ميليشيات الخارج تخوض حرب الأكاذيب ضد الأردن
كتب: محمود كريشانفي البدء علينا أن نعرف بثقة مطلقة أن الأردن دولة آمنة مستقرة» وسط حالة إقليمية ودولية مضطربة تؤثر على أحوال الأردن والأردنيين.. فهذه حرب الإبادة الإسرائيلية تحرق وتخرق كل شيء فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، والانتهاكات المتواصلة لقوات الاحتلال للأراضى اللبنانية والسورية لا تتوقف، والأوضاع فى البحر الأحمر غير مستقرة، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تطال الجميع بلا استثناء.أضف إلى ذلك الاقتتال والحروب الدائرة حولنا وعدم الاستقرار فى سوريا وليبيا والسودان والصومال واليمن ولبنان.. وأمام ذلك تدور حروب أخرى موجهة إلى الأردن والأردنيين، وتأتي حرب الشائعات والأكاذيب في مقدمتها، وتلعب ميليشيات الخارج دورا كبيرا فى هذا الاتجاه. ولكن «الأردن القوي» يواجه ذلك بمؤسساته ووعى شعبه، وينتصر دائما وتبقى له اليد الطولى.بكل واقعية، وبما لا يقبل أدنى شك، الأردن مستهدف من جهات خارجية، ولن أخرج عن النص إذا ما أوردت بصريح العبارة ما حدث معي شخصيا خلال عطلة العيد.. فما إن صحوت باكرا من نومي وقمت بتشغيل هاتفي الجوال، وبدأت في استعراض ما ورد إلي عبر تطبيق «واتس أب» حتى فوجئت برقم دولي «غير مخزن» في قائمة الأسماء الموجودة في هاتفي، بعث برسالة طويلة تنهش أسماء وشخصيات ومسؤولين وتتهمهم بشتى أنواع الفساد وتطال الأعراض وقذف المحصنات الغافلات، بلغة اتهامية عابقة بالانحطاط والإساءة للأردن والأردنيين.وتأكيدا على ما ورد أعلاه، أقسم لي بأغلظ الأيمان مسؤول تربوي وحقوقي، هو الدكتور أمجد لمبز الشركسي، أن فيديو منسوبا لتظاهرة في إحدى المحافظات ورده من رقم خارجي في أمريكا، وتبين أن الفيديو مفبرك وقديم وتمت دبلجته بما يتناسب مع الحملات الخارجية القذرة والمشبوهة لزعزعة الأمن في الأردن والتحريض على الفتن والفوضى.بكل تأكيد، فإن وعي الأردنيين وتمسكهم بدعم دولتهم وتصديهم الحاسم لجماعة الكذب والفتنة أفسدت المخططات وما زالت، فالحرب لن تتوقف، والهدف إشعال الفتنة وإحداث انقسام، وصناعة فجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لكن التصدي السريع والقوي يجهض كل هذه المحاولات.وعليه، فإن ملف «الشائعات والأكاذيب» يفبركها «تجار الحروب» المكلفون بإثارة الفتنة بالمعلومات المغلوطة، على الصعيد المجتمعي والاقتصادي والسياسي، من أجل تقسيم المجتمع والتأثير عليه سلبا واستنزافه على صعيد الفكر والخطط وخلق مشكلات مستندة إلى الوهم، باعتبارها أحد أنماط الحروب غير المتناظرة، الأقل تكلفة والأكبر تأثيرا، لتحقيق أهداف العدو، مما يضر بالأمن والمصالح العليا لأي دولة مستهدفة.وإن بث الشائعات والأكاذيب والافتراءات أخطر أسلحة الحروب النفسية التي تستهدف تحطيم الروح المعنوية، وباتت سلاحاً إلكترونياً لبث الشائعات المغرضة والأكاذيب للتشكيك في الإنجازات وتزييف الحقائق لخلق عدم الثقة وتزييف الوعي ونشر حالة من الإحباط بين أفراد المجتمع.ومن هنا، فإن المواجهة القانونية مطلوبة بقوة، وبات على المشرع الجنائي مواجهة نشر الشائعات بتغليظ النصوص العقابية لتكون رادعة لهذا السلوك الإجرامي، ولتصل عقوبة جريمة نشر الشائعات التي تضر بالأمن القومي إلى «المؤبد»، وكذلك تغليظ عقوبات نشر الأخبار الكاذبة بحسب ظروف كل واقعة وملابساتها، ومعاقبة ناقل الشائعة (مروجها) من خلال «التشيير» على السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي بعقوبة مطلق الشائعة، فكل منهما يعد فاعلاً أصلياً فى الجريمة يستوجب العقاب.على كل حال.. إن الجرائم الإلكترونية بدأت تأخذ طابعا تصاعديا، وهي في الغالب جرائم تتعلق بالإساءة للوطن، وسمعة رموزه ورجاله وأجهزته، بهدف الإضرار بالأمن الوطني الأردني، وما يرافق ذلك من أفعال مشينة تتنوع بألوان «حربائية» وتختار سلعتها وتوقيتها بدقة، وكل ذلك يمكن تأطيره بأن الأردن في هذه الظروف الدقيقة مستهدف. ومع ذلك يبقى الرهان على المواطن الأردني في تفويت الفرصة على تلك «الفئران الصامتة» التي تبث رذائلها من «جحورها الخارجية» في الإبلاغ الفوري لأجهزتنا الأمنية عن مصدر أي فيديو أو بيان أو مقال أو منشور مسيء، وعدم تداوله أو إعادة نشره للآخرين، لأنه بهذا الفعل الشائن يكونون معرضين للمساءلة القانونية والملاحقة القضائية والأمنية، فهذا الأمر جريمة بحق الوطن.. مع سبق الإصرار والترصد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- عمون
