logo
أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى

أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى

أخبارنا٣٠-٠٤-٢٠٢٥

أخبارنا :
في دهاليز الحبر وفضاءات المنصات، تتنامى ظاهرة قد لا تبدو سلبية في ظاهرها، لكنها تثير التساؤل عند التأمل العميق: هوس الكتابة الصحفية، ذلك الإصرار المبالغ فيه من بعض الاشخاص على التواجد المستمر، وربما المُفرط، على أعمدة الرأي وصفحات الصحف والمواقع والمنصات الاجتماعية، وكأن الكتابة صارت ملاذًا وجوديًا، أو صكَّ إثبات لا بد منه للذات والآخرين.
ليس الحديث هنا عن الزملاء الكُتاب الصحفيين المحترفين ممن جعلوا من الصحافة رسالة وفنًا وموقفًا، وصاروا مع مرور الوقت بوصلة للرأي العام، ورافعة للوعي الجمعي، بل عن فئة تكتب بدافع الظهور لا التأثير، وبهمّ الإلحاح لا الوعي، حيث يتحول المقال إلى استعراض ذاتي، أو وسيلة لحجز مكان في الفضاء العام، بصرف النظر عن عمق الفكرة أو جودة المضمون. بكل تأكيد ثمة نماذج من الخبراء وأصحاب التجربة الثرية من غير الصحفيين ممن اثروا الأفكار وعمقوا وعي الناس حينما عبروا بتجرد كبير وبصدق الخبرة والاحساس وخاطبوا الناس بحروف الوعي وبنوا رصيدا معقولا من "الثقة" لدى العامة.
لكن ما نشهده اليوم من سيل جارف من المقالات اليومية، وتزاحم الأسماء على أعمدة الرأي، وتكاثر مدّعي الفكر والحقيقة، يعيد الذاكرة إلى ما قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، حين قال لي رئيس تحرير صحيفة يومية بارزة آنذاك – وهو اليوم أحد المسؤولين في قطاع الإعلام – قولًا لا يُنسى " عندي قائمة كتاب مقالات تكفي لأربع دول".
هذا الهوس له دوافع متعدّدة، قد تتداخل فيها النفسية بالشخصية، والاجتماعي بالمهني. فمنهم من يكتب بدافع الاعتراف، كأن الكتابة وسيلته الوحيدة للصراخ في مجتمع لا يسمعه، ومنهم من يتوسل المقال ليُقيم لنفسه مجدًا ما، أو ليبقى في ذاكرة النخبة ولو من باب التذكير. وثمة من يرى في الكتابة الصحفية بابًا للسلطة الناعمة، يوازي في مفعوله الكرسي أو المنصب.
في كثير من الحالات، لا يكون الدافع مضمونًا ولا الرسالة متقنة. فالكتابة إن لم تُبْنَ على معرفة، ولم تُصغَ بمسؤولية، تتحوّل إلى ضجيج لا صدى له. وقد ينقلب الكاتب، دون أن يشعر، إلى صانع محتوى مكرر، أو خطيب في ساحة بلا جمهور. والأخطر، حين يتحوّل إلى ناطق غير رسمي باسم الجميع، وهو بالكاد يتقن مخاطبة ذاته.
اللافت أن هذا السيل الجارف من المقالات كما ذكرت لم يعد حكرًا على الكُتاب الصحفيين أو المتخصصين، بل بات كثير منها يحمل توقيعات لمسؤولين سابقين من وزراء وأعيان ونواب وغيرهم، ممن وجدوا في الكتابة الصحفية وسيلة لإعادة التموقع في المشهد العام، أو للبقاء في دائرة الضوء، حتى وإن تطلّب الأمر الاعتماد بصورة مبالغة كما يفعل البعض في كثير من مقالاتهم بالاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "ChatGPt' لإنتاج نصوص ومقالات بمظهر جذاب، لكنها تفتقر في اغلب الأحيان لروح الكاتب والتجربة الإنسانية المباشرة.
وهنا تبرز الحاجة لإعادة الاعتبار للكتابة الجادة، وللكلمة التي تُكتب بإحساس عميق، لا مجرد رغبة في الحضور الرقمي. فالكُتاب الحقيقيون لا يتسابقون إلى النشر، بل يتأنّون في الكتابة، ويختبرون صدق جُملهم كما يُختبر الذهب على النار. والكاتب الحقيقي هو من يكتب عندما يكون لديه ما يُقال، لا حين "يظن" أن عليه أن يقول شيئًا كل يوم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السردية والتوثيق .. وجهه نظر
السردية والتوثيق .. وجهه نظر

