
الإنزالات الجوية الأردنية لقطاع غزة .. شريان حياة وموقف إنساني يُشاد به
هذه الإنزالات الجوية، التي تُنفذ بتوجيهات ملكية من جلالة الملك عبد الله الثاني، تحوّلت إلى رمزٍ للأخوة الفلسطينية الأردنية وللتضامن العربي، وإلى شريان حياةٍ يومي لقسم من أهالي القطاع الذين باتوا يعتمدون على المساعدات في تأمين أبسط مقومات العيش.
الإنزالات الجوية: أرقامٌ تكشف حجم الجهد الأردني
وفقًا لبيانات القوات المسلحة الأردنية، فإن المملكة نفذت عشرات الإنزالات الجوية منذ تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، حيث تم إسقاط مئات الأطنان من المساعدات التي تشمل مواد غذائية أساسية كالطحين والأرز والسكر والزيت، بالإضافة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية العاجلة، وأغطية وملابس شتوية للمهجرين المجوعين من الغزيين بسبب حرب الإبادة والتجويع التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه المساعدات في وقتٍ يعاني فيه القطاع من شحٍّ حاد في المواد الأساسية بسبب إغلاق المعابر، مما يجعل كل طردٍ يُسقط من الجو بمثابة "هدية حياة" لعائلةٍ قد تكون على حافة المجاعة. مصادر ميدانية أكدت أن بعض المناطق الحدودية، التي يصعب الوصول إليها بريًا، تعتمد بشكلٍ شبه كلي على هذه المساعدات الجوية.
المواطنون الغزيون: "الأردن يصل حيث يعجز الآخرون"
في أحياء غزة المكتظة، لا تمرُّ طائرة إغاثة أردنية دون أن تلفت أنظار السكان، الذين يترقبون وصول المساعدات بفارغ الصبر.
يقول أبو ياسر الشوا، وهو أبٌ لخمسة أطفال من حي الشجاعية: "عندما نسمع صوت الطائرة، نعلم أن هناك بصيص أمل.. الأردن يصل إلينا عندما تعجز دولٌ أخرى عن فعل أي شيء".
أما أم محمد، وهي امرأة خمسينية تقيم في خيمة مؤقتة بعد تدمير منزلها، فتقول: "لم نكن نتوقع أن نعيش يومًا ننتظر الطعام من السماء، ولكن هذه المساعدات الأردنية أنقذت أطفالي من الجوع".
تأثير طبي وإنساني ملموس
من جهتها، أكدت مصادر طبية في مستشفيات غزة أن جزءًا من الأدوية التي تصل عبر الإنزالات الجوية الأردنية ساهم بشكل مباشر في إنقاذ حياة جرحى ومرضى، خاصةً في ظل النقص الكبير في المستلزمات الطبية.
الدكتور أحمد أبو سلطان، طبيبٌ في مستشفى الشفاء، قال: "بعض الأدوية التي تصل جويًا من الأردن تكون حرفيًا الفرق بين الحياة والموت لمرضى السرطان والفشل الكلوي".
ووصف المساعدات الأردنية بأنها "تعبيرٌ عملي عن الأخوة والالتزام التاريخي للقضية الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن الأردن "لم يترك غزة وحيدة".
أما منظمة "النداء الإنساني الفلسطيني"، فقد أصدرت بيانًا أشادت فيه بالإنزالات الأردنية، معتبرةً أنها "نموذجٌ يُحتذى به في العمل الإغاثي السريع والفعال"، ودعت دولًا عربية أخرى إلى "اتباع النهج الأردني".
وبينما تستمر طائراتُ الجسر الجوي الأردني في التحليق فوق سماء قطاع غزة، يحلّق معها الأملُ في نفوس مليوني فلسطيني يعيشون تحت وطأة الحصار والدمار.
هذا الجسر الإغاثي، الذي تحوّل إلى ظاهرةٍ إنسانيةٍ فريدة، لم يعد مجرد مساعدات عابرة، بل صار نظامًا إغاثيًا متكاملاً يُدرس من قبل الخبراء، ويُروى تأثيره من قبل المواطنين الذين عاشوا لحظات إنقاذٍ حقيقية بفضل هذه المساعدات.
