logo
الباحث والمفكر بشار معروف لـ 'البلاد': تجربة دخول رجال الدين في العمل السياسي فاشلة

الباحث والمفكر بشار معروف لـ 'البلاد': تجربة دخول رجال الدين في العمل السياسي فاشلة

أكد الباحث والمفكر الحائز جائزة الملك فيصل العالمية بشار معروف لـ 'البلاد'، أن من أسوأ التجارب التي شهدتها المنطقة العربية هي دخول رجال الدين في معترك العمل السياسي، حيث يخلط الدين بالأهداف السياسية والإيديولوجية.
وأشار معروف إلى أن انجرار الشباب للتصادم الديني والمذهبي هو نتيجة سياسات توظفها بعض الدول الإقليمية والعالمية لإذكاء الفرقة، وكذلك ما ينشر من مغالطات في منصات التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية، مؤكدا أهمية دور العلماء في تنوير المجتمع، لاسيما الشباب.
ما رسالتك للأمة الإسلامية في ظل الظروف الراهنة؟
رسالتي هي أنه لا مانع لدينا من أن يحتفظ كل مذهب من المذاهب بأصوله، ولكن دون أن يعتدي على الآخرين، أو يحاول أن يشوش على أمن الدول أو أمن الفئات الأخرى، ولا على أصحاب المذاهب الأخرى.
فالأمة، كما ترى، يتكالب عليها الكثيرون من كل حدب وصوب، ولذلك فإن مملكة البحرين قيادة وشعبا لها كل الشكر والتقدير على ما تسعى إليه من محاولة لرأب الصدع، وتوحيد الكلمة قبالة مختلف التحديات.
كما أن بعض السياسيين يوظفون مصالحهم الفئوية الضيقة على حساب الشعوب، بالإضافة إلى مساعيهم في قلب أنظمة الحكم المستقرة التي تعنى بشعوبها، سواء من هذه الطائفة أو تلك. ولذلك، فإن هذا المؤتمر بجلساته وتوصياته، والنتائج التي خلص إليها، يأتي لحل هذا الإشكال، مع اجتماع علماء الأمة الإسلامية من جميع المذاهب، وبوحدة نأمل بها جميعا.
كيف تصف حال الأمة الإسلامية اليوم؟
تمر الأمة بظروف حالكة سببها التناحر بين شعوبها ومذاهبها المختلفة، ومحاولة توظيف الطائفية في الأجندات السياسية، كما يسعى البعض في عدد من الدول المستقرة لإحداث نوع من البلبلة بها، على الرغم من أن هذه الدول يشهد لها بعنايتها بشعوبها، وبعلاقاتها الطيبة مع الجميع، مثل مملكة البحرين.
لقد سعينا في المؤتمر الإسلامي الذي احتضنته البحرين لتعزيز ثقافة العيش المشترك، الذي سيؤدي إلى تكريس السلم الاجتماعي، وهو يمثل الأرضية الأساسية لازدهار الدول، وليعيش الناس في سلام واطمئنان، بحيث يحتفظ كل فرد بمذهبه ومعتقداته، دون أن يسيء للآخرين، أو يسعى لتوظيف ذلك في أمور سياسية.