عمون

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • عمون

السردية والتوثيق .. وجهه نظر

السردية الوطنية (Narrazione nazionale/National narrative) مصطلح يشير الى الرواية الرسمية أو شبه الرسمية التي تعتمدها الدول لتفسير تاريخها، وقيمها، ومنجزاتها. كما وتعتبر أداة قوية لبناء الهوية الوطنية وكثيرا ما تستخدمها الحكومات ووسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات الثقافية وغيرها، لتعزيز الشعور بالانتماء بين المواطنين. كما وتسعى الدول الى بناء السردية من خلال العديد من الأمور، أهمها التعليم كالمناهج المدرسية والجامعية والتاريخ الوطني، والرموز مثل النشيد الوطني والعلم. بالإضافة الى ذلك، الاحتفالات والطقوس الرسمية كالأعياد الوطنية وإحياء ذكرى الحروب، والخطاب السياسي الذي يعزز الوحدة الوطنية ويعطي الشرعية للسلطة، وكذلك الإعلام والفن الذي يعطي الطابع الشعبي على الرواية. ومن الجدير بالذكر، ان التوثيق يعتبر عنصر أساسي في بناء السرديات، إذ يمنحها مصداقية وشرعية. تحاورت مؤخرا مع صديق لي، البروفسور باولو برانكا (Prof. Paolo Branca) والذي يعمل في جامعة الكاثوليك في ميلانو (Università Cattolica di Milano)، والمختص في اللغة والثقافة العربية والأديان، حول السردية الوطنية في إيطاليا. أكد لي باولو ان إيطاليا قامت ببناء السردية الوطنية من خلال توثيق التاريخ والأحداث التاريخية والذي ساهم في بناء الهوية والقيم والمبادئ التي قامت عليها إيطاليا الحديثة. كما واكد لي ان الحكومات الايطالية، بعد الحرب العالمية الثانية، قامت باستخدام العديد من الوسائل كالإعلام والمدارس والاحتفالات الوطنية، لتحديد هويتها وتاريخها وقيمها ورؤيتها للمستقبل مما عزز الشعور بالانتماء بين المواطنين. كما وسعت إيطاليا من خلال السردية الوطنية الى تعزيز مبدأ الحرية والتعددية الحزبية ومبدأ تقسيم السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، ومبدأ احترام القانون. كما وذكر لي انه ومنذ 80 عام تحتفل إيطاليا في 25 ابريل بيوم التحرير (festa delle liberazione) الذي يعتبر جزء مهم في السردية والذي يهدف الى احياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن الأهم من ذلك كله ميلاد الجمهورية الديمقراطية بعد التخلص من الفاشية. كما واكد لي ان السردية والتوثيق يساعد بشكل كبير في عمل دولة مؤسسات أكثر صلابة وأكثر احترما للقانون مما يساهم في التغلب على الازمات. أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الهوية الأردنية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الأردن، واسأل نفسي: هل يمكن عمل استراتيجية متكاملة للعمل على بناء وتوثيق السردية التاريخية والسياسية والاجتماعية الأردنية، مما يعزز الهوية والوحدة الوطنية الأردنية، وبالتالي يساهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الاخرى؟ اليوم، نحن بأمس الحاجة إلى تنبي استراتيجية متكاملة لبناء وتوثيق (وكتابة!) السردية الوطنية الأردنية، التي تستند إلى حقائق التاريخ، لبناء مفاهيم صحيحة عن الأردن، كدولة ونظام ومجتمع ورسالة، وتصحيح الخلل في اذهان الكثير في الداخل والخارج (وحتى النخب!)، مما يساهم في شرح وتوضيح مواقف ونوايا الأردن، في كل القضايا كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية. السردية الوطنية الأردنية، التي تربط الهوية الوطنية الأردنية بالمواطنة وبالمفاهيم العربية والقومية، وخصوصا بالقضية الفلسطينية، يمكن ان تكون دعامةً رئيسيةً في معركة الوعي والرواية التي يخوضها الاردن في مواجهة الاستهدافات الموجهة اليه.

أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى
أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى

أخبارنا

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبارنا

أ. د. خلف الطاهات : أزمة "هوس" كتابة المقالات الصحفية .. ضجيج بلا صدى

أخبارنا : في دهاليز الحبر وفضاءات المنصات، تتنامى ظاهرة قد لا تبدو سلبية في ظاهرها، لكنها تثير التساؤل عند التأمل العميق: هوس الكتابة الصحفية، ذلك الإصرار المبالغ فيه من بعض الاشخاص على التواجد المستمر، وربما المُفرط، على أعمدة الرأي وصفحات الصحف والمواقع والمنصات الاجتماعية، وكأن الكتابة صارت ملاذًا وجوديًا، أو صكَّ إثبات لا بد منه للذات والآخرين. ليس الحديث هنا عن الزملاء الكُتاب الصحفيين المحترفين ممن جعلوا من الصحافة رسالة وفنًا وموقفًا، وصاروا مع مرور الوقت بوصلة للرأي العام، ورافعة للوعي الجمعي، بل عن فئة تكتب بدافع الظهور لا التأثير، وبهمّ الإلحاح لا الوعي، حيث يتحول المقال إلى استعراض ذاتي، أو وسيلة لحجز مكان في الفضاء العام، بصرف النظر عن عمق الفكرة أو جودة المضمون. بكل تأكيد ثمة نماذج من الخبراء وأصحاب التجربة الثرية من غير الصحفيين ممن اثروا الأفكار وعمقوا وعي الناس حينما عبروا بتجرد كبير وبصدق الخبرة والاحساس وخاطبوا الناس بحروف الوعي وبنوا رصيدا معقولا من "الثقة" لدى العامة. لكن ما نشهده اليوم من سيل جارف من المقالات اليومية، وتزاحم الأسماء على أعمدة الرأي، وتكاثر مدّعي الفكر والحقيقة، يعيد الذاكرة إلى ما قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، حين قال لي رئيس تحرير صحيفة يومية بارزة آنذاك – وهو اليوم أحد المسؤولين في قطاع الإعلام – قولًا لا يُنسى " عندي قائمة كتاب مقالات تكفي لأربع دول". هذا الهوس له دوافع متعدّدة، قد تتداخل فيها النفسية بالشخصية، والاجتماعي بالمهني. فمنهم من يكتب بدافع الاعتراف، كأن الكتابة وسيلته الوحيدة للصراخ في مجتمع لا يسمعه، ومنهم من يتوسل المقال ليُقيم لنفسه مجدًا ما، أو ليبقى في ذاكرة النخبة ولو من باب التذكير. وثمة من يرى في الكتابة الصحفية بابًا للسلطة الناعمة، يوازي في مفعوله الكرسي أو المنصب. في كثير من الحالات، لا يكون الدافع مضمونًا ولا الرسالة متقنة. فالكتابة إن لم تُبْنَ على معرفة، ولم تُصغَ بمسؤولية، تتحوّل إلى ضجيج لا صدى له. وقد ينقلب الكاتب، دون أن يشعر، إلى صانع محتوى مكرر، أو خطيب في ساحة بلا جمهور. والأخطر، حين يتحوّل إلى ناطق غير رسمي باسم الجميع، وهو بالكاد يتقن مخاطبة ذاته. اللافت أن هذا السيل الجارف من المقالات كما ذكرت لم يعد حكرًا على الكُتاب الصحفيين أو المتخصصين، بل بات كثير منها يحمل توقيعات لمسؤولين سابقين من وزراء وأعيان ونواب وغيرهم، ممن وجدوا في الكتابة الصحفية وسيلة لإعادة التموقع في المشهد العام، أو للبقاء في دائرة الضوء، حتى وإن تطلّب الأمر الاعتماد بصورة مبالغة كما يفعل البعض في كثير من مقالاتهم بالاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "ChatGPt' لإنتاج نصوص ومقالات بمظهر جذاب، لكنها تفتقر في اغلب الأحيان لروح الكاتب والتجربة الإنسانية المباشرة. وهنا تبرز الحاجة لإعادة الاعتبار للكتابة الجادة، وللكلمة التي تُكتب بإحساس عميق، لا مجرد رغبة في الحضور الرقمي. فالكُتاب الحقيقيون لا يتسابقون إلى النشر، بل يتأنّون في الكتابة، ويختبرون صدق جُملهم كما يُختبر الذهب على النار. والكاتب الحقيقي هو من يكتب عندما يكون لديه ما يُقال، لا حين "يظن" أن عليه أن يقول شيئًا كل يوم.