وقال الخبير في الشؤون الإنسانية بجامعة الأزهر في غزة د. ناصر الكتوت، إن الإنزالات الأردنية تميزت بثلاثة عوامل جعلتها الأكثر تأثيرًا بين كل المساعدات الواصلة للقطاع: الدقة اللوجستية: التوقيت والمكان اللذان تختارهما الطائرات الأردنية يُظهران فهماً عميقاً لخرائط التوزيع السكاني ونقاط الاحتياج الحادة، خاصة في المناطق الحدودية المعزولة".
الجودة والنوعية: "المساعدات لا تعتمد على الكم فقط، بل على نوعية المواد المُرسلة، والتي تخضع لمعايير صحية عالية، خاصة في المواد الغذائية والدوائية". والاستدامة: "الأردن حوّل مساعداته من عشوائية إلى برنامجٍ زمني مُنتظم، مما خلق حالةً من الثقة لدى السكان بوصول الإمدادات".
من جانبه، يضيف الخبير الاقتصادي د. محمود العكر: "هذه الإنزالات سدّت 17% من الفجوة الغذائية في غزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية وفق بياناتنا، وهو رقمٌ ضخمٌ إذا علمنا أن كل الطرق البرية كانت مغلقةً لفترات طويلة".
قصص من الميدان: "لحظة وصول الطرد الأردني كانت فارقة"
في حي الزيتون المدمر، تجلس أم أحمد (45 عامًا) مع أطفالها الخمسة حول طردٍ غذائي أردني يحمل شعار "الهاشميون مع غزة"، لتقول: "كان أطفالي يبكون من الجوع قبل يومين، واليوم يصنعون خبزهم من دقيق الأردن".
أما الشاب محمد أبو عودة (23 عامًا)، الذي يعمل متطوعًا في توزيع المساعدات، فيروي لنا قصةً مؤثرة: "كنا ننقل أدويةً أردنيةً لمستشفى الشفاء، عندما صرخ طبيبٌ بأن هذه الحقن أنقذت حياة 3 أطفال كانوا على وشك الموت بسبب نقص الأدوية".
رؤية طبية: "الأدوية الأردنية توقف النزيف الدوائي"
الدكتورة سماح جبر، مديرة مستوصف الكرامة الطبي، تكشف لنا إحصائية صادمة: "70% من الأدوية التي تصلنا جويًا من الأردن هي لأمراض مزمنة (سرطان، فشل كلوي، سكري)، كانت قد نفدت تمامًا من مخازننا". وتضيف: "حقيبة الطوارئ الأردنية التي تحتوي على مضادات حيوية ومسكنات قوية أنقذت عشرات الجرحى من البتر أثناء العدوان الأخير".
الكاتب السياسي د. إبراهيم ملحم يرى أن "الأردن يبعث برسائل واضحة للعالم بأن الحصار على غزة جريمةٌ لا يمكن السكوت عنها"، مشيرًا إلى أن "اختيار الأردن للإنزالات الجوية -رغم تكلفتها العالية- يؤكد إصراره على كسر الحصار بأي وسيلة".
إيلينا بانوفيتش، منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بغزة، تقول: "نشهد حالةً نادرةً حيث تتحول المساعدات الجوية من إجراء طارئ إلى نظام دائم، وهذا ما فعلته الأردن باحترافية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 11 دقائق
- رؤيا نيوز
قائد جيش الاحتلال يوافق على 'المضمون الأساسي' لخطة هجوم في غزة
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء إن رئيس هيئة الأركان العامة إيال زامير وافق على 'الخطوط العريضة' لخطة هجوم على قطاع غزة. وتقول إسرائيل إنها ستشن هجوما جديدا وتسيطر على مدينة غزة، التي سيطرت عليها بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في أكتوبر تشرين الأول 2023 ثم انسحبت منها.


