
37 قتيلاً بنيران إسرائيلية في غزة معظمهم من منتظري المساعدات
وأفاد الناطق محمود بصل «وكالة الصحافة الفرنسية» بسقوط «12 شهيداً... بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مراكز المساعدات في منطقة الشاكوش والطينة شمال غربي رفح جنوب قطاع غزة ومحور موراغ جنوب مدينة خان يونس» في جنوب القطاع.
وفي شمال القطاع، أحصى الدفاع المدني «12 شهيداً و181 مصاباً وصلوا إلى المستشفى برصاص الاحتلال من منتظري المساعدات».
وسجّل الجهاز «6 شهداء على الأقل بينهم طفل و30 إصابة جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص تجمعات المواطنين بالقرب من نقطة توزيع» للمساعدات تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية» على طريق صلاح الدين جنوب منطقة جسر وادي غزة وسط القطاع، بحسب ما أعلن بصل.
وأكد مستشفى العودة في مخيم النصيرات وصول القتلى والمصابين.
وذكر شهود عيان أن آلاف الفلسطينيين تجمّعوا منذ الفجر سعياً للحصول على مواد غذائية في محيط مراكز المساعدات التي تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة أميركياً وإسرائيلياً.
ومنذ بدء عملها في أواخر مايو (أيار)، ترد يومياً تقارير عن تعرض منتظري المساعدات قرب مراكز «مؤسسة غزة الإنسانية» لنيران القوات الإسرائيلية.
وأدى الحصار الإسرائيلي وتقييد دخول الإمدادات إلى غزة منذ بدء الحرب قبل عامين تقريباً إلى نقص في الغذاء والإمدادات الأساسية، بما في ذلك الأدوية والوقود الذي تحتاج إليه المستشفيات لتشغيل مولداتها.
وغداة موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على خطة للسيطرة على مدينة غزة (شمال) أثارت انتقادات دولية، واصلت القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات قصف في مختلف أنحاء القطاع.
وفي حي الشجاعية بشرق مدينة غزة، أفاد بصل بسقوط «شهيدين إثر استهداف إسرائيلي... وهما أيمن عبد السلام الحية وشقيقه معاذ»، مشيراً إلى أنهما نجلا شقيق رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة خليل الحية.
وفي المواصي، سجّل الدفاع المدني «3 شهداء ومصابين في قصف من مسيّرة إسرائيلية على خيمة تؤوي نازحين»، بينما قُتلت امرأة في غارة جوية في خان يونس، ورجل؛ جراء ضربة من طائرة مسيّرة قرب منطقة تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط القطاع، وفق بصل.
وبدأت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق لـ«حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصاً في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة أعدتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى مصادر رسمية.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحملة عسكرية مدمّرة في قطاع غزة تسبّبت في مقتل أكثر من 61 ألفاً و369 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبر الأمم المتحدة معطياتها موثوقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 39 دقائق
- الشرق الأوسط
سياسة الهروب إلى الأمام
تُعرَّف سياسة الهروب إلى الأمام بأنَّها باختصار سلوك غير بنّاء يعكس عدم القدرة أو الرغبة في مواجهة المشاكل بشكل مسؤول، ويهدف إلى إيجاد مخرج مؤقت أو وهمي من الأزمة، وغالباً ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع على المدى الطويل. ويكون بأشكال كثيرة، مثل خلق أزمة جديدة أو تصعيد أزمة قائمة، أو بتجنب المسؤولية بالتعنت والمكابرة، والبحث عن كبش فداء بدلاً من الاعتراف بالخطأ، أو اللجوء إلى تضييع الوقت... الخ. الأوصاف تلك من الممكن ملاحظتها بسهولة في سلوك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في سعيه إلى التشبث ببقاء حكومته منعاً لفقدانه الحصانة ومثوله أمام القضاء بتهمة الفساد، أو للتهرب من تهمة التهاون والتقصير إزاء ما حدث في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. نتنياهو يواجه نوعين من