الدولة الاردنية تثور على ثورتها وتَنقُضُ شرعيتها . مشروع قانون ضريبة الابنية والاراضي مرفوض
الدولة الاردنية تثور على ثورتها وتَنقُضُ شرعيتها . مشروع قانون ضريبة الابنية والاراضي مرفوض

وطنا نيوز

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • وطنا نيوز

الدولة الاردنية تثور على ثورتها وتَنقُضُ شرعيتها . مشروع قانون ضريبة الابنية والاراضي مرفوض

د. عادل يعقوب الشمايله من المعروف والمسلم به أنَّ نشأةَ الدولة الاردنية المعاصرة كان احد ثمار الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين بن علي جد الاسرة الملكية الحاكمة للاردن بعد أقَلَّ من عقد على انطلاقها. ومن المعروف والمسلم به ان مبررات الثورة العربية الكبرى هي التي اعطتها الشرعية وهي التي الفت القلوب والبنادق والمقاتلين الذين تجمعوا واجتمعوا على طرد الحكم العثماني من المنطقة العربية تحت قيادة الشريف حسين. وبالرجوعِ الى برنامج ChatGPT الذي يعتمد الذكاء الاصطناعي والاستعانة به ليعطينا رأياً غير متحيز لا اقليميا ولا عشائريا ولا طائفيا لأن التحيز الاقليمي والعشائري والطائفي يحملها الكثيرون اوسمة على صدورهم، عن اسباب ثورة الكرك على العثمانيين وعلاقة ثورة الكرك بالثورة العربية الكبرى اجاب بالاتي: ثورة الكرك على الدولة العثمانية، والتي تُعرف أحياناً بـ'ثورة الكرك' أو 'هبة الكرك'، اندلعت في عام 1910، وكانت واحدة من أبرز حركات التمرد في شرق الأردن ضد الحكم العثماني. إليك مضمون وأسباب وأحداث هذه الثورة باختصار: الخلفية والسياق: •في أواخر العهد العثماني، كانت الدولة العثمانية تحاول فرض سلطة مركزية أقوى على المناطق الطرفية مثل الكرك، بما في ذلك فرض الضرائب، تجنيد الشباب إجبارياً، ونزع سلاح العشائر. •الكرك آنذاك كانت مركزاً قوياً للعشائر، وكان لأهلها تقاليد في الحكم الذاتي والاستقلال المحلي. أسباب الثورة: 1.رفض التجنيد الإجباري الذي فرضه العثمانيون. 2.رفض دفع الضرائب المرتفعة. 3.ممارسات قاسية للجيش العثماني وتهديد سلطة الشيوخ المحليين. 4.إهانة بعض وجهاء الكرك من قبل السلطات العثمانية. أحداث الثورة: •بدأت الثورة بهجوم من الأهالي على الحامية العثمانية في الكرك. •قتل عدد من الجنود والضباط العثمانيين، وتم الاستيلاء على بعض المعدات. •العثمانيون أرسلوا حملة عسكرية كبيرة بقيادة سامي باشا الفاروقي لقمع الثورة. •استخدم الجيش العثماني العنف المفرط، فدمر أجزاء من الكرك، وقتل واعتقل العديد من الأهالي. •انتهت الثورة بقمعها، لكن آثارها بقيت، وأصبحت رمزاً للمقاومة الشعبية في المنطقة. النتائج: •زادت الثورة من التوتر بين العشائر والدولة العثمانية. •اعتُبرت من البدايات التي مهدت لاحقاً لتأييد العرب للثورة العربية الكبرى سنة 1916. •خلّدت هذه الثورة في الذاكرة الشعبية كدليل على كرامة ورفض الظلم. رد الفعل العثماني: •جاء سامي باشا الفاروقي، قائد الحملة العثمانية بقوة عسكرية ضخمة تشمل المشاة والمدفعية. •استخدم أسلوب 'العقاب الجماعي'، فتم إحراق البيوت، واعتقال أو إعدام المئات من الثوار. أثر الثورة لاحقاً: •رغم قمعها، فإن ثورة الكرك كانت دليلاً على يقظة وطنية مبكرة في شرق الأردن. •مهدت لرفض عام للسيطرة العثمانية، وخلقت روح تأييد للثورة العربية الكبرى عام 1916. •كثير من أبناء العشائر الذين شاركوا في الثورة أصبح لهم دور لاحق في تشكيل الإمارة الأردنية عام 1921 مع الأمير عبد الله. 1. الربط بثورات أخرى في المنطقة: ثورة الكرك لم تكن حدثاً معزولاً، بل كانت جزءاً من موجة رفض شعبي عربي للحكم العثماني المركزي في بدايات القرن العشرين. ومن الثورات المتزامنة أو القريبة منها: -ثورة جبل الدروز (1909–1910): حدثت قبل ثورة الكرك