
لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟
استعدادًا لقمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي ستُعقد في أوزبكستان في مايو 2025، يطرح السؤال نفسه: ماذا تهدف إليه هذه الدول من خلال تعزيز العلاقات بين المنطقتين؟ وما هي الفرص المتاحة؟.
تمثل القمة القادمة الحلقة الثانية التي تجمع الطرفين، بعد انعقاد الأولى في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في عام 2023. وقد أسفرت أول قمة عن صدور خطة عمل مشتركة تغطي الفترة من 2023 إلى 2027، تضمنت عددًا من المحاور الأساسية التي تنظم العلاقة بين دول مجلس التعاون ونظرائها في آسيا الوسطى.
وكان أول محور هو الحوار السياسي - الأمني، الذي تناول قضايا مختلفة، من بينها سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، سواء على أساس ثنائي يجمع المنطقتين، أو على أساس دولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي. فقد بذلت دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهودًا كبيرة للتصدي لتحدي الإرهاب على مدى السنوات الـ25 الماضية، شملت منع تمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين. ومع ذلك، فإن وضع تلك الجهود تحت مظلة تعاونية من شأنه أن يعزز كفاءتها، وذلك بسبب قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود السياسية، تهربًا من جهود أي دولة تعمل بمعزل عن تنسيق مع الدول الصديقة.
وعلى الصعيد الاقتصادي-الاستثماري، عبّر الطرفان عن رغبة في إحداث قفزة نوعية في حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، في ظل وجود فرص متعددة في مجال الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة. فإحدى نقاط القوة لدى دول آسيا الوسطى تكمن في ثرواتها الطبيعية، خصوصًا المعادن النفيسة التي تُستخدم في البطاريات الحديثة، والتي أصبحت حلقة محورية في سلسلة توليد وتفعيل الطاقة النظيفة. ومن الجانب الخليجي، فإن دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طورت قدرات متقدمة في مجال رسم وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن التعاون مع دول آسيا الوسطى يُعد أمرًا منطقيًا ضمن سلاسلها التنموية.
وأحد أسباب رغبة الطرفين في تنمية العلاقات في مختلف الأبعاد هو التجانس الثقافي والقيمي بينهما. إذ يُعد الإسلام التيار الديني المهيمن في المنطقتين، وقد انتشر إلى آسيا الوسطى وترسخ أساسًا بفعل التجارة والدعوة السلمية خلال القرون الوسطى. ونتيجة لذلك، يشعر سكان المنطقتين بألفة وأمان عند السفر من دولتهم إلى إحدى دول المنطقة الأخرى، وقد شهدت الحركة السياحية بين الخليج وآسيا الوسطى نموًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية. ومهّد هذا التبادل البشري لتوسيع إطار التعاون ليشمل التعليم والرياضة والإعلام وشؤون الشباب، وتخطط دول المنطقتين لتحقيق المزيد من المكاسب في هذا السياق.
ومثل هذا التبادل يُولّد الثقة بين الطرفين، وهي من أهم العوامل التي تدفع دول الخليج العربي لاختيار دول آسيا الوسطى شريكًا في مجال الأمن الغذائي، الذي يُعد ملفًا حساسًا للغاية. فقد أظهرت أزمات مثل جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أهمية تنويع مصادر المواد الغذائية للدول الخليجية، التي تواجه صعوبات في تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيًا، بسبب المناخ الصحراوي، وشح الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة المياه الجوفية. وقد دفع ذلك الدول الخليجية إلى الاستثمار في القطاعات الغذائية لدى دول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع المكمل لذلك، وهو الشبكات اللوجستية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن استثمارات جديدة في الموانئ لدى تلك الدول على بحر قزوين.
