذا لو قلبنا هذا التعريف؟ ماذا لو صارت السياسة اليوم هي استمرار للحرب بوسائل أخرى؟ يقول كلاوزفيتز أيضًا: 'الحرب ليست فعلاً منعزلًا، بل أداة سياسية هدفها فرض إرادة دولة على أخرى لتحقيق أهداف معقدة: مصالح اقتصادية، نفوذ ترابي، هيمنة إقليمية، والتحكم في سيادة الآخر.' كل عناصر هذا التعريف حاضرة اليوم، بقوة، على طاولة العالم. نحن نعيش في قلب حرب هجينة: • فيها الجيوش والأسلحة والطائرات والصواريخ تتصادم في السماء والأرض، • وفيها أيضًا حروب على الحدود الجمركية، وفي الفضاء السيبراني، وفي أعماق الفضاء الخارجي وأقماره الصناعية، • وفيها معارك داخل الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته الغامضة. من يختزل الحرب فقط في تحرك الجيوش، وطوابير الدبابات، ومنصات الصواريخ، لم يفهم بعد طبيعة العالم الجديد. الحرب حرباء… هكذا قال كلاوزفيتز: 'لا تستقر الحرب على حال، ولا تأخذ لونًا ثابتًا، بل تغيّر شكلها في كل مرة.' وإذا كان هذا صحيحًا في القرن التاسع عشر، فكيف لا يكون صحيحًا اليوم، بعدما تطورت أدوات الحرب وتعقّدت مصالحها وتشابكت مصالح الدول إلى حد الجنون؟ نحن أمام حرب هجينة، معارك بلا قوانين، ولا قواعد، ولا مواثيق: • فيها مزيج من الحرب التقليدية والحرب الجديدة. • فيها القتال داخل المعابر الجمركية، وفي وسائل الإعلام والتواصل، للتأثير على الرأي العام وتوجيهه في الأنظمة الديمقراطية ونصف الديمقراطية . • فيها قتال داخل مصانع الرقائق الإلكترونية في تايوان وحول العالم . • فيها صراع على المعادن النفيسة والمواد النادرة لصناعة البطاريات والتكنولوجيا الحديثة، من أوكرانيا إلى الكونغو، حيث تتصارع أمريكا والصين وأوروبا في الظلّ. حرب من نوع آخر: حين يصرّح ترامب بأنه طامع في ضمّ غرينلاند وكندا، فهذه ليست أحلام يقظة، بل تعبير صريح عن واقع جديد؛ حيث السيادة الوطنية لم تعد مقدسة في صراع الكبار. مثلما ضمّ بوتين القرم وربع أوكرانيا، يحلم ترامب بضمّ أراضٍ غنية بالمعادن والنفط لتحقيق انتصارات في مواجهة الصين. اليوم، عندما تتفوق شركة صينية مثل BYD على Tesla، وتصبح الأولى عالميًا في سوق السيارات الكهربائية خلال 4 سنوات فقط، فهذه ليست مجرد منافسة تجارية… إنها معركة حقيقية: • معركة تكنولوجية، لا تقل شراسة عن أي حرب عسكرية. • حرب شرسة، تُدار بعقلية الجيوش لا بعقلية الأسواق. والأخطر؟ أن هذه الحروب الاقتصادية والسيبرانية قد تجرّ إلى حروب عسكرية، والعكس أيضًا صحيح. نعم، نحن داخل حرب عالمية ثالثة، ولكن بأدوات وأشكال وآليات وأسلحة جديدة: • معارك بلا خطوط واضحة. • لاعبين غامضين. • جيوش نظامية تتداخل مع ميليشيات، وشركات أمن خاص، وذئاب منفردة، وعناصر غير دولتية (non étatique). فرانك هوفمان، المحلل الاستراتيجي الأمريكي، ومُنظّر مفهوم 'الحرب الهجينة'، وصف هذا النوع من الحروب بأنه: 'الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.''الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.' افتحوا أعينكم… نحن داخل حرب عالمية جديدة بأشكال جديدة وأسلحة جديدة وخطوط تماس جديدة سكريبت الحلقة الماضية من بودكاست كلام في السياسة الرابط في اول تعليق افتحوا أعينكم… نحن داخل المعركة. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف السابق السوشل ميديا.. السبيل الوحيد للسياسي للتواصل مع الشباب! التالي إنهم يقولون ..ماذا يقولون ..دعهم يقولون

لماذا على باريس تسديد فاتورة قرنٍ من الاستعمار؟
لماذا على باريس تسديد فاتورة قرنٍ من الاستعمار؟

الشروق

timeمنذ 17 ساعات

  • الشروق

لماذا على باريس تسديد فاتورة قرنٍ من الاستعمار؟

