
هكذا شوهت "ظواهر" طارئة نبل الرسالة الإعلامية وجعلتها مسخا قوامه التشهير والابتزاز
سمير الحيفوفي
في ظل الزخم الذي ولَّدته الثورة الرقمية، فقد مفهوم الإعلام القائم على الإخبار والإفهام كما كان سائدا في وقت سابق في المغرب البوصلة، وتاه معه الرأي العام، بعدما تطاولت "ظواهر" طارئة على مشهد اختلط فيه الحابل بالنابل، فكان أن انقسم إلى صحفيين تتلمذوا على مدارس تقدس الخبر، وبين مارقين يفترون على التعبير ويشوهون ملامحه، وهم يتجاوزن كل الخطوط ويدكون القوانين والأعراف والقيم والأخلاقيات دكا بجهلهم وجهالتهم.
وهكذا برزت "ظواهر" تنسب نفسها قسرا إلى الإعلام، وتشوه رسالته المقدسة قهرا، في حل من أي تعهدات أو مواثيق، بعدما وجدوا في العالم الرقمي، مطية يدخلون بها على بيوتات الناس، ليطلقوا الكلام على عواهنه، يهرفون بما لا يعرفون، ولا يلتزمون أدنى قواعد الحيادية، وغايتهم ليست تشكيل رأي عام أو رص الصفوف بقدر ما تنحاز إلى التربح من ريع الرقمنة، وإن تفتت عضد الناس وأوهنوا الوطن، كانعكاس لما يقترفونه، فإنهم لا يبالون بذلك.
وفجأة أصبح المشهد الإعلامي منقسما بين معشر الصحفيين وعشيرة المارقين، فكما أن الأوائل يزاولون الحرفة بتجرد وموضوعية، وتحت قيود القوانين والضوابط التي تحترم الرأي والرأي الآخر، وتدع للقاريء أو المتتبع، المساحة اللازمة لتشكيل رأيه، كل حسب ما نهل منه واعتبارا لتنشئته الاجتماعية، بينما الآخرون، يتلقفون المواضيع ويزجون بالذاتية فيها، يأدلجون ويمررون رسائلهم المسمومة، بلا حسيب ولا رقيب، في استغلال صارخ منهم للفوضى التي أصبحت سيدة الموقف وتعم العالم الرقمي.
وإذ يتحرى إعلاميو التكوين والصحفيون الذين هم بالسليقة يؤمنون بمقولة "ما لله لله وما لقيصر لقيصر"، فإن المارقين تراهم متربصين ومتلونين يتحولون من أقصى اليمين على أقصى الشمال يمجدون كل ما يخالف القانون وسلطته ويزدرون النبل المفترض في الصحفيين والإعلاميين عموما، حتى حادت الثورة الرقمية عن مسارها، عن سبق إصرار من الطارئين الجدد، وفقدت السيطرة على مفهوم الإخبار والإفهام، ليصبح مسخا متمثلا في التعرض للأعراض والتشهير والابتزاز، ومجالا لترويج الأخبار الزائفة.
ومع مرور الوقت تحول الاستثناء إلى قاعدة، فأصبح المارقون هم من يتسيدون المشهد ويبسطون هيمنتهم عليه، يسممون العقول، ويرمون بخزعبلاتهم على مرأى ومسامع الجميع، بعدما جعلوا من الإعلام عموما والصحافة خصوصا، رهينة مكبلة تحت أقدامهم، يدوسونها، ويدنسون رسالتهما المقدسة، في انتهاك صارخ لكل الأعراف، وفي تقعيد سافر لفوضى لا تخدم إلا النفوس المريضة التي تتدثر وراء متراس الإعلام والصحافة، لتقضي ما تراه يتماشى وفق أهوائها وينسجم وتصفية حساباتها الفردانية.
ولقد بلغ الوضع مبلغا، بعدما فُسِح المجال، للمارقين، وجرى التطبيع مع ما يعيثونه من فوضى وتسيب، فكان أن نبتت المواقع الإلكترونية والقنوات الـ"يوتيوبية" مثل الفطر، وانتشرت الميكروفونات وأصبح الجميع صحفيا، بلا صفة، وبلا تكوين، يؤتون سلوكيات تجعل الصحفيين الحقيقيين، ممن تشربوا قواعد واساسيات العمل الصحفي، وممن يعرفون المحاذير ويؤمنون بأن الرسالة الإعلامية سلاح ذو حدين، يربؤون بأنفسهم أن يكون ضمن مشهد يبعث على التقزز، والاشمئزاز.