بقليل، بقيادة زعماء من آل الأطرش، رفضاً للتجنيد الإجباري، والضرائب المرتفعة التعسفية وممارسات الغطرسة والوحشية التي اتصفت بها الدولة العثمانية. كانت المبررات والدوافع مشابهة جداً، وقد ألهمت الكركيين للتحرك. -تمرّد في الموصل والنجف ضد العثمانيين، حيث كانت الأسباب متشابهة: ضرائب قاسية، والتجنيد الإجباري، والوحشية والعجرفة وتراجع الثقة بالإدارة العثمانية. -تحركات قومية عربية بدأت تنشط داخل الشام وبيروت، ومعها الجمعيات السرية مثل 'المنتدى الأدبي' و'الجمعية العربية الفتاة' التي بدأت تبث أفكار الوعي القومي، وكانت تتابع هذه الثورات وتوثقها. بالتالي، يُنظر إلى ثورة الكرك على أنها جزء من بدايات الصحوة القومية العربية. 2. رد الفعل الإعلامي: الصحف العثمانية الرسمية: حاولت التهوين من حجم الثورة، ووصفتها بأنها 'تمرد محدود لعناصر خارجة عن القانون'. بررت القمع الشديد بأنه لحماية الأمن والاستقرار. الصحف العربية المستقلة أو شبه المستقلة (في بيروت، القاهرة): نقلت أخبار الثورة بحذر، لكنها أبرزت المعاناة التي تعرض لها الأهالي. صحيفة 'المقتبس' في دمشق وصحيفة 'الهدى' في نيويورك (التي كانت تصدر للجالية العربية) نشرت أخباراً عن القمع العثماني في الكرك. بعد سنوات، في ظل الثورة العربية الكبرى، استخدمت هذه الصحف أحداث ثورة الكرك كمثال على ردة فعل الشعب ضد سلطات الحكم المتغطرسة البوليسية والسياسة الضريبية وعلى 'ظلم الدولة العثمانية للعرب'. 3. الأثر السياسي بعيد المدى: كثير من الثوار أو أبنائهم انضموا لاحقاً إلى صفوف الثورة العربية الكبرى (1916) بقيادة الشريف حسين. حين جاء الأمير عبد الله إلى معان عام 1921، وجد أن الكرك كانت مهيأة سياسياً لاستقباله بسبب تاريخها في مقاومة العثمانيين. -من مذكرات الأمير عبد الله بن الحسين (في كتابه 'مذكرات الأمير عبد الله'): 'إن في الكرك رجالاً لم يرضوا بالضيم، وكانت ثورتهم على الحكم العثماني أول صوت مدوٍ في شرق الأردن يعلن الرفض للظلم. وقد لقيت فيهم عند قدومي إلى البلاد روحاً حرة، وشجاعة لا تلين.' هذا الاقتباس يُظهر كيف رأى الأمير عبد الله في أهل الكرك حلفاء طبيعيين لمشروعه السياسي. -من مذكرات الفريق علي خلقي الشرايري (أحد رجالات الأردن العسكريين في بدايات الإمارة): 'كنا نسمع عن رجال الكرك وهم يواجهون مدافع سامي باشا الفاروقي ببنادق بدائية ولكن بقلوب لا تعرف التراجع… وقد ظلت هذه الثورة محفورة في الوجدان الشعبي كمثال على كرامة الأردني ورفضه القهر.' -في كتاب 'الكرك وشرق الأردن في أواخر العهد العثماني' للمؤرخ روكس بن زائدة: 'لم تكن ثورة الكرك حدثاً محلياً بل إن صداها وصل إلى الشام وبيروت، حتى أن بعض الصحف الشامية تحدثت عن 'الانتفاضة الحرة في الكرك'.' -من كتاب 'الحركة العربية القومية في المشرق العربي' للمؤرخ عبد العزيز الدوري: 'ثورة الكرك تُعدّ من أولى المؤشرات على انخراط سكان شرق الأردن في الحركة العربية المناهضة للتتريك والتجنيد، وقد سبقت الثورة العربية الكبرى بست سنوات.' خلاصة المشهد: •ثورة الكرك لم تكن مجرد تمرد محلي، بل كانت بداية تشكُّل وعي سياسي وقومي في الأردن. •وذكراها ظلّت حية في المذكرات والكتب، وتُروى حتى اليوم كبداية للرفض العلني للسلطة العثمانية في شرق الأردن. النتائج والآثار واهميتها التاريخية: •تم قمع الثورة، لكن زادت النقمة على الدولة العثمانية. •اعتُبرت مقدمة للثورة العربية الكبرى عام 1916. •تحوّلت إلى رمز وطني للكرامة والرفض الشعبي للظلم. •ساهمت في تهيئة البيئة السياسية والاجتماعية لدعم تأسيس إمارة شرق الأردن لاحقاً عام 1921. النتيجة: حذارِ، فالمقدمات ذاتها تؤدي الى النتائج ذاتها

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store