دعوة الناشط البنيني سقراط غوتنبرغ، وهو أحد النشطاء البارزين ضمن ما يعرف بحركة «إفريقيا الحرة» المناهضة للاستعمار، في 17 يونيو فرنسا إلى دفع تعويضات عن «هوية دُمِّرت وثروات نُهبت وانقسامات زُرعت» بالقول إن «الاستعمار دمّر هويتنا، وفرض لغته ودينه، وزرع الانقسام. وحتى بعد انسحاب القوات الفرنسية عام 2022، لا تزال باريس تمارس نفوذها، من خلال دعم الانقلابات والأنظمة الدمى». هذا واحدٌ من الأصوات الإفريقية التي ارتفعت لتطالب باعترافٍ رسمي بالجرائم الاستعمارية وبآلية جبرٍ تُعيد للأجيال المظلومة بعض ما فقدته. يصعب اليوم على أي مراقب إنكار أن القارة لا تزال تُعاني آثار سياسة «فرنسا- إفريقيا» التي ربطت الاقتصادات والمؤسسات العسكرية والنقدية في غرب إفريقيا ووسطها بباريس حتى بعد انسحاب آخر جندي فرنسي من مالي عام 2022. التاريخ الدامي يبدأ من أواخر القرن التاسع عشر، حين أخضعت فرنسا نحو عشرين دولة إفريقية لحكمٍ قائم على السُّخرة والمصادرة والقمع. أمّا حرب استقلال الجزائر (1954-1962) وحدها فخلّفت أكثر من مليون ونصف مليون شهيد، ولا تزال حقول الألغام والتجارب النووية في رقان وتمنراست شاهدا حيّا على حجم الانتهاكات. تلك الجرائم لم يُقابلها اعتذار رسمي قط، بل قوبلت على مدى عقود بخطابٍ فرنسي يُمجّد «مآثر الحضارة» متجاهلاً الدماء والموارد التي أُزهقت ونهبت. وتستمر جرائم الحقبة الاستعمارية الفرنسية في التأثير على المجتمعات الإفريقية حتى اليوم. في 5 مايو الماضي، صرح محمد عمران وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الجزائري، قائلاً إن «الأراضي الجزائرية نُهبت، وإرث الاستعمار لا يزال حاضرًا، من حقول الألغام على الحدود إلى آثار التجارب النووية الفرنسية، من غير المقبول أن تقلل فرنسا من حجم هذه الجرائم أو تطلب منا نسيان تاريخنا». وأضاف أيضا أنه «ما دامت النخبة الفرنسية تمجّد الاستعمار، فسنُواصل المطالبة بالاعتراف بالجرائم ودفع التعويضات». اليوم، تتبنّى الدول الإفريقية خطاباً أكثر تنظيماً؛ ففي قمّة الاتحاد الإفريقي التي عقدت بأديس أبابا بين 12 و16 فبراير 2025، أُعلن عام 2025 «عام العدالة لجذور إفريقيا وشتاتها عبر التعويضات»، وهو قرار غير مسبوق يعكس إجماعاً نادراً بين قادة القارة. تقديرات منصة Espace Manager التونسية قدّرت خسائر ثماني دول تعرّضت للاستعمار، وهي الجزائر، وتونس، ومصر، ومالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، وتشاد، والمغرب، بأكثر من أربعة تريليونات دولار (4 آلاف مليار دولار)، بينما رفعت حركات شبابية مثل «كوكب الشباب الوحدويين» في بوركينا فاسو سقف المطالب إلى خمسين تريليون يورو، ورصد «التكتل من أجل إعادة تأسيس مالي» وحده ثلاث مئة مليار دولار خسائر لبلده. إن مسألة التعويضات تُعدّ من بين القضايا القليلة التي تحظى بإجماع واسع في الأوساط الإفريقية؛ ففي السنوات الأخيرة، ازداد علنًا وعلوًّا صوت النشطاء والزعماء السياسيين الذين يطالبون فرنسا بتعويضات عن الجرائم الاستعمارية والاستغلال الاقتصادي، ويمكنني هنا الإشارة إلى عدد من التصريحات اللافتة لمختلف المسؤولين في القارة. في 5 ديسمبر 2024، شدّدت لوسيا دوس باسو، النائبة الثالثة لرئيس برلمان عموم إفريقيا، على أن: «التعويضات لا تقتصر على الجانب المادي أو المالي، بل تمثل فعل اعتراف، والتزامًا بتصحيح الاختلالات الهيكلية، ووعدًا ببناء مستقبل أكثر عدلا للأجيال القادمة». وفي 15 فبراير 2025، أي بعد شهرين، أيَّد الرئيس الليبيري جوزيف ن. بوكاي هذا الموقف، قائلًا إن بلاده «تؤمن بشدة بأهمية التعويضات كخطوة أولى أساسية لمعالجة الإرث والتأثيرات المستمرة لتلك المظالم التاريخية». كما عبّر آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، عن موقف مماثل في اليوم التالي، 16 فبراير 2025، قائلاً إن «المطالبة بالتعويض ليست صدقة أو مساعدات مالية، بل هي دعوة للعدالة. هي محاولة لاستعادة كرامة ملايين البشر وشفاء الجروح العميقة للفقر وعدم المساواة والتمييز». تقديرات منصة Espace Manager التونسية قدّرت خسائر ثماني دول تعرّضت للاستعمار، وهي الجزائر، وتونس، ومصر، ومالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، وتشاد، والمغرب، بأكثر من أربعة تريليونات دولار (4 آلاف مليار دولار)، بينما رفعت حركات شبابية مثل «كوكب الشباب الوحدويين» في بوركينا فاسو سقف المطالب إلى