المحاكم. الأولى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. والثانية المحاكم الإسرائيلية عن تهمة تسلُّمه وزوجته رشى من رجال أعمال. فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية يعد الأمر هيّناً، أخذاً في الاعتبار أنّها، أي المحكمة، استناداً إلى مصادر إعلامية، لم تصدر أحكاماً بالسجن إلا على خمسة أشخاص. وكلهم ممن خسروا حروباً أو حروباً أهلية. وليس من بينهم حلفاء لأميركا، أو من دول الغرب. نتنياهو، في واقع الأمر، يخشى المثول أمام القضاء الإسرائيلي، إذ سبق أن أدانت المحاكم رئيس حكومة سابق (إيهود أولمرت) بتهمة تلقي رشى، وأصدرت حكماً بسجنه مدة 5 سنوات.ومن هنا يتأتى سعيه إلى التشبث بسياسة الهروب إلى الأمام. ولعل حرب الإبادة الجماعية والتجويع الإسرائيلية في غزة أفضل الأمثلة من خلال الوسائل التي يستحدثها ويستخدمها في تطويل أمد الحرب بنيّة عدم انفراط عقد الائتلاف الحاكم وبقاء الحكومة. كان نتنياهو هو من ألغى هدنة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل و«حماس» في مارس (آذار) الماضي. وكان يزعم أن السبب أو الأسباب وراء ذلك حربية وليست سياسية. وفي الواقع الفعلي كان قراره بالإلغاء لأسباب سياسية، بهدف عودة وزير الأمن المحلي المتطرف بن غفير إلى الحكومة عقب تركه الحكومة احتجاجاً على وقف الحرب. وقرأت مؤخراً تقريراً في صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية ذكرت فيه أن فريقاً من صحافييها قام بالتحقيق في الأمر، وتبيّن أن الدافع وراء إلغاء اتفاق الهدنة والعودة إلى الحرب سياسي وليس حربياً. ورغم ذلك لا يزال نتنياهو يكرر أن الدافع كان عسكرياً. الأمر قد يبدو أكثر وضوحاً في التعامل مع المفاوضات بسعيه إلى افتعال أسباب تحول دون الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب. وعلى سبيل المثال، افتعال المعركة مع رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية الذي كان يقود فريق التفاوض والتخلص منه، بعد أن تبيّن قيام الجهاز بالتحقيق في قضايا فساد داخل فريق مكتب رئيس الحكومة، وتسلُّمهم رشى من جهات خارجية. ومؤخراً كان قراره بإعادة احتلال غزة، الأمر الذي أثار استياء واستنكار دول العالم، وفي مقدمتهم دول حليفة، مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا. الحكومة الألمانية أعلنت عن وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. بالإضافة إلى الغضب الشعبي داخلياً، وخروج الآلاف للتظاهر ضد القرار والمطالبة بوقف الحرب واستعادة الرهائن. اللافت في الأمر أن القيادة العسكرية ممثلة في رئيس أركان القوات الإسرائيلية تعارض القرار. كما أن القيادات العليا السابقة في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعارضه أيضاً. وبدلاً من ذلك أعلن نتنياهو مؤخراً في تصريح عن نيتّه في توسيع مساحة الحرب إلى جهات أخرى. علماً بأن القوات الإسرائيلية كانت في بداية الاجتياح قد دخلت مدينة غزة واحتلتها، ثم غادرتها بعد أن أكدت أنَّها تمكنت من تصفية عناصر «حماس» بها. وفي يوم الأحد الماضي صدر بيان مشترك باسم وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا ونيوزيلندا برفض قرار إسرائيل شنّ عملية عسكرية إضافية واسعة النطاق في قطاع غزة. أضف إلى ذلك أن أستراليا أعلنت عن رغبتها في الاعتراف بدولة فلسطين في الشهر المقبل. احتلال قطاع غزة، وتسليمه إلى إدارة عربية لم يكونا يوماً من أهداف الحرب الإسرائيلية كما تؤكد التقارير الإعلامية. ويتعارض ذلك كلية مع توجهات ورغبات الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة، التي تطالب بتفريغه من سكانه، وفتحه أمام المستوطنين اليهود. أعلنت مصر والأردن رفضهما القاطع لأي مشاركة مستقبلية في إدارة القطاع. الحرب الموعودة لن تبدأ غداً، أو في الأسبوع المقبل. ونأمل ألا تحدث، إن تغير اتجاه الرياح سياسياً، واضطر نتنياهو مذعناً للاستجابة للضغوط الداخلية والدولية.