السردية والتوثيق .. وجهه نظر
السردية الوطنية (Narrazione nazionale/National narrative) مصطلح يشير الى الرواية الرسمية أو شبه الرسمية التي تعتمدها الدول لتفسير تاريخها، وقيمها، ومنجزاتها. كما وتعتبر أداة قوية لبناء الهوية الوطنية وكثيرا ما تستخدمها الحكومات ووسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات الثقافية وغيرها، لتعزيز الشعور بالانتماء بين المواطنين. كما وتسعى الدول الى بناء السردية من خلال العديد من الأمور، أهمها التعليم كالمناهج المدرسية والجامعية والتاريخ الوطني، والرموز مثل النشيد الوطني والعلم. بالإضافة الى ذلك، الاحتفالات والطقوس الرسمية كالأعياد الوطنية وإحياء ذكرى الحروب، والخطاب السياسي الذي يعزز الوحدة الوطنية ويعطي الشرعية للسلطة، وكذلك الإعلام والفن الذي يعطي الطابع الشعبي على الرواية. ومن الجدير بالذكر، ان التوثيق يعتبر عنصر أساسي في بناء السرديات، إذ يمنحها مصداقية وشرعية. تحاورت مؤخرا مع صديق لي، البروفسور باولو برانكا (Prof. Paolo Branca) والذي يعمل في جامعة الكاثوليك في ميلانو (Università Cattolica di Milano)، والمختص في اللغة والثقافة العربية والأديان، حول السردية الوطنية في إيطاليا. أكد لي باولو ان إيطاليا قامت ببناء السردية الوطنية من خلال توثيق التاريخ والأحداث التاريخية والذي ساهم في بناء الهوية والقيم والمبادئ التي قامت عليها إيطاليا الحديثة. كما واكد لي ان الحكومات الايطالية، بعد الحرب العالمية الثانية، قامت باستخدام العديد من الوسائل كالإعلام والمدارس والاحتفالات الوطنية، لتحديد هويتها وتاريخها وقيمها ورؤيتها للمستقبل مما عزز الشعور بالانتماء بين المواطنين. كما وسعت إيطاليا من خلال السردية الوطنية الى تعزيز مبدأ الحرية والتعددية الحزبية ومبدأ تقسيم السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، ومبدأ احترام القانون. كما وذكر لي انه ومنذ 80 عام تحتفل إيطاليا في 25 ابريل بيوم التحرير (festa delle liberazione) الذي يعتبر جزء مهم في السردية والذي يهدف الى احياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن الأهم من ذلك كله ميلاد الجمهورية الديمقراطية بعد التخلص من الفاشية. كما واكد لي ان السردية والتوثيق يساعد بشكل كبير في عمل دولة مؤسسات أكثر صلابة وأكثر احترما للقانون مما يساهم في التغلب على الازمات. أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الهوية الأردنية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الأردن، واسأل نفسي: هل يمكن عمل استراتيجية متكاملة للعمل على بناء وتوثيق السردية التاريخية والسياسية والاجتماعية الأردنية، مما يعزز الهوية والوحدة الوطنية الأردنية، وبالتالي يساهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الاخرى؟ اليوم، نحن بأمس الحاجة إلى تنبي استراتيجية متكاملة لبناء وتوثيق (وكتابة!) السردية الوطنية الأردنية، التي تستند إلى حقائق التاريخ، لبناء مفاهيم صحيحة عن الأردن، كدولة ونظام ومجتمع ورسالة، وتصحيح الخلل في اذهان الكثير في الداخل والخارج (وحتى النخب!)، مما يساهم في شرح وتوضيح مواقف ونوايا الأردن، في كل القضايا كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية. السردية الوطنية الأردنية، التي تربط الهوية الوطنية الأردنية بالمواطنة وبالمفاهيم العربية والقومية، وخصوصا بالقضية الفلسطينية، يمكن ان تكون دعامةً رئيسيةً في معركة الوعي والرواية التي يخوضها الاردن في مواجهة الاستهدافات الموجهة اليه.