خمسين تريليون يورو، ورصد «التكتل من أجل إعادة تأسيس مالي» وحده ثلاث مئة مليار دولار خسائر لبلده. وتردد صدى هذا الخطاب في 22 أبريل 2025، عندما قدّر حسيني واتارا، رئيس «التكتل من أجل إعادة تأسيس مالي»، أن الأضرار التي لحقت ببلاده وحدها تفوق 300 مليار دولار، مؤكدًا أن هذا الرقم لا يمثل سوى «جزء صغير ظاهر» من الدين الحقيقي. وفي اليوم نفسه، استحضر الباحث والناشط عيسى سيسي، صاحب عريضة دولية للتعويضات «138 سنة من الوحشية والاحتلال غير الشرعي» من قبل فرنسا، قائلاً: «حين نطالب بهذه التعويضات، لا نطلب من فرنسا معروفًا، بل نضعها أمام أمر واقع». وفي الحقيقة إن ما تُوصَف أحياناً في باريس بأنها «مطالب فلكية» ليست، في نظر الأفارقة، سوى محاولات أوليّة لتقدير ثمن اليد العاملة المجانية، والموارد المنهوبة، والبيئة المُدمَّرة، ويؤكد الدكتور الطيب عبد الجليل، المحامي السوداني المتخصص في القانون الدولي أن «الاستعمار سرق مستقبل شعوبنا. التعويضاتُ ليست ثمناً للمعاناة، بل أداة لاسترداد الحقوق». لا تنطلق هذه الدعوات من فراغ قانوني بالنظر إلى قضايا مماثلة، وهنا أشير إلى اعتراف البريطانيين عام 2013 بمسؤوليتهم عن قمع ثورة «ماو ماو» في كينيا وخصّصوا تعويضات لضحاياها، كما اعترفت ألمانيا في 2021 بإبادة شعبي الهيريرو والناما في ناميبيا ودفعت أكثر من مليار يورو. هذه السوابق تجعل موقف باريس القائم على التملّص أكثر انكشافاً أمام المحاكم الدولية والرأي العام العالمي، وتُحاصر خطابها عن «قيم حقوق الإنسان» بتهمة الازدواجية. ويمكن تلخيص الإستراتيجية الفرنسية الراهنة في ثلاثة عناصر: أوّلاً: انتقاء ملفات رمزية، كإعادة جماجم مقاومين جزائريين أو زيارة ماكرون لكيغالي، لتجميل صورة الماضي من دون المساس بالبنية الاقتصادية التي تُبقي 14 دولة مربوطة بفرنك CFA وبمصرف فرنسا المركزي. ثانياً: خطاب مزدوج يَعد بـ'شراكة متوازنة' بينما يحتفظ بقواعد عسكرية جديدة في جيبوتي والغابون ويمنح الشركات الفرنسية العملاقة امتيازات استغلال الموارد. ثالثا: رهانٌ على عامل الوقت، أملاً بتراجع الزخم الشعبي أو تغيّر الأنظمة الإفريقية. غير أن الانقلابات الأخيرة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر بيّنت أنّ المزاج الشعبي يسير في اتجاه معاكس تماماً. ما العمل إذاً؟ هو سؤال يتكرر في هذه العلاقة بين فرنسا ودول إفريقيا، وهنا يمكننا التنبيه إلى ثلاثة أمور رئيسية من الضرورة بمكان لإصلاح هذا الخلل: بدايةً، إعداد لجنة «حقيقة وعدالة» مشتركة بين فرنسا والاتحاد الإفريقي خطوة ضرورية لوضع سجلّ موثّق للجرائم وتقدير الخسائر، يليها إنشاء صندوق تعويضات وتنمية بإدارة ثنائية يموّل البنية التحتية والصحة والتعليم بعيداً عن إملاءات المانحين التقليديين. الأمر الآخر، هو ضرورة تحرّر الاقتصادات من فرنك CFA والذي يعدّ شرطا حاسما لاكتمال السيادة النقدية، وإلا ظلّت باريس تتحكّم بسعر صرف عملات سبعٍ من جمهوريات الساحل. وأخيرا لا تكتمل المصالحة من دون اعتذار رئاسي رسمي أمام البرلمان الفرنسي وفي قمة استثنائية للاتحاد الإفريقي، يليه إدراجُ تاريخ الاستعمار في المناهج الدراسية الفرنسية لإنهاء إنكار المجتمع نفسه. قد تبدو هذه الخطوات مكلفة لفرنسا، لكنها في الواقع هي استثمار بعيد المدى: اعتراف شجاع يُعزّز مكانة باريس الدولية في مواجهة نفوذ بكين وموسكو المتصاعد، ويُمهّد لشراكات تجارية طوعية بدل العقود غير المتكافئة، أما الاستمرار في الإنكار فلن يؤدي إلا إلى اتساع الهوّة، وتزايد حملات طرد القوات والشركات الفرنسية من القارة. خلاصة القول إنّ إفريقيا لا تسعى إلى «صدقة» ولا ثأر؛ بل إلى تصحيح ميزانٍ تاريخي مضطرب وإعادة تعريف العلاقة على أساس الندية. وإذا كانت الجمهورية الخامسة تطمح إلى البقاء ضمن دائرة قوة «قانون وحقوق الإنسان»، فعليها أن تُثبت ذلك بالانضمام إلى ركب الدول التي واجهت ماضيها بشجاعة، فالتاريخ لا يُمحى، لكن يُعاد كتابته أحياناً بلغة العدل بدل لغة الدم، والكرة الآن في ملعب باريس.