ولأن الطبيعة لا تحب الفراغ، مثل الفراغ الذي خلفه تقاعس المؤسسات المعنية في ترتيب المشهد الإعلامي وتصويبه، فقد أصبح الوضع شائنا، لكنه أيضا ينذر بالأسوأ إذا ما ترك الحبل على الغارب، ولم تجفف منابع الفوضى وتجتث من المشهد الإعلامي المغربي، الشوائب التي لا تقيم وزنا للقيم ولنبل الرسالة الإعلامية، وتشوه مفهوم الإخبار والإفهام ليصبح معوجا وعاكسا للأخبار الزائفة وللتشهير والابتزاز وتصريف العداوات والضغائن، بما يضرب في الصميم الأمن الإعلامي للمغاربة قاطبة، ويجعلهم في مهب نزوات مرضى لا يبغون للوطن ولا للمواطنين خيرا، ولا يهم إلا أن يربوا حساباتهم من الـ"أدسنس".
أي نعم الآن أصبح الأمن الإعلامي للمغاربة مهددا قبل أي وقت مضى، لكن الأوان لم يفت بعد، وتطهير المشهد الإعلامي من جديد يمر وجوبا عبر إعمال القانون وجعله سيدا على الجميع، مثلما هو يسري على الصحفيين، وإذ لا يفقه المارقون أنه أيضا يسري عليهم، فإن في الزجر ما قد يفيد ويسد الطريق أمام المتهافتين على التربح من بيع الكلام بلا قيود، ومن تسويق الترهات، دون إيلاء الاهتمام للسر السحري والذي هو ليس كل ما يعرف يقال، إلا بعد التبين والتدقيق، وعدم مصادرة حق الآخر في الدفاع عن نفسه، لكن الطارؤون لا يفقهون ذلك لو يعلمون.
شارك المقال
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كواليس اليوم
منذ 3 أيام
- كواليس اليوم
تعزية ومواساة في وفاة والدة السيد كريم تاجموعتي، المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية
ببالغ الأسى وعميق التأثر، تلقينا في جريدة 'كواليس'، نبأ وفاة المشمولة بعفو الله ورضاه والدة السيد كريم تاجموعتي، المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية. وإذ نعزي السيد كريم تاجموعتي في هذا المصاب الجلل، فإننا نستحضر ما غرسته الفقيدة في ابنها من قيم رفيعة وتربية صالحة وحب للوطن، أثمرت واحدا من أبرز رجالات الدولة المغربية، رمزا للكفاءة والنزاهة والتفاني في خدمة الوطن. لقد أنجبت الراحلة رجلا قل نظيره، راكم تجربة مهنية وإدارية مشرفة، وقدم خدمات جليلة للإدارة المغربية، وهو ما يعكس عمق ما زرعته فيه والدته من أخلاق ومبادئ ستبقى خالدة في الأثر والسيرة. وبهذه المناسبة الأليمة، نسأل الله العلي القدير أن يشمل الفقيدة بواسع رحمته، وأن يسكنها فسيح جناته، ويلهم ذويها جميل الصبر وحسن العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون.