أخبارنا
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- أخبارنا
أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى
أخبارنا : في دهاليز الحبر وفضاءات المنصات، تتنامى ظاهرة قد لا تبدو سلبية في ظاهرها، لكنها تثير التساؤل عند التأمل العميق: هوس الكتابة الصحفية، ذلك الإصرار المبالغ فيه من بعض الاشخاص على التواجد المستمر، وربما المُفرط، على أعمدة الرأي وصفحات الصحف والمواقع والمنصات الاجتماعية، وكأن الكتابة صارت ملاذًا وجوديًا، أو صكَّ إثبات لا بد منه للذات والآخرين. ليس الحديث هنا عن الزملاء الكُتاب الصحفيين المحترفين ممن جعلوا من الصحافة رسالة وفنًا وموقفًا، وصاروا مع مرور الوقت بوصلة للرأي العام، ورافعة للوعي الجمعي، بل عن فئة تكتب بدافع الظهور لا التأثير، وبهمّ الإلحاح لا الوعي، حيث يتحول المقال إلى استعراض ذاتي، أو وسيلة لحجز مكان في الفضاء العام، بصرف النظر عن عمق الفكرة أو جودة المضمون. بكل تأكيد ثمة نماذج من الخبراء وأصحاب التجربة الثرية من غير الصحفيين ممن اثروا الأفكار وعمقوا وعي الناس حينما عبروا بتجرد كبير وبصدق الخبرة والاحساس وخاطبوا الناس بحروف الوعي وبنوا رصيدا معقولا من "الثقة" لدى العامة. لكن ما نشهده اليوم من سيل جارف من المقالات اليومية، وتزاحم الأسماء على أعمدة الرأي، وتكاثر مدّعي الفكر والحقيقة، يعيد الذاكرة إلى ما قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، حين قال لي رئيس تحرير صحيفة يومية بارزة آنذاك – وهو اليوم أحد المسؤولين في قطاع الإعلام – قولًا لا يُنسى " عندي قائمة كتاب مقالات تكفي لأربع دول". هذا الهوس له دوافع متعدّدة، قد تتداخل فيها النفسية بالشخصية، والاجتماعي بالمهني. فمنهم من يكتب بدافع الاعتراف، كأن الكتابة وسيلته الوحيدة للصراخ في مجتمع لا يسمعه، ومنهم من يتوسل المقال ليُقيم لنفسه مجدًا ما، أو ليبقى في ذاكرة النخبة ولو من باب التذكير. وثمة من يرى في الكتابة الصحفية بابًا للسلطة الناعمة، يوازي في مفعوله الكرسي أو المنصب. في كثير من الحالات، لا يكون الدافع مضمونًا ولا الرسالة متقنة. فالكتابة إن لم تُبْنَ على معرفة، ولم تُصغَ بمسؤولية، تتحوّل إلى ضجيج لا صدى له. وقد ينقلب الكاتب، دون أن يشعر، إلى صانع محتوى مكرر، أو خطيب في ساحة بلا جمهور. والأخطر، حين يتحوّل إلى ناطق غير رسمي باسم الجميع، وهو بالكاد يتقن مخاطبة ذاته. اللافت أن هذا السيل الجارف من المقالات كما ذكرت لم يعد حكرًا على الكُتاب الصحفيين أو المتخصصين، بل بات كثير منها يحمل توقيعات لمسؤولين سابقين من وزراء وأعيان ونواب وغيرهم، ممن وجدوا في الكتابة الصحفية وسيلة لإعادة التموقع في المشهد العام، أو للبقاء في دائرة الضوء، حتى وإن تطلّب الأمر الاعتماد بصورة مبالغة كما يفعل البعض في كثير من مقالاتهم بالاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "ChatGPt' لإنتاج نصوص ومقالات بمظهر جذاب، لكنها تفتقر في اغلب الأحيان لروح الكاتب والتجربة الإنسانية المباشرة. وهنا تبرز الحاجة لإعادة الاعتبار للكتابة الجادة، وللكلمة التي تُكتب بإحساس عميق، لا مجرد رغبة في الحضور الرقمي. فالكُتاب الحقيقيون لا يتسابقون إلى النشر، بل يتأنّون في الكتابة، ويختبرون صدق جُملهم كما يُختبر الذهب على النار. والكاتب الحقيقي هو من يكتب عندما يكون لديه ما يُقال، لا حين "يظن" أن عليه أن يقول شيئًا كل يوم.