"مؤسسة غزة الإنسانية" وراء الكواليس: مشروع إسرائيلي-أمريكي لتهجير الفلسطينيين
"مؤسسة غزة الإنسانية" وراء الكواليس: مشروع إسرائيلي-أمريكي لتهجير الفلسطينيين

خبر للأنباء

timeمنذ 21 ساعات

  • خبر للأنباء

"مؤسسة غزة الإنسانية" وراء الكواليس: مشروع إسرائيلي-أمريكي لتهجير الفلسطينيين

قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن مجموعة بوسطن للاستشارات الأميركية، وضعت نماذج لتكاليف "تهجير الفلسطينيين من غزة"، ووقعت عقداً بعدة ملايين من الدولارات للمساعدة في تنفيذ مشروع حمل اسم "أرورا"، لتهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، قبل أن تنسحب من المشروع وتفصل اثنين من كبار الشركاء، بعد الكشف عن عملها على خطط بشأن مستقبل غزة بعد الحرب الإسرائيلية. وذكرت الصحيفة البريطانية، أنها أجرت تحقيقاً كشف عن أن شركة الاستشارات الأميركية، ساهمت في تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، ودعمت شركة أمنية مرتبطة بها، ولكنها تخلت عن المشروع الذي قتلت إسرائيل من خلاله المئات من الفلسطينيين أمام مراكز توزيع المساعدات، وقامت بطرد اثنين من الشركاء في الشركة، الشهر الماضي. وقال عدة أشخاص مطلعين للصحيفة، إن دور شركة الاستشارات المعروفة اختصاراً بـ BCG كان أكبر بكثير مما أعلنته، إذ أشاروا إلى أنه امتد لنحو 7 أشهر، بعقد بلغت قيمته 4 ملايين دولار. وأوضحت المصادر، أن أكثر من 10 أشخاص من الشركة انخرطوا بشكل مباشر في المشروع الذي حمل الاسم الكودي "أرورا" Aurora (الشفق القطبي)، بين أكتوبر 2024 إلى نهاية مايو الماضي. وذكرت الصحيفة، أن مسؤولين كباراً في شركة بوسطن للاستشارات، بمن في ذلك رئيس قطاع إدارة المخاطر في الشركة، ورئيس قطاع التأثير الاجتماعي، كانوا منخرطين في المشروع. حزم مالية للتهجير وأشارت "فاينانشيال تايمز"، إلى أن فريق الشركة بنى النموذج المالي لعملية إعادة إعمار غزة بعد الحرب، والذي تضمن كلفة تقديرية لـ"إعادة توطين"، مئات الآلاف من الفلسطينيين في خارج القطاع، والتأثير الاقتصادي لتهجير بهذا الحجم. وقدر أحد السيناريوهات، أن أكثر من نصف مليون من سكان غزة سيغادرون القطاع بـ"حزم لإعادة التوطين"، قدرها 9 آلاف دولار لكل شخص، أو نحو 5 مليارات دولار في المجمل. وقالت الشركة، إن مسؤولين كباراً في الشركة "تم تضليلهم"، بشأن نطاق العمل الذي يقوم به كبار الشركاء الذين يديرون المشروع. شركة الاستشارات تتبرأ من المشروع وبشأن العمل على خطة غزة ما بعد الحرب، قالت الشركة: "تم إبلاغ الشريك الأساسي في المشروع (لغزة) برفض قاطع، وخالف توجيهاتنا، ونحن نتبرأ من هذا العمل". وتدير مؤسسة غزة الإنسانية، 4 مراكز لتوزيع المساعدات في غزة، وتبتعد عن النماذج التقليدية لتوزيع المساعدات، وتعتمد نظاماً عسكرياً يديره متعاقدون أمنيون أميركيون، تحت حراسة الجيش الإسرائيلي، وهو ما تزعم إسرائيل أنه ضروري لـ"منع المساعدات من الوصول إلى حماس". وأعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، تخصيص 30 مليون دولار كتمويل للمؤسسة، التي لا يزال الغموض يحيط بمصادر تمويلها. ووصفت الأمم المتحدة "مؤسسة غزة الإنسانية"، بأنها "ورقة التوت" التي تخفي أهداف حرب إسرائيل، كما رفضت مؤسسات الإغاثة الإنسانية الدولية العمل معها. ومنذ بدء مؤسسة غزة الإنسانية عملها في القطاع في مايو الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 600 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات من المراكز البعيدة عنهم. ووصف 9 أشخاص على إطلاع على المشروع الذي أعدته شركة بوسطن للاستشارات، كيف انخرطت الشركة المرموقة عالمياً بعمق في مخطط يناصره البيت الأبيض، لكنه يواجه رفضاً عالمياً. ولم تعلن بوسطن للاستشارات من قبل سوى عن القليل بشأن نطاق انخراطها في المشروع، ووصفت العمل الذي كانت تقوم به على أنه بدأ كمشروع بدون مقابل في أكتوبر 2024، للمساعدة في تأسيس مؤسسة الإغاثة، والتي كان يفترض أن تعمل إلى جانب مؤسسات إغاثية أخرى. وزعمت الشركة لاحقاً، أن هذا العمل تم "بدون إذن من قيادتها"، وسعت لإلقاء اللوم على "سوء تقدير" اثنين من كبار الشركاء بوحدتها الدفاعية في واشنطن. وقالت الشركة لـ"فاينانشيال تايمز"، إن تحقيقها المستمر في الأمر، والذي يجري