الشرق الأوسط
منذ 39 دقائق
- الشرق الأوسط
ماذا تريد إسرائيل؟
مسرح الموتِ في فلسطين يتَّسع، ويتَّسع، ليشملَ أبعد من فلسطين. كل الشواهد تؤكد أنَّ الإقليم بات على الحافة، وقرار «الكابينت» الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة بالكامل، وتقطيعه إلى كانتونات، ينذر بخطر شديد على خرائط المنطقة بالكامل، ويحمل في طياته شراراً قد يتطاير إلى سائر دول العالم. وينذر أيضاً بتدمير خطط العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، بل إن قرار «الكابينت»، ستكون له تأثيرات وعواقب مهلكة، إذ إنه سيخلط الأوراق، وسيصنع حالة صدام كبرى، وغير مسبوقة، بعيداً عن استراتيجيات السلام والاستقرار، واحترام سيادة الدول، والقوانين الدولية. لا أبالغ إذا قلت إنَّ هذا القرار سوف يصيب خرائط الإقليم بعاهة استراتيجية مزمنة، إذ إن قرار «الكابينت» الخطير، بتداعياته الأخطر، بإعادة احتلال قطاع غزة، وإرجاعه إلى ما قبل عام 2005، عندما انسحب منه آرييل شارون أحادياً، يؤدي إلى تدمير كل الخطوط التي صاغها المجتمع الدولي في هذا الصراع، وكذلك لا يقل خطراً عن قرار الكنيست الذي أوصى بالسيطرة الأمنية على الضفة الغربية. ما يعني أن دولة الاحتلال تعمل على تحويل الجرح الفلسطيني النازف، منذ ثمانين عاماً، إلى عاهة مستديمة، قد لا تفلح معها الوصفات الاستراتيجية التي قدمها المجتمع الدولي أو المنطقة، مما يعني أخيراً إشعال حروب واتساع الصراعات من دون توقف. وهذا ما يفكر فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تحت مفهوم الحرب التي تلد أخرى، رغبة في اتساع خريطة إسرائيل؛ لا لتشمل فلسطين التاريخية وحدها، بل تتعداها إلى دول عربية أخرى، فيعبث بسيادة الدول واستقرارها، وإشاعة مفهوم الصدام المستمر، وهذا سيقود إلى الفلسفة الرامية إلى صناعة عاهة استراتيجية مستديمة في قلب العالم، وبالتأكيد هذا المفهوم سيستدعي القوى الأجنبية والعالمية إلى الانخراط في قلب الإقليم، ليصبح المسرح الدموي الدائم، وهنا نستدعي خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي، العام الماضي، الذي جاء فيه بلا مواربة، أنه يسعى إلى تكوين تحالف دولي للحرب في الشرق الأوسط، على غرار التحالف الدولي الذي قاتل في الحرب العالمية الثانية، تحت راية ما يسمى الحلفاء، في خلط كبير للأوراق، فلا يوجد هتلر أو النازية في الشرق الأوسط؛ بل هناك احتلال استيطاني للأراضي الفلسطينية، وهي بنص القوانين الدولية، أراضٍ محتلة من قبل إسرائيل. وبالتالي، فإن نتنياهو، كما قلت في مقالات سابقة، لديه أهداف أبعد من غزة، والآن أبعد من فلسطين بالكامل، لا سيما أنه اعترف من قبل في أكثر من تصريح، بأنه يريد تغيير خريطة الشرق الأوسط بالكامل، ووصل به الأمر إلى حد أنه قال إنه سيغير العالم نفسه، لذا يريد وضع أوتاد في جنوب لبنان، من خلال احتلاله خمس نقاط استراتيجية، واحتلال جنوب سوريا، والتدخل لصالح طائفة على حساب أخرى، وكلها أراضٍ عربية يسعى للتوسع فيها، بهدف السيطرة وإعادة رسمها من جديد، وفق جدول أعمال