أخبارنا
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- أخبارنا
اسامة الرنتيسي يكتب : كفى بالله تحشيدا وتجييشا!
أخبارنا : كلما وقعت حادثة عرضية في البلاد تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأننا دولة هشة لا تحتمل كلمة من فتاة غاضبة، او منشورا على وسائل التواصل، أو هتافًا منزوع الدسم. لنكن واقعيين؛ إن مخاطر التحشيد والتجييش أعنف كثيرا من العقلانية وترك الأمور للقانون ليأخذ مجراه مهما كان الفعل. تلفظت فتاة عشرينية في لحظة غضب كلمات مرفوضة من الجميع، فهاج المغرضون تحشيدا، حتى تدخل سياسيون كبار عبر بيانات أو لقاءات متلفزة. هناك من يريد قطع الألسن، وهناك من يريد إعادة وأد الفتيات، وقد يصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بتحويل أوراق الفتاة إلى المفتي. أخطأت الفتاة في نعتها، فتم تحويلها للقضاء وتوقيفها، وهذا هو دور القانون، فَلِمَ التحشيد والتجييش، وتحويل صورة الفتاة إلى ترند في السوشيال ميديا بأشكال حاولت تبشيعها بطريقة لا يمكن تحملها، بعد أن أخطأ المصور في توزيع الصورة، ومن حق أهل الفتاة مقاضاته إن أرادوا ذلك، ومقاضاة آلاف المنشورات التي هاجمت الفتاة قبل أن يقول القضاء كلمته. لنهدأ قليلًا ونوسع التعقل أكثر، ونتحدث بعقل بارد، ونتجاوز أزمات صغيرة يتم النفخ فيها بحيث تحتل أولوية الأردنيين لساعات وأيام، ودعونا نثق أن القابل أفضل مهما كان حجم النكسات والتراجعات والإخفاقات المجانية وغير المجانية. لم يعد الوضع يُحتمل، ولم تعد قوانين الجرائم الإلكترونية تفي بالغرض، ومهما حاول او هدد المرء باللجوء للقضاء فإن تنمر بعض الأشخاص وتجبرهم تجاوز كل الحدود. الحقيقة التي يغفلها كثيرون أن أعداد المتنمرين ليست كبيرة، لكن المشكلة الحقيقية هي في العقلاء الذين يقرأون حالات التنمر ولا يردون عليها، ولا يلتفتون إليها، والعقال هم الأقل مشاركة في الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي. ومشكلة أخرى يعاني منها بعض العقال والمثقفين إنهم قد ينشرون ما يصل إلى هواتفهم من الغوغاء والدهماء من دون تحقق، وإذا راجعتهم يعترفون فورا أنهم لم يتحققوا ابدا من مصداقيتها. راجعت، أكثر من صديق، قانونيين ، ودكاترة سياسيين ومثقفين ينشرون كل ما يصل إلى هواتفهم، ويحولونها إلى جروبات مشتركين فيها، هل دققتم ما أرسلتم، بالله العظيم؛ أكثرهم اعترفوا أنهم لم يشاهدوا ما أرسلوا. حتى الآن لم يتم تحديد من هم قوى الشد العكسي، مع أن أجنداتهم واضحة، يقفون في وجه تيار الإصلاح ويضعون العصي في الدواليب. لكن الذين يؤججون الأردنيين بعضهم على بعض، ويعبثون بالنسيج الاجتماعي والوطني هم أخطر قوى الشد العكسي. الدايم الله…… ــ الاول نيوز