وجدة سيتي
منذ 6 أيام
- وجدة سيتي
عبد اللطيف الرامي: عنوان للعطاء المتعدد الأبعاد
اوحين يُذكر اسم عبد اللطيف الرامي، أو كما يُحب أن يعرّف نفسه بـ »رامي دعم » ، تقف الكلمات إجلالاً لرجل جعل من العلم رسالة، ومن النضال سلوكًا، ومن العمل الجمعوي والتربوي قضيّة يومية لا تنفصل عن نبض مجتمعه. عبداللطيف الرامي او رامي دعم كما يحلو له تسمية نفسه نظرا لارتباطه الوثيق بتقديم دروس الدعم في مادة الاجتماعيات مجانا للتلاميذ.سي عبداللطيف عنوان التألق في ميادين كثيرة ،جامع مانع ،فيه اجتمع النضالي بالنقابي والثقافي والتربوي والصحافي و الجمعوي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته والصلاة والسلام على خير الخلق سيدنا وحبيبنا محمد عليه افضل الصلوات والتسليم وعلى ٱله وصحبه اجمعين اما بعد: عزيزاتي اعزائي رواد هذه الصفحة المتواضعة التي اسستها خصيصا لتقديم شخصيات تاوريرتية مبدعة ومتألقة كل في اختصاصها رياضية كانت او ثقافية أو اجتماعية أو غير ذلك ،المهم هو ان يكون لها صيت شاع وذاع في ارجاء هذه البلدة العزيزة او خارجها ، معنا اليوم الاخ والصديق العزيز الاستاذ الطيب المتواضع والمسالم السيد الفاضل الاستاذ عبد اللطيف الرامي المنتمي ايضا لدوار المخزن كما يسمى عند سكانه والذي منحنا طاقات مبدعة كثيرة اسوة بالاخوان الحنبالي وبوروح وعماري وجمال هاشم وعائلة الرامي نفسها التي عرفت بمواقفها النضالية والنقابية ،الاخ عبداللطيف تابع دراسته الابتدائية والاعدادية بمدارس تاوريرت والثانوية بمدينة وجدة نظرا لعدم توفر تاوريرت ٱنذاك على أية موسسة ثانوية مما سمح للاخ الرامي بعيش تجربة جميلة بعيدا عن الأسرة جعلته يتمرس على الاعتماد على النفس واخذ المبادرة والمسؤولية منذ الصغر هناك بالداخلية بثانوية عبدالمومن اين سيحصل على شهادة الباكالوريا ومن هناك الى مدينة فاس اين سيتابع دراسته الجامعية ليحصل على الإجازة في مادة التاريخ والجغرافية وبها كذلك سيتخرج أستاذا من المدرسة العليا للأساتذة في نفس الاختصاص ليتم تعيينه أستاذا للثانوي التأهيلي بمدينة تاوريرت سنة 1987 التي نال فيها الإشادة والتقدير نظير عمله الجيد وعطائه الغزير لصالح التلميذ و المؤسسة ،وهنا اضافة الى عمله التربوي سيشتغل بموازاة ذلك مع اكثر من منبر صحفي كالشباب الديموقراطي وجريدة انوال والمنظمة والانوار وجريدة الصباح التي اشتغل مراسلا لها لمدة طويلة اي منذ نشأتها…اشتغل أيضا كمراسل لإداعة أطلنتيك ..كما كتب مجموعة مقالات في منابر صحفية وورقية وإلكترونية أخرى جهوية ووطنية. حسه وحبه وعشقه لمهنة الصحافة جعله يؤسس ناديا للصحفيين الشباب بالثانوية التأهيلية الفتح وأطره لمدة تزيد عن15 سنة وهو النادي الذي ذاع صيته جهويا ووطنيا وتالق فيه عديد الشباب ذكورا واناثا.سي عبداللطيف اشتغل كمسير للندوات ومنشطا للمهرجانات والحفلات بلغة عربية جميلة وصوت قوي ورزانة فوق الخشبة ، إضافة إلى انشطته خارج القسم فسي عبداللطيف كان محبوبا ولا يزال من طرف جميع التلاميذ والزملاء والإداريين نظرا لسخائه في البذل والعطاء ومعروف عليه دائما و ابدا وفي كل موسم تقديم دروس الدعم للتلاميذ في مادة الاجتماعيات بالمجان حتى بعد تقاعده من التعليم… وبعيدا عن ميدان التربية والتعليم فقد مارس العمل النقابي كعضو في المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل..كما مارس العمل السياسي من بوابة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي…دون ان ننسى ممارسته للعمل الجمعوي وتالقه مع جمعية السلام وجمعية الأمل الثقافية التي تركت اسمها خفاقا وعاليا في سماء مدينة تاوريرت أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي . ومازال والحمد لله يكد ويجتهد وينتج دون كلل او ملل هذا ملخص او مقتطف بسيط من سيرة اخينا عبداللطيف الرامي الذي لم يدخر ابدا جهدا للاستجابة الفورية لمتطلبات تلامذته وزملائه وكل من رغب منه ذلك ،اتمنى صادقا ان اكون قد لامست بعضا من مناقب هذا الاستاذ المتواضع والخدوم.بارك الله له في الصحة والعمر ووفقه لما فيه خير الدنيا والاخرة،كل التحية والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله ورقة من إنجاز Mohamed Hathout