بواسطة شركة محاماة خارجية "أكد خيبة الأمل العميقة التي أعربنا عنها قبل أسابيع. لم يتم الإفصاح عن النطاق الكامل لهذه المشروعات، ولا حتى إلى قيادة الشركة". وأضافت أن الأعمال التي تم تنفيذها كانت "بالمخالفة لسياساتنا وعملياتنا. أوقفنا العمل، وأخرجنا اثنين من كبار الشركاء، والذين قادا المشروع من الشركة. لم نتقاض أي أموال، وبدأنا تحقيقاً مستقلاً". وذكرت أنها "تتخذ خطوات لضمان عدم تكرار ذلك مطلقاً". معهد إسرائيلي وشركة أمنية وأشارت "فايناشيال تايمز"، إلى أن التعاقد مع مجموعة بوسطن للاستشارات BCG، تم في البداية من قبل شركة تدعى "أوربس" (Orbis)، وهي شركة أمنية مقرها واشنطن، للمساعدة في إعداد دراسة جدوى لعملية مساعدات جديدة، وفق أشخاص مطلعين على العمل المجاني الأولي. وكانت "أوربس" تعد هذه الدراسة، نيابةً عن مركز أبحاث إسرائيلي يدعى معهد تخليط (Tachlith). وقالت مصادر للصحيفة، إن اختيار BCG كاستشاري للمشروع، جاء بسبب علاقتها طويلة الأمد مع فيل رايلي، العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، والذي كان يعمل لدى شركة "أوربس". وعمل رايلي كمستشار بدوام جزئي لدى وحدة الدفاع في شركة بوسطن للاستشارات، والتي تم طرد العسكريين السابقين، مات شلوتر، ورايان أوروداي، منها. واستخدم رايلي مخططاً أولياً وضعه فريق شلوتر في نهاية عام 2024، لتأسيس شركة "الوصول الآمن للحلول" Safe Reach Solutions، وهي الشريك الأمني لمخطط توزيع المساعدات الإنسانية. مؤسسة غزة الإنسانية تم إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية في محاولة لجمع تمويل للعملية من حكومات أجنبية، وبعد ذلك، انتقل فريق بوسطن للاستشارات، المؤلف من نحو 10 موظفين، إلى تقديم تخطيط أعمال أكثر تفصيلاً لمؤسسة غزة الإنسانية، والشريك الأمني الذي أسسه رايلي Safe Reach Solutions، والمعروفة اختصاراً بـSRS. وبحسب أشخاص مطلعين على القرار، وبحسب ملفه الشخصي على منصة "لينكد إن"، أنهى فيل رايلي، دوره الاستشاري في الشركة، بعد أن أصبح عميلاً لدى بوسطن للاستشارات. وقادت وحدة الدفاع في مجموعة بوسطن للاستشارات، هذا العمل، واعتمدت بشكل أساسي على موظفين من مكتب الشركة في واشنطن. لكن المرحلة الأولى من العمل، والتي شملت المساعدة في إنشاء مؤسستي غزة الإنسانية GHF، والوصول الآمن للحلول SRS، تم تحميلها على قسم التأثير الاجتماعي في مجموعة بوسطن تحت إشراف مسؤول يدعى، ريتش هاتشينسون، الذي خصص أكثر من مليون دولار، على عدّة دفعات، لتغطية ساعات العمل المجانية التي قدّمها مستشارو الشركة. محاولة لتفادي "اتهامات التحيز" ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين، أنه تم الاتفاق على ما وصفته مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) بـ"الضوابط"، والتي نصّت على عدم إشراك مستشارين من الشرق الأوسط أو إسرائيل في المشروع، لتفادي أي اتهامات بـ"التحيز". وفي قرار محوري يعكس مدى تعمّق تورط الشركة، انتقلت النقاشات الداخلية داخل BCG بحلول يناير إلى مرحلة جديدة من العمل، ستتلقى الشركة بموجبه أجراً مقابل المساعدة في إنشاء عمليات مؤسسة غزة الإنسانية على الأرض، انطلاقاً من تل أبيب. وأعرب ريتش هاتشينسون، عن استعداده لتخصيص ميزانية من الأموال لمطابقة أي مدفوعات تتلقاها مجموعة بوسطن من مؤسسة غزة الإنسانية، وهي ممارسة تتيح فعلياً للشركة تقديم خدماتها للمؤسسات الخيرية بنصف السعر. لكن في نهاية المطاف، لم تأتِ العقود الخاصة بالمرحلة المدفوعة من العملية من مؤسسة غزة الإنسانية، بل من شركة "ماكنالي كابيتال" (McNally Capital)، وهي شركة استثمار خاص مقرها شيكاجو تمتلك شركة "أوربس" (Orbis) وكانت لها مصلحة اقتصادية في الكيان الجديد SRS، وفق أشخاص مطّلعين على الترتيبات. وفي إشارة إلى نداء الحكومة الأميركية لتقديم "حلول مبتكرة"، قالت شركة ماكنالي لـ"فاينانشيال تايمز"، إنها "سعيدة بدعم تأسيس SRS كخطوة مهمة نحو تلبية النطاق الكامل للاحتياجات الإنسانية في غزة". مصادر تمويل غامضة وتقول مؤسسة غزة الإنسانية، إنها وزّعت حتى الآن أكثر من مليون صندوق مساعدات في غزة، أي ما يزيد عن 58 مليون وجبة. ومع ذلك، بقيت المصادر النهائية لتمويل كل المؤسسة وشريكها الأمني، غامضة، حتى بالنسبة لبعض أعضاء