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
نتنياهو: أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحية لرؤية "إسرائيل الكبرى"
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اعتقاده بأنه في 'مهمة تاريخية وروحية'، لافتا إلى أنه يؤيد 'رؤية إسرائيل الكبرى' التي تشمل وفق مزاعم إسرائيلية مناطق تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وجزءا من الأردن ولبنان وسوريا ومصر. اضافة اعلان جاء ذلك خلال مقابلة مع قناة 'i24' العبرية نشر تفاصيلها، الثلاثاء، موقع 'تايمز أوف إسرائيل' العبري. وذكر الموقع أن نتنياهو قال خلال المقابلة إنه يشعر بأنه في 'مهمة تاريخية وروحية'، وإنه 'مرتبط جدا برؤية إسرائيل الكبرى'. ووفق الموقع العبري، استُخدمت عبارة 'إسرائيل الكبرى' بعد حرب الأيام الستة في يونيو/ حزيران 1967 للإشارة إلى إسرائيل والمناطق التي احتلتها للتو وهي القدس الشرقية والضفة الغربية، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان. وحين سئل نتنياهو أثناء المقابلة عما إذا كان يشعر بأنه 'في مهمة نيابة عن الشعب اليهودي' أجاب بأنه 'في مهمة أجيال'. وأضاف: 'لذلك إذا كنت تسألني عما إذا كان لدي شعور بالمهمة، تاريخيا وروحيا، فالجواب هو نعم'. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على إحدى منصاتها الإلكترونية، خريطة مزعومة مع تعليق يفبرك تاريخا إسرائيليا يعود لآلاف السنين، بما يتماشى مع مزاعم عبرية متكررة عن 'مملكة يهودية' تضم أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا ومصر.-(الأناضول)


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
رئيس وزراء نيوزيلندا: نتنياهو 'فقد صوابه'
قال رئيس الوزراء النيوزيلندي كريستوفر لوكسون اليوم الأربعاء، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 'فقد صوابه' في الوقت الذي تدرس فيه بلاده ما إذا كانت ستعترف بالدولة الفلسطينية. اضافة اعلان وقال لوكسون للصحافيين إن نقص المساعدات الإنسانية والتهجير القسري للسكان وضم غزة أمر مروع تماما، مشيرا إلى أن نتنياهو قد تمادى كثيرا. وأضاف لوكسون، الذي يترأس حكومة ائتلاف تنتمي ليمين الوسط، 'أعتقد أنه فقد صوابه. ما نراه بين عشية وضحاها، الهجوم على مدينة غزة، أمر غير مقبول على الإطلاق'. وقال لوكسون في وقت سابق من هذا الأسبوع إن نيوزيلندا تدرس ما إذا كانت ستعترف بالدولة الفلسطينية. وانضمت أستراليا حليفة نيوزيلندا المقربة يوم الاثنين إلى كندا وبريطانيا وفرنسا في إعلانها اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول. وقالت بريطانيا وكندا وأستراليا والعديد من الحلفاء الأوروبيين أمس الثلاثاء، إن الأزمة الإنسانية في غزة وصلت إلى 'مستويات لا يمكن تصورها'، داعين إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات دون قيود إلى القطاع الفلسطيني الذي مزقته الحرب. ونفت إسرائيل مسؤوليتها عن انتشار الجوع في غزة، متهمة مسلحي حركة حماس بسرقة شحنات المساعدات، وهو ما تنفيه الأخيرة. وقبيل انعقاد جلسة البرلمان اليوم الأربعاء، تجمع عدد قليل من المحتجين خارج مقره، حاملين آنية طهي. وذكرت منظمة 'ستاف' الإعلامية المحلية أن المتظاهرين دعوا النواب إلى 'التحلي بالشجاعة والاعتراف بفلسطين'. وجرى إخراج النائبة عن حزب الخضر كلوي سواربريك من البرلمان أمس الثلاثاء بعد أن رفضت الاعتذار عن تعليقها الذي ألمحت فيه إلى أن السياسيين ضعفاء الشخصية لعدم دعمهم مشروع قانون 'معاقبة إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها'. وأُمرت سواربريك بمغادرة قاعة المناقشة لليوم الثاني اليوم الأربعاء بعد أن رفضت مرة أخرى الاعتذار. وعندما رفضت المغادرة، صوتت الحكومة على إيقافها عن العمل. وقال رئيس مجلس النواب جيري براونلي 'لقد اتُهم ثمانية وستون عضوا من أعضاء هذا المجلس بضعف الشخصية… لم يسبق أن تم قبول إهانات شخصية مثل تلك التي تم توجيهها داخل خطاب في هذا المجلس ولن أكون أول من يقبلها'. وهتفت سواربريك خلال مغادرتها 'فلسطين حرة'.-(رويترز)