بماذا تصف دخول رجال الدين في العمل السياسي؟
من أسوأ التجارب التي شهدتها المنطقة العربية هي دخول رجال الدين في معترك العمل السياسي، وأصفها بالفاشلة، إذ يُخلط الدين بالأهداف السياسية والإيديولوجية. ونحن نعلم أن هناك بعض الدول التي تدعي الإسلام، لكنها توظف الدين علنا لأغراض سياسية. وقد أثبت التاريخ عموما أن هذا الأمر مدمر للأوطان وسبب لخراب الشعوب. وأنا لست من مؤيدي ذلك.
ويبقى الناس الذين قال عنهم عبدالله بن المبارك، رحمه الله، في جوابه حين سُئل عن أسوأ الناس، حيث قال 'ذلك الذي يأكل بدينه'.
لماذا ينجر الشباب في منصات التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية بسهولة إلى التصادم بين الأديان والمذاهب؟
هذا أمر واقع، ولقد تزايد بشكل كبير في العشرين سنة الأخيرة. وسببه تصدير بعض الدول الإقليمية والعالمية لهذه المسائل وتشجيعها عليها، تقابلها نظرة أخرى من العالم تجاه المسلمين، إذ يسعون إلى زعزعة إيمان المسلمين بدينهم، ويستغلون بعض الأشخاص الذين يدعون الإسلام للإساءة إلى الإسلام، على أساس 'الفعل ورد الفعل'.
ولذلك، كان الإمام مسلم في صحيحه دائما يقول، إن الرد على ساقطي القول قد يشهر قولهم، فالأفضل هنا ألا ترد على ما يقولونه. وعليه، فإن تناحر المذهبين بينهما يؤدي إلى مزيد من التمزيق للأمة الإسلامية.
هل ترى أن تحقيق التقارب بين المذاهب الإسلامية أمر في نطاق الممكن؟
تغيير العقائد أمر لا يستطيع عليه أحد، ولكن الممكن هو الاتفاق على مبادئ العيش المشترك، دون إساءة طرف لطرف آخر، بحيث يؤمن كل بطائفته ومبادئها.
ما أكثر ما يواجهه الشباب الإسلامي اليوم؟
التناحر بين المذاهب الإسلامية، وكثرة الأحاديث الضعيفة، وما يُنشر في منصات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى إضعاف إيمان البعض بالإسلام واتجاههم إلى الإلحاد. وهذا أمر بالغ الخطورة والأسف. وعليه، فإن دور العلماء ورجال الدين في هذا الأمر مهم، بأن يكونوا قدوة حسنة لغيرهم، لاسيما للشباب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المرأة والإعلام الرقمي وعد أن لا يترك أي صوت في الظلام
المرأة والإعلام الرقمي وعد أن لا يترك أي صوت في الظلام