جريدة الصباح
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الصباح
الملك القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية يوجه الأمر اليومي للقوات المسلحة الملكية
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، اليوم الأربعاء، 'الأمر اليومي' للقوات المسلحة الملكية، وذلك بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لتأسيسها. وفي ما يلي نص الأمر اليومي : ' الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، تحتفل القوات المسلحة الملكية اليوم ومعها الشعب المغربي قاطبة بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، وهي مناسبة وطنية متجددة، نستحضر فيها بمزيد من الامتنان والإجلال روح مؤسسها وواضع لبنتها الأولى أب الأمة جدنا الملك المجاهد، جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه، ورفيقه في الكفاح والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي سهر على ترسيخ أركان قواتنا المسلحة وتجهيزها، وتكوينها وتأهيلها للقيام بالمهام المنوطة بها. وستظل هذه الذكرى الغالية من المحطات البارزة في تاريخ وطننا معتزين بتخليدها، بصفتنا القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مجددين لكم فيها، بمختلف رتبكم ضباطا وضباط صف وجنودا ، نساء ورجالا ، وبكل انتماءاتكم البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، سابغ عطفنا ورضانا، على المجهودات العظيمة والتضحيات الجسام التي تبذلونها في سبيل الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية. ولا يفوتنا في هذا السياق، أن نتوجه بعبارات التحية والتقدير الموصولة بأصدق مشاعر الفخر والاعتزاز، إلى كل أفراد قواتنا المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة، الساهرين ليل نهار على مراقبة حدودنا البرية والجوية والبحرية، وكذا مختلف الوحدات المرابطة بصحرائنا المغربية، متفانين في أداء واجبهم المقدس في حماية وحدة الوطن وأمنه، مجسدين أخلص معاني التلاحم القوي الذي يميز كل المغاربة في الدفاع عن قضيتهم الوطنية الأولى. معشر الضباط وضباط الصف والجنود إننا إذ نفتخر بقواتنا المسلحة الملكية وبمستوى جاهزيتها واستعدادها الدائم لخدمة الوطن والمواطنين، فإننا نشيد بالعمل النبيل والمشرف ذو البعد الإنساني والتضامني الذي تضطلع به الوحدات العسكرية في مجال تدبير المخاطر والكوارث الطبيعية، من خلال التدخلات الميدانية وعمليات الإنقاذ والإغاثة وتقديم المساعدات والخدمات الطبية، التي تتسم دوما بالخبرة والفعالية وحسن التخطيط تنفيذا لأوامرنا السامية في هذا الإطار. كما نغتنم هذه المناسبة، لننوه بما تحقق من إنجاز محمود في إطار الخدمة العسكرية، كورش وطني يتيح للشباب المغربي ذكورا وإناثا ، أداء واجبهم الوطني مستفيدين مما توفره المؤسسة العسكرية من موارد مادية ومعنوية تتيح لهم التشبع بقيم الانضباط والمثابرة والتحمل ونكران الذات، فضلا عن تأهيلهم في ميادين وتخصصات متعددة تسمح لهم بولوج سوق الشغل والمساهمة في نهضة بلدهم ومجتمعهم، معتزين بانتمائهم وبمغربيتهم، مفاخرين بتاريخ وطنهم وأمجاده، وأوفياء لملكهم ولثوابت أمتهم. إن القوات المسلحة الملكية، وبموازاة مع مهامها في المجال الدفاعي والعسكري والإنساني، واصلت انخراطها الفعال بنفس الحماس والاقتدار في إطار عمليات حفظ الأمن والسلام التابعة للأمم المتحدة، من خلال العمل الجاد الذي تقوم به تجريداتنا العسكرية المنتشرة بكل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى، والذي يتعزز بإرسال أطر فنية وكوادر طبية متمرسة ضمن العديد من هيئات وبعثات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية، مما يساهم في الإشعاع الدولي للمملكة، كشريك متميز وموثوق به في دعم واستتباب الأمن والسلم الدوليين. معشر الضباط وضباط الصف والجنود إن التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم والتحديات المتزايدة التي تفرضها الظرفية الحالية، وما تفرزه من اضطرابات غير مسبوقة إقليميا ودوليا وإرهاصات أمنية وإجرامية عابرة للحدود، تستوجب من قواتنا المسلحة الملكية التسلح أولا بالحكمة واليقظة وكذا المعرفة المعمقة من أجل التكيف المستمر مع هذه المستجدات، والاستعداد الدائم لمواجهتها بكل حنكة وحزم ومهنية. ولقد كان بديهيا أن ينصب اهتمام جلالتنا بشكل دائم ومركز من أجل مواكبة هذه التحولات، على تطوير وإغناء برامج التدريب العسكري وترقية مناهج التكوين العلمي نظريا وتطبيقيا، داخل معاهدنا العليا ومراكزنا التكوينية العسكرية. إن ما حققناه اليوم من تقدم ملموس في مجال تجهيز قواتنا المسلحة بأحدث المعدات والتقنيات، يواكبه اهتمام متزايد بأهمية الدور المحوري للعنصر البشري الذي كان دائما في صلب أولوياتنا، فبتأهيله وتمكينه من العمل في ظروف جيدة ومريحة تلبي كل متطلبات الحياة المهنية لفائدة منتسبي القوات المسلحة الملكية وتوفير المرافق الضرورية لمزاولة مختلف الأنشطة الرياضية والتثقيفية داخل الثكنات ومراكز التدريب، سنجعل من جنودنا الأداة الفضلى لبلوغ النجاعة والفعالية المطلوبة من أجل الاستخدام الأمثل لمختلف المعدات والمنظومات الدفاعية. وعلى مستوى آخر، وبنفس العزيمة والإصرار، سنواصل دعم برامج توطين الصناعات العسكرية كأحد الأوراش الوطنية الكبرى التي تحظى برعايتنا السامية والتي حرصنا على توفير كل الظروف المواتية من أجل إنجاحها وفق رؤية مستقبلية متبصرة تصبو إلى بلوغ الاستقلالية المنشودة في المجال الدفاعي، وذلك من خلال وضع إطار قانوني مساند وتحفيزات مهمة لفائدة المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب للنهوض بهذا المشروع الحيوي. معشر الضباط وضباط الصف والجنود إن المحافظة على المكتسبات التي حققناها، تستدعي منا مواصلة التعبئة بنفس العزيمة والإخلاص من أجل تعزيز قوة جيشنا ومناعته ومده بكل مقومات الحداثة ووسائل الجاهزية، مع تمكين أطره وأفراده من تجويد مكتسباتهم المادية والمعنوية، مع توفير وتقريب الخدمات الاجتماعية والطبية الضرورية لفائدة أسرهم وعائلاتهم. فكونوا رعاكم الله في مستوى الأمانة الملقاة على عاتقكم في الدفاع عن حوزة الوطن وسيادته، حريصين على مبادئ أمتنا وإرث أسلافنا، ملتزمين بواجب الوفاء والعرفان لهم بالجميل، وفي مقدمتهم الملكان الراحلان جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، متضرعين إلى المولى عز وجل أن يشملهما بواسع رحمته، ويسكنهما فسيح جناته، ويجزيهما خير الجزاء على ما أسدياه للوطن من جليل الأعمال. كما نسأل الله العلي القدير أن يشمل برحماته شهداءنا الأبرار، الذين أبوا إلا أن يقدموا أرواحهم فداء لوحدة الوطن وعزته واستقلاله، مبتهلين إليه سبحانه وتعالى أن يعينكم على خدمة وطنكم والتضحية في سبيله، سائلين الله جل جلاله أن يوفقكم ويسدد خطاكم لما فيه الخير لبلدكم، ملتزمين بواجب الطاعة والامتثال لقائدكم الأعلى، منافحين دائما عن شعارنا الخالد : الله – الوطن – الملك '.