في ضوء ما سبق، يتضح أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى ليست مجرد تقارب دبلوماسي مؤقت، بل هي توجه استراتيجي طويل الأمد، يستند إلى مصالح متبادلة وتكامل في الموارد والرؤى. ومن خلال البناء على ما تحقق منذ قمة جدة، تُعد قمة سمرقند المقبلة فرصة حقيقية لترسيخ شراكة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأمن والتنمية والهوية الثقافية المشتركة. وإذا ما وُضعت الآليات المناسبة لمتابعة التنفيذ وتجاوز العوائق البيروقراطية، فإن هذه العلاقة مرشحة لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون بين التكتلات الإقليمية المتقاربة في التطلعات والتحديات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 3 أيام
- البلاد البحرينية
لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟
استعدادًا لقمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي ستُعقد في أوزبكستان في مايو 2025، يطرح السؤال نفسه: ماذا تهدف إليه هذه الدول من خلال تعزيز العلاقات بين المنطقتين؟ وما هي الفرص المتاحة؟. تمثل القمة القادمة الحلقة الثانية التي تجمع الطرفين، بعد انعقاد الأولى في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في عام 2023. وقد أسفرت أول قمة عن صدور خطة عمل مشتركة تغطي الفترة من 2023 إلى 2027، تضمنت عددًا من المحاور الأساسية التي تنظم العلاقة بين دول مجلس التعاون ونظرائها في آسيا الوسطى. وكان أول محور هو الحوار السياسي - الأمني، الذي تناول قضايا مختلفة، من بينها سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، سواء على أساس ثنائي يجمع المنطقتين، أو على أساس دولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي. فقد بذلت دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهودًا كبيرة للتصدي لتحدي الإرهاب على مدى السنوات الـ25 الماضية، شملت منع تمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين. ومع ذلك، فإن وضع تلك الجهود تحت مظلة تعاونية من شأنه أن يعزز كفاءتها، وذلك بسبب قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود السياسية، تهربًا من جهود أي دولة تعمل بمعزل عن تنسيق مع الدول الصديقة. وعلى الصعيد الاقتصادي-الاستثماري، عبّر الطرفان عن رغبة في إحداث قفزة نوعية في حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، في ظل وجود فرص متعددة في مجال الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة. فإحدى نقاط القوة لدى دول آسيا الوسطى تكمن في ثرواتها الطبيعية، خصوصًا المعادن النفيسة التي تُستخدم في البطاريات الحديثة، والتي أصبحت حلقة محورية في سلسلة توليد وتفعيل الطاقة النظيفة. ومن الجانب الخليجي، فإن دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طورت قدرات متقدمة في مجال رسم وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن التعاون مع دول آسيا الوسطى يُعد أمرًا منطقيًا ضمن سلاسلها التنموية. وأحد أسباب رغبة الطرفين في تنمية العلاقات في مختلف الأبعاد هو التجانس الثقافي والقيمي بينهما. إذ يُعد الإسلام التيار الديني المهيمن في المنطقتين، وقد انتشر إلى آسيا الوسطى وترسخ أساسًا بفعل التجارة والدعوة السلمية خلال القرون الوسطى. ونتيجة لذلك، يشعر سكان المنطقتين بألفة وأمان عند السفر من دولتهم إلى إحدى دول المنطقة الأخرى، وقد شهدت الحركة السياحية بين الخليج وآسيا الوسطى نموًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية. ومهّد هذا التبادل البشري لتوسيع إطار التعاون ليشمل التعليم والرياضة والإعلام وشؤون الشباب، وتخطط دول المنطقتين لتحقيق المزيد من المكاسب في هذا السياق. ومثل هذا التبادل يُولّد الثقة بين الطرفين، وهي من أهم العوامل التي تدفع دول الخليج العربي لاختيار دول آسيا الوسطى شريكًا في مجال الأمن الغذائي، الذي يُعد ملفًا حساسًا للغاية. فقد أظهرت أزمات مثل جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أهمية تنويع مصادر المواد الغذائية للدول الخليجية، التي تواجه صعوبات في تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيًا، بسبب المناخ الصحراوي، وشح الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة المياه الجوفية. وقد دفع ذلك الدول الخليجية إلى الاستثمار في القطاعات الغذائية لدى دول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع المكمل لذلك، وهو الشبكات اللوجستية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن استثمارات جديدة في الموانئ لدى تلك الدول على بحر قزوين. في ضوء ما سبق، يتضح أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى ليست مجرد تقارب دبلوماسي مؤقت، بل هي توجه استراتيجي طويل الأمد، يستند إلى مصالح متبادلة وتكامل في الموارد والرؤى. ومن خلال البناء على ما تحقق منذ قمة جدة، تُعد قمة سمرقند المقبلة فرصة حقيقية لترسيخ شراكة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأمن والتنمية والهوية الثقافية المشتركة. وإذا ما وُضعت الآليات المناسبة لمتابعة التنفيذ وتجاوز العوائق البيروقراطية، فإن هذه العلاقة مرشحة لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون بين التكتلات الإقليمية المتقاربة في التطلعات والتحديات.


البلاد البحرينية
منذ 6 أيام
- البلاد البحرينية
الشعبة البرلمانية": المملكة تدعم العمل البرلماني الإسلامي المشترك
اختتم وفد الشعبة البرلمانية لمملكة البحرين برئاسة معالي السيد أحمد بن سلمان رئيس مجلس النواب رئيس اللجنة التنفيذية للشعبة، مشاركته في أعمال الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والاجتماعات ذات الصلة، الذي انعقد في العاصمة جاكرتا بجمهورية إندونيسيا الشقيقة خلال الفترة من 12 حتى 15 مايو ، تحت عنوان "الحكم الرشيد والمؤسسات المتينة... كأساس للصمود". وشارك وفد الشعبة البرلمانية في الاجتماعات التشاورية لرؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية الخليجية والعربية، وأعمال الدورة التاسعة عشرة للاتحاد، واجتماعات اللجان الدائمة، بجانب المشاركة في اجتماع جمعية الأمناء العامين. وجاءت مشاركة وفد الشعبة البرلمانية انطلاقًا من دور الدبلوماسية البرلمانية البحرينية في دعم العمل الإسلامي المشترك، وتعزيز العلاقات البرلمانية الإسلامية، تنفيذًا للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ودعم ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. وضم وفد الشعبة البرلمانية المشارك في المؤتمر، كل من: الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة نائب رئيس الوفد عضو مجلس الشورى، النائب جليلة السيد علوي حسن رئيس لجنة الخدمات، الدكتور علي أحمد الحداد عضو مجلس الشورى، النائب جميل ملا حسن، النائب محمد حسين جناحي، والمهندس محمد إبراهيم السيسي البوعينين الأمين العام لمجلس النواب أمين سر اللجنة التنفيذية للشعبة البرلمانية. واختتمت أعمال المؤتمر بإصدار البيان الختامي وإعلان "جاكرتا".