فريق بوسطن للاستشارات. وفي مرحلة معينة، وتحديداً في أبريل الماضي، بدا أن التمويل قد جف، مما دفع العديد من المتعاقدين الأمنيين في SRS إلى العودة إلى بلدانهم. لكن مع ضمان رسومها من قبل شركة ماكنالي، بقيت بوسطن للاستشارات في تل أبيب لمواصلة أعمال التخطيط. وتم توقيع العقد الأولي مع شركة ماكنالي، في أوائل مارس، والتزمت بوسطن للاستشارات بموجبه بتقديم خدمات لمدة ثمانية أسابيع للمساعدة في بناء عمليات SRS، عبر فريق يضم ما لا يقل عن مستشارين اثنين على الأرض في تل أبيب، مقابل رسوم تجاوزت مليون دولار. وقد تم إدخال رمز مشروع جديد لهذا العمل في الأنظمة الداخلية للشركة. ومنح مسؤولي إدارة المخاطر بالشركة، الموافقات على السفر، رغم أنه لا يزال من غير الواضح إلى أي مستوى في التسلسل القيادي وصلت تلك الموافقات. وبحسب أشخاص مطلعين على الاجتماعات، أجرى شلوتر محادثات مع مدير المخاطر في شركة بوسطن وهو آدم فاربر، في شهر مارس. وفي منتصف مارس، سافر شلوتر من تل أبيب إلى باريس لحضور اجتماع قسم التأثير الاجتماعي لمناقشة المشروع، بحسب عدة مصادر. في تل أبيب، كان مستشارو بوسطن للاستشارات يساعدون الشريك الأمني لغزة الإنسانية، SRS في تطوير الجانب التجاري من عملياتها، بما في ذلك تقديم المشورة بشأن كيفية نقل الإمدادات إلى مواقع التوزيع، وتقييم العروض المقدمة من متعهدين محتملين في مجالي البناء والأمن، وتوفير إرشادات مالية. قطاع غزة بعد الحرب وقالت "فاينانشيال تايمز"، إنه رغم أن SRS لم تكن عميلاً تقليدياً، إلا أن نوعية هذه الخدمات كانت متوافقة مع الأعمال التجارية المعتاد لشركة بوسطن للاستشارات. لكن فريق شلوتر بدأ في أبريل 2024، في العمل على مشروع جانبي منفصل، وغير معتاد، وتم تنفيذه "من دون علم الإدارة العليا وبما يخالف تعليماتنا"، على حد وصف الشركة. وكان عدد من الداعمين الإسرائيليين لمبادرة إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية"، يعملون أيضاً على مخطط لغزة في فترة ما بعد انتهاء الحرب، وكيف يمكن إعادة إعمارها. نموذج مالي لتهجير الفلسطينيين وطلب الداعمون الإسرائيليون، من مجموعة بوسطن للاستشارات، إعداد نموذج مالي معقّد يمكن من خلاله اختبار مجموعة من السيناريوهات، بما في ذلك سيناريو يتم فيه "نقل أجزاء كبيرة من السكان الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة". وقبل ذلك بشهرين، كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اقترح إفراغ القطاع المدمر من سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون شخص، من أجل إعادة بنائه ليصبح "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو مخطط شبّهته منظمات حقوقية ومسؤولون في الأمم المتحدة بالتطهير العرقي. وتضمن "نموذج بوسطن" افتراضات بشأن تكاليف عمليات التهجير الطوعي لسكان غزة، وإعادة بناء المساكن المدنية، واستخدام نماذج تمويل مبتكرة مثل "ترميز" العقارات عبر تكنولوجيا البلوكتشين. كما أتاح النموذج حساب احتمالات الناتج المحلي الإجمالي الناتج عن جهود إعادة الإعمار. وفي السيناريو المفترض لما أسمته الشركة بـ"التهجير الطوعي"، كان من المقرر منح سكان غزة حزمة مالية للخروج من القطاع، تشمل 5 آلاف دولار، وإيجاراً مدعوماً لمدة أربع سنوات، وغذاءً مدعوماً لمدة عام. وافترض النموذج أن ربع سكان غزة سيغادرون، وأن ثلاثة أرباع من تم تهجيرهم لن يعودوا أبداً. وزعم أحد الأشخاص المطلعين على تفاصيل العمل: أنه "لا إكراه، والخطة لا تهدف إلى تحفيز الناس على المغادرة. نسبة الـ25% هي مجرد رقم افتراضي. القرار سيكون لشعب غزة. ليست هناك خطة لإفراغ غزة". وأظهر النموذج، أن تكلفة إعادة التوطين خارج غزة أقل بـ23 ألف دولار للفرد مقارنةً بتكلفة تقديم الدعم للفلسطينيين داخل القطاع خلال مرحلة إعادة الإعمار. جدالات بشأن المخطط وبحسب عدة مصادر مطلعة على المخطط، وفق "فاينانشيال تايمز"، فإن فريق بوسطن لم يكن هو من صمّم المخطط العام لما بعد الحرب، بل قام فقط بوضع النماذج المالية له. لكن مجرّد وجود هذا المشروع أثار جدلاً واسعاً داخل الشركة عند الكشف عنه في أواخر مايو الماضي، بسبب المخاطر المرتبطة بالظهور و"كأن الشركة متورطة في خطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين". وقال