إسرائيلي، والذي يتجدد بعد ثمانين عاماً من النكبة الأولى، وكأنه بصدد صناعة نكبة جديدة تتفوق على نكبة عام 1948 مرة أخرى. النكبة الأولى كانت بمثابة زلزال هز المجتمعات العربية والدول العربية، وأحدث انقلابات وثورات وحروباً أهلية، وضع المنطقة على حافة الغليان الدائم، وهذه المرة يريد أن يفجر المنطقة من خلال تصدير الفتن بين الطوائف والأعراق، ولدينا شاهد حي في لبنان وسوريا، وحتى في فلسطين نفسها، من خلال الانقسام الحاد والمؤذي بين أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله، ذلك الانقسام الذي أدى إلى تفجير الحرب الحالية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023. إن دولة الاحتلال تراهن على الارتداد الذي يعقب الزلازل، من اصطدام بين دول أو طوائف، أو عودة للحروب الأهلية، لتصبح هي القوة الوحيدة المؤهلة لقيادة الشرق الأوسط، بمفهوم «سلام القوة» وليس قوة السلام. لكنني أعتقد جازماً بأن هذا المفهوم لن يعبر الجسر الذي يبنيه نتنياهو وجماعته من اليمين المتطرف، فبقدر شعوره بالقوة والهيمنة، بقدر الأخطار التي تحيط بالمشروع الإسرائيلي بالكامل، فصورته العالمية بدأت تتآكل وسط اعترافات متصاعدة بالدولة الفلسطينية، وظهور جيل جديد من الشباب، بدأ يحطم صورة الدولة التي كانت تدعي أنها تعيش في محيط من الأعداء، ومهددة بالزوال، فإذا بها ترتكب أكبر إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين، وهي جريمة لا تسقط بالتقادم. لهذا يريد نتنياهو أن يواصل الحرب، لتحويل الجرح النازف إلى عاهة مستديمة، وأظن أن العقول الواعية في المنطقة، لن تمكنه من الوصول إلى هذا المفهوم، مهما يكن الاندفاع الذي يمتطيه نتنياهو، فثمة تغيير شامل في بنية المنطقة والإقليم والعالم، فالسلاح الفتاك سينكسر بمسارح العمليات في لحظة معينة، بفعل إرادة الدفاع عن الحقوق التاريخية التي لا يمكن أن يمحوها الزمن أو يطمس معالمها.


الشرق الأوسط
منذ 39 دقائق
- الشرق الأوسط
«حزب الله» والجيش... رأس السكّين
لم يكن تفجير مدينة صور في جنوب لبنان مفاجئاً لمن تتبع تصريحات مسؤولي «حزب الله». يأتي التفجير منسجماً مع المناخ الذي رسموه للأتباع... تصعيد ضد الجيش والمؤسسة واستهزاء بمفهوم الدولة. وبالتزامن مع مناخٍ تصعيدي خطير، يُستهدف، على حين غرّة، جنودٌ من الجيش اللبناني يؤدون مهامّهم الموكلة إليهم، والمتمثلة في إزالة ذخائر من داخل منشأة عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. بدت معالجةُ الحادث ولملمتُه في البيانات الرسمية واضحتين من أجل ضمان عدم نشوب فتنة. يعبّر الحادث الإرهابي عن صراع إراداتٍ حقيقي في لبنان. وبمقارنةٍ سريعةٍ للأفكار التي طُرحت في ظرفِ أيامٍ فقط، نعثر على مشروعين يذكّران بالنظرية الهندسية: الخطّان المستقيمان لا يلتقيان أبداً، ومن خصائص هذين الخطين أن المسافة بينهما ثابتة، ولا توجد أي نقطةٍ مشتركة؛ يسيران حتى النهاية، ولكن مع استحالة الالتقاء. من تلك «المشروعات» ما طرحه القيادي في «حزب الله» محمد رعد، وخلاصته أن تسليم السلاح أمرٌ مستحيل، وأنه إذا سلّم «حزب الله» السلاح، فعلى الجيش تسليم سلاحه أيضاً، وأن هذا المبدأ يعني الاستسلام، وأن نزع السلاح مثل تسليم الشرف، وأنه لو خيّر بين التسليم أو الموت، لاختار الموت... هذا؛ فضلاً عن الأوهام والتخيّلات التي لا تمتّ إلى الواقع ولا السياسة بصلة. على الضفّة الأخرى، ثمة مشروعٌ ثانٍ طرحه كل من قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «حزب الكتائب» سامي الجميل... نظريات مدنيّة قوامها التمسّك بمفهوم الدولة، وحصر السلاح بيد الدولة والمؤسسات الأمنية والجيش، والدخول في نقاشٍ بشأن المستقبل المنشود. والجميّل ذكّر «حزب الله» بما حدث عام 1990 حين أقصي تيار مسيحي جارف عن ممارسة العمل السياسي، وقال لـ«حزب الله» إنه «مع ذلك؛ نريدكم أن تتحولوا إلى حزبٍ سياسي يحترم الدستور، وينضوي تحت الدولة وتشريعاتها». بين هذين المشروعين، بدا صراع الإرادات على أشدّه، وهذا مفهوم، خصوصاً أن لبنان يعيش فرصة تاريخية، لو فوّتها، فلن تتكرر إلا بعد عشرات السنين. إنها فرصة سانحة لمن يريد بناء الدولة. وما كان سلاح «حزب الله» فقط هو الإشكال الوحيد، بل هو مجرّد رأس جبل الجليد. ثمة طوام كبرى تسبب فيها... فبينما كانت الدولة تبذل جهداً حثيثاً لإزالة لبنان من «اللائحة الرمادية»، فإذا بالاتحاد الأوروبي يقرر وضعه على اللائحة السوداء. «الحزب»، في ذروة استهتاره بالدولة، افتتح «مؤسسة القرض الحسن» بترخيص «جمعيّة خيرية» مع أن «المؤسسة» تجري أعمالاً مصرفيّة، وهذه ليست فقط مخالفة للقانون، بل وجريمة ماليّة كبيرة. إن فكرة تأسيس دولة ليست مستحيلة؛ ما الذي ينقص المجتمع اللبناني حتى يلحق بركب الدول من حوله التي عانت الأمرّين في بدايات التأسيس، ولكنها بعد جهدٍ حثيث وقوّة في الإرادة وصلت إلى ما تصبو إليه؟! المشكلة الأساسية التي تبدّت الآن على نحوٍ غير مسبوق لبّها أن الصراع الآن في لبنان هو بين «محور الحياة» و«محور الموت»، وهذه ليست شتيمة، وإنما توصيف حقيقي، وحين يتحدّث قادة الأحزاب العلمانية أو المدنيّة عن الحياة والمشروعات والحرب على الفساد، والتعليم والطبابة والخدمات اليوميّة... يدخل المشروع الآخر ليتحدّث عن تفضيل خيار الموت على قوّة الدولة، ويثقّف مشاهديه بأدبيات الانتحار في حال أُجبر على الاختيار، ومن ثم الذهاب نحو أدبيات التهديد وتربية الأحقاد واجترار ذاكرة الانتقام. هنا نفهم أن الالتقاء بين هذين المشروعين شبه مستحيل، وأي تقاربٍ بين الإرادتين يحتاج إلى معجزة. الخلاصة؛ أن بناء الدول يحتاج إلى إرادات مُنتصرة، تستطيع أن تفرض الأمر المدني الواقع من أجل مصلحة الجميع، ومن ثمّ، فعلى الآخرين الانضواء خلف هذه المسيرة، فالتاريخ قام على التغالب، وكل الدول التي نجحت في العالم استطاع عقلاؤها السيطرة على إرادات التمرّد والعنف والموت، وهذه من سنن التدافع البشري. إن كثافة الحديث عن الحوار والطاولات والتمرينات والاشتقاقات اللغوية... سوف تقتل المشروع السياسي المزمع في لبنان، وتجعل هذه الفرصة التاريخية والهبّة الدولية العالية مجرّد هشيمٍ تذروه الرياح.