الوطن

timeمنذ 12 ساعات

  • الوطن

المرأة والإعلام الرقمي وعد أن لا يترك أي صوت في الظلام

منى علي المطوع بدأت كلامها بالإشادة بشعار مؤتمر المرأة الإقليمي وحرص القائمين على وضع صورة امرأة محجبة تمثل حقيقة ومظهر المرأة العربية المسلمة على أرض الواقع وقالت: بسبب كارثة حرب الكويت فكرنا بالعمل التطوعي في مملكة البحرين وأول ما بدأنا بالتطوع قالوا لي ستضيعين شبابج، وبدأت جمعية النور للبر من غرفة واحدة صغيرة، ومن خلال إنشاء لجنة البناء حيث قامت وزارة الداخلية بتعليمنا المسح للمنازل وأول منزل رممناه كان بقيمة 15 ألف دينار في حالة بو ماهر بالمحرق، ومن هذه الخطوة اهتم سمو رئيس الوزراء الراحل خليفة بن سلمان رحمه الله بتطويرها وأصبحت اليوم المنطقة متطورة. بتلك الكلمات بدأت سعادة الشيخة لولوة بنت خليفة بن علي آل خليفة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية النور للبر مداخلتها خلال مؤتمر المرأة والمسؤولية المجتمعية الثامن في الدول العربية 2025 وقد ذكرت قصة عن العمل التطوعي عندما صادف أنها كانت في بيروت خلال فترة الصيف، وكانت سواحل بيروت في حال يرثى لها، وطلبوا من السفير السويسري وبكل جرأة أنهم يحتاجون دعماً لتنظيف السواحل، وقام السفير بنفسه بالنزول مع سبع مدارس لتنظيف السواحل نهاراً، وقد منحوا للطلبة شهادة داعمة لهم في التخرج، وشددت أنها تتمنى أن يصل كلامها لوزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة بأهمية تشجيع الطلبة على العمل التطوعي خلال فترة الصيف وكذلك أن يتولى أولياء الأمور أخذهم إلى الجمعيات التطوعية بدلاً من البقاء طيلة الوقت على الهواتف حيث تكثر الجريمة فالدول قامت على العمل التطوعي، كما أنه ينشر التماسك المجتمعي كما ذكرت أن طلبة من جامعة البحرين تطوعوا مع الجمعية في بناء منزل في مدينة حمد، ولا ننسى أن الإسلام حث على العمل التطوعي وله أجر عظيم. ما لفت انتباهنا في هذا المؤتمر الإقليمي الذي يأتي لأجل تسليح المرأة في مجتمعاتنا العربية بتعلم استخدام منصات الإعلام الرقمي واستخدامه لتطويرها علمياً وأكاديمياً وثقافياً واقتصادياً ما ذكرته الخبيرة في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية د. أمل الجودر وهي تعرض قصة الفتاة نور التي استطاعت النجاح وخرجت من حياة الأرياف البسيطة لتصبح من أبرز النساء الناجحات؛ بسبب منصات الإعلام الرقمي الذي وعد أن لا يترك أي صوت في الظلام بعد الآن كما أن ما بينته الدكتورة أحلام القاسمي بأن من مكاسب الإعلام الرقمي إيصال المرأة سياسياً وخلق اتجاهات تشجع وجودها السياسي كما بينت أن دول الخليج مستقبلاً ستكون رائدة في التحول إلى المدن الذكية. الإعلام الرقمي اليوم بإمكانه إيصال أي قضية وأي مشروع وأي موضوع إلى مدى كبير جداً للغاية لا حدود له، وإلى مجتمعات كان من المحال أن تصل إليها عبر وسائل الإعلام التقليدية، كما أن الشخص الذي لا يجيد استخدام منصات الإعلام الرقمي والتطبيقات يعتبر إنساناً أمياً، إنها فرصة طموحة حتى لبناء المرأة اقتصادياً وتمكينها وكسر نمطية ظهور المرأة المعتاد وبإمكان أي امرأة في أي مجتمع بالأخص مجتمعات الأرياف والمجتمعات المحافظة أن تدير عملها الخاص من خلال منصة رقمية من داخل منزلها دون الحاجة حتى لتظهر وجهها أو شكلها وأن تكون مؤثرة رقمية ومشهورة ولها أعمال ريادية ناجحة على مستوى العالم. إحساس عابر:ما تميز به هذا المؤتمر الإقليمي حصول معالي الشيخة لمياء بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس إدارة جمعية النور للبر والشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة المدير العام لمعهد الإدارة العامة بمملكة البحرين على وسام المرأة العربية القيادية للمسؤولية اجتماعياً من الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية وتقليد سعادة الشيخة لولوة بنت خليفة بن علي آل خليفة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية النور للبر سفيراً للمسؤولية المجتمعية وهو تقدير كبير لجهود المرأة البحرينية في ميادين العمل التطوعي على المستوى العربي والإقليمي.