شلوتر لزملائه، وفق عدة مصادر مطلعة على مجريات الأحداث، حسبما نقلت "فاينانشيال تايمز"، فإن هذا العمل يندرج ضمن العقد القائم مع شركة ماكنالي ولا يتطلب موافقات جديدة. وفي حين استمر موظفو بوسطن للاستشارات في العمل بدعوى "إيصال المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة المحاصر والمعزول عن الإغاثة بسبب الحصار الإسرائيلي"، فإن المعارضة داخل مجتمع مؤسسات الإغاثة الإنسانية، اشتدت بشكل ملحوظ خلال شهر أبريل. وبعد أن تبيّن أن المنظمات غير الحكومية لن تقدم مساعدات للتوزيع، وحينها بدأ موظفو مجموعة بوسطن بمساعدة مؤسسة SRS في التخطيط لعمليات شراء الإمدادات الغذائية بأنفسهم، بحسب "فاينانشيال تايمز". وأثار التحول في طبيعة العمل، قلق أحد أعضاء الفريق، حيث عبّرت عن مخاوفها من أن مؤسسة SRS غير مؤهلة لتنفيذ عملية بهذا التعقيد، وأن المشروع "بدأ ينحرف عن المبادئ الإنسانية". ووفقًا لعدة مصادر، فإن التوتر الذي نشأ بينها وبين SRS أدى إلى إقصائها من المشروع. أما بالنسبة لمن بقوا في المشروع، فقد كانت وتيرة العمل مكثفة. إذ أُدرج عدد من أعضاء فريق بوسطن في تل أبيب ضمن "تقرير المنطقة الحمراء" الخاص بالشركة، والذي يضم أسماء الموظفين الذين عملوا لأكثر من 70 ساعة أسبوعياً. ويُوزع هذا التقرير على نطاق واسع داخل الشركة لتنبيه الشركاء الذين قد يُفرطون في إنهاك الموظفين الأصغر سناً. واستمرت SRS في اعتمادها الكبير على الاستشارات التجارية من بوسطن، ما دفع شركة ماكنالي إلى تمديد العقد لشهرين إضافيين في أوائل مايو، تزامناً مع استعداد العملية للبدء بتوزيع المساعدات. وبحسب أشخاص مطلعين، فقد سمح دعم شركة الاستثمار الخاص بإيفاد ثلاثة مستشارين أميركيين إضافيين من مجموعة بوسطن إلى تل أبيب، ما رفع إجمالي الرسوم التي كانت الشركة تعتزم فرضها إلى نحو 4 ملايين دولار. بوسطن للاستشارات تسحب فريقها من إسرائيل وتزامن هذا التوسع مع الإطلاق العلني لمؤسسة غزة الإنسانية، بعد موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي، ومع إدانة من الأمم المتحدة للمشروع، بدأ مشروع "أورورا" (Aurora) بجذب اهتماماً وتدقيقاً أكبر داخل شركة بوسطن للاستشارات. وقالت "فاينانشيال تايمز"، إن المخاوف تزايدت مع نشر الصحف الأميركية تقارير عن دعم إسرائيل لخطة مؤسسة غزة الإنسانية. وفي 25 مايو، تم اتخاذ القرار بسحب الفريق من تل أبيب، وإنهاء العمل، وعدم تحصيل المبالغ التي تم إصدار فواتير بها. وفي اليوم نفسه، وقبيل افتتاح أول مركز لتوزيع المساعدات، قدّم جيك وود، الرئيس التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية، استقالته، معلناً أن المشروع "يتعارض مع المبادئ الإنسانية، وخاصة مبدأ الحياد". وفي اجتماع شركاء بوسطن العالميين الكبار في فيينا بتاريخ 28 مايو الماضي، تم استجواب كل من شلوتر وأوردواي بشأن تفاصيل المشروع. وبحلول الثالث من يونيو الماضي، حين نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً يفيد بأن بوسطن للاستشارات انسحبت من المشروع، وهو ما كان أول إعلان علني عن تورط الشركة، كانت الشركة قد قررت بالفعل وضع الرجلين في إجازة إدارية. وطُلب منهما تقديم استقالتيهما في الرابع من يونيو الماضي. وتتعاون الآن شركة المحاماة الخارجية "ويلمر هيل" (WilmerHale) مع الفريق القانوني في بوسطن للاستشارات، للتحقيق فيما وصفه الرئيس التنفيذي كريستوف شفايتسر بـ"إخفاقات إجرائية". وقال شفايتسر في رسالته الأخيرة إلى موظفي الشركة: "نتعامل مع هذه المسألة بجدية وبأقصى قدر من العجلة، لنتعلم منها ونضمن عدم تكرارها". وأضاف: "طموحنا كان ولا يزال المساهمة في استجابات إنسانية فاعلة ومتعددة الأطراف ومستدامة. ونحن ملتزمون بتجسيد قيمنا، مع تحمّل المسؤولية عن إخفاقاتنا، وبالتحلي بالتواضع في كيفية المضي قدماً". انتقادات أممية لمؤسسة غزة الإنسانية وحذر برنامج الأغذية العالمي، السبت، من أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص في غزة، لا يحصل على طعام لأيام، ما يضع المزيد من الناس في خطر المجاعة. وأوضح بيان للبرنامج التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من 700 ألف شخص أجبروا على النزوح منذ مارس الماضي، فيما أظهرت تقارير أن نحو 85% من قطاع غزة