البلاد البحرينية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
بفضل الرؤية الملكية السامية مملكة البحرين تشهد منظومة شراكة عصرية بين السلطات في دولة القانون والمؤسسات
أكد معالي السيد أحمد بن سلمان المسلم رئيس مجلس النواب، رئيس اللجنة التنفيذية للشعبة البرلمانية، أن مملكة البحرين، واستنادا إلى الحرص والرؤى السامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وضمن منظومة شراكة عصرية بين السلطات في الدولة، ووفق استراتيجية طموحة ومتجددة للحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تواصل جهودها الحثيثة، في بناء مجتمع معطاء، يشكل الرافد الأهم لمستقبل دولة القانون والمؤسسات، سعياً لتنفيذ رؤية البحرين 2030 . مشيرا معاليه إلى ما تحقق من أهداف رفيعة، ضمن تنمية التجربة الرائدة في مجال التعليم والرعاية الصحية والإسكان، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وإعطاء الشباب دورهم في بناء الدولة، وإطلاق المشاريع المتطورة كالتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، واستثمار الإمكانيات في معالجة التحديات كالأمن الغذائي والتغير المناخي. وأوضح معاليه أن مملكة البحرين عملت على دعم جهود السلام في المنطقة والعالم، وقدمت الكثير من المبادرات الدولية في مجال السلام والتسامح والتعايش السلمي وحقوق الإنسان، حيث احتضنت في فبراير الماضي مؤتمر: (الحوار الإسلامي الإسلامي: أمةٌ واحدةٌ ومصيرٌ مشتركٌ)، برعاية ملكية سامية. جاء ذلك خلال كلمة معالي رئيس مجلس النواب، رئيس اللجنة التنفيذية للشعبة البرلمانية، خلال الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والاجتماعات ذات الصلة، تحت عنوان "الحكم الرشيد والمؤسسات المتينة.. كأساس للصمود"، والتي افتتحت أعمالها اليوم الأربعاء في العاصمة جاكرتا، برعاية فخامة الرئيس "برابوو سوبيانتو"، رئيـــس جمهوريــــــة اندونيسيـــا الشقيقة، وبحضور معالي السيدة "بوان ماهاراني" رئيسة مجلس النواب بجمهورية أندونيسيا، رئيسة الدورة الحالية للاتحاد، وبمشاركة رؤساء وممثلي المجالس والبرلمانات العربية. وأوضح معاليه أنه تأكيدا على حيوية المؤسسات المتينة في ظل الحكم الرشيد، من أجل تطور وتقدم المجتمع، فقد واصل المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين، جهوده المتميزة، في تعزيز حقوق المرأة، وتحقيق التوازن، والوصول إلى مرحلة التقدم بعد نجاح مرحلة التمكين، ورفع نسبة مشاركة المرأة البحرينية في العمل السياسي والعمل الوطني العام، ورفع نسبة مساهماتها في الاقتصاد الوطني وحمايتها من كافة أشكال التمييز، إلى جانب تحقيق منجزات تشريعية وتنفيذية رائدة، في مجال رعاية الطفل والأسرة، وفق قوانين وتشريعات مستمدة من المبادئ الإسلامية، والثوابت الوطنية. مؤكدا معاليه موقف مملكة البحرين الثابت، في دعم حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، ومساندته في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. داعيا معالي رئيس مجلس النواب إلى تبني المؤتمر ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر الحوار الإسلامي – الإسلامي، الذي عقد في مملكة البحرين، من أجل تعزيز روابط التقارب والتفاهم بين أبناء وشعوب الأمة الإسلامية، بجانب ما جاء في إعلان القمة العربية الـ 33 "قمة البحرين" تأكيدا لدعم القضية الفلسطينية، القضية المركزية الأولى للأمة الإسلامية. وقد ضم وفد الشعبة البرلمانية المشارك في أعمال افتتاح المؤتمر، أصحاب السعادة: الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة نائب رئيس الوفد، عضو مجلس الشورى، والنائب جليلة السيد علوي حسن، رئيس لجنة الخدمات، والدكتور علي أحمد الحداد عضو مجلس الشورى، والنائب جميل ملا حسن، والنائب محمد حسين جناحي، والمهندس محمد إبراهيم السيسي البوعينين الأمين العام لمجلس النواب أمين سر اللجنة التنفيذية للشعبة البرلمانية.