مثلث التحولات في كوالالمبور
مثلث التحولات في كوالالمبور

البلاد البحرينية

timeمنذ 13 ساعات

  • البلاد البحرينية

مثلث التحولات في كوالالمبور

تطل العاصمة الماليزية كوالالمبور اليوم على خريطة العالم كمنصة صاعدة لإعادة هندسة العلاقات الآسيوية الخليجية، وسط مشهد دولي يمور بالتحولات والتقلبات. تتقاطع فيها ثلاثة خطوط استراتيجية: تنامي النفوذ الصيني، وتطلع دول الخليج إلى تنويع شراكاتها خارج الغرب، وصعود رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) ككتلة ديناميكية متعددة الثقافات. عند نقطة التماس بين هذه المحاور، تشكّلت قمة الخليج وآسيان – ومعها الصين – لا كمجرد تظاهرة دبلوماسية، بل كصورة مكثّفة لتحول مركب في الجغرافيا السياسية والاقتصادية والثقافية... تحول يتخذ من كوالالمبور رأسًا لمثلث يتوسع بثبات. البيانات التجارية لعام 2024 ترسم خطوط هذا التحول بدقة: بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وآسيان 963 مليار دولار أميركي، بينما سجل بين دول الخليج وآسيان 130.7 مليار دولار أميركي، ولامس حجم التجارة بين الصين والخليج 298 مليار دولار أميركي. هذه ليست مجرد أرقام، بل إشارات إلى تشكُّل فضاء اقتصادي مشترك يتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية، ويقوم على المصالح المتقاطعة والفرص المتبادلة، خصوصًا في مجالات الرقمنة، وأمن الطاقة، والبنية التحتية. آسيان، ببنيتها التوافقية ونموذجها التنموي، باتت وجهة استراتيجية للخليج الساعي لتجاوز الاعتماد على عائدات النفط والغاز، نحو مسارات أكثر استدامة. مع توقيع معاهدة الصداقة والتعاون مع آسيان، باتت العواصم الخليجية ترى في كوالالمبور بوابة إلى جنوب جديد يعجّ بالإمكانات والتوازنات. على المستوى الثقافي، يتيح التفاعل بين الإسلام الملايوي وروح الخليج المنفتحة بناء خطاب حضاري مشترك يراهن على التعليم، والسياحة، والابتكار الثقافي. ليس الأمر تلاقحًا عابرًا، بل بناء لهوية آسيوية إسلامية مرنة، تتجاوز الانقسامات وتعزز الدبلوماسية الشعبية. أما من حيث العمق السياسي، فإن القمة تمثل تحررًا من نماذج الاستقطاب القديمة. كما أشار المفكر الروسي ألكسندر دوغين، فإن العالم المتعدد الأقطاب يتشكل من مراكز توازن لا من مركز هيمنة. وها هي ماليزيا، بعقلانيتها البراغماتية وروحها التوفيقية، تطرح نموذجًا ثالثًا لا يقع في فخ الانحياز بل يحتضن التعدد. الخليج، إذ يشارك بفاعلية في هذا المشهد، لا يملك ترف التردد. لم يعد الغرب هو النجم القطبي الوحيد، ولم تعد معادلات الأمس صالحة لغدٍ يتشكل على إيقاع جديد. اللحظة تفرض الانتقال من شعار التنويع إلى ممارسة التكامل، ومن الهامش إلى القلب. وهنا، تتجلى كوالالمبور لا كمجرد مدينة مستضيفة، بل كنقطة التقاء استثنائية لثلاث قوى تصوغ معًا ملامح عالم جديد. في هذا المثلث، حيث تتقاطع طرق التجارة، ومفاهيم التنمية، وتيارات الفهم الحضاري، بدأت تحولات القرن تُرسم بهدوء. تحولات لا تُقاس فقط بما سيجرى في القمة، بل بما ستنقله كوالالمبور من معانٍ ورسائل، في طريق لا ينتهي عند البيان الختامي... بل يمتد نحو المستقبل.

لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟
لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟

البلاد البحرينية

timeمنذ 6 أيام

  • البلاد البحرينية

لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟

استعدادًا لقمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي ستُعقد في أوزبكستان في مايو 2025، يطرح السؤال نفسه: ماذا تهدف إليه هذه الدول من خلال تعزيز العلاقات بين المنطقتين؟ وما هي الفرص المتاحة؟. تمثل القمة القادمة الحلقة الثانية التي تجمع الطرفين، بعد انعقاد الأولى في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في عام 2023. وقد أسفرت أول قمة عن صدور خطة عمل مشتركة تغطي الفترة من 2023 إلى 2027، تضمنت عددًا من المحاور الأساسية التي تنظم العلاقة بين دول مجلس التعاون ونظرائها في آسيا الوسطى. وكان أول محور هو الحوار السياسي - الأمني، الذي تناول قضايا مختلفة، من بينها سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، سواء على أساس ثنائي يجمع المنطقتين، أو على أساس دولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي. فقد بذلت دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهودًا كبيرة للتصدي لتحدي الإرهاب على مدى السنوات الـ25 الماضية، شملت منع تمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين. ومع ذلك، فإن وضع تلك الجهود تحت مظلة تعاونية من شأنه أن يعزز كفاءتها، وذلك بسبب قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود السياسية، تهربًا من جهود أي دولة تعمل بمعزل عن تنسيق مع الدول الصديقة. وعلى الصعيد الاقتصادي-الاستثماري، عبّر الطرفان عن رغبة في إحداث قفزة نوعية في حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، في ظل وجود فرص متعددة في مجال الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة. فإحدى نقاط القوة لدى دول آسيا الوسطى تكمن في ثرواتها الطبيعية، خصوصًا المعادن النفيسة التي تُستخدم في البطاريات الحديثة، والتي أصبحت حلقة محورية في سلسلة توليد وتفعيل الطاقة النظيفة. ومن الجانب الخليجي، فإن دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طورت قدرات متقدمة في مجال رسم وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن التعاون مع دول آسيا الوسطى يُعد أمرًا منطقيًا ضمن سلاسلها التنموية. وأحد أسباب رغبة الطرفين في تنمية العلاقات في مختلف الأبعاد هو التجانس الثقافي والقيمي بينهما. إذ يُعد الإسلام التيار الديني المهيمن في المنطقتين، وقد انتشر إلى آسيا الوسطى وترسخ أساسًا بفعل التجارة والدعوة السلمية خلال القرون الوسطى. ونتيجة لذلك، يشعر سكان المنطقتين بألفة وأمان عند السفر من دولتهم إلى إحدى دول المنطقة الأخرى، وقد شهدت الحركة السياحية بين الخليج وآسيا الوسطى نموًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية. ومهّد هذا التبادل البشري لتوسيع إطار التعاون ليشمل التعليم والرياضة والإعلام وشؤون الشباب، وتخطط دول المنطقتين لتحقيق المزيد من المكاسب في هذا السياق. ومثل هذا التبادل يُولّد الثقة بين الطرفين، وهي من أهم العوامل التي تدفع دول الخليج العربي لاختيار دول آسيا الوسطى شريكًا في مجال الأمن الغذائي، الذي يُعد ملفًا حساسًا للغاية. فقد أظهرت أزمات مثل جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أهمية تنويع مصادر المواد الغذائية للدول الخليجية، التي تواجه صعوبات في تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيًا، بسبب المناخ الصحراوي، وشح الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة المياه الجوفية. وقد دفع ذلك الدول الخليجية إلى الاستثمار في القطاعات الغذائية لدى دول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع المكمل لذلك، وهو الشبكات اللوجستية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن استثمارات جديدة في الموانئ لدى تلك الدول على بحر قزوين. في ضوء ما سبق، يتضح أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى ليست مجرد تقارب دبلوماسي مؤقت، بل هي توجه استراتيجي طويل الأمد، يستند إلى مصالح متبادلة وتكامل في الموارد والرؤى. ومن خلال البناء على ما تحقق منذ قمة جدة، تُعد قمة سمرقند المقبلة فرصة حقيقية لترسيخ شراكة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأمن والتنمية والهوية الثقافية المشتركة. وإذا ما وُضعت الآليات المناسبة لمتابعة التنفيذ وتجاوز العوائق البيروقراطية، فإن هذه العلاقة مرشحة لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون بين التكتلات الإقليمية المتقاربة في التطلعات والتحديات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store