منطقة قتال نشط. وقالت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، إن مجمع ناصر الطبي في غزة، تحول إلى "جناح واحد ضخم لعلاج الإصابات"، بعد تدفق الحالات التي تصاب في مواقع توزيع الأغذية التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية غير التابعة للأمم المتحدة. وبدأت المؤسسة، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، توزيع طرود غذائية في غزة بنهاية مايو الماضي، وأشرفت على نموذج توزيع مساعدات جديد وصفته الأمم المتحدة بأنه غير محايد وغير منصف. وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، فقد لقي ما لا يقل عن 613 فلسطينياً حتى 27 يونيو، مصرعهم، حول نقاط توزيع المساعدات، التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، وبالقرب من قوافل الإغاثة الإنسانية في القطاع. وأوضحت المفوضية، أن 509 فلسطينيين، من بين الإجمالي البالغ عددهم 613 شخصاً، لقوا حتفهم بالقرب من نقاط مؤسسة غزة الإنسانية لتوزيع الأغذية. ووصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، الخميس، مؤسسة غزة الإنسانية بأنها "فخ موت مصمم لقتل أو تهجير الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن "إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أكثر عمليات الإبادة الجماعية وحشية في التاريخ الحديث". وكانت وكالة "أسوشيتد برس"، أفادت نقلاً عن متعاقدين أميركيين يعملون لصالح المؤسسة قولهم، إن المتعاقدين الذين يحرسون مواقع توزيع المساعدات في قطاع غزة، "يستخدمون الذخيرة الحية والقنابل الصوتية"، بينما يتدافع الفلسطينيون الجائعون للحصول على الطعام. وأضاف المتعاقدان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما، أن "أفراد الأمن الذين جرى توظيفهم غالباً ما يكونون غير مؤهلين أو غير خاضعين للتدقيق، ومسلحين تسليحاً ثقيلاً، ويبدو أن لديهم حرية مطلقة لفعل ما يريدون". رفض عربي لتهجير الفلسطينيين وفي أبريل الماضي، دعا وزراء خارجية المجموعة العربية الإسلامية خلال لقائهم في مدينة أنطاليا جنوب غرب تركيا، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأعلنوا رفض تهجير الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم، ودعوا إلى تأسيس دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، ودعم جهود السلام على هذا الأساس، ورفض ربط دخول المساعدات إلى قطاع غزة بوقف النار. وجدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، رفض فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، قائلاً إن هذا يمتد لكافة أشكال التهجير، بما في ذلك "الطوعي، لأنها ليست طوعية أساساً". وقال إن "أي تهجير تحت أي ذريعة مرفوض رفضاً قاطعاً وأي طرح يحاول أن يضع إجبار الفلسطينيين على المغادرة، أو إتاحة الفرصة للفلسطينيين بمغادرة طوعية هذا مجرد التفاف على الحقيقة واستذكاء". وفي 4 فبراير الماضي، أرسل خمسة وزراء خارجية عرب وممثل عن السلطة الفلسطينية، رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أكدوا فيها على تطلعهم لـ"حل عادل للقضية الفلسطينية"، فيما ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي، أن المسؤولين العرب أعربوا فيها عن رفضهم خطط تهجير سكان غزة، وطالبوا، بدلاً من ذلك، بإشراك الفلسطينيين في عملية إعادة إعمار القطاع. وتعد الرسالة جزءاً من جهد مشترك لـ"السداسية العربية"، التي أعربت عن رفضها لتهجير سكان غزة، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن عزمه نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن. وفي مطلع فبراير الماضي، اجتمع وزراء خارجية المملكة السعودية، والإمارات، وقطر، ومصر، والأردن بالإضافة إلى نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، في القاهرة، وقرروا إرسال رسالة إلى روبيو، يجري تسليمها إلى وزارة الخارجية الأميركية، من قبل سفراء الدول العربية الخمس. وشدد الوزراء العرب في الرسالة على أن "الفلسطينيين سيعيشون في أرضهم وسيساعدون في إعادة بنائها، ولا ينبغي حرمانهم من قدرتهم على اتخاذ القرار أثناء عملية إعادة الإعمار، كما يجب أن يتولوا مسؤولية هذه العملية بدعم من المجتمع الدولي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store